- ثمّن في الندوة الدينية الثالثة لـ«ليالي فبراير» الحراك السياسي العربي واصفاً الشباب بـ«وقود الحركة»

د. سلمان العودة: لا للاستسلام لليأس.. ومعاً إلى حياة أفضل



الكاتب: مصطفى الباشا

الثلاثاء 05 ربيع الأول 1432الموافق 08 فبراير 2011

الأرض تبارك الطامحين وتكره اليائسين

من حق الناس تحقيق أحلامهم في الاستقرار والحياة الكريمة

لنحسن الظن بربنا في جميع شؤوننا بـ«صدق التعامل»

الأم منبع الحنان ومصدر الرعاية والعطاء وطاعتها واجبة

الكويت بلد طيب مليء بالرجال وأعمال الخير ظاهرة به

نبيل العوضي: علينا بالحب المشروع كباراً وشباباً فهو سر الحياة

بحضور جمع غفير اقيمت مساء امس الاول الندوة الدينية الثالثة ضمن فعاليات مهرجان «زين الليالي.. ليالي فبراير» على مسرح الليالي بصالة التزلج، حاضر فيها فضيلة الشيخ د.سلمان العوده، وأدارها الشيخ نبيل العوضي، ونقلت على الهواء مباشرة على شاشة «تلفزيون الوطن بلس».

بدأت المحاضرة الأولى في تمام الساعة الثامنة مساء، وكانت لفضيلة الشيخ سلمان العودة قال فيها: «ان الشعر هو ديوان الحياة فكل شعوب العالم لهم شعراؤهم المشهورون»، فالشعر يعبر عن المعاني الجميلة الموجودة حولنا ويحفزنا الى هذه المعاني النبيلة، مبينا انه قرأ ديوان (أغاني الحياة) للشاعر التونسي ابي القاسم الشابي، واختار من ابياته هذه الكلمات الجميلة:

إذا الشعب يوما أراد الحياة

فلابد ان يستجيب القدر

ولابد لليل ان ينجلي

ولابد للقيد ان ينكسر

وأوضح الشيخ العودة ان المقصود من هذه الأبيات ان الناس لو صدقوا في تعاملهم مع الله فقد يستجيب لهم، فمن صدق الله صدقه. على عكس ما يظنه الآخرون. فالأرض تبارك الطامحين وتكره اليائسين على حد قول الشاعر، وقال: «يجب علينا الا نستسلم لليأس والظروف، بل نفعل كل ما في وسعنا لكي نكسر القيود التي تجعلنا عاجزين عن تحقيق آمالنا».

ثم ألقى الشيخ العودة قصيدة جميلة للشاعر عمر ابو ريشه الذي يتميز بقوة الإلقاء وجمال الأسلوب ليبين معاني الوطنية وحب الوطن للحاضرين من خلالها، تقول أبياتها:

أمتي هل لك بين الأمم

منبر للسيف أو للقلم

أتلقاك وطرفي مطرق

خجلاً من أمسك المنصرم

أين دنياك التي أوحت الى

وترى كل يتيم النغم؟

كم تخطيت على أصدائه

ملعب العز ومغنى الشمم

تلاها بأبيات من قصيدة أخرى بعنوان (في طائرة) تقول:

وثبت تستقرب النجم مجالا

وتهادت تسحب الذيل اختيالا

وحيالي غادة تلعب في

شعرها المائج غنجا ودلالا

طلعة ريا وشيء باهر

أجمال جل ان يسمى جمالا

فتبسمت لها فابتسمت

وأجالت في ألحاظا كسالى

شرارة البداية

بعدها تطرق الشيخ العودة الى حال الأمتين العربية والاسلامية الذي نعيش فيه اليوم وحالة الحراك السياسي في اكثر من بلد اسلامي، وكما يقال في الشعر (اول الغيث قطرة)، وقال اننا نطلب الاستقرار وننادي بحياة كريمة فالناس من حقهم ان يحققوا احلامهم واظن انها شرارة البداية في عالمنا العربي، فالشباب ضرب اروع الأمثلة في ذلك فهم وقود الحركة والتغيير وكثير من الشيوخ وكبار السن قالوا ان هؤلاء الشباب افضل منا فقد حققوا ما عجزنا نحن عنه حيث تميزوا بالبساطة، والتنظيم وانا اقدم لهم التحية من خلال قصيدة للشاعر العظيم هاشم الرفاعي:

شباب ذللوا سبلَ المعالي وما عرفوا سوى الاسلام دينا

اذا شهدوا الوغى كانوا حماة يدكون المعاقل والحصونا

وان جنَّ المساء فلا تراهم من الاشفاق الا ساجدينا

شباب لم تحطمه الليالي ولم يُسْلِمْ الى الخصم العرينا

واوضح الشيخ العودة اننا من خلال القصيدة نعيش ونقرأ الأمل ولا نستسلم لليأس، لذا يجب ان نتعامل مع حياتنا الأسرية والاجتماعية والعملية والعلمية علينا ان نتوقع الأفضل والأحسن وان ننظر الى الأشياء بمنظور جيد ولا نتشاءم ونحسن الظن بربنا، فالأمل شيء مهم في حياتنا يجب أن نتمسك به.

سر الحياة

ثم تناول الشيخ العودة معنى الحب موضحا انه شيء مشروع فلولاه لما بقيت الحياة، فهو اساس للاستمرارية والحب المشروع شيء مطلوب، ولكن اختلفت صورة الحب بعض الشيء لما هو متداول في وسائل الاعلام، فالعرب قديماً كانوا يعرفون الحب العذري دون الطريقة المبتذلة الموجودة في زماننا، فقد كانوا يعرفون الحب بمعناه السامي فالحب العذري نسبة ا‍لى قبيلة عربية كانت تسمى عذرة.

وشدا الشيخ العودة قصيدة لعروة بن حزام من متيمي العرب كان يحب ابنة عم له تدعى عفراء بنت عقال بن مهاصر، فلم يزوجها أبوها له؛ لأنه كان مقلا، ولم يكن ذا مال، وزوجها لرجل آخر أرضى أمها، فظل يهيم بها الى ان مات حزنا وكمدا، تقول أبياتها:

خليليَّ منْ عليا هلالِ بنِ عامرٍ

بِصَنْعَاءِ عوجا اليومَ وانتظراني

أَلم تَحْلِفا بِالله أَنِّي أَخُوكُمَا

فلمْ تفعلا ما يفعلُ الاخوانِ

ويقول عروة بن حزام في حبه لابنة عمه عفراء:

كانت ومازالت حبيبتي

وشمسي وطفلتي وقمري

بكل مساء

كانت ومازالت حبيبتي

ومازلتُ أحبُ لأجلها

ثم يكمل حبه وشوقه قائلاً:

عفراء... مشتاقون... مشتاقون

والدموع تحرق العيون

والأشواق تقتلني... والساعات تقتلني

وكل تفاصيل الأشياء

وعقب الشيخ نبيل العوضي قائلا: «الحب يوجد منه ما هو مشروع وممنوع فالحب العذري موجود في البشرية كلها وسرد لنا قصة هابيل وقابيل وقصة سيدنا يوسف مع زوجة العزيز».

منبع الحنان

ثم عرج الشيخ العودة على الأم ووصفها بأنها منبع الحنان في الوجود وقال: «مهما كبر الانسان او صغر لا يستطيع ان يستغني عن امه ومهما فعل الانسان منا سيكون مقصرا في حق الأم ولكن في هذه الأيام ايضاً نرى بعض الأشخاص يفتقدون طاعة ابائهم وامهاتهم، وندعو الله ان يهديهم».

وأضاف: «الأم هي مصدر الحنان والرعاية والعطاء بلا حدود، هي الجندي المجهول الذي يسهر الليالي، ليرعى ضعفنا ويمرّض علتنا، هي الايثار والعطاء والحب الحقيقي الذي يمنح بلا مقابل ويعطي بلا حدود أو منّة، وقد كرم الله سبحانه وتعالى الأم في قرآنه الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم ايضاً كرم الأم عندما سأله احد الصحابة: «من أحق الناس بحسن صحابتي فقال له الرسول: امك ثم امك ثم امك».

بعد ذلك أمتعنا الشيخ العودة بقصيدته (لولاكي) الرائعة عن الأم، وقال من أبياتها:

تسهيد عيني نزر في محبتكم

قد طال تأريقها شوقاً لمرآكِ

٭٭٭

وخفق قلبي ما ينفك يحفزني

اليك ما كان خفق القلب لولاكِ

٭٭٭

لو اعترضتِ صلاتي لم يكن لمما

فالله أردف نجواه بنجواك

٭٭٭

يا بهجة العمر أنت البدر في أفق

سبحان من بضروب الحسن حلاكِ

ثم اكد الشيخ العودة وجوب طاعة الأم وذكر قصصاً عن فضلها ووجوب طاعتها.

بعدها ألقى الشيخ العودة قصيدة للشاعر عمر النامي مطلعها:

أماه لا تجزعي فالحافظ الله

وهو الكفيل بما في الغيب أماه

أماه لا تجزعي فالحافظ الله

أنا سلكنا طريقا خبرناه

في موكب من دعاة الحق نتبعهم

على طريق الهدى أنا وجدناه

البلد الطيب

وتناول الشيخ العودة الكويت وقال انها بلد طيب مليء بالرجال وبالاعمال الخيرية داعيا الى ضرورة الاصلاح بين الاوطان والشعوب ما يدل على الصحوة المبكرة للشعوب.

ثم تطرق الى موضوع تونس ومصر والتغيير في الأمة العربية والشباب الذي اصبح اكثر تنظيماً ووعياً، وقال ان الدول العربية اصحبت مفتوحة على بعضها البعض فما يحدث في بلد ما يؤثر في الأخرى.

ثم ألقى الشيخ العودة قصيدة للشاعرة الكويتية وسمية العازمي رحمها الله والتي اشتهرت باسم عابرة سبيل، قالت فيها:

ترى الذبايح وأهلها ما تسليني

أنا أدري ان المرض لا يمكن علاجه

أدري تبي راحتي لايا بعد عيني

حرام ما قصرت يديك في حاجه

أخذ وصاتي وأمانه لا تبكيني

لو كان لك خاطرٍ ما ودي ازعاجه

أبيك في يديك تشهدني وتسقيني

أمانتك لا يجي جسمي بثلاجه

لف الكفن في يديك وضف رجليني

ما غيرك أحدٍ كشف حسناه واحراجه

أبيك بالخير تذكرني وتطريني

يجيرني خالقي من نار وهاجه

كما القى علينا أبياتا من قصيدة للشاعرة في رثاء ابنها عبدالرحمن، كان مطلعها:

وداعاً حبيبي لا لقاء الى الحشر

وان كان في قلبي عليك لظى الجمرِ

صبرت لأني لم أجد لي مخلصاً

اليك وما من حيلة لي سوى الصبر

تراءاك عيني في السرير موسداً

على وجهك المكدود أوسمة الطهر

تفاعل مع الحراك

وقال العودة في النهاية: «كان شعراء الأمة يتعايشون مع الأحداث في الماضي ويعبرون عنها من خلال قصائدهم التي تصل ا‍لى القلب وتحرك المشاعر ولكن اليوم اختلف الوضع فالبعض لم يتفاعل مع الأحدث والبعض يتطرق الى التفاهات ولا يربطون بين الأحداث وما يجري في الأمة.

واشاد الشيخ العودة بالحراك الموجود في الدول العربية فالضغوط تولد الانفجار مطالبا وسائل الاعلام، بالتفاعل مع الاحداث، كما اشاد بمجلس الأمة الكويتي والجمعيات الخيرية وما لها من صدى طيب في جميع الدول.

مناجاة الله

وأخيرا حث الشيخ العودة، ومعه الشيخ نبيل العوضي الشباب على الالتزام بمنهج الله سبحانه وتعالى ومناجاة الله من خلال اسمائه الحسنى مما يحيي في القلب حب الله وطاعته وطاعة رسوله المصطفى، وذكرنا العودة بقصيدة للزمخشري بعنوان «يا من يرى»، تقول:

يا من يرى مد البعوض جناحها في ظلمة الليل البهيم الأليل

ويرى مناط عروقها في نحرها والمخ من تلك العظام النحل

ويرى خرير الدم في أوداجها متنقلا من مفصل في مفصل


جريدة الوطن الكويتية