سعودي في مواجهة التنصير



الثلاثاء 24 رجب 1431 الموافق 06 يوليو 2010


أسامة نبيل

يبدو أن السماح ببث قناة الحياة التنصيرية على القمر الصناعي المصري "نايل سات" ثم وقف البث مع تصاعد الاحتجاجات المنددة بذلك قد أصبح أمرًا روتينيًّا، حيث تكرر ذلك حتى الآن خمس مرات، لكن الجديد هذه المرة هو أن مواطنًا سعوديًّا هو الشيخ "عصام مدير" قد استفزه الأمر بشدة، فأقدم على الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام حتى يتم وقف البث، وهو ما حدث بالفعل بعد خمسة أيام فقط من انطلاقه.

وبغض النظر عن علاقة الخطوة –غير المسبوقة- التي اتخذها الشيخ "عصام مدير" بقرار وقف البث، فإن الرسالة التي أراد إرسالها قد وصلت، ومفادها أن السماح ببث قناة تسبّ النبي صلى الله وعليه وسلم وتسخر من مقدسات المسلمين وتروج للتنصير وأفكاره الهدامة لا يمكن أن يمر هكذا وكأن شيئًا لم يحدث، بل يجب أن ينتفض الجميع، خاصة أولئك الذي أقاموا الدنيا ولم يقعدوها في مواقف أهون من ذلك بكثير.

وقف البث أو الاستقالة

وعقب قرار وقف البث أعلن الشيخ عصام مدير وقف إضرابه الذي استمر ليومين، قام خلالهما بوضع صورة شخصية له على صدر صفحته الخاصة في الموقع الاجتماعي الشهير الـ"فيس بوك"، كتب تحتها: "مضرب عن الطعام حتى يتحرك ويتكلم وزراء الإعلام العرب لإيقاف بثّ قناة تنصيرية تسبّ وتشتم الرسول صلى الله عليه وسلم على قمر نايل سات".

جدير بالذكر أن "مدير" ناشر للكتاب الإسلامي باللغات المختلفة، وباحث في مقارنات الأديان وحركات التنصير، وصهر الشيخ أحمد ديدات، رحمه الله، والذي نذر جزءًا كبيرًا من حياته وسخر علمه وقدراته الجدلية في مقارعة التنصير وقساوسته، وله في ذلك مناظرات شهيرة، جرى تداول ملايين النسخ منها.

وطالب الشيخ "مدير" بأنّ يقدم وزراء الإعلام العرب استقالاتهم جميعًا إذ لم يقوموا بأي إجراء لوقف البث، مستنكرًا في ذات الوقت عدم تحدُّث أو تدخُّل أي أحد من الدعاة والمشايخ المعروفين، ولجان الدفاع عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

كما دعا وزير الإعلام السعودي الدكتور عبد العزيز خوجه إلى أن يقوم بإصدار بيان يستنكر فيه ما قامت به إدارة الـ(نايل سات) من السماح للفضائية المذكورة بالبث، وذكر أنّه أرسل برقية مستعجلة للوزير خوجه يحمّله فيها كامل المسؤولية عن استمرار بث هذه القناة.

ووجه توبيخًا إلى الكتّاب والمدونين لعدم تصديهم لهذا الحدث. مذكرًا إياهم بأنهم هبّوا في أشياء أقل شأنًا وقدرًا من سبّ الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، مهددًا بفضحهم، والمشايخ والدعاة الذين صمتوا، ولم يحركوا ساكنًا.

‎وقال مدير: "أين الشيوخ والشباب الذين طاردوا أبقار الدنمارك؟ أين من صارع طواحين الهواء الهولندية؟ أين من احتج على محاضرة بابا روما؟ من يسمى بابا العرب يسب رسولكم ويقرن اسمه بالبول، ويسخر منه ويبارك مجلة رسوم مسيئة ضده والحكومات والإعلام والشيوخ في صمت رهيب عن كل ذلك".

واعتبر الشيخ مدير أنّ هذه الأيام الخمس هي أسود الأيام في تاريخ العرب، وأنهم فرطوا في مقدساتهم، وفتحوا فضاءهم لسبّ النبي الكريم دون تدخُّل.

"مدونون ضد التنصير"

اشتهر الشيخ عصام مدير بمواقفه في محاربة عمليات التنصير، وأنشأ مدونة "مدونون ضد التنصير" لكي تكون منبره في هذا الأمر، وعن هذه المدونة يقول: "هي مجرد رابطة عضوية شرفية تضم قائمة بكل أخ لدية مدونة (أو أخت) أوقفوا جلَّ كتاباتهم وما ينشرونه فيها عن التنصير وكيفية التصدي للمنصرين وأخبارهم وفضائحهم.

ويوضح "مدير" أن مدونته كانت هي الأولى، وفي نفس الفترة انطلقت "مدونة الإسلام والعالم" الرائدة وكذلك مدونة الكاتب والأستاذ محمود القاعود، ثم توالت المدونات، وتشجع الشباب للتدوين ضد التنصير وخصوصاً بعد تدشين الرابطة والتي تهدف للتعريف بهذه المدونات وليس لفرض الوصاية عليها. واليوم يوجد أكثر من خمسين مدونة ضد التنصير جارٍ ضم بقيتها للرابطة.

وعن أهداف المدونة قال الشيخ مدير: من ضمن أهداف مدونتي الخاصة ضد التنصير عند انطلاقتها الأولى وقد دخلت سنتها الخامسة هذه الأيام أن تقوم بدور إعلامي ضد التنصير وإن كان محدوداً في نظر البعض، لأن التدوين هو أبرز أشكال ما بات يسمى اليوم بـ "إعلام الأفراد"، من أنماط "الإعلام الجديد"، وهو إعلام معترف به وصار يفرض نفسه كصانع للخبر وشريك قوي في صناعة المحتوى الإعلامي.

ويضيف: لقد بدأت ألاحظ متابعة عدد من الصحف الالكترونية والمطبوعة لما أكتب، فقام بعض كتّاب المقالات باقتباس كتابات لي من المدونة مشكورين وأطلعوا قراء صحفهم على ما يجري. كما قامت بعض تلك الوسائل الإعلامية بإعادة نشر بعض المواضيع في مدونتي، بل وقام البعض بسرقتها ونسبتها لنفسه. ثم توسع الأمر وفرض نفسه مع توسع شباب التدوين في الكتابة ضد التنصير، وهو ما أبرزته رابطة "مدونون ضد التنصير"، وساعد على ذلك اشتداد حملات التنصير وازديادها وقاحة، خصوصاً مع حملات الجيش الأمريكي في أفغانستان والعراق، مما شجع إعلامنا التقليدي أكثر وأكثر على تناول ما بات يشكّل ظاهرة مفتعلة ضدنا.

من هو؟

عصام مدير.. هو ناشر وموزع للكتاب الإسلامي باللغات المختلفة وخصوصاً مؤلفات الداعية الإسلامي المعروف الشيخ أحمد ديدات رحمه الله تبارك وتعالى، حيث كان من أقرب المقربين للشيخ ديدات؛ إذ تتلمذ على يديه وأخذ عنه مباشرة مرافقًا للشيخ في العديد من محاضراته ومناظراته.

كما أن له محاضرات ميدانية للتعريف بالإسلام وفضح خصومه من المنصرين بعدد من مكاتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالمملكة العربية وخارجها مرتحلاً إلى عدة دول للدعوة إلى الله.

ونظم الشيخ "عصام مدير" عدة دورات تدريبية للدعاة في أسس محاورة أهل الكتاب من اليهود والنصارى وخصوصاً دورة الشيخ ديدات المكثفة للرد على النصارى من كتبهم المقدسة بعنوان: "عتاد الجهاد Combat Kit " والتي كان يكلف بتقديمها نيابة عن الشيخ ديدات.

كما اشترك في تقديم أبحاث علمية محكمة في مؤسسات أكاديمية وبحثية محلية، كما قدم أوراق عمل ودراسات لمشاريع دعوية لعدة جهات معنية.

وله مؤلفات مطبوعة من أبرزها: كتاب "عالم افتراضي: ما بعد 11 سبتمبر" وسلسلة كتب تحت عنوان: "قدسية مكة المكرمة وفضلها في أسفار اليهود والنصارى"، إضافة إلى عدة كتب تحت الطبع من أهمها كتاب "التنصير المسلح: حرب أمريكا الصليبية على الإسلام"، كما شارك في العديد من المؤتمرات المحلية والعالمية والفعاليات المعنية بقضية الدعوة إلى الله.

وللشيخ عصام مدير نشاط واسع ضد التنصير، حيث نظم ندوات وعروض تقديمية حول غزو فضائيات التنصير الناطقة بالعربية للمنطقة، داعيًا الحكومات والمؤسسات المعنية ورجال الأعمال إلى التحرك الفوري لإنشاء قناة فضائية إسلامية تعنى بالتصدي لأباطيل التنصير والكنائس المعادية، لكن لم يتحرك أحد في هذا الصدد إلا أفراد من غرفة حوار صوتية بالبالتوك تسمى بغرفة "النصارى يسألوننا عن الإسلام" بإشراف الإعلامي والشيخ أبو إسلام أحمد عبدالله.

وقد تميز إنتاجه الإعلامي بكثرة الكتابة ضد التنصير، وبالترجمة عن الصحافة الأمريكية والغربية الناطقة باللغة الإنجليزية ما تعلق منها بالشأن الإسلامي، مع استقراء في الأحداث والتقارير المنشورة في وسائل إعلامهم، لافتًا نظر الدعاة إلى أهمية توظيف هذه الأخبار لمحاججة غير المسلمين من واقع ما يحصل عندهم.

قناة الحياة

وتشتهر قناة "الحياة" بسبها ووقاحتها الشديدة واستخدام ألفاظ خارجة عن أي أدب ضد الإسلام والنبي الكريم محمد "صلى الله عليه وسلم"، ومن أشهر من قاد حملات السب والقذف ضد الإسلام على شاشتها المدعو "زكريا بطرس"، وسبق أن رصدت منظمة مناهضة للتنصير في مصر عودة قناة "الحياة" التنصيرية للبث على القمر الصناعي المصري "نايل سات"، بعد أن كان قد تم حجبها في السابق عدة مرات.

وقال "المرصد الإسلامي لمقاومة التنصير": إن هذه "هي المرة الخامسة التي تبث فيها القناة عبر القمر المصري بعد حجبها عدة مرات بسبب أسلوبها الغير أخلاقي والمستفز للمسلمين والتي يقدم فيها القمص زكريا بطرس برامجه الكاذبة والمتطاولة على الإسلام"، ووجه المرصد انتقادات قوية لقيادات وزارة الإعلام لسماحها بإعادة بث القناة.

ووصف المرصد في بيان له قناة الحياة التنصيرية، بأنها متخصصة في سب الإسلام والتطاول على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وأضاف: "هذه القناة معروفة باستضافتها الدائمة للقمص زكريا بطرس الذي يتطاول على الإسلام". وأشار إلى أن قناة الحياة "تتسبب للمواطنين في إيذاء نفسي ومعنوي، بالمخالفة للدستور المصري الذي يجرم الإساءة للأديان".


الإسلام اليوم - الثلاثاء 24 رجب 1431 الموافق 06 يوليو 2010