شبهة جديدة



ضياع نصوص:

“وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ; (آية 3).

رُوي عن جعفر الصادق أنه سُئل في هذه الآية، ما بال الجواب فيها بعيداً عن الشرط لا تربطه مناسبة؟ فكان رده لقد سقط من بين الشرط والجواب حمل بعير من القرآن .

وقدَّم المفسرون آراء عجيبة حول هذه الآية. وننقل هنا ما رواه الرازي:

- 1 - قال أهل التحقيق فانكحوا ما طاب لكم من النساء لا يتناول العبيد، وذلك لأن الخطاب يتناول إنساناً متى طابت له امرأة قدر على نكاحها، والعبد ليس كذلك بدليل أنه لا يتمكن من النكاح إلا بإذن مولاه، ويدل عليه القرآن والخبر. أما القرآن فقوله “ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ; (النحل 16: 75) فقوله لا يقدر على شيء ينفي كونه مستقلاً بالنكاح. وأما الخبر فقوله أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر فثبت بما ذكرناه أن هذه الآية لا يندرج فيها العبد.

وذهب أكثر الفقهاء إلى أن نكاح الأربع مشروعٌ للأحرار دون العبيد. وقال مالك: يحلّ للعبد أن يتزوّج بالأربع وتمسّك بظاهر هذه الآية.

والجواب الذي يُعتمد عليه: أن الشافعي احتجّ على أن هذه الآية مختصَّة بالأحرار بوجهين آخرين سوى ما ذكرناه: أن القرآن قال بعد هذه الآية: فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة، أو ما ملكت أيمانكم وهذا لا يكون إلا للأحرار، والثاني: أنه قال: فإنْ طبْنَ لكم عن شيءٍ منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً . والعبد لا يأكل ما طابت عنه نفس امرأته من المهر، بل يكون لسيده.

- 2 - ذهب قومٌ إلى أنه يجوز التزوّج بأيِّ عددٍ أُريد، واحتجّوا بالقرآن والخبر. أما القرآن فقد تمسكوا بهذه الآية من ثلاثة أوجه: (1) أن قوله فانكحوا ما طاب لكم من النساء إطلاق في جميع الأعداد، بدليل أنه لا عدد إلا ويصبح استثناؤه منه، وحكم الاستثناء إخراج ما لولاه لكان داخلاً. (2) أن قوله مثنى وثلاث ورباع لا يصلح تخصيصاً لذلك العموم، لأن تخصيص بعض الأعداد بالذكر لا ينفي ثبوت الحكم في الباقي، بل نقول: إن ذكر هذه الأعداد يدل على رفع الحرج والحجْر مطلقاً.

فإذا ذكر بعض الأعداد بعد قوله فانكحوا ما طاب لكم من النساء كان ذلك تنبيهاً على حصول الإذن في جميع الأعداد.

(3) أن الواو للجمع المطلق، فقوله مثنى وثلاث ورباع يفيد حل هذا المجموع. وهو يفيد تسعة، بل الحق أنه يفيد ثمانية عشر، لأن قوله مثنى ليس عبارة عن اثنين فقط، بل عن اثنين اثنين وكذا القول في البقية.

وأما الخبر فمن وجهين:

(1) ثبت بالتواتر أن النبي مات عن تسع. ثم إن الله أمرنا باتّباعه فقال فاتبعوه وأقل مراتب الأمر الإباحة.

(2) كان التزوج بأكثر من الأربع طريقة النبي، فكان ذلك سنَّة له، ثم إنه قال فمن رغب عن سُنَّتي فليس منّي فظاهر هذا الحديث يقتضي توجيه اللوم على من ترك التزوّج بأكثر من الأربعة، فلا أقل من أن يثبت أصل الجواز (الرازي في تفسير النساء 3).

ولكن بعض الفقهاء قرَّروا الحَصْر، وبنوه على الخبر، وهو ما رُوي أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة، فقال الرسول: أمسك أربعاً وفارق باقيهن. وروي أن نوفل بن معاوية أسلم وتحته خمس نسوة، فقال الرسول: أمسك أربعاً وفارق واحدة .



تجهيز للرد