بسم الله الرحمن الرحيم

كيف يعالج الإسلام المشكلات الاقتصادية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وإمام المرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين الذين فتحوا الدنيا فتوح مجد وفتوح شهادة ثم أما بعد .
إن المتتبع لتصريحات ساسة الغرب وعلى رأسهم أمريكا ومنظريها في معرض حديثهم حول ظاهرة تفريخ الإرهاب في العالم الإسلامي على حد زعمهم تجعلهم يجعلون سبب هذه القضية هو انتشار الفقر وحيث يكون الفقر يكون الإرهاب وبحل هذه القضية يكون قد قضي على وجود الإرهاب .

وادعائهم هذا باطل من جهتين

الأولى: أن الالتزام بالحكم الشرعي ورفض الحضارة والهيمنة الغربية لا علاقة له بالفقر والغنى ؛ بل هو مرتبط مباشرة بالعقيدة الإسلامية .

وثانيا : أن سبب الفقر في بلاد المسلمين هم الكفار أنفسهم ، فبسلبهم لثروات المسلمين ، وفرض سياسات اقتصادية عقيمة عليهم من قبل الحكام هو الذي سبب الفقر للمسلمين . ومن المضحك المبكي أنهم أي الغرب يقدمون المبادرة تلو المبادرة ويزعمون بذلك أنهم يريدون إخراج المنطقة من دائرة الفقر ، في حين أن جميع مبادراتهم يمكن اختصارها في جملة واحدة وهي : مزيد من القروض من خلال البنك الدولي لتحقيق مزيد من الديون ليؤدي إلى مزيد من الفقر ؛ فالفقر الذي يتحدثون عنه هم سببه ، والوصفات التي يزعمون أنها حلول لا تنتج إلا مزيدا من الفقر .


إن قضية الفقر والبطالة وغيرهما من القضايا الاقتصادية لا علاج لها في النظام الرأسمالي ؛ لأن النظام الرأسمالي يقر بأن حاجات الإنسان لا محدودة ، والسلع والخدمات محدودة ، أي أن الحاجة والفقر أمر طبيعي عندهم كما أن النظام الاقتصادي يطبق منذ أكثر من ثلاثمائة عام وهو مليء بالأزمات ولولا الاستعمار ونهب ثروات دول العالم الثالث لكان انهيار الرأسمالية أسرع من انهيار الاشتراكية.

وأما العلاج الناجع للفقر والبطالة وباقي الأزمات الاقتصادية فلا تكون إلا في الإسلام
، ولا يعالجها علاج صحيح جذري ناجع إلا الإسلام فإليكم بيان كيفية معالجة الإسلام لهذه الأزمات.

فمن ناحية توزيع الثرة فالإسلام لم يحجر على الناس في التملك ولم يحدد لهم الملكية وإنما نظمها تنظيما دقيقا ، فأباح الملكية الفردية مع بيان كيفية التملك ، وأذن للأفراد بأن يتصرفوا بما يملكون ، على الرغم من أنه حدد كيفية التصرف بهذه الملكية .

وكذلك ركز الإسلام على تفاوت القوى العقلية والجسمية لدى أفراد بني الإنسان ، واحتاط لهذا التفاوت في إعانته العاجز ، وكفايته المحتاج ، كما فعل الرسول مع أصحاب الصفة من فقراء المسلمين و ( كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه مع اليهودي الذي عجز عن دفع الجزية للدولة بسبب كبر سنة وعجزه عن الكسب ) فأقطع له مالا من بيت المال .

وفرض في أموال الأغنياء حقا للفقراء والمساكين قال تعالى : " ﴿وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ﴾" ، وشرع أحكاما للملكية العامة ، وهو مالا تستغني عنه الجماعة ، كالماء والكلأ والنار والنفط والمعادن التي لا تنقطع قال : " الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار "، وكما ورد في حديث أبيض بن حمال عندما اقطعه الرسول أرضا في مأرب فاسترجعها منه عندما علم أن فيها الملح وهو من الملكية العامة ،روى الترمذي عن أبيض بن حمال " أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعه الملح فقطع له فلما أن ولى قال رجل من المجلس أتدري ما قطعت له ؟ إنما قطعت له الماء العد . قال : فانتزعه منه " ( الماء العد الذي لا ينقطع ) شبهه بذلك لعدم انقطاعه .
وحرم أن يمتلك أحد من الناس هذه المعادن أو أي مال من الملكية العامة لأنه من حق الجماعة ، وكذلك حرم أن يحمي أحد من الملكية العامة كالمراعي وغيرها ، لا لنفسه ولا لغيره قال عليه الصلاة والسلام : " لا حمى إلا لله ولرسوله " ( رواه أبو داود ) ، وحمل الدولة مسؤولية توفير الثروة أموالا وخدمات للرعية ، وأباح للرعية أن تمتلك ملكية خاصة بها .

وبجميع ما تقدم يكون الإسلام قد ضمن لجميع أفراد الرعية وضمن للجماعة أن تكون مجتمعة ومتماسكة ، وضمن مصالح هؤلاء الأفراد ورعاية شؤون هذه الجماعة . كما إن الإسلام وضع معالجة إذا ما حصل تفاوت فاحش بين أفراد الرعية ، ولذلك أصبح لا بد من أن يوجد توازن بين أفراد الرعية في أي عملية توزيع جديدة يوجد بها التقارب في توفير الحاجات للرعية .
ولعدم سوء توزيع الثروة شرع الإسلام التوازن الاقتصادي في المجتمع فأوجب تداول المال بين أفراد الرعية ، ومنع حصر تداوله بين فئة من الناس في قوله تعالى : " ﴿كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ﴾" .

......... يتبع باذن الله