عندما يتم الحديث عن العبودية تقفز الى مخيلتنا صور اناس سود وهم مقيدون بالسلاسل الحديدية ويعانون الاساءة والاذلال والاعتداءات.

نعتقد ان هذه الصور جزء من الماضي وليس من الواقع الحالي الذي نعيشه الان.

لكن تشير التقديرات الى وجود اكثر من تسعة ملايين طفل حول العالم يعانون من العبودية في الوقت الراهن.

ورغم استمرار الجدل القانوني بين الاختصاصين حول مفهوم العبودية لكنهم متفقون على ان العبودية تعني العيش في وضع يكون فيه الانسان وانتاجه ملكا للاخرين، وعندما لا

يكون المرء حرا ويجبر على حياة الاستغلال والاذلال.


كانت دالين من الشخصيات التي قمت بتصوريها في الفيلم الوثائقي.

ودالين هي صبية كمبودية كانت ضحية للعبودية لكنها لم ترغب بالتحدث عن معاناتها الا بعد فترة علاج جسدي ونفسي طويلة.

وقد تم بيع دالين من اجل العمل في احد بيوت الدعارة عندما كان عمرها 12 عاما فقط.

ودالين هي واحدة فقط من اكثر من 1,2 مليون طفل يتعرضون للاتجار بهم حسب تقديرات منظمة العمل الدولية.

وتعرضت دالين للخداع واجبرت على ممارسة الدعارة وامضت اغلب وقتها في قبو ملحق ببيت الدعارة كانت عرضة فيه للضرب والاعتداءات والتجويع والتهديد من اجل تلبية طلبات زبائن بيت الدعارة.


صناعة غير منظمة

الطفل ماواولاهاو الغاني البالغ من العمر 12 عاما بيع من قبل والدته الى احد الصيادين بمبلغ 48 دولار امريكي فقط.

والصياد ارون الذي اشترى الصبي ليس شخصا عدوانيا او غير اخلاقي بل على العكس ودود صريح.

لكن ان يتم بيع الصبي مقابل هذه المبلغ امر يثير الصدمة وخاصة اذا كان الشخص الذي يقوم ببيع الصبي هو والدته.

ومبلغ 48 دولارا يعادل دخل مدرس في قرية الصبي الغاني لمدة شهرين ويكفي مصاريف شراء الماء لعائلة من ستة افراد لمدة ثلاثة اشهر.

ورغم ان اقارب الصبي لا يعترفون ان الصبي اصبح الان اشبه بالعبد لكن العديد من الاطفال امثال ماواولاهاو مصيرهم الضرب والاعتداء ومواجهة مخاطر عديدة ومميتة.


الاجبار على التسول

القت السلطات السعودية القبض على الطفل علي في شوارع مدينة جدة بتمهة التسول.

وقد تم تهريبه الى السعودية من اجل القيام بالتسول.

وقال علي انه تعرض للضرب بكابل معدني عنما رفض القيام باعمال التسول طوال النهار.

وعلي واحد من الاف الطفال اليمنيين الذين يتم بيعهم سنويا الى عصابات تقوم باجبارهم على ممارسة التسول في السعودية.

ويتم تهريب اغلب الاطفال عبر الحدود بعد شرائهم من ذوويهم وخداعهم بان بان ابنائهم سوف يعيشون حياة افضل في السعودية.


رحلتي

مثل غيري من المراسلين الصحفيين قدمت تقارير حول الاطفال الذين يرغمون على العمل كجنود اطفال وفي الدعارة والعمالة من مختلف ارجاء العالم بينما اترابهم في الدول الغربية هم على مقاعد الدراسة.

وفي هذا العمل الوثائقي كان علينا ادراك ومعايشة عالم العبودية في الوقت الراهن وكانت النتيجة تقديم عمل مخيف ومثير المشاعر عن عالم عبودية الاطفال وهو امر يغفل عنه عدد كبير من الناس.

لقد ولدت في شمال الصومال والذي يقع الان ضمن الجمهورية المعلنة من جانب واحد حيث لا يزال اقاربي يعيشون هناك.

وعلى بعد ميلين خارج العاصمة هيرجيسا حيث تمتد حقول السافانا الشاسعة التي لا يزال يعيش فيها البدو الرحل التقيت بالصبي الراعي عبدي.

يقوم عبدي برعي 35 عنزة لاسرته وهناك فارق جيل واحد فقط بيني وبين عبدي.

انا اعيش في بيت مريح غرب لندن ولدي اطفال يملكون دراجات ويتمتعون بعطلات صيفية لكن رغم كل ذلك كان هناك احتمال ان اعيش حياة الراعي الصغير عبدي.

فوالدتي كانت راعية بدوية وعندما كانت صبية كانت تقوم بالعناية بالحيوانات المنزلية.

ورغم ان على الراعي عبدي العمل بدلا من الذهاب الى المدرسة لكنه غير مستعبد.


ان الفقر هو العامل والدافع الاساسي الذي يقف وراء عبودية الاطفال في الوقت الراهن.

ورغم احراز تقدم عل الصعيد الدولي من حيث وضع قوانين تهدف الى القضاء عبودية الاطفال هناك العديد من المتورطين في تجارة الاطفال الذين لا يغتنون فقط من هذه التجارة الاجرامية بل يعتقدون انهم سيتفادون المحاسبة.

لا يكفي معرفة حجم عبودية الاطفال حول العالم في الوقت الراهن ما لم يقترن ذلك بمعاقبة المسؤولين عنها.

BBC


م.ن




منقول