أزمة بناء المساجد في أمريكا

الاربعاء 09 شعبان 1431 الموافق 21 يوليو 2010



بوب سميتانا

الإسلام اليوم/ خاص

في مقاطعة روترفورد بالولايات المتحدة الأمريكية, عندما يريد المسلمون أداء الصلاة, يذهبون إلى مبنًى في وسط ولاية "تينيسي"، حيث يقع المركز الإسلامي. وفِي كثير من الأحيان تتسع القاعة للمصلين، أما يوم الجمعة حيث يتجمع نحو 100 شخص, فإنّ المكان يصبح غير مريح إطلاقًا.

يقول "صالح سبنتاي", عضو مجلس إدارة المسجد: "خلال الصلاة, تزداد حرارة الجو؛ وذلك لأن المبنى لم يُصمَّم لاستيعاب هذا العدد".

مناهضة التوسعة

وكحَالِ العديدِ من المساجد الأمريكية, يواجه المركز الإسلامي في تينيسي معضلةً كبرى، فمع تزايد عدد المسلمين في الولايات المتحدة تحتاج المساجد إلى توسعة, وهو أمر يُقَابَل دومًا بمقاومة عدائية.

ويحاول المناهضون للمساجد, مثل تينيسي, استخدام قوانين تحديد المناطق لمنع بناء مسجد أو حتى توسيعه, وهذا ما أثار انتباه ودهشة الكثير من المسلمين المحليين الذين تساءلوا: "هل نصبح مواطنين من الدرجة الثانية، كلما تعلّقت الأمور بالدين؟".

من جانبه قال "ياسر عرفات", الذي يساعد في تنظيم المسجد المقترح في أنطاكية: "لا جرم أنّ هؤلاء الذين يخرجون, ويعارضون بناء المساجد, يعارضون القيم الأمريكية", مخاطبًا إياهم: "أنتم تخونون أمريكا بالوقوف ضد قِيمها الأساسية, وبقولكم: إنه غير مُرحَّب ببناء مسجد, أو أن تكون مسلمًا في الولايات المتحدة".

وحسب التقديرات الأخيرة, فلا يزيد أعداد المساجد في البلاد عن 2500 مسجدًا، من بين ما يُقدَّر بحوالي 330 ألف دور للعبادة في الولايات المتحدة.

يقول "عمر خالدي", أمين مكتبة في الآغا خان للعمارة الإسلامية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: "الغالبية العظمى من الأماكن التي تتواجد فيها المساجد الأمريكية شُيِّدت في الأساس من أجل أغراض أخرى". مضيفًا: "تلك الأنواع من المبانِي التي تحولت إلى مساجد كانت تتناسب مع أعداد وحالات الجيل الأول من المسلمين في أمريكا, لكنها لا تتناسب مع أطفالهم من الجيل الثاني والثالث".

تغيُّر الواقع

وفي الوقت الذي كان لدى المهاجرين في الستينات والسبعينات أماكن تَسَعهم للصلاة، فإن أطفالهم الذين كثرت أعدادهم يريدون المزيد من المساجد, كما ينبغي أن تحصل مساجدهم على نفس النوع من وسائل الراحة التي تُقدَّم للعديد من الكنائس في أمريكا, وهذا ما دفع العديد من الجماعات الإسلامية إلى تصميم مساجد جديدة على غرار الكنائس الضخمة.

ولذلك يأمل عرفات والمنظمِّون الآخرون من المركز الإسلامي في ولاية تينيسي في تحويل السينما في شارع "بيل لين" في أنطاكية إلى مسجد يشمل قاعة للصلاة ومكتبةً وقاعات للدراسة وغيرها, إلى جانب خطط لإنشاء مركز للألعاب الرياضية, مما سيجعله خامس أكبر مسجد رئيسي في ولاية تينيسي، يخدم حوالي 25 ألف مسلم في المنطقة.

ويضيف عرفات: "انظروا إلى الكنائس, لقد تَميّزت بمساحات متعددة الأغراض حيث يمكنك الذهاب للمرح والقيام بالأنشطة والفصول الدراسية وكل شيء إلى جانب الصلاة والعبادة, أمَّا الشيء الوحيد الذي يمكننا أن نفعله في مساجدنا هنا هو الصلاة".

ومنذ عام 2001, تزايدت صعوبة بناء المساجد الجديدة, وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية, قُوبل ما لا يقل عن 18 مشروعًا لبناء مسجد, من ولاية مسيسبي إلى ولاية ويسكونسن, بمعارضة شرسة, ويتذرَّع المعارضون لبناء المساجد بمخاوفهم من عرقلة حركة المرور والإرهاب.

سباحة ضد التيار

وفي الآونة الأخيرة, تدفَّق أكثر من 400 شخص إلى جزيرة ستاتين للاحتجاج على بيع "دير فارغ" إلى منظمة إسلامية هناك, كما تعرَّض مقترح بناء مسجد بالقرب من الموقع "صفر" في نيويورك لاحتجاج الآلاف, علاوةً على استطلاع الرأي الذي أجرته جامعة كوينيبياك في ولاية كونيتيكت, الذي أظهر أنّ أكثر من النصف في مدينة نيويورك يعارضون مشروع بناء المسجد.

إلى جانب ذلك، احتشد المئات من المعارضين في اجتماع لجنة مقاطعة روترفورد منتصف الشهر الماضي احتجاجًا على مسجد تينيسي, وقد ساعدت معارضةٌ مُماثِلة في تعطيل المسجد المقترح في برنتوود في وقت سابق من هذا العام, مِمَّا أجبر منظمي بناء المسجد على سَحْب طلبهم.

وعندما عقد أنصار مسجد تينيسي وقفة احتجاجية في قاعة محكمة مقاطعة روترفورد, ظهر المعارضون للمسجد, حيث رفع العضو ستكوت لافتةً كتب عليها "التسامح لا يعني الاستسلام", وأضاف: "إذا استطعنا أن نوقف بناء المسجد هنا, فإنّها ستكون لبنة أخرى في الجدار المناهض للانتشار الإسلامي".

وقد اختلف معه القسّ راسل ريتشاردسون, راعي الكنيسة المعمدانية في ولاية تينيسي, قائلاً: "إذا قُمْنا بانتهاك حريتهم, فنحن ننتهك بذلك حريتنا". وأشار ريتشارد لاند، رئيس المعمدانيين الجنوبيين, ولجنة الحرية الدينية في ناشفيل إلى "أنّ معارضي المسجد مضللون", مؤكدًا أن الدستور يحمي جميع الأديان.


المصدر بالإنجليزية



الإسلام اليوم