بسم الله الرحمن الرحيم و الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
قال كارل ماركس اليهودي هذه المقالة لما رأي تأثير الدين الكبير علي الشعوب فالمحرك الرئيسي لها هوالدين فهو المحرك الاول للعقلية الجماعية للبشر وشبه الدين بالمخدر الذي يدمنه الناس فلا يستطيعون العيش بدونه وينطبق هذا الكلام لدرجة كبيرة بحال أوروبا في العصور الوسطي والحديثة حتي ظهرت العلمانية حيث أسقطت الدين ووضعت الناس في خيارين أحلاهما مر أن يسلم أمره لمن أذاقوه الويلات طويلا من رجال دين متكسبين بالدين أو أن يسقط سلطان الدين فيعيش كالبهائم وقد زال الفارق بينه وبينهم
قيلت هذه العبارة بحق أوربا عندما عطلت الكنيسة فيها العقل وجمدته، وشكلت طبقة من الإكليروس متميزة، ظهر منها، ما لا يليق بها.. وخاضت صراعاً عنيفاً بين العلم والدين، وقالت للإنسان: ((أطع وأنت أعمى)).. لذلك جابهت العلماء، مثال جاليليو وكوبرنيكس وحرقت بعضهم ـ وعلى سبيل المثال ـ جعلت القول بكروية الأرض ودورانها حول الشمس وحول نفسها جريمة.
هذه الأحوال المعطلة للعقل، والصادة عن العلم، والواقفة عقبة في سبيل تقدمه، تنطبق عليها هذه المقولة.
أما الدين الذي جعل من تعاليمه تقديس العقل وتكريم العلم والعلماء في أي اختصاص.. فلا ينطبق عليه القول ..
إن الدين الذي من تعاليمه: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) البقرة: 111، لا ينطبق عليه القول المذكور.
والدين الذي جعل من مبادئه: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) المجادلة: 11. لا ينطبق عليه القول المذكور.
والدين الذي شرط رسوله في أسري بدر من لم يستطع دفع الفدية فليعلم عشرة من المسلمين فتكون حريته مقابل العلم
ولا تنطبق هذه المقولة إلا علي مسيحيتهم المحرفة
أما الاسلام الدين الصحيح الحنيف ملة إبراهيم الذي أمر الله خلقه بإقامته؛ دين يلهب القلوب والمشاعر ، مُحرك لجميع الأحاسيس والقوى ، دافع بها إلى الأمام ، لا يقبل من أهله الذل والاستكانة والخضوع للظلم ، ومجاملة الأعداء ، والسكوت عن الباطل والفساد ، أو الجمود على طقوس وأوضاع ما أنزل الله بها من سلطان ، بل يوجب عليهم النهوض والاستعداد بكل قوة ، وتسخير كل دابة ومادة على وجه الأرض ، أو في جوفها أو أجوائها كيلا يغلبهم عدوهم في ذلك ، وأن يجعلوا جميع مواهبهم وطاقتهم في سبيل الله ، لإعلاء كلمته ، وقمع المفتري عليه ، والبراءة ممن جانب دينَه وتَنَكَّر حكمَ شريعته .
فمن هذه المقولة براء
دين يجعل من مبادئه: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) النجم: 39، دين ينبذ الكسل والتواكل، ويحب السعي والعمل.. استعاذ نبيه (ص) من الجبن والبخل والعجز والكسل..
دين يجعل السعي مبدأ، والعمل أساساً.. دين ليس أفيوناً.
3 ـ دين يجعل من تعاليمه: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) التوبة: 106، دين يقدس العمل ويأمر به، دين الحركة الدائبة في طلب الرزق الحلال.. ليس أفيوناً.
4 ـ دين ورد في دستوره: (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً، فكلي واشربي وقري عيناً) مريم: 24، 25، فدين يعلم أتباعه، ألا تواكل، وأنتم في أضعف حالة من القوة والنشاط، لن يصلكم رزقكم إلا بالعمل، قدموا طاقتكم، وابذلوا ما في وسعكم.. دين حياة، وليس أفيوناً..
فالخطاب في الآية الكريمة لمريم، وهي في ساعة الولادة.. ومع ذلك لم يرسل الله لها رزقها دون حركة وعمل.. بل قال لها: (هزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً...) وهذا تعليم للمؤمنين.. ألا رزق بدون سعي فلا رطب بدون هز جذع النخلة.. فدين هذه تعاليمه، هل هو أفيون؟ لا أحسب عاقلاً يقول هذا.
5 ـ قال رسولنا الصادق المعصوم : ((لأن يأخذ أحدكم أحبُله (جمع حبل) ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكُفّ الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)).
وقال عليه الصلاة والسلام: ((ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يديه، وإن نبي الله داود (ص) كان يأكل من عمل يده)). رواه البخاري .
وورد في الحديث الشريف، ((المؤمن كيس فَطن حذر)) ومعنى المؤمن الكيس: المؤمن العاقل المدرك.. أما المؤمن الفطن: فالمؤمن الذكي النبيه ((ليس بالخب والخب لا يخدعه)).. منتهى اليقظة والتنبه.. ضعفه الالباني .
فالإسلام دين عقل وعلم لا يقبل جهل ولا ضلالة بل ويحارب الخرافات ولايرضي بجوارها فكيف يكون مخدرا
وعن ثوبان رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من تكفل لي أن لا يسأل الناس شيئا أتكفل له بالجنة ؟ فقلت : أنا...فكان لا يسأل أحدا شيئا ...قال الشيخ الألباني رحمه الله : صحيح ..

لا تسأل الناس شيئا ولا سوطك وإن سقط منك حتى تنزل إليه فتأخذه ....أخرجه أحمد في مسنده من رواية أبي ذر رضي الله عنه، وصححه الألباني رحمه الله في تحقيق الجامع الصغير ...
فكان السعي أساس ديننا والنهي عن التواكل عماده والاستعداد لأخرتنا والعمل لدنيانا مبدأه " إن هذا الدين يسر , و لن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه , فسددوا و قاربوا
و أبشروا ... " أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة مرفوعا .
وختاما ما كان من نقص فمني وما كان من فضل فمن الله
جزي الله كل من ساهم في هذا الموضوع خير الجزاء