مبادىء المعاملات والآداب من القرآن الكريم - سلسلة متجددة : بقلم صابر عباس

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

مبادىء المعاملات والآداب من القرآن الكريم - سلسلة متجددة : بقلم صابر عباس

صفحة 3 من 4 الأولىالأولى ... 2 3 4 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 184

الموضوع: مبادىء المعاملات والآداب من القرآن الكريم - سلسلة متجددة : بقلم صابر عباس

العرض المتطور

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    783
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    22-03-2021
    على الساعة
    02:30 PM

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء السادس و العشرون
    (9)
    وبعض أيات من سورة الحجرات

    عالمية الرسالة


    يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ – 13

    هذه دعوة للتعارف بين الشعوب والقبائل , دعوة للتسابق إلى الرفعة والكرامة عند الله تعالى , طريقها التقوى أي الوقاية من الأثام والمعاصي وإلتزام ما يرضي الله تبارك وتعالى من أداب وأخلاق ومعاملات وإحسان في كل ما نقوم به من أعمال , والمحافظة على الفرائض من صلاة وزكاة وصيام وحج لمن استطاع إليه سبيلا.
    فرسالة الإسلام دعوة لكرامة الأنسان حيث تلغي العنصرية البغيضة والعرقية التي لا أساس لها إلا في نفوس المتكبرين, فلا فرق بين أبيض وأسود, ولا فرق بين عربي أو أعجمي , فالعبرة بالإيمان والعمل الصالح الذي مبناه التقوى , فالكل سواء أمام شرع الله , إن أكرمكم عند الله اتقاكم.

    ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ) يا أيها الناس . يا أيها المختلفون أجناسا وألوانا , المتفرقون شعوبا وقبائل . إنكم من أصل واحد . فلا تختلفوا ولا تتفرقوا ولا تتخاصموا ولا تذهبوا بددا...
    يا أيها الناس . والذي يناديكم هذا النداء هو الذي خلقكم . . من ذكر وأنثى . . وهو يطلعكم على الغاية من جعلكم شعوبا وقبائل . إنها ليست التناحر والخصام . إنما هي التعارف والوئام . فأما اختلاف الألسنة والألوان , واختلاف الطباع والأخلاق , واختلاف المواهب والاستعدادات , فتنوع لا يقتضي النزاع والشقاق , بل يقتضي التعاون للنهوض بجميع التكاليف والوفاء بجميع الحاجات . وليس للون والجنس واللغة والوطن وسائر هذه المعاني من حساب في ميزان الله . إنما هنالك ميزان واحد تتحدد به القيم , ويعرف به فضل الناس: ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ). . والكريم حقا هو الكريم عند الله . وهو يزنكم عن علم وعن خبرة بالقيم والموازين: ( إن الله عليم خبير )
    وهكذا تسقط جميع الفوارق , ويرتفع ميزان واحد بقيمة واحدة , وإلى هذا الميزان يتحاكم البشر , وإلى هذه القيمة يرجع اختلاف البشر في الميزان...
    وهكذا تتوارى جميع أسباب النزاع والخصومات في الأرض ; وتهون جميع القيم التي يتكالب عليها الناس . ويظهر سبب ضخم واضح للألفة والتعاون . هو ألوهية الله للجميع , وخلقهم من أصل واحد . كما يرتفع لواء واحد يتسابق الجميع ليقفوا تحته , وهو لواء التقوى . .
    قال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ -21
    الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ – 22 البقرة


    قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : " كلكم بنو آدم , وآدم خلق من تراب . ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم , أو ليكونن أهون على الله تعالى من الجعلان ".. المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 4568
    وقال [ صلى الله عليه وسلم ] عن العصبية الجاهلية : " دعوها فإنها منتنة " ...المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4905

    وهذا هو المبدأ الذي يقوم عليه المجتمع الإسلامي في وضوح . المساواة بين البشر ورفض العنصرية والعصبية..

    ******
    وقد وجهه الله النداء إلي الناس جميعا في مواضع كثير من القرآن منها على سبيل المثال ما ورد في سورة غافر:
    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ - 3

    يأمر تعالى، جميع الناس أن يذكروا نعمته عليهم، وهذا شامل لذكرها بالقلب اعترافا، وباللسان ثناء، وبالجوارح انقيادا، فإن ذكر نعمه تعالى داع لشكره، ثم نبههم على أصول النعم، وهي الخلق والرزق، فقال: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾
    ولما كان من المعلوم أنه ليس أحد يخلق ويرزق إلا اللّه، نتج من ذلك، أن كان ذلك دليلا على ألوهيته وعبوديته، ولهذا قال: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾ أي: تصرفون عن عبادة الخالق الرازق لعبادة المخلوق المرزوق.

    وقال تعالى :
    يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ – 5 إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ – 6

    يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ ﴾ بالبعث والجزاء على الأعمال، ﴿ حَقٌّ ﴾ أي: لا شك فيه، ولا مرية، ولا تردد، قد دلت على ذلك الأدلة السمعية والبراهين العقلية، فإذا كان وعده حقا، فتهيئوا له، وبادروا أوقاتكم بالأعمال الصالحة، ولا يقطعكم عن ذلك قاطع، ﴿ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾ بلذاتها وشهواتها ومطالبها النفسية، فتلهيكم عما خلقتم له، ﴿ وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ الذي هو ﴿ الشَّيْطَانُ ﴾ الذي هو عدوكم في الحقيقة ﴿ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ﴾ أي: لتكن منكم عداوته على بال، ولا تهملوا محاربته كل وقت، فإنه يراكم وأنتم لا ترونه، وهو دائما لكم بالمرصاد.
    ﴿ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ هذا غايته ومقصوده ممن تبعه، أن يهان غاية الإهانة بالعذاب الشديد. وعقيدة التوحيد والتقوى هي طريق النجاة من هذا السعير...

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ – 13

    ******

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
    (( قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ))

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    783
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    22-03-2021
    على الساعة
    02:30 PM

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء السادس و العشرون
    (10)
    وبعض أيات من سورة ق والذاريات

    مبدأ الرقابة

    وانعكسه على تصرفات الإنسان وضبطها, وحماية المجتمعات من المؤمنة بأقوي سياج ضد الجرائم وسوء الأخلاق بجانب أجهزة الأمن الساهرة على حماية الأفراد والممتلكات.

    فالإيمان بتدوين كل أعمال وأقوال الإنسان يجعل من الإنسان رقيبا على كل ما ينطق وكل ما يعمل.

    قال تعالى في سورة الإسراء : وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (14)

    يقال للإنسان يوم القيامة : اقرأ كتاب أعمالك، وهذا من أعظم العدل والإنصاف أن يقال للعبد: حاسِبْ نفسك، كفى بها حسيبًا عليك.

    وقال تعالى في سورة الكهف : وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (49)

    تسجيل الصوت والصورة

    ولقد عرف الإنسان في الوقت الراهن تسجيل الصوت والصورة عبر الأقمار الصناعية , وأنظمة المراقبة الدقيقة التي تراقب الداخلين والخارجين في المطارات والفنادق والأبنية الهامة , وكل هذا لا يشكل إلا الحركات الخارجية للإنسان , ويمكن للإنسان أن يتجنب أجهزة المرقبة بالإبتعاد عنها , ولكن لا يستطيع أن يتوارى عن الرقابة الإلهية.

    ******
    المَلَكان المترصدان للتدوين

    وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)
    إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17)
    مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)

    ولقد خلقنا الإنسان, ونعلم ما تُحَدِّث به نفسه, ونحن أقرب إليه من حبل الوريد (وهو عِرْق في العنق متصل بالقلب).
    حين يكتب المَلَكان المترصدان عن يمينه وعن شماله أعماله. فالذي عن اليمين يكتب الحسنات, والذي عن الشمال يكتب السيئات.
    ما يلفظ من قول فيتكلم به إلا لديه مَلَك يرقب قوله, ويكتبه, وهو مَلَك حاضر مُعَدٌّ لذلك.
    ومن الحديث الطويل لمعاذ: ..... فأخذ – رسول الله صلى الله عليه وسلم - بلسانه ، قال : كف عليك هذا . فقلت : يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم ، أو على مناخرهم ، إلا حصائد ألسنتهم.
    الراوي: معاذ بن جبل المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2616
    خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح

    *********

    بعض النماذج من الأعمال الصالحة التي تدون للمحسنين
    وبعض آيات من سورة الذاريات.

    إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16)
    كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)
    وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)
    وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20)
    وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (21)
    وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)
    فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ (23)

    كان هؤلاء المحسنون قليلا من الليل ما ينامون, يُصَلُّون لربهم قانتين له, وفي أواخر الليل قبيل الفجر يستغفرون الله من ذنوبهم.
    وفي أموالهم حق واجب ومستحب للمحتاجين الذين يسألون الناس, والذين لا يسألونهم حياء.
    وفي الأرض عبر ودلائل واضحة على قدرة خلقها لأهل اليقين بأن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له، والمصدِّقين لرسوله صلى الله عليه وسلم.
    وفي خلق أنفسكم دلائل على قدرة الله تعالى, وعبر تدلكم على وحدانية خالقكم, وأنه لا إله لكم يستحق العبادة سواه, أغَفَلتم عنها, فلا تبصرون ذلك, فتعتبرون به؟

    أهمية الإيمان

    وفي السماء رزقكم – فلا داعي للسرقة ولا دعي للغش ولا دعي للربا ولا دعي للنصب لأخذ أموال الناس بالباطل .
    فرزقكم سوف يأتيكم لأنه مقدر فاطلبوه بالعمل الصالح وبكرامة.
    إن صور الفساد تستشري في المجتمعات التي تنحي الإيمان جانبا ولا تطبق القانون على الجميع ,
    وفي السماء رزقكم وما توعدون - من الخير والشر والثواب والعقاب, وغير ذلك كله مكتوب مقدَّر.

    ********

    وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى

    (( قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ))

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    783
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    22-03-2021
    على الساعة
    02:30 PM

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء السابع و العشرون
    (1)

    وبعض أيات من سورة الذاريات

    تطالعنا الآيات في هذا الجزء على الهمة في طلب التقرب إلى الله , " ففروا إلى الله " وفي نهاية الجزء يطلب منا ربنا أن نتسابق في طلب المغفرة " سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ...

    والفرار لا يتأتى إلا من شئ هالك زائل إلى رحاب الأمن والأمان والخلود والسعادة الأبدية.


    فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ – 50 وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ – 51 كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ – 52 أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ - 53
    فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ - 54 وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ - 55

    فأعباء الحياة تكبل الإنسان وتقعده عن المضي في تزكية نفسه من الأوزار والغفلة والمعاصي , فجاء النداء العلوي للإنسان يستفيقه من هذه الغفلة.... فالعمر يمضي سريعا , والأيام بل الشهور بل الأعوام تتسارع كانها البرق وكلنا يشعر بهذا وكأنها علامات الساعة...

    الفرار إلى الله وحده منزها عن كل شريك . وتذكير الناس بانقطاع الحجة وسقوط العذر: ( إني لكم منه نذير مبين ).
    ويقابل الكافرون هذه الدعوة بالسخرية والإفتراء منذ بدأت الرسالات إلى يومنا هذا..
    والنتيجة الطبيعية التي تترتب على هذا الموقف المتكرر , الذي كأنما تواصى به الطاغون على مدار القرون , ألا يحفل الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] تكذيب المشركين . فهو غير ملوم على ضلالهم , ولا مقصر في هدايتهم وكذلك الدعاة في كل زمان : ( فتول عنهم فما أنت بملوم ). . إنما هو مذكر , فعليه أن يذكر , وأن يمضي في التذكير , مهما أعرض المعرضون وكذب المكذبون : ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ). . ولا تنفع غيرهم من الجاحدين . والتذكير هو وظيفة الرسل والدعاة والعلماء ورثة الأنبياء . والهدى والضلال خارجان عن هذه الوظيفة , والأمر فيهما إلى الله وحده . الذي خلق الناس لأمر يريده....

    ******


    وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ - 56 مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ - 57 إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ - 58 فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ - 59 فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ -60

    وتستقيم الحياة مع هذا الفهم الصحيح لحياة الإنسان ..أن تسير وفق القانون الذي وضعه الله تعالى للكون .والعبادة لله تعالى تعني عدم الشذوذ عن الفطرة السليمة للإنسان. كما تعني القيام بالدور المنوط به الإنسان على هذه الأرض ...قال تعالى: : ( وإذ قال ربك للملائكة:إني جاعل في الأرض خليفة ) 30 البقرة. . فهي الخلافة في الأرض إذن عمل هذا الكائن الإنساني . وهي تقتضي ألوانا من النشاط الحيوي في عمارة الأرض , والتعرف إلى قواها وطاقاتها , وذخائرها ومكنوناتها , وتحقق إرادة الله في استخدامها وتنميتها وترقية الحياة فيها . كما تقتضي الخلافة القيام على شريعة الله في الأرض لتحقيق المنهج الإلهي الذي يتناسق مع الناموس الكوني العام.
    هذا هو مفهوم العبادة الشامل لكل جوانب الحياة وليس منصب فقط في أداء الشعائر. فشعائر الإسلام الممثلة في الصلاة والزكاة والصوم والحج لا تشغل كل حياة الإنسان. والمطلوب في الآية كل حياة الإنسان أن تكون عبادة أي تسير وفق سنة الله تعالى في الكون ورسالته التي أرسلها لتحقق العدل والحرية والكرامة للإنسان على وجه الأرض.

    وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ.

    *******

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
    (( قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ))

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    783
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    22-03-2021
    على الساعة
    02:30 PM

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء السابع و العشرون
    (2)
    وبعض آيات من سورة الطور

    تكلمنا في اللقاء السابق عن الهمة في طلب التقرب إلى الله تعالى,
    فلا وقت للخوض في الباطل ليضيع العمر دون تحصيل ما ينفعنا في الدنيا والأخرة..

    فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ – 11 الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ – 12
    يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً – 13 هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ -14

    (الذين هم في خوض يلعبون). .

    وهذا الوصف ينطبق ابتداء على أولئك المشركين ومعتقداتهم المتهافتة , وتصوراتهم المهلهلة ; وحياتهم القائمة على تلك المعتقدات وهذه التصورات , التي وصفها القرآن العظيم وحكاها في مواضع كثيرة . وهي لعب لا جد فيه . لعب يخوضون فيه كما يخوض اللاعب في الماء , غير قاصد إلى شاطئ أو هدف , سوى الخوض واللعب !
    ولكنه يصدق كذلك على كل من يعيش بتصور آخر غير التصور الإسلامي ..
    ولعل المتتبع للتصور الإسلامي عبر هذه السلسلة يدرك الفرق الواضح بين جدية المنهج الإسلامي - في العقائد والمعاملات القائمة على العدل والحق – وبين العقائد الزائفة التي تقوم على الوهم واللعب..
    فالتصور الإسلامي يلتقي مع الفطرة التقاء مباشرا دون كد ولا جهد ولا تعقيد . لأنه يطالعها بالحقيقة الأصيلة العميقة فيها . ويفسر لها الوجود وعلاقتها به , كما يفسر لها علاقة الوجود بخالقه تفسيرا يضاهي ما استقر فيها ويوافقه .
    فالتفسير القرآني للوجود هو تفسير صانع هذا الوجود لطبيعته وارتباطاته . . أما تصورات الفلاسفة فهي محاولات تفسير أجزاء صغيرة من هذا الوجود لتفسير الوجود كله . والعاقبة معروفة لمثل هذه المحاولات البائسة ....إنه عبث . وخلط . وخوض . ولعب. وضياع للعمر كما أسلفنا..

    إن الإسلام يرفع من اهتمامات البشر بقدر ما يرفع من تصورهم للوجود الإنساني وللوجود كله ; وبقدر ما يكشف لهم عن علة وجودهم وحقيقته ومصيره ; وبقدر ما يجيب إجابة صادقة واضحة عن الأسئلة التي تساور كل نفس:

    من أين جئت ? لماذا جئت ? إلى أين أذهب ?

    وإجابة الإسلام عن هذه الأسئلة تحدد التصور الحق للوجود الإنساني وللوجود كله . فإن الإنسان ليس بدعا من الخلائق كلها . فهو واحد منها . جاء من حيث جاءت . وشاركها علة وجودها . ويذهب إلى حيث تقتضي حكمة خالق الوجود كله أن يذهب . فالإجابة على تلك الأسئلة تشمل كذلك تفسيرا كاملا للوجود كله , وارتباطاته وارتباطات الإنسان به . وارتباط الجميع بخالق الجميع .
    وهذا التفسير ينعكس على الاهتمامات الإنسانية في الحياة ; ويرفعها إلى مستواه . ومن ثم تبدو اهتمامات الآخرين صغيرة هزيلة في حس المسلم المشغول بتحقيق وظيفة وجوده الكبرى في هذا الكون , عن تلك الصغائر والتفاهات التي يخوض فيها اللاعبون ..

    ( يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً )

    يوم يُدْفَع هؤلاء المكذبون دفعًا بعنف ومَهانة إلى نار جهنم، ويقال توبيخًا لهم: هذه هي النار التي كنتم بها تكذِّبون.
    أفسحر ما تشاهدونه من العذاب أم أنتم لا تنظرون؟ ذوقوا حرَّ هذه النار, فاصبروا على ألمها وشدتها, أو لا تصبروا على ذلك، فلن يُخَفَّف عنكم العذاب، ولن تخرجوا منها, سواء عليكم صبرتم أم لم تصبروا, إنما تُجزون ما كنتم تعملون في الدنيا.

    *******
    تكريم المتقين وذريتهم

    فإن كانت ثمرة الإيمان والعمل الصالح والأخلاق الكريمة تعود على صاحبها.. إلا أنها تشمل أيضا الذرية المؤمنة الصالحة وإن كانت ليست على مستوى الأباء , فإن الله الرحيم يلحق الأبناء بالأباء,.. كرما وفضلا منه سبحانه الحنان المنان ..

    إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ – 17
    فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ – 18
    كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ – 19
    مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ – 20

    وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ -21

    وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ – 22
    يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ – 23
    وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ – 24
    وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ – 25
    قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ – 26 فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ – 27 إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ – 28


    لما ذكر تعالى عقوبة المكذبين، ذكر نعيم المتقين، ليجمع بين الترغيب والترهيب، فتكون القلوب بين الخوف والرجاء، فقال: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ ﴾ لربهم، الذين اتقوا سخطه وعذابه، بفعل أسبابه من امتثال الأوامر واجتناب النواهي.

    ﴿ فِي جَنَّاتِ ﴾ أي: بساتين، قد اكتست رياضها من الأشجار الملتفة، والأنهار المتدفقة، والقصور المحدقة، والمنازل المزخرفة، ﴿ وَنَعِيمٍ ﴾ وهذا شامل لنعيم القلب والروح والبدن،

    ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ )


    ******

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

    (( قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ))

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    17
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    23-05-2011
    على الساعة
    03:04 PM

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا اخانا في الله

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    783
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    22-03-2021
    على الساعة
    02:30 PM

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء التاسع و العشرون
    (4)
    وبعض آيات من سورة القلم

    إختبار أصحاب الثروات

    إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ - 17 وَلَا يَسْتَثْنُونَ – 18 فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ – 19 فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ – 20 فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ – 21 أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ – 22 فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ – 23 أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ – 24 وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ – 25 فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ – 26 بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ – 27

    لقد كان للمساكين حظ من ثمار الجنة وهي أرض زراعية حباها الله بالثمار الكثيرة - كما تقول الروايات - على أيام صاحبها الطيب الصالح . ولكن الورثة يريدون أن يستأثروا بثمرها الآن , وأن يحرموا المساكين حقهم...الذي فرضه الله في زكاة الزروع.

    إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ -17 وَلَا يَسْتَثْنُونَ – 18

    لقد استقر رأيهم على أن يقطعوا ثمرها عند الصباح الباكر , دون أن يستثنوا منه شيئا للمساكين . وأقسموا على هذا , وعقدوا النية عليه , وباتوا بهذا الشر فيما اعتزموه .
    والله يسمع ويرى ..فإن الكون كونه والخلق خلقه والنعم منه تفضلا يعطيها من يشاء ليختبرهم...
    لقد استمر العطاء لنعم الله طالما كانوا شاكرين لنعمه على الفقراء والمساكين ..ولكنهم الأن يضمرون الشر والحرمان للمساكين ..فهل يستحقون هذا الفضل ؟

    فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ – 19
    فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ – 20

    فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ – 21 أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ – 22
    فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ – 23 أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ – 24
    وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ – 25

    ﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ ﴾ أي: عذاب نزل عليها ليلًا ﴿ وَهُمْ نَائِمُونَ ﴾ فأبادها وأتلفها ﴿ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾ أي: كالليل المظلم، ذهبت الأشجار والثمار، هذا وهم لا يشعرون بهذا الواقع الملم، ولهذا تنادوا فيما بينهم، لما أصبحوا يقول بعضهم لبعض: ﴿ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَانْطَلَقُوا ﴾ قاصدين له ﴿ وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ﴾ فيما بينهم، ولكن بمنع حق الله، ويقولون: ﴿ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ﴾ أي: بكروا قبل انتشار الناس، وتواصوا مع ذلك، بمنع الفقراء والمساكين، ومن شدة حرصهم وبخلهم، أنهم يتخافتون بهذا الكلام مخافتة، خوفًا أن يسمعهم أحد، فيخبر الفقراء.

    أجل إنهم لقادرون على المنع والحرمان . .ولكنه حرمان أنفسهم من نعم الله التي أمدهم بها ليسعدوا بها ويسعدوا المساكين...
    فحرمان الفقراء والمساكين من حقهم كان سببا في حرمان أصحاب الجنة...

    فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ – 26 بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ – 27

    والآن وقد حاقت بهم عاقبة المكر والتبييت , وعاقبة البطر والمنع , يتقدم أوسطهم وأعقلهم وأصلحهم.....

    قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ – 28 قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ – 29 فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ – 30 قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ – 31 عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ – 32 كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ – 33 إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ - 34

    ﴿ قَالَ أَوْسَطُهُمْ ﴾ أي: أعدلهم، وأحسنهم طريقة ﴿ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ ﴾ أي: تنزهون الله تعالى وتعلموا أنه يراكم ويسمع ما تمكرون.. فهذا مقتضى الإيمان والتسبيح ..
    فالتسبيح يمنعك من المكر السئ , لأنك تنزه الله تعالى عن الغفلة. قال تعالى في سورة إبراهيم : لَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ – 42 ....

    فقالوا ﴿ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ أي: استدركوا بعد ذلك، ولكن بعد ما وقع العذاب على جنتهم، الذي لا يرفع، ولكن لعل تسبيحهم هذا، وإقرارهم على أنفسهم بالظلم، ينفعهم في تخفيف الإثم ويكون توبة، ولهذا ندموا ندامة عظيمة.
    ﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ ﴾ فيما أجروه وفعلوه،
    ﴿ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ﴾ أي: متجاوزين للحد في حق الله، وحق عباده.
    ﴿ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ ﴾ فهم رجوا الله أن يبدلهم خيرًا منها، ووعدوا أنهم سيرغبون إلى الله، ويلحون عليه في الدنيا، فإن كانوا كما قالوا، فالظاهر أن الله أبدلهم في الدنيا خيرًا منها لأن من دعا الله صادقًا، ورغب إليه ورجاه، أعطاه سؤله.

    فليكن التسبيح بالمعنى العملي هو أساس جميع معاملات المؤمن لكي نحظى بنعم الله تعالى علينا.

    إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ - 34

    *******

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
    (( قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ))

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    783
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    22-03-2021
    على الساعة
    02:30 PM

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء التاسع و العشرون
    (5)
    وبعض آيات من سورة القلم

    أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ – 35 مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ – 36

    العدل سمة شريعة الإسلام

    إن حكمة الله تعالى تقتضي أن لا يجعل المسلمين القانتين لربهم، المنقادين لأوامره في كل معاملاتهم ، المتبعين لمرضاته كالمجرمين الذين أسرفوا في المعاصي، والكفر بآياته، ومعاندة رسله، ومحاربة أوليائه،

    فالإسلام هو دين السلام الذي يفرض على أتباعه أعرق الأخلاق بجانب تربية الضمير على الرقابة من الله تعالى في جميع الأحوال..
    وبذلك تكتمل المنظومة التشريعية للإسلام , شريعة متكاملة الأركان شاملة للمبادئ الأساسية في حياة البشر فهي صالحة لكل زمان ومكان. وعقيدة تهيمن على قلب المسلم , فهو سوي السلوك أمام عيون الناس أو منفردا - فالأمر في كلا الحالتين مشهود لله تعالى..

    ولا تستوي تلك المبادئ مع المجرم الذي لا يراعي أخلاق ولا عهد ولا ذمة , يلتزم مخافة العقاب ويظهر لك جميل الأدب , فإن كانت السلطة في يديه ظلم العباد ونهب البلاد وأذاع الفساد تحت مسميات الثقافة والأبداع,
    قال تعالى في سورة البقرة:
    وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ – 204 وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ – 205 وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ – 206

    وقال تعالى في سورة لقمان:
    وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ – 6 وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ - 7
    إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ - 8 خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ – 9


    عقاب الذين أجرموا

    قال تعالى في سورة النمل:

    ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ – 69 ﴾ فلا تجدون مجرما قد استمر على إجرامه، إلا وعاقبته شر عاقبة وقد أحل الله به من الشر والعقوبة ما يليق بحاله.

    وقال تعالى في سورة السجدة:
    ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴾ 22

    أي: لا أحد أظلم، وأزيد تعديًا، ممن ذكر بآيات ربه، التي أوصلها إليه ربه، الذي يريد تربيته، وتكميل نعمته على أيدي رسله، تأمره، وتذكره مصالحه الدينية والدنيوية، وتنهاه عن مضاره الدينية والدنيوية، التي تقتضي أن يقابلها بالإيمان والتسليم، والانقياد والشكر، فقابلها هذا الظالم بضد ما ينبغي، فلم يؤمن بها، ولا اتبعها، بل أعرض عنها وتركها وراء ظهره، فهذا من أكبر المجرمين، الذين يستحقون شديد النقمة، ولهذا قال: ﴿ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴾

    حال المجرمين يوم القيامة

    وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا - 49 الكهف

    ووُضِع كتاب أعمال كل واحد في يمينه أو في شماله، فتبصر العصاة خائفين مما فيه بسبب ما قدموه من جرائمهم،
    ولا يظلم ربك أحدًا مثقال ذرة، فلا يُنقَص طائع من ثوابه، ولا يُزاد عاص في عقابه....

    *******

    أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ – 35 مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ – 36

    وفي الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    تدرون من المسلم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : من سلم المسلمون من لسانه ويده. قال : تدرون من المؤمن ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ...قال : من أمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم والمهاجر من هجر السوء فاجتنبه...
    الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص ...
    - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 11/137
    إسناده صحيح

    *******
    إن المتتبع لهذه السلسلة وقد قاربنا نهايتها يجد الأخلاق الرفيعة والأداب السامية والمعاملات التي مبناها الصدق والعدل واتقان العمل والشهامة في مساعدة الضعفاء والإنفاق على الفقراء والمساكين . والدفاع عن أوطانهم , والدعوة إلي سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
    هذا هو الإسلام الحق الذي يحقق العزة والكرامة للإنسانية.
    وليس لأي شخص- كان من كان يراد به تشويه الإسلام بتصرفات منافية للدين العظيم – أن يكون حجة لمبادئ الإسلام..
    ولكن الإسلام حجة على الجميع..


    *******

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
    (( قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ))

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    783
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    22-03-2021
    على الساعة
    02:30 PM

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء التاسع و العشرون
    (6)
    وبعض آيات من سورة الحاقة

    مصارع الأمم
    المكذبة برسالات الله تعالى.

    الْحَاقَّةُ – 1 مَا الْحَاقَّةُ – 2 وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ – 3
    كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ – 4 فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ – 5 وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ – 6 سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ – 7 فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ – 8

    وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ – 9 فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً – 10

    إن رسالات الله تعالى أتت لرحمة الإنسان من التخبط ولحمايته من الظلم والفساد ولحمايته من تسلط الطغاة , حيث الحرية والكرامة هي أساس شريعة الله تعالى.

    إن أمر الدين والعقيدة , جد خالص حازم جازم . جد كله لا هزل فيه . ولا مجال فيه للهزل . جد في الدنيا وجد في الآخرة , وجد في ميزان الله وحسابه . جد لا يحتمل التلفت عنه هنا أو هناك كثيرا ولا قليلا . وأي تلفت عنه من أي أحد يستنزل غضب الله الصارم , وأخذه الحاسم ..
    إنه الحق . حق اليقين . من رب العالمين...

    وإن المتأمل في الحضارات التي أبيدت وانتهى مصيرها بالعقاب الإلهي يجد أنها بلغت حدا كبيرا من الحضارة المادية , ولكي ندرك هذا الأمر ننظر إلى الأهرامت العملاقة والتي تعتبر معجزة في البناء تحير مهندسي العالم حتى الأن..هذه الأهرامات ما هي إلا مدافن لفراعنة مصر, فكيف كانت القصور ؟؟ وأين علوم التحنيط التي تعتبر سرا من أسرار تلك الحضارة ؟ كل هذه الحضارة إنهارت وأبيدت بسبب التكذيب والعناد لرسالة الله تعالى..
    وكذلك حضارة عاد وثمود أبيدت بسبب تعنتهم واستكبارهم على رسالة ربهم..

    وهكذا كل من تكبر ورفض الحق ورسالة الحق أخذ أخذة مروعة داهمة قاصمة , تتناسب مع الجد الصارم الحاسم في هذا الأمر العظيم الهائل , الذي لا يحتمل هزلا , ولا يحتمل لعبا , ولا يحتمل تلفتا عنه من هنا أو هناك....
    ويبرز ذلك في مشهد القيامة المروع , وفي نهاية الكون الرهيبة , وفي جلال التجلي كذلك وهو أروع وأهول: ( فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة . وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة , فيومئذ وقعت الواقعة ,وانشقت السماء فهي يومئذ واهية . . والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية )

    ******

    وثمود - كما جاء في مواضع أخرى - كانت تسكن الحجر في شمالي الحجاز بين الحجاز والشام . وكان أخذهم بالصيحة كما سماها في غير موضع . أما هنا فهو يذكر وصف الصيحة دون لفظها . .( بالطاغية ). . لأن هذا الوصف يفيض بالهول المناسب لجو السورة . ويكتفي بهذه الآية الواحدة تطوي ثمود طيا , وتغمرهم غمرا , وتعصف بهم عصفا , وتطغى عليهم فلا تبقي لهم ظلا ...

    وأما عاد فقد استمرت وقعتها سبع ليال وثمانية أيام حسوما . على حين كانت وقعة ثمود خاطفة . . صيحة واحدة . طاغية . .( وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية ).
    والريح الصرصر:الشديدة الباردة . واللفظ ذاته فيه صرصرة الريح . وزاد شدتها بوصفها ( عاتية ). . لتناسب عتو عاد وجبروتها المحكي في القرآن , وقد كانوا يسكنون الأحقاف في جنوب الجزيرة بين اليمن وحضرموت . وكانوا أشداء بطاشين جبارين . هذه الريح الصرصر العاتية: ( سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ). . والحسوم القاطعة المستمرة في القطع . والتعبير يرسم مشهد العاصفة المزمجرة المدمرة المستمرة هذه الفترة الطويلة المحددة بالدقة: ( سبع ليال وثمانية أيام ). ثم يعرض المشهد بعدها شاخصا: ( فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية ). . فترى . . فالمنظر معروض تراه , والتعبير يلح به على الحس حتى يتملاه ...( صرعى ). . ( كأنهم أعجاز نخل ) بأصولها وجذوعها ( خاوية ) فارغة تآكلت أجوافها فارتمت ساقطة على الأرض هامدة . .( فهل ترى لهم من باقية ? ). . لا - فليس لهم من باقية
    ذلك شأن عاد وثمود . . وهو شأن المكذبين .

    وجاء فرعون ومن قبله والمؤتكفات بالخاطئة . فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية ...
    وفرعون كان في مصر - وهو فرعون موسى - ومن قبله لا يذكر عنهم تفصيل . والمؤتفكات قرى لوط المدمرة التي اتبعت الإفك أو التي انقلبت , فاللفظ يعني هذا وهذا . ويجمل السياق فعال هؤلاء جميعا , فيقول عنهم انهم جاءوا ( بالخاطئة ) أي بالفعلة الخاطئة - من الخطيئة - ( فعصوا رسول ربهم ). . وهم عصوا رسلا متعددين ; ولكن حقيقتهم واحدة , ورسالتهم في صميمها واحدة . فهم إذن رسول واحد , يمثل حقيقة واحدة
    وهي بلاغ رسالة الله للعالمين التي هي الرحمة لهم في الدنيا والأخرة...

    *******

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
    (( قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ))

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    783
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    22-03-2021
    على الساعة
    02:30 PM

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء التاسع و العشرون
    (7)
    وبعض آيات من سورة المعارج


    أهمية الإيمان
    في نفسية الإنسان وتصرفاته


    إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً - 19 إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً - 20 وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً - 21 إِلَّا الْمُصَلِّينَ - 22 الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ -23 وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ - 24 لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ - 25
    وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ - 26 وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ - 27 إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ - 28
    وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ - 29 إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ - 30 فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ - 31
    وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ -32 وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ - 33 وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ -34 أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ - 35


    *******

    أولا : حالة الإنسان بدون الإيمان


    إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً - 19 إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً - 20 وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً - 21

    فالإنسان بدون الإيمان هلوعا . . جزوعا عند مس الشر , يتألم للذعته , ويجزع لوقعه , ويحسب أنه دائم لا كاشف له . ويظن اللحظة الحاضرة سرمدا مضروبا عليه ; ويحبس نفسه بأوهامه في قمقم من هذه اللحظة وما فيها من الشر الواقع به . فلا يتصور أن هناك فرجا ; ولا يتوقع من الله تغييرا . ومن ثم يأكله الجزع , ويمزقه الهلع . ذلك أنه لا يأوي إلى ركن ركين يشد من عزمه , ويعلق به رجاءه وأمله . .
    منوعا للخير إذا قدر عليه . يحسب أنه من كده وكسبه فيضن به على غيره , ويحتجذه لشخصه , ويصبح أسير ما ملك منه , مستعبدا للحرص عليه ... ذلك أنه لا يدرك حقيقة الرزق ودوره هو فيه . ولا يتطلع إلى خير منه عند ربه ... فهو هلوع في الحالتين . . هلوع من الشر . هلوع على الخير . . وهي صورة بائسة للإنسان , حين يخلو قلبه من الإيمان..

    ومن ثم يبدو الإيمان بالله مسألة ضخمة ومهمة في حياة الإنسان . لا كلمة تقال باللسان , ولا شعائر تعبدية تقام . إنه حالة نفس ومنهج حياة , وتصور كامل للقيم والأحداث والأحوال . وحين يصبح القلب خاويا من هذا المقوم فإنه يتأرجح ويهتز وتتناوبه الرياح كالريشة .. ويبيت في قلق وخوف دائم , سواء أصابه الشر فجزع , أم أصابه الخير فمنع .
    فأما حين يعمره الإيمان فهو منه في طمأنينة وعافية , لأنه متصل بمصدر الأحداث ومدبر الأحوال ; مطمئن إلى قدر الله تعالى, شاعر برحمته , مقدر لابتلائه , متطلع دائما إلى فرجه من الضيق , ويسره من العسر . متجه إليه بالخير , عالم أنه ينفق مما رزقه , وأنه مجزي على ما أنفق في سبيله , معوض عنه في الدنيا والآخرة . . فالإيمان كسب في الدنيا يتحقق قبل جزاء الآخرة , يتحقق بالراحة والطمأنينة والثبات والاستقرار طوال رحلة الحياة الدنيا....


    ثانيا : حالة الإنسان المؤمن
    والتزام بمبادئ الإسلام.


    الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ -23

    والصلاة فوق أنها ركن الإسلام وعلامة الإيمان , هي وسيلة الاتصال بالله تعالى , والاستمداد من ذلك الرصيد . ومظهر العبودية الخالصة التي يتجرد فيها مقام الربوبية ومقام العبودية في صورة معينة . وصفة الدوام التي يخصصها بها هنا: ( الذين هم على صلاتهم دائمون ). . تعطي صورة الاستقرار والاستطراد , فهي صلاة لا يقطعها الترك والإهمال والكسل وهي صلة بالله مستمرة غير منقطعة .
    وقد كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] إذا عمل شيئا من العبادة داوم عليه - وكان يقول: وإن أحب الأعمال إلى الله تعالى ما دام وإن قل .

    وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ - 24 لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ - 25


    وهي الزكاة على وجه التخصيص والصدقات المعلومة القدر . . وهي حق في أموال المؤمنين . . أو لعل المعنى أشمل من هذا وأكبر . وهو أنهم يجعلون في أموالهم نصيبا معلوما يشعرون أنه حق للسائل والمحروم .

    والسائل الذي يسأل ; والمحروم الذي لا يسأل ولا يعبر عن حاجته فيحرم أو لعله الذي نزلت به النوازل فحرم وعف عن السؤال .

    والشعور بأن للمحتاجين والمحرومين حقا في الأموال هو شعور بفضل الله من جهة , وبآصرة الإنسانية من جهة , فوق ما فيه من تحرر شعوري من ربقة الحرص والشح . وهو في الوقت ذاته ضمانة اجتماعية لتكافل الأمة كلها وتعاونها .
    فهي فريضة ذات دلالات شتى , في عالم الضمير وعالم الواقع سواء . .
    بحيث لو فعلت فريضة الزكاة فلن تجد على وجه الأرض فقير معدم كما نراها اليوم.. فقراء تحت خط الفقر, وأغنياء مخزنة ثرواتهم بالمليارات بالبنوك لو وزعت على أهل الأرض لوسعتهم..

    وإن شاء الله تعالى نستكمل بقية الصفات والإلتزمات, في اللقاء القادم..

    ******

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
    (( قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ))

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Oct 2013
    المشاركات
    6
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    26-10-2013
    على الساعة
    08:40 PM

    افتراضي


صفحة 3 من 4 الأولىالأولى ... 2 3 4 الأخيرةالأخيرة

مبادىء المعاملات والآداب من القرآن الكريم - سلسلة متجددة : بقلم صابر عباس

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. سلسلة الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي من إذاعة القرآن الكريم
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-05-2013, 07:56 PM
  2. مشاهد حية للآخرة فى القرآن الكريم - سلسلة متجددة - بقلم أ.صابر عباس
    بواسطة بن الإسلام في المنتدى فى ظل أية وحديث
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 11-12-2011, 10:45 AM
  3. عقيدة التوحيد فى بناء الإنسان - بقلم صابر عباس
    بواسطة بن الإسلام في المنتدى العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 05-10-2011, 02:28 PM
  4. هذه هى زوجتى - سلسلة متجددة
    بواسطة بن الإسلام في المنتدى منتدى الأسرة والمجتمع
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 23-11-2010, 12:51 AM
  5. هنا سلسلة فقه المعاملات الشيخ الدكتور على السالوس -
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27-05-2010, 06:12 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

مبادىء المعاملات والآداب من القرآن الكريم - سلسلة متجددة : بقلم صابر عباس

مبادىء المعاملات والآداب من القرآن الكريم - سلسلة متجددة : بقلم صابر عباس