فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما‏...‏
بقلم الدكتور‏:‏ زغـلول النجـار
هذا النص القرآني المعجز جاء في بدايات سورة المؤمنون‏,‏ وهي سورة مكية‏,‏ وعدد آياتها ثماني عشرة ومائة‏(118)‏ بعد البسملة‏,‏ وقد سميت بهذا الاسم الكريم لإشادتها منذ مطلعها بالمؤمنين من خلق الله المكلفين‏,‏ وقد استعرضت جانبا من صفاتهم تجسيدا للنموذج الذي يرتضيه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ من عباده والذي رسمته الآيات في مطلع هذه السورة المباركة علي النحو التالي‏:‏
قد أفلح المؤمنون‏*‏ الذين هم في صلاتهم خاشعون‏*‏ والذين هم عن اللغو معرضون‏*‏ والذين هم للزكاة فاعلون‏*‏ والذين هم لفروجهم حافظون‏*‏ إلا علي أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين‏*‏ فمن ابتغي وراء ذلك فأولئك هم العادون‏*‏ والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون‏*‏ والذين هم علي صلواتهم يحافظون‏*‏ أولئك هم الوارثون‏*‏ الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون‏*‏
‏(‏المؤمنون‏:1‏ ــ‏11).‏

وبعد ذلك مباشرة انتقلت الآيات إلي تقرير حقيقة خلق الإنسان من سلالة من طين‏,‏ وهو من المعجزات الدالة علي طلاقة القدرة الإلهية المبدعة في الخلق‏,‏ ثم تقرير حقيقة جعل نسله نطفة في قرار مكين‏,‏ ثم وصف مراحل خلقه المتعاقبة من تلك النطفة الأمشاج إلي العلقة‏,‏ فالمضغة فالعظام وكسوتها لحما ثم إنشائه خلقا آخر‏,‏ وتثني الآيات علي الله الذي أبدع هذا الخلق في أصله‏(‏ وهو آدم عليه السلام‏)‏ وفي نسله من بعده إلي يوم الدين‏,‏ وتصفه سبحانه وتعالي بأنه أحسن الخالقين أي أتقن الصانعين صنعا‏.‏ والخلق في الأصل هو التقدير المستقيم‏,‏ ويستخدم في الحديث عن الإبداع علي غير مثال سابق‏,‏ وفي وصف إيجاد الشيء من الشيء بطريق الاستحالة‏,‏ والمعني الأول لا يكون إلا لله‏(‏ تعالي‏),‏ والثاني يسند إلي الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ كما يسند إلي الخلق بمعني التقدير والصنع‏.‏
ووصف مراحل الجنين في الإنسان بهذه الدقة العلمية المتناهية‏,‏ وهي مراحل تتراوح أبعادها بين أجزاء من الملليمتر إلي ملليمترات قليلة‏,‏ وذلك في غيبة كاملة من وسائل التكبير أو التصوير أو الرؤية‏,‏ وفي بيئة بدائية بسيطة من قبل أربعة عشر قرنا‏,‏ وفي زمن سيادة الاعتقاد بأن الإنسان يخلق من دم الحيض وحده‏,‏ أو من ماء الرجل وحده يعتبر من أروع صور الإعجاز العلمي في كتاب الله‏,‏ وسبقا يشهد لهذا الكتاب العزيز بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية‏,‏ بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية‏,‏ في نفس لغة وحية‏(‏ اللغة العربية‏),‏ وحفظه حفظا كاملا‏:‏ كلمة كلمة‏,‏ وحرفا حرفا بكل إشراقاته الربانية‏,‏ وحقائقه النورانية ليبقي حجة علي الناس كافة إلي يوم الدين‏.‏

وبعد الخلق والتقدير تنتقل الآيات في سورة المؤمنون إلي الحديث عن الموت وحتميته‏,‏ وعن البعث وضرورته‏,‏ وهي عمليات متلازمة في هذه الحياة الدنيا إلي قيام الساعة‏.‏
وعقبت الآيات بالحديث عن خلق السماوات السبع‏,‏ وعن رعاية الله‏(‏ تعالي‏)‏ لخلقه‏,‏ وعن إنزال الماء من السماء بقدر وإسكانه في الأرض وهي أول إشارة إلي أن أصل الماء المخزون في الغلاف الصخري للأرض مستمد من ماء المطر وهي حقيقة لم تدركها العلوم المكتسبة إلا في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي‏,‏ وإن بدت لها إرهاصات منقولة ـ غالبا ـ عن الأصول الإسلامية في أواخر القرن السادس عشر الميلادي‏.‏ وتؤكد الآيات أن الله تعالي الذي أنزل من السماء ماء بقدر أي بتقدير دقيق فأسكنه في الأرض‏,‏ هو قادر علي انتزاعه وتغويره والذهاب به‏.‏

وتحدثت الآيات عما أنشأ الخالق الحكيم العليم بهذا الماء من جنات النخيل والأعناب وغيرهما من أشجار الفواكه الكثيرة‏,‏ والمحاصيل اللازمة لحياة الأنسان‏,‏ وركزت علي شجرة الزيتون‏,‏ وهي تلك التي تنبت في طور سيناء‏(‏ جبل المناجاة‏)‏ بالدهن‏(‏ وهو زيت الزيتون‏)‏ وصبغ للآكلين‏(‏ وهو الإدام الذي يصبغ الخبز‏)‏ إشارة إلي ما في شجر الزيتون الذي ينبت في تلك المنطقة من بركات وماله من كرامات‏.‏
وتنتقل الآيات للحديث عن العبر المستقاة من خلق الأنعام‏,‏ ومن إنتاج اللبن في ضروعها‏,‏ ومن تكون لحومها ومختلف منافعها الأخري للإنسان‏.‏ ثم إلي استعراض قصص عدد من أنبياء الله مع أممهم‏,‏ منهم نوح ومن بعده من الرسل‏,‏ حتي جاء ذكر موسي وأخيه هارون‏,‏ ثم عيسي ابن مريم‏(‏ علي نبينا وعليهم أجمعين من الله السلام‏),‏ مؤكدة وحدة رسالة السماء‏,‏ والإخوة بين جميع الأنبياء‏,‏ ووحدة الجنس البشري الذي ينتهي نسبه إلي أب واحد‏,‏ وأم واحدة‏,‏ ومؤكدة كذلك إنحراف أهل الكتاب عن منهج ربهم‏,‏ واختلافهم فيما بينهم إلي العديد من الفرق فتقول‏:‏
يا أيها الرسل كلوا من الطيبات وأعملوا صالحا إني بما تعملون عليم‏*‏ وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون‏*‏ فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون‏*‏ فذرهم في غمرتهم حتي حين‏*‏ أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين‏*‏ نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون‏*.‏
‏(‏المؤمنون‏:51:56).‏

وتعاود الآيات ذكر المزيد من صفات المؤمنين من عباد الله المكلفين فتقول‏:‏
إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون‏*‏ والذين هم بأيات ربهم يؤمنون‏*‏ والذين هم بربهم لا يشركون‏*‏ والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلي ربهم راجعون‏*‏ أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون‏*‏
‏(‏المؤمنون‏:57‏ ــ‏61)‏

ثم تنتقل الآيات إلي عرض جانب من صفات كفار ومشركي قريش ومن سار علي دربهم إلي يوم الدين‏,‏ وإلي تصوير ذلهم ومهانتهم في الآخرة فتقول‏:‏
حتي إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون‏*‏ لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون‏*‏ قد كانت آياتي تتلي عليكم فكنتم علي أعقابكم تنكصون‏*‏ مستكبرين به سامرا تهجرون‏*‏ أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين‏*‏ أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون‏*‏
‏(‏المومنون‏:64‏ ــ‏69)‏

وتؤكد الآيات أن الرسول الخاتم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏,‏ دعا قومه كمايدعو الناس كافة إلي صراط مستقيم‏*‏ وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون‏*‏
‏(‏المؤمنون‏:74,73)‏

وتصف طغيان هؤلاء العمي في ضلالاتهم وعذابهم في الآخرة وهم آيسون من النجاة‏,‏ بعد أن كانوا يشككون في البعث في حياتهم الدنيا ويصفونه بأساطير الأولين‏,‏ مع اعترافهم بأن الأرض ومن فيها هي لله‏,‏ وأن الله‏(‏ تعالي‏)‏ هو رب السموات السبع ورب العرش العظيم‏,‏ وأنه‏(‏ سبحانه وتعالي‏)...‏ بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه‏....‏ وتنفي الآيات كل دعاوي الشرك بالله فتقول‏:‏
بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون‏*‏ ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم علي بعض سبحان الله عما يصفون‏*‏ عالم الغيب والشهادة فتعالي عما يشركون‏*‏
‏(‏المؤمنون‏:90‏ ـ‏92).‏

وبعد ذلك تنتقل الآيات إلي خطاب موجه إلي خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ وتوجيهات له بأدعية خاصة لله‏(‏ تعالي‏),‏ مؤكدة ذل الكفار والمشركين‏,‏ والظلمة المتجبرين لحظة الاحتضار‏,‏ واستعطافهم بين يدي الله أن يرجعهم إلي الدنيا لعلهم يعملون صالحا فيرد عليهم الحق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ بقوله العزيز‏:‏
‏...‏ كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلي يوم يبعثون فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون‏.‏
‏(‏المؤمنون‏:100‏ ـ‏103)‏

وتستمر الآيات في وصف خطاب الله‏(‏ تعالي‏)‏ إلي هؤلاء الضالين من الكفار والمشركين والطغاة المتجبرين حتي تصل إلي قوله‏(‏ وهو أصدق القائلين‏):‏
أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لاترجعون فتعالي الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون
‏(‏المؤمنون‏:115‏ ـ‏117)‏

وتختتم السورة الكريمة بوصية من الله‏(‏ تعالي‏)‏ إلي خاتم أنبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ ـ وهي في نفس الوقت توجيه إلي كل مسلم ومسلمة إلي يوم الدين ـ يقول له فيها رب العالمين‏:‏
وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين
‏(‏المؤمنون‏:118).‏

من ركائز العقيدة في سورة المؤمنون
‏(1)‏ الإيمان بالله‏(‏ تعالي‏)‏ ربا واحدا أحدا‏,‏ فردا صمدا‏(‏ بغير شريك‏,‏ ولا شبيه‏,‏ ولا منازع‏,‏ ولا صاحبة ولا ولد‏),‏ والإيمان بملائكته‏,‏ وكتبه‏,‏ ورسله‏,‏ واليوم الآخر‏,‏ وبأنه لن يرث الجنة‏(‏ خلودا بلا موت‏)‏ إلا المؤمنين الذين ذكرت السورة الكريمة عددا من صفاتهم‏.‏
‏(2)‏ اليقين بأن الله‏(‏ تعالي‏)‏ قد خلق الإنسان من سلالة من طين‏,‏ وقدر مراحل الجنين في نسله مرحلة بعد أخري حتي تتم تسويته في خلقته الكاملة‏,‏ وأن للإنسان بعد هذه الحياة الموت‏,‏ ثم البعث والحساب والجزاء بالخلود في الجنة أو في النار‏,‏ وذلك لأن الإنسان لم يخلق عبثا‏,‏ وأنه حتما عائد إلي خالقه ليجزيه علي عمله في الحياة الدنيا‏.‏

‏(3)‏ التصديق بأن الله‏(‏ تعالي‏)‏ هو خالق السماوات السبع والأرضين السبع وما فيهن أي خالق كل شيء‏,‏ وأنه‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ منزل الماء بقدر من السماء‏,‏ وهو الذي يسكنه في الأرض‏,‏ وهو القادر علي الذهاب به بتغويره وإفنائه‏,‏ كما أنه‏(‏ سبحانه‏)‏ هو منبت النبات ومنشيء الزروع‏,‏ وخالق الأنعام‏,‏ ومبدع كل شيء‏,‏ وهو بكل شيء عليم‏.‏
‏(4)‏ التسليم بوحدة رسالة السماء‏,‏ وبالأخوة بين الأنبياء الذين كانت دعوتهم واحدة تقوم علي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره‏,‏ وعلي تنزيه الله تعالي عن الشريك‏,‏ والشبيه‏,‏ والمنازع‏,‏ والصاحبة‏,‏ والولد‏,‏ وعن جميع صفات خلقه‏,‏ وعن كل وصف لا يليق بجلاله لأن الشرك بالله كفر به‏,‏ وأنه لا يفلح الكافرون أبدا‏.‏

‏(5)‏ اليقين بأن الله‏(‏ تعالي‏)‏ هو عالم الغيب والشهادة‏,‏ وأنه‏(‏ جل جلاله‏)‏ هو خير الرازقين‏,‏ وهو الذي يحيي ويميت‏,‏ وأن له‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ اختلاف الليل والنهار‏,‏ وأنه هو رب العرش الكريم‏.‏
‏(6)‏ التصديق بأنه لا عودة بعد الموت إلا في يوم البعث‏,‏ لأن الأموات من ورائهم برزخ إلي يوم يبعثون‏,‏ وأن الخلق سوف يبعثون بعد نفختي الصور‏,‏ وبعد الأولي منهما يصعق الأحياء ويموتون‏,‏ وبعد الثانية يبعث كل ميت‏.‏

‏(7)‏ الإيمان بأن المفلحين هم الذين ثقلت موازينهم في الآخرة فيخلدون في جنات النعيم‏,‏ وأن الذين خفت موازينهم هم الذين خسروا أنفسهم وسوف يخلدون في نار جهنم‏.‏

من ركائز العبادة والسلوك في سورة المؤمنون
‏(1)‏ المحافظة علي الصلاة و الخشوع فيها‏,‏ وأداء الزكاة علي وقتها بقلوب وجلة رجاء قبولها عند الله‏(‏ تعالي‏),‏ وعدم التكذيب بأي من آيات الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏).‏
‏(2)‏ الاعراض عن اللغو بكل أشكاله وصوره‏,‏ وعن الشرك بكل ألوانه وأطيافه‏,‏ وعن السخرية من الغير والاستهزاء به أو التكبر عليه‏.‏

‏(3)‏ وجوب المحافظة علي الأعراض الخاصة وأعراض الآخرين‏.‏
‏(4)‏ وجوب مراعاة الأمانات والعهود‏.‏

‏(5)‏ مراعاة تقوي الله‏(‏ تعالي‏)‏ وخشيته في السر والعلن‏,‏ والمسارعة إلي فعل الخيرات‏,‏ والسبق بها‏,‏ وترك المنكرات وهجرها والتطهر منها‏.‏
‏(6)‏ الدعوة إلي النظر في كل أمر بشيء من التدبر والحكمة والتعقل‏.‏

‏(7)‏ الحرص علي طيب المطعم‏,‏ وعلي العمل الصالح‏,‏ وعلي الدفع دوما بالتي هي أحسن‏.‏
‏(8)‏ العمل علي توحيد المسلمين في أمة واحدة علي أساس من كتاب الله وسنة رسوله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏).‏

‏(9)‏ عدم الاغترار بكثرة المال والبنين‏,‏ لأن ذلك قد يكون من قبيل الاستدراج أو الابتلاء والاختبار‏.‏
‏(10)‏ الحرص علي حب الحق‏,‏ والعمل علي إشاعته بين الناس والانتصار له من الظالمين الجائرين علي حقوق الله وحقوق عباده‏,‏ ودعوة الخلق إلي الالتزام بصراط الله المستقيم‏.‏

‏(11)‏ النهي عن الوقوع في المظالم بمختلف أشكالها وصورها‏.‏
‏(12)‏ الحرص علي مداومة التضرع إلي الله‏(‏ تعالي‏)‏ بالدعاء‏,‏ وعلي مداومة الاستعاذة به من همزات الشياطين‏,‏ وسؤاله المغفرة والرحمة وهو الغفور الرحيم الودود‏.‏

من الإشارات الكونية في سورة المؤمنون
‏(1)‏ الإشارة إلي خلق الإنسان من سلالة من طين‏.‏
‏(2)‏ وصف مراحل الجنين البشري من النطفة الأمشاج في القرار المكين‏,‏ إلي العلقة‏,‏ ثم المضغة‏,‏ فالعظام وكسوتها لحما‏,‏ إلي إنشاء الجنين خلقا آخر‏.‏
وهذا الوصف المحكم والترتيب الدقيق جاء في زمن سيادة الاعتقاد بتخلق الجنين كاملا دفعة واحدة من دم الحيض وحده‏,‏ أو من ماء الرجل وحده في صورة متناهية الضآلة في الحجم‏,‏ ثم بالنمو والزيادة في الحجم يصل إلي حجمه لحظة الميلاد‏.‏
ووصف القرآن الكريم لتلك المراحل المتتابعة التي تتراوح في أطوالها بين أجزاء من الملليمتر إلي بضعة ملليمترات قليلة‏,‏ بهذه الأوصاف الدقيقة المحكمة في غيبة تامة لجميع وسائل التكبير والتصوير والكشف هو من أوضح صور الإعجاز العلمي في كتاب الله‏.‏

‏(3)‏ ذكر خلق السماوات السبع‏,‏ وهي من الامور التي لا تستطيع العلوم المكتسبة الوصول إليها نظرا إلي ضخامة أبعاد الكون‏,‏ وإلي تمدده باستمرار إلي نهاية لا يعلمها إلا الله‏(‏ تعالي‏).‏
‏(4)‏ الإشارة إلي إنزال الماء من السماء بقدر‏,‏ وإلي إسكانه في الأرض بحكمة‏,‏ وهي حقيقة لم تصل إليها العلوم المكتسبة إلا في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي‏.‏

‏(5)‏ الربط بين إنزال الماء من السماء وإخراج النبات من الأرض‏.‏
‏(6)‏ وصف شجرة الزيتون بأنها تنبت بالدهن وصبغ للآكلين‏,‏ والتركيز علي شجر الزيتون الذي ينبت في طور سيناء بصفة خاصة‏.‏

‏(7)‏ الإشارة إلي ما في خلق الأنعام من عبرة للمعتبرين‏,‏ ومن ذلك ما يخرج من بطونها من لبن‏,‏ ومن أبدانها من لحم‏,‏ وما يستفاد منها من فوائد من مثل اتخاذها للركوب والحمل في البر كما تتخذ السفن في البحر‏,‏ وغير ذلك من المنافع العديدة‏.‏
‏(8)‏ ذكر حاسة السمع قبل كل من الأبصار والأفئدة‏,‏ والملاحظات في علم الأجنة تؤكد سبق تكون حاسة السمع لبقية الحواس المذكورة وكذلك الحال عند المولود فإنه يسمع قبل أن يري أو يدرك‏.‏

‏(9)‏ إقرار حقيقتي تكور الأرض‏,‏ ودورانها حول محورها أمام الشمس بالإشارة الضمنية الرقيقة إلي اختلاف الليل والنهار‏.‏
‏(10)‏ ذكر قصص عدد من أنبياء الله ورسله‏,‏ وأخبار أممهم معهم‏,‏ وما أصاب تلك الأمم من أحداث بدقة فائقة تؤكدها دراسات الآثار الباقية في الحالات التي تم تحقيقها‏.‏
وكل قضية من هذه القضايا تحتاج إلي معالجة خاصة بها‏,‏ ولذلك فسوف أقصر حديثي هنا علي استكمال وصف مراحل خلق الجنين البشري من المضغة إلي العظام وكسوتها لحما‏,‏ كما جاء في النقطة الثانية من القائمة السابقة‏.‏

من الدلالات العلمية للنص القرآني الكريم
أثبتت دراسات علم الأجنة أن طور المضغة في الإنسان يتميز باكتمال خلق الكتل البدنية‏(TheSomites),‏ وأنه في الفترة الممتدة من الأسبوع الخامس إلي الثامن فإن هذه الكتل البدنية تأخذ في التحول بالتدريج من أنسجة غشائية إلي غضاريف ثم إلي عظام أو إلي عظام مباشرة‏,‏ ثم تأخذ تلك العظام في الاكتساء باللحم‏(‏ العضلات ثم الجلد‏).‏ وتصاحب هذه العملية بظهور براعم الأطراف ونموها إلي الأطراف الكاملة‏,‏ وذلك في عددا من المراحل المتتالية التي يمكن ايجازها فيما يلي‏:‏

أولا‏:‏ تكون العمود الفقري‏:‏
في الأسبوع الخامس من عمر الجنين تبدأ الكتل البدنية الأربع الأولي والموجودة بالقرب من قمة الجنين في الالتحام لتكون جزءا من قاع الجمجمة‏,‏ أما باقي الكتل البدنية وهي في حدود‏(40)‏ كتلة فتتحرك لتكوين فقرات العمود الفقري الأربعين‏(8‏ فقرات عنقية‏,12‏ صدرية‏,5‏ قطنية‏,5‏ عجزية‏,108‏ عصعصية يندثر أغلبها ليبقي منها ثلاث فقرات فقط تضم بداخلها سر حياة الإنسان المعروف باسم عجب الذنب كما سماه رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ كما تكون ضلوع القفص الصدري‏,‏ وعظام الأطراف‏,‏ ثم تكسوها باللحم‏(‏ العضلات والجلد‏).‏ وذلك لأن كل واحدة من هذه الكتل البدنية تتكون من قسم بطني وسطي‏(VentromedialPart)‏ خصصه الخالق المبدع‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ لتكوين الهيكل العظمي للجنين ولذلك يعرف باسم القطاع الهيكلي من الكتلة البدنية‏(Sclerotome),‏ وقسم ظهري جانبي‏(Dorsolateralpart)‏ خصه الله‏(‏ تعالي‏)‏ بتكوين الكساء اللحمي للهيكل العظمي‏(‏ العضلات والجلد‏)‏ ولذلك يسمي باسم القطاع العضلي‏/‏ الجلدي من الكتلة البدنية‏(Myo-Dermatome).‏ ويبدأ تكون الهيكل العظمي للجنين بتحرك القطاع الهيكلي من كل كتلتين بدنيتين متقابلتين في اتجاه الحبل العصبي الظهري‏(TheNotochord)‏ وما حوله من الميزاب العصبي‏(TheNeuralGroove)‏ ليحيطاه إحاطة كاملة مكونين إحدي فقرات العمود الفقري‏(TheVertebralColumn),‏ ويتكون لكل فقرة قوسان ينموان ليكونا ضلعين من ضلوع القفص الصدري‏.‏ وتبدأ فقرات العمود الفقري بالتخلق من خلايا غضروفية‏(Chondroblasts)‏ ثم تتكلس بالتدريج بترسيب ثالث فوسفات الكالسيوم فيها بواسطة الدم حتي يتحول أغلبها إلي خلايا عظمية‏(Osteablasts)‏ تاركة أقراصا غضروفية فاصلة بينها لتعطي للعمود الفقري قدرا من مرونة الحركة‏.‏
‏*‏ ويؤدي تكون العمود الفقري من القطاعات الهيكلية للكتل البدنية إلي استثارة بقية تلك الكتل وهي القطاعات المخصصة لبناء الكساء اللحمي فتتحرك للقيام بدورها في كسوة العظام باللحم‏(‏ العضلات والجلد‏)‏ وقد أكد القرآن الكريم هذا التتابع من قبل ألف وأربعمائة سنة وذلك بقول ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
‏*...‏ فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما‏...‏
‏(‏المؤمنون‏:14)‏

وكان ذلك في زمن لم يتوافر للإنسان أي علم بمراحل الجنين ولا بتتابع الخلق في مثل هذه الأطوار مما يقطع بأن القرآن الكريم لا يمكن أن يكون صناعة بشرية‏,‏ بل هو كلام الله الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏),‏ ويشهد للنبي والرسول الخاتم الذي تلقاه بالنبوة والرسالة‏,‏ وبأنه‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ كان موصولا بالوحي‏,‏ ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض ومن فيهن‏.‏
ويبدأ تكون العظام عادة بمرحلة غشائية تتخلق في الأسبوعين الخامس والسادس من عمر الجنين‏,‏ ثم تتحول هذه الأغشية إلي مرحلة غضروفية في أواخر الأسبوع السادس‏,‏ ثم تأخذ هذه الغضاريف في التكلس التدريجي بدءا من الأسبوع السابع ويتم ذلك في مراكز محددة تعرف باسم مراكز التصلب‏(OssificationCenters)‏ أو التمعظم‏(ScleritizationCenters)‏ تنتشر منها الخلايا العظمية لتحل بالتدريج محل الخلايا الغضروفية‏,‏ ويمتد فرع عصبي من الحبل العصبي الظهري إلي كل فقرة من فقرات العمود الفقري بحيث يكون في مستواها تماما‏.‏
والعظام الناتجة عند تكلس الغضاريف تعرف باسم العظام غضروفية الأصل‏(Bonesofcartilaginousorigin)‏ وتشمل غالبية عظام الجنين من مثل العمود الفقري‏,‏ والقفص الصدري‏,‏ والأطراف‏,‏ وقاع الجمجمة‏,‏ ولكن في بعض أجزاء الهيكل العظمي مثل أغلب عظام الجمجمة تتكون العظام بواسطة تكلس الأنسجة الغشائية مباشرة دون المرور بمرحلة الغضاريف وتعرف هذه العظام باسم العظام غشائية النشأة‏(Bonesofmembraneousorigin)‏ وتتكون بترسيب ثلاثي فوسفات الكالسيوم من الدم الذي تحمله الأوعية الدموية الي قبوة الرأس بالتدريج في الطبقة الغشائية الرقيقة المحيطة بالمخ فتتكلس‏.‏

ثانيا‏:‏ تكون الجمجمة‏:‏
تتكون غالبية عظام الجمجمة المعروفة باسم علبة الدماغ‏(Neurocranium)‏ من عظام غشائية النشأة‏,‏ أما الصفيحة القاعدية للجمجمة‏(CranialBasalplate)‏ فتتكون من عظام غضروفية النشأة‏,‏ وتستمد هذه العظام من أعلي زوجين متقابلين من الكتل البدنية الموجودة بالقرب من قمة الجنين حين يتحرك النصف الخاص ببناء الهيكل العظمي من تلك الكتل في اتجاه الحبل الظهري‏,‏ وتلتحم الكتل الثلاث الباقية مكونة الصفيحة القاعدية لقاع الجمجمة‏(CranialBase)‏ مكونة فتحة عظيمة‏(Foramenmagnum)‏ يمر منها النخاع الشوكي المتصل بالمخ عبر ما يعرف باسم النخاع المستطيل‏(Medullaoblongata)‏ وتتصل عظام قاع الجمجمة بالعظام الحافظة للحواس من مثل السمع والبصر والشم‏,‏ وهي عظام غضروفية النشأة‏,‏ كما تتصل بعظام الوجه التي تتكون أساسا من القوسين البلعوميين فيكون الأول منهما الفك السفلي‏,‏ ويتكون الفك العلوي من بروز منه‏.‏ وكذلك تتكون عظام الوجنتين‏,‏ وجزء من العظم الصدغي‏.‏ وتتكون عظيمات الأذن الوسطي‏(‏ المطرقة‏,‏ والسندان‏,‏ والركاب‏)‏ من النتوء الفكي‏,‏ وهي أول ما يتكون من عظام الجمجمة‏,‏ ويكون الوجه صغيرا في أول الأمر بالنسبة إلي القحفة‏,‏ وذلك لأن الجيوب الأنفية لم تكن قد تكونت بعد‏,‏ فإذا ما تكونت فإن الوجه يبدأ في أخذ شكله الإنساني‏.‏
ويبقي عدد من الفراغات بين عظام الجمجمة الرقيقة نسبيا حتي يسهل تشكل الرأس أثناء عملية الولادة‏,‏ وتعرف هذه الفراغات أو الفتحات باسم اليوافيخ‏(‏ جمع يافوخ‏),‏ وتبقي مع الوليد لفترة تصل إلي عام ونصف العام بعد الولادة قبل أن تغلق تماما‏.‏

ثالثا‏:‏ تكون القفص الصدري‏:‏
تتكون ضلوع القفص الصدري من نمو النتوءات المستعرضة‏(TransverseProcesses)‏ التي تظهر علي الفقرات الصدرية الإثنتي عشرة للعمود الفقري وبذلك يتكون‏24‏ ضلعا للجنين‏,‏ أثنا عشر منها علي كل جانب من جانبي القفص الصدري‏.‏ وتنمو الضلوع أولا علي هيئة غضروفية ثم تبدأ مراكز التكلس في الظهور عليها لتحويلها إلي عظام بالتدريج ففي الأسبوع السادس من عمر الجنين يظهر علي الجزء الهيكلي‏(Sclerotome)‏ من الكتل البدنية الصدرية الإثنتي عشرة ثلاثة أزواج من المراكز الغضروفية في كل كتلة تعمل علي تكوين فقرة غضروفية وتتوزع هذه المراكز علي النحو التالي‏:‏
‏1‏ـ مركزان للقوس الفقري‏(TheVertebralArch)‏
‏2‏ ـ مركزان للنتوء المستعرض‏(TheTransverseProcess)‏
‏3‏ ـ مركزان لجسم الفقرة‏(TheBodyoftheVertebra)‏
وفي الأسبوع السابع من عمر الجنين تبدأ هذه الفقرات الغضروفية في التمعظم بظهور عدد من مراكز التصلب‏(OssificationCenters)‏ علي جسم كل فقرة‏,‏ وفي الأسبوع الثامن تظهر مراكز التمعظم علي كل قوس فقري‏.‏ ومن النتوءات المستعرضة تنمو ضلوع القفص الصدري‏,‏ إثنا عشر من كل جانب‏.‏

رابعا‏:‏ تكون الأطراف‏:‏
يبدأ نمو الأطراف في جسم الجنين مع بداية الأسبوع الخامس من عمره حين تبدأ براعم تلك الأطراف في الظهور بالأطراف العلوية أولا‏(‏ الذراعين‏),‏ ثم بالأطراف السفلية‏(‏ الساقين‏)‏ بعد ذلك ببضعة أيام وفي كل برعم من هذه البراعم الغشائية يبدأ تحول الأنسجة الغشائية إلي غضاريف‏,‏ ثم تبدأ هذه الغضاريف في التكلس والتصلب لتتحول الي عظام بالتدريج عن طريق ترسيب ثلاثي فوسفات الكالسيوم المنقول اليها بواسطة الدم في جميع المسافات الفاصلة بين الخلايا الغضروفية وبالإحلال محلها‏,‏ وذلك نتيجة لإمتداد الأوعية الدموية والأعصاب لكل طرف مع كسوته باللحم‏(‏ العضلات والجلد‏).‏
وفي الأسبوع السادس من عمر الجنين‏(‏ الذي لايتعدي طوله‏12‏ ملليمترا‏)‏ يظهر علي كل طرف من الطرفين العلويين اختناقان يحدد أحدهما مكان الكوع‏,‏ ويحدد الآخر مكان الرسغ‏,‏ وتظهر علي كل يد ميازيب تحدد أماكن الأصابع في كل منها وبذلك يتحدد مكان كل من العضد‏,‏ والساعد‏,‏ واليد‏,‏ والأصابع في كل ذراع‏.‏

وفي الأسبوع السابع من عمر الجنين يتحدد مكان كل من الركبة والكاحل فيتحدد بذلك مكان كل من الفخذ والساق والقدم‏,‏ في كل طرف من الطرفين السفليين في وقت لايتعدي طول الجنين‏(15)‏ ملليمترا وبعد تكون الهيكل العظمي للأطراف تكسي باللحم‏(‏ العضلات ثم الجلد‏),‏ ويتصل كل ذلك بامتداد كل من الأعصاب والأوعية الدموية‏.‏
ويتكون الطرفان العلويان للجنين‏(‏ الذراعان‏)‏ من الكتل البدنية‏(4‏ ـ‏8)‏ الواقعة في المنطقة العنقية‏,‏ ويشاركهما في ذلك الكتلة الصدرية الأولي من الكتل البدنية‏,‏ وأحيانا الكتلة الثانية من كل جانب‏,‏ بينما يتكون الطرفان السفليان‏(‏ الساقان‏)‏ من الكتل البدنية القطنية الخمس من كل جانب والعجزية‏(1‏ ـ‏4).‏
من ذلك الاستعراض يتضح أنه في الأسبوع السادس من عمر الجنين فإن الكتل البدنية‏(TheSomites)‏ التي ميزت مرحلة المضغة تتحول بالتدريج إلي الغضاريف‏,‏ وتظهر براعم الأطراف وتتحول كذلك إلي غضاريف‏,‏ وفي الأسبوعين السابع والثامن تبدأ هذه الغضاريف في التكلس لتتحول إلي العظام بالتدريج‏,‏ وتكسي العظام باللحم‏(‏ العضلات والجلد‏).‏ وتبدأ مراكز التمعظم في الظهور في الأطراف في الأسبوع السابع من عمر الجنين‏,‏ ويلي ذلك تكون عضلات تلك الأطراف‏,‏ مما يؤكد سبق تكون العظام لتكون اللحم‏(‏ العضلات والجلد‏)‏ وقد سبق القرآن الكريم جميع المعارف الإنسانية المكتسبة في تحديد هذه الحقيقة وذلك بقول ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما‏..(‏ المؤمنون‏:14)‏

وفي أثناء تحول الهياكل الغضروفية إلي هياكل عظمية عبر مراكز التصلب‏(OssificationCenters)‏ تترسب أملاح ثلاثي فوسفات الكالسيوم في المسافات الفاصلة بين الخلايا الغضروفية‏,‏ ثم تتخلق خلايا آكلة للخلايا الغضروفية‏(Chondroclasts)‏ تلتهمها وتحل محلها الخلايا العظمية‏(OsteoblastsorOsteocytes)‏ التي تنمو بالتدريج لتكوين الهيكل العظمي للجنين‏.‏
هذه الحقائق لم تكتشف إلا في خلال القرن العشرين‏,‏ وفي العقود المتأخرة منه علي وجه التحديد‏,‏ وورودها في كتاب أنزل من قبل أربعة عشر قرنا علي نبي أمي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ وفي أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين لمما يقطع بربانية هذا الكتاب‏,‏ وبنبوة الرسول الخاتم الذي تلقاه وبأنه كان دوما موصولا بالوحي‏,‏ ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض فصلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه‏,‏ ودعا بدعوته إلي يوم الدين‏,‏ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏.‏