الأميركي مانسون: القرآن يعتمد على العقل والمنطق.. وهو شيء جديد لم أعهده في الأديان التي نظرتها

قال لـ «الشرق الأوسط»: نطقت بالشهادة في أوائل يناير 2003 وكانت البداية لطريق طويل تعلمت فيه العبادات وقواعد الإسلام


مانسون («الشرق الأوسط»)

* يقول الأميركي مانسون الذي اعتنق الإسلام، إنه وجد في اعتماد القرآن على العقل والمنطق شيئا جديدا مختلفا عن الأديان التي تطلب منه التوقف عن التفكير وقبول أجزاء كبيرة منها، لأنه يصعب قبولها منطقيا، ويضيف أنه وجد أن أهداف الحياة في الدنيا والآخرة أجمل من خلال تعاليم الدين الإسلامي، وهذا جعله يعتنق الإسلام بكل حب، لأنه دين حق. وجاء الحوار معه على النحو التالي:

* ما هو أول احتكاك لك بالإسلام والمسلمين؟ ومتى بدأت التفكير في التحول إلى الإسلام؟

- أول مرة سمعت عن الإسلام كانت في المدرسة، حيث قيل لنا في عجالة بأن الإسلام هو الدين السائد في الشرق الأوسط ولم يذكروا لنا أي شيء آخر. أما أول تعامل لي مع المسلمين، فقد كان في الجامعة، وتحديدا، عندما التقيت زوجتي في صف الرياضيات، وجعلتني أغير من نظرتي للمؤمنين بالأديان، قبل مقابلتها كنت أعتقد أنه يجب علي أن أكون غبيا في أسوأ التقديرات، أو في أحسن الأحوال جاهلا لكي أؤمن بأي دين.

* ما الذي جذبك أكثر للدين؟

- القرآن هو أول كتاب ديني أقرؤه يطلب من قارئه بأن يفكر في أطروحاته وآياته قبل أن يؤمن بها. وقد وجدت في اعتماد القرآن على العقل والمنطق شيئا جديدا مختلفا عن الأديان التي تطلب منك التوقف عن التفكير وقبول أجزاء كبيرة منها، لأنه يصعب قبولها منطقيا.

* هل هناك من أثر عليك بشكل خاص أو شجعك على التحول إلى الإسلام؟

- لم يشجعني أحد على التحول إلى الإسلام. وأنا أقدر بشكل كبير أن أحدا من المسلمين الذين قابلتهم في الجامعة لم يكن يدعو غير المسلمين للتحول إلى الإسلام. نعم، كانوا دائما سعداء بالإجابة عن أي سؤال أطرحه عليهم، لكنهم لم يمارسوا أي ضغط على غيرهم قط، وهذا اختلاف مثير للإعجاب عما يقوم به الطلاب المسيحيون في الجامعة. وقد كان والد زوجتي أفضل من وجدته لأطرح أسئلتي عليه.

* أي نوع من النصوص قرأت لتتعرف على الإسلام؟

- بدأت بالقرآن، وأنا سعيد بذلك جدا. فقد وجدت أن الكثير من المواد المتاحة عن الإسلام عبر الإنترنت مثيرة للخوف، لأنها إما تعبر عن ثقافات تقدم كدين، أو لأنها ممارسات غير مبررة لم ترد أصلا في القرآن.

* ماذا كان رأيك في الإسلام والمسلمين قبل أن تصبح مسلما؟

- لم تكن لدي أفكار محددة عن المسلمين قبل أن أصبح مسلما، ولكنني كنت أرى أن من يؤمنون بالأديان يجب أن يكونوا أغبياء أو جهلة. وقد سمعت عن الإسلام من الإعلام بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، لكن كنت أعلم أنني أحصل فقط على جزء من المعلومات التي تصنع الأخبار المثيرة.

* هل تصف لي اليوم الذي أصبحت فيه مسلما؟ هل تتذكر اليوم والوقت؟

- نطقت الشهادة في أوائل شهر يناير (كانون الثاني) 2003، لكنني لا أتذكر اليوم بالضبط. فقد كانت الشهادة هي الخطوة الأخيرة في عملية طويلة بدأت بقراءتي للقرآن مرورا بتعلمي العبادات الإسلامية ومحاولتي فهم أكبر قدر ممكن من علوم الدين.

* ماذا كان رد فعل أسرتك وأصدقائك على تحولك إلى الإسلام؟ وهل كانوا داعمين أم مثبطين لك؟

- ابتعد عني أصدقائي إلى حد بعيد منذ أن أصبحت مسلما، لكن ذلك ليس بسبب كراهيتهم للإسلام، ولكن لأنني لم أعد أشاركهم الأشياء التي اعتدنا القيام بها معا. أما أسرتي فقد كانت داعمة لي بشكل كبير. في البداية لم يكونوا يفهمون القرار (أو الإسلام نفسه) من قبل، لكنهم قضوا وقتا طويلا وبذلوا جهدا كبيرا من أجل أن يتعلموا ويثقفوا أنفسهم عن الإسلام.

* كونك إنجليزيا تحول إلى الإسلام، هل سبق أن تعرضت لأي نوع من التمييز من المسلمين أو غير المسلمين؟

- لا يمكن أن أجيب عن هذا السؤال باعتباري إنجليزيا، ولكن باعتباري أميركيا تحول إلى الإسلام في بريطانيا، أقول نعم تعرضت للتمييز من الطرفين. فقد وجدت أن الناس يغيرون رد فعلهم تجاهي عندما يعلمون أني مسلم، فهم يبتعدون أكثر عني، ويصبحون غير راغبين في التعامل معي. على سبيل المثال، فقد لاحظت أن مستوى الخدمة التي تقدم لي في المطعم عندما أذهب بمفردي مرتديا الملابس التقليدية للأميركيين أفضل بكثير عن تلك المقدمة عندما ترافقني زوجتي المسلمة. أما المسلمون في بريطانيا فهم يرحبون بي ولكنهم لا يرغبون في مناقشة النقاط الأكثر عمقا في الدين الإسلامي معي: «لأني مجرد متحول إلى الإسلام، فما مقدار ما يجب أن أعرفه؟».

* منذ أن أصبحت مسلما، ما هو رأيك في الأمة الإسلامية بشكل عام؟

- المسلمون الذين قابلتهم هم نوعية الأشخاص أنفسهم الذين قابلتهم قبل أن أتحول إلى الإسلام، أعرف بعض المسلمين الرائعين والبعض الآخر الذين لا أود رؤيتهم مرة ثانية. الأمة بشكل عام تحتاج إلى عمل وجهد قليل. لقد قبلت الإسلام، لأن تعاليمه تتميز بالانفتاح، والقبول، والمراعاة. لكنني أجد الآن الأمة قد مزجت أجزاء كبيرة من الثقافات المحلية (سواء كانت عربية، أو باكستانية، أو هندية، أو ماليزية.. إلخ) بالدين، وترفض أن ترى أو تعترف بأن هذه مشكلة. لقد قبلت الإسلام كمنهج حياة، لكنني لم أقبل قط أن أتبنى الثقافة العربية أو الباكستانية.

* أي من آيات القرآن جذبتك أكثر إلى الإسلام؟ وهل هناك آية محددة محببة إلى قلبك بشكل أكبر؟

- أعمق آية ما زالت الأكثر تفضيلا لدي. إنها الآية رقم (256) من سورة البقرة التي تقول: «لا إكراه في الدين». هذه أقوى فكرة وجدتها في القرآن. الله يأمرنا بأن علينا ألا نكره أحدا على اعتناق دين معين. هذه الفكرة لم أجدها في الأديان من قبل، وقد جعلتني أتعامل مع القرآن بجدية أكبر.

* ما هي نصيحتك لجيل الشباب من المسلمين الذين يعيشون في المملكة المتحدة؟

- أنتم لستم في حاجة إلى التخلي عن دينكم لكي تندمجوا في المجتمع. البريطانيون (والأميركيون كما في حالتي) يقبلون المسلمين. وأروع ما في الإسلام أنه لا يتعلق بثقافة محددة. هناك فقط مجموعة من القواعد للحياة، ويمكن لكل فرد أن يطبق هذه القواعد في سياق أي ثقافة. لذلك أقول لهم: التزموا بدينكم وافصلوا بينه وبين ثقافتكم. خذوا فقط الأجزاء التي تريدون أو تحبون من الثقافات التي تمرون بها، لأنكم كمسلمين ولدوا في مجتمع متعدد الثقافات، لديكم المقدرة الفريدة لصياغة فكرتكم الخاصة بالثقافة والهوية دون أن تجبروا على الالتزام بالثقافة المحلية أو ثقافة آبائكم.




الشرق الأوسط - الثلاثـاء 15 شعبـان 1431 هـ 27 يوليو 2010 العدد 11564