الرضا بالقدر




الحمد لله الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و اصحابه و من اهتدى بهداه
اما بعد
احبتي في الله سلام الله عليكم و رحمته و بركاته نسأل الله تعالى ان يرزقنا و اياكم العلم النافع و العمل الصالح و يجعلنا و اياكم من الصالحين المصلحين المخلصين
شكر الله لاخواننا في هذا الجامع المبارك مثل هذه المناشط و مثل هذه المجالس
نسأل الله ان لا يحرمهم و يحرمنا اجرها..
اعمال القلوب سلسلة مباركة بدأها اخوانكم في هذا الجامع و لا شك اننا في زمن انفتاح التقني و الاعلامي و الانفجار المعرفي و زمن المتغيرات و الشهوات و الشبهات و كثرة الفضائيات في امس الحاجة الى الحفاظ على قلوبنا و اعمالها..
صحابة رسول الله (رضوان الله تعالى عليهم و صلى الله و سلم على رسولنا الحبيب) قالوا : تعلمنا القرآن او تعلمنا الايمان قبل القرآن و لاشك ان المخرج للناس اليوم من هذه الفتن و الشهوات و الشبهات هو الايمان و حلاوة الايمان و لذة القرب من الرحمن هكذا تتحدث آيات القرآن و هكذا من اراد ان يعيش جنة الدنيا بالايمان و حلاوة الايمان ربما غفلنا عن القلوب و اعمال القلوب و ربما اشتغلنا كثيرا باعمال الجوارح حتى و ان كانت من الطاعات و الخيرات.. لكن اعمال القلوب اكاد و و اعظم و ارجح و من اعمال الجوارح كما يقول العلماء فان اعمال القلوب هي مفاتيح القلوب و هي مفاتيح القرب من الله عز وجل و الرضا به سبحانه و تعالى حقا ما احوجنا الى اعمال لاقلوب في زمن غفلنا فيه كثيرا عن القلوب
الاخلاص
الصدق
اليقين
الخشوع
حلاوة الايمان
الخوف من الله و غيرها كثير هي حياة الانسان و سعادة الانسان و سر راحة و مفتاح السكينة و هي مفتاح البعد عن الآلام و والقلق و الهموم و الحسرات التي يتقلب و للاسف فيها كثير من الناس اليوم
الدنيا ايها الاخوة و الاخواة خداعة غدارة فتانة غرارة تضحك و تبكي و تجمع و تفتت
شدة و رخاء
و سراء و ضراء

يا ربما ابتسمت يوم لذي شرهٍ
و ربما خضعت يوم لمحتال
تطيب حينا و تغرينا لذائذها لكنها لوعينا دار اهوال
تاملوا الناس من حولكم التفقتوا يمنة ويسرى
قلبوا في اهلكم و جيرانكم و زملائكم
هل يخلو احد من مصيبة ازعجت ؟
أ و
من مشكلة اقلقت؟
او من هم احرقه ؟
او من مرض اقعده؟
او من ولد ازعجه او اشغله ؟
او من دين ايقضه ؟
تلفتوا و تاملوا
كم من عبد مظلوم
كم من فقير و معدوم ؟
كم من مغموم و مهموم ؟
قلوب تشتعل و نفوس تحترق
هكذا هي الدنيا مصائب و زرايا
و محن و بلايا
صرخات و زفرات
و انات و آهات
طبعت على كدر و انت تريدها صفوا من الاقذاء و الاكدار
فاذا كان الامر كذلك فان البعض يزيد الآلام الما بتسخطه و جزعه و حزنه و نكده و ربما خسر دينه و دنياه
اصاب احدهم شلل رباعي (عافانا الله و اياكم اجمعين ) فجزع و غضب ثم ارتد عن دينه و تنصر فلما نصح و عتب قال ماذا نفعني ربي ! اين هو عني !
اعوذ بالله من الضلال بعد هدى ذلك هو خسران المبين
عائلة ماتت الام فلا تسمع سوى الصراخ و العويل و الصبء و النحيب بل لا تكاد تهدأ النفوس إلا بالابر و المهدئات الطبية
عفوك اللهم عنا
فتاة ابلتيت بالسحر فلم تزل تعلن الجزع و السخط و تردد : لماذا يفعل الله بي هذا ؟ ماذا فعلت ؟ اين رحمة الله التي نسمع ؟
اللهم انا نسألك الرضا بعد القضاء
اللهم انا نسألك الرضا بعد القضاء
الرضا الذي هو جنة الدنيا
الرضا الذي هو من اعظم اعمال القلوب
التسليم و الاذعان و القبول نوع من انواع الرضا فيما يؤمر به العبد
لكن الرضا بما قسمه الله و قدره على العبد و بقلب مطمئن و نفس راضية هو مدار الحديث لهذه الللحظات
يا عبدالله
يا امة الله
يا من ابتليت
اياً كانت بليتك
اياً كانت مصيبتك
انما الصبر عند الصدمة الاولى
(( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )) البقرة ( 155-157 )

انه القضاء و القدر
جف القلم و رفعت الصحف و قضي الامر
((مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا )) الحديد 22
انه الايمان
انها العقيدة و اليقين ((قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا )) التوبة 51
انه الرضا بالقضاء اعظم عبادات القلب اثراً في النفس
فالرضا يوجب طمأنينة القلب
فالرضا يوجب سكونه و وثياته خاصة عند الازمات و عند الشدائد و الفتن و المصائب التي تحل إما بالمجتمعات او بالافراد
الراضون المسلمون كلما اشتدت عليهم الازمات لسان حالهم يقول
((هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا )) الاحزاب 22
انهم المؤمنون ...
الرجال تصنعهم المحن
و عند الشدائد يتبين الذهب من الابريز
كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الى ابي موسى الاشعري و قد كان قاضياً فقال :
(( اما بعد ....
فأن الخير كله في الرضا فان استطعت ان ترضى و إلا فاصبر ))
فان استتعطت ان ترضى و إلا فاصبر
يعنى الصبر منزلة دون منزلة الرضا
و كما قال عليه الصلاة و السلام و تأملوا هذا الحديث العجيب
((عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ،إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له .))
ثم قال ((وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ))
نعم المؤمن الصادق بأيمانه
المؤمن الذي امتلء قلبه يقينا بربه جل و علا و علم ان ما اصابه لم يكن ليخطئه و ان ما اخطأه لم يكن ليصيبه
اما الفاقدون للرضا و ما اكثرهم للأسف مع كثرة المصائب و الازمات خسائر مالية، انحطاط في سوق الاسهم، فكانت النتيجة امراض ومصائب و صدمات نفسية ربما وصلت حتى الموت عند بعض الناس
و الله المستعان
و هي خسران مادة فكيف من ابتلي بخسران ايمانه او خسران نفسه
الفاقدون للرضا تعال و انظر للجزع و السخط و الفزع و الصراخ و التسخط بل ربما الهروب للمخدرات و المسكرات ربما وصلت الامر للأزمات نفسية او حتى الجنون او الانتحار
انهم الساخطون الغاضبون
((فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ )) الحج 11
لسان حالهم يقول
((مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا )) الاحزاب 12
انه السخط الجزع
يوجب الشك بالله جل جلاله
يوجب الشك في قضائه و قدره و ان الله تعالى بخسه و حرمه و ابتلاه و منعه ذلك بأنهم اتبعوا ما اسخط الله و كرهوا رضوانه فأحبط اعمالهم.
من تأمل في الناس من حوله ؟؟
وجد اشكالاً و صوراً للسخط و الجزع
وجد اشكالاً لعدم الصبر فكيف بالرضا
وجد صوراً مفزعة من عدم الصبر و الايمان و الرضا بالقضاء