..
مقدمه عن العقـــــــوق
( تخلِّي الأبناء عن الوالدين )
..
دراسة اجتماعية على المسنِّين المقيمين بدور الرعاية الاجتماعية
في المملكة العربية السعودية
إعداد
عبدالله بن ناصر بن عبدالله السدحان
1421هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمــــــــــــــــــــة
..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فلقد مضت سنة الله في الإنسان أن جعله يمر بمراحل متعددة في رحلته الدنيوية ، فيبدأ وليداً ضعيفاً ، ثمَّ شاباً قوياً ، وأخيراً شيخاً ضعيفاً . قال تعالى : {الله الَّذي خَلَقَكُم مِن ضَعفٍ ثمَّ جَعَلَ مِن بَعد ضَعفٍ قُوَّةً ثمَّ جَعَلَ مِن بَعدِ قُوَّةٍ ضَعفاً وَشَيبَةً يَخلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ العَلِيمُ القَدِيرُ } [ الروم 54 ] ولقد عنيت الشريعة برعاية هذا الإنسان منذ نعومة أظفاره وحتى مماته .
ولئن كانت هذه الرعاية تمتد طوال حياة الإنسان فإن ما يهمنا هنا المرحلة الأخيرة منها ، وهي مرحلة الشيخوخة . فلقد حرص الإسلام على هذه المرحلة وجعلها محطة تكريم وعناية خاصة وأوصى بأهلها مزيد رعاية ، واحترام وتوقير ، وبخاصة الوالدين . ذلك أن صاحبها يتصف بالضعف وحاجته إلى الآخرين لخدمته والقيام بشؤونه الدنيوية ، فهي مرحلة عصيبة ، ولا عجب أن الرسول تعوَّذ منها فلقد روى أنس - رضي الله عنه - أن النبي كان يقول : (( اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم ...)) وفي رواية أخرى تعوَّذ من أن يُرد إلى أرذل العمر ( ).
ولقد تزايد في الآونة الأخيرة التنادي بالاهتمام بهذه الفئة ، كما بُذلت جهود عملية لخدمتهم وانصبَّت تلك الجهود على النواحي المادية الصرفة فظهر ما يسمى بنظام التقاعد ، والتأمينات الاجتماعية ، كما تمَّ تخصيص عام 1982م سنة دولية للمُسنِّين بدعوة من الجمعية العامة للأمم المتحدة لتركيز الجهد من أجل بحث قضايا المسنِّين ومناقشتها ، ومعالجة مشاكلهم ، وزيادة الاهتمام برعايتهم الاجتماعية ، والصحية ، والنفسية ، والمعيشية .
وإن كان هذا التنادي بين الدول المعاصرة لم يبرز إلا في السنوات الأخيرة، فإن الإسلام قد نظم هذا الأمر وأكد عليه قبل أكثر من أربعة عشر قرناً ، ولقد انعكس ذلك على سلوك وممارسات المسلمين في تعاملهم مع المسنِّين ، وخاصة الوالدين ، بل إن الرعاية التي منحها الإسلام تمتاز بشموليتها وتنوعها كما سنرى .
ولقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن أوضاع المسنِّين والمسنَّات المقيمين بدور الرعاية الاجتماعية ( )، وإن وجودهم في هذه الدور يدل على تخلِّي أبنائهم عنهم ، وأنها تمثل مظهراً من مظاهر العقوق للوالدين ، ومن واقع عملي الوظيفي واهتمامي بهذا الجانب تولّد لدي تساؤل ، ثمَّ أصبح يكبر باستمرار ، ومع كل حالة تدخل هذه الدور . فكان السؤال يتردد : هل هناك تخلِّي من الأبناء عن الوالدين ؟ وهل أصبح المجتمع السعودي يعيش كل هذا العقوق ؟
ومن هنا تأتي هذه الدراسة التي تحاول أن تجيب على تساؤل مهم : وهو التعرف على أسباب دخول المسنِّين والمسنَّات دور الرعاية الاجتماعية ، إضافة إلى محاولة استقصاء الخصائص الاجتماعية والمهنية والاقتصادية والتعليمية لهم ، ثمَّ التعرف على علاقة هؤلاء المسنِّين والمسنَّات بذويهم خارج الدور .
واستكمالاً للدراسة تناولت رعاية المسنِّين في الإسلام ، وأوجه الرعاية المقدَّمة لهم ، مع الإشارة للتغيرات التي تصيب الإنسان في حالة كبره ، وموقف الإسلام منها ، وتم ترتيبها وفق التقسيم التالي :
..
الفصل الأول : ويشتمل على ما يلي :
أولاً : تعريف المصطلحات .
ثانياً : التغيرات التي يمر بها كبير السن .
ثالثاً : موقف الإسلام من هذه التغيرات .
الفصل الثاني : رعاية المسنِّين في الإسلام . ويشتمل على ما يلي :
أولاً : أسس رعاية المسنِّين في الإسلام .
ثانياً : رعاية الوالدين كمظهر من مظاهر رعاية المسنِّين في الإسلام .
ثالثاً : رعاية صديق الوالدين كمظهر من مظاهر رعاية المسنِّين في الإسلام
رابعاً : رعاية المسنِّين في المجتمع المسلم .
خامساً : رعاية المسنِّين في الحروب من قبل الجيوش المسلمة .
سادساً : بعض الأحكام الشرعية الخاصة بالمسنِّين .
ومما يلزم الإشارة اليه أن بعض فصول هذا الكتاب سبق نشرها في كتاب مستقل بعنوان ( رعاية المسنّين في الإسلام ) وهي الفصل الأول والثاني .
ولا يفوتني هنا أن أتقدم بالشكر لكل من ساهم في إنجاح هذه الدراسة ، وأخص الإخوة المدراء والأخصائيين والأخوات الأخصائيات بدور الرعاية الاجتماعية فلهم خالص الدعاء والشكر .
..
والله الموفق
المؤلف
ص. ب ( 7351 )
الرياض
11462
يتبع ......
منقول من منتديات الطريق إلى الله - جزاهم الله خيرا
المفضلات