الـــــــــــــرد

التبرك لغة ‏:‏ طلب البركة ‏,‏ والبركة هي ‏:‏ النماء والزيادة ‏,‏ والتبريك ‏:‏ الدعاء للإنسان بالبركة ‏.‏ وبارك الله الشيء وبارك فيه وعليه ‏:‏ وضع فيه البركة ‏,‏ وفي التنزيل ‏:‏ ‏{‏ وهذا كتاب أنزلناه مبارك ‏}‏ وتبركت به تيمنت به ‏.

قال الراغب الأصفهاني ‏:‏ البركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء ‏.‏ قال تعالى ‏:‏ ‏{‏ ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ‏}‏ ‏{‏ وهذا ذكر مبارك أنزلناه ‏}‏ تنبيها على ما يفيض به من الخيرات الإلهية ‏.‏ ‏

المعنى الشرعي للتبرك هو ‏:‏ طلب ثبوت الخير الإلهي في الشيء ‏.‏

صحيح البخاري حديث رقم 181
الوضوء
استعمال فضل وضوء الناس
* "حدثنا ‏ ‏آدم ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏شعبة ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏الحكم ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏أبا جحيفة ‏ ‏يقول : ‏خرج علينا رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بالهاجرة ‏ ‏فأتي بوضوء ‏ ‏فتوضأ فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به"

لذلك اتفق العلماء على مشروعية التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم وأورد علماء السيرة والشمائل والحديث أخبارا كثيرة تمثل تبرك الصحابة الكرام رضي الله عنهم بأنواع متعددة من آثاره صلى الله عليه وسلم .

فهذه أخبار أخرجها الأئمة والحفاظ للتدليل على سيرة الصحابة الكرام في التبرّك بالنبي (صلى الله عليه وسلم) في حياته .

* عن أنس بن مالك-رضي الله عنه-أنه قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -إذا صلّى الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء، فما يُؤتى بإناء إلا غمس يده فيها، فربما جاؤه في الغداة الباردة، فيغمس يده فيها). صحيح مسلم (4/1812)رقم(2324)، كتاب الفضائل،باب قرب النبي من الناس وتبركهم به.

* عن أبي جحيفة-رضي الله عنه-أنه قال: خرج رسول الله-صلى الله عليه وسلم-بالهاجرة (أي اشتداد الحر نصف النهار) إلى البطحاء فتوضأ ثم صلّى الظهر ركعتين والعصر كعتين) وفيه ( وقام الناس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بها وجوههم) قال: (فأخذت بيده فوضعتها على وجهي، فإذا هي أبرد من الثلج، وأطيب رائحة من المسك). البخاري، الفتح، (6/953) رقم (3553)،كتاب المناقب،باب صفة النبي.


* كان الصحابة-رضوان الله عليهم- يحرصون على تقبيل يده-صلى الله عليه وسلم-كما أنهم يحرصون على مس أي موضع من جسده-صلى الله عليه وسلم-وتقبيله كلما أمكن ذلك للتبرك وغيره..راجع:" التبرك أنواع وأحكامه" ص (245).


* وروى أبو داود في سننه أن أُسيد بن حضير-رضي الله عنه-بينما هو يحث القوم – وكان فيه مزاح- طعنه النبي-صلى الله عليه وسلم-في خاصرته بعود، فقال: أصبرني (أي أقدني من نفسك). قال: (اصطبر) قال: إن عليك قميصاً وليس عليَّ قميص، فرفع النبي-صلى الله عليه وسلم-عنه قميصه فاحتضنه، وأخذ يقبل كشحه (ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلفي) قال: (إنما أردت هذا يا رسول الله). سنن أبي داود ، كتاب الأدب،باب في قبلة الجسد.وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم(4352)(3/980).

فالرسول لم يجبر أحد على شيء بل الصحابة هم الذين يسعون للتبرك بحبيبهم .

ولكن الحقدة ادعوا ان التبرّك مظهراً من مظاهر الوثنية في الجاهلية الاُولى ، وليبعدوا نظر الاخرين لما يتبركوا به من أوثان مصنوعة ليسوعهم واخرى للعذراء وأخرى للصليب وأخرى للقديسين .

إن أهل الجاهلية من المشركين كانوا يطلبون النماء والزيادة في أموالهم وأبدانهم وقبائلهم وأولادهم لاعتقادهم بأنّ هذه الآلهة تضرّ وتنفع بمعزل عن قدرة الله تعالى، فالجاهلي لم يكن يعتقد بالبعث والنشور والثواب والعقاب، لذا كان يتعبّد هذه الأصنام لاعتقاده بأنّها تستطيع أن تلحق به الضرّر المادّي في الدنيا كإهلاك ماشيته وزرعه أو إصابته بمرض عضال وغير ذلك، وفي نفس الوقت كان يعتقد قدرتها على منحه ما يحتاج إليه من خيرات، لذا كان يعبدها ويقدّم لها القرابين، وأين عمل المشركين هذا من عمل المسلمين الموحدين الذين يعتقدون أن الخير كلّه من عند الله سبحانه وتعالى.

عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه - قال: ( جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني وأنا مريض لا أعقل فتوضأ وصبّ عليَّ من وضوئه فعقلت). البخاري، الفتح،( 1/360 )رقم(194) كتاب الوضوء، باب صب النبي وضوءه على المغمي عليه .



إن الله تعالى يبارك ما شاء من الذرات والأمكنة والأزمنة، وقد جعل البركة في جسد النبي صلى الله عليه وسلم، وما يخرج منه من عرق وبصاق، وقد ثبت تبرك أصحابه رضوان الله عليهم بذلك، وليس ذلك مستغرباً، فالله قادر على قلب هذه الأعيان وتطهيرها وتخليصها من الأذى .

* وروى مسلم عن أنس بن مالك قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم فقال عندنا فعرق، وجاءت أمي بقاروة فجعلت تسلت العرق فيها، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين ؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب.

فالتبرك بهذه الآثار خاص بنبينا صلى الله عليه وسلم، فلا يشرع التبرك بذوات أو آثار غيره من الصالحين .

والله أعلم