الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد


كان هناك رجل سِكّير دعا قوماً من أصحابه ذات يوم فجلسوا ثم نادي علي خادمه ودفع إليه أربعة دراهم وأمره أن يشتري بها شيئاً من الفاكهة للمجلس .
وفي أثناء سير الخادم مر بالزاهد منصور بن عمار وهو يقول : من يدفع أربعة دراهم لفقير غريب دعوت له أربع دعوات , فأعطاه الغلام الدراهم الأربعة .
فقال له منصور بن عمار : ماذا تريد أن أدعو لك ؟
فقال الغلام : لي سيد قاسٍ أريد أن أتخلص منه , والثانية : أن يخلف الله عليّ الدراهم الأربعة , والثالثة أن يتوب الله علي سيدي , والرابعة : أن يغفر الله لي ولسيدي و لك وللقوم , فدعا له منصور بن عمار , وانصرف الغلام ورجع إلي سيده الذي نهره وقال له : لماذا تأخرت وأين الفاكهة ؟ فقصّ عليه مقابلته لمنصور الزاهد وكيف أعطاه الدراهم الأربعة مقابل أربع دعوات , فسكن غضب سيده وقال : ما كانت دعوتك الأولي ؟
قال : سألت لنفسي العتق من العبودية .
فقال السيد : قد أعتقتك فأنت حر لوجه الله تعالي , وما كانت دعوتك الثانية ؟
قال : أن يخلف الله عليّ الدراهم الأربعة .
قال السيد : لك أربعة ألاف درهم .
قال : وما كانت دعوتك الثالثة ؟
قال : أن يتوب الله عليك .
فطأطأ السيد رأسه وبكي وأزاح كئوس الخمر وكسرها وقال : تبت إلي الله لن أعود أبداً .
و قال : فما كانت دعوتك الرابعة ؟
قال : أن يغفر الله لي ولك وللقوم ..
قال السيد : هذا ليس إليّ وإنما هو للغفور الرحيم .
فلما نام السيد تلك الليلة سمع هاتفاً يهتف به أنت فعلت ما كان إليك , أتظن أنا لا نفعل ما كان إلينا ؟
لقد غفر الله لك وللغلام ولمنصور بن عمار ولكل الحاضرين .


منقول من كتاب ساعة وساعة نوادر وعجائب
للشيخ محمود المصري