عدلي أبادير ترك إرثا بالملايين - وارتباطات تثير الشكوك
عدلي أبادير

صراع علي زعامة التنظيم الدولي لأقباط المهجرأثناء زيارة خاصة لمصر في ديسمبر 2005، التقي مايكل منير 'رئيس منظمة أقباط الولايات المتحدة' اللواء عمر سليمان 'رئيس جهاز المخابرات العامة'، وحظيت الزيارة باهتمام إعلامي، استهدف بالأساس كشف المزاعم التي ترددها بعض المنظمات القبطية المشبوهة في الخارج حول أوضاع أقباط مصر، وما أن وصفت إحدي الصحف 'منير' بأنه زعيم أقباط المهجر، حتي انهالت عليه الاتهامات من أصدقاء وشركاء الأمس 'رؤساء منظمات قبطية في أوربا وأمريكا وأستراليا'، وتحول 'منير' علي حد قولهم إلي مجرد شاب عديم الخبرة، وعميل للمخابرات المصرية. ثم سارعت هذه المنظمات إلي إصدار بيان شديد اللهجة، أكدت فيه أن 'منير' لا يمثل إلا نفسه، وأنه يعمل من أجل مصالحه الشخصية.

ويعكس هذا الموقف أهمية الخلافات الدائرة حاليا، بين رؤساء هذه المنظمات علي حسم معركة الزعامة السياسية والإعلامية لأقباط المهجر 'التنظيم الدولي للمنظمات القبطية في الخارج'، التي ظل يشغلها لسنوات عدلي أبادير 'رئيس منظمة الأقباط متحدون'، قبل وفاته مطلع الشهر الجاري، تاركا خلفه سلسلة طويلة من الألقاب 'العمدة..كبير أقباط المهجر..رئيس العائلة..صوت الأقباط.....!!'.
وظهرت بوادر الصراع علي الزعامة فور الإعلان عن وفاة 'أبادير'، حيث راح قادة تلك المنظمات يتحدثون بلسان حال أسرته، والمزايدة علي موقف مصر، ومحاولة توظيف عملية تشييع الجثمان ودفنه في أغراض سياسية وشخصية، بل والإيحاء بأن الدولة لا تزال تتعقب 'أبادير' حتي بعد وفاته، والزعم بأن رفض دفن جثمانه في مصر يؤكد حقيقة اضطهاد الأقباط، وعدالة القضية التي ظل يدافع عنها أبادير حتي وفاته!!

وفي مفاجأة من العيار الثقيل ردت أسرة 'أبادير' في مصر علي هذه المزاعم، عندما أكد شقيقه الدكتور ماهر أبادير أن زعماء منظمات المهجر هم الذين رفضوا دفن الجثمان أو إقامة العزاء في مصر، نظراً للمعاناة الكبيرة التي كانوا سوف يتكبدونها في السفر، لذا فضلوا دفنه في سويسرا، وإقامة العزاء في مقر دفن الجثمان!
ويدور الصراع المكتوم حاليا بين زعماء منظمات أقباط أوروبا وأمريكا علي خلافة 'أبادير'، والفوز بالإرث الضخم الذي تركه، ممثلا في منظمة 'الأقباط متحدون' المالكة لقناة 'كيمي' الفضائية، المحملة علي القمر الأوربي 'Hot Bird' المتخصصة في الهجوم علي مصر والترويج للفتنة الطائفية، وكما يسعي الحالمون بموقع 'أبادير' لحسم ملف الأرصدة المالية الضخمة لمنظمة 'الأقباط متحدون'، التي تقدر وفقا لمصادر بملايين الدولارات في البنوك السويسرية.

ويعد كميل حليم 'رئيس التجمع القبطي الأمريكي'، أبرز المنافسين علي خلافة 'أبادير'، في ظل العلاقة الوثيقة التي ظلت تجمع بين ، الرجلين من أبرز المساهمين في قناة 'كيمي' الفضائية، كما تلقي دعما واضحا من 'أبادير' أثناء تأسيس منظمته الخاصة، التي تتخذ من مدينة شيكاغو الأمريكية مقرا لها.
وقد ارتبطت مساعدة 'أبادير' لـ 'حليم' بمحاولات مستميتة لتهميش خصمهما اللدود مايكل منير، بعد خلافه الكبير مع 'أبادير' حول 'أولويات وطريقة' طرح الملف القبطي، حيث يمثل 'منير' تيارا مختلفا، يطالب بتنسيق المواقف بين أقباط الداخل والخارج في طرح قضية الأقباط في المحافل الدولية، دون الاعتماد فقط علي المنظمات القبطية في تدويل الملف.

وعبر مدحت قلادة 'المتحدث باسم أبادير' عن هذا الخلاف الذي لم يلتئم بين 'منير' و'أبادير'، عندما هاجم في أكثر من محطة زمنية 'منير' وكل من يحاولون اختطاف دور المتحدث الرسمي باسم الأقباط، وأن الصراع علي هذا اللقب أصبح يشغل العديد من الناشطين الأقباط، وكأن السبيل الوحيد لإثبات ذواتهم هو لقب المتحدث باسم الأقباط لخداع البسطاء وتمييع قضية حقوق الأقباط علي حد قوله!
وتشير المعلومات إلي أن مدحت قلادة نفسه استعد لخلافة 'أبادير' مبكرا، حيث يحاول دائما التأكيد علي أنه الوريث المنتظر، وأن الدور الذي لعبه خلال السنوات القليلة الماضية يؤهله لهذا الموقع، لكن كثرة خلافاته مع مايكل منير وكميل حليم وسمير حبشي 'رئيس تجمع الأقباط في استراليا' وعادل دميان 'رئيس تجمع الأقباط في فرنسا' وآخرين تقلل من فرصته في حسم الصراع، وتعلي في الوقت نفسه من أسهم عزت بولس 'رئيس تحرير موقع الأقباط متحدون'، الملقب بكاتم أسرار 'أبادير' ومبعوثه الشخصي في التواصل مع أقباط الداخل.

ولا يغيب عن دائرة التنافس علي زعامة أقباط المهجر عوض شفيق 'رئيس الاتحاد القبطي الأوربي' حيث يشيع بين أنصاره أن 'أبادير' أوصاه وهو علي فراش الموت بقوله 'إخوانك الأقباط الأولاد والبنات في رقبتك يا عم عوض'. ولا تستبعد المعلومات موريس صادق 'رئيس الجمعية القبطية الأمريكية' من جملة الأشخاص الذين يتنافسون علي موقع 'أبادير' فقد كان من المحسوبين علي تيار 'أبادير' الذي يؤمن بفكرة الاستقواء بالخارج والمطالبة الدائمة بقطع المعونة عن مصر بل وصل به الأمر بصادق إلي حد مطالبته للكيان الصهيوني بالتدخل العسكري لإنقاذ أقباط الداخل.

وأسس 'أبادير' منظمة 'الأقباط متحدون' التي تعد جزءا من التركة التي يدور حولها الصراع حاليا عام 2004، ومنذ تأسيسها حتي الآن ارتبطت أجندتها بمؤسسات غربية، خاصة داخل الإدارة الأمريكية، حتي أن موقف المنظمة تماهي مع تقارير أمريكية 'لاسيما تقرير الحرية الدينية الصادر عن منظمة فريدم هاوس' تتهم مصر بالتغاضي عن اضطهاد الأقباط.
وراحت منظمة 'أبادير' تؤكد أن ما يسمي بالقضية القبطية يهم كل الأقليات العرقية والدينية في المنطقة، وأن مصر لم تعد وطنا آمنا، وفي سياق الدور التحريضي طالبت المنظمة الكنيسة الأرثوذكسية في مصر بلعب دور سياسي في مواجهة ما يحدث، وممارسة دورها التبشيري في العلن دون خشية من أحد 'يقصدون الخروج علي القوانين والتشريعات الرسمية'، وتولت رعاية وتنظيم العديد من المؤتمرات الطائفية تحت عناوين براقة تهتم بحقوق الإنسان والأقليات .....!

ولم يسلم التيار المعتدل من المفكرين الأقباط 'ميلاد حنا..جمال أسعد.. نبيل لوقا بيباوي' الذين يرسخون لوحدة المجتمع وكشف المؤامرة التي تدبر له، من حملات التشويه التي نفذتها منظمة 'أبادير' التي التقت أجندتها مع أجندة التيار الديني المتطرف بقيادة القمص زكريا بطرس، وقاد عدلي أبادير 'قبل وفاته' مجموعة من المنظمات القبطية في الخارج، اعلنت عداءها للحكومة، واتهمت النظام الحاكم بعدم الاستجابة لأي مسعي للحوار مع أقباط الداخل والخارج، وأنه يتجاهل كل مطالبهم، كما زعمت هذه المنظمات أن القاهرة تسعي لاختراق وتجنيد قلة شاذة من أقباط الداخل والخارج للتعاون معها في تنفيذ وتبرير سياستها العنصرية التمييزية '!!' وتأسيس جمعيات معظمها تحت إشراف الأجهزة الأمنية من أجل التهدئة وليس الحل، وأنه لم يبق أمام الأقباط من حلول فاعلة سوي تدويل قضيتهم بكل الطرق الممكنة، والاستفادة من المناخ الدولي الراهن لانتزاع حقوقهم المسلوبة، فالإرادة الدولية هي وحدها الكفيلة بتحقيق أحلامهم المؤجلة!!

ونساقت معظم التقارير الحقوقية الغربية وراء مزاعم وادعاءات عدلي أبادير، دون أن تهتم بمصداقية اتهاماته، ولو أنها بحثت في تاريخه لتكشف لها أسباب العداء الذي يكنه لمصر منذ خرج منها هاربا 'منتصف الثمانينيات' بعد تورطه في قضية فساد شهيرة بوزارة الصناعة، وظل يشعر دائما بجرح الإدانة والتنكر لمصر وطنا وشعبا، وحاول طوال حياته اختطاف الرأي العام القبطي، والحديث باسم الشرفاء من الأقباط المصريين في المهجر علي غير رغبتهم.
ورغم غيابه عن مصر منذ عقود، حاول ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة عام 2005، مؤكدا أن مصر ضاعت منذ عام 1948 عندما انغمست في القضية الفلسطينية والقضايا العربية، ومطالبا بإلغاء المادة الثانية من الدستور 'الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع'، لأنها علي حد زعمه جلبت الذل والإهانة للأقباط وهي السبب في هجرتهم للخارج. وتهجم علي الرسول 'صلي الله عليه وسلم'، وعلي بيوت الله، ثم علي الأزهر الشريف.. لم يسلم من لسانه أحد.. فقد راح يوزع اتهاماته علي الجميع بدون دليل واحد.

ويعتقد أن وفاة 'أبادير' سوف تؤثر علي خطة التحركات المشبوهة، التي تحاول إشعال الفتنة الطائفية في مصر، وأن غياب الممول الرئيس الذي كان يصرف ببذخ علي المؤتمرات المتتابعة لهذه التنظيمات، لكنه لن يوقف هذا التيار الحاقد علي مصر، المنفلت عن طوع الكنيسة، الذي شاركه في تنظيم عدة مؤتمرات في الخارج بمشاركة عدة منظمات أمريكية وأوربية 'فريدم هاوس، وكريستيان سولدرتي، ويواس كوبتس، وامد ايست فريدم ووتش'.
ورفضت الكاتدرائية المرقسية التعليق علي وفاة عدلي أبادير، بينما أصدر القمص متياس نصر منقريوس 'كاهن كنيسة مارمينا والبابا كيرلس بعزبة النخل، رئيس تحرير مطبوعة الكتيبة الطيبية' الصادرة في مصر بدون ترخيص بيانا ينعي فيه أبادير، زاعما أنه كان علامة مضيئة علي طريق الكفاح القبطي وطالب 'متياس' تلاميذ 'أبادير' بالاستمرار علي نهجه!!


المصدر جريدة الدستور