صلب المسيح بين السياسة والدين

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

صلب المسيح بين السياسة والدين

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: صلب المسيح بين السياسة والدين

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    11:17 AM

    افتراضي صلب المسيح بين السياسة والدين

    صلب المسيح بين السياسة والدين

    مسألة صلب السيد المسيح، فهذه المسألة حيوية بالنسبة للمسيحي، فهي النبأ السّار الذي تنبّأ به أنبياء بني إسرائيل وهي خلاصة الإنجيل وذِروة سَنَام عَمَل المسيح ومعنى البشارة بملكوت الله ولأجلها تجسّد ابن الله ونزل من السماء في شبه جسدٍ بشري ليموت على صليب العار مكفّرا عن خطايا البشر. ونُظّمت إصحاحات الإنجيل حولها، وكلّ إنسان غير مؤمنٍ بموت المسيح ليس له خلاصٌ وهو مُدان تحت عبودية الخطية، وقبل كلّ شيء فهذا حدثٌ تاريخي وقع على عهد بيلاطس البنطي والي الرومان على اليهودية، وقد شَهِدَ التلاميذُ بوقوعه وتنبّأ الأنبياء به واتّفق الخصوم عليه. ودوّنته الإدارة الرومانية في وثائقها ونقله التاريخ لنا واحتمل آباء الكنيسة القدامى الموت حرقاً من أجله، وأبرزته جميع أسفار الإنجيل، وعاش به ومن أجله ملايير المسيحيين منذ أكثر من ألفي عام.
    هذا ما يعتقدُه المسيحي ويراه، فكيف يصدّق الكتابي رجلا أمّيا خرج من برّية العرب ليقول للنّاس : [وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157)] النساء 157.

    ثم بعد كلّ هذا ما العيب أو الغريب في صلب عيسى ؟ ألم يذكر القرآن الكريم في عشر آياتٍ على الأقل أنّ اليهود قتـلوا أنبياءهم قال تعالى:
    [لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182) الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183)](آل عمران181-183).

    أمام هذا البون الشاسع بين القرآن والإنجيل بخصوص مسألة صلب يسوع، وفي غياب الأبحاث من جانب المسلمين في هذا الشأن أو نُدرَتها وجد المسيحي الإجابة الشافية في الإنجيل: لم يكن المسلم أوّل من استعظمَ الصلبَ على المسيح المُخلِّص فلقد كبُرَ خبرُه أيضاً على تلميذه سمعان بطرس وقال له :[22فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ قَائِلاً:«حَاشَاكَ يَارَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هذَا!» 23فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ:«اذْهَبْ عَنِّي يَاشَيْطَانُ! أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي، لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا للهِ لكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».] متى 16/21 – 23؛ مر 8/31 – 9/1؛ لو9/22.
    نعمْ! لقد وسوسَ الشيطانُ، في رأي المسيحي، من قبل وأوحى إلى أمير الحواريين أنّ هذا الأمر مُمتنعُ الحدوث، هكذا يفسّرُ المسيحي موقفَ المسلم.
    ومَنْ أراد مِنَ المسلمين أن يجد تفسيراً لماذا تستبيح القوى العظمى دماءنا وتنتهكُ مقدّساتنا فليتأمّل جيّدا النص السالف الذكر، فتلاميذُ الشيطان لا حقّ لهم.

    [COLOR="Blue"]
    السياق الدّيني الاجتماعي لقضية الصلب[/COLOR
    ]
    وإذا أردنا أن نستبِقَ مضمون هذا البحث لأجلِ أن نفسّرَ لماذا يرفضُ القرآنُ الكريم صلبَ عيسى عليه السلام فنقول يجب أن ننظرَ للمسألة في سياقها الدّيني الاجتماعي، فنبي النّاصرة عليه السلام إسرائيلي بعثه الله إلى شعبه إسرائيل.
    والفكرة المحورية في هذه القضية هي أنّ شريعة التوراة التي هي ضمير الشعب لا تُعَلّقُ رجلا على خشبةٍ إلاّ إذا كان مُجرماً عاتياً أو كافراً بالله تعالى مُجدّفاً، فإذا نجحَ خصُومُه في صلبِه فقد مَسّوا بمصدَاقيته وأقنعوا النّاس من شعبِهم أنّ هذا الرجلَ ليسَ إلا تلميذا للشيطان ، لم يفعلْ عجيبةً من عجائبهِ إلا بقوة بعل زبول ويعني هذا من بين ما يعنيه أنّ الله تعالى قد انهزمَ ورسولَه ( تعالى الله عن ذلك عُلُواً كبيراً ).

    وإذا ثبتَ لنا يقيناً من التاريخ أنّ رسالة سيّدنا عيسى عليه السلام استمرّت واشتدّ عودُها بعده فلا تفسير لها سوى أنّه لم يُصلبْ.
    ولتقريب الفكرة دعوني أضرِبُ هذا المثل، هبْ أنّ رجلا مسلماً ادّعى الصلاح و الكرامات بين المسلمين فتَبِعهُ البُسطاء و السذّجُ واستطاع أن يصنع لنفسه مكانة مقدّسةً بينهم، ثم بمرور الأيام بدأت تُرفعُ إلى النائب العام شكاوى مِن مريديه تتّهِمُه بالنصبِ والاحتيال وخيانة الثقّة والشعوذة والأخلاق الفاحشة، وأُوكِلَ التحقيقُ للشرطة والقضاة وجُمِعت عناصرُ الجريمة واعترفَ المتّهمُ بجرائمه وقضتِ المحكمة الشرعية برَجْمِه جزاء بما قدّمتِ يداه.
    لا شكّ أنّ هذا الرجلَ سيسقطُ في عيني النّاس ولا ريبَ أنّ ادّعاءاته ستنفضح، وسيتّضحُ لأتباعه أنّه كان مُغرّراً بهم.
    ولنفرضْ أيضاً أنّ رجُلا قام بعدَه وقال ماتَ هذا المرجومُ من أجلِ خطايانا، فهل تجدُ هذه الدعوى بين المسلمين آذانا مُصغيةً ؟.. لا شكّ أنّ محاولةً مثلَ هذه ستفشلُ فشلا ذريعاً، إذ كيف يموت هذا الفاسقُ المجرِمُ من أجلِ خلاصنا؟؟ وإذا نجحت هذه الدعوة فإنّها ستنجحُ لا محالةً بين غيرِ المسلمين من وثنيين وغيرهم.
    وهذا ما حدثَ بالفعلِ ففكرةُ المسيح المصلوب نجحَت لا بين اليهود إنّما بين الوثنيين من الإغريق والرومان لأنّها فكرةٌ قريبةٌ من عقائدهم لكنّها بين شعب يسوع عليه السلام فضيحةٌ وجهالةٌ .

    وهكذا نستطيعَ تلخيص هذا البحث في الآتي:

    يُسلِّمُ اليهودي المؤمنُ بمسيح مصلوب لمّا يسلِّمُ المسلمُ بصلاح وتقوى رجلٍ مَرجُومٍ.
    هذا ملخّصُ البحث الذي أضعه أمامكم، إخواني مسلمين ومسيحيين، ليحلّ الإشكالية في إطارها السيّاسي والديني الاجتماعي الذي عاشت في ظلّه الأرض المقدّسة منذ أكثر من ألفي سنة.

    ما مصلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم من رفضه للصلب:

    رسول الله صلى الله عليه وسلم أمّيٌ خرج من قرية أمّية وكانت المسيحية منتشرة في ثلاث قارات:شمال إفريقيا ، أوروبا و آسيا. وجدهم متّفقين جميعا على أنّ عيسى مات مصلوبا تكفيرا عن خطايا البشر. وكان صلى الله عليه وسلم حريصا على أن يؤمن به النّاس فهل من الدبلوماسية المعهودة في الحسابات البشرية أن يواجه وحده جميع المسيحيين ويخسر تعاطفا ممكنا إن لم يكن من الكلّ فعلى الأقل من البعض .

    المنطق يقول أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن لديه أيّة مصلحة في نكران صلب عيسى ولو لم يكن لديه اليقين العميق من أنّ مصدره متين، أقوى من اعتقاد جميع المسيحيين آنذاك، ما أقدم على قول شيء قد يظهر خطئه بعد حين، خصوصا أنّه صلى الله عليه وسلم لم يكن لديه أيّ دليل تاريخي أو نصّي أو أيّ شيء آخر يدعم به موقفه سوى اعتقاده أنّه ينقل خبرا من لدن الحكيم الخبير، ولتوضيح الأمر على ما يمكن أن تكون عليه خيبة المسيحي من عقيدة المسلم نضرب هذا المثل:
    نفرض أنّ سياسيا من بولندا أراد أن يكسب الشعب المصري صديقا لقضيته ، فهل يجرؤ على التشكيك في أعزّ ما يفخرُ به المصريون وهو حرب أكتوبر التي هزمت الجيش الذي لا يقهر.
    ويقول لهم: ما حاربتم ولا انتصرتم إنّما شبّه لكم؟.
    فتصور أخي القارئ كيف يستحيل في منطق البشر ويتعذّر أن تجمع بين إرادتك في كسب أصدقاء مع تكذيبك لأعزّ ما يتمسّكون به.

    والحقيقة الجلية أنّ تكذيب القرآن لصلب عيسى كان من شأنه أن يصنع أعداءً لرسولنا صلى الله عليه وسلم ولا يمكن أن يصنع له أصدقاء. وهذا دليلٌ حاسم في أنّ محمد صلى الله عليه وسلم كان مُبلّغا عن ربّه ليس إلا، لا يرجو مصلحة خاصّة من ذلك.

    معالجة القرآن الكريم لمسألة الصلب

    من الأشياء التي تشدّ انتباه المحقّقين في مثل هذه المسائل، نجد أنّ ما تعتبره الكنيسة جوهر العقيدة والذي أطنب في تفسيره سبع و عشرون سفرا في الإنجيل لم يَرُدّه القرآن الكريم إلا بآية وحيدة في سورة النساء 157.

    ما هي الدروس المستخلصة؟
    ـ أمّية رسول الله صلى الله عليه وسلم : وهذا هو الدرس الأوّل .
    ليس من منطق البشر إذا أرادوا تفنيد شيء أن يكتفوا بالقول:" هذه القضية لم تحدث"، بل عليهم أن يأتوا بالبيّنات والدلائل على صدق ما يدّعون.

    ولو سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دليلك على أنّ عيسى لم يُقتل ولم يُصلب فسيقول أخبرني العليم الخبير. ونِعمَ بالله، فلا علم ولا تاريخ ولا منطق يعلو فوق كلام الله تعالى.

    ـ عدالة القرآن: وهو الدرس الثاني.
    والمسلم لمّا يستند إلى القرآن الكريم في تفنيد صلب المسيح عيسى عليه السلام سيُواجه من قِبَلِ المسيحي بنصوص إنجيلية تثبت العكس. وأمام هذه المعضلة سيحاول المتجادلان البحث عن مصدر مستقلٍّ يحتكمان إليه، لكن لا توجد وثائق تاريخية ذكرت أو حتّى أشارت إلى اسم يسوع عليه السلام، ولمفاجئة الجميع سنرى أنّ الأناجيل التي بين يدينا هي التي تفنّد صلبه. وبهذا تتحقّق عدالة القرآن الكريم في إقامة الحجّة على المنكرين من كتُبهم التي يطمئنون إليها.

    ولن يجد المسيحي خيرا له من نصوصه المقدّسة في علاج هذه المسألة، وهذا أسلوبٌ ربّاني، فقد احتجّ الله تعالى على اليهود بتوراتهم.
    قال تعالى: [ قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقي] وقد قال تعالى:[ ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن].
    فلا شيء أحسن ولا أمضى حجّة من نصوص الكتاب المقدّس عند محاورة إخواننا أهل الكتاب.

    ـ معجزة القرآن: من تصفّح ردود المسلمين في مسألة الصلب يتّضحُ جليا أنّ المسألة تتجاوزُهم، فلم يفهموا لماذا رفض القرآن الكريم صلب عيسى عليه السلام ولا أتوا بشيء جديدٍ يدعم إيمانهم ، وإذا اتّضح من الأبحاث والدراسات النقدية والتاريخ والآثار التي اكتشفت في نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين وفي القرن الحالي عرضت قناة ديسكفري الأمريكية فيلماً وثائقياً عن اكتشاف "قبر المسيح" و"ابنه".

    وهذا الفيلم أحرج رجال الكنيسة في جميع أنحاء العالم فالدراسات العلمية أثبتت تاريخ القبر وأنه يرجع إلى تاريخ وفاة السيد المسيح، وخرجوا بأنّ عيسى عليه السلام لم يصلب ولم يُقتل. فهذه معجزة المعجزات.
    وهذا هو رابط تحميل الفيلم. http://islamegy.wordpress.com
    ماذا يستهدف القرآن الكريم بنكرانه صلب المسيح
    أنّ القرآن الكريم يستهدف التالي:

    • عيسى عليه السلام ليس ملعونا بل نبيا مُباركا، وهذا ردّ على اليهود.
    • نفي عقيدة الخلاص وإقرار أن كلّ أمريء بما كسب رهين، وهذا ردّ على النصّارى.
    • نفي عقيدة التجسّد القائلة ببنوة عيسى لله تعالى .
    • نفي نسخ عيسى عليه السلام لشريعة التوراة.
    • نفي أنّ الإنجيل هو العهد الجديد، بل هو آخر أسفار العهد القديم.
    • أنّ عيسى لم يؤسّس مملكة الله ، بل بشّر بها فقط.
    • عيسى عليه السلام ليس هو خاتم الأنبياء.
    • إثبات أنّ الإنجيل عبثت به أيدي الضّالين.
    كلّ هذه الأفكار التي عدّدناها تفسّرها حادثة الصلب، فإذا انهارت عقيدة الصلب ستنهار كلّ هذه الأفكار تباعا لها.

    [COLOR="Red"]السياق السياسي و الدّيني الاجتماعي زمن عيسى عليه السلام [/COLOR
    ]

    لفهم المسألة فهما جيّدا فعلى القارئ أن يستحضر جملة من القضايا السيّاسية الإدارية والدّينية والحالة النفسية لشعب إسرائيل التي شكّلت مضمار المعترك الذي عاش فيه النبي عيسى عليه السلام مع شعبه.

    كانت فلسطين آنذاك مستعمرة رومانية مقسمة إلى ولايتين:

    ولاية الجليل في الشمال تحت حكم هيرودس أونتيباس.. وولاية اليهودية في الجنوب و يحكمها بيلاطس البنطي وعاصمتها أورشليم.
    وقد كانت السلطة الرومانية قد اتّفقت مع اليهود إثر أزمة ثورة المكابيين في القرن الثاني قبل الميلاد على أن تحترم معتقداتهم الدينية وأعيادهم وختانهم وسبوتهم وأن يُنصّبوا كاهنا عليهم ممن يرضونه في مقابل ألا يطلبوا الاستقلال وألا يُجنّدوا في الجيش الروماني وأن يدفعوا الضريبة لقيصر وألا ينفذّوا وحدهم قرارات كبيرة من شأنها المساس بالأمن والاستقرار كتنفيذ حكم الإعدام مثلا.

    2ـ الحالة النفسية لشعب إسرائيل: كان شعب إسرائيل يعتقد أنّه شعب الله المختار. لكن الواقع يكذّب المعتقد، فقد كان يعيش تحت السلطات الوثنية منذ 600 سنة، وكانوا يسمّون الأمم بالكلاب و الخنازير. فكان الشعب يغتلي شوقا لوعد الله بأن يرسل إليهم المسيح المخلّص الذي يبيد الظالمين ويردّ لهم سلطانهم ومجدهم المسلوب.

    3ـ لقب المسيح و معناه في الثقافة الإسرائيلية: تنبّأ أنبياء إسرائيل منذ إبراهيم عليه السلام على أنّ الله تعالى وعد شعبه بأن يرسل إليه المسيح.والمسيح لشدّة قربه ومكانته عند الله تلقّبه الأسفار المقدّسة " ابن الله" مجازا. ومن معانيه السياسية المَلِك.
    جاء في متى 1 :16 [ 16وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ ].

    ومن المعلوم أنه يطلق اسم المسيح على كل حاكم يهودي، صالحاً كان أو فاجراً.
    ورد في مزمور 18 :50 [50بُرْجُ خَلاَصٍ لِمَلِكِهِ، وَالصَّانِعُ رَحْمَةً لِمَسِيحِهِ، لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ].
    وأطلق مزمور 132 :10 لفظة المسيح على داود، وهو من الأنبياء والملوك الصالحين. وورد في 1صموئيل 24 :6 قول داود في حق شاول: [ 6فَقَالَ لِرِجَالِهِ: «حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ أَعْمَلَ هذَا الأَمْرَ بِسَيِّدِي، بِمَسِيحِ الرَّبِّ، فَأَمُدَّ يَدِي إِلَيْهِ، لأَنَّهُ مَسِيحُ الرَّبِّ هُوَ». ]. وكذلك ورد في 1صموئيل 24 :10 وفي 1صموئيل 26 وفي 2صموئيل 1 :14.

    وأُطلقت كلمة "مسيح" في إشعياء 45 :1 على الملوك والوثنيين [1هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ لِمَسِيحِهِ، لِكُورَشَ الَّذِي أَمْسَكْتُ بِيَمِينِهِ لأَدُوسَ أَمَامَهُ أُمَمًا، وَأَحْقَاءَ مُلُوكٍ أَحُلُّ، لأَفْتَحَ أَمَامَهُ الْمِصْرَاعَيْنِ، وَالأَبْوَابُ لاَ تُغْلَقُ: 2«أَنَا أَسِيرُ قُدَّامَكَ وَالْهِضَابَ أُمَهِّدُ. أُكَسِّرُ مِصْرَاعَيِ النُّحَاسِ، وَمَغَالِيقَ الْحَدِيدِ أَقْصِفُ. ].

    جاء عيسى عليه السلام وكان اسمه المسيح( وهذا مجرد اسم ولم يكن عيسى عليه السلام لا أوّل ولا آخر من تسمّى به).
    وكان عليه السلام وُلد من غير أب وهذا من شأنه أن يترك التباسا يسهل استغلاله من طرف خصومه.
    فسهل جدّا أن يُلفق ضدّه أنّه يدّعي أنّه ابن الله بالمعنى الحقيقي.


    الصدام بين تعاليم عيسى عليه السلام و كبرياء إسرائيل: أول شيء رفض عيسى عليه السلام هو الثورة ضد روما وقال قولته الشهيرة:" أعطوا لقيصر ما لقيصر ولله ما لله " ويعنى أنّه على إسرائيل الصبر فوقت الخلاص لم يحن بعد.
    ثانيا: "قال سيؤخذ منكم ملكوت الله ويُعطى لشعب آخر" ويعني هذا أنّ الله قرّر ألا يكون إسرائيل شعبه بعد اليوم.

    ثالثا: وصف السلطات الدينية بالمنافقين والمرائين والجشعين واليهود ككل بسلالة الأفاعي قتلة الأنبياء.
    لكن هذا العدّو الجديد لإسرائيل ما فتئت تزداد شعبيته يوما بعد يوم لأنّه يحيي الموتى ويبرأ الأكمه والأبرص ويقيم المفلوجين والمقعدين ويطرد الأرواح الشريرة ويسكت الرياح ويٌكثّر الطعام.

    فما السبيل إلى التخلّص منه ومن بدعته ؟ كان أمام اليهود خياران:

    أوّلهما: أسهل من شربة ماء، وهو اغتياله في شِعبِ أو واد أو في أحد طرق أسفاره الكثيرة. لكن الخطورة هي إن اغتالوه فسيعيش شهيدا في ذاكرة من آمن به، وهكذا لا يتمّ القضاء على بدعته، كما يراها اليهود.

    ثانيهما: بالغ الصعوبة وهو تقديمه للعدالة أمام مجلس الشيوخ أولا ثم أمام بيلاطس البنطي ثانيا حتى يسمح لهم بقتله وتعليق جثّته على خشبة كما يُقتلُ المجرمون، وهذا هو الطريق الأمثل للتخلص منه ومن دعوته.

    إرهاصــات الأزمــة بين عيسى و شعبه

    ما ميّز زمن عيسى عليه السلام هو الثورات و التمرّد و الفوضى في فلسطين.

    وحادثة الصلب عنوان لذلك، فهي حادثة تاريخية أجمع عليها الإنجيل والقرآن الكريم:[وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157)] وأيّدها التلمود البابلي ولا خلاف فيها،إلاّ في هوية المصلوب.
    فهو:

    1ـ يسوع الناصري عند اليهود وكنيسة بولس ومن المعلوم أن بولس هو الذي علّم أن يسوع صُلب لأجلنا كفارة عن الخطايا ، وكنيسته هي التي أدمجت تعاليمه في أسفار الإنجيل التي لم تعلّم أبداً أن يسوع صُلب وتم هذا الإدماج عند ترجمة الأسفار إلى اليونانية، وقد شهد مؤرخو النصارى أنّ نصوص آلام المسيح لم تكن موجودة أصلا في الأناجيل، إنما كانت في كتيبات مستقلة.

    2ـ وهو رجل ألقى الله عليه شبه يسوع عند المسلمين.
    والشيء الذي يمكن أن نستخلصه بدون منازع هو:أنّ اليهود حرصوا على قتل يسوع صلباً.

    ولنبدأ مناقشة الفكرة من هنا .

    ولفهم الحقيقة يجب علينا أن نحلّل الوضع السياسي والدّيني الاجتماعي للأرض المقدّسة زمن صاحب البشارة عليه السلام.
    ففلسطين في هذا الزمان كانت مستعمرة رومانية يحكمها في نصفها الشمالي الجليل،الملك هيرودس أونتيباس؛وفي النصف الجنوبي، اليهودية، الوالي الروماني بيلاطس البنطي بمرسوم قيصري صادر عن السلطة المركزية في روما.
    وقبل هذا تعاقبت عليها الإدارات الوثنية منذ حملة نبوخذ نصّــر البابلي على رأس القرن السادس قبل الميلاد، مرورا بالفرس، فالإغريق وأخيرا الرومان سنة 63 ق،م.

    وقد عزّ على شعب الله المختار أن يعيش عيشة المهانة والذلّ، يدفــع الجزية للخنازير والكلاب، فاشتدّ شوقه وطال انتظاره إلى المسيح المخلّص ابن داوود، فظهر في هذا الزمان رجلٌ في ناصرة الجليل اسمه يشوع )الاسم العبراني( يبشّر شعبه بقرب مملكة يَهْوَهْ اله إسرائيل، وبقرب الفرج وينادي بعِتقٍ للمسبيين وتخلية للمأسورين وبِسَنَةِ الربّ المقبولة، وبانتقام الله ويعزّي جميع النائحين.
    وقد علّق عليه الشعب أملا عظيما وظنّوا أنّه المسيح المخلّص، فرفض ذلك وانتهر الشعب ودعاهم لِمُسَالمة روما ودَفْعِ الجزية لها ودعاهم للصبر لأنّ وقت الخلاص لم يحِنْ بعد، وفضح جشع ونفاق السلطة الدينية بالخصوص والفرّيسيين على العموم.

    إذن فلاشكّ أنّ رجلا مثل يشوع سيشكّل خطرا، في أعين مَنْ نَصّبُوا أنفسهم أمناء وأوصياء على عقيدة وتقاليد الآباء، ومتقاعسا عن انتزاع الاستقلال السياسي ومُهَدّدا لمصالح السلطة الدينية.
    فلا مناص من التخلّص منه بطريقة تكفل لهم الحيلولَة بينه وبين أتباعه وتمسَخُ اسمَهُ في ذاكرة الشعب.
    ففكّر اليهود في قتلِ يسوع مصلوبا !؟…
    لكن لقتل رعية من رعايا الإمبراطورية الرومانية بهذه الطريقة، وإقحام الوالي الروماني في قضية لا تعنيه مبدئيا، يجب للقضية أن تستند لِتُهمَة يُجرّمُها القانون الروماني، ولقتل إسرائيلي أمام الشعب يجب للقضية أن تستند لفتوى شرعية من مجلس الشيوخ )السنهدرين( .
    ومن غرائب الصُدَفِ أنّ اسم "المسيح" تتقاطع فيه التُهمَتَان السيّاسية والدينية.ولقد كان عليه السلام وتلاميذه فريسة سهلة لليهود لو أرادوا نَصْبَ كَمِينٍ له في أي مكان.
    فلقد كان عليه السلام رسولا مُتجوّلا وهذا ما يميّزه عن كثير من الرُسُل والأنبياء فكان لا يكاد يستقرّ في مكان حتى يغادِرَه إلى مكان آخر حيث تذكر الأناجيل أن يسوع كان كثير التنقل ليكرز بالبشارة . فيوم في الناصرة و آخر في كفرناحوم و منه إلى بحيرة طبرية،بيت صيدا ، المدن العشر السامرة بيت عانيا ، أورشليم ثم صور وصيدا ليبشّرَ بمملكة الله . وكان يُحَرّم على نفسه وأصحابه حَمْلَ الزاد والنقود والسيف وحتى العِصِيّ[متى 10/5 – 10، لو 9/3]. فكان و الذين آمنوا به بدون سلاح .
    واليهود جوّزوا لأنفسهم اغتيال المضايقين ، في أسفارهم المقدسة،واعتبروه خلاصاً من الله وتخليصاً ممن اصطفاهم الربّ لهذه المهمة الجليلة فمن المعروف أنه لما صرخ بنو إسرائيل إلى الرب بعث لهم القاضي إيهود ليغتال عجلون ملك مؤاب (قض 3/20 – 21 ، قض 14/19 ، 15/5 ، 18/27].
    كما يحكى أن أبناء دان أتوا إلى لايش إلى شعب مستريح مطمئن و ضربوهم بحدّ السيف وأحرقوا المدينة بالنار.

    إذن فالاغتيال من طبيعة اليهود ولو فعلوا ذلك مع عيسى عليه السلام في شِعْبٍ أو جَبَلٍ أو في أحد طُرُق أسفاره الكثيرة لَتَخلّصوا منه وخلّصوا الدهماء والسذّج وعامة إسرائيل من فتنة هذا الرجل الذي لم يكن في نظرهم سوى مضلاًّ(لو 23/2). ومشعوذًا ساحرًا.

    أكَانَ خوفاً من السلطة الرومانية؟. كلاّ! فقد ثبت في الأناجيل الأربعة وسفر الأعمال أنّ الوالي الروماني كان متعاوناً مع اليهود إلى أقصى حدّ في لعبة دخلت فيها الحسابات السياسية، وغاب عنها الضمير والأخلاق والمشاعر الإنسانية.
    ورحم الله القائل:"إنّ السياسة لعبة قذرة !".. فلقد استيقن بيلاطس البنطي من براءة المقبوض عليه ـ الذي ظنّوه يسوع ـ لكنّه رضخ أخيرا لإرادة اليهود و أسلمه للصلب.

    فلماذا الإصرار على قتل عيسى مصلوبا ؟
    إنّ الأنبياء يجوز أن يُقتَلوا، بل قد قُتل قومٌ منهم، وأيضا فليس في قتل المسيح طعناً عليه ولا قَدْحاً في أمرِه، فما هو الغريب في صلب يسوع ؟..، حتىّ يتوعد الله اليهود بالعذاب الشديد : بقولهم [إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ]، في الوقت الذي يذكرُ القرآن الكريم أنّ كثيراً من الأنبياء قتلهم اليهود وكأنّ الأمر عادي .
    قال تعالى :[ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147)](آل عمران 146 – 147).

    وقال تعالى:[ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (22)] (آل عمران21ـ 22). وقال تعالى:[ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183)] آل عمران 183 .
    وقد ورد في السنة: أن شرّ الناس من قتل نبيا أو قتله نبي " فَقتلُ الأنبياء يجوز في حقّهم عليهم السلام والاستشهاد في سبيل الله أسمى أمانيهم.

    إلا أن القرآن الكريم قد أكد أنه لم يُصلب ولم يمت، إذ أن مضمون الآية الكريمة:
    [ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) ] (النساء 157)،لا يتفق مع القول السابق..

    إذن لا شكّ أنّ وراء صلب يسوع سرّاً!...
    وصل بنو إسرائيل،في تجربتهم الطويلة مع قتل الأنبياء،إلى القناعة أنّ قتلهم لا يزيد إلاّ في تأجيج مشاعر الاعتزاز و الفخر بهم،و بالتالي،في زيادة شعبيتهم.
    فكثيرٌ من الأنبياء لم يُقِمْ لهم اليهود في حياتهم وزنا لكنهم لمّا صبروا على ما أوذوا به وقُتلوا،انتصروا والتفّ حول مآثرهم الشعب واعترف أنّهم كانوا قدّيسين.
    أذكر على سبيل المثال ارميا،أشعيا وزكرياء، فرؤساء الشعب لم يكونوا أغبياء حتىّ يكرّروا تجربةً ثبت فشلها من قبل، ويُهدوا يسوع نصراً بعد موته، قد لا يدرِكُه حتى في حياته. وكان حرص السلطة الدينية شديدا للقضاء على دعوته، وإطفاء حماس الجماهير التي آمنت به واجتثات اسمه نهائيا من ذاكرة الشعب .
    فما السبيل إلى ذلك ؟ ألم يكن اسمه المسيح ؟.
    وأخيراً اهتدوا إلى حيلة غاية في المكر والدهاء .

    فمن الناحية الدينية:
    لقد وجدوا في كلمة المسيح مُبتَغَاهم ـ يجب ألاّ يخفى على القارئ الكريم أنّ في كلّ دينٍ مُحكَمٌ ومُتشَابِهٌ وأنّ تأويل الكلم تحكمه النيّة الحسنة أو السيئة ــ فمن الناحية الدينية تلقّبُ الأسفارُ المقدّسةُ العبرانية المسيحَ بابن الله مجازا
    ففي 2 صم 7/14[14أَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا.]..
    وأش، 63/ 15ـ 16[15تَطَلَّعْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَانْظُرْ مِنْ مَسْكَنِ قُدْسِكَ وَمَجْدِكَ: أَيْنَ غَيْرَتُكَ وَجَبَرُوتُكَ؟ زَفِيرُ أَحْشَائِكَ وَمَرَاحِمُكَ نَحْوِي امْتَنَعَتْ. 16فَإِنَّكَ أَنْتَ أَبُونَا وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْنَا إِبْرَاهِيمُ، وَإِنْ لَمْ يَدْرِنَا إِسْرَائِيلُ. أَنْتَ يَا رَبُّ أَبُونَا، وَلِيُّنَا مُنْذُ الأَبَدِ اسْمُكَ.] .
    و إر 3 / 4[4أَلَسْتِ مِنَ الآنَ تَدْعِينَنِي: يَا أَبِي،] .
    و إر 3/19[19وَأَنَا قُلْتُ: كَيْفَ أَضَعُكِ بَيْنَ الْبَنِينَ، وَأُعْطِيكِ أَرْضًا شَهِيَّةً، مِيرَاثَ مَجْدِ أَمْجَادِ الأُمَمِ؟ وَقُلْتُ: تَدْعِينَنِي يَا أَبِي، وَمِنْ وَرَائِي لاَ تَرْجِعِينَ.].
    و إر 31/9 [9بِالْبُكَاءِ يَأْتُونَ، وَبِالتَّضَرُّعَاتِ أَقُودُهُمْ. أُسَيِّرُهُمْ إِلَى أَنْهَارِ مَاءٍ فِي طَرِيق مُسْتَقِيمَةٍ لاَ يَعْثُرُونَ فِيهَا. لأَنِّي صِرْتُ لإِسْرَائِيلَ أَبًا، وَأَفْرَايِمُ هُوَ بِكْرِي.].
    وملا 1/6 [6«الابْنُ يُكْرِمُ أَبَاهُ، وَالْعَبْدُ يُكْرِمُ سَيِّدَهُ. فَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَبًا، فَأَيْنَ كَرَامَتِي؟ وَإِنْ كُنْتُ سَيِّدًا، فَأَيْنَ هَيْبَتِي؟ قَالَ لَكُمْ رَبُّ الْجُنُودِ. أَيُّهَا الْكَهَنَةُ الْمُحْتَقِرُونَ اسْمِي. وَتَقُولُونَ: بِمَ احْتَقَرْنَا اسْمَكَ؟].
    وملا 2/10[10أَلَيْسَ أَبٌ وَاحِدٌ لِكُلِّنَا؟ أَلَيْسَ إِلهٌ وَاحِدٌ خَلَقَنَا؟ فَلِمَ نَغْدُرُ الرَّجُلُ بِأَخِيهِ لِتَدْنِيسِ عَهْدِ آبَائِنَا؟].… و قد اختصرت الشهادات فهي أكبر من هذا بكثير.
    إلا أن المقبوض عليه قد أتهم أمام السنهدرين بأنّه المسيح. وهي كلمة لا يعرف الوالي الروماني فحواها. أمّا في القصر فأتّهم بأنّه الملك. وهي تهمة سياسية ، لا تتسامح معها السلطات الرومانية.
    ولما كان يسوع قد وُلِدَ من غير آب، فسهلٌ جدّا أن ينصرف المعنى المجازي إلى المعنى الحقيقي، وهذا ما أشاعه خصومُه وعلى رأسهم رئيس الكهنة ليجد مبرّرا لتكفيره ومن ثمّ قتله معلّقا على خشبة كما تأمر التوراة بقتل المجرمين الملاعين.
    قالت التوراة:[ 22«وَإِذَا كَانَ عَلَى إِنْسَانٍ خَطِيَّةٌ حَقُّهَا الْمَوْتُ، فَقُتِلَ وَعَلَّقْتَهُ عَلَى خَشَبَةٍ، 23فَلاَ تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلَى الْخَشَبَةِ، بَلْ تَدْفِنُهُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، لأَنَّ الْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ اللهِ. فَلاَ تُنَجِّسْ أَرْضَكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا](تث21/22) .

    ولقد أجمعت الأناجيل الأربعة والإجماع الرباعي نادر جدّا في أنّ يوسف الذي من الرّامة وهو عضو في مجلس السنهدرين، طلب الجثّة من بيلاطس في اليوم الذي تمّ فيه صَلْبَه و دَفنـه كما هو في يو19/38 [38ثُمَّ إِنَّ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، وَهُوَ تِلْمِيذُ يَسُوعَ، وَلكِنْ خُفْيَةً لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، سَأَلَ بِيلاَطُسَ أَنْ يَأْخُذَ جَسَدَ يَسُوعَ، فَأَذِنَ بِيلاَطُسُ. فَجَاءَ وَأَخَذَ جَسَدَ يَسُوعَ.].
    ولو23/51[50وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ يُوسُفُ، وَكَانَ مُشِيرًا وَرَجُلاً صَالِحًا بَارًّا .51هذَا لَمْ يَكُنْ مُوافِقًا لِرَأْيِهِمْ وَعَمَلِهِمْ، وَهُوَ مِنَ الرَّامَةِ مَدِينَةٍ لِلْيَهُودِ. وَكَانَ هُوَ أَيْضًا يَنْتَظِرُ مَلَكُوتَ اللهِ. 52هذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ، 53وَأَنْزَلَهُ، وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ مَنْحُوتٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ وُضِعَ قَطُّ.].
    ومر15/43[43جَاءَ يُوسُفُ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، مُشِيرٌ شَرِيفٌ، وَكَانَ هُوَ أَيْضًا مُنْتَظِرًا مَلَكُوتَ اللهِ، فَتَجَاسَرَ وَدَخَلَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ.].
    ومتى27/57[57وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ، جَاءَ رَجُلٌ غَنِيٌّ مِنَ الرَّامَةِ اسْمُهُ يُوسُفُ، وَكَانَ هُوَ أَيْضًا تِلْمِيذًا لِيَسُوعَ. 58فَهذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. فَأَمَرَ بِيلاَطُسُ حِينَئِذٍ أَنْ يُعْطَى الْجَسَدُ.].
    ولكن ليس حبا في المصلوب كما ذهب إليه يوحنا اللاهوتي ومترجم متى (يو19/38،متى27/57)، لكن لأجل ألاّ تتنجّس الأرض من إثم هذا الملعون.

    ودُفِن المصلوب في قبرٍ منعزلٍ في الصخر ولم يُدفن في مقابر اليهود، كما يُوصي التلمود حتّى لا يتأذّى الموتى من إثمه، وهذا دليل آخر على أنّ المصلوب ملعون.

    أنظر يو19/41[41وَكَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ بُسْتَانٌ، وَفِي الْبُسْتَانِ قَبْرٌ جَدِيدٌ لَمْ يُوضَعْ فِيهِ أَحَدٌ قَطُّ. 42فَهُنَاكَ وَضَعَا يَسُوعَ لِسَبَبِ اسْتِعْدَادِ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْقَبْرَ كَانَ قَرِيبًا.].
    لو23/53[، 53وَأَنْزَلَهُ، وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ مَنْحُوتٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ وُضِعَ قَطُّ.].
    مر15/46[46فَاشْتَرَى كَتَّانًا، فَأَنْزَلَهُ وَكَفَّنَهُ بِالْكَتَّانِ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ كَانَ مَنْحُوتًا فِي صَخْرَةٍ، وَدَحْرَجَ حَجَرًا عَلَى بَابِ الْقَبْرِ.].
    متى27/60[60وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ نَحَتَهُ فِي الصَّخْرَةِ، ثُمَّ دَحْرَجَ حَجَرًا كَبِيرًا عَلَى بَاب الْقَبْرِ وَمَضَى.].

    وأمّا من الناحية السياسية:


    فالمسيح معناه الملك، وادّعاء الملك في القانون الروماني عقوبته الصلب معلّقا على خشبة.

    فإذا نجح اليهود في توريط السلطة الرومانية في قضية يسوع فإّنهم يضربون عصفورين بحجر : يتخلّصون منه من جهة ، ويصرفون الناس عن دعوته من جهة أخرى إذ بات في حكم اليقين أنّ هذا الملعون ، الذي ملأ الأرض من عجائبه ، لم يفعل واحدةً منها إلا بقوة بعل زبول[هو اسم الشيطان. واتّهم اليهود يسوع عليه السلام أنّه يعمل المعجزات بقوة الشيطان].
    فاللّعنةُ تُقصي يسوع حتىّ من أن يكون أبسط يهودي من عامة الشعب، فكيف يدّعي أنّه نبّي مُرسلٌ ؟.

    و يبدو أنّ اليهود استطاعوا لحدّ ما صرف فريق منهم عن بشارة ابن مريم عليه السلام وتَجَرّأت ألسنَةُ الكُفرِ على لَعْنِ يسوع(أنظر 1 كو 12/3)[ 3لِذلِكَ أُعَرِّفُكُمْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِرُوحِ اللهِ يَقُولُ: «يَسُوعُ أَنَاثِيمَا». وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ:«يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ.] .
    والملاحظ أنه في كل الترجمات العربية تتحرج شديد الحرج من كلمة « يَسُوعُ مَلْعُونٌ » وتضع مكانها «يَسُوعُ أَنَاثِيمَا».
    فكلمة " أَنَاثِيمَا " أو " مبسل " هي الكلمة المعدلة، والكلمة الأولى لا يعرفها العرب والثانية لطيفة. أما في باقي الترجمات الفرنسية فتضع " ملعون " .
    وعليه فلّم يغرّر – حسب اليهود – بنفسه فحسب بل حتىّ بتلاميذه و تناقل اليهود فيما بينهم أنّ الدعوة إلى مسيحٍ مصلوب جهالةٌ وفضيحةٌ( 1 كو 1/23 )[ 23وَأَعْضَاءُ الْجَسَدِ الَّتِي نَحْسِبُ أَنَّهَا بِلاَ كَرَامَةٍ نُعْطِيهَا كَرَامَةً أَفْضَلَ. وَالأَعْضَاءُ الْقَبِيحَةُ فِينَا لَهَا جَمَالٌ أَفْضَلُ.].
    ولتلخيص اختيار اليهود الصعب والمكلف لصلب يسوع عليه السلام بدل من اغتياله بيُسرٍ في أيّ مكانٍ نقول أنّ اغتياله كان سيجعلُ منه شهيداً أمّا صلبه فيجعل منه ملعوناً.

    بولس في مفترق الطرق.أيّ سبيل يسلُكُه ؟ ما هو الأيسر؟
    أن يمشي باتجاه التّيار القائل أنّ يسوع الناصري صُلب،وهو ما شاع بين الوثنيين واليهود بما فيهم يهودُ الشتات، أو أنّ المصلوب هو رجل أُلقي عليه شبه يسوع، وهو ما يعتقده الحواريون عليهم السلام.
    ولا نشكّ أبداً أنّ بولس كان يعلم هذا من الرسّل على الأقل، فلا خصومة في أنّ تبنيّ الفكرة الشعبية أسهل والرجل الذي جعل من نفسه رسول المسيح إلى الأمم لا يغامر مطلقا بأن يسبح عكس التيار.
    فما كان منه، وهو ابن الثقافة الهِلِنْستية، إلاّ أن يُطَعّم فكرة الصلب بمعتقدات الخلاص التي سادت في معظم ديانات آسيا الصغرى في زمانه ، لِيُقدّمها للأمم على أنّها خلاصةُ رسالة يسوع .
    ويجب أن نتوقّف لحظة لِنُسجّل واحدةً من أخطر عقائد بولس ( أنظر 1 كو 15/3):
    [3فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضًا: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ].وهو أهمّ تعليم في الكنيسة الناشئة.

    - الثقافة الهلنستية هي ثقافة العالم المتحضر في زمن الإغريق ولا يشترط فيها أن يكون المرء يوناني العرق. وهي تمثّل ما تمثّله الثقافة الغربية اليوم.

    المسيح عيسى عليه السلام ملعون أم مبارك؟
    لكن الإيمان بيسوع مصلوباً يعني الإيمان به ملعوناً !.
    وقد كان أتباع بولس في كورينْتُسْ يَلعَنُونَه، بشكل عفوي، ونهاهم بولس عن ذلك في رسالته إليهم والتي كتبها في ربيع 56 م:ففي1 كو 12/3 [3لِذلِكَ أُعَرِّفُكُمْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِرُوحِ اللهِ يَقُولُ: «يَسُوعُ أَنَاثِيمَا». وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ:«يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ.]
    [ فَلِذَلك أعْلِمُكم أنْ ليس أحَدٌ يَنطِقُ بِروح الله ويقول يسوع مَلعونٌ ولا يستطيعُ أحدٌ أن يقول يسوع رَبٌّ إلاّ بالرّوح القُدس"].
    ثم بعد أقل من سنة يَنقلِبُ بولس رأساً على عقب ، ويكتب إلى أهلا غلاطية في شتاء 57 م لِيُعْلِنَ بوجهٍ لا يقبَلُ التأويل ، أنّ المسيحَ يسوع ملعونٌ :
    فلقد ورد في غلا3/13:[13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».14لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ.].

    هذه فضيحة! وبالخصوص أنّ يسوع هو الله المتجسّد في دين بولس.
    لا يوجد في كلّ أديان الدنيا منذ أن ذرأ الله ذرية آدم على الأرض دينٌ يلعن رّبه وإلهه إلا بولس وأتباعه.
    حتّى عابد البقر لا يلعنُ بقرتَه.

    أخي الكتابي ! هل تعلم أنّ علماءَك لا يَجرؤون أن يُصارِحوك أنّك تَلعَنُ المسيح ؟ !.
    هل تعلم أنّ لاعِنَ المسيح عيسى ملعونٌ ، ومُبارِكَه مُباركٌ ، قياساً على قول الله لعبده إبراهيم
    [3وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ».]. تك 12/3 وأوحى الله لبلعام بن باعور :[12فَقَالَ اللهُ لِبَلْعَامَ: «لاَ تَذْهَبْ مَعَهُمْ وَلاَ تَلْعَنِ الشَّعْبَ " إسرائيل"، لأَنَّهُ مُبَارَكٌ».]. ( عد 22/12).
    هل وعيت أخي الكتابي ! أنّ اللعنة والبركة لا تجتمعان إلاّ في فكر بولس السقيم . وقد علّم يسوع عليه السلام في إشارة لطيفة إلى أولي الألباب الذين تنَفعُهم الذكرى أنّ اللّعنةَ طردٌ من رحمة الله، وذهابٌ بالبركة وأنّ لاعنيه في ضلال مبين.

    والسؤال الآن ما هي دوافع بولس في تغيير موقفه من النهي عن لعن يسوع إلى الأمر به ؟. اقرأ، أخي، رسالة بولس إلى أهل غلاطية[أهل غلاطية هم أهل شمال تركيا الحالية] !.و تمعّن فيها جيدّاً تجد أنّ أول شيء استهلّ به رسالته هو توبيخ الغلاطيين الذين تحوّلوا إلى إنجيل آخر غير إنجيل النعمة الذي يعلّمُه بولس[إنجيل النعمة يعني به بولس أنّ شريعة موسى نسخت بموت يسوع الكفاري فلا خطيئة تتبعنا. ولا محرّمات ولا قوانين و لا طقوس.و يذكره بولس في مقابل الإنجيل الذي يتمسك بشريعة موسى .].

    ثانيا يُدافع عن رَسُولِيَته بأنّه ليس كاذبا، وثالثا يهاجم أمير الحواريين بطرس عليه السلام هجوما عنيفا.و أخيرا يؤكّد أنّ الشريعة نُسِخَت بنِعمة الصليب . ويحرّضهم للرجوع إلى إنجيله، بكلمات شديدة الوقع .
    فمن مضمونها نستطيع قراءة السّبب الذي كان من وراء كتابتها.
    إذ لكلّ ردّ فعلٍ فعلٌ سَبِقه .

    لقد عرّج إمام الحواريين إلى غلاطية حاملا البشارة بملكوت الله، داعيا للإيمان بالله ورسوله والعمل الصالح الذي تأمر به شريعة موسى عليه السلام ، بما في ذلك الختان .
    مُكذِّبا صَلب يسوع، لأنّ صَلبه يعني لعنه . فلم يجد رسول الأمم مخرجاً من ورطته التي وقع فيها بتعليمه : " أنّ المسيحَ مات من أجل خطايانا " إلاّ أن يهرب إلى الأمام بقوله :
    [13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».14لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ.].
    والكلام هذا فارغ المضمون، ولا يُقنع إلاّ من عَمِيَت بصيرتُه إذ كيف تتبارك الأمم في مَلعُونٍ مَمْحُوق البَركة ؟ !...

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    1,687
    آخر نشاط
    19-09-2008
    على الساعة
    12:15 AM

    افتراضي

    السلام عليكم
    اقتباس
    ـ أمّية رسول الله صلى الله عليه وسلم : وهذا هو الدرس الأوّل .
    ليس من منطق البشر إذا أرادوا تفنيد شيء أن يكتفوا بالقول:" هذه القضية لم تحدث"، بل عليهم أن يأتوا بالبيّنات والدلائل على صدق ما يدّعون.

    ولو سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دليلك على أنّ عيسى لم يُقتل ولم يُصلب فسيقول أخبرني العليم الخبير. ونِعمَ بالله، فلا علم ولا تاريخ ولا منطق يعلو فوق كلام الله تعالى.

    ـ عدالة القرآن: وهو الدرس الثاني.
    والمسلم لمّا يستند إلى القرآن الكريم في تفنيد صلب المسيح عيسى عليه السلام سيُواجه من قِبَلِ المسيحي بنصوص إنجيلية تثبت العكس. وأمام هذه المعضلة سيحاول المتجادلان البحث عن مصدر مستقلٍّ يحتكمان إليه، لكن لا توجد وثائق تاريخية ذكرت أو حتّى أشارت إلى اسم يسوع عليه السلام، ولمفاجئة الجميع سنرى أنّ الأناجيل التي بين يدينا هي التي تفنّد صلبه. وبهذا تتحقّق عدالة القرآن الكريم في إقامة الحجّة على المنكرين من كتُبهم التي يطمئنون إليها.

    ولن يجد المسيحي خيرا له من نصوصه المقدّسة في علاج هذه المسألة، وهذا أسلوبٌ ربّاني، فقد احتجّ الله تعالى على اليهود بتوراتهم.
    قال تعالى: [ قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقي] وقد قال تعالى:[ ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن].
    فلا شيء أحسن ولا أمضى حجّة من نصوص الكتاب المقدّس عند محاورة إخواننا أهل الكتاب.

    ـ معجزة القرآن: من تصفّح ردود المسلمين في مسألة الصلب يتّضحُ جليا أنّ المسألة تتجاوزُهم، فلم يفهموا لماذا رفض القرآن الكريم صلب عيسى عليه السلام ولا أتوا بشيء جديدٍ يدعم إيمانهم ، وإذا اتّضح من الأبحاث والدراسات النقدية والتاريخ والآثار التي اكتشفت في نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين وفي القرن الحالي عرضت قناة ديسكفري الأمريكية فيلماً وثائقياً عن اكتشاف "قبر المسيح" و"ابنه".

    وهذا الفيلم أحرج رجال الكنيسة في جميع أنحاء العالم فالدراسات العلمية أثبتت تاريخ القبر وأنه يرجع إلى تاريخ وفاة السيد المسيح، وخرجوا بأنّ عيسى عليه السلام لم يصلب ولم يُقتل. فهذه معجزة المعجزات.
    وهذا هو رابط تحميل الفيلم. http://islamegy.wordpress.com
    ماذا يستهدف القرآن الكريم بنكرانه صلب المسيح
    أنّ القرآن الكريم يستهدف التالي:
    • عيسى عليه السلام ليس ملعونا بل نبيا مُباركا، وهذا ردّ على اليهود.
    • نفي عقيدة الخلاص وإقرار أن كلّ أمريء بما كسب رهين، وهذا ردّ على النصّارى.
    • نفي عقيدة التجسّد القائلة ببنوة عيسى لله تعالى .
    • نفي نسخ عيسى عليه السلام لشريعة التوراة.
    • نفي أنّ الإنجيل هو العهد الجديد، بل هو آخر أسفار العهد القديم.
    • أنّ عيسى لم يؤسّس مملكة الله ، بل بشّر بها فقط.
    • عيسى عليه السلام ليس هو خاتم الأنبياء.
    • إثبات أنّ الإنجيل عبثت به أيدي الضّالين.
    كلّ هذه الأفكار التي عدّدناها تفسّرها حادثة الصلب، فإذا انهارت عقيدة الصلب ستنهار كلّ هذه الأفكار تباعا لها.

    بجد بجد سلمت يمينك ا.مهندس زهدى



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    2,286
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-11-2014
    على الساعة
    06:18 PM

    افتراضي

    اقتباس
    القرآن الكريم يستهدف التالي:
    • عيسى عليه السلام ليس ملعونا بل نبيا مُباركا، وهذا ردّ على اليهود.
    • نفي عقيدة الخلاص وإقرار أن كلّ أمريء بما كسب رهين، وهذا ردّ على النصّارى.
    • نفي عقيدة التجسّد القائلة ببنوة عيسى لله تعالى .
    • نفي نسخ عيسى عليه السلام لشريعة التوراة.
    • نفي أنّ الإنجيل هو العهد الجديد، بل هو آخر أسفار العهد القديم.
    • أنّ عيسى لم يؤسّس مملكة الله ، بل بشّر بها فقط.
    • عيسى عليه السلام ليس هو خاتم الأنبياء.
    • إثبات أنّ الإنجيل عبثت به أيدي الضّالين.

    حزاك الله خيرا أخي الكريم مهندس زهدي جمال الدين محمد
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صلب المسيح بين السياسة والدين

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-02-2011, 05:11 PM
  2. معنى نقص العقل والدين عند النساء
    بواسطة دفاع في المنتدى الفقه وأصوله
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-07-2008, 06:10 PM
  3. يامثبت العقل والدين يارب
    بواسطة احمد العربى في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 13-03-2007, 03:00 PM
  4. بعيدا عن السياسة ....... الحمار وأهل القرية!!!!!!
    بواسطة م /الدخاخني في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 27-07-2006, 11:35 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

صلب المسيح بين السياسة والدين

صلب المسيح بين السياسة والدين