بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدى تتبعنا لإنتاج الشيخ ديدات في نقد العهد الجديد وفق المنهج المقارن فإننا نلحظ أنه يرتكز على خطوات أساسية. ويمكن أن نبرز هذه النقاط من خلال جزئية هامة تتبعها الشيخ أحمد ديدات في القرآن والعهد الجديد ألا وهي الصلاة، حيث نجد من أهم الخطوات:

أ‌-أولا: طبيعة الموضوع وغرضه : يقول الشيخ بهذا الصدد :" نقدم لك عزيزي القارئ هذا الكتاب الذي يعتبر دراسة مقارنة لصلاة المسلمين بصلاة أهل الكتاب والقصد منه توضيح علاقة الجوانب المتعددة للصلاة في الإسلام بتعاليم أهل الكتاب ) اليهود والنصارى ( وغيرها ..."

فغرض الشيخ هو بيان أن الإسلام دين بسيط وواقعي، يخاطب العقل، وهو ليس دين طقوس غامضة، كما يثبت أنه دين التوحيد، وهو امتداد لأول وحي من الله للإنسان، رغم أنه أحدث الأديان.

ب‌-ثانيا: المعالجة : ببيان أوجه التشابه في الكتابين المقدسين، أو الموضوعين، وبيان المواقف للطرفين بإيراد النصوص من المصدرين.
ويبرز هذا جليا الآن في بيان أوجه التشابه في عبادة الصلاة، وإثبات ورودها في القرآن وكذا العهد الجديد من حيث:
- الآذان : حيث أورد آذان الصلاة لحوالي ألف مليون مسلم، وعلى أن الآذان معناه النداء ذكر في القرآن  فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى )سورة طه : الآية 11- 12( وما يشابهه في العهد الجديد " فقال الرب اخلع نعل رجليك لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة" )أعمال الرسل 7/33( .

- الوضوء والطهارة : أورد الشيخ ديدات النص القرآني قوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) سورة المائدة : الآية 6(، ومن العهد الجديد : " حينئذ أخذ بولس الرجال في الغد وتطهر معهم ودخل الهيكل ") أعمال الرسل 21/26(.

- الركوع والسجود : حيث قال تعالى  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) سورة الحج: الآية 77(، وما يشابهه في العهد الجديد : " ثم تقدم المسيح قليلا وخر على وجهه وكان يصلي ..." ) إنجيل متى 26/ 39(.

- الدعاء : ومن ذلك فوله تعالى :  وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار )سورة البقرة : الآية 201 (، وورد شبيهه في العهد الجديد :" ورفع يسوع عينيه إلى فوق وقال " أيها الآب أشكرك لأنك سمعت لي وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي، ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت ليؤمنوا انك أرسلتني" ) إنجيل يوحنا 11/41ـ 42(.

هذا وغيره من النصوص التي أوردها الشيخ ديدات مقارنا ما ورد في العهد الجديد بما ورد في القرآن الكريم، كما أنه أورد نصوصا من العهد القديم أيضا، ودلَّل على ثبوت الصلاة في هذه الكتب المقدسة جميعا .

ت‌-ثالثا: حل المشكلة وعرض النتائج : إن ثبوت الصلاة في الكتب الثلاث أحد الأدلة على أن ما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم -وهو خاتم النبيين- ليس إلا امتدادا للحنفية السمحة والأديان السابقة، ومن أهم النتائج التي تفهم من خلال هذا هو : التوحيد، الذي ينفي ألوهية المسيح على ما جاء في القرآن الكريم وكذا العهد الجديد، بل هو بشر، وكما أن محمد صلى الله عليه وسلم ليس إلها، بل هو رسول كأي من الرسل .

فهذا نموذج من المقارنة النقدية بين القرآن والعهد الجديد، وعلى غرار ذلك كانت ميزة الشيخ ديدات في مقارناته الأخرى، والتي سعى من ورائها لإظهار امتياز القرآن مما يترتب عليه إبراز محور الشريعة الإسلامية ألا وهو التوحيد.