الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

الشفاعة : تعريفها ، أنواعها ، أسبابها ( دنيا و آخرة) و شروطها مع الادلة
المؤمنون المخلصون الصادقون والإخوة في الله والمتحابون في الله ومحبي اهل الايمان من المسلمين : هم من الشفعاء الذين يشفعون يوم القيامة

الشفعاء الذين يشفعون يوم القيامة من الكتاب والسنة ( مدقق ، محقق وموثق ) .

الشفاعة :
مأخوذة من الشفع، وهو ضد الوتر، وهو جعل الوتر شفعاً مثل أن تجعل الواحد اثنين، والثلاثة أربعة، وهكذا هذا من حيث اللغة.

اصطلاحاً: فهي "التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة"، يعني أن يكون الشافع بين المشفوع إليه، والمشفوع له واسطة لجلب منفعة إلى المشفوع له، أو يدفع عنه مضرة.

والشفاعة نوعان:

النوع الأول: شفاعة ثابتة صحيحة، وهي التي أثبتها الله تعالى في كتابه، أو أثبتها رسوله صلى الله عليه وسلم ولا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص؛ لأن أبا هريرة رضي الله عنه قال:
" يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال: "من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه".

وهذه الشفاعة لها شروط ثلاثة:
الشرط الأول: رضا الله عن الشافع.
الشرط الثاني: رضا الله عن المشفوع له.
الشرط الثالث: إذن الله تعالى للشافع أن يشفع.

وهذه الشروط مجملة في قوله تعالى: {وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى} النجم:26.
ومُفصَّلة في قوله تعالى: " من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه " البقرة:255.
وقوله تعالى: " يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً " طه:109.
وقوله تعالى: " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى " الانبياء:28،.
فلا بد من هذه الشروط الثلاثة حتى تتحقق الشفاعة.

ثم إن الشفاعة الثابتة ذكر العلماء رحمهم الله تعالى أنها تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: الشفاعة العامة : ومعنى العموم أن الله سبحانه وتعالى يأذن لمن شاء من عباده الصالحين أن يشفعوا لمن أذن الله لهم بالشفاعة فيهم، وهذه الشفاعة ثابتة للنبي صلى الله عليه وسلم ولغيره من النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وهي أن يشفع في أهل النار من عصاة المؤمنين أن يخرجوا من النار.

القسم الثاني: الشفاعة الخاصة: التي تختص بالنبي صلى الله عليه وسلم وأعظمها الشفاعة العظمى التي تكون يوم القيامة، حين يلحق الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون، فيطلبون من يشفع لهم إلى الله عز وجل أن يريحهم من هذا الموقف العظيم فيذهبون إلى آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى وكلهم لا يشفع حتى تنتهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيقوم ويشفع عند الله عز وجل أن يخلص عباده من هذا الموقف العظيم، فيجيب الله تعالى دعاءه، ويقبل شفاعته، وهذا من المقام المحمود الذي وعده الله تعالى به في قوله: "ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً".الإسراء :79

ومن الشفاعة الخاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة ، فإن أهل الجنة إذا عبروا الصراط أوقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فتمحص قلوب بعضهم من بعض حتى يهذبوا وينقوا ثم يؤذن لهم في دخول الجنة فتفتح أبواب الجنة بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن حديث انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال :" ...ارفَع محمَّدُ قُل تُسمَع واشفع تُشفَّعْ و سَلْ تُعطَه فأرفَعُ رأسي فأحمدُه بثناءٍ وتحميدٍ يعلِّمُنيهِ فأشفعُ فيحدُّ لي حدًّا فأخرِجُهُم فأدخلُهمُ الجنَّةَ ثمَّ أستأذن علَى ربِّي في دارِهِ الثَّانيَةَ فإذا رأيتُهُ وقَعتُ ساجدًا فيدَعُني ما شاءَ اللَّهُ أن يدَعَني ثم يقولُ ارفَع رأسكَ محمَّدُ قُل تُسمَعْ واشفع تُشفَّعْ و سَل تُعطَه فأرفعُ رأسي فأحمدُه بثناءٍ وتحميدٍ يعلِّمُنيهِ ثمَّ أشفعُ فيَحدُّ لي حدًّا فأخرِجُهم فأدخِلُهمُ الجنَّةَ فأستأذِنُ علَى ربِّي في دارِهِ الثَّالثةَ فيؤذَنُ لي علَيهِ فإذا رأيتُهُ وقعتُ ساجدًا فيدَعُني ما شاءَ اللَّهُ أن يدَعَني ثمَّ يقولُ: ارفَع محمَّدُ اشفع تُشفَّعْ و سَلْ تعطَه فأرفعُ رأسي فأحمدُه بثناءٍ وتحميدٍ يعلِّمُنيهِ ثمَّ أشفَعُ فيَحدُّ لي حدًّا فأخرِجُهم فأدخلُهمُ الجنَّةَ فما يَبقيَ في النَّارِ إلَّا مَن حبسَه القرآنُ أي وجبَ علَيهِ الخلودُ و هو المقامُ المحمودُ الَّذي و عدَهُ اللهُ تباركَ وتعالى عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا و ربَّما قال قتادةُ" فأُخرِجُهُم من النَّارِ فأدخِلُهمُ الجنَّةَ "
الراوي : أنس بن مالك المحدث : الألباني. المصدر : تخريج كتاب السنة الصفحة أو الرقم: 804 خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين

النوع الثاني: الشفاعة الباطلة التي لا تنفع أصحابها، وهي ما يدَّعيه المشركون من شفاعة آلهتهم لهم عند الله عز وجل، فإن هذه الشفاعة لا تنفعهم كما قال الله تعالى:"فما تنفعهم شفاعة الشافعين، المدثر:48، وذلك لأن الله تعالى لا يرضى لهؤلاء المشركين شركهم، ولا يمكن أن يأذن بالشفاعة لهم؛ لأنه لا شفاعة إلا لمن ارتضاه الله عز وجل والله لا يرضى لعباده الكفر ولا يحب الفساد، فتعلق المشركين بآلهتهم يعبدونها ويقولون: "هؤلاء شفعاؤنا عند الله" ،يونس:18 ، تعلقٌ باطلٌ غير نافع، بل هذا لا يزيدهم من الله تعالى إلا بُعداً، على أن المشركين يرجون شفاعة أصنامهم بوسيلة باطلة وهي عبادة هذه الأصنام، وهذا من سفههم أن يحاولوا التقرب إلى الله تعالى بما لا يزيدهم منه إلا بعداً.

وعليه وللتوضيح والتفصيل والتبيان ، نعود فنقول في الشفاعة :

أولاً : شفاعة الجبار - رب العالمين - أرحم الراحمين سبحانه وتعالى :

وقد ورد ذلك في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الذي رواه البخاري وغيره :
" ... فيقول الجبار : بقيت شفاعتي ، فيقبض قبضة من النار ، فيخرج أقواما قد امتحشوا ، فيلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له : ماء الحياة ، فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل ، قد رأيتموها إلى جانب الصخرة ، إلى جانب الشجرة ، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر ، وما كان منها إلى الظل كان أبيض ، فيخرجون كأنهم اللؤلؤ ، فيجعل في رقابهم الخواتيم ، فيدخلون الجنة ، فيقول أهل الجنة : هؤلاء عتقاء الرحمن ، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ، ولا خير قدموه ، فيقال لهم : لكم ما رأيتم ومثله معه "
الراوي : أبو سعيد الخدري المحدث : البخاري.المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 7439 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

ثانيًا : شفاعة النبي " محمد " صلى الله عليه وسلم :

وهي شفاعات متعددة ، وأعظمها الشفاعة الكبرى :
وهي من المقام المحمود الذي وعده الله إياه ، في قوله تعالى: " وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا(79) " سورة الإسراء .
وحقيقة هذه الشفاعة هي أن يشفع لجميع الخلق حين يؤخر الله الحساب فيطول بهم الانتظار في أرض المحشر يوم القيامة فيبلغ بهم من الغم والكرب ما لا يطيقون ، فيقولون: من يشفع لنا إلى ربنا حتى يفصل بين العباد، يتمنون التحول من هذا المكان ، فيأتي الناس إلى الأنبياء فيقول كل واحد منهم : لست لها، حتى إذا أتوا إلى نبينا صلى الله عليه وسلم فيقول: "أنا لها، أنا لها". فيشفع لهم في فصل القضاء ، فهذه الشفاعة العظمى، وهي من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.
والأحاديث الدالة على هذه الشفاعة كثيرة في الصحيحين وغيرهما و منها ما رواه البخاري في صحيحه ( 1748 ) عن ابن عمر رضي الله عنهما: "إن الناس يصيرون يوم القيامة جُثاً، كل أمة تتبع نبيها، يقولون: يا فلان اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود".


والشفاعة لأهل الجنة لدخول الجنة:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" آتي بابَ الجنةِ يومَ القيامةِ . فأستفتِحُ . فيقولُ الخازِنُ : مَنْ أنت ؟ فأقولُ : محمدٌ . فيقولُ : بك أُمرتُ لا أفتحَ لأحدٍ قبلَك "
الراوي : أنس بن مالك المحدث : مسلم. المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 197 خلاصة حكم المحدث : صحيح

وعنه ايضاً قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا أولُ شفيعٍ في الجنةِ . لم يُصدَّقْ نبيٌّ مِنَ الأنبياءِ ما صُدِّقتُ . وإنَّ مِنَ الأنبياءِ نبيًّا ما يُصدِّقُه مِنْ أُمَّتِه إلا رجلٌ واحدٌ "
الراوي : أنس بن مالك المحدث : مسلم. المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 196 خلاصة حكم المحدث : صحيح

وشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب:

فعن أبي سعيد الخدري أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ذُكر عندَهُ عمُّهُ أبو طالبٍ . فقال:" لعلهُ تنفعهُ شفاعتي يومَ القيامةِ . فيُجعلُ في ضَحْضْاحٍ منْ نارٍ، يبلغُ كعبيهِ، يغْلي منهُ دماغُهُ ."
الراوي : أبو سعيد الخدري المحدث : مسلم .المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 210 خلاصة حكم المحدث : صحيح

فعن أبي سعيد الخدري أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ذُكر عندَهُ عمُّهُ أبو طالبٍ . فقال:" لَعَلَّه تَنفَعُه شَفاعَتي يومَ القيامَةِ، فيُجعَلَ في ضَحْضاحٍ مِن النارٍ يَبلُغُ كَعبَيهِ، يَغلي منه دِماغُه " . حدَّثَنا إبراهيمُ بنُ حَمزَة : حدَّثَنا ابنُ أبي حازِمٍ والدَّراوَرْديُّ، عن يَزيدَ بهذا . وقال " تَغلي منه أُمُّ دِماغِهِ " .
الراوي : أبو سعيد الخدري المحدث : البخاري.المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3885 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

وشفاعته صلى الله عليه وسلم في دخول أناس من أمته الجنة بغير حساب :

وهذا النوع ذكره بعض العلماء واستدل له بحديث أبي هريرة الطويل في الشفاعة وفيه : " ... ثم يُقالُ: يا محمدُ ارفعْ رأسَك ، سلْ تُعطَه ، واشفعْ تُشَفَّعْ ، فأرفعُ رأسي فأقولُ : أمتي يا رب ، أمتي يا رب ، فيقال : يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة ، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ، ثم قال : والذي نفسي بيده ، إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وحمْيَر ، أو : كما بين مكة وبُصرى " .
الراوي : أبو هريرة المحدث : البخاري. المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 4712 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

ثالثاً: الشفاعة العامة، وهي تكون للرسول صلى الله عليه وسلم ويشاركه فيها من شاء الله من الملائكة والنبيين والصالحين وهي أقسام:

أولاها: الشفاعة لأناس قد دخلوا النار في أن يخرجوا منها :

فمن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : "... حتى إذا خَلَّصَ المؤمنينَ من النارِ، فوالذي نفسي بيدِه ! ما منكم من أحدٍ بِأَشَدَّ منا شِدَّةً للهِ، في استِقْصاءِ الحَقِّ، من المؤمنينَ للهِ يومَ القيامةِ لإخوانِهِمُ الذين في النارِ . يقولونَ : ربَّنا ! كانوا يصومون معنا ويُصَلُّونَ ويَحُجُّونَ . فيُقالُ لهم : أَخْرِجُوا مَن عَرَفْتُم . فَتُحَرَّمُ صُوَرُهم على النارِ .... "
الراوي : أبو سعيد الخدري المحدث : مسلم. المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 183 خلاصة حكم المحدث : صحيح

ثانيها: الشفاعة لأناس قد استحقوا النار في أن لا يدخلوها:
وهذه قد يستدل لـها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " ما من رجلٍ مسلمٍ يموتُ فيقوم على جنازتِه أربعون رجلًا ، لا يشركون بالله شيئًا إلا شفَّعهم اللهُ فيه " .
الراوي : عبدالله بن عباس المحدث : مسلم. المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 948 خلاصة حكم المحدث : صحيح

ثالثها: الشفاعة لأناس من أهل الإيمان قد استحقوا الجنة أن يزدادوا رفعة ودرجات في الجنة :
فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعــا لأبي سلمة فقال: " ...اللهمَّ اغفِرْ لأبي سلمةَ وارفَعْ درجتَه في المَهديِّينَ واخلُفْه في عَقِبِه في الغابرين . واغفرْ لنا وله يا ربَّ العالَمينَ . وافسَحْ له في قبرِه . ونَوِّرْ له فيه ...".
الراوي : أم سلمة هند بنت أبي أمية المحدث : مسلم. المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 920 خلاصة حكم المحدث : صحيح

و للشفاعة شروط:هي

1) رضا الله عن المشفوع له، لقول تعالى: " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى" الأنبياء: 28 .
ويجب أن يكون المشفوع له من أهل التوحيد لأن الله لا يرضى عن المشركين.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ( مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِه)
الراوي : أبو هريرة المحدث : البخاري. المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 99 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]


2) أن يأذنَ الله للشافع أن يشفع ، لقوله تعالى : " من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه " البقرة:255 .

3) قبول الله تعالى ورضاه الله عن الشافع نفسه ، لقوله تعالى:
" إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى" النجم:26.

فإن اللعانون لا يكونوا شفعاء يوم القيامة ، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إنَّ اللَّعَّانين لا يكونون شهداءَ ولا شفعاءَ ، يومَ القيامةِ "
الراوي : أبو الدرداء المحدث : مسلم.المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2598 خلاصة حكم المحدث : صحيح


الشفاعة المتعلقة بالدنيا : وهي على نوعين:

الأول: ما يكون في مقدور العبد واستطاعته القيام به ؛ فهذه جائزة بشرطين :

1) أن تكون في شيء مباح، فلا تصح الشفاعة في شيء يترتب عليه ضياع حقوق الخلق أو ظلمهم ، كما لا تصح الشفاعة في تحصيل أمر محرم. كمن يشفع لأناس قد وجب عليهم الحد أن لا يقام عليهم، قال تعالى: " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " المائده:2 .

وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها " أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلا أُسَامَةُ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا "
الراوي : عائشة أم المؤمنين المحدث : مسلم.المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 1688 خلاصة حكم المحدث : صحيح

وعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ طَالِبُ حَاجَةٍ أَقْبَلَ عَلَى جُلَسَائِهِ فَقَالَ" اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا أَحَب "َّ.
الراوي : أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس المحدث : مسلم.المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2627 خلاصة حكم المحدث : صحيح

2) أن لا يعتمد بقلبه في تحقيق المطلوب ودفع المكروه إلا على الله وحده ، وأن يعلم أن هذا الشافع لا يعدو كونه سببا أَذِنَ الله به، وأن النفع والضر بيد الله وحده ، وهذا المعنى واضح جدا في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
فإذا تخلف أحد هذين الشرطين صارت الشفاعة ممنوعة منهي عنها .

الثاني : ما لا يكون في مقدور العبد ، وطاقته ووسعه كطلب الشفاعة من الأموات وأصحاب القبور ، أو من الحي الغائب معتقدا أن بمقدوره أن يسمع وأن يحقق له طلبه فهذه هي الشفاعة الشركية التي تواردت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بنفيها وإبطالها لما فـي ذلك مـن وصفهم بصفات الخالق عز وجل ، لأن من صفاته عز وجل أنه هو الحي الذي لا يموت .

وشبهة هؤلاء أنهم يقولون: إن الأولياء وإن السادة يشفعون لأقاربهم، ولمن دعاهم، ولمن والاهم، ولمن أحبهم، ولأجل ذلك يطلبون منهم الشفاعة، وهذا بعينه هو ما حكاه الله عن المشركين الأولين حين قالوا: (هؤلاء شفعاؤنا عند الله) يونس/18 ، يعنون معبوداتهم من الملائكة، ومن الصالحين، وغيرهم ، وأنها تشفع لهم عند الله . وكذلك المشركون المعاصرون الآن ؛ يقولون: إن الأولياء يشفعون لنا، وإننا لا نجرؤ أن نطلب من الله بل نطلب منهم وهم يطلبون من الله، ويقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء والصالحين أعطاهم الله الشفاعة، ونحن ندعوهم ونقول: اشفعوا لنا كما أعطاكم الله الشفاعة. ويضربون مثلاً بملوك الدنيا فيقولون: إن ملوك الدنيا لا يوصل إليهم إلا بالشفاعة إذا أردت حاجة فإنك تتوسل بأوليائهم ومقربيهم من وزير وبواب وخادم وولد ونحوهم يشفعون لك حتى يقضي ذلك الملك حاجتك، فهكذا نحن مع الله تعالى نتوسل ونستشفع بأوليائه و بالسادة المقربين عنده، فوقعوا بهذا في شرك السابقين ، وقاسوا الخالق بالمخلوق.

والله تعالى ذكر عن الرجل المؤمن في سورة يس قوله: "أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئاً"(يس:23)، وذكر الله تعالى أن الكفار اعترفوا على أنفسهم بقولهم: " قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين * فما تنفعهم شفاعة الشافعين" المدثر:43-48 .

والنبي صلى الله عليه وسلم وإن أعطي الشفاعة يوم القيامة ، إلا أنه لن يتمكن منها إلا بعد إذن الله تعالى ، ورضاه عن المشفوع له.

ولهذا لم يدع صلى عليه وسلم أمته لطلب الشفاعة منه في الدنيا ، ولا نقل ذلك عنه أحد من أصحابه رضي الله عنهم ، ولو كان خيرا ، لبلَّغه لأمته ، ودعاهم إليه ، ولسارع إلى تطبيقه أصحابه الحريصون على الخير ، فعُلم أن طلب الشفاعة منه الآن منكر عظيم ؛ لما فيه من دعاء غير الله ، والإتيان بسبب يمنع الشفاعة ، فإن الشفاعة لا تكون إلا لمن أخلص التوحيد لله .

وأهل الموقف إنما يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع لهم في فصل القضاء ، لحضوره معهم ، واستطاعته أن يتوجه إلى ربه بالسؤال ، فهو من باب طلب الدعاء من الحي الحاضر فيما يقدر عليه.

ولهذا لم يرد أن أحدا من أهل الموقف سيطلب منه صلى الله عليه وسلم أن يشفع له في مغفرة ذنبه .

وهؤلاء الذين يطلبون منه الشفاعة الآن ، بناء على جواز طلبها في الآخرة ، لو ساغ لهم ما يدّعون ، للزمهم الاقتصار على قولهم : يا رسول الله اشفع لنا في فصل القضاء !! ولكن واقع هؤلاء غير ذلك ، فهم لا يقتصرون على طلب الشفاعة ، وإنما يسألون النبي صلى الله عليه وسلم -وغيره - تفريج الكربات ، وإنزال الرحمات ، ويفزعون إليه في الملمات ، ويطلبونه في البر والبحر ، والشدة والرخاء ، معرضين عن قول الله " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله " النمل:62 .

ومن خلال ما سبق يتضح لكل منصف أن الشفاعة المثبتة هي الشفاعة المتعلقة بإذن الله ورضاه ،لأن الشفاعة كلها ملك له . و يدخل في ذلك ما أذن الله به من طلب الشفاعة في أمور الدنيا من المخلوق الحي القادر على ذلك ، و ينتبه هنا إلى أن هذا النوع إنما جاز لأن الله أذن به ، وذلك لأنه ليس فيه تعلقٌ قلبيٌ بالمخلوق وإنما غاية الأمر أنه سبب كسائر الأسباب التي أذن الشرع باستخدامها . وأن الشفاعة المنفية هي التي تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله ، لأن غير الله لا يملك الشفاعة و لا يستطيعها حتى يأذن الله له بها ، ويرضى . فمن طلبها من غيره فقد تعدى على مقام الله ، وظلم نفسه ، وعرضها للحرمان من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ، نسأل الله العافية والسلامة ، ونسأله أن يُشفِّع فينا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم .


ثالثًا : شفاعة القرآن الكريم وسورتي البقرة وآل عمران :

فعن أَبُي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
" اقْرَؤوا القرآنَ . فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابه . اقرَؤوا الزَّهرَاوَين : البقرةَ وسورةَ آلِ عمرانَ . فإنهما تأتِيان يومَ القيامةِ كأنهما غَمامتانِ . أو كأنهما غَيايتانِ . أو كأنهما فِرْقانِ من طيرٍ صوافَّ . تُحاجّان عن أصحابهما . اقرَؤوا سورةَ البقرةِ . فإنَّ أَخْذَها بركةٌ . وتركَها حسرةٌ . ولا يستطيعُها البَطَلَةُ . قال معاويةُ :" بلغني أنَّ البطلَةَ السحرةُ . "وفي رواية : مثله . غير أنه قال : "وكأنهما في كلَيهما ". ولم يذكر قول معاويةَ :" بلغني ".
الراوي : أبو أمامة الباهلي المحدث : مسلم.المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 804 خلاصة حكم المحدث : صحيح

شفاعة القرآن الكريم وسورة المُلك :
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
" سُورَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ ثَلاثُونَ آيَةً تَشْفَعُ لِصَاحِبِهَا حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ ( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ) "
الراوي : أبو هريرة المحدث : الألباني.المصدر : صحيح أبي داود الصفحة أو الرقم: 1400 خلاصة حكم المحدث : حسن


رابعًا : شفاعة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه في حديث الشفاعة الطويل قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" ...فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون ..."
الراوي : أبو سعيد الخدري المحدث : البخاري. المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 7439 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

خامسًا : شفاعة نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام :
عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :
" قولُ إبراهيمُ يومَ القيامةِ : يا ربَّاهُ ! فيقولُ اللهُ جلَّ وعلا : يا لبيْكاهُ ! فيقولُ إبراهيمُ : يا ربِّ ! حرَّقتَ بنيَّ : فيقولُ : أخرِجُوا من النارِ من كان في قلبِه ذَرَّةٌ أو شَعِيرةٌ من إيمانٍ "
الراوي : حذيفة بن اليمان المحدث : الألباني. المصدر : صحيح الموارد الصفحة أو الرقم: 2199 خلاصة حكم المحدث : صحيح


سادسًا : شفاعة الصدّيقين :
في حديث الشفاعة عن أبي بكر رضي الله عنه قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" ... ثُمَّ يقالُ ادعُوا الصِّدِّيقِينَ ، فَيَشْفَعُونَ ..."
الراوي : أبو بكر الصديق المحدث : الألباني. المصدر : صحيح الترغيب الصفحة أو الرقم: 3641 خلاصة حكم المحدث : حسن

سابعًا : شفاعة الملائكة و المؤمنونالكرام عليهم الصلاة والسلام :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" ...فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون ..."
الراوي : أبو سعيد الخدري المحدث : البخاري. المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 7439 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

ثامنًا : شفاعة الشهداء الكرام :
عن أَبي الدَّرْدَاء قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَشْفَعُ الشهيدُ في سبعينَ من أهلِ بيتِه "
الراوي : أبو الدرداء المحدث : الألباني. المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 8093 خلاصة حكم المحدث : صحيح

وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"للشهيدِ عندَ اللهِ سبعُ خِصالٍ : يُغفَرُ لهُ في أوَّلِ دُفعةٍ من دَمِه ، ويُرَى مَقعدَهُ من الجنةِ ، ويُحلَّى حُلَّةَ الإيمانِ ، ويُزوَّجُ اثنينِ وسبعينَ زوجةً من الحُورِ العينِ ، ويُجارُ من عذابِ القبرِ ، ويأمَنُ الفزعَ الأكبرَ ، ويُوضَعُ على رأسِه تاجُ الوقارِ ، الياقُوتةُ مِنهُ خيرٌ من الدنيا وما فيها ، ويُشفَّعُ في سبعينَ إنْسانًا من أهلِ بيتِهِ "
الراوي : المقدام بن معد يكرب الكندي المحدث : الألباني. المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 5182 خلاصة حكم المحدث : صحيح

تاسعًا : شفاعة المؤمنين :

ففي حديث الشفاعة المشهور الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام ، واستدلينا منه بأدلة كثيرة : وتمام الحديث :
قلنا : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال :" هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا " . قلنا : لا ، قال : " فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما " . ثم قال : " ينادي مناد : ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم ، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم ، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم ، حتى يبقى من كان يعبد الله ، من بر أو فاجر ، وغبرات من أهل الكتاب ، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب ، فيقال لليهود : ما كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد عزير ابن الله ، فيقال : كذبتم ، لم يكن لله صاحبة ولا ولد ، فما تريدون ؟ قالوا : نريد أن تسقينا ، فيقال : اشربوا ، فيتساقطون في جهنم . ثم يقال للنصارى : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد المسيح ابن الله ، فيقال : كذبتم ، لم يكن لله صاحبة ولا ولد ، فما تريدون ؟ فيقولون : نريد أن تسقينا ، فيقال : اشربوا ، فيتساقطون ، حتى يبقى من كان يعبد الله ، من بر أو فاجر ، فيقال لهم : ما يحبسكم وقد ذهب الناس ؟ فيقولون : فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم ، وإنا سمعنا مناديا ينادي : ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون ، وإنما ننتظر ربنا ، قال : فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا ، فلا يكلمه إلا الأنبياء ، فيقول : هل بينكم وبينه آية تعرفونه ، فيقولون : الساق ، فيكشف عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة ، فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا ، ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم " . قلنا : يا رسول الله ، وما الجسر ؟ قال : " مدحضة مزلة ، عليه خطاطيف وكلاليب ، وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفة ، تكون بنجد ، يقال لها : السعدان ، المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح ، وكأجاويد الخيل والركاب ، فناج مسلم وناج مخدوش ، ومكدوس في نار جهنم ، حتى يمر آخرهم يسحب سحبا ، فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمن يومئذ للجبار ، وإذا رأوا أنهم قد نجوا ، في إخوانهم ، يقولون : ربنا إخواننا ، كانوا يصلون معنا ، ويصومون معنا ، ويعملون معنا ، فيقول الله تعالى : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه ، ويحرم الله صورهم على النار ، فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه ، وإلى أنصاف ساقيه ، فيخرجون من عرفوا ، ثم يعودون ، فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه ، فيخرجون من عرفوا ثم يعودون ، فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه ، فيخرجون من عرفوا ". قال أبو سعيد : فإن لم تصدقوني فاقرؤوا : إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها . " فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون ، فيقول الجبار : بقيت شفاعتي ، فيقبض قبضة من النار ، فيخرج أقواما قد امتحشوا ، فيلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له : ماء الحياة ، فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل ، قد رأيتموها إلى جانب الصخرة ، إلى جانب الشجرة ، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر ، وما كان منها إلى الظل كان أبيض ، فيخرجون كأنهم اللؤلؤ ، فيجعل في رقابهم الخواتيم ، فيدخلون الجنة ، فيقول أهل الجنة : هؤلاء عتقاء الرحمن ، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ، ولا خير قدموه ، فيقال لهم : لكم ما رأيتم ومثله معه
"
الراوي : أبو سعيد الخدري المحدث : البخاري. المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 7439 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"أما أهل النارِ الذين هُمْ أهلها ، فإنهم لا يموتونَ فيها ولا يحيونَ . ولكن ناس أصابتْهم النارُ بذنوبهم ( أو قال بخطاياهم ) فأماتَهم إماتةً . حتى إذا كانوا فحْما ، أذِنَ بالشفاعةِ . فجيء بهم ضَبائِرَ ضَبائِرَ . فبُثّوا على أنهار الجنةِ . ثم قيل : يا أهلَ الجنةِ أفِيضُوا عليهِم . فينبتون نباتَ الحبّةِ تكون في حميلِ السيلِ" ، فقال رجلٌ من القومِ : كأن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قد كان بالباديَةِ . وفي رواية : سمعتُ أبا نضْرَة عن أبي سعيدٍ الخدريّ ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثلهِ . إلى قوله : "في حميلِ السيلِ ". ولم يذكرْ ما بعدهُ . "
الراوي : أبو سعيد الخدري المحدث : مسلم. المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 185 خلاصة حكم المحدث : صحيح


عاشرًا : شفاعة الأطفال في آبائهم وأمهاتهم :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : قالتْ النساءُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : غَلبَنا عليك الرجالُ، فاجعل لنا يومًا من نفسكَ، فوَعَدَهُنَّ يومًا لقيَهُنَّ فيهِ، فوعَظَهُنَّ وأمرَهُنَّ، فكان فيما قال لهُنَّ : " ما مِنكُنَّ امرأةٌ تُقَدِّمُ ثلاثَةً مِن ولَدِها، إلا كان لها حجابًا من النارِ ". فقالتْ امرأةٌ : واثنينِ ؟ فقال : واثنينِ .
الراوي : أبو سعيد الخدري المحدث : البخاري. المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 101 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

جاءتِ امرأةٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالت : يا رسولَ اللهِ ! ذهب الرجالُ بحديثِك . فاجعلْ لنا من نفسِك يومًا نأتيك فيه . تعلِّمْنا مما علمك اللهُ . قال " اجتمِعْن يومَ كذا وكذا " . فاجتمَعْن . فأتاهن رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فعلَّمهنَّ مما علمه اللهُ . ثم قال " ما منكن من امرأةٍ تُقَدِّم بين يدَيها ، من ولدِها ، ثلاثةً ، إلا كانوا لها حجابًا من النارِ " فقالت امرأةٌ : واثنين . واثنَين . واثنَين ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " واثنَين . واثنَين . واثنينِ " . وفي روايةٍ : " ثلاثةً لم يبلُغوا الحِنثَ " .
الراوي : أبو سعيد الخدري المحدث : مسلم. المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2633 خلاصة حكم المحدث : صحيح

وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " والَّذي نفسي بيدِه إنَّ السِّقطَ ليَجرُّ أمَّهُ بسَرَرِه إلى الجنَّةِ إذا احتَسبَتهُ "
الراوي : معاذ بن جبل المحدث : الألباني. المصدر : صحيح ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 1315 خلاصة حكم المحدث : صحيح.

وعَنْ أَبِي حَسَّانَ الاعرج قَالَ :قلتُ لأبي هريرةَ : إنه قد مات لي ابنان . فما أنت مُحدِّثي عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بحديثٍ تطيبُ به أنفسُنا عن موتانا ؟ قال : قال : نعم " صغارُهم دَعاميصُ الجنةِ يتلقَّى أحدُهم أباه ، - أو قال أبويه - ، فيأخذُ بثوبِه ، - أو قال بيده - ، كما آخذُ أنا بصَنَفةِ ثوبِك هذا . فلا يتناهى ، - أو قال فلا ينتهي - ، حتى يُدخلَه اللهُ وأباه الجنةَ " . وفي روايةِ سُويدٍ قال : حدثنا أبو السليل . وحدثنيه عُبيدُاللهِ بنُ سعيد . حدثنا يحيى ( يعني ابن سعيد ) عن التيمي ، بهذا الإسنادِ . وقال : فهل سمعتَ من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شيئًا تطيبُ به أنفسُنا عن موتانا ؟ قال : نعم .
الراوي : أبو حسان الأعرج المحدث : مسلم. المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2635 خلاصة حكم المحدث : صحيح.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " ما من مسلِمَينِ يموتُ بينَهما ثلاثةُ أولادٍ لم يبلغوا الحِنثَ إلَّا أدخلَهما اللَّهُ بفضلِ رحمتِهِ إيَّاهمُ الجنَّة قالَ يقالُ لَهم ادخُلوا الجنَّةَ فيقولونَ حتَّى يدخلَ آباؤنا فيقالُ ادخلوا الجنَّةَ أنتُم وآباؤُكم "
الراوي : أبو هريرة المحدث : الألباني. المصدر : صحيح النسائي الصفحة أو الرقم: 1875 خلاصة حكم المحدث : صحيح

وعن قرة بن إياس المزني قَالَ : انَ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إذا جلَسَ يجلِسُ إليهِ نفرٌ من أصحابِهِ ، وفيهم رجلٌ لَهُ ابنٌ صغيرٌ يأتيهِ من خلفِ ظَهْرِهِ ، فيُقعدُهُ بينَ يديهِ ، فَهَلَكَ فامتنعَ الرَّجلُ أن يحضُرَ الحلقةَ لذِكْرِ ابنِهِ ، فحزنَ علَيهِ ، ففقدَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ : مالي لا أرى فلانًا ؟ قالوا : يا رسولَ اللَّهِ ، بُنَيُّهُ الَّذي رأيتَهُ هلَكَ ، فلقيَهُ النَّبيُّ فسألَهُ عن بُنَيِّهِ ، فأخبرَهُ أنَّهُ هلَكَ ، فعزَّاهُ علَيهِ ، ثمَّ قالَ : " يا فلانُ ، أيُّما كانَ أحبُّ إليكَ أن تُمتَّعَ بِهِ عمُرَكَ ، أو لا تأتي غدًا إلى بابٍ من أبوابِ الجنَّةِ إلَّا وجدتَهُ قَد سبقَكَ إليهِ يفتَحُهُ لَكَ "، قالَ : يا نبيَّ اللَّهِ ، بل يَسبقُني إلى بابِ الجنَّةِ فيَفتحُها لي لَهوَ أحبُّ إليَّ ، قالَ :" فذاكَ لَكَ".
الراوي : قرة بن إياس المزني المحدث : الألباني. المصدر : صحيح النسائي الصفحة أو الرقم: 2087 خلاصة حكم المحدث : صحيح

الحادي عشر : شفاعة الصيام :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
" الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامَةِ ، يقولُ الصيامُ : أي ربِّ إِنَّي منعْتُهُ الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشفِّعْنِي فيه ، يقولُ القرآنُ ربِّ منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعني فيه ، فيَشْفَعانِ "
الراوي : عبدالله بن عمرو المحدث : الألباني. المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 3882 خلاصة حكم المحدث : صحيح

الثاني عشر : شفاعة الحجر الأسـود :
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَجَرِ :
"الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامَةِ ، يقولُ الصيامُ : أي ربِّ إِنَّي منعْتُهُ الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشفِّعْنِي فيه ، يقولُ القرآنُ ربِّ منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعني فيه ، فيَشْفَعانِ "
الراوي : عبدالله بن عمرو المحدث : الألباني . المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 3882 خلاصة حكم المحدث : صحيح

الثالث عشر : شفاعة أهل عرفة :
عن مجاهد عن ابن عمر قال : " كنت جالسًا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. فذكر الحديث في فضل الحج وفيه .. " وأمَّا وقوفُك عَشيَّةَ عرفةَ ؛ فإنَّ اللهَ يهبِطُ إلى سماءِ الدُّنيا فيُباهي بكُم الملائكةَ ، يقول : عِبادي جاؤني شُعثًا مِن كلِّ فجٍّ عَميقٍ ، يَرجونَ جنَّتي ، فلَو كانتْ ذنوبكُم كعَددِ الرَّملِ ، أو كقَطْرِ المطرِ ، أو كزَبدِ البحرِ ؛ لغَفرتُها . أفيضوا عبادِي مغفورًا لكُم ، ولمن شَفعتُمْ لهُ "
الراوي : عبدالله بن عمر المحدث : الألباني . المصدر : صحيح الترغيب الصفحة أو الرقم: 1131 خلاصة حكم المحدث : حسن

قال السفاريني رحمه الله :
" والحاصل أن للناس شفاعات بقدر أعمالهم ، وعلو مراتبهم ، وقربهم من الله تعالى ، والقرآن يشفع لأهله ، والإسلام يشفع لأهله ، والحجر الأسود يشفع لمستلمه ، ولكن "ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ""من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه" " .ا.هـ [لوامع الأنوار (ص 211)]