السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



نادين ياكريمة يابنت الكريم

يشاء الله أن أقرء قصة والدك الاستاذ الفاضل الدكتور رائف قبل أن أقرء قصتك

ولا أملك غير أن أقول قول الله سبحانه وتعالى

( والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه )

---

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. يقول الله جل وعلا : وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ .
لما أمر الله جل وعلا ونهى في هذه الآية الكريمة، وبين عظائم آياته وبرهان عبادته وربوبيته أنه الرب وحده والمعبود وحده، وبين أنه أنزل إلى هذه الخلائق كتابا فصله على علم هدى ورحمة؛ بين هنا أن الناس الذين أنزل عليهم هذا الكتاب لهم شبه بعنصرهم الأول وهو الأرض، وشبه الوحي الذي أنزله على نبينا صلى الله عليه وسلم بالمطر .
فالوحي كثيرا ما يشبه بالمطر كما أوضحناه في سورة البقرة بالكلام على قوله: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ الآيات؛ فكما أن المطر يحيي الله به الأرض بعد موتها، وينبت به النباتات والزروع والثمار، وينعش به الحيوانات، ويغير به لبني آدم مصالحهم الدنيوية؛ فكذلك القرآن هو مطر أرض القلوب.
إذا نزل مطر القرآن على أرض القلوب أثمرت القلوب ثمراتها الرائعة اليانعة من الإيمان بالله والتقوى والخشية والإنابة والإيثار، وطاعة الله جل وعلا والخوف منه والانقياد لأوامره والتباعد لنواهيه. فالقرآن مطر القلوب، والأرض كأنها المطر الذي يثمر فيه القرآن، كما أن الأرض هي مطر السحاب التي يثمر فيها. فضرب الله المثل هنا لقلوب بني آدم؛ بأن بينهم شبها وبين الأرض، لأنها أصلهم وعنصرهم الذي خلقوا منه.
فإذا نزل المطر من السماء وأصاب أرضا طيبة أثر فيها أثرا شديدا؛ فأنبتت الزروع والحبوب والثمار والعشب والكلأ الكثير، وصارت ترفل في حلل زينتها من أنواع النباتات. وإذا نزل المطر على أرض سبخة خبيثة لا تقبل النبات؛ كلما ازداد نزول المطر عليها ازدادت خبثا لا تمسك ماء عذبا يشرب منه، ولا تنبت مرعى يرتع فيه، ولا ثمارا ولا زروعا تؤكل.
فهذا مثل ضربه الله لقلب المؤمن وقلب الكافر. وضرب المثل للقرآن بأنه مطر القلوب المثمر فيها، كما أن مطر السحاب هو مطر الأرض المثمر فيها. قال: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ أصل البلد الطيب من الأرض إذا صادفه المطر الكثير يخرج نباته بإذن ربه أحسن ما يكون، يخرج نباته نباتا حسنا فيه الزروع والثمار والأعشاب والكلأ، وكل ما ينتفع به الناس في أمور معاشهم.
هذا هو الْبَلَدُ الطَّيِّبُ كذلك القلب الطيب إذا نزلت عليه أمطار القرآن زواجره ونواهيه ومواعظه وحلاله وحرامه؛ أثمر ذلك القرآن في ذلك القلب ثمرات أحسن من ثمرات الأرض الطيبة إذا نزل عليها المطر؛ فأثمر الإيمان بالله والتطهر من أدناس المعاصي والكفر، وامتثال أمر الله واجتناب نواهيه.
وكل خصلة حسنة يظهرها مطر القرآن في قلب المؤمن كالخشية من الله، والتوبة عند الزلات، والإنابة إليه والسخاء والشجاعة، والرضا بقضاء الله والإيثار وعدم الشح، إلى غير ذلك من خصال الإسلام الكريمة الجميلة .

المصدر
http://ibn-jebreen.com/book.php?cat=...89&subid=32228



وجزاكم الله خيرا