هل القرآن الكريم مقتبس من كتب اليهود والنصارى؟

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

هل القرآن الكريم مقتبس من كتب اليهود والنصارى؟

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 2 3 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 28

الموضوع: هل القرآن الكريم مقتبس من كتب اليهود والنصارى؟

  1. #11
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,950
    آخر نشاط
    19-05-2011
    على الساعة
    12:24 AM

    افتراضي

    ومما يستلفت النظر أيضا في هذه القائمة أن متى يذكر أسماء أربع نساء: ثامار، وراحاب، وراعوث، وبثشبع. وكانت ثامار كنعانية، وراحاب أمورية من أريحا، وراعوث موآبية، وبثشبع يهودية. ولعل الروح القدس أراد بذلك أن يعلن أن المسيح جاء من نســل المرأة (تك 3: 15)، وأنه جاء لجميع الناس من كل الجنســـيات، وأن نعمته تتسع لكل الخطاة من أمثال ثامار وراحاب، وهكذا أصبح لهن وضعهن فى سلسلة بيت داود الذي جاء منه المسيا الموعود.
    ب- سلسلة النسب في إنجيل لوقا: وهي لا تأتي في مقدمة الإنجيل كما في إنجيل متي، ولكنها تأتي في نهاية الأصحاح الثالث بعد معمودية يسوع. كما أن ترتيب الأسماء يأتى تصاعديا من الابن إلى الأب، فتبدأ بيوسف وتنتهي بآدم. كما أن عدد الأسماء بها يكاد يكون ضعف عدد الأسماء في سلسلة النسب في إنجيل متى. ولكن أكثر ما يستلفت النظر فيها هو اختلاف الأسماء فيها في الفترة من داود إلى يوسف اختلافا يكاد يكون تاما عما في إنجيل متى، فيما عدا اسمي داود ويوسف، واسمي شألتئيل وزربابل. كما أن لوقا يصل بسلسلته إلى ناثان بن داود، ويذكر اسم هالي جدّا للرب يسوع حسب الجسد، بينما يذكر متى أن يوسف كان من نسل سليمان بن داود، وأن يوسف كان ابن يعقوب.
    جـ- التوفيق بين القائمتين: منذ عهد مبكر ظهرت محاولات للتوفيق بين القائمتين على أساس اليقين الكامل بأن كلتيهما صحيحتان بلا أدنى ريب. وأهم هذه الحلول هى:
    1- اعتبار أن السلسلتين هما ليوسف رجل مريم، فكلا الإنجيلين يؤكدان أن يوسف من "بيت داود" (مت 1: 16، لو 1: 27، 2: 4)، ولكن متى قصد أن يذكر الورثة الشرعيين لعرش داود، بينما يذكر لوقا أسماء أسلاف يوسف الحقيقيين. وهذا الحل جاء فى خطاب أرسله يوليوس أفريكانوس. (J.Afrecanus فى نحــــــــو 220 م). إلى أريستيدس (Aristides) حسبما جاء فى تاريخ يوسابيوس (المؤرخ الكنسى). وكان يوليوس يعتقد أن قانون زواج الأخ بأرملة أخيه، الذي لم يعقب نسلا (تث 25: 5 و6) قد تم تنفيذه فى بعض حلقات هذه السلسلة، وذلك للتغلب على التناقض الظاهري بين القائمتين. ويفترض هذا الحل مثلا أن يوسف كان ابن هالي فعلا، وأن هالي ويعقوب كانا أخوين من أم واحدة، ولكن من أبوين مختلفين. فلو أن أحدهما كان قد تزوج أرملة الآخر الذى لم يكن قد أعقب نسلا، فإن يوسف كان يمكن أن يعتبر ابنا لكليهما. ويرى البعض أن ما يؤيد هذه النظرية هو أن جد يوسف فى إنجيل متى هو "متان" (مت 1: 15)، وجدّه فى إنجيل لوقا هــــو "متثات" (لو 3: 24)، وهما اسمان متقاربان يحتمل جدّا أنهما يدلان على نفس الشخص. فلو أن هالي تزوج بأرملة أخيه يعقوب الذي لم يعقب نسلا، وولد يوسف، فإن يوسف يعتبر أبنا حقيقيا لهالي، وفي نفس الوقت يعتبر الوارث الشرعي ليعقوب. ولكن هذه النظرية تستلزم أن يكون الزواج بهذه الصورة، قد تكرر مرارا في السلسلتين (الرجا الرجوع أيضا إلى "زربابل" و"شألتئيل" فى موضعهما من الجزء الرابع من "دائرة المعارف الكتابية").
    2- والحل الأرجح هو اعتبار أن إحداهما هي شجرة عائلة يوسف، والأخرى شجرة عائلة مريم، فقــد افترض "أنيوس فيتربو" فى 1440 أنه بينما يذكر متى السلسلة الشرعية من خلال يوسف، فإن لوقا يذكر السلسلة الطبيعية من خلال العذراء مريم، وهو رأى يعود أصلا إلى القرن الخامس الميلادي. وبكل تأكيد تبدو العذراء مريم الشخصية الرئيسية في قصة ميلاد المسيح في إنجيل لوقا، وبخاصة أن أداة التعريف، التى تبدأ بها عادة كل قائمة، غير موجودة في اسم "يوسف" فى إنجيل لوقا (3: 23)، مما يرجَّح معه أن القائمة الحقيقية تبدأ باسم "هالي" وليس باسم "يوسف"، وأن العبارة يجب أن تُقْرَأ: "ولما ابتدأ يسوع... وهو (على ما كان يظن ابن يوسف) ابن هالي..." (لو 3: 23)، وبذلك تكون القائمة فى إنجيل لوقا هي سلسلة نسب العذراء مريم، وتبدأ بهالي أبيها. وهو افتراض قوي جذَّاب، ولا اعتراض عليه سوى أن اسم مريم لم يذكر قبل اسم هالي، ولكن ذلك لا يمنع من مصداقية هذا الفرض الذي يقدم حلاَّ بسيطا للمشكلة.
    أما كون أن "مريم" كانت نسيبة لأليصابات ابنة هارون (لو 1: 36)، فإنه لا ينفي نسبة مريم إلى داود، متى كانت قرابة مريم لأليصابات عن طريق الأم، وليس عن طريق الأب، فقد تزوج
    هارون نفسه من "أليشابع"
    بنت عميناداب أخت نحشون" من
    سبط يهوذا (خر 6: 23، 1 أخ 2: 10).

    ومما يؤيد هذه النظرية، افتراض أنه لم يكن لمريم إخوة ذكور، وأصبح يوسف هو الابن والوريث الشرعى لهالي،
    بزواجه من ابنته مريم
    (انظر مثلا 1 أخ 2: 21 و 34، عن نسب أبناء الابنة لأبيها، وعد 2: 6، نح 7: 63 عن نسب زوج الابنة لأبيها)".

    ثم مرة أخرى لا ينزل ستار المسرحية عند هذا الحد، بل تمضى أحداثها فنجدهم يقولون إن "هالى" إنما هو أبو يوسف، أما أبو مريم فهو يعقوب (انظر أواخر مادة "Joseph" فى "Smith s Bible Dictionary".

    وهذه هى عبارة المعجم نَسْخًا فلَصْقًا: -

    "Joseph: Son of Heli, and reputed father of Jesus Christ… He was a just man, and of the house and lineage of David. He lived at Nazareth in Galilee. He espoused Mary, the daughter and heir of his uncle Jacob").
    حيرتمونا، حيركم الله! ارسوا لكم على بر يهديكم الله: ترى
    أهو يواقيم؟ أم هل هو هالى؟ أم لا هذا ولا ذاك، بل يعقوب؟
    ثم رغم هذا يأنسون فى أنفسهم الجراءة لتعييرنا بأن القرآن
    قد أخطأ فى اسم والد مريم!
    أليس الأفضل أن تذهبوا فتتفقوا أولا على كلمة واحدة
    فى موضوع أبيها عندكم، ثم بعد هذا تفكرون فى تخطئة القرآن؟
    من الواضح إذن أنهم، بتخطئتهم القرآن، إنما يتهورون فى أمرٍ يتخبطون فيه ولا يدرون رؤوسهم من أرجلهم! كذلك من المعروف أن
    كثيرا من شخصيات الكتاب المقدس تحمل أكثر من
    اسم: فمن المعروف مثلا أن ليعقوب حفيد إبراهيم الخليل
    اسما آخر هو إسرائيل. وينطبق هذا على حَمِى موسى،
    الذى ذُكِر فى موضع من العهد القديم أنه راعوئيل، وفى
    موضع ثانٍ أنه يثرون، وفى موضع ثالث، وهى الداهية الثقيلة،
    أنه حوباب بن راعئيل، أى أنه ابن نفسه
    .

    وقد ذكر متى أن يوسف رجل مريم هو ابن يعقوب، على حين ذكر لوقا أن أباه يسمى: هالى، وهو نفسه "هالى" الذى يقول النصارى إنه والد مريم. كما أن للمسيح عندهم عدة أسماء:-

    فهو المسيح، وهو يسوع، وهو عمّانوئيل.

    وهذا موجود أيضا عندنا، كما هو الحال
    فى الخليفة الراشد الأول: فاسمه عبد الله
    (ويُرْوَى أنه كان يسمى فى الجاهلية: "عبد الكعبة")،
    وأبو بكر، والصديق وعتيق. أى أن له خمسة أسماء
    مابين اسم وكنية ولقب واسم جاهلى واسم إسلامى.
    وكثير من المصريين يحملون اسمين: واحد رسمى، والآخر للشهرة كما يقال. ومن هؤلاء أخى الأصغر، فهو يسمى: مختارا، وكان صغيرا يسمى: محمودا على اسم أبينا رحمه الله. ولواحدة من قريباتى اسمان أيضا: عبلة، وهو اسم الشهرة، وفاطمة، وهو الاسم الرسمى الذى لا يستخدم زوجها ولا أولادها إلا إياه، على عكس إخوتها، الذين ينادوناها عادة باسم "عبلة". وكثيرا أيضا ما يقولون لها: "بولا". فهذا اسم ثالث... وهكذا.

    ومن ثم فمن الممكن جدا، إن كان اسم يواقيم أو هالى اسما صحيحا لوالد مريم، وهو ما لا أعول عليه أبدا، أن يكون له اسم آخر هو عمران، أ
    و أن يكون اسم"عمران" هو الاسم الصحيح
    أو الاسم الأصلى، وهو ما أرجحه بل ما أوقن به،
    إذ لا يمكن أبدا أن يكون القرآن مخطئا.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيإنتَبِهوا!فكثيراًمن الأمورالهامة البَعض يقع فيها بحُسن نيـِّة http://www.ebnmaryam.com/vb/t179459.html
    أى مُتنَصِر لا يساوى ثمن حذآئِهhttp://www.ebnmaryam.com/vb/t30078.html
    القساوسَة مَدعوون للإجابَة على الآتى
    http://www.ebnmaryam.com/vb/t179075.html
    مُغلَق للتَحديث

  2. #12
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,950
    آخر نشاط
    19-05-2011
    على الساعة
    12:24 AM

    افتراضي

    والآن، وبعد هذه الجولة التى فضحت من أمور القوم كثيرا من المستور المتصل بهذه النقطة وحدها، ما رأى القراء فى ذلك الشَّغْب الذى أحدثه يوحنا الدمشقى لعنه الله، وورَّثه لمن أتى بعده، فتراهم يثيرون دائما هذه القضية متهمين القرآن بأنه يخطئ فينسب مريم أم المسيح إلى هارون وموسى بوصفها أختا لهما، مع أن القرآن لم يحدث قط أن فعل شيئا من ذلك، بل اليهود، الذين لم يكن القرآن إلا مجرد ناقل لما قالوه؟ ترى ألم يكن يوحنا الدمشقى اللعين يعرف هذا؟ بكل يقين كان يعرف لأن الآية واضحة الدلالة على أن هذا هو كلام اليهود لا القرآن، ولا يمكن أن يخطئ دلالتها أحد، لكنه إنما أراد إحداث الشغب بالكذب والباطل رغبة فى الانتقام من الإسلام، الذى كسر شوكة البيزنطيين فى منطقتنا ومسحهم من الخريطة الشَّرْقَوْسَطِيّة إلى الأبد ونسخ التثليث بممحاة التوحيد المباركة. ولكن هل تظن، أيها القارئ، أن تلاميذ يوحنا الدمشقى سوف يسكتون بعدما فضحْنا كذبهم وتدليسهم وتنطعهم وقلة أدبهم؟ أما أنا فلا أظن ذلك أبدا، إذ متى كان الكذابون المدلسون الذين مَرَدُوا على النفاق وانعدام الحياء يَرْعَوُون عما يصنعون؟
    ومن مشاغبات الدمشقى الشيطانية أيضا دعواه أنه كان كلما سأل المسلمين: هل هناك من الأنبياء من شهد لمحمد بأنه صادق فى دعواه الرسالة، إذ لا بد لكل نبى أن يشهد له بالصدق مَنْ حوله حين يشاهدون نزول الوحى عليه، أو ينبئنا أحد الأنبياء السابقين بأن ثم نبيا قادما فى الطريق؟ وقعوا فى حيص بيص وضربوا أخماسا فى أسداس، ولم يستطيعوا ردا:

    "But when we ask: And who is there to testify that God gave him the book? And which of the prophets foretold that such a prophet would rise up? —they are at a loss. And we remark that Moses received the Law on Mount Sinai, with God appearing in the sight of all the people in cloud, and fire, and darkness, and storm. And we say that all the Prophets from Moses on down foretold the coming of Christ and how Christ God (and incarnate Son of God) was to come and to be crucified and die and rise again, and how He was to be the judge of the living and dead. Then, when we say: How is it that this prophet of yours did not come in the same way, with others bearing witness to him? And how is it that God did not in your presence present this man with the book to which you refer, even as He gave the Law to Moses, with the people looking on and the mountain smoking, so that you, too, might have certainty? —they answer that God does as He pleases. This, we say, We know, but we are asking how the book came down to your prophet. Then they reply that the book came down to him while he was asleep. Then we jokingly say to them that, as long as he received the book in his sleep and did not actually sense the operation, then the popular adage applies to him (which runs: You re spinning me dreams)"


    فأما مشاهدة الناس نزول الوحى على نبى من الأنبياء فقد مثَّل لها
    دمشقيُّنا برؤية بنى إسرائيل لله فى صورة سحاب ونار وظلام وعواصف
    فوق جبل سيناء. لكن بالله عليك أيها القارئ أهذا دليل على أن ما شاهده اليهود وقتذاك هو الله سبحانه؟ وهل الله سحاب وظلام وعواصف ونار؟
    الواقع أن من الممكن جدا المجادلة بأن هذا ليس هو الله، بل عناصر من عناصر الطبيعة. ثم هل هناك دليل على أن هذا قد حدث أصلا؟ سيقول: لكن بنى إسرائيل قد شهدوا بهذا. سأقول أنا: ومن أدرانى أن بنى إسرائيل قد
    حضروا شيئا من هذا أو أنهم قالوا الصدق بشأنه؟ وهكذا يمكن أن
    تستمر المجادلة من هنا للصبح دون جدوى. وعلى كل حال كان
    الصحابة يشهدون نزول الوحى على الرسول عليه السلام ويَرَوْن ما يعتريه لَدُنْ هذا النزول بكل وضوح مما فصلته كتب الحديث النبوى الشريف، وسرعان ما يخرج صلى الله عليه وسلم من هذه الحالة بالجواب الذى كانوا ينتظرونه أو التشريع الذى كانوا يتطلعون إليه. وكثيرا ما كانوا يسألونه عن أشياء تتعلق بالغيب الذى لا يعرفه أحد، فيأتيهم الرد فى الحال من خلال الوحى ويكون صادقا. كما أن كل ما قاله الرسول فى القرآن أو السنة يدل على حكمة عميقة هائلة تبيَّن صدقها وعبقريتها مع الأيام، إذ لم يحدث أن أشار عليهم بشىء دون أن يكون النجاح والتوفيق حليفه مهما كانت العقبات والمؤامرات والمآزق. وما من وعد وَعَدَهُمُوه إلا وتحقق كاملا كما قال. وما من شىء شرعه لهم إلا كان مثال الطهارة والاستقامة والذوق واللياقة والرقى العقلى والاجتماعى والسياسى والثقافى والفائدة المحققة. لقد أخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن الوثنية إلى التوحيد، ومن إدمان الخمر إلى الصحو، ومن الجهل إلى العلم، ومن الرعونة إلى الصبر والحلم، ومن الفوضى إلى النظام، ومن القذارة إلى النظافة والطهارة، ومن التناحر القبلى على أتفه الأمور إلى التآخى والمسالمة، ومن الغطرسة القبلية إلى رحابة الإنسانية والتواضع والتعاون والمرحمة، ومن قسوة الربا ومص دماء المحتاجين إلى العطف عليهم وإكرامهم والتجاوز عما فى ذمتهم ابتغاء مرضاة الله، ومن محدودية الأفق المحلى إلى فضاء العالمية الرحيب، ومن انعدام الدور الحضارى إلى قيادة العالم سياسة وثقافة. فماذا فى أى شىء من ذلك من المعابة؟ ولدينا مقياس آخر يتمثل فى أن بنى إسرائيل ظلوا يشغبون على موسى وأخيه ويرجعون إلى الوثنية والشرك عند كل منعطف حتى ضج منهم موسى عليه السلام، بخلاف أتباع محمد، الذين لم يشغبوا عليه قط، بل ظلوا يحبونه ويحترمونه ويطيعونه لا عن غفلة وسذاجة، بل عن وعى ويقظة عقل وحرارة إيمان وضمير. ولقد كان محمد معروفا عند قومه بالصدق والأمانة، فضلا عن أنه لم يكن له أى مارب فيما دعا إليه من دين. بالعكس لقد طاله بسببه أذى كثير وآلام وأحزان وخسائر لا تنتهى. بل لقد تعرضت حياته مرارا للقتل لولا أن الله عصمه منه. فكيف يتهمه مُتَّهِمٌ بعد هذا كله بأنه كذاب؟ إذن فليس ثم صادق واحد فى الدنيا!
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيإنتَبِهوا!فكثيراًمن الأمورالهامة البَعض يقع فيها بحُسن نيـِّة http://www.ebnmaryam.com/vb/t179459.html
    أى مُتنَصِر لا يساوى ثمن حذآئِهhttp://www.ebnmaryam.com/vb/t30078.html
    القساوسَة مَدعوون للإجابَة على الآتى
    http://www.ebnmaryam.com/vb/t179075.html
    مُغلَق للتَحديث

  3. #13
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,950
    آخر نشاط
    19-05-2011
    على الساعة
    12:24 AM

    افتراضي

    على أننا لا نحاول أن نلغى قيمة بشارة النبى السابق بزميله اللاحق. لكن هل حدث أن حسمت مثل تلك البشارة الخلاف بين النبى اللاحق وقومه حسما نهائيا؟ لنأخذ المسيح عليه السلام مثالا: هل نفعه لدى اليهود انتظارُهم له وتشوُّقهم إلى مجيئه؟ الواقع أنهم، حين أتى إليهم أخيرا وبعد طول تطلع وانتظار، قد كفروا به كفرانا مبينا واتهموا أمه بالعهر وخططوا لقتله. بل إنهم ليعتقدون أنهم قتلوه وصلبوه فعلا.

    حتى الذين شفاهم من البرص والعمى وأحياهم من الموت كانوا أول المتخلين عنه ساعة الزنقة. حتى حواريوه تركوه يواجه مصيره وحده طبقا لما كتبه مؤلفو الأناجيل. حتى كبيرهم أقسم بالله عند القبض عليه إنه لا يعرف هذا الرجل: يقصد المسيح عليه السلام، رغم أن المسيح كان قد حذره من أنه سوف ينكره وينكر الإيمان به قبل صياح الديك فى تلك الليلة ثلاث مرات، فأكد أنه لن يقع منه هذا بحال، ولكنه وقع. فكيف يتنطع يوحنا الدمشقى ويتصور أنه جاء بالذئب من ذيله بمطالبة الرسول محمد بما طالبه به؟

    وهذا لو أن الأنبياء السابقين لم يبشروا به صلى الله عليه وسلم.
    ذلك أن فى الكتاب المقدس لدى اليهود والنصارى بعهديه القديم والجديد
    بشارات متعددة به صلوات الله وسلامه عليه. وقد آمن كثير جدا من أهل
    الكتاب: يهودا ونصارى به صلى الله عليه وسلم بناء على تلك البشائر،
    كما كفر به صلى الله عليه وسلم كثير منهم رغم تلك البشائر وأنكروا أن تكون
    خاصة به. أى أن وجود البشائر لا يحل المشكلة بالضرورة.

    ومع هذا فها نحن أولاء نسوق بعض تلك البشارات، وهى مأخوذة من كتابَىْ "بشارات العهد القديم بمحمد صلى الله عليه وسلم" و"بشارات العهد الجديد بمحمد صلى الله عليه وسلم" للدكتور محمد بن عبد الله السحيم بشىء ضئيل جدا من التصرف: فمنها البشارة الموجودة في سفر "العدد"،
    إذ ورد في قصة بلعام بن باعوراء قوله حسب الترجمة القديمة: "نظروا كوكبا قد ظهر من آل إسماعيل، وعضده سبط من العرب. ولظهوره تزلزلت الأرض ومن عليها". وقد فسرها المهتدي الإسكندراني (أحد من آمن من أهل الكتاب بمحمد عليه السلام) بقوله: "ولم يظهر من نسل إسماعيل
    إلا محمد صلى الله عليه وسلم، وما تزلزلت الأرض إلا لظهوره صلى الله عليه وسلم.
    حقا أنه كوكب آل إسماعيل، وهو الذي تغير الكون لمبعثه صلى الله عليه وسلم،
    فقد حُرِسَت السماء من استراق السمع، وانطفأت نيران فارس، وسقطت أصنام بابل،
    ودُكَّتْ عروش الظلم على أيدي أتباعه".
    وقد حُرِّف هذا النص في الطبعات المحدثة فأصبح كالآتى: "يبرز كوكب من يعقوب، ويقوم قضيب من إسرائيل،
    فيحطم موآب، ويهلك من الوغى".


    وهناك بشارة موجودة فى الفصل الحادي عشر من سفر "التثنية"، وذلك أن موسى قال لبني إسرائيل: "إن الرب إلهكم يقيم نبيا مثلي من بينكم ومن إخوتكم، فاسمعوا له".

    وقد ورد في هذا الإصحاح ما يؤكد هذا القول ويوضحه، وهو ما ورد في التوراة أن الله قال لموسى: "إني مقيم لهم نبيا مثلك من بين إخوتهم. وأيما رجل لم يسمع كلماتي التي يؤديها ذلك الرجل باسمي أنا أنتقم منه".

    وتكاد أن تكون هذه البشارة محل إجماعٍ من كل من كتب في هذا الجانب. وقد بين هؤلاء المهتدون كيف تنطبق هذه البشارة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
    من خلال الوجوه التالية: -


    1-اليهود مجمعون على أن جميع الأنبياء الذين كانوا في بني إسرائيل من بعد موسى لم يكن فيهم مثله. والمراد بالمثلية هنا أن يأتي بشرع خاص تتبعه عليه الأمم من بعده، وهذه صفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأنه من إخوتهم العرب، وقد جاء بشريعة ناسخة لجميع الشرائع السابقة، وتبعته الأمم عليها، فهو كموسى. هذا فضلاً عن أن لفظه "من بينهم" الواردة في البشارة قد أكدت وحددت الشخص المراد.
    2-هذا النص يدل على أن النبي الذي يقيمه الله لبني إسرائيل ليس من نسلهم، ولكنه من إخوتهم. وكل نبي بعث من بعد موسى كان من بني إسرائيل، وآخرهم عيسى عليه السلام، فلم يبق رسول من إخوتهم سوى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
    3-أن إسماعيل وذريته كانوا يُسَمَّوْن: إخوة لبني إبراهيم عليه السلام، لأن الله قال في التوراة لهاجر، حسب رواية العهد القديم، عن ابنها إسماعيل: "بأنه قبالة إخوته ينصب المضارب"، كما دعا إسحاقَ وذريتَه: إخوة لإسماعيل وذريته.
    4-أن في هذه الآية إشارة خفية غير صريحة فائقة الحكمة لأن موسى لو كان قَصَدَ بالنبي الموعود أنه من بني إسرائيل لكان ينبغي أن يقول بدلا من "من إخوتكم": منكم، أو من نسلكم، أو من أسباطكم، أو من خلفكم. وبما أنه ترك هذا الإيضاح علمنا أنه قصد بهذه الإشارة أنه من بني إسماعيل المباينين لهم. 5-اشتمل هذا النص على مفردة كافية للتدليل على أن هذه النبوة خاصة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهي قوله: "أنتقم منه". وفي بعض الترجمات "وكل نفس لا تسمع لذلك النبي وتطيعه تُسْتَأْصَل". فهي تدل على أن من لا يسمع له ويطعه يُنْتَقَمْ منه ويُسْتَأْصَل. وهذا ينطبق تماما مع حال المخالفين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن أن تنطبق على عيسى عليه السلام، الذي طارده وحاربه اليهود، ولم يقع عليهم الانتقام من جانبه أو من جانب أتباعه. وهذه المفردة كافية للتدليل على أن المقصود بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
    وجاء في الفصل العشرين أن "الرب جاء من طور سينين، وطلع لنا من ساعير، وظهر من جبل فاران، ومعه عن يمينه ربوات القديسين فمنحهم العز، وحببهم إلى الشعوب، ودعا بجميع قديسيه بالبركة". وهذه البشارة، كالتي قبلها، كادت أن تكون محل إجماع وقبول ممن كتب في هذا الجانب. وفاران هي مكة وأرض الحجاز، وقد سكنها إسماعيل، ونصت على ذلك التوراة: "وأقام في برية فاران، وأنكحته أمه امرأة من أرض مصر". وإذا كانت التوراة أشارت إلى نبوة تنزل على جبل فاران لزم أن تلك النبوة على آل إسماعيل لأنهم سكان فاران. أما من توهم أن فاران الواردة في هذه البشارة هي التي بقرب جبل سيناء فليس ظنه صحيحا، لأن فاران تلك هي برية فاران كما أفادت عنها التوراة. وهنا ذكر جبلاً. ودعيت تلك: "فاران" بسبب أنها مظللة بالأشجار. ولفظة "فاران" عبرية تحتمل الوجهين: فإذا ذُكِرَت البرية لزم أنها ظليلة، وإن ذُكِر الجبل ينبغي أن يفهم بأنه جبل ذو غار. وفي هذه البشارة ذكر جبل، فعُلِم أنه جبل فاران الذي فيه المغارة. كما أن لفظة "فاران" مشتقه من فاري بالعبرية، وعربيتها: المتجمل، أي المتجمل بوجود بيت الله. وهذه الجبال قد تجملت ببيت الله. ومعنى "جاء الرب": أي ظهر دينه ودُعِيَ إلى توحيده. كما أن لفظة "رب" هنا تقع على موسى وعيسى ومحمد. وهي مستعملة بهذا الإطلاق في اللغة السريانية والعربية، فتقول العرب: "رب البيت" بمعنى صاحب البيت. ويقول السريان لمن أرادوا تفخيمه: "مار"، ومار بالسريانية هو الرب. وقد أورد المهتدي الإسكندراني هذه البشارة باللغة العبرية ثم ترجمها إلى اللغة العربية. ونص ترجمته هكذا: "جاء الله من سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من جبال فاران، وظهر من ربوات قدسه: عن يمينه نور، وعن شماله نار. إليه تجتمع الأمم، وعليه تجتمع الشعوب". وقال: إن علماء بني إسرائيل الشارحين للتوراة شرحوا ذلك وفسروه بأن النار هي سيف محمد القاهر، والنور هي شريعته الهادية صلى الله عليه وسلم. وقد يقول قائل: إن موسى تكلم بهذه البشارة بصيغة الماضي، فلا تنطبق على محمد صلى الله عليه وسلم. والجواب أن من عادة الكتب الإلهية أن تستعمل الماضي في معنى المستقبل. ألم تر أنه أخبر عن عيسى في هذه البشارة كذلك بصيغة الماضي؟ فإن قُبِلَتْ هذه البشارة في حق عيسى فهي في حق محمد أدعى للقبول. وفي الإشارة إلى هذه الأماكن الثلاثة التي كانت مقام نبوة هؤلاء الأنبياء ما يقتضي العقلاءَ أن يبحثوا عن المعنى المراد منه المؤدي بهم إلى اتباع دينه. وقد ربط المهتدي إبراهيم خليل بين هذه البشارة وبين صدر سورة "التين" واستنتج منه تطابقًا كاملاً في الوسيلة والتعبير.
    ومن هذه البشارات أيضا قول داود في المزمور الثاني والسبعين: "إنه يجوز من البحر إلى البحر، ومن لدن الأنهار إلى منقطع الأرض، وإنه يخرّ أهل الجزائر بين يديه على رُكَبهم، وتلحس أعداؤه التراب. تأتيه ملوك تاريس والجزائر بالقرابين، وتقرّب إليه ملوك سابا القرابين، وتسجد له الملوك كلهم، وتدين له الأمم كلها بالطاعة والانقياد لأنه يخلِّص المضْطَهَد البائس ممن هو أقوى منه، ويفتقد الضعيفَ الذي لا ناصر له، ويرأف بالضعفاء والمساكين، وينجي أنفسهم من الضر والضيم، وتعز عليه دماؤهم، وإنه يبقى ويُعْطَى من ذهب سبأ، ويُصَلَّى عليه في كل وقت، ويبارَك عليه كل يوم مثل الزروع الكثيرة على وجه الأرض، ويطلع ثماره على رؤوس الجبال كالتي تطلع من لبنان، وينبت في مدينته مثل عشب الأرض، ويدوم ذكره إلى الأبد، وإن اسمه لموجود قبل الشمس، فالأمم كلهم يتبركون به، وكلهم يحمدونه".

    وقال المهتدي الطبري: "ولا نعلم أحدا يُصَلَّى عليه في كل وقت غير محمد صلى الله عليه وسلم". وهذا النص غنيٌّ عن زيادة أى تعليق أو شرح، فلم تتحقق هذه الصفات متكاملة لنبي أو ملك قبل محمد صلى الله عليه وسلم مثلما تحققت له. وبمقارنة سريعة بين الآيات التي سأوردها وهذا النص يتضح التماثل التام بينهما. قال تعالى: "لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عَنِتُّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيم". وقال عز وجل: "محمد رسول الله والذين معه أشداءُ على الكفار رحماءُ بينهم تراهم رُكَّعًا سُجَّدًا يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا سِيمَاهم في وجوههم من أثر السجود. ذلك مَثَلُهم في التوراة ومَثَلُهم في الإنجيل كزرعٍ أخرج شَطْأَة فآزره فاستغلظ فاستوى على سُوقِه يُعْجِب الزُّرّاعَ ليغيظ بهم الكفار". وقد تضمن المزمور الذي وردت فيه هذه البشارة بعض الألفاظ التي لا تزال مشرقة وشاهدة، وهي قول داود: "ويشرق في أيامه الصِّدّيق وكثرة السلام إلى أن يضمحل القمر". وهذا اللفظ يقع مباشرة قبل قوله: "إنه يجوز من البحر إلى البحر". ولنفاسة هذا اللفظ أحببت إيراده. وقد ضُبِطَتْ لفظة "الصِّدّيق" بالشكل الذي نقلتُه، فهل بعد هذا الإيضاح يبقى إشكال لذي عقل؟ وقد ذكر صاحبه الصِّدّيق رضي الله عنه، وذكر سُنَّة من سُنَن دينه، وهي كثرة السلام إلى أن يضمحل القمر. واضمحلال القمر تعبير عن الساعة. يشهد له أول سورة "التكوير" و"الانفطار". وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من علامات الساعة أن يكون السلام على الخاصة.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيإنتَبِهوا!فكثيراًمن الأمورالهامة البَعض يقع فيها بحُسن نيـِّة http://www.ebnmaryam.com/vb/t179459.html
    أى مُتنَصِر لا يساوى ثمن حذآئِهhttp://www.ebnmaryam.com/vb/t30078.html
    القساوسَة مَدعوون للإجابَة على الآتى
    http://www.ebnmaryam.com/vb/t179075.html
    مُغلَق للتَحديث

  4. #14
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,950
    آخر نشاط
    19-05-2011
    على الساعة
    12:24 AM

    افتراضي

    وفى الإصحاح الثالث من إنجيل متى يقول يوحنا المعمدان،
    وهو النبى يحيى عليه السلام: "أنا أعمِّدكم بالماء، وذلك للتوبة وغفران الخطايا،
    ولكنْ هناك شخص قادم بعدي، وهو أقوى مني لدرجة أنني لا أستحق حل سيور
    حذائه، وسيعمّدكم بالروح والنار".
    هذه البشارة أوردها كل من المهتدي عبد الأحد داود والنجار،
    وأضاف إليها النجار بعض العبارات التي تذكر صفة
    هذا القادم المنتظر،

    وهو قوله: "الذي رفشه بيده، وينقي بيدره، ويجمع قمحه إلى المخزن، وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ". وأوضح هذه العبارات فقال: "قوله: "الذي رفشه بيده" (ونسخة الآباء العيسويين: "الذي بيده المِذْرَي")
    إشارة إلى ما قام من حروب وجهاد مع الكفار لنصرة دين الله وإعلاء كلمته. وقوله: "وينقي بيدره": بمعنى يطهر موطنه من الأصنام ومن عبدتها المشركين.
    وقوله: "ويجمع قمحه إلى المخزن": أي يجمع صحابته والمؤمنين به
    عند بيت الله الحرام. "أما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ": أي يقضي على
    عناصر الشر والفساد في العالم، ويناهض أهل الشرك والضلالة وعبادة الأصنام".
    أما عبد الأحد داود فقد اكتفى بهذا النص، وأشار إلى هذه الزيادة في ثنايا الشرح والتحليل. كما أنه أطال النَّفَس في استنطاق هذه النبوة من جانبين: ففى الجانب الأول نفى فيه أن يكون النبي الذي تنبأ به يوحنا هو عيسى عليه السلام. وفي الجانب الثاني أثبت أن هذا النبي المبشَّر به هو محمد صلى الله عليه وسلم. وقد قدَّم في الجانب الأول البراهين التالية:
    1-أن نفس كلمة "بعد" تستبعد عيسى بكل وضوح من أن يكون هو النبي المبشر به، لأن عيسى ويوحنا وُلِدا في سنة واحدة وعاصر أحدهما الآخر، وكلمة "بعد" هذه تدل على مستقبل غير معلوم بعده.

    2-أن يوحنا قدَّم المسيح عليه السلام إلى قومه وطلب منهم طاعته واتباعه، إلا أنه أخبرهم بوضوح أن ثمة كوكبا آخر عظيما هو الأخير الخاتم الممجَّد عند الله.

    3-لم يكن عيسى هو المقصود عند يوحنا لأنه لو كان الأمر كذلك لتبع عيسى وخضع له. ولكنا نجده على العكس من ذلك، إذ نجده يعظ ويعمّد ويستقبل الأتباع في حياة المسيح عليهما السلام.

    4-مع اعتقاد الكنائس النصرانية بأن المسيح إله أو ابن إله، إلا أن كونه معمَّدا على يد يوحنا المعمدان يثبت أن الأمر بالعكس تماما. فلو كان عيسى هو الشخص الذي تنبأ به يوحنا على أنه أقوى منه وأنه سيعمِّد بالروح وبالنار لما كان هناك ضرورة أو معنى لتعميده في النهر على يد يوحنا، وهو الشخص الأقل منه.

    5-تضاربت الأناجيل في موقف يوحنا من عيسى: فهو في أحدها يرسل التلاميذ يسألونه: هل أنت النبي الذي سيأتي أم ننتظر واحدا آخر؟
    أما يوحنا كاتب الإنجيل فقد أثبت أن يوحنا لما رأى عيسى
    قال: انظروا حَمَل الله. ففي النص الأول يتبين أن يوحنا لم يكن يعرف حقيقة
    المسيح، وفي النص ذكر وصفا مغايرا للنبي المبشر به.
    6-لا يمكن أن يكون يوحنا هو سلف عيسى المبشر به بالمعنى الذي تفسر به الكنائس بعثته، لأن من مهام هذا الرسول المبشر به أنه يمهد الطريق وأنه يأتي فجأة إلى هيكله ويقيم السلام. فإذا اعتبر أن هذه المهام قد أسندت إلى يوحنا فنستطيع أن نؤكد أنه فشل في تحقيقها فشلاً ذريعًا لأن كل الذي قام به يوحنا تجاه عيسى عليهما السلام أنه استقبله على نهر الأردن وعمَّده فيه كما زعموا.

    أما البراهين التي قدمها هذا المهتدي على أن يوحنا قد بشر بمحمد صلى الله عليه وسلم فهي: -

    1-يتأكد من هذه النبوة شيء واحد، وهو أن النبي الذي تمت البشارة بقدومه معروف لدى كافة الرسل والأنبياء، وإلا لما اعترف شخص معصوم هذا الاعتراف المتواضع.

    2-أن إنكار الرسالة المحمدية هو إنكار أساسي لكل الوحي الإلهي وكافة الرسل الذين بشروا به لأن جميع الأنبياء معا لم ينجزوا العمل الهائل الذي أنجزه محمد صلى الله عليه وسلم وحده في فترة قصيرة لم تتجاوز ثلاثة وعشرين عاما.

    3-اعتراف يوحنا بأن "محمدًا" صلى الله عليه وسلم أعلى منه وأسمى قدرا. يتضح ذلك من قوله: "هو أقوى مني". وبمقارنة ما كان عليه يوحنا بما كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم نجد أن الواقع يشهد أن محمدا () كان
    هو الأقوى الذي بشر به يوحنا. يتضح ذلك من خلال الصورة المأساوية التي ترسمها الأناجيل لنهاية يوحنا حيث يُسْجَن ثم يُقْطَع رأسه ويقدَّم على طبق، بينما نرى محمدا صلى الله عليه وسلم يدخل مكة دخول الفاتح العظيم ويدمر الأصنام ويطهر الكعبة، والكفار مستسلمون له ينتظرون حكمه فيهم.

    4-أخبر يوحنا عن الغضب القادم أو العذاب القادم على اليهود والكفار المعاندين للرسل. وهذا العذاب الذي تنبأ عنه: منه ما تحقق بعد ثلاثين سنة في بني إسرائيل، ومنه ما أعلنه هو وأخوه المسيح عليهما السلام عن قدوم رسول الله الذي سوف ينتزع جميع الامتيازات من اليهود. ولم يتحقق هذا إلا على يد محمد صلى الله عليه وسلم، الذي دمر حصونهم، وطردهم من ديارهم. ولقد أنذرهم يوحنا من هذا العذاب الآتي إذا لم يؤمنوا برسل الله الصادقين، وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم، بقوله: "من الذي أخبركم أن تهربوا من الغضب الآتي؟".

    5-أن هدف محمد صلى الله عليه وسلم هو إقامة دين الإسلام على الأرض. فقد اختفت الأوثان والأصنام من أمامه، وانهارت الإمبراطوريات أمام سيفه، وأصبح المسلمون في ملته متساوين، وتكونت منهم الجماعة المؤمنة، وتحققت بينهم المساواة، إذ لا كهنوت ولا طقوس، وليس هناك مسلم مرتفع ولا مسلم منخفض، ولا توجد طبقية أو تمايز يقوم على العنصر والرتبة. فالإسلام هو الدين الوحيد الذي لا يعترف بأي كائن مهما عظم، ومهما كان مقدسا، كوسيط مطلق بين الله والبشر.

    6-أن أتباع يوحنا كانوا يعرفون كل المعرفة أن عيسى عليه السلام لم يكن هو الشخص المقصود،. وقد اعتنقوا الإسلام عندما جاء محمد صلى الله عليه وسلم.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيإنتَبِهوا!فكثيراًمن الأمورالهامة البَعض يقع فيها بحُسن نيـِّة http://www.ebnmaryam.com/vb/t179459.html
    أى مُتنَصِر لا يساوى ثمن حذآئِهhttp://www.ebnmaryam.com/vb/t30078.html
    القساوسَة مَدعوون للإجابَة على الآتى
    http://www.ebnmaryam.com/vb/t179075.html
    مُغلَق للتَحديث

  5. #15
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,950
    آخر نشاط
    19-05-2011
    على الساعة
    12:24 AM

    افتراضي

    وفي الفصل الخامس عشر من إنجيل يوحنا يقول المسيح عليه السلام: "إن الفارقليط الذي يرسله أبي باسمي يعلمكم كل شيء".
    ويقول أيضا في الفصل السادس عشر: "إن الفارقليط لن يجيئكم مالم أذهب. فإذا جاء وبخ العالم على الخطيئة. ولا يقول من تلقاء نفسه شيئا، لكنه يسوسكم بالحق كله، ويخبركم بالحوادث والغيوب". ويقول كذلك: "إني سائل أبي أن يرسل إليكم فارقليطًا آخر يكون معكم إلى الأبد". ويرى المهتدي عبد الأحد داود أن النص الأخير لا يتضح المعنى المراد منه إلا بإعادة الكلمات المسروقة أو المحرفة فتكون الصيغة الصحيحة كالتالي: "وسوف أذهب إلى الأب، وسيرسل لكم رسولاً سيكون اسمه "البرقليطوس" لكي يبقى معكم إلى الأبد". والكلمات التي أضافها هي ما تحتها خط. وهذه البشارة تكاد أن تكون محل إجماع من هؤلاء المهتدين، وسيكون الحديث عنها من جانبين:
    الجانب الأول بشارة المسيح عليه السلام بخاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك من خلال النقاط التالية:-

    1-أن هذا النبي الذي بشر به المسيح عليه السلام عَلَّم الناسَ مالم يعلموه من قبل، ولم يكن في تلاميذ المسيح ومن بعدهم من علّم الناس شيئا غير الذي كان عَلَّمهم المسيح.

    2-تضمن النص أن هذا الشخص المبشر به لا يتكلم من تلقاء نفسه، وأنه يخبر بالحوادث والغيوب. ولقد كان محمد صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يُوحَى. وقد تواتر عنه إخباره بالحوادث المقبلة والغيوب التي تحققت في حياته وبعد مماته. وتتفق هذه البشارة مع بشارة موسى عن هذا النبي المنتظر عندما أخبر أن الله قال: "وأجعل كلامي في فيه". وقد سبق الحديث عن هذه البشارة ضمن بشارات العهد القديم.

    3-أن هذا النبي المنتظَر بكََّتَ العالم على الخطيئة، ولا خطيئة أعظم من الشرك،.ولم يقتصر عمل محمد صلى الله عليه وسلم على اقتلاع الشرك من جزيرة العرب وبَعْث رسله وكتبه إلى ما جاوره من الدول والإمبراطوريات يدعوهم إلى عبادة الله وحده، بل لما لم تُقْبَل دعوته استل سيفه مؤذنا بإعلان الحرب على الشرك مهما كان موقعه.

    4-أن الشخص المبشَّر به يؤنب العالم. ولقد اعتقد اليهود أنهم صلبوا المسيح عليه السلام وقتلوه. واعتقد النصارى أن المسيح قد صُلِب وأنه الله أو ابن الله. ولم يزل العالم يعتقد هذا الاعتقاد حتى جاء محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وجلّى كل الحقيقة عن المسيح من أنه عبد الله ورسوله، وأنه لم يُصْلَب ولم يُقْتَل، بل رُفِع إلى السماء.

    5-في هذا النص صرّح المسيح عليه السلام أن الشخص المبشَّر به هو "روح الحقيقة". ومحمد صلى الله عليه وسلم هو الذي أظهر كل الحقيقة عن الله وعن وحدانيته ورسله وكتبه ودينه، وصحح كثيرا من الافتراءات والأكاذيب التي كانت مدونة ومعتقدا بها. فهو الذي وبخ النصارى على اعتقادهم في الثالوث وادعائهم أن المسيح هو ابن الله، وكشف مفتريات اليهود والنصارى ضد أنبياء الله ورسله، وطهَّر ساحتهم من الدنس والعيب الذي ألحقه بهم اليهود.

    6-ذكر المهتدي الترجمان في سبب إسلامه أن أحبار النصارى كان لهم مجلس يجتمعون فيه ويتذاكرون فيه أنماطا من المسائل، فاختلفوا يوما حول النبي الذي يأتي بعد المسيح والمسمى في الإنجيل: "البارقليط"، وانفض المجلس في ذلك اليوم ولم يصلوا إلى حقيقة هذا اللفظ. وقد تخلف عنهم في ذلك اليوم أكبر علمائهم،. فلما رجع الترجمان إليه أخبره الخبر، وطلب الترجمان من هذا العالم أن يبين له الحقيقة فأخبره أن "البارقليط" هو اسم من أسماء نبي المسلمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

    7-قال المهتدي الهاشمي: إنه جاء في الإنجيل المكتوب باللغة القبطية الذي كتبه أحد البطاركة في سنة 506م ما معناه: الآتي بعدي يسمى: الفارقليط بندكراطور، أي الروح المنشق اسمه من اسم الحمد.
    سيبعث الحياة في أمه ليست لها من الحياة نصيب إلا الضلال في
    برية فاران كجحاش الأُتُن.
    وذكر أن هذا الإنجيل منزوع الغلاف،
    وذكر كاتبه في ديباجته أنه نقله من أصول الإنجيل الحقيقي.

    8-استخرج هؤلاء المهتدون تطابق كلمة "البارقليط" مع اسم محمد صلى الله عليه وسلم وصفته.

    تنبيه :
    وبيانُ هذا التطابق كما يلي:-


    أ-هذا الاسم: "بارقليط" يوناني، وتفسيره باللغة العربية: أحمد أو محمد أو محمود.
    وقال المهتدي عبد الأحد داود: ومن المدهش أن الاسم الفريد الذي
    لم يعط لأحد من قبل كان محجوزا بصورة
    معجزة لأشهر رسل الله وأجدرهم بالثناء. ونحن لا نجد أبدا
    أي يوناني كان يحمل اسم "برقليطس"
    ولا أي عربي كان يحمل اسم أحمد.

    ب-قال المهتدي عبد الأحد داود موضحا هذا التطابق: إن التنزيل القرآني القائل بأن عيسى بن مريم أعلن لبني إسرائيل أنه كان "مبشِّرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد" واحد من أقوى البراهين على أن محمدا كان حقيقة نبيا، وأن القرآن تنزيل إلهي فعلاً، إذ لم يكن في وسعه أبدا أن يعرف أن كلمة "البارقليط" كانت تعني "أحمد" إلا من خلال الوحي والتنزيل الإلهي. وحجة القرآن قاطعة ونهائية لأن الدلالة الحرفية للاسم اليوناني تعادل بالدقة ودون شك كلمتي "أحمد" و"محمد" صلى الله عليه وسلم.

    ج-أن اسم البارقليط لفظة يونانية يجتمع من معانيها في القواميس المعزِّي،
    والناصر، والمنذر، والداعي. وإذا ترجمت حرفا بحرف إلى اللغة العربية صارت
    بمعنى "الداعي"، وهو من أسمائه صلى الله عليه وسلم.
    وقد وُصِف في القرآن الكريم بمثل ذلك في قوله تعالى:
    (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46)وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47)وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا( 48) (الأحزاب :45 -48)

    . وقد فهم أوائل النصارى أن هذه اللفظة إنما تعني

    الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم .



    ومن البشارات أيضا قول المسيح في الإصحاح السادس عشر من إنجيل يوحنا: "إن أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متي جاء ذاك روح الحق فهو سيرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية. ذاك يمجدني". قال المهتدي النجار: وهذه البشارة في معنى قوله تعالى فى سورة النجم :- "وما ينطق عن الهوى* إنْ هو إلا وحيٌ يُوحَى". وقال المهتدي الهاشمي معلقا على هذه البشارة: والمسيح يبصّر أمته بأن لديه أمورا كثيرة تفوق طاقة احتمالهم، وأنه سيأتي الوقت المناسب لمجيء
    الرسول الذي يعنيه بـ"الروح الحق"، فتكون العقول قد تفتحت، والقلوب
    قد ذهب عنها رَيْنُها، والنفوس قد أُلْهِمَتْ بعد فجورها تقواها. في هذه
    اللحظة قد يكون الناس قد استعدت أفهامهم، واتسعت مداركهم لاحتمال كل
    ما يلقى إليهم على لسان هذا النبي الذي لا يتكلم من نفسه، وإنما من
    وحي يوحى إليه من ربه بالقرآن.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيإنتَبِهوا!فكثيراًمن الأمورالهامة البَعض يقع فيها بحُسن نيـِّة http://www.ebnmaryam.com/vb/t179459.html
    أى مُتنَصِر لا يساوى ثمن حذآئِهhttp://www.ebnmaryam.com/vb/t30078.html
    القساوسَة مَدعوون للإجابَة على الآتى
    http://www.ebnmaryam.com/vb/t179075.html
    مُغلَق للتَحديث

  6. #16
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,950
    آخر نشاط
    19-05-2011
    على الساعة
    12:24 AM

    افتراضي

    ويذكر المسيح عليه السلام بعض أوصاف هذا الرسول الخاتم التي تساعد على تمييز شخصيته، منها قوله: "ذاك يمجّدني". فمن صفات هذا الرسول أنه يمجد المسيح، ولم يأت أحد بعد المسيح ويمنحه من التمجيد والثناء ما يستحقه، ويرفع عنه وعن أمه افتراءات اليهود، ويضعه في المنزلة التي وضعه الله فيها، وهي العبودية والرسالة، سوى محمد صلى الله عليه وسلم. ومن صفات هذا الرسول أنه سيرشد الخلق إلى أمور وحقائق لم يبلّغها المسيح، وذلك في قوله: ويخبركم بأمور آتية"... إلخ... إلخ.
    والآن إلى القارئ الكريم مجرد عينةٍ جِدّ محدودةٍ من الكتب التى وضعها هؤلاء المهتدون إلى الإسلام من أهل الكتاب، ومع كل كتابٍ اسم صاحبه: "الدين والدولة" لعلي بن ربّن الطبري، و"تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب" لعبد الله الترجمان، و"النصيحة الإيمانية في فضيحة الملة النصرانية" للمتطبب، و"إفحام اليهود" للسموأل بن يحيى المغربي، و"مسالك النظر في نبوة سيد البشر" لسعيد بن الحسن الإسكندراني، و"محمد صلى الله عليه وسلم في الكتاب المقدس" لعبد الأحد داود، و"محمد نبي الحق" لمجدي مرجان، و"محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل والقرآن" لإبراهيم خليل أحمد. وينبغى ألا ننسى أن من بين أسباب دخول تلك الجماهير الغفيرة من أهل الكتاب على مر العصور فى الإسلام اقتناعهم بهذه النبوءات الموجودة فى كتبهم، فآمنوا بمحمد موقنين أنه هو النبى الذى بشرت به التوراة والإنجيل.
    كذلك تثير تلك البشائر مسألة أخرى لا أدرى كيف يمكن حلها. ذلك أن المبشر يحتاج بدوره إلى من يبشر به كى نصدقه، وهذا الذى بشر به يحتاج أيضا إلى من يبشر به ويقول لنا إنه نبى صادق، وهذا المبشر الثالث يحتاج إلى مبشر رابع يسبقه ويشهد له... وهكذا دواليك إلى أن نصل إلى نبى لم يشهد له نبى سابق عليه لأنه هو أول الأنبياء، فلا يوجد من يسبقه. ثم هل يستطيع المتنطع السخيف العقل أن يقول لنا مثلا: أى نبى يا ترى شهد بأن هناك نبيا سوف يأتى اسمه نوح؟ ومن ذا الذى شهد لإبراهيم عليه السلام وبشَّر به نبيا؟ أم من يا ترى بشَّر بيوسف؟ وهذه مجرد أمثلة ثلاثة لا غير. أما البشارات التى وردت فى العهد القديم ويقول هذا اليوحنا المتنطع إنها شاهدة بألوهية السيد المسيح فقد سبق أن تناولتها من قبل فى دراسة مفصلة وبينت أنها لا علاقة لها بالسيد المسيح من قريب أو من بعيد، اللهم فى خيالات أمثاله وأوهامهم. وأنى للخيالات والأوهام أن تحق حقا أو تبطل باطلا؟ وأيا ما يكن الأمر فهل كانت بشارات أنبياء العهد القديم بلاحقيهم مانعة لهؤلاء الأنبياء اللاحقين من مقارفة الجرائم البشعة من الزنا والزنا بالمحارم والقتل والشرك والتزوج بالوثنيات ومساعدتهن على عبادة الأوثان؟ فهؤلاء هم أنبياء الكتاب المقدس الذين يضعهم يوحنا الدمشقى بإزاء سيدنا رسول الله زاعما وواهما أنهم أفضل منه. ألا بُعْدًا لك يا بعيد!
    ومع هذا كله فلسوف نتناول الآن بعضا من البشارات التى يكايدنا بها ذلك المتنطع: فمؤلف إنجيل متى يقول إن هناك نبوءة فى العهد القديم بأن مريم ستلد ولدا وتسميه: "عمانوئيل". لكن ذلك المؤلف نفسه قد نسى أنه قال قبل ذلك مباشرة، وعقب ذلك مباشرة أيضا، إن يوسف قد سماه: "يسوع" تحقيقا لهذه النبوءة. كيف؟ لا بد أن نرسو على بَرّ ونعرف: أهو عمانوئيل أم يسوع؟ إن هذا يذكّرنا بأغنية شادية التى تقول فيها إنها، من ارتباكها بسبب مشاغلة حبيبها لها، إذا طلب أبوها أن تُعِدّ له كوبا من القهوة فإنها تعد بدلا من ذلك كوبا من الشاى وتعطيه لأمها: "21وسَتَلِدُ اَبنا تُسمّيهِ يَسوعَ، لأنَّهُ يُخَلَّصُ شعْبَهُ مِنْ خَطاياهُمْ".22حَدَثَ هذا كُلُّه لِيَتِمَّ ما قالَ الرَّبٌّ بلِسانِ النَّبـيَّ: "23سَتحْبَلُ العَذْراءُ، فتَلِدُ اَبْنا يُدْعى "عِمّانوئيلَ"، أي الله مَعَنا. 24فلمَّا قامَ يوسفُ مِنَ النَّومِ، عَمِلَ بِما أمَرَهُ مَلاكُ الرَّبَّ. فَجاءَ باَمْرَأتِهِ إلى بَيتِه، 25ولكِنَّهُ ما عَرَفَها حتى ولَدَتِ اَبْنَها فَسَمّاهُ يَسوع"َ. وبالمناسبة فلم يحدث أن سمى أحد سيدنا عيسى عليه السلام فى يوم من الأيام: "عمانوئيل" رغم أن كثيرا من النصارى: صبيانًا وبناتٍ ممن ليسوا أبناءً أو بناتٍ لله يُسَمَّوْن: "عمانوئيل"! كما أن بقية النبوءة التى تنسب لإِشَعْيَا عن حَبَل العذراء وولادتها طفلا يسمَّى: "عمانوئيل" تقول: "زبدا وعسلا يأكل متى عرف أن يرفض الشر ويختار الخير، لأنه قبل أن يعرف الصبىُّ أن يرفض الشر ويختار الخير تُخْلَى الأرض التى أنت خاشٍ من مَلِكَيْها" (إشعيا/ 7/ 15- 16)، ولم يرد فى الأناجيل قط أنه، عليه السلام، قد أكل زبدا وعسلا، فهل نقول، بناء على هذا وطبقا لما جاء فى النبوءة، إنه لم يستطع أن يرفض الشر ويختار الخير؟ ثم إن الكلام هنا عن طفلٍ بشرى تماما، طفلٍ يجرى عليه ما يجرى على كل أطفال البشر، فهو لم ينزل من بطن أمه عارفا الخير والشر كما ينبغى لابن الإله أن يكون، وهذا إن كان من الممكن أو حتى من اللائق أن ينزل ابن الإله من بطن امرأة، بل عليه أن يمر بعدة مراحل حتى يكتسب موهبة التعرف إلى الخير والشر والتمييز بينهما. ولقد رجعت إلى كتاب "A New Commentary on Holy Scripture" (لندن/ 1929م) لأمحص معنى هذا الكلام، فوجدت محرريه: تشارلز جور وهنرى جاودج وألفرد جيوم يقولون إن إشعيا إنما كان يتنبأ بما سيحدث لبنى إسرائيل فى المستقبل القريب، وإن حَبَل العذراء ليس إلا إشارة إلى الآية التى سيقع عندها ما أَخْبَر به، إلا أن النصارى قد استغلوا تلك النبوءة فى الكلام عن ميلاد عيسى عليه السلام، وهو ما لا يوافق عليه اليهود أبدا. وقد ورد فى شرح المحررين المذكورين أن النبوءة تقول إن التى ستحبل وتلد طفلا يسمى عمانوئيل "damsel"، وليست "virgin"، التى تستعمل للعذراء مريم عليها السلام، وهو ما يعضده استخدام بعض الترجمات الفرنسية عندى لكلمة "la jeune fille"، وإن كنت وجدتها فى بعض الترجمات الفرنسية والإنجليزية الأخرى: "vierge, virgin: عذراء". وقد انقدح فى ذهنى عندئذ أن السبب فى هذا الاضطراب هو أن الكلمة الأصلية تعنى "damsel"، التى تعنى أيضا "غادة، آنسة، صبية"، وأن رغبة النصارى فى تحميلها المعنى الذى يريدون هى المسؤولة عن ترجمتهم لها بــ"عذراء". ومرة أخرى لم يكتف العبد لله بذلك، بل اتخذتُ خطوة أخرى فرجعت إلى مادة "Imanuel" فى "The International Standard Bible Encyclopedia" لأقرأ تحت هذا العنوان الجانبى: "The Sign of Immanuel" السطور التالية عن النبى إشعيا والعلامة الثانية التى عرضها على الملك أحاز كى يَثْنِيَه عن تحالفه مع مملكة آشور، هذا التحالف الذى رأى أنه يؤدى إلى التبعية لتلك الدولة: He then proceeds to give him a sign from God Himself, the sign of "Immanuel" (Isaiah 7:14). The interpretation of this sign is not clear, even apart from its New Testament application to Christ. The Hebrew word translated "virgin" in English Versions of the Bible means, more correctly, "bride," in the Old English sense of one who is about to become a wife, or is still a young wife. Psalms 68:25 English Versions of the Bible gives "damsels." Isaiah predicts that a young bride shall conceive and bear a son. The miracle of virgin-conception, therefore, is not implied. The use of the definite article before "virgin" (ha-`almah) does not of itself indicate that the prophet had any particular young woman in his mind, as the Hebrew idiom often uses the definite article indefinitely. The fact that two other children of the prophet, like Hosea s, bore prophetic and mysterious names, invites the conjecture that the bride referred to was his own wife. The hypothesis of some critics that a woman of the harem of Ahaz became the mother of Hezekiah, and that he was the Immanuel of the prophet s thought is not feasible. Hezekiah was at least 9 years of age when the prophecy was given (2 Kings 16:2). Immanuel, in the prophetic economy, evidently stands on the same level with Shear-jashub (Isaiah 7:3) as the embodiment of a great idea, to which Isaiah again appeals in Isaiah 8:8 (see ISAIAH, VII).
    وفيه، كما يرى القارئ، أن الكلمة المستخدمة فى الأصل معناها "عروس" أو "شابة على وشك الزواج" أو "زوجة جديدة"، وليس "عذراء"، وأن تفسير الآية المذكورة فى النبوءة ليس واضحا، وإنْ كان التفسير القائل بالحمل الإعجازىّ مستبعَدا رغم ذلك، فضلا عن أن هناك من يقول إن المقصود بالغادة هو زوجة إشعيا نفسه، ومن يقول إن المقصود بــ"عمانوئبل" ليس شخصا بل فكرة من الأفكار العظيمة!
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيإنتَبِهوا!فكثيراًمن الأمورالهامة البَعض يقع فيها بحُسن نيـِّة http://www.ebnmaryam.com/vb/t179459.html
    أى مُتنَصِر لا يساوى ثمن حذآئِهhttp://www.ebnmaryam.com/vb/t30078.html
    القساوسَة مَدعوون للإجابَة على الآتى
    http://www.ebnmaryam.com/vb/t179075.html
    مُغلَق للتَحديث

  7. #17
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,950
    آخر نشاط
    19-05-2011
    على الساعة
    12:24 AM

    افتراضي

    ومرة أخرى غير المرة الأخرى السابقة لا يكتفى العبد لله بهذا، بل أعود لــ"دائرة المعارف الكتابية" (مادة "عمانوئيل") فأجد الآتى: "عمانوئيل: كلمة عبرية معناها "الله معنا" أو بالحري "معنا الله". وهو اسم رمزي جاء في نبوة إشعياء لآحاز ملك يهوذا كعلامة على أن الله سينقذ يهوذا من أعدائها (إش 7: 14، 8 و 10). وقد جاء في إنجيل متى أنها كانت نبوة عن "الرب يسوع المسيح" (مت 1: 23). لقد نطق إشعياء بهذه النبوة في حوالي 753 ق. م في أثناء مأزق حرج كان فيه الملك آحاز، حيث تحالف ضده فقح بن رمليا ملك إسرائيل ورصين ملك أرام لأنهما أراداه أن ينضم إليهما في حلف ضد أشور القوة الصاعدة، لكنه فضَّل الوقوف إلى جانب أشور (انظر 2 مل 16: 5- 9، 2 أخ 28: 16- 21). ولكن إشعياء النبي أكد لآحاز أنه ليس في حاجة إلى أن يخشى رصين وفقح ولا إلى التحالف مع أشور، وقال له : "اطلب لنفسك آية" ليتأكد من صدق ما قاله النبي. ولكن آحاز، بدافع من عدم الإيمان، وتحت ستار التقوى الكاذبة، قال له: "لا أطلب ولا أجرِّب الرب". وعندئذ أعلن إشعياء أن السيد الرب نفسه سيعطيهم آية: "ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل"، وفي سنواته الباكرة ستنتهي الدولتان اللتان كان يخشاهما: أرام وإسرائيل. وهو ما تم على يد تغلث فلاسر الثالث ملك أشور الذي صعد إلى دمشق وفتحها وسبى أهلها وقتل رصين ملكها في 732 ق. م. وبعد ذلك بعشر سنوات حاصر شلمنأسر، ملك أشور، السامرة مدة ثلاث سنوات، وأخيرا سقطت في يد الأشوريين في 722 ق. م.
    وتتباين الآراء حول مَنْ هذا "الابن المدعوّ: عمانوئيل"، ومَنْ أمه التي توصف بأنها "عذراء" ("عُلْمة"...). ويرى كثيرون من حيث إنها كانت علامة لآحاز فلا بد أنها كانت تشير أولا إلى مرمى قريب يستطيع آحاز أن يميزه. وهناك أربعة آراء تدور حول هذا اللغز: 1-يرى بعض المفسرين أن كلمة "عُلْمة" (العذراء) لا تدل على واحدة بالذات، بل هي اسم جنس، فيكون "عمانوئيل" في هذه الحالة رمزا للجيل الجديد الذي ستتم النبوة في باكر أيامه. ولكن هذا التفسير لا يتفق مع ما جاء بالعهد الجديد، ويقطع الصلة بين هذه النبوة وسائر النبوات المتعلقة بالمسيا. 2-أنها نبوة تشير إلى إحدى امرأتين: إما امرأة إشعياء، أو امرأة آحاز. وفي الحالة الأولى يكون المقصود "بعمانوئيل" هو "مهير شلال حاش بز" (إش 8 : 1-4)، وأمه هي زوجة إشعياء الموصوفة بأنها "النبية" (إش 8 : 3)، التي كان إشعياء على وشك الاقتران بها، أي أنها كانت مازالت عذراء في وقت النطق بالنبوة. ويؤيدون هذا الرأي بأن أولاد إشعياء كانوا رموزا (انظر عب 2: 13 مع إش 8: 18). ويرى آخرون أن "العذراء" المقصودة هي إحدى زوجات آحاز، وأن الابن المقصود هو "حزقيا". ولكن هذا الرأي تعترضه صعوبات خطيرة، فحزقيا كان قد وُلد فعلا منذ نحو تسع سنوات قبل النطق بالنبوة (انظر 2 مل 2: 16،18:2)، بينما من الواضح أن النبوة لم تكن عن أمر قد حدث، بل عن أمر سيحدث. 3-أن النبوءة تشير إلى المستقبل البعيد، وبخاصة في ضوء ما جاء في إنجيل متى (1: 23) عن العذراء مريم وابنها يسوع الذي "يُدعى اسمه: عمانوئيل، الذي تفسيره الله معنا" لأنه كان هو الله الذي "ظهر في الجسد" (1 تى 3: 16)، والذي "فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا" (كو 2: 9). ومع أنه تفسير سليم بالنسبة لمرمى النبوة البعيد لكنه يتغاضى عن أن النبوءة كانت علامة لآحاز. (4) أن النبوءة مزدوجة المرمى كالكثير من نبوات العهد القديم، فعمانوئيل والعذراء رمزان، فالعذراء يرمز بها في المرمى القريب إلى امرأة إشعياء أو امرأة آحاز، وفي المرمى البعيد إلى العذراء مريم. و"عمانوئيل" يرمز في المرمى القريب إلى "مهيرشلال حاش بز" أو إلى "حزقيا"، أما في المرمى البعيد فإلى الرب يسوع.
    ولا شك في أن النبوة كانت في مرماها البعيد تتعلق بولادة الرب يسوع المسيح من مريم العذراء، وهو ما نراه بكل وضوح في إنجيل متى حيث نقرأ: "هذا كله كان ليتم ما قيل من الرب بالنبي القائل: "هو ذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه: عمانوئيل، الذي تفسيره الله معنا" (مت 1: 21- 23). وهو الذي يقول عنه إشعياء أيضا: "لأنه يولد لنا ولد، ونُعْطَى ابنا وتكون الرياسة على كتفه، ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا، أبا أبديا رئيس السلام " (إش 6: 9)، فهو وحده الذي يحق أن يقال عنه: "الله معنا"، ولم يكن مولده خلاصا من ضيقة وقتية، بل خلاصا أبديا من الخطية والموت". ومن هذه المادة يتضح الأمر كله، فالقوم يلوون عنق النص كى ينطق بما يريدون رغم أنه لا علاقة له بهذا الذى يريدون، وذلك على مبدإ: "عنزة ولو طارت".
    و لدينا كذلك نبوءة إشعياء، التى يقول النصارى إنها خاصة بعيسى عليه السلام وتثبت أنه هو الله أو ابن الها، وفاتهم أنه قد تكررت الإشارة فى سفر إشعياء إلى أن الكلام الذى يقولون إنه خاص بعيسى إنما تتعلق بـ"عبد" لله لا بابن لله ولا بالله نفسه. وهذا هو النص فى سياقه كاملا كما ورد فى السفر المذكور: "13هُوَذَا عَبْدِي يَعْقِلُ، يَتَعَالَى وَيَرْتَقِي وَيَتَسَامَى جِدًّا. 14كَمَا انْدَهَشَ مِنْكَ كَثِيرُونَ. كَانَ مَنْظَرُهُ كَذَا مُفْسَدًا أَكْثَرَ مِنَ الرَّجُلِ، وَصُورَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَنِي آدَمَ. 15هكَذَا يَنْضِحُ أُمَمًا كَثِيرِينَ. مِنْ أَجْلِهِ يَسُدُّ مُلُوكٌ أَفْوَاهَهُمْ، لأَنَّهُمْ قَدْ أَبْصَرُوا مَا لَمْ يُخْبَرُوا بِهِ، وَمَا لَمْ يَسْمَعُوهُ فَهِمُوهُ. 1مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا، وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟ 2نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْق مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ، لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. 3مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، هنا مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ. 4لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً. 5وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. 6كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. 7ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. 8مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ 9وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْمًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ. 10أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحَزَنِ. إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ، وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ. 11مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ، وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ، وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا. 12لِذلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ" (إشعيا/ 52/ 13- 15، و53/ 1- 11).
    فها هو ذا مؤلف سفر إشعياء يصف الشخص الذى تدور حوله النبوءة على لسان المولى سبحانه بأنه عبد لله لا ابن له. ولا ننس أنه لم يحدث مرة أن قال المسيح عليه السلام لأحد ممن تعامل معهم: "يا عبدى، أو يا عبادى"، بل إنه لم يسمهم حتى "عَبِيدًا" (وهى الكلمة التى تُسْتَخْدَم عادة لعبد الإنسان لا لعبد الله، الذى يُجْمَع عادة على "عِبَاد") بل سماهم: "أحبّاء": "لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيدًا، لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي" (يوحنا/ 15/ 15). أى أن المسيح، عليه السلام، من الناحيتين: الإيجابية والسلبية كلتيهما، هو عبدٌ لله كسائر عباد الله، وإنْ زاد عنهم بأنه كان رسولا نبيا. لكن قول مؤلف إشعياء عن ذلك العبد: "7ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. 8مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ 9وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ" هذا القول لا ينطبق على السيد المسيح صلى الله عليه وسلم، إذ إنه لم يكن صامتا بل كان يتكلم طوال الوقت مع تلامذته وأعدائه والمرضى المتعَبين، وهذا الكلام هو الذى ألَّب عليه المجرمين الفَسَقَة. حتى عندما وُضِع على الصليب حَسْب روايات مؤلفى الأناجيل لم يكفّ عن الكلام، بل كان يجيب على ما يوجَّه له من أسئلة وتهكمات. كما أخذ يصيح ويتألم وهو فى نزعه الأخير حسبما يزعمون. ثم إنه لم يُدْفَنْ مع أشرار، ولا مات مع أغنياء. ورواية الصَّلْب موجودة لكل من يريد، فليدلّنا القوم على خلاف ما نقول! وفوق ذلك كيف يقال إنه قد ظُلِم، وهو ابن الله أو الله ذاته؟ هل الآلهة يمكن أن تُظْلَم؟ أوليس أبوه هو الذى أرسله بنفسه لكى يموت هذه الميتة فداء للبشرية؟ فكيف يسمَّى هذا ظلما؟ الواقع أنه إذا قلنا إنه كان هناك ظلم فليس أمامنا إلا القول بأن الظالم هو مَن اختاره وأرسله، أستغفر الله، لا مَنْ أسلموه لقتلته ولا مَنْ صلبوه، لأن هؤلاء جميعا إنما كانوا الأدوات المنفذة للمشيئة الإلهية، التى إنما عملت ما عملت رحمة بالبشرية وتكفيرا لها عن ذنوبها كما يقولون! كذلك فالسيد المسيح لم يكن محتقَرا، معاذ الله! وإذا كان فمِنْ قِبَل المجرمين المنافقين من بنى إسرائيل فقط، وهؤلاء لا قيمة لهم عند الله، أما الذين يؤمنون به فيحبونه ويحترمونه. والأناجيل مملوءة بالكلام الطيب الذى كان أتباعه يغدقونه عليه. وفوق ذلك فإن قول إشعياء: "لكن أحزاننا حملها، وأوجاعنا تحمّلها" لا ينطبق على السيد المسيح بحال لأنه لم يحدث أنْ حمل أحزان أحد ولا تحمّل أوجاعه، بل كل ما هنالك أنه أذهب عن بعض المرضى (وليس عنا كلنا نحن البشر) الأحزان والأوجاع التى كانوا يقاسونها ولم يتحمل هو نفسه شيئا منها، وإلا فهل كان فى كل مرة يشفى فيها أحدا من مرضه كان يصاب هو بدلا منه بذلك المرض؟ هذا هو معنى العبارة، وهو ما لا ينطبق على المسيح بتاتا، بيد أن القوم فى تفكيرهم وتفسيرهم لكتابهم المقدس لا يجرون على أى منهج أو منطق، بل يقولون كل ما يعنّ لهم بغض النظر عما فيه من شطط عن المنطق والعقل! كذلك فإن الكلام يخلو تماما مما يعتقده النصارى فى السيد المسيح من أنه قام من الأموات وصعد إلى السماء! ثم إن نهاية النص تتحدث عن نسل له تطول أيامه، وليس للمسيح أى نسل، لسبب بسيط هو أنه لم يتزوج كما يعلم جميع الناس: "أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحَزَنِ. إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ، وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ".
    ولا بد من التنبيه إلى أن كثيرا من المفسرين اليهود يؤكدون أن المقصود فى هذه النبوءة هو النبى إرميا، وليس عيسى عليه السلام. أما الفريق الآخر منهم الذى يرى أن الكلام عن المسيح فإن المسيح عندهم ليس هو ابن مريم بل شخصا آخر لا يزالون فى انتظار مجيئه كما هو معروف (انظر "Matthew Henry Complete Commentary on the Whole Bible" فى التعليق على الفقرات 13- 15 من الإصحاح الثانى والخمسين من سفر إشعياء)، وهذا الشخص لن يكون واحدا من الأقانيم المعروفة لأنهم لا يعرفون التثليث النصرانى الذى هو، فى الواقع، نتاج الفكر المتأخر عن المسيح. وعلاوة على هذا نجد ألفرد جِيّوم فى "A New Commentary on Holy Scripture" (لندن/ 1929م/ 459) يؤكد أن هناك خلافا حادا حول حقيقة الشخص المومإ إليه هنا لم يهدأ أُوَارُه، وأن التفسير القديم الذى كان يرى أن المراد بتلك النبوءة هو السيد المسيح قد أخلى مكانه لحساب القول بأن المقصود هم بنو إسرائيل كلهم، وبخاصة أنه قد سبق فى سفر إشعياء استعمال لفظ "العبد" مرادا به بنو إسرائيل. كما أنه من غير المعقول أن يكون الكلام بهذا التفصيل عن شخص لن يظهر إلا بعد 500 عام تقريبا. ومن هذا يتبين لنا أن كلام المتنطع الدمشقى هو كلامٌ فِشِنْك.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيإنتَبِهوا!فكثيراًمن الأمورالهامة البَعض يقع فيها بحُسن نيـِّة http://www.ebnmaryam.com/vb/t179459.html
    أى مُتنَصِر لا يساوى ثمن حذآئِهhttp://www.ebnmaryam.com/vb/t30078.html
    القساوسَة مَدعوون للإجابَة على الآتى
    http://www.ebnmaryam.com/vb/t179075.html
    مُغلَق للتَحديث

  8. #18
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,950
    آخر نشاط
    19-05-2011
    على الساعة
    12:24 AM

    افتراضي

    إن المنهج الذى يريدنا ذلك المدلس أن نجرى عليه لَيُذَكِّرنى بطلاب هذه الأيام. إنهم لا يريدون أن يفكروا بأنفسهم لأنفسهم، بل تراهم إذا سألناهم عن رأيهم فى مسألة ما يردون بأن كل ما يريدونه منا هو أن نذكر لهم رأينا نحن، وهم يحفظونه ويعيدون كتابته فى ورقة الإجابة، وكان الله يحب المحسنين، إذ ما دمنا نعرف الإجابة الصحيحة فلماذا نُعْنِتهم ونرهق أذهانهم ونضيع وقتهم؟ وكأن وقتهم له أية قيمة. أما المنهج الذى نريده نحن من الناس فهو أن يبسطوا أمامهم الدعوة التى يأتيهم بها أى رسول أو مصلح ليروا فيها رأيهم محللين ممحصين مدققين مقارنين، ومجربين أيضا إذا أمكن. بهذا لا بغيره يكون اختبار الدعوات والنبوات لا بشهادات الآخرين. وهذا المنهج هو منهج القرآن، إذ دائما أبدا تجده يخاطب العقول ويعرض البراهين ويحث على التأمل والتفكير، وهو ما لا يحسنه المتنطع الكذوب المسمى بـ"يوحنا الدمشقى، فقد درج على حفظ ما يلقى إليه من دون تفكير أو عقل، شأن طلاب هذه الأيام النحسات.
    فإذا أردنا أن نقارن بناء على هذا بين الدين المنسوب لعيسى وبين الدين الذى أُوحِىَ إلى محمد، فماذا نجد؟ نجد أن الإسلام ليس مجرد عبادة أو مجموعة من الأخلاق بل شريعة كاملة تغطى كل جوانب الحياة وأنشطة الحضارة البشرية كما هو معلوم، أما دين عيسى فلا يعدو بعض الوعظيات المغرقة فى المثالية والتى لا تصلح لأى بناء اجتماعى أو حضارى على الإطلاق. ومن هنا نفهم تأكيد السيد المسيح بأن مملكته ليست من هذا العالم. والواقع أن ما نسبه إليه مؤلفو الأناجيل من مواعظ أخلاقية هى كلمات لا تسمن ولا تغنى من جوع، كما أن التصرفات المسندة له هناك من شأنها أن تقوض المجتمعات التى تحاول أن ترتكن إليها: فمثلا كيف يقوم مجتمع أو حضارة على نبذ العمل والمال تماما طبقا لما كان عيسى يأمر به أتباعه؟ أو كيف يقوم مجتمع أو حضارة على أساس التسليم للمجرمين لا بما يريدون فقط بل بأزيد مما كانوا يحلمون بحيث إذا هاجمك لص مثلا وأراد غَصْبك رداءك فعليك أن تتنازل له عن الإزار أيضا... إلى آخر ما نعرفه عن موعظة الجبل وما يشبهها فى الأناجيل من الكلام المنمَّق الجميل الذى لا يؤكّل عيشا؟
    أما محمد عليه الصلاة والسلام فقد أتى بتشريعات لم تغادر شيئا من شؤون الحياة إلا ونظمته وقنّنته على أحسن ما يكون التناغم مع فطرة البشر وأوضاع حياتهم وظروف مجتمعاتهم، جامعة بين المثالية العاقلة الكريمة والواقعية الطاهرة الحكيمة. ألم يبن دولة ناجحة فى المدينة استطاعت، فى غضون عدة عقود لا راحت ولا جاءت فى حساب التاريخ، أن تتحول إلى إمبراطورية اكتسحت معاقل الشرك والتثليث وعبادة النار والبقر والبشر؟ بلى. ثم إن معجزات السيد المسيح على جلالها أقل فائدة للعباد من هذه الإنجازات المحمدية بكل ما تشتمل عليه من تشريعات ونظم سياسية واجتماعية واقتصادية وعلمية وعسكرية وقانونية. ذلك أن الذى يعطى الجائع صنارة ويعلّمه كيف يصنع ما شاء من الصنانير، ثم يشرح له كيف يقوم بعملية الصيد ليسد جوعته ويدخر بعضا من السمك المصطاد ليبيعه لغيره مقابل شىء مما عند ذلك الغير لا يملك مثله هو، فيَطْعَم ويغتنى، ويُطْعِم ويُغْنِى بدوره مَنْ حوله، لأفضل ألف مرة من تزويد ذلك الجائع بأكلة سمك أو أكلتين، ثم يتركه بعد ذلك للجوع والضياع والبطالة والانقضاض على حقول الآخرين ليأكل منها دون إذن من أصحابها، وبخاصة أنه ليس عنده وقت لتلبية حاجات كل جائع، وأنه عاجلا أو آجلا مُغَادِره إلى الأبد ومُبْقِيه وجهًا لوجهٍ مع أمعائه الخاوية وزوجته وأطفاله الصارخين لا يعرفون كيف يتصرفون ولا كيف يواجهون هذا المأزق العسير!
    وبمستطاعنا أن ندير هذه المقارنة على ثلاثة محاور: الأول هو مدى توفير كل من الدينين للتشريعات التى تنظم أمور الحياة. والثانى هو القيم الحضارية التى يبشر بها كل من الدينين. والثالث هو عنصر الرجال الذين رباهم كل من الرسولين. ونبدأ بالتشريعات، ومعروف أن النصرانية تخلو تماما من أى شىء يتعلق بتنظيم المجتمع أو الدولة: سواء فى مجال السياسة والحكومة، أو الاقتصاد والعمل والإنتاج والصناعات والحرف والبيع والشراء والربا، أو العلاقات التى تربط أفراد الأسر والأقارب والجيران بعضهم ببعض، أو الحروب والمبادئ التى ينبغى الالتزام بها عند وقوعها. ذلك أن النصرانية ليست سوى طائفة من النصائح الأخلاقية المثالية التى تتأبى على التطبيق مهما كانت رغبة الشخص أو المجتمع فى ذلك لأنها تدابر الفطرة البشرية وتفترض فى الناس أنهم مجموعة من الملائكة الأطهار الأبرار، أو من ألواح الثلج، فهم لا يحسون ولا يغضبون ولا يتألمون ولا يقلقون على شىء ولا يرون له قيمة، ومن ثم لا يثورون ولا يتمردون على أية إهانة أو إذلال. وبطبيعة الحال فإن الناس ليسوا كذلك ولا يمكن أن يكونوا كذلك. ولهذا كان لا بد من تشريعات تنظم أمورهم فى مجالات الحياة المختلفة، وهو ما قام به الإسلام على خير وجه، وراعى فيه إقامة توازن عبقرى بين واقعية القوانين ومناسبتها للطبيعة الإنسانية مع العمل فى ذات الوقت على السموّ بتلك الطبيعة إلى أقصى ما يمكنها بلوغه من درجات الرقى والسموق رغم ذلك. وعلى هذا فمن الظلم وضع الإسلام موضع المقارنة مع النصرانية، إذ لا تستطيع هذه الديانة الأخيرة أن تصمد لحظة لتلك المقارنة. وينبغى هنا ألا ننسى ما قاله المسيح عليه الصلاة والسلام من أن مملكته ليست من هذا العالم، وهى كلمة قاطعة الدلالة على أن النصرانية، حتى دون تحريف، لا تصلح للحياة الدنيا، فكيف تصح مقارنتها بالإسلام، فضلا عن تفضيلها عليه؟ إن هذا كلام لا يدخل العقل! وهنا ننتقل إلى المحور الثانى فى المقارنة بين محمد والمسيح عليهما جميعا السلام، وهو محور القيم الحضارية.
    ومن المعروف أن الحضارة تقوم على عدة أسس هى العقيدة، والأخلاق، والقانون، والعلم، والذوق، والعمل. وليكن آخر شىء هنا، وهو العمل، هو أول ما نتناوله فى المقارنة بين الإسلام والنصرانية. وكان المسيح عليه السلام، طبقا لما يقوله كتّاب الأناجيل، ينظر إلى العمل على أنه عائق فى طريق دعوته.
    ولهذا كان يأمر كل من يدخل فى تلك الدعوة أن يترك وراء ظهره مهنته التى يأكل منها، وكذلك أسرته، ويتبعه: "17مِنْ ذلِكَ الزَّمَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَكْرِزُ وَيَقُولُ:«تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ».18وَإِذْ كَانَ يَسُوعُ مَاشِيًا عِنْدَ بَحْرِ الْجَلِيلِ أَبْصَرَ أَخَوَيْنِ: سِمْعَانَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ، وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ، فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ. 19فَقَالَ لَهُمَا:«هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا صَيَّادَيِ النَّاسِ». 20فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا الشِّبَاكَ وَتَبِعَاهُ. 21ثُمَّ اجْتَازَ مِنْ هُنَاكَ فَرَأَى أَخَوَيْنِ آخَرَيْنِ: يَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَاهُ، فِي السَّفِينَةِ مَعَ زَبْدِي أَبِيهِمَا يُصْلِحَانِ شِبَاكَهُمَا، فَدَعَاهُمَا. 22فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا السَّفِينَةَ وَأَبَاهُمَا وَتَبِعَاهُ" (متى/ 4)، "وَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ جُمُوعًا كَثِيرَةً حَوْلَهُ، أَمَرَ بِالذَّهَاب إِلَى الْعَبْرِ. 19فَتَقَدَّمَ كَاتِبٌ وَقَالَ لَهُ:«يَا مُعَلِّمُ، أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي». 20فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِب أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ». 21وَقَالَ لَهُ آخَرُ مِنْ تَلاَمِيذِهِ:«يَا سَيِّدُ، ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي». 22فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اتْبَعْنِي، وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ»" (متى/ 8)، "9وَفِيمَا يَسُوعُ مُجْتَازٌ مِنْ هُنَاكَ، رَأَى إِنْسَانًا جَالِسًا عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ، اسْمُهُ مَتَّى. فَقَالَ لَهُ:«اتْبَعْنِي». فَقَامَ وَتَبِعَهُ" (متى/ 9. وبالمناسبة فهذا النص الصغير يدل دلالة قاطعة على أن كاتب هذا الإنجيل ليس هو متى حوارى عيسى، فهو يتكلم عن متى نفسه بوصفه شخصا آخر، وهذا ظاهر من استعماله له ضمير الغائب لا المتكلم"، "24حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ:-
    «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي»" (متى/ 16).
    ويتصل بهذا تهوينه عليه السلام من شأن المال، مع أن المال فى أصله عنصر رئيسى من عناصر الحياة، إذ هو ترجمة الجهد المبذول فى العمل والإنتاج أو فيما يحتاج إليه الإنتاج كى يمكن إنجازه. ولا يمكن أن يُدَان المال ومالكوه، اللهم إلا إذا أتى من حرام، أو أُنْفِقَ فى حرام، أما إدانته والتنفير منه والدعوة إلى كراهيته كأنه شرٌّ فى ذاته كما كان المسيح يفعل طبقا لما يقول مؤلفو الأناجيل فهو ما لا يمكن الموافقة عليه، لأنه يهدم ركنا من أركان الحياة والعمران البشرى، وإلا فمن أين يأكل الناس ويشربون ويلبسون ويسكنون إذا أهملوا العمل وما يترتب على العمل من كسب ومال؟: "19«لاَ تَكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا عَلَى الأَرْضِ حَيْثُ يُفْسِدُ السُّوسُ وَالصَّدَأُ، وَحَيْثُ يَنْقُبُ السَّارِقُونَ وَيَسْرِقُونَ. 20بَلِ اكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا فِي السَّمَاءِ، حَيْثُ لاَ يُفْسِدُ سُوسٌ وَلاَ صَدَأٌ، وَحَيْثُ لاَ يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلاَ يَسْرِقُونَ، 21لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا. 22سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، 23وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظْلِمًا، فَإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَمًا فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ! 24«لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ. 25«لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ، وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ؟ 26اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟ 27وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟ 28وَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاسِ؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو! لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ. 29وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا. 30فَإِنْ كَانَ عُشْبُ الْحَقْلِ الَّذِي يُوجَدُ الْيَوْمَ وَيُطْرَحُ غَدًا فِي التَّنُّورِ، يُلْبِسُهُ اللهُ هكَذَا، أَفَلَيْسَ بِالْحَرِيِّ جِدًّا يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟ 31فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ؟ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ 32فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا. 33لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. 34فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ" (متى/6).
    ولقد يبدو أن ما يقوله المسيح هنا يشبه ما قاله الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام عندما أشار إلى أن الله سوف يرزقنا كما يرزق الطير. بيد أن هناك فرقا ضخما وخطيرا بين الكلامين، ألا وهو أن الرسول محمدا قد وضّح ماذا يقصد بالمقارنة بيننا وبين الطير، وهو ألا نركن إلى الكسل ونهمل العمل، بل علينا أن نطلب الرزق من مظانّه. وإذا كانت الطير تترك أعشاشها وتطير فى فضاء الله الوسيع سعيا وراء الحبة والدودة، وحينئذ تحصل على رزقها، فكذلك ينبغى أن نتحرك نحن أيضا ونجتهد ونتعب حتى نحصل على رزقنا. فالرزق لا يأتى دون تعب وعرق وكد وكدح. وهذا معنى ربطه صلى الله عليه وسلم بين الرزق وبين شرط التوكل على الله حقّ توكُّله: "لو توكلتم على الله حَقَّ توكُّله لرزقكم كما يرزق الطير: تغدو خِمَاصًا، وتروح بِطَانًا". وهذا ما لا نجده فى حديث السيد المسيح عليه السلام، بل فيه أن الله يرزق الطير دون مجهود من جانبها، وهذا غير صحيح كما يعرف جميع الناس.
    ولنتابع: "16وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ:«أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟» 17فَقَالَ لَهُ:«لِمَاذَا تَدْعُوني صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. وَلكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا». 18قَالَ لَهُ:«أَيَّةَ الْوَصَايَا؟» فَقَالَ يَسُوعُ:«لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. 19أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». 20قَالَ لَهُ الشَّابُّ: «هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي. فَمَاذَا يُعْوِزُني بَعْدُ؟» 21قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 22فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرَةٍ. 23فَقَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ:«الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ! 24وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنَّ مُرُورَ جَمَل مِنْ ثَقْب إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!». 25فَلَمَّا سَمِعَتَلاَمِيذُهُ بُهِتُوا جِدًّا قَائِلِينَ:«إِذًا مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟» 26فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ:«هذَا عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ عِنْدَ اللهِ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ. 27فَأَجَابَ بُطْرُسُ حِينَئِذٍ وَقَالَ لَهُ:«هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ. فَمَاذَا يَكُونُ لَنَا؟» 28فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي، فِي التَّجْدِيدِ، مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ. 29وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولاً مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. 30وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ، وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ»" (متى/ 19. ولو قيل إن الغِنَى إذا كان من حرام أو يدفع إلى حرام أو يشغل صاحبه عن طاعة الله ويغريه بالإثم فإنه يشكل عندئذ عقبة تمنع صاحبه من دخول ملكوت السماوات، فلا خلاف على هذا القول. أما التنفير من المال مطلقا فلا أدرى كيف يكون!).
    ولذلك كان من ثمرة هذا الموقف المبدئى من السيد المسيح أنه وتلاميذه كانوا يعتمدون فى مطعمهم وملبسهم ومركبهم على ما يجود به عليهم الآخرون، أو على ما يقابلهم فى طريقهم من حقول أو حظائر يهجمون عليها دون إذن من أصحابها، أو على معجزات السيد المسيح الطعامية. وإذا لم تأت المعجزة بالثمرة المطلوبة لَعَنَ التينة المسكينة التى لم تستجب له لأن الأوان ليس أوان تين، وليس لها ذنب فى ذلك. وليس على تلك الأسس تقوم المجتمعات البشرية، بل على العمل والجِدّ والإنتاج وامتهان الحرف والصنائع المختلفة، وإلا انقرض المجتمع وضاع: "5هؤُلاَءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً:«إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ. 7وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ. 8اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّانًا أَخَذْتُمْ، مَجَّانًا أَعْطُوا. 9لاَ تَقْتَنُوا ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً وَلاَ نُحَاسًا فِي مَنَاطِقِكُمْ، 10وَلاَ مِزْوَدًا لِلطَّرِيقِ وَلاَ ثَوْبَيْن وَلاَ أَحْذِيَةً وَلاَ عَصًا، لأَنَّ الْفَاعِلَ مُسْتَحِقٌّ طَعَامَهُ" (متى/ 10)، "1فِي دلِكَ الْوَقْتِ ذَهَبَ يَسُوعُ فِي السَّبْتِ بَيْنَ الزُّرُوعِ، فَجَاعَ تَلاَمِيذُهُ وَابْتَدَأُوا يَقْطِفُونَ سَنَابِلَ وَيَأْكُلُونَ. 2فَالْفَرِّيسِيُّونَ لَمَّا نَظَرُوا قَالُوا لَهُ:«هُوَذَا تَلاَمِيذُكَ يَفْعَلُونَ مَا لاَ يَحِلُّ فِعْلُهُ فِي السَّبْتِ!» 3فَقَالَ لَهُمْ:«أَمَا قَرَأْتُمْ مَا فَعَلَهُ دَاوُدُ حِينَ جَاعَ هُوَ وَالَّذِينَ مَعَهُ؟ 4كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ وَأَكَلَ خُبْزَ التَّقْدِمَةِ الَّذِي لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ لَهُ وَلاَ لِلَّذِينَ مَعَهُ، بَلْ لِلْكَهَنَةِ فَقَطْ. 5أَوَ مَا قَرَأْتُمْ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ الْكَهَنَةَ فِي السَّبْتِ فِي الْهَيْكَلِ يُدَنِّسُونَ السَّبْتَ وَهُمْ أَبْرِيَاءُ؟ 6وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ ههُنَا أَعْظَمَ مِنَ الْهَيْكَلِ! 7فَلَوْ عَلِمْتُمْ مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، لَمَا حَكَمْتُمْ عَلَى الأَبْرِيَاءِ! 8فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا»" (متى/ 12. والطريف أن كاتب الإنجيل يعرض المسألة على أنها انتهاك لحرمة السبت، وينسى أو يتناسى انتهاك حرمة الحقل فى غياب صاحبه والأكل منه دون إذنه)، "14فَلَمَّا خَرَجَ يَسُوعُ أَبْصَرَ جَمْعًا كَثِيرًا فَتَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ وَشَفَى مَرْضَاهُمْ. 15وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ:«الْمَوْضِعُ خَلاَءٌ وَالْوَقْتُ قَدْ مَضَى. اِصْرِفِ الْجُمُوعَ لِكَيْ يَمْضُوا إِلَى الْقُرَى وَيَبْتَاعُوا لَهُمْ طَعَامًا». 16فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«لاَ حَاجَةَ لَهُمْ أَنْ يَمْضُوا. أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا». 17فَقَالُوا لَهُ:«لَيْسَ عِنْدَنَا ههُنَا إِلاَّ خَمْسَةُ أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَانِ». 18فَقَالَ:«ائْتُوني بِهَا إِلَى هُنَا». 19فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الْعُشْبِ. ثُمَّ أَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ، وَالتَّلاَمِيذُ لِلْجُمُوعِ. 20فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا مَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مَمْلُوءةً. 21وَالآ كِلُونَ كَانُوا نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفِ رَجُل، مَا عَدَا النِّسَاءَ وَالأَوْلاَدَ" (متى/ 14)، "32وَأَمَّا يَسُوعُ فَدَعَا تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ:«إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ، لأَنَّ الآنَ لَهُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَمْكُثُونَ مَعِي وَلَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. وَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أَصْرِفَهُمْ صَائِمِينَ لِئَلاَّ يُخَوِّرُوا فِي الطَّرِيقِ» 33فَقَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ:«مِنْ أَيْنَ لَنَا فِي الْبَرِّيَّةِ خُبْزٌ بِهذَا الْمِقْدَارِ، حَتَّى يُشْبِعَ جَمْعًا هذَا عَدَدُهُ؟» 34فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«كَمْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْخُبْزِ؟» فَقَالُوا:«سَبْعَةٌ وَقَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ السَّمَكِ». 35فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الأَرْضِ، 36وَأَخَذَ السَّبْعَ خُبْزَاتٍ وَالسَّمَكَ، وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ، وَالتَّلاَمِيذُ أَعْطَوُا الْجَمْعَ. 37فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا مَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ سَبْعَةَ سِلاَل مَمْلُوءَةٍ، 38وَالآكِلُونَ كَانُوا أَرْبَعَةَ آلاَفِ رَجُل مَا عَدَا النِّسَاءَ وَالأَوْلاَدَ" (متى/ 15)، "1وَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ فَاجِي عِنْدَ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، حِينَئِذٍ أَرْسَلَ يَسُوعُ تِلْمِيذَيْنِ 2قَائِلاً لَهُمَا:«اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَانًا مَرْبُوطَةً وَجَحْشًا مَعَهَا، فَحُّلاَهُمَا وَأْتِيَاني بِهِمَا. 3وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ شَيْئًا، فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُمَا»" (متى/ 21)، "18وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ، 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ، وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا:«لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ" (متى/ 21)، "17وَفِي أَوَّلِ أَيَّامِ الْفَطِيرِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ لَهُ:«أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُعِدَّ لَكَ لِتَأْكُلَ الْفِصْحَ؟» 18فَقَالَ:«اذْهَبُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، إِلَى فُلاَنٍ وَقُولُوا لَهُ: الْمُعَلِّمُ يَقُولُ: إِنَّ وَقْتِي قَرِيبٌ. عِنْدَكَ أَصْنَعُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي». 19فَفَعَلَ التَّلاَمِيذُ كَمَا أَمَرَهُمْ يَسُوعُ وَأَعَدُّوا الْفِصْحَ" (متى/ 26).
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيإنتَبِهوا!فكثيراًمن الأمورالهامة البَعض يقع فيها بحُسن نيـِّة http://www.ebnmaryam.com/vb/t179459.html
    أى مُتنَصِر لا يساوى ثمن حذآئِهhttp://www.ebnmaryam.com/vb/t30078.html
    القساوسَة مَدعوون للإجابَة على الآتى
    http://www.ebnmaryam.com/vb/t179075.html
    مُغلَق للتَحديث

  9. #19
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,950
    آخر نشاط
    19-05-2011
    على الساعة
    12:24 AM

    افتراضي

    هذا ما تقوله الأناجيل فى موضوع العمل والمال. وهو، كما نرى، لا يصلح للمجتمعات البشرية، فإن المسيح لن يبقى على الأرض طول الحياة حتى يوالى الناس بما يحتاجون. كما أنه لن يظل يصنع معجزات، والدليل على ذلك قصة الحقل وقصة التينة وقصة عيد الفصح. ولن يستفيد من معجزاته إلا من حوله حسبما شاهدنا. ليس هناك إذن سوى سبيل واحد هو العمل والإنتاج والاعتماد على النفس والتعاون وتوزيع الاختصاصات، كل شخص فيما يحسن ويتقن. وهذا ما يقوله الإسلام: لقد تكرر فى القرآن الشريف مراتٍ بعد مراتٍ، عقب الإيمان مباشرةً، الأمرُ بالأعمال الصالحات، وهى تشمل كل شىء تحتاجه الحياة الإنسانية كى تتحرك وتستمر، وأوجب العمل على المسلمين: "وقُلِ: اعملوا، فسَيَرَى اللهُ عملَكم ورسولُه والمؤمنون". وفى أحاديث الرسول ما يدل على أنه لا بد من العمل واتخاذ كل إنسان مهنة يزاولها ويعيش منها مُعِينًا إخوانه فى المجتمع والإنسانية ومستعينًا بهم، وأن المال خيرٌ ما كان من حلال وما أُنْفِق فى حلال وأُدِّىَ فيه حق الله والآخرين، وأن العمل واجب حتى آخر نَفَس فى حياة الإنسان، بل حتى آخر لحظة فى عمر الدنيا، وأن العبادة لا ينبغى أن تعطل الإنسان عن عمله ولا أن تجور عليه، وربما قُدِّم فى بعض الظروف عليها، وأن المهن كلها محترمة، وأنه لا يكفى أن يؤدى الإنسان العمل، بل لابد من إتقانه على الوجه المطلوب. باختصار ليس فى الدنيا ما يعاب على من يستمتع بطيباتها ما دام يراعى ربه فيها. فالإسلام لا يدابر الحياة ولا يتجهم لها، بل يأخذ بيدها ويتعاون معها على خير البشرية. يقول الرسول الكريم: "من بات كالاًّ من عمل يده بات مغفورا له"، "ألا أخبركم بخير الناس؟ رجل ممسك بعِنَان فرسه في سبيل الله. ألا أخبركم بالذي يتلوه؟ رجل معتزِل في غُنَيْمَةٍ له يؤدي حق الله فيها"، "المؤمن القوى خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفى كلٍّ خير"، "خير الصدقة ما كان عن ظَهْرِ غِنًى. وابدأ بمن تَعُول"، "دينارٌ أنفقتَه في سبيل الله، ودينارٌ أنفقتَه في رقبة، ودينارٌ تصدقتَ به على مسكين، ودينارٌ أنفقتَه على أهلك: أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك"، "نِعْمَ المال الصالح للمرء الصالح"، "من أحيا أرضا ميتة فهي له"، "من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه. فإن أبي فليمسك أرضه"، "لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه المهاجرون فقالوا: يا رسول الله، ما رأينا قوما أبذل من كثير ولا أحسن مواساة من قليل من قوم نزلنا بين أظهُرهم. لقد كَفَوْنا المؤونة وأشركونا في المهنأ حتى لقد خفنا أن يذهبوا بالأجر كله. فقال: لا، ما دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم".
    و"عن السائب بن أبي السائب أنه كان يشارك رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قبل الإسلام في التجارة. فلما كان يوم الفتح جاءه، فقال النبي ‏صلى الله عليه وسلم: مرحبا بأخي وشريكي! كان لا ‏‏يداري ولا يماري! يا سائب، ‏قد كنت تعمل أعمالا في الجاهلية لا تُقْبَل منك، وهي اليوم تُقْبَل منك. وكان ذا ‏سَلَفٍ وصِلَة"، "‏ما بعث الله نبيا إلا راعِيَ غنم. قال له أصحابه: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا. كنت أرعاها لأهل ‏ ‏مكة ‏بالقراريط"، "الخيل لثلاثة: لرجلٍ أجرٌ، ولرجلٍ سترٌ، وعلى رجلٍ وِزْرٌ: فأما الذي له أجر فرجُلٌ ربَطها في سبيل الله فأطال لها في مَرْجٍ أو روضة، فما أصابت في طِيَلها ذلك في المرج والروضة كان له حسنات. ولو أنها قطعت طِيَلها فاستنَّتْ شرفا أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسنات له. ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقي به كان ذلك حسنات له. فهي لذلك الرجل أجر. ورجلٌ ربطها تغنيًّا وتعففًا، ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها، فهي له ستر. ورجلٌ ربطها فخرًا ونِوَاءً، فهي على ذلك وزر"، "على كل مسلم صدقة. قالوا: فإن لم يجد؟ قال: فيعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق. قالوا: فإن لم يستطع أو لم يفعل؟ قال: فيعين ذا الحاجة الملهوف. قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: فليأمر بالخير، أو قال: بالمعروف. قال: فإن لم يفعل؟ قال: فليمسك عن الشر، فإنه له صدقة"، "ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده. وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده"، "عن سعد بن أبى وقاص: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: إني قد بلغ بي من الوجع، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة، أفاتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا. قلت: بالشطر؟ فقال: لا. ثم قال: الثلث، والثلث كبير، أو كثير. إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس"، "أفضل الصدقة ما ترك غِنًى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول"، "عن أبي هريرة قال: إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة. ولولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا. ثم يتلو: "إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات... إلى قوله: الرحيم". إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصَّفْق بالأسواق، وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشبع بطنه، ويحضر ما لا يحضرون، ويحفظ ما لا يحفظون"، "كان (معاذ بن جبل رضي الله عنه) يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يأتي قومه فيصلي بهم الصلاة، فقرأ بهم "البقرة"... فتجوَّز رجل فصلى صلاة خفيفة، فبلغ ذلك معاذا فقال: إنه منافق. فبلغ ذلك الرجل، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنا قوم نعمل بأيدينا، ونسقي بنواضحنا، وإن معاذا صلى بنا البارحة، فقرأ "البقرة"، فتجوزتُ، فزعم أني منافق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا معاذ ، أفَتَّانٌ أنت؟ (ثلاثًا). اقرأ: "والشمس وضحاها" و"سبح اسم ربك الأعلى" ونحوها.
    و"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فصام بعضٌ، وأفطر بعضٌ، فتحزّم المفطرون وعملوا، وضَعُف الصُّوّام عن بعض العمل. قال: فقال في ذلك: ذهب المفطرون اليوم بالأجر"، "‏لأن ‏ ‏يغدو ‏ ‏أحدكم فيحطب على ظهره فيتصدق به ويستغني به من الناس خير له من أن يسأل رجلا أعطاه أو منعه ذلك، فإن ‏ ‏اليد العليا ‏ ‏أفضل من ‏ ‏اليد السفلى، ‏وابدأ بمن ‏ ‏تعول"، "‏جاء الفقراء إلى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏فقالوا: ذهب أهل ‏الدُّثُور ‏من الأموال بالدرجات العُلاَ والنعيم المقيم: يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون! قال: ‏ألا أحدثكم إن أخذتم أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم، وكنتم خير من أنتم بين ‏ظهراَنيْه ‏إلا من عمل مثله؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين"، "‏ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة"، "من بات كالاًّ من عمله بات مغفورا له"، "‏إن قامت على أحدكم القيامة وفي يده‏ فسلة فليغرسها"، "عن سلمان (وكان عبدا مملوكا لبعض أهل المدينة، فأراد أن يتحرر من رِقّه، فكاتَبَهم على أن يغرس لهم شجرا بحيث إذا نجح الشجر أعتقوه) ‏قال: فأتيت النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏فذكرت ذلك له قال: ‏اغرس واشترط لهم. فإذا أردت أن تغرس ‏‏فآذِنّي. قال: فآذَنْتُه. قال: فجاء فجعل يغرس بيده إلا واحدة غرستها بيدي، فعَلِقْن إلا الواحدة"، "الدنيا خضرة حلوة... فمن أخذها بحقها بورك له فيها. ومن أخذها بغير حقها لم يبارَك له، وكان كالذي يأكل ولا يشبع"، "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خيرٌ. احرص على ما ينفعك واستعن بالله، ولا تعجز"، "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"... إلخ.
    كما نظّم الإسلام الصدقات ولم يتركها لمزاج المسلم: إن شاء أداها، وإن شاء لم يؤدها، وإن شاء أخرج كثيرا، وإن شاء أخرج قليلا، وإن شاء استمر فى تأديتها، و إن شاء توقف، بل قنّنها وجعلها حقا للفقير لا بد من إخراجه، وجعل لها موظفين يقومون على جمعها وتوزيعها. أى أنه أتبع المبدأ بتطبيقه ولم يتركه كلاما فى الهواء. وتمثِّل النسبة التى يخرجها المسلم القادر من ماله فى مجال الصدقات مقدارا معقولا يكفى للقضاء على الفقر، ولا يسلب الأغنياء كل ثروتهم بل يترك لهم الكثير. والمقصود بالفقر هنا الفقر الناشىء من عجز صاحبه عن الكسب أو من اختلال الأحوال الاجتماعية والاقتصادية لا الفقر الناتج عن الكسل والبلادة وقلة الكرامة والطمع فيما فى أيدى الآخرين دون وجه حق. ولأن الزكاة نظام مقنن فى الإسلام فقد استمر حتى عصرنا هذا الذى لم تعد الحكومات الإسلامية فيه تهتم بتطبيقه، إذ لا يزال كثير من المسلمين يخرجون حق المحتاجين فى أموالهم طيبةً به نفوسهم راجين قبول الله له وإثابتهم عليه.
    هذا عن العمل، والآن إلى بعض ما جاء به الإسلام عن العلم وفضله ومكانة أهله عند الله: ففى القرآن نقرأ مثلا الآيات المتلألئة التالية: "وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا" (طه/ 114)، "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ" (الزمر/ 9)، "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" (المجادلة/ 11)، "شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (آل عمران/ 18)، "نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" (الأنعام/ 143)، "قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ" (الأنعام/ 148)، "وَإِنَّهُ (أى يوسف) لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ" (يوسف/ 68)، "نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ" (يوسف/ 76).

    أما الأحاديث المحمدية فها هى ذى بعض دُرَرِها: "من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة. وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم،. وإن العالم يستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء. وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب.
    وإن العلماء ورثة الأنبياء. وإن الأنبياء لم يورّثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر"، "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم...
    إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض، حتى النملة في جحرها وحتى الحوت، ليصلّون على معلِّم الناس الخير"، "فقيهٌ واحدٌ أشدّ على الشيطان من ألف عابد"،
    "من سُئِل عن عِلْمٍ عَلِمه ثم كتمه أُلْجِم يوم القيامة بلجام من نار"، "نضَّر الله عبدا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها. فرُبَّ حاملِ فقهٍ غيرُ فقيه، ورُبَّ حاملِ فقهٍ إلى من هو أفقه منه"، "من جاءه الموت وهو يطلب العلم ليُحْيِيَ به الإسلام فبينه وبين النبيين درجة واحدة في الجنة"، "من طلب العلم فأدركه كان له كِفْلان من الأجر، فإن لم يدركه كان له كِفْلٌ من الأجر"، "إن مما يَلْحَق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته عِلْمًا
    علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، ومصحفا ورّثه أو مسجدا بناه أو بيتا لابن
    السبيل بناه أو نهرا أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه
    من بعد موته"، و"عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    هل تدرون من أجود جودا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: الله تعالى أجود جودا
    ، ثم أنا أجود بني آدم، وأجودهم من بعدي رجلٌ علَّم علما فنشره، يأتي يوم
    القيامة أميرا وحده. أو قال: أمة وحده"، "إن من أشر الناس عند الله
    منزلة يوم القيامة عالم لا يُنْتَفَع بعلمه"،

    "مَثَل علم لا ينتفع به كمَثَل كنز لا يُنْفَق منه في سبيل الله"،

    "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنْتَفَع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له"،
    "من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل الله له طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغَشِيَتْهم الرحمة وحَفَّتْهم الملائكة وذكَرهم الله فيمن عنده"،

    "إذا اجتهد (المؤمن) فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر".
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيإنتَبِهوا!فكثيراًمن الأمورالهامة البَعض يقع فيها بحُسن نيـِّة http://www.ebnmaryam.com/vb/t179459.html
    أى مُتنَصِر لا يساوى ثمن حذآئِهhttp://www.ebnmaryam.com/vb/t30078.html
    القساوسَة مَدعوون للإجابَة على الآتى
    http://www.ebnmaryam.com/vb/t179075.html
    مُغلَق للتَحديث

  10. #20
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,950
    آخر نشاط
    19-05-2011
    على الساعة
    12:24 AM

    افتراضي

    ومن هذه الجواهر يتبين لنا قيمة العلم ومدى اهتمام الإسلام بل اعتزازه به وحضه عليه وتشجيعه من يسعى لتحصيله. ويكفى أنه هو الشىء الوحيد الذى أمر الله رسوله عليه السلام أن يستزيد منه، وأنه هو الشىء الوحيد أيضا الذى لم يورِّث الأنبياء شيئا آخر سواه، وأن فضل العالم على سائر الناس، بما فيهم العابد، هو فضلٌ جِدُّ كبير، وأن المجتهد مأجور حتى لو أخطأ، وهو ما لا مثيل له ولا قريب منه فى أى مذهب أو فلسفة أو نظام أو دين آخر، بل أقصى ما يطمع فيه المخطئ فى هذه الحالة هو أن تخفف عنه العقوبة، أما أن يُعْفَى منها تماما فهذا حلم صعب المنال. لكنْ أن يُؤْجَر رغم خطئه فهذه هى عبقرية دين محمد عليه الصلاة والسلام. وليس فى النصرانية واحد على المليون من كل ذلك، والعهد الجديد متاح لمن يريد التحقق من هذا الذى نقول، فليقلِّبْه براحته وعلى أقلّ من مهله، وأنا زعيم أنه لن يعثر على شىء من ذلك بتاتا، بل سيخرج بانطباعٍ مؤدّاه أن العلم بالنسبة للنصرانية هو شىء لا وجود له على الإطلاق، وكأننا حين نتحدث عن العلم فإنما نتحدث عن العنقاء! ترى كيف يمكن أن تقوم حضارة دون علم؟ لكن ينبغى ألا ننسى ما هو منسوب للمسيح عليه السلام من قوله إن مملكته ليست من هذا العالم! وهذا هو محور الاختلاف بين الإسلام والنصرانية: الإسلام هو دين الحضارة والحياة والحيوية والتقدم. والنصرانية، على العكس من ذلك، تعطى ظهرها للحياة وترتدى ثياب الرهبان وتستقبل الموت والسكون، ولا تهش لحركة العقل وتوثّب الحضارة!
    أما فى الجانب الخلقى فيردد النصارى أن المسيح عليه السلام قد أتى بشريعة التسامح. يقصدون قوله: "أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم... إلخ"، لكننا سبق أن قلنا وكررنا القول إن هذه المبادئ الخلقية لا تصلح للمجتمعات البشرية، وإلا تحوّل الأمر فيها إلى كارثة إ ترى ماذا يريد المجرمون والظلمة أحسن من ذلك الكلام الذى لن يجنى منه أصحاب الحق والمظلومون سوى الألم والهوان والضياع، مما ينشر الاضطراب فى المجتمع كله ويأخذه إلى الهاوية والانهيار؟ إننا قد نفهم أن يلجأ الإنسان إلى التسامح فى بعض الظروف، وبخاصة إذا كان أقوى ممن أساء إليه أو كان عاجزا عن أخذ حقه أو وجد أن نيله هذا الحق سوف يؤدى إلى ضرر أفدح من ضرر الصبر والتغاضى. أما أن يتحول التسامح والإغضاء إلى سياسة دائمة فهو البوار والانتحار الاجتماعى والسياسى. لنأخذ مثلا ما فعله الغرب فينا حين جلب اليهود من كل أرجاء المسكونة وأقام لهم برغم أنوفنا نحن العرب دولة على أرض فلسطين وشرد معظم أهل البلاد فى الآفاق وانتهج مع الباقين سياسة التقتيل والترويع والاعتقال وهدم البيوت والحصار وتقييد الحريات والتنكيل والتحقير والتشنيع عليهم بأنهم هم المعتدون والإرهابيون، وأن الصهاينة قوم مساكين لا يبغون أكثر من أن يأخذوا بلاد الفلسطينيين ويقتلوهم ويستعملوا الباقين خدما يلعقون أحذيتهم صباح مساء دون أن يقابل ذلك من جانب اليهود حمد أو شعور بالجميل... إلى آخر ما يعرفه كل أحد عن طريقة التعامل الصهيونى والغربى مع الفلسطينيين المظاليم. فبالله عليكم ماذا يريد الصهاينة أفضل من نصح الفلسطينيين بالسكوت على ما حدث لهم، مع شَفْعه بتقديم بناتهم وزوجاتهم وأمهاتهم للمحتلين اليهود ليفسقوا بهن جريا على سياسة: من صفعك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر، ومن اغتصبك رداءك فاترك له الإزار أيضا، ومن سخَّرك ميلا فسَخِّرْ نفسك له ميلين، وأعطه كل ما معك فوق البيعة واستسمحه أن يخفف عن نفسه الملل بصفعك على قفاك ولكمك فى وجهك وتحطيم أنفك وأسنانك وركلك فى أردافك والبصق فى وجهك وإمطارك بالشتائم المعتبَرة المنتقاة حتى تُدْخِل البهجة على نفسه وتتركه وأنت مطمئن أنه قد استوفى رغبته المريضة فى إيذائك واشتفى من الأُكَال الذى يعذّبه والذى لا يهدّئه إلا إيذاء الآخرين من العرب والمسلمين؟
    وفوق ذلك فإنه لا يوجد ولم يوجد ولن يوجد فى يوم من الأيام مجتمع بشرى يقوم على التسامح المطلق، وإلا فلنلغ الشرطة والقوانين والمحاكم والحكومات ونعيش كما يعيش الناس فى الحدوتة التى كنت أسمعها وأنا طفل صغير والتى تقول إنه كان هناك أيام زمان بلاد لا يتعامل الناس فيها بالفلوس، بل كل من أراد شيئا فما عليه إلا أن يذهب إلى التاجر أو الصانع أو الزارع الذى عنده ذلك الشىء ويقول له: أعطنى كذا وكذا مما عندك "بالصلاة على النبى"، فيعطيه ما يريد ويذهب هو بما أخذ دون أن يكلف نفسه أن يقول: "شكرا". فهل هذا معقول؟ إننا إنما نعيش فى دنيا الواقع والحقائق لا فى دنيا الحواديت، فلنأخذ بالنا حتى لا يضحك علينا الناس! ثم إنه إذا كان عيسى عليه السلام قد دعا إلى التسامح على هذا النحو فإنه، كما وضحنا من قبل ونكرره الآن، كان أول من خرج على ذلك الكلام ولم يلتزم به قط، وإلا فمن الذى كان يلعن بنى إسرائيل لا يكف لسانه عنهم أبدا ويصفهم بــ"المرائين" و"قتلة الأنبياء وراجمى المرسلين" و"أولاد الأفاعى" و"خراف بنى إسرائيل الضالة" و"فاعلى الإثم" و"الشعب الصُّلْب الرقبة" و"الجيل الشرير" و"لصوص المغارة"؟ أليس هو عيسى عليه السلام حسبما نقرأ فى الأناجيل فى كل مناسبة وفى كل غير مناسبة حتى إننا لنظن أنه لم يكن يعرف هدوء الأعصاب، ولا لسانُه التوقفَ والسكينةَ، وأن الداعى إلى التسامح شخص آخر غيره، بل شخص يعاديه ويجرى على نقيض سنّته. بل إنه لم يُعْفِ تلامذته أنفسهم من سوط لسانه، إذ اتهمهم بقلة الإيمان أكثر من مرة، وبالذات بطرس الذى تكرر إفراده له بذلك الاتهام. أما أمه فلا أذكر أنه وجه لها كلمة طيبة قط طوال وجوده على الأرض، بل كان خشنا فظا معها حتى إنه ذات مرة رد على من نبهوه إلى أنها تنتظره هى وإخوته خارج البيت الذى كان فيه، قائلا إن أمه وإخوته الحقيقيين هم من يؤمنون برسالته. فما معنى هذا؟ وهذا كله موجود فى الأناجيل. وحتى لو صدقنا أنه كان يتسامح فعلا كما كان يأمر غيره أن يفعل، فإن مدة التسامح والصبر لم تتجاوز ثلاثة أعوام، ثم ترك الدنيا ومضى إلى ربه.
    أما محمد فإنه قد جرى على خطة الصبر والغفران لا أعواما ثلاثة فحسب، بل ثلاثة عشر عاما قبل أن يؤذَن له بالقتال بعدما كانت كل فرص الصبر والعفو والتغاضى قد نَفِدَتْ كلها ولم تأت بنتيجة. ولا شك أن لكل شىء فى دنيانا هذه من نهاية! فحبال الصبر لا يمكن أن تمتد إلى الأبد إلا إذا كنا نعيش فى غير دنيا البشر! ثم هاتوا لى إنسانا واحدا أضربه على خده الأيمن فيدير لى خده الأيسر، وألعنه فيباركنى حسبما توصى الأناجيل! هذا أمر مستحيلٌ استحالةَ طلوع الشمس من مغربها، وتلك الاستحالة أمر طبيعى تماما، فهكذا طُبِع الناس منذ الأزل حتى الأبد. كما أن الحياة لا تستقيم بالتسامح المطلق الدائم، "ولولا دَفْعُ اللهِ الناسَ بعضَهم ببعضٍ لفسدت الأرض" كما جاء فى القرآن المجيد، إذ لا يَفُلّ الحديدَ إلا الحديد! والبشر كلهم يعرفون ذلك أكثر مما يعرفون أبناءهم، وإن فريقا من المخادعين ليكتمون الحقيقة عامدين متعمدين. والمسيح عليه السلام هو نفسه القائل إنه ما جاء ليُلْقِىَ سلاما بل سيفا، وإنه سيكون سببا فى انقسام البيت الواحد على نفسه، بما يدل أقوى دلالة وأجلاها على أن خطة التسامح لا يمكن أن تكون مطلقة مفتحة الأبواب على الدوام، وأن الاصطدام قادم قادم مع استمرار العنت والاضطهاد والعدوان من جانب الخصوم، وإلا فالعفاء على كل شىء وكل أحد! ومن ناحية أخرى فقد سمعنا الرسول الكريم يدعو لقومه فى عز اضطهادهم له ولأتباعه قائلا: رب، اغفر لقومى، فإنهم لا يعلمون!
    إن القرآن لا يأمر أتباعه بإدارة الخد الأيسر، لكنه يوصيهم مع ذلك بالحِلْم والصبر والرد على الجاهلين بـ"سلام عليكم" وبالعفو عند المقدرة، إلا أن لكل شىء نهاية كما قلنا. ولابد أن يأتى يوم يفيض فيه الكيل ويتخذ الإنسان عندئذ من الإجراءات ما يُسْكِت عنه المجرمين المتوحشين ليتنفس الصُّعَداء، وإلا فلْنُلْغِ الشرطة والنيابة والقضاء والمحاكم والحكومات كما قلنا من قبل ساخرين! وهذه بعض من النصوص التى تحث المسلم على الصبر ومقابلة السيئة بالحسنة، وإن كان القرآن لا يوجب عليه ذلك، بل يؤثر فقط العفو والصفح فى كثير من الظروف على رد العدوان بالعدوان:
    "وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ" (الشورى/ 43)،


    "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ* وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ* إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ" (النحل/ 126- 128)،

    "وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ" (فُصِّلَتْ/ 34- 35)، "فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ* وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ" (ق/ 39- 40)،

    "وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً" (المزَّمِّل/ 10)...

    وما أكثرهـــــــــــا

    ومع ذلك نجد فى القرآن عقوبة لكل جريمة يرتكبها الشخص فى حق الأفراد أو فى حق المجتمع ككل، وبغير هذا فلا قيام ولا استمرار لأى كيان جماعى فى دنيا البشر، اللهم إلا إذا أمكن مثلا إلغاء نظام المرور وترك سائقى السيارات والقطارات والدراجات
    والطائرات يفعلون ما يحلو لهم، وهو ما لا بد أن تكون نتيجته التوقف تماما
    عن الحركة فى كثير من الحالات أو البطء الشديد فى الانتقال من مكان إلى
    مكان، فضلا عن الحوادث والمصائب المرورية التى لا تعد ولا تحصى.
    فهل هذا ممكن؟ وعليه فقِسِ النظام الاجتماعى كله بمؤسساته وهيئاته
    وإداراته وقوانينه ومحاكمه وسجونه. تصور مجتمعا يحاول أى شخص
    فيه أن ينجز شيئا، وهو يعرف أنه لا ضمان لحصوله على ثمرة كده،
    ولا أمان له إن خرج إلى الشارع لأن السفلة ينتظرونه على باب الدار ليشتموه، والمجرمين يتربصون به ليضربوه ويسرقوه، والقتلة يمسكون بسكاكينهم أو
    مسدساتهم ليجهزوا على حياته وإلى القبر يشيعوه، والعَهَرة يتمترسون على
    الناصية حتى إذا خرجت واحدة من نساء بيته هتكوا عرضها وأهانوه
    وفضحوه ودمّروه! هل يستطيع مثل ذلك الشخص أن يكون عنده
    نفس للعمل والإنتاج؟

    قل له من هنا للصبح:-

    "تسامح يا أخى الكريم! يا أخى الكريم من صفعك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر، ومن قتلك مرة فقم من موتك وتعرض له كى يقتلك مرة أخرى فيكون لك مكان بارز فى ملكوت السماوات"، لكنه لن يأخذ حرفا واحدا مما تقول على سبيل الجِدّ، فأرح نفسك إذن، بل اسألها:-

    أأستطيع أنا فلانًا الفلانىّ أن أفعل هذا؟ والجواب معروف سلفا،
    فلا تضيع وقتك إذن، بل تَحَلَّ بالعقل،
    وكُلْ وعِشْ وقُلْ: يا باسط، واحمد ربك أن هناك شرطة وسجونا
    ومحاكم وقوانين وحاجة اسمها
    "عيب" و"حرام" و"ممنوع" "وضد القانون"، وإلا كانت حياتك كارثة بكل المقاييس!
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيإنتَبِهوا!فكثيراًمن الأمورالهامة البَعض يقع فيها بحُسن نيـِّة http://www.ebnmaryam.com/vb/t179459.html
    أى مُتنَصِر لا يساوى ثمن حذآئِهhttp://www.ebnmaryam.com/vb/t30078.html
    القساوسَة مَدعوون للإجابَة على الآتى
    http://www.ebnmaryam.com/vb/t179075.html
    مُغلَق للتَحديث

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 2 3 الأخيرةالأخيرة

هل القرآن الكريم مقتبس من كتب اليهود والنصارى؟

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. شبهة دخول اليهود والنصارى الجنة بشهادة القرآن ....
    بواسطة Doctor X في المنتدى الرد على الأباطيل
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 07-07-2014, 11:28 AM
  2. مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 31-12-2012, 02:49 PM
  3. هل اقتبس القرآن الكريم من كتب اليهود والنصارى - هام
    بواسطة abcdef_475 في المنتدى الرد على الأباطيل
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 15-01-2011, 08:24 PM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-01-2011, 02:41 PM
  5. هل اقتبس القرآن الكريم من كتب اليهود والنصارى؟
    بواسطة المهتدي في المنتدى منتدى الكتب
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 30-12-2010, 05:20 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

هل القرآن الكريم مقتبس من كتب اليهود والنصارى؟

هل القرآن الكريم مقتبس من كتب اليهود والنصارى؟