بسم الله الرحمن الرحيم

من أسرار القرآن

(361)-" ... يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ *"

(‏ البقرة‏:185)

بقلم

الأستاذ الدكتور: زغلول راغب محمد النجار

هذا النص القرآني الكريم جاء في أواخر الثلث الثاني من سورة البقرة‏,‏ وهي سورة مدنية‏,‏ وآياتها‏(286)‏ بعد البسملة‏,‏ وهي أطول سور القرآن الكريم علي الإطلاق‏.

وقد سميت بهذا الاسم لورود الإشارة فيها إلي تلك المعجزة التي أجراها الله ـ تعالي ـ علي يد عبده ونبيه موسي بن عمران ـ علي نبينا وعليه وعلي أنبياء الله جميعا من الله السلام ـ حين تعرض شخص من قومه للقتل ولم يعرف قاتله‏,‏ فأوحي الله ـ تعالي ـ إلي عبده موسي أن يأمر قومه بذبح بقرة‏,‏ وأن يضربوا الميت بجزء منها فيحيا بإذن الله‏,‏ ويخبر عن قاتله‏,‏ ثم يموت‏,‏ وذلك من أجل إحقاق الحق‏,‏ والشهادة لله ـ تعالي ـ بالقدرة علي إحياء الموتي‏,‏ ولقد كانت قضية البعث هي حجة الكفار والمشركين‏,‏ ومن مبررات المرجفين من المتشككين والمتنطعين عبر التاريخ‏.‏
هذا‏,‏ وقد سبق لنا استعراض سورة البقرة‏,‏ وما جاء فيها من التشريعات‏,‏ ومن ركائز كل من العبادات‏,‏ والعقيدة‏,‏ ومكارم الأخلاق‏,‏ والقصص‏,‏ والاشارات الكونية‏,‏ ونركز هنا علي وجه الاعجاز التشريعي في النص الذي اخترناه من تلك السورة المباركة لنجعله عنوانا لهذا المقال‏.‏

من أوجه الإعجاز التشريعي في النص الكريم


أولا‏:‏ أن الصوم فريضة قديمة فرضها الله ـ تعالي ـ علي عباده المؤمنين من زمن أبينا آدم ـ عليه السلام ـ وحتي قيام الساعة ولذلك قال ـ سبحانه وتعالي: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*)( البقرة‏:183)‏
والفعل‏(‏ كتب‏)‏ يشير إلي ثبات الحكم ثبوتا مطلقا‏,‏ بما معناه أن صوم رمضان بالهيئة التي حددها لنا كل من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة كان مكتوبا علي الأمم من قبلنا كما هو مكتوب علينا‏,‏ وسيظل مكتوبا علي جميع المؤمنين من بعدنا وحتي قيام الساعة‏,‏ ولذلك قال المصطفي صلي الله علي وسلم في حديثه الصحيح‏:‏ (صيام رمضان كتبه الله علي الأمم قبلكم) (‏ أخرجه ابن أبي حاتم‏)‏
ولذلك نجد بقايا لعبادة الصوم عند أصحاب المعتقدات الأخري‏.‏
ثانيا‏:‏ أنه ليس بعد سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم من نبي ولا رسول‏,‏ فقد ختمت ببعثته الشريفة النبوات‏,‏ واكتملت في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة كل رسالات السماء‏,‏ ولذلك قال ـ تعالي ـ‏: ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ‏..) ولم يشر إلي الذين من بعدنا‏.‏
ثالثا‏:‏ وتختتم الآية الكريمة بالإشارة إلي الحكمة من فريضة الصيام‏,‏ وهي اكتساب فضيلة التقوي‏,‏ والصوم من أهم الوسائل التربوية لتحقيق تقوي الله في قلوب المؤمنين من عباده المكلفين‏,‏ والتقوي هي مناط الايمان الصادق وثمرته‏.‏
رابعا‏:‏ أن الصيام يجب علي كل مسلم بالغ‏,‏ عاقل‏,‏ صحيح‏,‏ مقيم‏,‏ ويجب أن تكون الأنثي طاهرة من الحيض‏,‏ والنفاس ويرخص في الفطر للشيخ الطاعن في السن‏,‏ والمرأة العجوز‏,‏ والمريض الذي لا يرجي برؤه‏,‏ وأصحاب الأعمال الشاقة الذين لا يجدون متسعا من الرزق غير ما يزاولونه من أعمال‏.‏ وهؤلاء يرخص لهم الفطر‏,‏ وعليهم أن يطعموا عن كل يوم مسكينا‏(‏ َمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ‏),‏ ولا قضاء علي أي منهم‏,‏ ثم حببهم الله في اختيار الصوم مع المشقة فقال ـ تعالي‏:‏ ‏‏ (وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ‏)‏ وكل من الحبلي والمرضع ـ إذا خافتا علي نفسيهما‏,‏ أو خافت الحبلي علي جنينها‏,‏ وخافت المرضع علي رضيعها فلكل منهما أن تفطر‏,‏ وعليها الفدية والقضاء أو أيهما حسب واقع كل منهما‏.‏ وفي الحديث‏:‏ (إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة‏,‏ وعن الحبلي والمرضع الصوم)‏.‏ وكل من المسافر والمريض الذي يرجي برؤه يباح له الفطر ويجب عليه القضاء‏.‏ ويجب الفطر علي كل من الحائض والنفساء‏,‏ وعلي كل منهما قضاء ما فاتها من صيام أيام شهر رمضان‏.‏
خامسا‏:‏ إن القاعدة الأساسية في التكاليف الاسلامية كلها هي اليسر‏,‏ وليس العسر‏.‏ وليس هذا في التكاليف الشرعية وحدها‏,‏ بل في سلوك المسلم كله‏,‏ ولذلك قال ـ تعالي ــ‏: (..‏ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ ).‏
واليسر في التكاليف الشرعية يطبع قلب المسلم بطابع السماحة في كل شيء‏,‏ والرحمة في التعامل مع الآخرين انطلاقا من الايمان بأن الله ـ تعالي ـ هو أرحم الراحمين بعباده المكلفين‏,‏ ومن رحمته بهم أنه ـ سبحانه وتعالي ـ جعل الصوم لكل من المسافر والمريض في عدة من أيام أخر‏,‏ وذلك لكي يتمكن كل من اضطر إلي الفطر في شهر رمضان لعذر شرعي من إكمال صيام عدة أيام هذا الشهر المبارك فلا يضيع عليه أجرها‏,‏ ولذلك قال ـ عز من قائل ـ‏(..‏ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ ‏)‏ أي‏:‏ ولتكملوا عدة أيام شهر رمضان بقضاء ما فاتكم من صيام أيامه‏,‏ لأن صيام تلك الأيام نعمة تستحق التكبير والشكر لله ـ سبحانه وتعالي ـ علي ما أرشدكم إليه من معالم هذا الدين القويم الذي لا يرتضي من عباده دينا سواه‏,‏ ووفقكم أن بلغكم شهر رمضان أشرف شهور السنة علي الاطلاق‏..(‏ شهر أوله رحمة‏,‏ وأوسطه مغفرة‏,‏ وآخره عتق من النار‏,‏ فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم‏..)‏ وشعور المؤمن ببركة هذا الشهر يطلق قلبه ولسانه بالتكبير والتهليل والحمد لله ـ تعالي ـ الذي من عليه بهذه النعم الكثيرة‏.‏
سادسا‏:‏ وشرع الله ـ تعالي ـ الفطر في صبيحة أول يوم من شهر شوال‏,‏ فرحة لكل من صام نهار شهر رمضان‏,‏ وقام ليله‏,‏ وأحيا ثلثه الأخير وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر‏.‏
وقد سمي عيد الفطر باسم يوم الجائزة لما جاء في الحديث القدسي الذي يرويه المصطفي صلي الله عليه وسلم عن ربه ـ تعالي شأنه ـ والذي يقول فيه‏: (..‏ كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به‏...)‏
وسمي باسم يوم الجائزة لأنه يوم العتق من النار‏,‏ وما أعمها من جائزة لقول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ‏: (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ),‏(آل عمران‏:185).
ومن سنن المصطفي صلي الله عليه سلم إتباع عيد الفطر مباشرة ـ أو علي التراخي ـ بصوم ستة أيام من شهر شوال وذلك لقوله الشريف‏:‏ (من صام رمضان‏,‏ ثم أتبعه ستا من شوال‏,‏ كان كصيام الدهر) (‏ صحيح مسلم‏).‏
والصوم من أحب العبادات إلي الله ـ تعالي ـ لأنه لم يعبد بالصيام أحد سواه‏,‏ ولذلك قال ـ وهو أحكم القائلين ـ في الحديث القدسي الذي يرويه المصطفي صلي الله عليه وسلم عنه جل جلاله‏:‏ (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)‏.‏ والصيام ليس مقصورا علي صوم رمضان وهو فريضة‏,‏ فهناك صوم الكفارات‏,‏ وصوم النذر‏,‏ وصوم التطوع‏.‏
‏ هذا‏,‏ وقد جاء ذكر الصيام ثلاث عشرة مرة في القرآن الكريم‏,‏ في إحدي عشرة من آياته‏,‏ موزعة في ست من سوره كما يلي‏:‏
‏(1)‏ سورة البقرة‏(183‏ ـ‏187)‏ عن صيام شهر رمضان‏.‏
‏(2)‏ سورة البقرة‏(196)‏ عن صيام كفارة التحلل من الإحرام للمحصر إذا لم يكن قد اشترط في نية الحج أو العمرة‏.‏
‏(3)‏ سورة النساء‏(92)‏ عن صيام كفارة القتل الخطأ للمؤمن شهرين متتابعين إذا لم يستطع القاتل بالخطأ تحرير رقبة مؤمنة ودفع الدية لولي المقتول‏.‏
‏(4)‏ سورة المائدة‏(95,89)‏ مرة في الصوم كفارة لليمين‏,‏ وأخري كفارة لقتل الصيد أثناء الإحرام بالحج أو بالعمرة أو بهما معا‏.‏
‏(5)‏ سورة مريم‏(26)‏ بمعني الامتناع عن الكلام‏,‏ وهي خصوصية كانت لكل من عبد الله ونبيه زكريا‏,‏ وابنة عديله السيدة مريم ابنة عمران‏(‏ عليها من الله الرضوان‏).‏
‏(6)‏ سورة الأحزاب‏,‏ وجاءت الاشارة فيها إلي الصائمين والصائمات لكل من الفرض والنوافل‏.‏
‏(‏سورة المجادلة)‏,‏ وجاءت الإشارة فيها إلي الصيام كفارة للظهار‏.‏


وقد رغب رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ في صيام التطوع في أحاديث كثيرة منها ما يلي‏:‏
‏(1)‏ عن أبي أمامة قال‏:‏ أتيت رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم فقلت‏:‏ مرني بعمل يدخلني الجنة‏,‏ قال‏:‏ عليك بالصوم فإنه لا عدل له‏,‏ ثم أتيته الثانية‏,‏ فقال‏:‏ عليك بالصيام‏

(‏ رواه من أئمة الحديث كل من أحمد‏,‏ والنسائي‏,‏ والحاكم‏).‏


‏(2)‏ وعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال‏:‏( لا يصوم عبد يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه سبعين خريفا‏)

(‏ رواه الجماعة من أئمة السنة‏).‏


‏(3)‏ وعن سهل بن سعد أن النبي ـ صلي الله عليه وسلم قال‏:‏ (إن للجنة بابا يقال له‏:‏ الريان‏,‏ يقال يوم القيامة أين الصائمون؟ فإذا دخل آخرهم أغلق ذلك الباب) ‏

(‏ رواه كل من البخاري ومسلم‏).‏


ومن صيام التطوع الذي سنه المصطفي ـ صلي الله عليه وسلم‏:‏
*ـ صيام ستة أيام من شوال‏:‏ فعن أبي أيوب الأنصاري أن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ (من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر)

‏(‏ رواه جماعة من أئمة الحديث‏).‏


*ـ صوم العاشر من ذي الحجة وتأكيد صوم يوم عرفة لغير الحاج‏:‏ فعن أبي قتادة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال‏:‏ قال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم‏:‏ (صيام يوم عرفة يكفر سنتين‏:‏ ماضية ومستقبلة‏,‏ وصوم يوم عاشوراء يفكر سنة ماضية)

‏(‏ رواه جماعة من أئمة الحديث‏).‏


*ـ صوم الثلاثة الأيام البيض من كل شهر قمري‏:‏ عن أبي ذر الغفاري‏:‏ أنه قال‏:‏ أمرنا رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض‏:‏ ثلاث عشرة‏,‏ وأربع عشرة‏,‏ وخمس عشرة‏,‏ وقال‏:‏ (هي كصوم الدهر)

‏(‏ النسائي وابن حبان‏).‏


وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال‏:‏ سئل رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال‏:‏ الصلاة في جوف الليل‏.‏ قيل‏:‏ ثم أي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال‏:‏ شهر الله الذي تدعونه المحرم

‏(‏ رواه من أئمة الحديث كل من أحمد‏,‏ ومسلم‏,‏ وأبو داوود‏).‏


ـ عن أم المؤمنين السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت‏:‏ ما رأيت رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ استكمل صيام شهر قط‏,‏ إلا شهر رمضان‏,‏ وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان‏

(‏ رواه كل من الإمامين البخاري ومسلم‏).‏


ـ وعن أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال‏:‏ قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال‏:‏ (ذلك شهر يغفل الناس عنه‏,‏ بين رجب ورمضان‏,‏ وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلي رب العالمين‏,‏ فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)‏

(‏ رواه من أئمة الحديث كل من أبي داود‏,‏ والنسائي‏,‏ وابن خزيمة‏).‏


ـ وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ كان أكثر ما يصوم الاثنين والخميس‏,‏ فقيل له‏(‏ أي سئل عن الباعث علي ذلك‏):‏ فقال‏:‏ إن الأعمال تعرض كل اثنين وخميس‏,‏ فيغفر الله لكل مسلم‏,‏ أو لكل مؤمن‏,‏ إلا المتهاجرين‏,‏ فيقول‏:‏ أخرهما

‏(‏ رواه الإمام أحمد‏).

‏ وفي صحيح مسلم أنه ـ صلي الله عليه وسلم ـ سئل عن صوم يوم الاثنين؟ فقال‏:‏ ذاك يوم ولدت فيه‏,‏ وأنزل علي فيه‏(‏ أي نزل الوحي علي فيه‏)‏؟‏.‏


ومن هذا الاستعراض تتضح حكمة الإعجاز التشريعي في فريضة صوم شهر رمضان والتي قررها القرآن الكريم بقول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ: ‏(‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *‏ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ *‏ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ‏*)

) البقرة‏:183‏ ـ‏185).‏


وهذه الآيات الثلاث اشتملت علي جميع الحالات التي قد تطرأ علي المؤمن أثناء أداء فريضة الصيام لشهر رمضان‏,‏ وهذا الشمول في التشريع يشهد للقرآن الكريم بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية‏,‏ بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ الذي سن لنا صيام التطوع استمرارا لأداء هذه العبادة التي يحبها الله ورسوله‏.‏ وحفظ لنا ربنا الكريم كتابه وسنة نبيه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية‏,‏ في نفس لغة الوحي بهما‏(‏ اللغة العربية‏)‏ لمدي يزيد علي الأربعة عشر قرنا‏,‏ وتعهد بهذا الحفظ تعهدا مطلقا حتي يبقي القرآن الكريم وتبقي سنة خاتم النبيين حجة الله علي الخلق أجمعين إلي يوم الدين‏.‏ فالحمد لله علي نعمة الإسلام‏,‏ والحمد لله علي نعمة القرآن والحمد لله علي بعثة خير الأنام صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏.‏