بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف تستقبل رمضان ؟! ( 2 )
وبعد عرض هذه الفضائل التى ذكرناها فى الموضوع السابق فضائل الصوم علينا أن نشكر الله على هذه النعمة ومن شكر النعمة إستعمالها فيما فيما يحبه المنعم والشكر ليس كلاما ولكن الشكر أبلغ ما يكون بالأعمال قال تعالى : اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ .
فحتى يكون الشكر مرضيا لرب الأرض والسماء لابد أن يكون الشكر مقرونا بالأعمال وليس بالأقوال فقط . لذا ينبغى علينا أن نغتنم هذا الشهر الكريم ونعمره بالأعمال التى ترضى ربنا فقد كان السلف يتهياؤن لشهر رمضان قبل رمضان بستة أشهر فإذا انقضى رمضان يدعون الله ستة أشهر أن يتقبل منهم ما فعلوه فى رمضان .
فما الذي ينبغي أن نفعله في شهر رمضان؟ أو كيف نستقبل رمضان ؟
1ـ بالمبادرة إلى التوبة الصادقة كما قال سبحانه : (( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) [ النور : 31 ]
فهذا شهر الغفران وهذه مواسم الرحمات فأقبلوا أيها التائبين على رب غفور ودود رحيم يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل فها هى قوافل التائبين قد سارت فلا تتخلف قال ربنا ( وسارعوا إلى مغفرة ......)
أن تبدأ بالتوبة , التوبة من الحال الذى يعرفه كل منا من نفسه .
قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ : قُلْت لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ يَوْمًا : سُئِلَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَيُّمَا أَنْفَعُ لِلْعَبْدِ التَّسْبِيحُ أَوْ الِاسْتِغْفَارُ ؟ فَقَالَ : إذَا كَانَ الثَّوْبُ نَقِيًّا فَالْبَخُورُ وَمَاءُ الْوَرْدِ أَنْفَعُ لَهُ . وَإِنْ كَانَ دَنِسًا فَالصَّابُون وَالْمَاءُ أَنْفَعُ لَهُ . ثُمَّ قَالَ لِي : فَكَيْفَ وَالثِّيَابُ لَا تَزَالُ دَنِسَةً . انْتَهَى .
ولاينبغى أن نتقلل عيوبنا وذنوبنا وكأنها شئ هين لا ثم لا فهذا شأن المنافقين والعياذ بالله تنبه..
فقد قال الله تعالى : وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا .
قال بعض العلماء : ضجوا من الصغائر قبل الكبائر . لأن تلك الصغائر هي التي جرتهم إلى الكبائر فاحترزوا من الصغائر جداً .
وقال القائل :
خلِّ الذُّنوبَ صَغِيرَها وكَبِيرَها فَهْوَ التُّقَى
واصْنَعْ كماشٍ فَوْقَ أَرْضِ الشَّوْكِ يَحْذَرُ ما يَرَى
لا تَحْقِرَنَّ صغيرةً إنَّ الجِبَالَ مِنَ الحَصَى
** عن الفضل بن موسى قال: كان الفضيل بن عياض شاطراً يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس وكان سبب توبته أنه عشق
جاريةً فبينما هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع تالياً يتلو: (( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله)) فلما سمعها قال: بلى يا رب قد آن فرجع، فآواه الليل إلى خربةٍ فإذا بها سابلة. فقال بعضهم: نرحل، وقال بعضهم حتى نصبح فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا.
قال: ففكرت، وقلت أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين هاهنا يخافوني، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع، اللهم إني قد تبت إليك وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام .
** سأل الفضيل بن عياض رجلا فقال له: كم أتت عليك؟ قال: ستون قال فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك، توشك أن تبلغ. فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون!
فقال الفضيل: أتعرف تفسيره تقول- إنا لله وإنا إليه راجعون-!! فمن عرف أنه لله عبد، إليه راجع، فليعلم أنه موقوف، ومن علم أنه موقوف فليعلم أنه مسئول!، ومن علم أنه مسئول! فليعد للسؤال جوابا. فقال الرجل فما الحيلة؟ قال: يسيرة! قال: ما هي؟ قال: تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى، فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي.
وإذا كان هذا القول لمن قاربت سنه الستين فللشباب قول الحسن - رحمه الله -لأصحابه: يا معشر الشيوخ، ماذا ينتظر بالزرع إذا بلغ؟ قالوا: الحصاد قال: يا معشر الشباب، إن الزرع قد تدركه العاهة قبل أن يبلغ.
** وقد مر مالك بن دينار على صبى يلعب بالتراب فقال له ما بالك تلعب بهذا التراب فقال لانا منه خلقنا واليه نعود فقلت اراك تضحك تارة وتبكى اخرى قال نعم اذا ذكرت عذاب ربى بكيت واذا ذكرت رحمته ضحكت فقلت يا ولدى أى ذنب لك حتى تبكى فقال يا مالك لا تقل هذا فانى رأيت امى لا توقد الحطب الكبار الا ومعه الحطب الصغار
وعند البخارى فى كتاب الدعوات: عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا قَالَ أَبُو شِهَابٍ بِيَدِهِ فَوْقَ أَنْفِهِ ثُمَّ قَالَ : للَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا وَبِهِ مَهْلَكَةٌ وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ نَوْمَةً فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ وَالْعَطَشُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ
قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ .
أرأيت إياك...إياك أن تفعل ذلك....فذنوبنا أهلكتنا أو كادت فلابد من التغيير والهجرة إلى الله تعالى دون مكابرة فإننا عباد الله إن جادلنا عن أنفسنا فى الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنا فى الأخرة من...من...قال تعالى: ( هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا ( 109 ) النساء.
فلنجعل من رمضان بما فيه من صنوف البر الكثيرة معسكر توبة نتحول فيه من أصحاب معاصى وسيئات إلى أصحاب طاعات
وفعل خيرات وليس هناك من الطاعات طاعة جمعت ما فى التوبة من خير وفضل من الله تعالى ولذلك أمر الله بها : قال تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 8 ) التحريم …
قال تعالى :( أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 74 ) المائدة....
وقال تعالى: ( وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3 ) هود.
وقال تعالى: ( وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ( 52) هود …
وقال تعالى: ( وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ( 90) هود …
وقد شدد الله تعالى على من لم يتب فقال تعالى: ( وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ ( 11 ) الحجرات..
فيا أخى : إن أردت أن يتوب الله عليك وتنجو من حالك السئ قبل الموت فتب قال تعالى: ( إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ( 160 ) البقرة
ياأخى الكريم: إن أردت أن يحبك الله فتب قال تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ( 222 ) البقرة …
ياأخى الحبيب: إن أردت أن يغفر الله لك ويرحمك .... وأنت صاحب الذنوب التى كالجبال والتى لعلها تكون سبب الهلاك والعياذ بالله..إن أردت ذلك فتب قال تعالى: ( إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 89 ) آل عمران
ياأخى فى الله: إن أردت أن يؤتيك الله الأجر الذى قد يكون سببا للخلاص من عواقب الذنوب الوخيمة فتب قال تعالى: ( إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا( 146) النساء .
ياأخى الحبيب: إن أردت الخير كل الخير فتب قال العلى الكبير: ( فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُنْ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ( 74 ) التوبة..
وقال علي الخواص رحمه الله : ما توقف عن أحد حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا من تركه الاستغفار قال تعالى : { وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى } الآية . وقال تعالى : { استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا }
ومن كلامه أيضا : من غزل شيئا لبس منه فلم يلم الحائك اه
لماذا أصبح الاستغفار سنة في الاستسقاء
بلغني أن الناس قحطوا بالمدينة، في سنة من خلافة عمر بن الخطاب، فخرج بهم مستسقياً، فكان أكثر قوله الاستغفار.
فقيل له: يا أمير المؤمنين، لو دعوت.
فقال: أما سمعتم قوله عز وجل " استغفروا ربّكم، إنّه كان غفّاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً، ويمددكم بأموال وبنين، ويجعل لكم جنات، ويجعل لكم أنهاراً " .
فصار الاستكثار من الاستغفار في الاستسقاء سنة إلى اليوم.
وقال ابن صَبيح: " شكا رجلٌ إلى الحسن البصري رحمه الله الجدوبةَ، فقال له: استغفر الله، وشكا إليه آخر الفقر، فقال له: استغفر الله، وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولداً، فقال له: استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له: استغفر الله، فقلنا له في ذلك؟ فقال: ما قلت من عندي شيئاً، إنَّ الله تعالى يقول في سورة نوح: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنَينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَكُمْ أَنْهَارَا} " .
وقال الله تعالى فى الحديث القدسى : يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم
واعلم أخى الحبيب أن الله تعالى الغنى الحميد القائل فى محكم التنزيل
( يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ( 15) فاطر …
وقال تعالى: ( وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (97) آل عمران …
وقال تعالى: ( وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ ( 133) الأنعام …
وقال تعالى : ( وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ( 6 ) العنكبوت...
ومع هذا كله فإنه جل وعلا يطلب منك الرجوع إليه سبحانه وتعالى , ويفتح لك بابا من أوسع الأبواب لترجع منه , وحتى لاتجد الطريق ضيقا فقد وسع الله فى باب التوبة وجعله مفتوحا على مصراعيه للعبد طيلة حياته مالم يغرغر , أو تطلع الشمس من مغربها ( يعنى وقت الساعة ) ... وليس هذا فحسب بل إن الغنى عنك وعن العالمين سبحانه, من يفتقر له كل من فى السموات والأرض , يفرح بتوبة عبده التائب ففى الحديث الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ .
أرأيت أخىكيف يفرح الله بتوبة العبد مع أن العبد هو المحتاج والله هو الغنى , ياللعجب الفقير العاجز دائم الحاجة لا يفرح بالتوبة وهو فى أشد الحاجة إليها , كن أخى من الفرحين بالتوبة التى من وراءها رحمة رب العالمين سبحانه..
قال تعالى : ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58 ) يونس..... فهذا من أول ما ينبغى أن نجعله من أعمالنا فى إستقبال شهر رمضان لنكون ممن يستقبله إستقبالا حسنا يليق بما فيه من النفحات والعطاءات .....
وهذه دموع المذنبين قد سالت فاسكب العبرات معهم وكن من الذين قال الله فيهم ( وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109) الإسراء
وكن من الذين قبلوا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ .
ابكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ
عَنْ جَسْرَةَ بِنْتِ دَجَاجَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ : قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِآيَةٍ حَتَّى أَصْبَحَ يُرَدِّدُهَا وَالْآيَةُ { إِنْ
تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }
قال عبد الله بن عمرو : كان يحيى يبكي حتى بدت أضراسه .
قال مجاهد : كانت الدموع قد اتخذت في خده مجرى .
روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان في وجهه خطوط مسودة من البكاء .
وبكى ابن مسعود حتى أخذ بكفه من دموعه فرمى به .
وكان عبد الله بن عمر يطفىء المصباح بالليل ثم يبكي حتى تلتصق عينيه .
وقال أبو يونس بن عبيد : كنا ندخل عليه فيبكي حتى نرحمه .
وكان سعيد بن جبير قد بكى حتى عمش .
وكان أبو بكر النهشلي إذا سمع الأذان تغير لونه وأرسل عينيه بالبكاء .
وكان نهاد بن مطر العدوي قد بكا حتى عمي .
وبكى ابنه العلا حتى عشى بصره
وكان منصره قد بكى حتى جردت عيناه .
وكانت أمه تقول : يا بني لو قتلت قتيلا ما زدت على هذا .
وبكى هشام الدستوائي حتى فسدت عيناه وكانت مفتوحة وهو لا يبصر بها .
وبكى يزيد الرقاشي أربعين سنة حتى أظلمت عيناه وأحرقت الدموع مجاورتها .
وبكى ثابت البناني حتى كاد بصره أن يذهب وقيل له : نعالجك على أن لا تبكي ؟ فقال : لا خير في عين لم تبك .
وكان الفضل قد ألف البكا حتى ربما بكى في نومه حتى يسمع أهل الدار .
وكان أبو عبيدة الخواص يبكي ويقول : قد كبرت فاعتقني .
قيل لعطاء السليمي : ما تشتهي ؟ قال : أشتهي أن أبكي حتى لا أقدر أن أبكي وكان يبكي الليل والنهار وكانت دموعه الدهر سائلة على وجه .
وبكى مالك بن دينار حتى سود طريق الدموع خديه وكان يقول : لو ملكت البكاء لبكيت أيام الدنيا .
فبادر أيها الحبيب بالتوبة قبل فوات الأوان فإن للذنوب أخطارا عظيمة وأضرارا جسيمة .
*** واحذر من عواقب الذنوب والمعاصى وآثارها السيئة فى الدنيا والآخرة
قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ : أَذْنَبْت ذَنْبًا فَاحْتَقَرْته فَأُتِيتُ فِي مَنَامِي فَقِيلَ لِي : لَا تُحَقِّرَنَّ مِنْ الذُّنُوبِ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا ، إنَّ الصَّغِيرَ عِنْدَك الْيَوْمَ يَكُونُ كَبِيرًا غَدًا عِنْدَ اللَّهِ .
قِيلَ لِابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا نَسْتَطِيعُ قِيَامَ اللَّيْلِ ، قَالَ : أَبْعَدَتْكُمْ ذُنُوبُكُمْ .
وَقِيلَ لِلْحَسَنِ : أَعْجَزَنَا قِيَامُ اللَّيْلِ ، قَالَ : قَيَّدَتْكُمْ خَطَايَاكُمْ .
وَقَالَ : إنَّ الْعَبْدَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُحْرَمُ بِهِ قِيَامَ اللَّيْلِ .
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : أَذْنَبْت ذَنْبًا فَحُرِمْت بِهِ قِيَامَ اللَّيْلِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ .
وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رحمه الله : إذَا لَمْ تَقْدِرْ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ وَصِيَامِ النَّهَارِ فَاعْلَمْ أَنَّك مَحْرُومٌ مُكَبَّلٌ كَبَّلَتْك خَطِيئَتُك .
قَالَ فِي اللَّطَائِفِ : مَا يُؤَهِّلُ الْمُلُوكُ لِلْخَلْوَةِ بِهِمْ إلَّا مَنْ أَخْلَصَ فِي وُدِّهِمْ وَمُعَامَلَتِهِمْ ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمُخَالَفَةِ فَلَا يُؤَهِّلُونَهُ وَلَا يَرْضَوْنَهُ لِذَلِكَ .
قال الشاعر
رأيت الذنوب تميت القلوب ……وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب ……وخير لنفسك عصيانها
إذا كنت في نعمة فارعها …… فإن المعاصي تزيل النعم
وداوم عليها بشكر الإله … فإن الإله سريع النقم
وقال آخر
تزود من التقوى فإنك لا تدري ………إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكا ………وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري
وكم من عروس زينوها لزوجها ………وقد قبضت أرواحهم ليلة القدر
وكم من صغار يرتجى طول عمرهم ………وقد أدخلت أجسادهم ظلمة القبر
وكم من صحيح مات من غير علة …… وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : إِنَّ لِلْحَسَنَةِ ضِيَاءً فِي الْوَجْهِ وَنُورًا فِي الْقَلْبِ وَسَعَةً فِي الرِّزْقِ وَقُوَّةً فِي الْبَدَنِ وَمَحَبَّةً
فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ ، وَإِِنَّ لِلسَّيِّئَةِ سَوَادًا فِي الْوَجْهِ وَظُلْمَةً فِي الْقَلْبِ وَوَهَنًا فِي الْبَدَنِ وَنَقْصًا فِي الرِّزْقِ وَبِغْضَةً فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ .
فيا عبد الله لا تنظر إلى من هو أشد فى المعصية منك ولكن انظر إلى من هو أكثر لله طاعة منك . انظر إلى أبى بكر وعمر
وعثمان وعلى والصحابة رضوان الله عليهم والسلف الصالح .
واعلم أنه لا يوجد ذنب ليس له سبيل إلى مغفرة الله إلا الشرك بالله أعاذنا الله منه . فمهما كانت ذنوبك فلا تقنط فإن عفو الله يسعك ومغفرة الله تنالك وهذه فرصة الغفران بين يديك فى شهر رمضان فلا تجعلها تفوتك . فإن العمر قد لا يطول وإن الأجل قد ينتهى
2ـ أن نتهيأ لاستقبال رمضان بالتخلص من جميع المنكرات من كذب وغيبة ونميمة وفحش وغناء وتبرج واختلاط وغير ذلك
مثل شرب الدخان وسماع الأغانى والمعازف والتبرج والاختلاط وحلق اللحى والكسب الحرام من الوظائف المحرمة مثل العمل فى البنوك والأعمال التى فيها ظلم العباد أو الحكم بغير ما أنزل الله والنظر إلى المحرمات وظلم الزوجات وإساءة التربية للأولاد وغير ذلك كثير من الذنوب التى يقع فيها الكثير...دائما...ليل نهار والتعاون فى بعض المنتديات على الإثم والعدوان كما هو فى منكرات الأفراح والأعراس وما شابه ذلك , والليالى القبيحة المسامة بالليالى الرمضانية حيث يجتمع البنات والشبات مع الرجال والأولاد ...فى فعل المنكرات ومشاهدة المحرمات أو قضاء الليل فى اللعب والصراخ والمجون والسهرات ..... فقد أصبح البر والطاعات وفعل الخيرات وترك المنكرات والتعاون على البر والتقوى , صار ذلك فى حياتنا وأحوالنا أحيانا ... أحيانا ...أحيانا فلابد إذا من التحول من هذا الحال إلى العكس ولن بكون ذلك بالآمانى والتمنى , لا لن يكون ذلك إلا بتغيير النفس ,والمجاهدة فى الخروج من هذا الأسر أسر الدنيا والإخلاد لها , أسر الشهوات وحب المال والرضى بالحياة الدنيا والإطمئنان لها ,فلابد إذا من تغيير النفس لابد قال تعالى: " إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ.... " ( 11) الرعد... قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ)
قلت : محمود : والعحيب أن كثير من الناس لا تحلو له المعصية إلا فى رمضان فبدل أن يكون شهر رمضان شهرا للتوبة ومغفرة الذنوب جعلناه شهرا للمعاصى والمنكرات فكم نشاهد من الأفلام والمسلسلات والمباريات والفوازير طوال الليل وحتى ساعات
الصباح وكم ...........وكم .
تخلص من العادات السيئة والأفعال القبيحة وأنت فى رمضان . فأنت تترك الحلال ابتغاء مرضات الله . تترك الطعام والشراب والزوجة وكل ذلك حلال ثم تصر على الحرام .
3ـ اعقد العزم الصادق والهمة العالية على تعمير رمضان بالأعمال الصالحة ، وعدم تضييع أوقاته الشريفة فيما لا يفيد .
فأروا الله من أنفسكم خيرا فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ قَالَ إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا
تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَإِذَا أَتَانِي مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم صَعِدَ الْمِنْبَرَ ، فَقَالَ : آمِينَ ، آمِينَ ، آمِينَ ، فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّكَ حِينَ صَعِدْتَ الْمِنْبَرَ قُلْتَ : آمِينَ ، آمِينَ ، آمِينَ ؟ قَالَ : إِنَّ جِبْرِيلَ آتَانِي فَقَالَ : مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغَفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ ، قُلْ آمِينَ فَقُلْتُ : آمِينَ ، وَمَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ ، أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يُبِرَّهُمَا فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ ، قُلْ : آمِينَ ، فَقُلْتُ : آمِينَ ، وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبَعْدَهُ اللَّهُ , قُلْ : آمِينَ , قُلْتُ : آمِينَ.
فينبغى على الإنسان العاقل أن يعرف شرف زمانه فلا يضيع منه لحظة فى غير قربة ولا طاعة وعليه أن يقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل كل حسب وقته فكل عمل فى وقته أفضل من غيره .
فقد كان السلف يبادرون اللحظات والأوقات
** فقد قال أحد السلف إن يوما لم أزدد فيه من الله قربا فلا بارك الله فى هذا اليوم .
** ونقل عن عامر بن قيس أن رجلا قال له كلمنى . فقال له أمسك الشمس .
** وأرسل أحد السلف إلى إبنه رسالة وكان هذا الولد مضيعا للأوقات فقال له يابنى يقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الْجَنَّةِ .
فيامضيع الساعات كم ضيعت من نخلات .
** ودخلوا على بعض السلف عند موته وهو يصلى فعاتبوه فى ذلك فقال الآن تطوى صحيفتى .
** وكان الجنيد وهو يحتضر يقرأ ورده من القرآن فقيل له فى مثل هذا الوقت ؟ فقال ومن أحوج بذلك منى .
** وقيل لأحدهم وقد كان يجتهد فى العبادة أرح نفسك . فقال راحتها أردت .
** ومر أحد السلف ومعه تلميذ له على مقهى والناس فى لهو فبكى فقال له مايبكيك ؟ فقال لو يبعونى أوقاتهم .
فاحرص على الوقت فى رمضان فإنه موسم الطاعات فلا تضيعه أمام التلفاز والأفلام والمسلسلات .
فلا تضيع وقتك فى النوم نهارا وفى السهر واللهو ليلا .
أما يكفى ما ضيعنا من الأوقات فى غير رمضان حتى تضيعه أيضا فى رمضان .
** فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ .
** وعَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ : اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ :
شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ .
** وعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ .
**وكان السلف لا يضيع وقته فى الحلال المباح فضلا عن الحرام فيتركون كثيرا مما أحل الله لهموذلك لضيق الوقت عندهم لطاعة الله .
** فهذه عائشة رضى الله عنها لما جاءها العطاء أنفقته جميعا ........
قال عروة : « ما كانت عائشة تَستَجِدُّ ثوبا حتى تُرَقِّعَ ثوبَها ، وتُنَكِّسَهُ ، قال : ولقد جاءها يوما من عند معاوية ثمانون ألفا ، فما أَمسى عندها دَرهم ، قالت لها جاريتها : فهلا اشْتَرَيتِ لنا منه لحما بدرهم ؟ قالت: لو ذكَّرتيني لفعلتُ».
** وهذا عبد الله بن عمرو بن العاص قَالَ : أَنْكَحَنِي أَبِي امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ فَكَانَ يَتَعَاهَدُ كَنَّتَهُ فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا فَتَقُولُ نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا مُنْذُ أَتَيْنَاهُ فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الْقَنِي بِهِ فَلَقِيتُهُ بَعْدُ فَقَالَ كَيْفَ تَصُومُ قَالَ كُلَّ يَوْمٍ قَالَ وَكَيْفَ تَخْتِمُ قَالَ كُلَّ لَيْلَةٍ قَالَ صُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةً وَاقْرَإِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ قَالَ قُلْتُ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْجُمُعَةِ قُلْتُ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَفْطِرْ يَوْمَيْنِ وَصُمْ يَوْمًا قَالَ قُلْتُ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ صُمْ أَفْضَلَ الصَّوْمِ صَوْمَ دَاوُدَ صِيَامَ يَوْمٍ وَإِفْطَارَ يَوْمٍ وَاقْرَأْ فِي كُلِّ سَبْعِ لَيَالٍ مَرَّةً فَلَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَاكَ أَنِّي كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ السُّبْعَ مِنْ الْقُرْآنِ بِالنَّهَارِ وَالَّذِي يَقْرَؤُهُ يَعْرِضُهُ مِنْ النَّهَارِ لِيَكُونَ أَخَفَّ عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَوَّى أَفْطَرَ أَيَّامًا وَأَحْصَى وَصَامَ مِثْلَهُنَّ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتْرُكَ شَيْئًا فَارَقَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ .
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي ثَلَاثٍ وَفِي خَمْسٍ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى سَبْعٍ .
** وهذا نبينا وأبو بكر وعمر يضعون الأحجار على بطونهم
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ قَالَا الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا قُومُوا فَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَى رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالَتْ مَرْحَبًا وَأَهْلًا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ فُلَانٌ قَالَتْ ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنْ الْمَاءِ إِذْ جَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي قَالَ فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ فَقَالَ كُلُوا مِنْ هَذِهِ وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ فَذَبَحَ لَهُمْ فَأَكَلُوا مِنْ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ الْجُوعُ ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ .
** وهؤلاء النفر الذين جاءوا يسألوا أزواج النبى عن عبادته
** عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي
** قال الحسن البصري : "يا ابن آدم، إنما أنت أيام، إذا ذهب يوم ذهب بعضك". وقال : "يا ابن آدم، نهارك ضيفك فأحسِن إليه، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك، وإن أسأت إليه ارتحل بذمِّك، وكذلك ليلتك" . وقال : "الدنيا ثلاثة أيام : أما الأمس فقد ذهب بما فيه، وأما غداً فلعلّك لا تدركه، وأما اليوم فلك فاعمل فيه" . وقال ابن مسعود : "ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزدد فيه عملي" .
وقال ابن القيم : "إضاعة الوقت أشد من الموت؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها" .
وقال السري بن المفلس : "إن اغتممت بما ينقص من مالك فابكِ على ما ينقص من عمرك" .
** فالسلف عرفوا كيف يجمعوا الحسنات ويحافظوا عليها أما نحن إلا من رحم الله عرفنا كيف نجمع الدولارات والريالات والجنيهات .
فلابد من الإجتهاد وتعمير الأوقات بالأعمال الصالحات .
فالوقت والعمر رأس مالك فلا تضيع رأس مالك فيما لا يفيد فتخسر .
4- بكثرة الذكر والدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن وحفظ اللسان عن اللغو
فهو شهر القرآن فأكثروا فيه من تلاة القرآن وقد ورد فى فضل قراءة القرآن ما لا يحصى فراجعه .
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ عَشْرَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا .
وفى رواية ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ كُلَّ عَامٍ عَشْرَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا وَكَانَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عُرِضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ .
وعَنْ هُبَيْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَيْقَظَ أَهْلَهُ وَرَفَعَ الْمِئْزَرَ قِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ مَا رَفَعَ الْمِئْزَرَ قَالَ اعْتَزَلَ النِّسَاءَ .
وقد كان السلف إذا دخل رمضان يجتهدون في قراءة القرآن ويقدمونها على كل عبادة ، حتى روي عن بعضهم أنه كان يختم
القرآن كل ليلة، فاجتهد رحمك الله في تلاوة القرآن في هذا الشهر ، واقرأ بترسل وترتيل وتدبر وخشوع ، والتزام بأحكام التلاوة ما استطعت .
** وقد كان الإمام الشافعى يختم القرآن فى رمضان كل يوم مرتين .
** وقد كان عثمان رضى الله عنه يختم القرآن فى ركعة الوتر .
(( وكان السلف رحمهم الله لهم عادات مختلفة في قدر ما يختمون فيه فروى ابن أبي داود عن بعض السلف رضي الله عنهم أنهم كانوا يختمون في كل شهرين ختمة واحدة وعن بعضهم في كل شهر ختمة وعن بعضهم في كل عشر ليال ختمة وعن بعضهم في كل ثمان ليال وعن الأكثرين في كل سبع ليال وعن بعضهم في كل ست وعن بعضهم في كل خمس وعن بعضهم في كل أربع وعن كثيرين في كل ثلاث وعن بعضهم في كل ليلتين وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ختمتين ومنهم من كان يختم ثلاثا وختم بعضهم ثمان ختمات أربعا بالليل وأربعا بالنهار ! فمن الذين كانوا يختمون ختمة في اليوم والليلة : عثمان بن عفان رضي الله عنه وتميم الداري وسعيد بن جبير ومجاهد والشافعي وآخرون ومن الذين كانوا يختمون ثلاث ختمات: سُليم بن عتر رضي الله عنه -قاضي مصر في خلافة معاوية رضي الله عنه -فروى أبو بكر بن أبي داود أنه كان يختم في كل ليلة ثلاث ختمات . وروى أبو عمر الكندي في كتابه في "قضاة مصر" أنه كان يختم في الليلة أربع ختمات .
وقال الشيخ الصالح أبو عبدالرحمن السلمي رضي الله عنه سمعت الشيخ أبا عثمان المغربي يقول كان ابن الكاتب رضي الله عنه يختم بالنهار أربع ختمات وبالليل أربع ختمات وهذا أكثر ما بلغنا من اليوم والليلة .
وروى السيد الجليل أحمد الدورقي بإسناده عن منصور بن زادان -من عباد التابعين رضي الله عنه -أنه كان يختم القرآن فيما بين الظهر والعصر ويختمه أيضا فيما بين المغرب والعشاء في رمضان ختمتين وشيئاً ! وكانوا يؤخرون العشاء في رمضان إلى أن يمضي ربع الليل .
وروى ابن أبي داود بإسناده الصحيح أن مجاهدا كان يختم القرآن في رمضان فيما بين المغرب والعشاء في كل ليلة من رمضان .
وعن منصور قال: كان علي الأزدي يختم فيما بين المغرب والعشاء كل ليلة من رمضان .وعن إبراهيم بن سعد قال كان أبي يحتبي فما يحل حبوته حتى يختم القرآن .
وأما الذين ختموا القرآن في ركعة فلا يحصون لكثرتهم ، فمن المتقدمين : عثمان بن عفان وتميم الداري وسعيد بن جبير رضي الله عنهم ختمة في كل ركعة في الكعبة .
وأما الذين ختموا في الأسبوع مرة فكثيرون نقل عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وعبدالله بن مسعود وزيد بن ثابت وأبي بن كعب رضي الله عنهم وعن جماعة من التابعين كعبدالرحمن بن يزيد وعلقمة وإبراهيم رحمهم الله .
والاختيارأن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر يحصل له به كمال فهم ما يقرؤه وكذا من كان مشغولا بنشر العلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له ، وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حد الملل والهذرمة )) أ . هـ التبيان في آداب حامل القرآن .
والذي يظهر من هذا أن السلف كانوا يستغلون الأوقات الفاضلة كرمضان وعشر ذي الحجة في القراءة لتحصيل الأجر المترتب على القراءة فقط (من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ) ولم يذكر في الحديث أن الأجر مترتب على التفكر وإنما هو على القراءة .
وقد ذكر الشيخ عبد الكريم الخضير في محاضرة له بأنه يعرف من يصلي الفجر ثم يتكئ على سارية المسجد فما يؤذن المؤذن للظهر إلا وقد ختم القرآن !
** وعلى كل حال فإن أفضل الهدى هدى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين أوصى عبدالله بن عمرو رضى الله عنهما .
** فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : صُمْ مِنْ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا فَقَالَ اقْرَإِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ قَالَ إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ فِي ثَلَاثٍ
نسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته . آمين
5- بالمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها ، وتأديتها بتؤدة وطمأنينة وخشوع
فإن صوما بلا صلاة لن يرجى له القبول فإن الصلاة عماد الدين وهى الفاصل بين المؤمنين والكافرين وهى أول ما يحاسب عليه العبد أمام رب العالمين فإن صلحت صلح ما بعدها وكان من الفائزين وإن فسدت فسد ما بعدها وكان من الخاسرين .
فعليك بلزوم المساجد فخير بقاع الأرض المساجد ، فاحرص على صلاة الجماعة في المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، ولا تدع شيئاً من النوافل ، فإنها تسد خلل الفرائض ، وتوجب محبة الله تعالى ؛ قال تعالى في الحديث القدسي : (( ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ) [ رواه البخاري ]
6ـ بالمحافظة على النوافل بعد إتيان الفرائض
فالنوافل سياج للفرائض والنوافل تكمل بها الفرائض فلا تستهين بها.
7- حسن الخلق ولين الجانب والتواضع وخفض الجناح
فإنما شرعت العبادات لتهذيب النفس والأخلاق . فإن طاعة لا تهذب صاحبها نفسا ولا خلقا فلا يرجى لها قبولا .
قال الله تعالى : وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)الشمس .
فمن صام وساء خلقه فكيف يرجى لصيامه أن يقبل ؟
8- مجاهدة النفس
فإن لم تستطع أن تجاهد نفسك فى أكلة تأكلها أو شربة تشربها أو لبسة تلبسها أو نومة تنامها أو امرأة تنكحها فكيف تحمل نفسك وهذا حالها على القتل فى سبيل الله فقد قال الله تعالى ( فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم )
فإذا قتلت شهوة الطعام والشراب والنكاح واللباس فى نفسك سهُل عليك بعد ذلك حمل هذه النفس على القتل فى سبيل الله .
فأنت حينما تجاهد نفسك فى هذه الشهوات تقتلها شيئا فشيئا حتى إذا جاء وقت القتل الكلى صار تحمل ذلك القتل سهلا . أما من لم يقدم البعض فكيف يقدم الكل . فالذى يحاهد نفسه وشهواته يقتل نفسه فى كل يوم مرات كثيرة فإذا جاء الوقت
الذى تقتل فيه مرة واحدة كان هذا القتل أسهل على النفس من القتل مرات فى كل يوم .
9- قيام الليل فقيام الليل سنة مؤكدة في غير رمضان ، وهو أشد تأكيداً في رمضان ، وهو صلاة التراويح التي يصليها الناس في المساجد ، فينبغي الحرص عليها وإتمامها كاملة مع الإمام ، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنْ الشَّهْرِ فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادِسَةِ وَقَامَ بِنَا فِي الْخَامِسَةِ حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ فَقُلْنَا لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ فَقَالَ إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِيَ ثَلَاثٌ مِنْ الشَّهْرِ وَصَلَّى بِنَا فِي الثَّالِثَةِ وَدَعَا أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ فَقَامَ بِنَا حَتَّى تَخَوَّفْنَا الْفَلَاحَ قُلْتُ لَهُ وَمَا الْفَلَاحُ قَالَ السُّحُورُ .
10- الصدقة في رمضان لها مزية وفضيلة عن غيره من الشهور ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم إذا دخل رمضان أجود بالخير من الريح المرسلة فاحرص على التصدق في هذا الشهر والجود بما عندك .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ .
11- تفطير الصائمين ، وإطعام الفقراء والمساكين ، فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا .
12- العمرة في رمضان للعمرة في رمضان فضل كبير ، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَّ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا أَحِجَّنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَمَلِكَ فَقَالَ مَا عِنْدِي مَا أُحِجُّكِ عَلَيْهِ قَالَتْ أَحِجَّنِي عَلَى جَمَلِكَ فُلَانٍ قَالَ ذَاكَ حَبِيسٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ امْرَأَتِي تَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ وَإِنَّهَا سَأَلَتْنِي الْحَجَّ مَعَكَ قَالَتْ أَحِجَّنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ مَا عِنْدِي مَا أُحِجُّكِ عَلَيْهِ فَقَالَتْ أَحِجَّنِي عَلَى جَمَلِكَ فُلَانٍ فَقُلْتُ ذَاكَ حَبِيسٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَحْجَجْتَهَا عَلَيْهِ كَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَإِنَّهَا أَمَرَتْنِي أَنْ أَسْأَلَكَ مَا يَعْدِلُ حَجَّةً مَعَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرِئْهَا السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ وَبَرَكَاتِهِ وَأَخْبِرْهَا أَنَّهَا تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِي يَعْنِي عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ .
13- عليك بكثرة الدعاء فالدعاء هو العبادة ، وهو دليل على افتقار العبد إلى ربه وضرورته إليه في كل حال ، وقد سماه الله تعالى عبادة في قوله{وقال ربكم ادعونني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين }[ غافر: 6 ]
(قلت محمود : فإن لم يكن هناك جهاد بالسلاح فأعلى راية الجهاد بالدعاء وقيام الليل والأعمال الصالحة وإن لم تستطع إطلاق
الرصاص فأطلق العيون بالعبرات )
14- إياك وكثرة الطعام والشراب فإنها تؤدي إلى التراخي والفتور و التكاسل عن العبادة فهو شهر الصيام لا شهر الطعام .
15- إياك والسهر بالليل والنوم بالنهار فإنك إذا قضيت نهار رمضان في النوم ، وليله في السهر و اللعب ، حرمت أجر الصيام والقيام ، وخرجت من الشهر صفر اليدين ، فهي ـ والله ـ أيام معدودة ، وليال مشهودة ، ما تهل علينا إلا وقد آذنت بانصرام ، فاجتهد فيها ـ رحمك الله ـ بالطاعة و العبادة تفز باللذة والنعيم غداً . وإياك أن يدركك الشهر وأنت في غفلة ، فقد قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : «رَغِمَ أنْفُ رجل دخل عليه رمضان ، ثم انْسَلَخَ ولم يُغْفَرْ لَه ، ورَغِمَ أنفُ رجل
أدْرَك أبويه أو أحدَهما ، وهما حيّ ولم يدْخِلاهُ الجنة ، وَرَغِمَ أنفُ رَجُل ذكرتُ عنده ولم يُصلّ عليَّ».
** وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا سَمَرَ إِلَّا لِرَجُلَيْنِ أَوْ لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ لِمُصَلٍّ وَلِمُسَافِرٍ .
16- وأخيرا أمسك عليك لسانك
** فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنْ النَّارِ قَالَ لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ثُمَّ قَالَ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ قَالَ ثُمَّ تَلَا { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ حَتَّى بَلَغَ يَعْمَلُونَ }
ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ قُلْتُ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ .
أخوكم ومحبكم فى الله
طالب العفو الربانى
محمود بن محمدى العجوانى