الرسالة المقدسة «للجندي الكوني الامريكي» اكذوبة كبرى
* يوسف عبدالله محمود
3 / 8 / 2010م
سوّقوا لها ، ارادوا غرسها في اذهان الشعوب النامية ، دافعوا عنها دفاعا حارا ، اتهموا من يكذّبها بأنه "متطرف" او "اصولي" او غير ديمقراطي ، انها مقولة "الجندي الكوني الامريكي" الجندي الكوني الامريكي اكذوبة روّج لها امثال فوكوياما وغيره من كُتّاب "الامبريالية" ، العالم في رأيهم يعيش فوضى وتخلفا واستبدادا ومَن غير الجندي الكوني الامريكي -كما يقول فوكوياما - قادر ان ينهي وتيرة هذه الفوضى ويبعث في ارجاء العالم نسائم الديمقراطية،، من غير هذا الدّركي او الشرطي الامريكي قادر ان يشيع الحرية والعدالة الاجتماعية في هذا الكون،.
ان رؤية فوكوياما عنصرية بامتياز تتجلى في كتاباته وبخاصة "نهاية التاريخ" عناوين هذه الرؤية الامبريالية هي: اغتيال "قومية" الشعوب او ادخال اصلاحات تجميلية عليها لتتطابق مع الخط الامبريالي الامريكي وهذا الاغتيال او الاصلاح التجميلي يتطلب اصلاح "الثقافة" بما يتلاءم ايضا والاستراتيجية الامريكية،.
"الثقافة" وبخاصة الثقافة العربية الاسلامي هي خصم عنيد للقيم الامريكية المفرغة من اي مضمون انساني ، لذا ينبغي ان تتم منازلتها وتشويهها وتحذير العالم من تطرّفها لا سيما انها -على حد زعمهم - لصيقة بالاسلام الذي -في رأيهم - يشكل اكبر تهديد للعلم الحر.
شنّعوا على الاسلام في كتاباتهم الى حد ان وصفوه بأنه دين "ارهاب".. هذا ما فعله فوكوياما وكيفن وغيرهما من مروّجي مقولة "الجندي الامريكي هو جندي يحمل السلام للعالم".
هؤلاء المروجون يرون ان اول مهمة على الامبراطورية الامريكية القيام بها هي -كما اسلفت - ضرب الثقافة العربية الاسلامية ضربة موجعة في العمق وعدم ترك المجال لها لاستعادة عافيتها التي كانت لها في الماضي لان استعادتها اكبر تهديد للمصالح الامريكية.
وحتى يتم للامبريالية ذلك لا بد من تأجيج الخلافات الطائفية والمذهبية والعرقية والقبلية بين الشعوب العربية والاسلامية على نحو ما هو ماثل الآن ان في العراق او لبنان او السودان او غيرها من البلدان النامية ، ولا بد ايضا من استقطاب مجموعات من المثقفين العرب والمسلمين وبعض رجال السياسة يدافعون عن المصالح والقيم الغربية عبر الاذاعات والفضائيات العالمية ، كل هؤلاء -مع الاسف - يدافعون بأجر وأجر مرتفع جدا.
هؤلاء المثقفون المنتزعة هويتهم العربية يدافعون عن رسالة "الجندي الكوني الامريكي" لانها رسالة ضد الاستبداد في المجتمعات النامية ، كم سخيف هذا القول لا سيما انه بات يُقال بأفواه وألسنة عربية باعت نفسها للامبريالية.
اكثر من هذا فقد بتنا نسمع مثقفين عربا يمتدحون الحضارة الامريكية ويبررون لها حق "التفوق" على العالم لانها حضارة منفتحة على القيم الديمقراطية.
بالمقابل هناك مثقفون من اصل عربي يحملون الجنسية الامريكية والاوروبية سخروا من اكاذيب هذه الزمرة من الكتّاب العرب الذين باعو اقلامهم للامبريالي مستنكرين ربط الاسلام بالارهاب ، في مقدمة هؤلاء الراحل الكبير ادوارد سعيد في كتابه "تغطية الاسلام" الذي فضح الاكاذيب التي الصقت بالاسلام موضحا ان هذا الدين دين انساني يقوم على المحبة والتسامح والانفتاح لا على التعصب والانغلاق.
ان "المثالية" التي تزعمها امريكا لنفسها هي مثالية كاذبة لان ما يجري على الارض من حروب مفزعة لا ينتسب الى اية "مثالية" وكما قال احدهم هناك من يحرصون في امريكا على اعتماد "مكافىء اخلاقي للحرب" ذرّا للرماد في العيون واخفاء للاطماع الامبريالية هذا "المكافىء الاخلاقي" قد سقط منذ زمن بعيد.
هذا المفهوم المكافىء "فًرية" امريكية لان حضارة تنفي حقوق الاخرين لا يمكن ان تمتلك اية قيمة اخلاقية.
ان تحتكر امريكا قيم الحرية والعدالة وحقوق الانسان "ضلالة" من الضلالات لان هذه القيم الانسانية لا يمكن ان تتجاوز مع العبارة الامبريالية الشهيرة "من ليس معنا فهو ضدنا".
عيب الامريكيين انهم يتمسكون بالشعارات البراقة بينما جنديّهم الكوني يمارس القتل في ارجاء مختلفة من العالم،.
الشعارات البراقة التي تسوّقها امريكا "النظام" خطيئتها انها تخفي "الحقيقة".. الحقيقة التي باتت عارية تعيها الشعوب،.
Yousefmahmoud73@yahoo.com
جريدة الدستور
المفضلات