اتفق جماعة من الشعراء على اغضاب معن بن زائدة وكان حليما لا يغضب وجعلوا لمن يفعل ذلك مائة بعير
فعمد احدهم الى جلد ناقة ولف به جسمه ,جعل ناحية اللحم الى الخارج ,جعل الذباب يتساقط عليه,ثم دخل على معن,وجلس على سريره,ولم يسلم عليه,وقال:

انا والله لا ابدي سلاما على معن بتسليم الامير
وكان بومها واليا لابي جعفر المنصور على اليمن

فقال معن : السلام سنة,ان سلمت رددنا عليك,وليس في تركه ضير

فقال له
اتذكر اذ لحافك جلد شاة واذ نعلاك من جلد البعير؟

فقال معن : اذكر ذلك ولا انساه ,هل ينسى احد قديمه؟

فقال :
وتاوي كل مصطبة وسوق بلا عبد لديك ولا وزير؟
ونومك في الشتاء بلا رداء واكلك دائما خبز الشعير؟

فقال معن : الحمد لله لا لك يا اخا العرب.

فقال :
وفي يمناك عكاز قوي تذود به الكلاب عن الهرير؟

فقال : ما خفي عليك خبرها اذ هي كعصا موسى.
فقال:
فسبحان الذي اعطاك ملكا وعلمك الجلوس على السرير

فقال معن : ذلك فضل الله يؤنيه من يشاء من عباده .

فقال :
سارحل عن بلاد انت فيها ولو جار الزمان على الفقير

فقال معن : ان جاورتنا فمرحبا بالاقامة,وان فارقتنا صحبتك السلامة.

فقال:
فجد لي يا ابن ناقصة بمال فاني قد عزمت على المسير

فقال معن : اعطوه الفا.

فقال :
قليل ما اتيت به واني لاطمع منك في الشيء الكثير

فقال معن : اعطوه الفا اخرى.

فقال:
سالت الله ان يبقيك دهرا فمالك في البرية من نظير
فمنك الجود والاحسان حقا وفضل نداك كالبحر الغزير

فقال معن :اعطينا الفين على ذمنا فليعط الفين على مدحنا .

فبكى الشاعر فقال له معن : ما يبكيك يا اخا العرب؟

فقال :تذكرت ان مثلك يموت... ثم قال :
لعمرك ما الرزية فقد مال ولا فرس يموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد حر يموت بموته خلق كثير

فقال له معن : وما حملك على هذا يا اخا العرب؟

فقال : راهنني قوم على اغضابك وجعلوا لي ان قدرت مائة ناقة ولهم علي مثلها ان لم افعل

فقال معن : اعطوه النوق.




**********************
أفضل ما يتحلى به المسلم خلق الحلم، وما أحوجنا لهذا الخلق في كثير من المواقف، خاصة في هذا

العصر الذي تتلاحق فيه الأحداث، وتتكاثر فيه الفتن، حتى أصبح الحليم حيراناً.