المناظره الصغرى بين الشيخ رحمة الله الهندى و الدكتور محمد وز

من أعداد أخونا أبو عبيدة

هذه هى المناظره الثانيه فى سلسلتنا المباركه " مناظرات خير ألأمم", و التى نسأل الله أن يمن علينا بالمغفره و يهدى بها من يشاء من عباده.(نرجو ألأطلاع على مقدمة السلسله و على المناظره ألأولى فى منتدى نصرانيات)

و مناظرة اليوم , مناظره شامله , يوجد فى طياتها العديد من المواضيع المتنازع عليها بين المسلمين و النصارى , و التى ظهر فيها الغلبه للشيخ رحمت الله و الدكتور محمد وزير خان.
و هذه المناظره هى واحده من بين عدة مناظرات قد جرت فى الهند , فى أيام الشيخ رحمت الله الهندى حيث كان ألأستعمار ألأنجليزى للهند , و حيثما وجد ألأستعمار و ألأحتلال وجد المنصرون . وانهالت على الهند دفعات من المنصرين أمثال القسيس بفندر , والقسيس كئى و القسيس فرنج و المبشر هنرى مارتين الذى و ضع أساسا قويا للتبشير بالأنجيل فى الهند(انظر كتاب " الغاره على العالم ألأسلامى " تأليف أ .ل شاتيليه- المكتبه السلفيه).
و لقد من الله علي الهند , بل و على ألأمه ألأسلاميه برجل صد بأس الكفر و هو مزمجر , رجل أحيا الله به فريضة الجهاد باللسان , رجل تعلمت ألأمه منه سرعة ألأستجابه لنصرة هذا الدين , رجل " أظهر الحق " عاليا , علوا يناطح أعالى الجبال ,من المجددين فى هذا الدين ,هو شيخ الزمان , قدوة المتكلمين و المناظرين , الشيخ رحمة الله بن خليل الهندى (من نسل عثمان بن عفان من أل بيت النبى صلى الله عليه وسلم),,,, نسأل الله أن يتقبل منه عمله خالصا لوجهه الكريم ,, و أن يرزقه جنات النعيم,, مع خاتم الأنبياء و المرسلين محمد ألأمين صلى الله عليه وسلم.

النص :

قال القسيس (كئي) للقسيسي (فرنج)-( كان أحد الوزراء فى الهند-) : اطلب من الشيخ إثبات تحريف التوراة والإنجيل والدليل على ذلك .
قال الدكتور محمد وزير خان (صديق للشيخ رحمت الله الهندى –وكان طبيب بشرى و باحث من طراز فريد) : يجب تحديد شروط للمناظرة قبل إثبات التحريف .
قال القسيس (كئي) : تحريف التوراه غير ممكن , لأن التوراه التى كتبها موسى بخط يده كانت محفوظه الى عهد" بوخذ ناصر" ملك بابل فى التابوت . و كان التابوت فى هيكل سليمان بأورشليم – القدس- و كان كل ملك يجلس على كرسى المملكه. يكتب لنفسه نسخه من التوراه و يجعلها دستور حياته.
قال الشيخ رحمت الله : إن التابوت لما أخرج من الهيكل في عهد سليمان علية السلام لم يكن فيه سوي لوحي العهد . وما كانت فيه التوراة التي كتبما موسي بخط يده
قال القسيس (كني)والقسيس فرنج : ما الدليل على ذلك ؟
قال الشيخ رحمت الله : في سفرالملوك الأول ، الأصحاح الثامن . الآية التاسعة وهذا نصها : (لم يكن في التابوت الا لوحا الحجر اللذات وضعهما موسي هناك في حوريب حين عاهد الرب بني اسرائيل عند خروجهم من أرض مصر ) اه
قال القسيس فرنج : هذا شئ تافه لا يثبت به التحريف .
قال الشيخ رحمت الله : ان للتحريف عندي أدلة غير هذا الدليل .
قال القسيس فرنج : قد شهد داوود النبي بأن عنده كتاب الله وإنه يتلوه وهو اب لسليمان .
قال الدكتور محمد وزير خان : ما الذي كان عنده من أسفار التوراة المتداولة حاليا؟
قال فرنج : ان التوراة كانت عندة موجودة .
فقال الدكتور : نحن نتكلم حول التوراة الموجودة حاليا دون التوراة القديمة . واعلم أولا : ان سند كتب التوراة والإنجيل لم يصل إلينا بالتواتر .
وثانيا : قد ألحقت حتما بهذه الكتب آيات كثيرة . وثالثا : فيها كثير من الروايات الكاذبة . وأكثر المعاني مختلفة .
قال القسيس فرنج : ان السند موجود في الكتب الأخري .
فقال الشيخ رحمت الله : لا أطلب منك الآن أكثر من سندين واحد منهما لسفر أيوب . والثاني لسفر نشيد الإنشاد الذي لسليمان .
القسيس : سكت . وبدأ يتكلم عن العهد الجديد – كتب الأنحيل –
قال القسيس فرنج : ان اسناد كتب العهد الجديد موجود في كلام القدماء ، موجود في كتب آبائنا الكرام .
قال الشيخ : ان (يوسي بيس) وهو واحد من مؤرخيكم . كتب في كتابه (تاريخ كليسا ) ان القدماء كانوا لا يثقون في رسالة يعقوب ، ورسالة يعقوب ، ورسالة بطرس الثانية ورسالة يوحنا الثانية والثالثة وسفر رؤيا يوحنا اللاهوتي .
وقال يوسي بيس أيضا : ان بعض العلماء صرحوا بأن هذه الكتب من تأليف (شرن بهيس) الكافر .
قال فرنج : اتركوا تاريخ (يوسي بيس)
قال الشيخ : ائتوا باسناد سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي)المشاهدات)
فبدأ القسيسان يتحاوران باللغه ألأنجليزيه . ثم قالا : تسلمت جميع الكنائس هذه الكتب و اعتبروها صادقه.
قال الدكتور محمد وزير خان : ماذا تريدون بالكنائس؟ لو أردتم جميع المسيحين القدماء فهذا غلط و لو أردتم مجمع كارتهيج فهذا صحيح . و مع ذلك ما كان أحد يعتبر هذه الكتب الهاميه . و خاصة كتاب " يهوديت " و كتاب " وزدم " و كتاب " المكابين " و كتاب " ايكليزا ستيكس " و كتاب " باروخ " و هذه الكتب أنت معشر البروتستنت لا تعتبرونها الهاميه مقدسه . و مجمع نائس اختلف قيها على ثلاث أقوال :

ألأول : كتب صاحب " اكسيهومو" أن أصحاب مجمع نائس قد و ضعوا الأسفار الكاذبه و الصادقه على المذبح و أوقدوا نارا , و قالوا : ان ألأسفار الكاذبه ستأكلها النيران و الصادقه سيحفظها الله . و اشتغلوا بالدعاء و التسبيح عند ذلك . و هذا يعنى على صحة الروليه أنهم ما كانو يميزون بين الصادق و الكاذب من ألأسفار .

الثانى : قال " لاردنر " : لم يرد فى مجمع نائس ذكر تلك الكتب التى تحكم بصحة قول " جوتهيودرت " أن الكتب التى وضعت على المذبح لها سند .

الثالث : ان " كيهو . لك . رومن " يقولون : ان كتاب " يهوديت " لم يعرفه المجمع كتابا الهاميا.
أى قول تعتبروا من هذة ألأقوال الثلاثه ؟ القسيسان : سكتا و لم يردا جوابا .

قال الدكتور محمد وزير خان : اتركوا هذا اذا كان الحرج فيه واضحا .
قال القسيسان : سنريكم صحة كتابنا . ثم وقف القسيس كئى و توجه الى المكتبه و أحضر كتاب " بيلى " و أراد أن يفتحه على مجمع نائس ففتحه على مجمع لوديسيا . و وجد فيه أن سفر رأيا يوحنا اللاهونى لم يعتبره مجمع لوديسيا كتابا مقدسا .
فقال الدكتور محمد : لقد ثبتت صحة قولى .
فقال القسيس و قد ظهر الخزى على وجهه : ان صحة اسناد سفر الرؤيا موجود فى كلام مشايخنا الكرام.
فقال الدكتور محمد : من مِن هؤلاء المشايخ؟
فاستفسر كئى من القسيس بفندر فقال له: أول من ذكر صحة اسناد سفر الرؤيا هو " كليمنت ".
فقال الدكتور محمد : ان رسالة كلمنت كتب عنها " لاردنر " :
" ان هذه الرساله تشابهت معانيها مع معانى ألأنجيل . و لذلك يقول النصارى : انه نقلها من ألأنجيل " و لا نسلم برسالة كليمنت لأنه لا يكتب المرجع و المصدر صراحة . و من الممكن أن يكون "كليمنت " قد نقل صحة اسناد سفر الرؤيا من طريق روايه لسانيه .

قال القسيس : ما حال قرأنكم ؟
قال الدكتور محمد : ان القرأن منقول بالتواتر ، حتى حركاته و كلماته .
فقال القسيس : نحن لا نتكلم الأن عن القرأن .

ثم ان القسيسان أحضروا تفسير "هارن" و عرضا على الشيخ رحمة الله و الدكتور محمد وزير خان عبارة موجوده فى المجلد الثانى صفعة 339 طبعة سنة 1822 و مفهومها هكذا " يظهر من هذه العباره أن ألأصل العبرانى محرف " و غرضهما من هذا العرض : الطعن فى هارن بعدم معرفته للغه العبرانيه فلا يعتد بكلامه , و بالتالى لا يحتج الشيخ والدكتور بالأيات التى ذكرها " هارن "على تحريف التوراه .

ثم قال القسيسان : ان هارن يكتب ألأصل العبرانى محرف فى المواضع ألتاليه :
(1) ملاخى 3 : 1 (2) ملاخى 5 : 2 (3) مزمور 11 : 8-11 (4) مزمور 40 : 6-8 (5) مزمور 110 : 4 (6) عاموس 9 : 12

و قال فرنج : ان القسيس كئى له المام تام باللغه العبرانيه . و لكن ألأستاذ هارن لم يكن ملما باللغه العبرانيه . و ان كان عظيم الشأن فى زمنه .و عندئذ أظهر له الشيخ رحمت الله الهندى موضعين من تفسير" هنرى و اسكات " فيهما قد حرف الأصل العبرانى .

فقال فرنج : ان هنرى و اسكات كانا مفسرين كبيرين ، و لكنهما لم يعرفا العبرانيه .
قال الشيخ رحمت الله : لأنكم تطعنون فى كبار مفسرى الكتاب المقدس ، فانى أعرض نصا من التوراه نفسها يبين التحريف بوضوح تام : ألأيه 11 و ألأيه 12 من ألأصحاح 21 من سفر أخبار الأيام الأول تخالف صراحة ألأيه 13 من ألأصحاح 24 من سفر صموئيل الثانى .
و النص ألأول هكذا " فجاء جاد الى داوود . و قال هكذا قال الرب : قبل لنفسك . اما ثلاث سنين جوع . أو ثلاث أشهر هلك أمام مضايقيك و سيف أعدائك يدركك . أو ثلاثه أيام يكون فيها سيف الرب و وبأ ------"
و النص الثانى هكذا " فأتى جاد الى داوود و أخبره . و قال له : أتأتى عليك سبع سنين جوع فى أرضك ؟ أم تهرب ثلاثة أشهر أمام أعدائك و هم يتبعونك ؟ ام ثلاثه أيام وبأ------"

فلما سمع القسيس كئى . أنهى المباحثه . و أظهر سروره بلقاء الشيخ و الدكتور . ثم بعد الترحيب و اظهار السرور أضاف قائلا : ان صفات الله تعالى فى التوراه و الزبور و ألأنجيل متشابهه . و ليست صفات الله فى القرأن كما فى الكتب الثلاثه .

فقال الدكتور محمد : صحيح ان القرأن يخلو من تلك الخرافات التى هى ظاهره فى عقائدكم حيث تقولون . ان ألالهه ثلاثه : أحدهم فى السماء ، و الثانى كان فى رحم مريم تسعة أشهر ثم خرج طفلا يأكل و يشرب ، و الثالث نزل على ألأله الثانى فى صورة حمامه.

و على اثر هذا ذلك استأذن القسيس كئى و انصرف .

و لما هم الشيخ رحمت الله و الدكتور محمد بالأنصراف . قال القسيس فرنج : انتظروا قليلا , ثم خرج من المجلس و عاد يتحدث معهما فى بعض ألأمور , حتى انجر الكلام عن العقائد فأخذ الدكتور محمد وزير خان يعرض عليه ألأصحاح ألأول من أنجيل متى و فيه " يورام ولد عزيا و عزيا ولد يوثام . و يوثام ولد أحاز "و فى سفر أخبار الأيام ألأول هكذا : " يورام وابنه أخزيا و ابنه يواش و ابنه أمصيا و ابنه عزريا و ابن يوثام وابنه احاز "( 1 أخ 3 : 11-13) . فبين يورام و عزيا ثلاثة أباء ساقطين . فاما أخطأ متى و اما كذب كاتب سفر ألأخبار.
و بغض النظر عن ذلك فان متى ذكر أيضا : أن يوشيا أنجب يكنيا و أخوته . و يكنيا أنجب شالئتيل . و شالئتيل أنجب زربابل . مع أن يكنيا ابن ابن يوشيا لا ابنه . و لم يكن ليكنيا اخوه . وزربابل ليس ابن شألتيل , بل ابن عمه . و ذلك واضح من سفر ألأخبار .
فأجاب القسيس فرنج : يمكن أن يكون متى أخذ النسب من أوراق غير مقدسه .
فرد الدكتور محمد وزير خان : لا يمكن هذا التوجيه فان الثلاثه " أخزيا و يواش و أمصيا " كانوا ملوكا معروفين . و مع هذا كله فقد تسرب الخطأ الى ألأنساب كما رأيت . و ليس من مانع فى تسرب الخطأ الى الكتاب كله . و لعل متى لم يدرس التاريخ القديم فلذلك أخطأ كثيرا .
و هنا هموا بألأنصراف . و بينما هم وقوف قال الدكتور محمد وزير خان للقسيس فرنج : ما أسمك؟
قال فرنج : اسمى فرنج .
قال الدكتور محمد : لو أقول ان عمر القسيس فرنج الواقف أمامنا الأن 22 سنه . و قال الشيخ رحمت الله : ان عمره 44 سن فما رأيكم فى هذا الكلام .
فرد القسيس فرنج قائلا : هذا صعب جدا .
فقال الدكتور محمد وزير خان : لو اثبتنا مثل هذا الكلام فى كتابكم المقدس فماذا تقولون ؟
فسأل القسيس فى دهشه : اين هذا الكلام ؟
فأشار الدكتور الى الشيخ رحمت الله . فعرض عليه ألأيه الثانيه من ألأأصحاح الثانى والعشرين من سفر أخبار ألأيام الثانى . و عرض عليه ألأيه ألأيه26 من ألأصحاخ الثامن من سفر الملوك الثانى . حيث كتب فى ألأول : ان عمر أخزيا كان 43 سنه عند جلوسه على العرش , و كتب فى الثانى أن عمر أخزيا كان 22 سنه فأيهما نصدق ؟

فأجاب القسيس فرنج : ان ألأخطاء فى ألأعداد فقط ، و هى أخطتء لا تضر العقائد و الشرائع .
فرد الدكتور محمد قائلا : لما ثبتت هذه ألأخطاء كلها فى كتابكم المقدس ، فما تلك الدلائل التى تثبت أن العقائد و الشرائع صادقه لم يطرأ عليها تحريف ما ؟
و قد أحصيت أنا بنفسى أكثر من مائة خطأ فى كتابكم المقدس . و لا يوجد خطأ و احد فى القرأن . فلماذا لا تؤمن بالأسلام أيها القسيس ؟
فرد القسيس قائلا : ان هذا لشئ عظيم جدا .


و انتهى المجلس

تمت .

النص من كتاب "أكبر مجاهد" فى التاريخ الحديث نشر مكتبة الكليات ألأزهريه بمصر. اخوكم فى الله وليد
يمكن الحصول عليها أيضا من كتاب ( مناظرة الهند الكبرى )- دار الفضيله .
موقع الحقيقة الاسلامية