المسلمة والحجاب

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

المسلمة والحجاب

صفحة 1 من 3 1 2 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 28

الموضوع: المسلمة والحجاب

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2013
    المشاركات
    5,607
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    13-04-2024
    على الساعة
    02:12 PM

    افتراضي المسلمة والحجاب

    شبهات حول حجاب المرأة :

    الشبهة الأولى: الحجاب تزمّت والدين يسر:
    يدّعي بعض دعاة التبرج والسفور بأنّ الحجاب تزمّت في الدين، والدين يسر لا تزمّتَ فيه ولا تشدّد، وإباحة السفور مصلحةٌ تقتضيها مشقّة التزام الحجاب في عصرنا[1].
    الجواب:
    1- إن تعاليم الدين الإسلامي وتكاليفَه الشرعية جميعها يسر لا عسرَ فيها، قال تعالى: {يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ} [البقرة:185]، وقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِى ٱلدّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78]، وقال: {لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:232]. فهذه الآيات صريحة في التزام مبدأ التخفيف والتيسير على الناس في أحكام الشرع.
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسدّدوا وقاربوا وأبشروا))[2]، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره قال: ((بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا))[3].
    فالشارع لا يقصد أبدًا إعنات المكلَّفين أو تكليفهم بما لا تطيقه أنفسهم، فكلّ ما ثبت أنه تكليف من الله للعباد فهو داخلٌ في مقدورهم وطاقتهم[4].
    2- ثم لا بد من معرفة أن للمصلحة الشرعية ضوابط يجب مراعاتها وهي:
    أ- أن تكون هذه المصلحة مندرجة في مقاصد الشرع، وهي حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، فكلّ ما يحفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكلّ ما يفوّت هذه الأصول أو بعضها فهو مفسدة، ولا شك أن الحجاب مما يحفظ هذه الكليات وأن التبرج والسفور يؤدي بها إلى الفساد.
    ب- أن لا تعارض هذه المصلحة النقل الصحيح، فلا تعارض القرآن الكريم؛ لأن معرفة المقاصد الشرعية إنما تمّ استنادًا إلى الأحكام الشرعية المنبثقة من أدلتها التفصيلية، والأدلة كلّها راجعة إلى الكتاب، فلو عارضت المصلحة كتابَ الله لاستلزم ذلك أن يعارض المدلولُ دليله، وهو باطل. وكذلك بالنسبة للسنة، فإن المصلحة المزعومة إذا عارضتها اعتُبرت رأيًا مذمومًا. ولا يخفى مناقضة هذه المصلحة المزعومة لنصوص الكتاب والسنة.
    ج- أن لا تعارض هذه المصلحة القياس الصحيح.
    د- أن لا تفوِّت هذه المصلحة مصلحة أهمّ منها أو مساوية لها.
    3- قاعدة: "المشقّة تجلب التيسير" معناها: أنّ المشقة التي قد يجدها المكلف في تنفيذ الحكم الشرعي سبب شرعي صحيح للتخفيف فيه بوجه ما.
    لكن ينبغي أن لا تفهم هذه القاعدة على وجهٍ يتناقض مع الضوابط السابقة للمصلحة، فلا بد للتخفيف أن لا يكون مخالفًا لكتابٍ ولا سنّة ولا قياس صحيح ولا مصلحة راجحة.
    ومن المصالح ما نصّ على حُكمة الكتاب والسنة كالعبادات والعقود والمعاملات، وهذا القسم لم يقتصر نصّ الشارع فيه على العزائم فقط، بل ما من حكم من أحكام العبادات والمعاملات إلا وقد شرع إلى جانبه سبل التيسير فيه. فالصلاة مثلا شرِعت أركانها وأحكامها الأساسية، وشرع إلى جانبها أحكام ميسّرة لأدائها عند لحوق المشقة كالجمع والقصر والصلاة من جلوس. والصوم أيضا شرع إلى جانب أحكامه الأساسية رخصةُ الفطر بالسفر والمرض. والطهارة من النجاسات في الصلاة شرع معها رخصة العفو عما يشقّ الاحتراز منه. وأوجب الله سبحانه وتعالى الحجابَ على المرأة، ثم نهى عن النظر إلى الأجنبية، ورخّص في كشف الوجه والنظر إليه عند الخِطبة والعلاج، والتقاضي والإشهاد.
    إذًا فليس في التيسير الذي شرعه الله سبحانه وتعالى في مقابلة عزائم أحكامه ما يخلّ بالوفاق مع ضوابط المصلحة، ومعلومٌ أنه لا يجوز الاستزادة في التخفيف على ما ورد به النص، كأن يقال: إنّ مشقة الحرب بالنسبة للجنود تقتضي وضعَ الصلاة عنهم، أو يقال: إن مشقة التحرّز عن الربا في هذا العصر تقتضي جوازَ التعامل به، أو يقال: إنّ مشقة التزام الحجاب في بعض المجتمعات تقتضي أن يباحَ للمرأة التبرّج بدعوى عموم البلوى به[5].

    الشبهة الثانية: الحجاب من عادات الجاهلية فهو تخلف ورجعية:
    قالوا: إن الحجاب كان من عادات العرب في الجاهلية، لأنّ العرب طبِعوا على حماية الشّرف، ووأدوا البنات خوفًا من العار، فألزموا النساء بالحجاب تعصبًا لعاداتهم القبلية التي جاء الإسلام بذمّها وإبطالها، حتى إنّه أبطل الحجاب[6]، فالالتزام بالحجاب رجعية وتخلّف عن ركب الحضارة والتقدم.
    الجواب:
    1- إن الحجاب الذي فرضه الإسلام على المرأة لم يعرفه العرب قبل الإسلام، بل لقد ذمّ الله تعالى تبرّج نساء الجاهلية، فوجه نساء المسلمين إلى عدم التبرج حتى لا يتشبهن بنساء الجاهلية، فقال جلّ شأنه: {وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلأولَىٰ} [الأحزاب:33].
    كما أن الأحاديث الحافلة بذمّ تغيير خلق الله أوضحت أنّ وصلَ الشعر والتنمّص كان شائعًا في نساء اليهود قبل الإسلام، ومن المعروف أنه مما تستخدمه المتبرّجات.
    صحيح أن الإسلام أتى فأبطل عادات ذميمة للعرب، ولكن بالإضافة إلى ذلك كانت لهم عادات جميلة أقرّها الإسلام فلم يبطلها، كإكرام الضيف والجود والشجاعة وغير ذلك.
    وكان من ضمن عاداتهم الذميمة خروج النساء متبرّجات كاشفات الوجوه والأعناق، باديات الزينة، ففرض الله الحجاب على المرأة بعد الإسلام ليرتقي بها ويصونَ كرامتها، ويمنع عنها أذى الفسّاق والمغرضين[7].
    2- إذا كانت النساء المسلمات راضياتٍ بلباسهن الذي لا يجعلهن في زمرة الرجيعات والمتخلفات فما الذي يضير التقدميين في ذلك؟! وإذا كنّ يلبسن الحجاب ولا يتأفّفن منه فما الذي حشر التقدميين في قضية فردية شخصية كهذه؟! ومن العجب أن تسمع منهم الدعوةَ إلى الحرية الشخصية وتقديسها، فلا يجوز أن يمسّها أحد، ثم هم يتدخّلون في حرية غيرهم في ارتداء ما شاؤوا من الثياب[8].
    3- إنّ التخلف له أسبابه، والتقدم له أسبابه، وإقحام شريعة الستر والأخلاق في هذا الأمر خدعة مكشوفة، لا تنطلي إلا على متخلّف عن مستوى الفكر والنظر، ومنذ متى كان التقدّم والحضارة متعلّقَين بلباس الإنسان؟! إنّ الحضارة والتقدم والتطور كان نتيجةَ أبحاث توصَّل إليها الإنسان بعقله وإعمال فكره، ولم تكن بثوبه ومظهره[9].

    الشبهة الثالثة: الحجاب وسيلة لإخفاء الشخصية:
    يقول بعضهم: إنّ الحجابَ يسهّل عملية إخفاء الشخصية، فقد يتستّر وراءه بعض النساء اللواتي يقترفن الفواحش[10].
    الجواب:
    1- يشرع للمرأة في الإسلام أن تستر وجهها لأن ذلك أزكى وأطهر لقلوب المؤمنين والمؤمنات. وكل عاقل يفهم من سلوك المرأة التي تبالغ في ستر نفسها حتى أنها لا تبدي وجهًا ولا كفا ـ فضلاً عن سائر بدنها ـ أن هذا دليل الاستعفاف والصيانة، وكل عاقل يعلم أيضًا أن تبرج المرأة وإظهارها زينتها يشعر بوقاحتها وقلة حيائها وهوانها على نفسها، ومن ثم فهي الأَولى أن يُساء بها الظن بقرينة مسلكها الوخيم حيث تعرِض زينتها كالسلعة، فتجرّ على نفسها وصمة خُبث النية وفساد الطوية وطمع الذئاب البشرية[11].
    2- إنّ من المتواتر لدى الكافة أن المسلمة التي تتحجب في هذا الزمان تذوق الويلات من الأجهزة الحكومية والإدارات الجامعية والحملات الإعلامية والسفاهات من المنافقين في كل مكان، ثم هي تصبر على هذا كله ابتغاء وجه الله تعالى، ولا يفعل هذا إلا مؤمنة صادقة رباها القرآن والسنة، فإذا حاولت فاسقة مستهترة ساقطة أن تتجلبب بجلباب الحياء وتواري عن الأعين بارتداء شعار العفاف ورمز الصيانة وتستر عن الناس آفاتها وفجورها بمظهر الحصان الرزان فما ذنب الحجاب إذًا؟!
    إن الاستثناء يؤيد القاعدة ولا ينقضها كما هو معلوم لكلّ ذي عقل، مع أنّ نفس هذه المجتمعات التي يروَّج فيها هذه الأراجيف قد بلغت من الانحدار والتردّي في مهاوي التبرّج والفسوق والعصيان ما يغني الفاسقات عن التستّر، ولا يحوِجهنّ إلى التواري عن الأعين.
    وإذا كان بعض المنافقين يتشدّقون بأنّ في هذا خطرًا على ما يسمّونه الأمن فليبينوا كيف يهتزّ الأمن ويختلّ بسبب المتحجبات المتسترات، مع أنه لم يتزلزل مرة واحدة بسبب السافرات والمتبرجات!![12].
    3- لو أن رجلاً انتحل شخصية قائد عسكري كبير، وارتدى بزته، وتحايل بذلك واستغل هذا الثوب فيما لا يباح له كيف تكون عقوبته؟! وهل يصلح سلوكه مبررًا للمطالبة بإلغاء الزي المميّز للعسكريين مثلاً خشية أن يسيء أحد استعماله؟!
    وما يقال عن البزة العسكرية يقال عن لباس الفتوّ، وزيّ الرياضة، فإذا وجد في المجتمع الجندي الذي يخون والفتى الذي يسيء والرياضي الذي يذنب هل يقول عاقل: إنّ على الأمة أن تحارب شعارَ العسكر ولباس الفتوّة وزيّ الرياضة لخيانات ظهرت وإساءات تكررت؟! فإذا كان الجواب: "لا" فلماذا يقف أعداء الإسلام من الحجاب هذا الموقف المعادي؟! ولماذا يثيرون حوله الشائعات الباطلة المغرضة؟![13].
    4- إن الإسلام كما يأمر المرأة بالحجاب يأمرها أن تكون ذات خلق ودين، إنه يربي من تحت الحجاب قبل أن يسدل عليها الجلباب، ويقول لها: {وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف:26]، حتى تصل إلى قمة الطهر والكمال قبل أن تصل إلى قمة الستر والاحتجاب، فإذا اقتصرت امرأة على أحدهما دون الآخر تكون كمن يمشي على رجل واحدة أو يطير بجناح واحد.
    إن التصدي لهؤلاء المستهترات ـ إذا وجدن ـ أن تصدر قوانين صارمة بتشديد العقوبة على كل من تسوّل له نفسه استغلال الحجاب لتسهيل الجرائم وإشباع الأهواء، فمثل هذا التشديد جائز شرعًا في شريعة الله الغراء التي حرصت على صيانة النفس ووقاية العرض، وجعلتهما فوق كل اعتبار، وإذا كان التخوف من سوء استغلال الحجاب مخطرة محتملة إلا أن المخطرة في التبرج والسفور بنشر الفاحشة وفتح ذرائعها مقطوع بها لدى كل عاقل[14].

    الشبهة الرابعة: عفة المرأة في ذاتها لا في حجابها:
    يقول البعض: إن عفة الفتاة حقيقة كامنة في ذاتها، وليست غطاء يلقى ويسدل على جسمها، وكم من فتاة محتجبة عن الرجال في ظاهرها وهي فاجرة في سلوكها، وكم من فتاة حاسرة الرأس كاشفة المفاتن لا يعرف السوء سبيلاً إلى نفسها ولا إلى سلوكها[15].
    الجواب:
    إن هذا صحيح، فما كان للثياب أن تنسج لصاحبها عفّة مفقودة، ولا أن تمنحه استقامة معدومة، وربَّ فاجرة سترت فجورها بمظهر سترها.
    ولكن من هذا الذي زعم أن الله إنما شرع الحجاب لجسم المرأة ليخلق الطهارة في نفسها أو العفة في أخلاقها؟! ومن هذا الذي زعم أن الحجاب إنما شرعه الله ليكون إعلانًا بأن كل من لم تلتزمه فهي فاجرة تنحط في وادي الغواية مع الرجال؟!
    إن الله عز وجل فرض الحجاب على المرأة محافظة على عفة الرجال الذين قد تقع أبصارهم عليها، وليس حفاظًا على عفتها من الأعين التي تراها فقط، ولئن كانت تشترك معهم هي الأخرى في هذه الفائدة في كثير من الأحيان إلا أن فائدتهم من ذلك أعظم وأخطر، وإلا فهل يقول عاقل تحت سلطان هذه الحجة المقلوبة: إن للفتاة أن تبرز عارية أمام الرجال كلهم ما دامت ليست في شك من قوة أخلاقها وصدق استقامتها؟!
    إن بلاء الرجال بما تقع عليه أبصارهم من مغرياتِ النساء وفتنتهن هو المشكلة التي أحوجت المجتمعَ إلى حلّ، فكان في شرع الله ما تكفّل به على أفضل وجه، وبلاء الرجال إذا لم يجد في سبيله هذا الحلّ الإلهي ما من ريب سيتجاوز بالسوء إلى النساء أيضًا، ولا يغني عن الأمر شيئًا أن تعتصم المرأة المتبرجة عندئذ باستقامةٍ في سلوكها أو عفة في نفسها، فإن في ضرام ذلك البلاء الهائج في نفوس الرجال ما قد يتغلّب على كل استقامة أو عفة تتمتّع بها المرأة إذ تعرض من فنون إثارتها وفتنتها أمامهم[16].

    الشبهة الخامسة: دعوى أن الحجاب من وضع الإسلام:
    زعم آخرون أن حجاب النساء نظام وضعه الإسلام فلم يكن له وجود في الجزيرة العربية ولا في غيرها قبل الدعوة المحمدية[17].
    الجواب:
    1- إن من يقرأ كتب العهد القديم وكتب الأناجيل يعلم بغير عناء كبير في البحث أن حجاب المرأة كان معروفًا بين العبرانيين من عهد إبراهيم عليه السلام، وظل معروفًا بينهم في أيام أنبيائهم جميعًا، إلى ما بعد ظهور المسيحية، وتكررت الإشارة إلى البرقع في غير كتاب من كتب العهد القديم وكتب العهد الجديد.
    ففي الإصحاح الرابع والعشرين من سفر التكوين عن (رفقة) أنها رفعت عينيها فرأت إسحاق، فنزلت عن الجمل وقالت للعبد: من هذا الرجل الماشي في الحقل للقائي، فقال العبد: هو سيدي، فأخذت البرقع وتغطت.
    وفي النشيد الخامس من أناشيد سليمان تقول المرأة: أخبرني يا من تحبه نفسي، أين ترعى عند الظهيرة؟ ولماذا أكون كمقنعة عند قطعان أصحابك؟
    وفي الإصحاح الثالث من سفر أشعيا: إن الله سيعاقب بنات صهيون على تبرجهن والمباهاة برنين خلاخيلهن بأن ينزع عنهن زينة الخلاخيل والضفائر والأهلة والحلق والأساور والبراقع والعصائب.
    وفي الإصحاح الثامن والثلاثين من سفر التكوين أيضًا أن تامار مضت وقعدت في بيت أبيها، ولما طال الزمان خلعت عنها ثياب ترملها وتغطت ببرقع وتلففت.
    ويقول بولس الرسول في رسالته كورنثوس الأولى: "إن النقاب شرف للمرأة، وكانت المرأة عندهم تضع البرقع على وجهها حين تلتقي بالغرباء وتخلعه حين تنزوي في الدار بلباس الحداد[18].
    فالكتب الدينية التي يقرؤها غير المسلمين قد ذكرت عن البراقع والعصائب مالم يذكره القرآن الكريم.
    2- وكان الرومان يسنون القوانين التي تحرم على المرأة الظهور بالزينة في الطرقات قبل الميلاد بمائتي سنة، ومنها قانون عرف باسم "قانون أوبيا" يحرم عليها المغالاة بالزينة حتى في البيوت[19].
    3- وأما في الجاهلية فنجد أن الأخبار الواردة في تستّر المرأة العربية موفورة كوفرة أخبار سفورها، وانتهاكُ سترها كان سببًا في اليوم الثاني من أيام حروب الفجار الأول؛ إذ إن شبابًا من قريش وبني كنانة رأوا امرأة جميلة وسيمة من بني عامر في سوق عكاظ، وسألوها أن تسفر عن وجهها فأبت، فامتهنها أحدهم فاستغاثت بقومها.
    وفي الشعر الجاهلي أشعار كثيرة تشير إلى حجاب المرأة العربية، يقول الربيع بن زياد العبسي بعد مقتل مالك بن زهير:
    من كان مسرورًا بمقتل مالك *** فليـأت نسوتنا بوجه نهـار
    يجد النسـاء حواسرًا يندبنه *** يلطمن أوجههن بالأسحـار
    قد كن يخبأن الوجـوه تسترًا *** فاليوم حيـن برزن للنظـار
    فالحالة العامّة لديهم أن النساء كن محجبات إلا في مثل هذه الحالة حيث فقدن صوابهن فكشفن الوجوه يلطمنها، لأن الفجيعة قد تنحرف بالمرأة عما اعتادت من تستر وقناع.
    وقد ذكر الأصمعي أن المرأة كانت تلقي خمارها لحسنها وهي على عفة[20].
    وكانت أغطية رؤوس النساء في الجاهلية متنوعة ولها أسماء شتى، منها:
    الخمار: وهو ما تغطي به المرأة رأسها، يوضع على الرأس، ويلفّ على جزء من الوجه.
    وقد ورد في شعر صخر يتحدث عن أخته الخنساء:
    والله لا أمنحها شرارها *** ولو هلكت مزقت خمارها
    وجعلت من شعر صدارها
    ولم يكن الخمار مقصورًا على العرب، وإنما كان شائعًا لدى الأمم القديمة في بابل وأشور وفارس والروم والهند[21].
    النقاب: قال أبو عبيد: "النقاب عند العرب هو الذي يبدو منه محجر العين، ومعناه أن إبداءهن المحاجر محدث، إنما كان النقاب لاصقًا بالعين، وكانت تبدو إحدى العينين والأخرى مستوره"[22].
    الوصواص: وهو النقاب على مارِن الأنف لا تظهر منه إلا العينان، وهو البرقع الصغير، ويسمّى الخنق، قال الشاعر:
    يا ليتها قد لبست وصواصًا
    البرقع: فيه خرقان للعين، وهو لنساء العرب، قال الشاعر:
    وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت فقد رابني منها الغداة سفورها[23]

    الشبهة السادسة: الاحتجاج بقاعدة: "تبدل الأحكام بتبدّل الزمان":
    فهم أعداء الحجاب من قاعدة: "تبدل الأحكام بتبدل الزمان" وقاعدة: "العادة محكّمة" أنه ما دامت أعرافهم متطوّرة بتطوّر الأزمان فلا بدّ أن تكون الأحكام الشرعية كذلك[24].
    الجواب:
    لا ريب أن هذا الكلام لو كان مقبولاً على ظاهره لاقتضى أن يكون مصير شرعية الأحكام كلها رهنًا بيد عادات الناس وأعرافهم، وهذا لا يمكن أن يقول به مسلم، لكن تحقيق المراد من هذه القاعدة أن ما تعارف عليه الناس وأصبح عرفًا لهم لا يخلو من حالات:
    1- إما أن يكون هو بعينه حكمًا شرعيًا أيضًا بأن أوجده الشرع، أو كان موجودًا فيهم فدعا إليه وأكّده، مثال ذلك: الطهارة من النجس والحدث عند القيام إلى الصلاة، وستر العورة فيها، وحجب المرأة زينتها عن الأجانب، والقصاص والحدود وما شابه ذلك، فهذه كلها أمور تعدّ من أعراف المسلمين وعاداتهم، وهي في نفس الوقت أحكام شرعية يستوجب فعلها الثواب وتركها العقاب، سواء منها ما كان متعارفًا عليه قبل الإسلام ثم جاء الحكم الشرعي مؤيّدًا ومحسّنًا له كحكم القسامة والديه والطواف بالبيت، وما كان غير معروف قبل ذلك، وإنما أوجده الإسلام نفسه كأحكام الطهارة والصلاة والزكاة وغيرها.
    فهذه الصورة من الأعراف لا يجوز أن يدخلها التبديل والتغيير مهما تبدلت الأزمنة وتطورت العادات والأحوال؛ لأنها بحدّ ذاتها أحكام شرعية ثبتت بأدلة باقية ما بقيت الدنيا، وليست هذه الصورة هي المعنية بقول الفقهاء: "العادة محكَّمة".
    2- وإما أن لا يكون حكمًا شرعيًا، ولكن تعلّق به الحكم الشرعي بأن كان مناطًا له، مثال ذلك: ما يتعارفه الناس من وسائل التعبير وأساليب الخطاب والكلام، وما يتواضعون عليه من الأعمال المخلّة بالمروءة والآداب، وما تفرضه سنة الخلق والحياة في الإنسان مما لا دخل للإرادة والكليف فيه كاختلاف عادات الأقطار في سن البلوغ وفترة الحيض والنفاس إلى غير ذلك.
    فهذه الأمثلة أمور ليست بحد ذاتها أحكامًا شرعية ولكنها متعلَّق ومناط لها، وهذه الصورة من العرف هي المقصودة من قول الفقهاء: "العادة محكمة"، فالأحكام المبنيّة على العرف والعادة هي التي تتغيّر بتغيّر العادة، وهنا فقط يصحّ أن يقال: "لا ينكر تبدّل الأحكام بتبدل الزمان"، وهذا لا يعدّ نسخًا للشريعة، لأن الحكم باق، وإنما لم تتوافر له شروط التطبيق فطبِّق غيره. يوضّحه أنّ العادة إذا تغيرت فمعنى ذلك أن حالة جديدة قد طرأت تستلزم تطبيق حكم آخر، أو أن الحكم الأصلي باق، ولكن تغير العادة استلزم توافر شروط معينة لطبيقه[25].

    الشبهة السابعة: نساء خيِّرات كنّ سافرات:
    احتجّ أعداء الحجاب بأن في شهيرات النساء المسلمات على اختلاف طبقاتهن كثيرًا ممن لم يرتدين الحجاب ولم يتجنّبن الاختلاط بالرجال.
    وعمد المروجون لهذه الشبهة إلى التاريخ وكتب التراجم، يفتشون في طولها وعرضها وينقبون فيها بحثًا عن مثل هؤلاء النساء حتى ظفروا بضالتهم المنشودة ودرتهم المفقودة، فالتقطوا أسماء عدد من النساء لم يكن يبالين ـ فيما نقلته الأخبار عنهن ـ أن يظهرن سافرات أمام الرجال، وأن يلتقين معهم في ندوات أدبية وعلمية دونما تحرز أو تحرج[26].
    الجواب:
    1- من المعلوم والمتقرر شرعا أن الأدلة الشرعية التي عليها تبنى الأحكام هي الكتاب والسنة والإجماع والقياس، فضمن أيّ مصدر من مصادر التشريع تندرج مثل هذه الأخبار، خاصة وأنّ أغلبها وقع بعد من التشريع وانقطاع الوحي؟![27].
    2- وإذا علِم أن أحكام الإسلام إنما تؤخذ من نص ثابت في كتاب الله تعالى أو حديث صحيح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قياس صحيح عليهما أو إجماع التقى عليه أئمة المسلمين وعلماؤهم لم يصحّ حينئذ الاستدلال بالتصرّفات الفردية من آحاد الناس أو ما يسمّيه الأصوليون بـ"وقائع الأحوال"، فإذا كانت هذه الوقائع الفردية من آحاد الناس لا تعتبر دليلاً شرعيًا لأيّ حكم شرعيّ حتى لو كان أصحابها من الصحابة رضوان الله عليهم أو التابعين من بعدهم فكيف بمن دونهم؟!
    بل المقطوع به عند المسلمين جميعًا أن تصرفاتهم هي التي توزن ـ صحة وبطلانًا ـ بميزان الحكم الإسلامي، وليس الحكم الإسلامي هو الذي يوزن بتصرفاتهم ووقائع أحوالهم، وصدق القائل: لا تعرف الحقّ بالرجال، اعرف الحقّ تعرف أهله[28].
    3- ولو كان لتصرفات آحاد الصحابة أو التابعين مثلاً قوة الدليل الشرعي دون حاجة إلى الاعتماد على دليل آخر لبطل أن يكونوا معرّضين للخطأ والعصيان، ولوجب أن يكونوا معصومين مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس هذا لأحد إلا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أما من عداهم فحقَّ عليهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل بني آدم خطاء))، وإلاّ فما بالنا لا نقول مثلاً: يحل شرب الخمر فقد وجِد فيمن سلف في القرون الخيِّرة من شربها؟![29].
    4- وما بال هؤلاء الدعاة إلى السفور قد عمدوا إلى كتب التاريخ والتراجم فجمعوا أسماء مثل هؤلاء النسوة من شتى الطبقات والعصور، وقد علموا أنه كان إلى جانب كل واحدة منهن سواد عظيم وجمع غفير من النساء المتحجّبات الساترات لزينتهن عن الأجانب من الرجال؟! فلماذا لم يعتبر بهذه الجمهرة العظيمة ولم يجعلها حجة بدلاً من حال أولئك القلة الشاذة المستثناة؟!
    يقول الغزالي: "لم تزل الرجال على مر الأزمان تكشف الوجوه، والنساء يخرجن منتقبات أو يمنعن من الخروج"[30]، ويقول ابن رسلان: "اتفق المسلمون على منع النساء من الخروج سافرات"[31].
    ولماذا لم يحتج بمواقف نساء السلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان في تمسكهم بالحجاب الكامل واعتباره أصلاً راسخًا من أصول البنية الاجتماعية؟![32].

    الشبهة الثامنة: الحجاب كبت للطاقة الجنسية:
    قالوا: إنّ الطاقة الجنسية في الإنسان طاقة كبيرة وخطيرة، وخطورتها تكمن في كبتها، وزيادة الضغط يولّد الانفجار، وحجاب المرأة يغطّي جمالها، وبالتالي فإنّ الشباب يظلون في كتب جنسيّ يكاد أن ينفجر أو ينفجر أحيانًا على شكل حوادث الاغتصاب وغيرها، والعلاج لهذه المشكلة إنما يكمن في تحرير المرأة من هذا الحجاب لكي ينفس الشباب الكبت الذي فيهم، وبالتالي يحدث التشبع لهذه الحاجة، فيقلّ طبقًا لذلك خطورة الانفجار بسبب الكبت والاختناق[33].
    الجواب:
    1- لو كان هذا الكلام صحيحًا لكانت أمريكا والدول الأوربية وما شاكلها هي أقلّ الدول في العالم في حوادث الاغتصاب والتحرّش في النساء وما شاكلها من الجرائم الأخلاقية، ذلك لأن أمريكا والدول الأوربية قد أعطت هذا الجانب عناية كبيرة جدًا بحجة الحرية الشخصية، فماذا كانت النتائج التي ترتبت على الانفلات والإباحية؟ هل قلّت حوادث الاغتصاب؟ هل حدث التشبّع الذي يتحدّثون عنه؟ وهل حُميت المرأة من هذه الخطورة؟
    جاء في كتاب "الجريمة في أمريكا": إنه تتم جريمة اغتصاب بالقوة كل ستة دقائق في أمريكا[34]. ويعني بالقوة: أي تحت تأثير السلاح.
    وقد بلغ عدد حالات الاغتصاب في أمريكا عام 1978م إلى مائة وسبعة وأربعين ألف وثلاثمائة وتسع وثمانين حالة، لتصل في عام 1987م إلى مائتين وواحد وعشرين ألف وسبعمائة وأربع وستين حالة. فهذه الإحصائيات تكذّب هذه الدعوى[35].
    2- إن الغريزة الجنسية موجودة في الرجال والنساء، وهي سرّ أودعه الله تعالى في الرجل والمرأة لحِكَم كثيرة، منها استمرار النسل. ولا يمكن لأحد أن ينكر وجود هذه الغريزة، ثم يطلب من الرجال أن يتصرفوا طبيعيًا أمام مناظر التكشف والتعرّي دونما اعتبار لوجود تلك الغريزة[36].
    3- إن الذي يدّعي أنه يمكن معالجة الكبت الجنسي بإشاعة مناظر التبرّج والتعري ليحدث التشبع فإنه بذلك يصل إلى نتيجتين:
    الأولى: أن هؤلاء الرجال الذين لا تثيرهم الشهوات والعورات البادية من فئة المخصيّين، فانقطعت شهوتهم، فما عادوا يشعرون بشيء من ذلك الأمر.
    الثانية: أن هؤلاء الرجال الذين لا تثيرهم العورات الظاهرة من الذين أصابهم مرض البرود الجنسي.
    فهل الذين يدعون صدقَ تلك الشبهة يريدون من رجال أمتنا أن يكونوا ضمن إحدى هاتين الطائفتين من الرجال؟![37].

    الشبهة التاسعة: الحجاب يعطل نصف المجتمع:
    قالوا: إن حجاب المرأة يعطل نصف المجتمع، إذ إن الإسلام يأمرها أن تبقى في بيتها[38].
    الجواب:
    1- إن الأصل في المرأة أن تبقى في بيتها، قال الله تعالى: {وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلأولَىٰ} [الأحزاب:33]. ولا يعني هذا الأمر إهانة المرأة وتعطيل طاقاتها، بل هو التوظيف الأمثل لطاقاتها[39].
    2- وليس في حجاب المرأة ما يمنعها من القيام بما يتعلق بها من الواجبات، وما يُسمح لها به من الأعمال، ولا يحول بينها وبين اكتساب المعارف والعلوم، بل إنها تستطيع أن تقوم بكل ذلك مع المحافظة على حجابها وتجنبها الاختلاط المشين.
    وكثير من طالبات الجامعات اللاتي ارتدين الثوب الساتر وابتعدن عن مخالطة الطلاب قد أحرزن قصب السبق في مضمار الامتحان، وكن في موضع تقدير واحترام من جميع المدرسين والطلاب[40].
    3- بل إن خروج المرأة ومزاحمتها الرجل في أعماله وتركها الأعمال التي لا يمكن أن يقوم بها غيرها هو الذي يعطل نصف المجتمع، بل هو السبب في انهيار المجتمعات وفشو الفساد وانتشار الجرائم وانفكاك الأسَر، لأن مهمة رعاية النشء وتربيتهم والعناية بهم ـ وهي من أشرف المهام وأعظمها وأخطرها ـ أضحت بلا عائل ولا رقيب.

    الشبهة العاشرة: التبرج أمر عادي لا يلفت النظر:
    يدّعي أعداء الحجاب أن التبرج الذي تبدو به المرأة كاسية عارية لا يثير انتباه الرجال، بينما ينتبه الرجال عندما يرون امرأة متحجبة حجابًا كاملاً يستر جسدها كله، فيريدون التعرّف على شخصيتها ومتابعتها؛ لأنّ كلَّ ممنوع مرغوب[41].
    الجواب:
    1- ما دام التبرج أمر عادي لا يلفت الأنظار ولا يستهوي القلوب فلماذا تبرّجت؟! ولمن تبرجت؟! ولماذا تحمّلت أدوات التجميل وأجرة الكوافير ومتابعة الموضات؟![42].
    2- وكيف يكون التبرج أمرًا عاديًا ونرى أن الأزواج ـ مثلاً ـ تزداد رغبتهم في زوجاتهم كلما تزينّ وتجمّلن، كما تزداد الشهوة إلى الطعام كلما كان منسقًا متنوعًا جميلاً في ترتيبه ولو لم يكن لذيذ الطعم؟![43].
    3- إن الجاذبية بين الرجل والمرأة هي الجاذبية الفطرية، لا تتغير مدى الدهر، وهي شيء يجري في عروقهما، وينبه في كل من الجنسين ميوله وغرائزه الطبيعية، فإن الدم يحمل الإفرازات الهرمونية من الغدد الصماء المختلفة، فتؤثر على المخ والأعصاب وعلى غيرها، بل إن كل جزء من كل جسم يتميز عما يشبهه في الجنس الآخر؛ ولذلك تظهر صفات الأنوثة في المرأة في تركيب جسمها كله وفي شكلها وفي أخلاقها وأفكارها وميولها، كما تظهر مميزات الذكورة في الرجل في بدنه وهيئته وصوته وأعماله وميوله. وهذه قاعدة فطرية طبيعية لم تتغير من يوم خلق الله الإنسان، ولن تتغير حتى تقوم الساعة[44].
    4- أودع الله الشبق الجنسي في النفس البشرية سرًّا من أسراره، وحكمة من روائع حكمه جلّ شأنه، وجعل الممارسة الجنسية من أعظم ما ينزع إليه العقل والنفس والروح، وهي مطلب روحي وحسي وبدني، ولو أن رجلاً مرت عليه امرأة حاسرة سافرة على جمال باهر وحسن ظاهر واستهواء بالغ ولم يلتفت إليها وينزع إلى جمالها يحكم عليه الطب بأنه غير سوي وتنقصه الرغبة الجنسية، ونقصان الرغبة الجنسية ـ في عرف الطب ـ مرض يستوجب العلاج والتداوي[45].
    5- إن أعلى نسبة من الفجور والإباحية والشذوذ الجنسي وضياع الأعراض واختلاط الأنساب قد صاحبت خروج النساء مترجات كاسيات عاريات، وتتناسب هذه النسبة تناسبًا طرديًا مع خروج النساء على تلك الصورة المتحللة من كل شرف وفضيلة، بل إن أعلى نسبة من الأمراض الجنسية ـ كالأيدز وغيره ـ في الدول الإباحية التي تزداد فيها حرية المرأة تفلّتًا، وتتجاوز ذلك إلى أن تصبح همجية وفوضى، بالإضافة إلى الأمراض والعقد النفسية التي تلجئ الشباب والفتيات للانتحار بأعلى النسب في أكثر بلاد العالم تحللاً من الأخلاق[46].
    6- أما أن العيون تتابع المتحجبة الساترة لوجهها ولا تتابع المتبرجة فإن المتحجبة تشبه كتابًا مغلقًا، لا تعلم محتوياته وعدد صفحات وما يحمله من أفكار، فطالما كان الأمر كذلك، فإنه مهما نظرنا إلى غلاف الكتاب ودققنا النظر فإننا لن نفهم محتوياته، ولن نعرفها، بل ولن نتأثر بها، وبما تحمله من أفكار، وهكذا المتحجبة غلافها حجابها، ومحتوياتها مجهولة بداخله، وإن الأنظار التي ترتفع إلى نورها لترتد حسيرة خاسئة، لم تظفر بِشَروَى[47] نقير ولا بأقلّ القليل.
    أما تلك المتبرجة فتشبه كتابًا مفتوحًا تتصفّحه الأيدي، وتتداوله الأعين سطرًا سطرًا، وصفحة صفحة، وتتأثّر بمحتوياته العقول، فلا يترك حتى يكون قد فقد رونق أوراقه، فتثنت بل تمزق بعضها، إنه يصبح كتابًا قديمًا لا يستحق أن يوضع في واجهة مكتبة بيت متواضعة، فما بالنا بواجهة مكتبة عظيمة؟![48].

    الشبهة الحادية عشرة: السفور حقّ للمرأة والحجاب ظلم:
    زعموا أن السفور حقّ للمرأة، سلبها إياه المجتمع، أو سلبها إياه الرجل الأناني المتحجر المتزمت، ويرون أن الحجاب ظلم لها وسلب لحقها[49].
    الجواب:
    1- لم يكن الرجل هو الذي فرض الحجاب على المرأة فترفع قضيتها ضدّه لتتخلّص من الظلم الذي أوقعه عليها، كما كان وَضعُ القضية في أوربا بين المرأة والرجل، إنما الذي فرض الحجاب على المرأة هو ربها وخالقها الذي لا تملك ـ إن كانت مؤمنة ـ أن تجادله سبحانه فيما أمر به أو يكون لها الخيرة في الأمر، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلاً مُّبِينًا} [الأحزاب:36][50].
    2- إن الحجابَ في ذاته لا يشكل قضية، فقد فرض الحجاب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونفذ في عهد، واستمر بعد ذلك ثلاثة عشر قرنًا متوالية وما من مسلم يؤمن بالله ورسوله يقول: إن المرأة كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مظلومة.
    فإذا وقع عليها الظلم بعد ذلك حين تخلّف المسلمون عن عقيدتهم الصحيحة ومقتضياتها فلم يكن الحجاب ـ بداهة ـ هو منبع الظلم ولا سببه ولا قرينه، لأنه كان قائمًا في خير القرون على الإطلاق، وكان قرين النظافة الخلقية والروحية، وقرين الرفعة الإنسانية التي لا مثيل لها في تاريخ البشرية كله[51].

    الشبهة الثانية عشرة: الحجاب رمز للغلو والتعصب الطائفي والتطرف الديني:
    زعم أعداء الحجاب أن حجاب المرأة رمز من رموز التطرف والغلو، وعلامة من علامات التنطع والتشدد، مما يسبب تنافرا في المجتمع وتصادما بين الفئتين، وهذا قد يؤول إلى الإخلال بالأمن والاستقرار.
    الجواب:
    1- هذه الدعوى مرفوضة من أساسها، فالحجاب ليس رمزا لتلك الأمور، بل ولا رمزا من الرموز بحال، لأن الرمز ما ليس له وظيفة إلا التعبير عن الانتماء الديني لصاحبه، مثل الصليب على صدر المسيحي أو المسيحية، والقلنسوة الصغيرة على رأس اليهودي، فلا وظيفة لهما إلا الإعلان عن الهوية. أما الحجاب فإن له وظيفة معروفة وحِكَما نبيلة، هي الستر والحشمة والطهر والعفاف، ولا يخطر ببال من تلبسه من المسلمات أنها تعلن عن نفسها وعن دينها، لكنها تطيع أمر ربها، فهو شعيرة دينية، وليس رمزا للتطرف والتنطع.
    ثم إن هذه الفرية التي أطلقوها على حجاب المرأة المسلمة لماذا لم يطلقوها على حجاب الراهبات؟! لماذا لم يقولوا: إن حجابَ اليهوديات والنصرانيات رمز للتعصب الديني والتميز الطائفي؟! لماذا لم يقولوا: إن تعليق الصليب رمز من رموز التطرف الديني وهو الذي جرّ ويلات الحروب الصليبية؟! لماذا لم يقولوا: إن وضع اليهودي القلنسوة الصغيرة على رأسه رمز من رموز التطرف الديني وبسببه يحصل ما يحصل من المجازر والإرهاب في فلسطين المحتلة؟!
    2- إن هذه الفرية يكذّبها التاريخ والواقع، فأين هذه المفاسد المزعومة والحجاب ترتديه المرأة المسلمة منذ أكثر من أربعة عشر قرنا؟!
    3- إن ارتداء المرأة للحجاب تم من منطلق عقدي وقناعة روحية، فهي لم تلزَم بالحجاب بقوة الحديد والنار، ولم تدعُ غيرها إلى الحجاب إلا بالحكمة والحجج الشرعية والعقلية، بل عكس القضية هو الصحيح، وبيان ذلك أن إلزام المرأة بخلع حجابها وجعل ذلك قانونا وشريعة لازمة هو رمز التعصب والتطرف اللاديني، وهذا هو الذي يسبب التصادم وردود الأفعال السيئة، لأنه اعتداء على الحرية الدينية والحرية الشخصية.
    التعديل الأخير تم بواسطة صاحب القرآن ; 11-06-2014 الساعة 10:34 PM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2013
    المشاركات
    5,607
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    13-04-2024
    على الساعة
    02:12 PM

    افتراضي

    مشروعيـة الحجـاب
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
    فقد اطلعت على ما كتبه المدعو: أحمد بهاء الدين في بعض الصحف وما يدعيه من تحليل لما حرمه الله، وخاصة ما نشره في زاوية ( يوميات ) في جريدة الأهرام في الأعداد 36992 و 36993 و 36994 و 36996 من تحامله على الحجاب والنقاب، والدعوة إلى السفور، واعتبار الحجاب بدعة من البدع، واعتباره أنه من الزي، والزي مسألة تتعلق بالحرية الشخصية، وأن النساء كن يلبسن النقاب كتقليد متوارث، وأن الإسلام لم يأمر به ولم يشر إليه، وأن النساء كن يجالسن النبي صلى الله عليه وسلم سافرات، ويعملن في التجارة والرعي والحرب سافرات، وأن العهد ظل كذلك طيلة عهد الخلفاء الراشدين، والدولة الأموية والعباسية، وأنه عندما اعتنق الأتراك الإسلام دخلوا بعاداتهم غير الإسلامية الموروثة عن قبائلهم مثل البرقع واليشمك، وفرضوها على العرب المسلمين فرضا... إلى آخر ما كتبه لإباحة السفور وإنكار الحجاب وغير ذلك من الأباطيل والافتراءات وتحريف الأدلة وصرفها عن مدلولها الحقيقي.
    ومن المعلوم أن الدعوة إلى سفور المرأة عن وجهها دعوة باطلة ومنكرة شرعا وعقلا ومناهضة للدين الإسلامي ومعادية له. والمسلم مدعو إلى كل ما من شأنه أن يزيد في حسناته ويقلل من سيئاته سرا وجهرا في كل أقواله وأفعاله وأن يبتعد عن وسائل الفتنة ومزاولة أسبابها وغاياتها.
    والعلماء مدعوون إلى نشر الخير وتعليمه بكل مسمياته، سواء في ذلك العبادات والمعاملات والآداب الشرعية فردية كانت أو جماعية. ودعاة السفور المروجون له يدعون إلى ذلك إما عن جهل وغفلة وعدم معرفة لعواقبه الوخيمة، وإما عن خبث نية وسوء طوية لا يعبئون بالأخلاق الفاضلة ولا يقيمون لها وزنا، وقد يكون عن عداوة وبغضاء كما يفعل العملاء والأجراء من الخونة والأعداء فهم يعملون لهذه المفسدة العظيمة والجائحة الخطيرة، ليلا ونهارا، سرا وجهارا، جماعة وأفرادا، إنهم يدعون إلى تحرير المرأة من الفضيلة والشرف والحياء والعفة إلى الدناءة والخسة والرذيلة وعدم الحياء. والواجب الابتعاد عن مواقف الشر ومصائد الشيطان عملا وقولا باللسان والجنان. وعلى المسلم الذي يوجه الناس أن يدعوهم إلى طريق الهدى والرشاد ويقربهم من مواقف العصمة ويبعدهم عن الفتنة ومواقف التهم ليكون بذلك عالما ربانيا. فقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال لكميل بن زياد في وصيته له: (يا كميل: الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع لا خير فيهم أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح مرسلة لا يهتدون بنور العلم ولا يلجؤون إلى ركن وثيق). والدعوة إلى السفور ورفض الحجاب دعوة لا تعود على المسلمين ذكورهم وإناثهم بخير في دينهم ولا دنياهم، بل تعود عليهم بالشر والفجور وكل ما يكرهه الله ويأباه. فالحكمة والخير للمسلمين جميعا في الحجاب لا السفور في حال من الأحوال، وبما أن أصل الحجاب عبادة لأمر الإسلام ونهيه عن ضده في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما سنبينه فيما بعد إن شاء الله فهو أيضا وقاية لأنه يساعد على غض البصر الذي أمر الله سبحانه وتعالى بِغَضِّه ويساعد على قطع أطماع الفسقة الذين في قلوبهم مرض، ويبعد المرأة عن مخالطة الرجال ومداخلتهم كما أنه يساعد على ستر العورات التي تثير في النفوس كوامن الشهوات.
    والتبرج ليس تحررا من الحجاب فقط بل هو والعياذ بالله تحرر من الالتزام بشرع الله وخروج على تعاليمه ودعوة للرذيلة، والحكمة الأساسية في حجاب المرأة هي درء الفتنة، فإن مباشرة أسباب الفتنة ودواعيها وكل وسيلة توقع فيها من المحرمات الشرعية ومعلوم أن تغطية المرأة لوجهها ومفاتنها أمر واجب دل على وجوبه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح.
    فمن أدلة الحجاب وتحريم السفور من الكتاب قوله سبحانه وتعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[1].فجاء في هذه الآية الكريمة ما يدل على وجوب الحجاب وتحريم السفور في موضعين منها: الأول: قوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} وهذا يدل على النهي عن جميع الإبداء لشيء من الزينة إلا ما استثني وهو ملابسها الظاهرة وما خرج بدون قصد ويدل على ذلك التأكيد منه سبحانه وتعالى بتكريره النهي عن إبداء الزينة في نفس الآية. والثاني: قوله تعالى:{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} فهو صريح في إدناء الخمار من الرأس إلى الصدر؛ لأن الوجه من الرأس الذي يجب تخميره عقلا وشرعا وعرفا ولا يوجد أي دليل يدل على إخراج الوجه من مسمى الرأس في لغة العرب، كما لم يأت نص على إخراجه أو استثنائه بمنطوق القرآن والسنة ولا بمفهومهما واستثناء بعضهم له وزعمهم بأنه غير مقصود في عموم التخمير مردود بالمفهوم الشرعي واللغوي ومدفوع بأقوال بقية علماء السلف والخلف، كما هو مردود بقاعدتين أوضحهما علماء الأصول ومصطلح الحديث إحداهما: أن حجة الإثبات مقدمة على حجة النفي. والثانية: أنه إذا تعارض مبيح وحاظر قدم الحاظر على المبيح.
    ولما كان الله سبحانه وتعالى يعلم ما في المرأة من وسائل الفتنة المتعددة للرجل أمرها بستر هذه الوسائل حتى لا تكون سببا للفتنة فيطمع بها الذي في قلبه مرض. والزينة المنهي عن إبدائها: اسم جامع لكل ما يحبه الرجل من المرأة ويدعوه للنظر إليها سواء في ذلك الزينة الأصلية أو المكتسبة التي هي كل شيء تحدثه في بدنها تجملا وتزينا. وأما الزينة الأصلية: فإنها هي الثابتة كالوجه والشعر وما كان من مواضع الزينة كاليدين والرجلين والنحر وما إلى ذلك. وإذا كان الوجه أصل الزينة وهو بلا نزاع القاعدة الأساسية للفتنة بالمرأة، بل هو المورد والمصدر لشهوة الرجال فإن تحريم إبدائه آكد من تحريم كل زينة تحدثها المرأة في بدنها. قال القرطبي في تفسيره: الزينة على قسمين خلقية ومكتسبة: فالخلقية: وجهها فإنه أصل الزينة وجمال الخلقة ومعنى الحيوانية لما فيه من المنافع وطرق العلوم. وأما الزينة المكتسبة: فهي ما تحاول المرأة في تحسين خلقتها به كالثياب والحلي والكحل والخضاب. أ هـ.
    وقال البيضاوي في تفسيره: ({وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} كالحلي والثياب والأصباغ فضلا عن مواضعها لمن لا يحل أن تبدى له). ا هـ. فإذا كان الوجه هو أصل الزينة بلا نزاع في النقل والعقل فإن الله جلت قدرته حرم على المرأة إبداء شيء من زينتها وهذا عموم لا مخصص له من الكتاب والسنة ولا يجوز تخصيصه بقول فلان أو فلان فأي قول من أقوال الناس يخصص هذا العموم فهو مرفوض لأن عموم القرآن الكريم والسنة المطهرة لا يجوز تخصيصه بأقوال البشر، ولا يجوز تخصيصه عن طريق الاحتمالات الظنية، أو الاجتهادات الفردية، فلا يخصص عموم القرآن إلا بالقرآن الكريم أو بما ثبت من السنة المطهرة أو بإجماع سلف الأمة، ولذلك نقول: كيف يسوغ تحريم الفرع وهو الزينة المكتسبة وإباحة الأصل وهو الوجه الذي هو الزينة الأساسية.
    والمراد بقوله جل وعلا: {إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} كما قال بذلك ابن مسعود رضي الله عنه، وجمع من علماء السلف من المفسرين وغيرهم: (ما لا يمكن إخفاؤه) كالرداء والثوب وما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة التي تجلل ثيابها، وما يبدو من أسافل الثياب وما قد يظهر من غير قصد كما تقدمت الإشارة لذلك، فالمرأة منهية من أن تبدي شيئا من زينتها ومأمورة بأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة.
    وحينما نهى سبحانه وتعالى المرأة عن إبداء شيء من زينتها إلا ما ظهر منها علمها سبحانه وتعالى كيف تحيط مواضع الزينة بلف الخمار الذي تضعه على رأسها فقال: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ} يعني من الرأس وأعالي الوجه {عَلَى جُيُوبِهِنَّ} يعني الصدور حتى تكون بذلك قد حفظت الرأس وما حوى والصدر من تحته وما بين ذلك من الرقبة وما حولها لتضمن المرأة بذلك ستر الزينة الأصلية والفرعية. وفي قوله تعالى أيضا في آخر هذه الآية: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} الدلالة على تحريمه سبحانه على المرأة ما يدعو إلى الفتنة حتى بالحركة والصوت. وهذا غاية في توجيه المرأة المسلمة، وحث من الله لها على حفظ كرامتها ودفع الشر عنها.
    ويشهد أيضا لتحريم خروج الزينة الأصلية أو المكتسبة فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بزوجته صفية، وفعل أمهات المؤمنين، وفعل النساء المؤمنات في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية وآية الأحزاب من الستر الكامل بالخمر والجلابيب، وكانت النساء قبل ذلك يسفرن عن وجوههن وأيديهن حتى نزلت آيات الحجاب.. وبذلك يعلم أن ما ورد في بعض الأحاديث من سفور بعض النساء كان قبل نزول آيات الحجاب فلا يجوز أن يستدل به على إباحة ما حرم الله لأن الحجة في الناسخ لا في المنسوخ كما هو معلوم عند أهل العلم والإيمان.
    ومن آيات الحجاب الآية السابقة من سورة النور، ومنها قوله تعالى في سورة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[2] قال العلماء: الجلابيب جمع جلباب وهو كل ثوب تشتمل به المرأة فوق الدرع والخمار لستر مواضع الزينة من ثابت ومكتسب.
    وقوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ} يدل على تخصيص الوجه؛ لأن الوجه عنوان المعرفة، فهو نص على وجوب ستر الوجه، وقوله تعالى: {فَلا يُؤْذَيْنَ} هذا نص على أن في معرفة محاسن المرأة إيذاء لها ولغيرها بالفتنة والشر، فلذلك حرم الله تعالى عليها أن تخرج من بدنها ما تعرف به محاسنها أيا كانت، ولو لم يكن من الأدلة الشرعية على منع كشف الوجه إلا هذا النص منه سبحانه وتعالى لكان كافيا في وجوب الحجاب وستر مفاتن المرأة، ومن جملتها وجهها، وهو أعظمها؛ لأن الوجه هو الذي تعرف به وهو الذي يجلب الفتنة. قالت أم سلمة: (لما نزلت هذه الآية: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها). قال ابن عباس: (أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة). وقال محمد بن سيرين: (سألت عبيدة السلماني عن قول الله عز وجل: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى). وأقوال المفسرين في الموضوع كثيرة لا يتسع المقام لذكرها.
    ومن آيات الحجاب أيضا قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}[3] فهذه الآية نص واضح في وجوب تحجب النساء عن الرجال وتسترهن منهم، وقد أوضح الله سبحانه في هذه الآية الحكمة في ذلك وهي أن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء وأبعد عن الفاحشة وأسبابها.
    وهذه الآية عامة لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن من المؤمنات. قال القرطبي رحمه الله: (ويدخل في هذه الآية جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة بدنها وصوتها فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كالشهادة عليها أو داء يكون ببدنها إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وجوب الحجاب )، وقول القرطبي رحمه الله: إن صوت المرأة عورة؛ يعني إذا كان ذلك مع الخضوع، أما صوتها العادي فليس بعورة، لقول الله سبحانه: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}[4] فنهاهن سبحانه عن الخضوع في القول لئلا يطمع فيهن أصحاب القلوب المريضة بالشهوة، وأذن لهن سبحانه في القول المعروف، وكان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يكلمنه ويسألنه عليه الصلاة والسلام ولم ينكر ذلك عليهن، وهكذا كان النساء في عهد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكلمن الصحابة ويستفتينهم فلم ينكروا ذلك عليهن، وهذا أمر معروف ولا شبهة فيه.
    وأما الأدلة من السنة فمنها: ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بخروج النساء إلى مصلى العيد قلنا يا رسول الله إحدانا ليس لها جلباب فقال ((لتلبسها أختها من جلبابها)) متفق عليه، فدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة ألا تخرج المرأة إلا بجلباب، وفي الأمر بلبس الجلباب دليل على أنه لا بد من التستر والحجاب وكذا ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس) وقد أجمع علماء السلف على وجوب ستر المرأة المسلمة لوجهها وأنه عورة يجب عليها ستره إلا من ذي محرم. قال ابن قدامة في المغنى: (والمرأة إحرامها في وجهها، فإن احتاجت سدلت على وجهها)، وجملته أن المرأة يحرم عليها تغطية وجهها في إحرامها كما يحرم على الرجل تغطية رأسه، إلا ما روي عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة، وقد روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين)) فأما إذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبا منها فإنها تسدل الثوب فوق رأسها على وجهها، لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفنا وإنما منعت المرأة المحرمة من البرقع والنقاب ونحوهما مما يصنع لستر الوجه خاصة ولم تمنع من الحجاب مطلقا، قال أحمد: (إنما لها أن تسدل على وجهها فوق وليس لها أن ترفع الثوب من أسفل). ا هـ.
    وقال ابن رشد في البداية: (وأجمعوا على أن إحرام المرأة في وجهها وأن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها وأن لها أن تسدل ثوبها على وجهها من فوق رأسها سدلا خفيفا تستتر به عن نظر الرجال إليها).
    إلى غير ذلك من كلام العلماء. فيؤخذ من هذا ونحوه أن علماء الإسلام قد أجمعوا على كشف المرأة وجهها في الإحرام، وأجمعوا على أنه يجب عليها ستره بحضور الرجال، فحيث كان كشف الوجه في الإحرام واجبا فستره في غيره أوجب.
    وكانت أسماء رضي الله عنها تستر وجهها مطلقا، وانتقاب المرأة في الإحرام، لا يجوز لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك في الحديث المتقدم وهو من أعظم الأدلة على أن المرأة كانت تستر وجهها في الأحوال العادية ومعنى ((لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين)) أي لا تلبس ما فصل وقطع وخيط لأجل الوجه كالنقاب ولأجل اليدين كالقفازين، لا أن المراد أنها لا تغطي وجهها وكفيها كما توهمه البعض فإنه يجب سترهما لكن بغير النقاب والقفازين. هذا ما فسره به الفقهاء والعلماء ومنهم العلامة الصنعاني رحمه الله تعالى. وبهذا يعلم وجوب تحجب المرأة وسترها لوجهها وأنه يحرم عليها إخراج شيء من بدنها وما عليها من أنواع الزينة مطلقا إلا ما ظهر من ذلك كله في حالة الاضطرار أو عن غير قصد كما سلف بيان ذلك، وهذا التحريم جاء لدرء الفتنة. ومن قال بسواه أو دعا إليه فقد غلط وخالف الأدلة الشرعية ولا يجوز لأحد اتباع الهوى أو العادات المخالفة لشرع الله سبحانه وتعالى. لأن الإسلام هو دين الحق والهدى والعدالة في كل شيء، وفيه الدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والنهي عما يخالفها من مساوئ الأخلاق وسيئ الأعمال.
    والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلمين لما يرضيه وأن يعيذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2013
    المشاركات
    5,607
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    13-04-2024
    على الساعة
    02:12 PM

    افتراضي

    فضل الحجاب :

    1- حفظ العرض :
    فالحجاب حراسة شرعية لحفظ الأعراض و دفع أسباب الريبة و الفتنة و الفساد .

    2- طهارة القلوب :
    الحجاب داعية إلى طهارة القلوب للمؤمنين و المؤمنات و عمارتها بالتقوى و
    تعظيم الحرمات و صدق الباري تعالى : ( ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ
    وَقُلُوبِهِنَّ ) سورة الأحزاب


    3- مكارم الأخلاق :
    الحجاب داعية إلى توقير مكارم الأخلاق من العفة و الإحتشام و الحياء و
    الغيرة و حجب المساوئ من التلوث بالشائنات كالتبذل و التهتك و السفالة و
    الفساد .

    4- علامة على العفيفات :
    الحجاب علامة شرعية على الحرا ئر العفيفات في عفتهن و شرفهن و بعدهن عن دنس
    الريبة و الشك ... قال تعالى ( ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلايُؤْذَيْنَ ) سورة الأحزاب)
    ... و صلاح الظاهر دليل على صلاح الباطن و إن العفاف تاج المرأة ، و ما رفرفت العفة على داراً إلا أكسبتها الهناء ...

    5- قطع الأطماع و الخواطر الشيطانية :
    الحجاب وقاية أجتماعية من الأذى و أمراض قلوب الرجال و النساء فيقطع
    الأطماع الفاجرة و الأعين الخائنة ، و يدفع أذى الرجل في عرضه و أذى المرأة
    في عرضها و محارمها بالوقاية من رمي المحصنات بالفواحش و إبعاد مقالة
    السوء و دنس الريبة و الشك و غيرها من الخطرات الشيطانية ...

    6- حفظ الحياء :
    و هو مأخوذ من الحياة ... فلا حياة بدونه و هو خُلق يودعه الباري تعالى في
    النفوس و هو من خصائص الإنسان و إيصال الفطرة و خلق الإسلام ، و الحياء
    شعبة من شعب الإيمان ، فهذا هو مفعول الحياء بالتحلي بالفضائل ... و بسياج
    رادع يصد النفس و يزجرها عن تطورها في الرذائل و ما الحجاب إلا وسيلة فعالة
    لحفظ الحياء ، و خلع الحجاب هو خلع للحياء ...

    7- الحجاب يمنع نفوذ التبرج و السفور و الإختلاط ...

    8- الحجاب حصانة ضد الزنا و الإباحية ...

    9- الحجاب للمرأة ساتر و هذا من التقوى ... قال تعالى ( يَا بَنِي آدَمَ
    قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا
    وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ
    لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) سورة الأعراف


    10- حفظ الغيرة : فالحجاب باعث عظيم على تنمية الغيرة على المحارم من أن
    تنتهك أو ينال منها و باعثٍ على توارث هذا الخلق الرفيع في الأسر و الذراري
    ... غيرة النساء على عفتهن و أعراضهن و شرفهن و غيرة أوليائهن عليهن ... و
    غيرة المؤمنين على محارم المؤمنين من أن تنال الحرمات أو تخدش بما يجرح
    الكرامة و العفة و الطهارة و لو بنظرة أجنبي إليها

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2013
    المشاركات
    5,607
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    13-04-2024
    على الساعة
    02:12 PM

    افتراضي

    الحكمة من فرض الحجاب..

    إن الناظر إلى حال نساء زماننا يتفطّر قلبه ألماً وحسرة .. وتدمع عينه حزناً وقهراً .. فقد أصبح حجابهن زينة ، وسترهن تفسّخ وعريّ ، متّبعات في ذلك الخريطة التي رسمها أعداؤنا من الشرق والغرب ..!

    فهل عرفنا في الإسلام عباءةً مطرّزة ..؟.. وهل سمعنا بطرحةِ مزركشة ..؟.. أم هل رأينا في تاريخ الإسلام غطاء وجهٍ شفاف ؟!!
    إنه والله أمرٌ يتقطّع له نياط القلب ويندى من هوله الجبين ..

    فالإسلام فرض الحجاب لحكمةِ عظيمة .. وفوائد جسيمة ..

    الحجاب عبادة فيها السعادة .. وجمال يفوق كل جمال .. وراحة تنسي كل راحة !!



    فرض الله الحجاب ليستر المرأة عن الأجانب ، بل عن أعدائها من الجنس الآخر ، ليحميها من ذئاب البشر .. وأعداء العفاف والطهر ،
    ليحفظها من أعين الماكرين الخائنين .. ويرفعها عن مستنقعات العار وأوحال الرذيلة !
    حجب الإسلام المرأة عن الرجال كي تبقى درةً غالية ، وجوهرة مصونة ، لا تعبث بها أيدي السارق ، ولا تطولها عين الغادر ...
    حجب الإسلام المرأة لتبقى عزيزةً نظيفة ، عفيفةً شريفة ، ويتمناها التقي ، ويخشاها الشقي !

    فقد قال بعض أهل الفساد عندما سئلوا عن نظرتهم للفتاة المتحجبة : نحن نخشى الاقتراب من الفتاة المحجبة ، ونستحي من النظر إليها مع كونها محجبة حجاباً كاملاً ولا يظهر منها ظفر ! فنبتعد عن طريقها ، و نغار عليها من نظرات الرجال وكأنها أخت لنا أو أم أو قريبة !
    سبحان الله !! هذا كلام ذئاب البشر عن الفتاة المحجبة .. فما بالكِ أختي الحبيبة بكلام الأتقياء الأنقياء الشرفاء ..؟
    إنهم يدعون لكل فتاة محجبة بأن يحفظها الله من كل سوء ، وأن يثبتها على صراطه المستقيم .. وأن ييسر لها الخير حيث يكون ، ويصرف عنها الشر مهما يكون ..



    بل إن بعضهم ليفتخر بها ويعتز بحجابها ويتمنى أن تكون زوجته أو أبنته أو أخته !

    فالحجاب عزة وفخر للمرأة والرجل معاً .. ولم يكن الحجاب يوماً منقصةً أو مذلةً أو ظلماً .

    بل إن الإسلام أعزّ المرأة بالحجاب وصانها بالخمار وحفظها بالغطاء ..

    المرأة المسلمة المحجبة كالملكة في بيتها،وكالسيدة في قومها..لا تمشي إلا بمعية حارسها الشخصي !! يرافقها في السوق والمستشفى والشارع،ويوصلها إلى عملها – إن كانت عاملة – ويحميها و يحرسها من الكلمات والنظرات المؤذية .
    يمشي معها بعزةٍ وفخر ... وتمشي معه بطمأنينةٍ وأمان ..!

    فهي لا تخشى على نفسها من كيد الأعداء لأنها محجبة – والحجاب شعار العفاف والطهر- وبوجود حارسها يحميها ويحفظها بحفظ الله ...
    يحرسها أبوها أو أخوها أو زوجها أو ابنها أو أحد محارمها الذين سرَتْ نار الغيرة في عروقهم .. وتمشّت بين شرايينهم ودمائهم .
    فلن يسمحوا لأحد بالاقتراب منها أو الحديث معها ،، فأي سعادة وراحة وحرية أكثر من هذه ؟! وتذكري أختي الحبيبة ...



    أن من تركت الحجاب فقد عصَت رب الأرباب ، وتنازلت عن الشرف والعفاف ، وعرضَت نفسها لأشرار الذئاب – ظانَّةً – أنها أجمل امرأة في أعينهم ، وما علمَت أنها كالحلوى المكشوفة لا يأخذها إلا الحشرات والهوام !! أما الإنسان العزيز النظيف لا يرضى بأن يأخذ هذه الحلوى لأنه يعلم أنها لم تبقَ مكشوفةً إلا لقذارتها وفسادها ومرور الدواب عليها ..!

    فالمرأة كتلك الحلوى .. إن بقيت محجبة مصونة رغبها كل من رآها ، و إن كانت متبرجة متفسخة عافها الكل ولم يأتها إلا حشرات البشر ليأخذوا منها أنظف ما فيها وأعز ما تحمله ثم يتركونها ملقاةً على الأرض تدوسها الأقدام .. ويتأفف منها الكرام !
    فهل ترضين هذا لنفسكِ أختي الحبيبة ؟.. هل ترضين المذلة والسقوط؟

    أم الرفعة والعزة والكرامة ؟
    أمامك طريقان فاختاري أحدهما .. فإما نجاة وإما عذاب في الدنيا والآخرة !!



    أختي الغـالية ...

    قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) .

    فتأملي معي كيف بدأ الله بزوجات وبنات محمد صلى الله عليه وسلم .. بدأ بالعفيفات الطاهرات ، الصالحات الزاهدات .. أمرهن بالحجاب والجلباب ، ونهاهن عن التكشف والتبرج وهن أمهات المؤمنين وسيدات نساء الجنة ، ومن أمِرنَ بالتحجّب والتستر عنهم هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين .. أصحاب القلوب الطاهرة والنفوس العفيفة ..!!
    فما بالكِ أخيتي برجال ونساء زماننا ؟!!

    أختـاه ...
    أختــاه ...
    أختـــاه ...

    أختاه يا بنت الإسلام تحشمـي *** لا تـرفعي عنكِ الخمار فتندمي
    هذا الخمار يزيد وجهـك بهجـةً *** و حلاوة العينيـن أن تتحجبي
    صوني جمـالكِ إن أردتِ كرامةً *** كي لا يصون عليكِ أدنى ضيغمِ
    لا تعرضي عن هدي ربكِ ساعةً *** عضي عليه مدى الحياة لتغنمي



    والسلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2013
    المشاركات
    5,607
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    13-04-2024
    على الساعة
    02:12 PM

    افتراضي

    لمـاذا فُـرض الحجـاب؟..

    شبهات وأباطيل
    أحمد دعدوش – خاص - حماسنا
    ----------

    منذ بزوغ شمس الإسلام وحتى انحسار الاحتلال الأوربي عن بلاد المسلمين في منتصف القرن الرابع عشر الهجري، لم ينقل لنا التاريخ أي حادثة تدل من قريب أو بعيد على أنحجاب المرأة قد تسبب لها في يوم من الأيام بأي مشكلة، سواء على صعيد إنسانيتها ومكانتها في المجتمع، أو فيما يتعلق بأدائها لأي دور يناط بها في حياتها اليومية.

    وإذا كان التراجع الحضاري الذي استكان إليه المسلمون منذ القرون الثلاثة الأخيرة قد منح المناوئين لهذه الحضارة فرصة التعرض لقيمهم ومقدساتهم بشتى الوسائل، فإن قضية "تحرير" المرأة كانت وما زالت إحدى أهم مداخل الغزو الثقافي التي يراد من خلالها خلخلة التماسك الاجتماعي للمجتمع الإسلامي، ونسف قيمه الأثيرة التي تغوص عميقا في وجدان المسلم العادي.

    من أجل ذلك، كان جسد المرأة المسلمة- قبل عقلها- هدفا مركزيا لسهام هذا الغزو، وإذا كان الحجاب هو العائق الأول في طريق الوصول إليها، كان لا بد من اصطناع ثقافة متكاملة تحمل على عاتقها نسف فرْضية الحجاب وقدسيتها في اللاوعي الإسلامي، بما يتضمنه ذلك من إشاعة الشكوك حول حكمه الشرعي وعلته وغايته، ثم ربطه الدائم والمستمر بكل الصور المنفرة في سعي دؤوب لتنميط صورته على أنه الوجه السافر لكل ما هو مقيت ومنفر.
    وما أن اكتملت فصول هذه الحملة التي تتخذ من حقوق الإنسان والديمقراطية غطاء لها، حتى اجتمعت بين أيدينا مجموعة من الدعاوى التي يحاول فيها أصحابها التشكيك في علة فرض الحجاب على المرأة، ويمكن للمطلع أن يلاحظ أن بعضها يناقض بعضها الآخر، إذ يصعب الجمع بينها في ثقافة واحدة، إلا أن الهدف من إثارتها وتكرارها قد يكون هو مجرد الاكتفاء بنسف حرمة الجسد وثقافة العفة والشرف، وهو أمر كفيل بزعزعة بنيان مجتمع بأكمله.

    وفي هذه العجالة، سنعرض لأهم ما يتداوله أعداء الحجاب من شبهات حول علة هذا الفرض الذي أجمع عليه المسلمون، مع مناقشة كل منها بما يسمح به هذا المقام:


    [IMG]http://www.hamasna.com/tunisia/icon*****.gif[/IMG] أوهام العلمانيين حول علة الحجاب:

    1- أن الحجاب فُرض لتمييز الحرائر عن الإماء، ويستدلون بقوله تعالى: "ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ" (الأحزاب: 59)، فقد ذهب الكثير من المفسرين إلى أن الحجاب كان خاصا بالحرائر دون الإماء، ومنهم الطبري والرازي والبيضاوي والقرطبي والزمخشري، وبناء عليه فإن أصحاب هذه الدعوى يفترضون أن الحجاب لم يعد حكما واجبا اليوم، إذ انتهى عهد الرق ولم تعد هناك حاجة للتمييز بين الحرائر والإماء.
    في الجهة المقابلة، لا نجد في كتب أي من المفسرين من قال بذلك، بل إنهم لم يستندوا في إيراد هذه العلة إلا إلى أخبار لم يُجزم بصحتها، ومنها أن عمر بن الخطاب كان يضرب الإماء إذا رآهن متحجبات قائلا: "اكشفن رؤوسكن ولا تتشبهن بالحرائر". مع أن مقاصد الشريعة تتناقض مع هذا التمييز بين الحرة والأمة، والذي يقتضي غض الطرف عن الأذى الذي قد تتعرض له الأمة والتساهل معه، في الوقت الذي تتكاثر فيه الأحاديث على المساواة بين الحر والعبد مما لا يختلف عليه اثنان.
    على أي حال، فإن المفسرين الذين سردوا هذه الأخبار في كتبهم من باب التحقيق والأمانة العلمية لم يجنحوا إلى عدّ التمييز بين الحرة والأمة كعلة وحيدة لفرض الحجاب، فالآيات التي تنص على وجوب الحجاب تتضمن عللاً أخرى أكثر وضوحاً مما سيأتي بيانه، فلا يصح بذلك الاكتفاء بهذه العلة والاحتجاج بعدم بقائها في هذا العصر.
    بالرغم من ذلك، فإننا إن سلمنا بأن التمييز هو العلة الوحيدة، فإن الأذى (التحرش) الذي تتعرض له الحرائر السافرات اليوم لا يختلف في شيء عن الذي كان يعرض للإماء من قبل، مما يدفعنا للتفكير في علة أخرى تكون في صالح المرأة نفسها، سواء كانت حرة أم أمة.

    2- أن الحجاب قد فُرض لتربية المرأة والحفاظ على أخلاقها من الانحراف، ويتشدق أصحاب هذا الرأي دائما بأمثلة لا تحصى عن فتيات محجبات غير أخلاقيات، في مقابل فتيات يتمتعن بالأخلاق العالية دون أن يضعن الحجاب على رؤوسهن.
    وهذا رأي عجيب لا ندري ما المبرر لإلزامنا به، إذ لا يجد الباحث في النصوص أو التراث أي دليل عليه، ولم نسمع أحدا من الفقهاء قد أصدر حكمه بتغطية أجساد النساء لتتهذب أخلاقهن، بل تنص الآيات بوضوح على أن العلة الأولى هي حماية المرأة من الأذى، بغض النظر عن أخلاقها التي لا يمكن تقويمها إلا بالتربية، أما الحجاب فهو إجراء احترازي لحماية الرجل من الفتنة، وحماية المرأة من مضاعفات هذه الفتنة، وهو فرض على جميع النساء بغض النظر عن أي اعتبار ديني أو أخلاقي أو اجتماعي.

    3- أن الحجاب أداة سياسية، ابتكرها الإسلاميون للتلويح بها في وجه خصومهم، ويتبع ذلك إطلاق مصطلحات عجيبة من قبيل: ثقافة الحجاب، ومؤسسة الحجاب!
    ومن الواضح للعيان أن هذه الحجة لا يمضي أصحابها في عرضها إلى أبعد من ذلك، بل لا يملكون من الأدلة عليها إلا دعوة الناشطين الإسلاميين في عالم السياسة إلى الحجاب، دون أن يلحظوا أن هؤلاء الناشطين يهتمون أيضا بالدعوة إلى الصلاة والصوم وغيرها من أحكام الإسلام، فضلا عن استماتتهم في الدفاع عن الأوطان وفضح أطماع الأعداء، ولكن العجيب هو أن أيا من هذه الدعوات لم يحظ بذلك الاهتمام العلماني الذي حظي به الحجاب.
    علاوة على ذلك، فإن أصحاب هذه النظرية لم ينتبهوا إلى أن الحجاب يستند إلى نص قرآني يتداوله المسلمون منذ أربعة عشر قرنا، فما المبرر إذن لتحميله بعدا سياسيا لا يمتد إلى ما هو أبعد من ثمانين عاما خلت، حين بدأت الحركات الإسلامية بالتشكل؟.. بل ما هي العلة التي يرون أنها السبب في التزام ملايين المسلمات في مجتمعات لا تصل إليها أنشطة تلك الحركات الإسلامية؟ أم لعلهم ينسبون إلى هؤلاء الناشطين قوى خارقة في التلاعب بعقول تلك الملايين؟

    4- أنه فُرض على المرأة لاضطهادها من قبل الرجال، والدليل الذي يتمسك به أصحاب هذه النظرية هو اقتصار الحجاب على المرأة دون الرجل، إذ يدفعهم ذلك لافتراض استغلال "طبقة" الفقهاء من الرجال لبعض النصوص بهدف تفسيرها على نحو يرسخ نظرتهم الظالمة للمرأة.
    والعجيب في الأمر هو تجاهل هؤلاء للحال الذي كانت عليه النساء في عصر نزول هذه النصوص، إذ نزلت آية الحجاب قبل وجود "طبقة الفقهاء"، والتزمت بها النساء فور سماعهن بها.
    أخرج أبو داود وابن أبي حاتم وابن مردويه عن صفية بنت شيبة قالت: بينا نحن عند عائشة فذكرن نساء قريش وفضلهن فقالت عائشة: "إن نساء قريش لفضلي، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، أشد تصديقا لكتاب الله، ولا إيمانا بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} انقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل إليهن فيها، ويتلو الرجل على امرأته وبنته وأخته، وعلى ذي قرابته، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فاعتجرت به تصديقا وإيمانا بما أنزل الله في كتابه، فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم للصبح متعجرات كأن على رؤوسهن الغربان." وقد ورد الحديث بأكثر من رواية بعضها في صحيح البخاري.
    وليس في الحديث كما نرى أي دليل على اضطهاد أو إكراه من جنس لآخر، بل لم يكن للفقهاء هنا أي دور في تفسير هذه الآية التي تنص بوضوح على وجوب الخمار، إذ بادرت النساء على الفور بتنفيذ أمر الله فور علمهن به، لكونه أمرا من الله تعالى لا من الرجال.
    أما عن كون هذا الحكم خاصا بالمرأة دون الرجل، فهذا مما لا يحتاج إلى كبير جهد لبيان علته، فلا يختلف اثنان على أن الرجل يفتتن بكل ما يظهر من جمال المرأة، في الوقت الذي تضع فيه المرأة وسامة الرجل في درجات ثانوية، تأتي بعد اهتمامها بشخصيته وعلمه وماله وغير ذلك، بل إنه من المألوف جدا أن يقترن الرجل بمن تصغره سنا، وأن تصرف المرأة جل وقتها لإخفاء معالم الشيخوخة حفاظا على مكانتها في قلب الرجل، دون أن يكلف الرجل نفسه عناء ذلك.

    5- أنه وسيلة لعزل المرأة المسلمة في الغرب عن مجتمعها العلماني ولتمييزها عن غيرها من النساء.
    ولا يمضي أصحاب هذه النظرية أيضا إلى ما هو أبعد من ذلك، بل يكتفون بضرورة انصهار النساء جميعا في بوتقة واحدة، إذ يرون أن الرجل المسلم لا يختلف في مظهره عن غيره من الرجال، مما يعني ضرورة إجبار المرأة المسلمة أيضا على عدم ظهورها بما يميزها عن غيرها من النساء.
    ويتابع هؤلاء بافتراض كون الحجاب رمزا دينيا، ثم يلحقونه بافتراض آخر يماثله عند الرجل المسلم وهو إطلاق لحيته، ومن ثمّ فإن كلاً من هذين الرمزين يُعدان إشارة إلى كون من يلتزم بهما من "طبقة رجال الدين"، ولا يمكن للطبقات الأخرى من المجتمع أن تشترك مع هؤلاء في المظهر.
    إن هذا التصور نابع من موقف الغرب من الدين أولا، ومن مفهومه الخاص لدور الدين ورجاله ثانيا.
    فالموقف الغربي من الدين اليوم قائم جملة وتفصيلا على تاريخ طويل من الصراع، إذ ارتبطت صورة الكنيسة طوال قرون بشتى ألوان الاضطهاد والظلام والتخلف، وهذا مما لم يعهد له المسلمون مثيلا في تاريخهم.
    أما مفهوم طبقة رجال الدين فقائمة أيضا على خصوصية الدين المسيحي في المجتمع الأوربي، إذ لا يوجد الدين هناك إلا مع وجود مؤسسة كنسية يديرها رجال ونساء منتدبون لهذه المهمة، وهم طبقة من الرهبان والراهبات الذين نذروا حياتهم للدين دون غيره، فلا يمكن الجمع بين هذه المهمة وبين غيرها، بل لا يسمح لأفراد هذه الطبقة بممارسة مهماتهم خارج نطاق المؤسسة.
    وهذا تصور لا نجد مثيله أيضا في الإسلام، فليست هناك مؤسسة دينية ولا تنظيم ديني للعاملين فيها، بل هناك مساجد للعبادة والعلم، وعلماء لا يختلفون عن غيرهم سوى بقدراتهم العقلية والنفسية، وعلمهم متاح للجميع طلباً وبذلاً. أما الالتزام بالدين في مظاهره وسلوكه وعقيدته فهو أمر مطلوب من كل المسلمين دون تمييز، وعليه فإن إعفاء اللحى واجب على كل الرجال، كوجوب الحجاب على كل النساء.
    بناء على ذلك، فإن المسلم ملزم بالتقيد بهذه الواجبات في كل زمان ومكان، بناء على أمر إلهي ليس لأحد من الناس فيه أي دور، ويستوي في ذلك الرجال والنساء، دون التفات إلى مستوى علمهم ومكان إقامتهم وطبيعة مهنتهم.

    6- أن الحجاب في حد ذاته ليس بالأمر المهم، بل هو مجرد أداة ضغط يتلاعب بها الإسلاميون لإبرازها عند الحاجة، مستهدفين بذلك إثارة القلاقل وصرف الأنظار عما هو أهم.
    وقد يلاحظ كل من قُدر له الاطلاع على كتابات هذا النوع من الكتاب أن الأمور المهمة هي تلك التي تتعلق بالفقر والبطالة والوضع الاقتصادي للمجتمع، أما إذا ارتفع مستوى الاهتمام قليلا عن المادة فإن الأهمية لا تتعدى حقوق المرأة الأخرى من ضرورة رفع الظلم عنها، وتعليمها، ومساواتها التامة بالرجل.
    وإذا كان الإسلام هو أولى الدعاة بإحقاق الحق ورفع الظلم ونشر العلم، فإن الخلط هنا ليس قاصرا على مفهوم هؤلاء للمساواة الذي لا يراد منه تحويل المرأة إلى رجل كما يُخيل إلى البعض، ولا حتى العبث بأنوثتها، بل إن ترتيب الأمور على هذا النحو من الأهمية لا يقوم لديهم على أكثر من تصورهم العلماني للحياة، فالحوار هنا لا يصح أن يظل حبيس وجهات النظر حول المهم والأهم، ما لم نتفق أولاً على تصور واضح لوجود حياة أخرى بعد هذه الدنيا أو لا.
    عند ذلك، يصبح الحديث عن البطالة والفقر مجرد شغب وصرف للأنظار عن هذه القضية، إذ لم يقدم لنا أحد من هؤلاء بين يدي دعواه ما يدل على أن الاهتمام بالعفة والأخلاق يتنافى مع اهتمامنا المشترك بالتنمية ومحاربة الفقر، أما إذا كان همّهم مقصوراً على هذا الجانب المادي من الإنسان، فليأخذ الحوار إذن منحاه الحقيقي، وليُترك أمر العفة وما يقوم عليه من تماسك البنيان الاجتماعي للمختصين، ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه.


    [IMG]http://www.hamasna.com/tunisia/icon*****.gif[/IMG] لماذا فُرض الحجاب إذن؟

    لا يختلف اثنان على أن التشريع في الإسلام لا يصدر إلا عن القرآن والسنة، وقد وردت آيات وجوب الحجاب في القرآن الكريم بوضوح لا يرقى إليه شك، ويمكن جمعها على النحو الآتي:
    (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور: 30-31).
    (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (النور:60).
    (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (الأحزاب: 33).
    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلاَ أَن تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا) (الأحزاب: 53).
    (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) (الأحزاب: 59).

    ولفهم هذه الآيات، نقف عند معاني بعض ما جاء فيها من مفردات:

    -الجلباب: أصل مادة جلبب يفيد الجمع والإحاطة، والجلباب هو ما يتغطى به، وقد يطلق على القميص والخمار والرداء والإزار، وهو ثوب واسع للمرأة أوسع من الخمار ودون الرداء تغطي به رأسها وصدرها وظهرها، أو ما تضعه فوق ثيابها.
    -الخمار: أصل الخمر ستر الشيء، والخمار ما يستر به، وهو ما تغطي به المرأة رأسها.
    -الجيب: هو ما قُطع وسطه، وجيب القميص ما ينفتح على النحر (الياقة).
    -الضرب: وضع الشيء على الشيء.
    -الإدناء: يقال أدنيت أحد الأمرين من الآخر أي قاربت بينهما، وإدناء المرأة ثوبها عليها أي أرخته وتسترت به.

    وبالعودة إلى الآيات الكريمة التي وردت في شأن الحجاب، نرى أنها جميعا قد جاءت في سياق غض البصر وحفظ الفرج، ويدل على ذلك ما تلاها من آيات تفصل آداب الاستئذان قبل الدخول، والحث على الزواج والإعفاف.

    وعليه، فإن العلة الأولى للحجاب أو الخمار، هي إحصان المرأة وحفظ كرامتها بتغطية ما يثير شهوة الرجال من زينتها، وذلك بستر سائر بدنها خلا الوجه والكفين، مع التأكيد على أن العفة تناط أولا بالتربية وتزكية النفوس لكلا الجنسين كما قال تعالى: "ولباس التقوى ذلك خير"، فيما تأخذ تغطية الزينة حكم الإجراء الاحترازي لدرء الفتنة، والتي لا تُقصر على ضعاف النفوس فحسب، بل على المجتمع بأسره، إذ لا يخفى على أحد أن الغريزة الجنسية يستوي فيها العقلاء مع العامة، والتاريخ حافل بقصص الخيانة الزوجية على جميع المستويات.

    الغاية إذن هي مساواة المرأة بالرجل لا تمييزها عنه، فلما اختصت الزينة والفتنة بأحدهما دون الآخر، كان لا بد من مواءمة الأحكام للفروق القائمة بينهما، ليلتقي كل منهما في إطار أعمالهما اليومية بما يضمن التقاء إنسان لإنسان، دون أن يشوب هذه العلاقة ما يهبط بها إلى دركات الشهوانية المقيتة.

    إزاء هذه الحقيقة، يحق لنا أن نعيد طرح السؤال بصياغة تبدو لنا أقرب إلى المنطق: فمن الذي ينظر إلى المرأة على أنها جسد؟ ومن الذي يقصر فكره ونشاطه على ما يجب كشفه أو ستره من جسدها؟.. أتراه ذاك الذي يعترف بحقيقة غريزته ويبني عليها حكما يلزم به نفسه ليحترم إنسانية المرأة، وينصرف من خلاله عن التدني إلى مستوى التطلع إلى غاية شهوانية، أم هو ذاك الذي يصر على نفي وجود تلك الغريزة وهو يعلم مكانها في نفسه، ثم يحكم على الرجال بضرورة التنزه عنها، مصرا على إخراج النساء اللاتي بقين مئات السنين في خدورهن، وطرح غطائهن الذي لم يُثِر أي مشكلة طوال تلك القرون، فيأمر الرجال بالنظر دون شهوة، والنساء بالاختلاط دون اعتراف بوجود أي نزوة؟

    لقد رافقت الحشمة صورة المرأة منذ خُلقت وعاء للجمال والفتنة، فإذا كان هذا الغطاء الذي لا يمنع المرأة عن مزاولة أعمالها والتمتع بحقوقها قد وقف حائلاً في وجه بعض من الرجال عن التمتع بزينتها، فلنبدأ إذن بإعادة صياغة أسئلتنا من جديد، ولنتحلّ بالجرأة في تحديد ذاك الذي لا يرى من المرأة إلا جسدها، قبل أن يتحول مبدأ: "رمتني بدائها وانسلت" من مجرد مشاغبة جدلية إلى حالة نفسية تطبع تياراً فكرياً عارماً بطابعها المثير للشفقة.
    -----------------

    للاستزادة:
    ناصر الدين الألباني، حجاب المرأة المسلمة.
    عبد الرحمن حللي، حجاب المرأة: الحيثيات الحضارية والدلالات النصية، إسلام أون لاين.
    محمد سعيد رمضان البوطي، المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2013
    المشاركات
    5,607
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    13-04-2024
    على الساعة
    02:12 PM

    افتراضي

    حكم الإسلام في ارتداء الحجاب
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
    ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.
    أما بعد:
    أيها الناس: إنَّ من القضايا المهمة في حياة الأمة؛ قضية طالما تهجم عليها أعداء الملة والدين، وطالما شوه صورتها المندسون في أوساط المسلمين، تعتبر هذه القضية من أهم القضايا في حياة المرأة المسلمة؛ إنها قضية فرضها الله على المرأة وجعلها من الدين؛ لأن الذي فرضها وأمر بها هو الذي أمر بالصلاة والزكاة وبقية أركان الإسلام..
    تلكم هي قضية الحجاب والستر والعفاف.
    لقد دل على فرضية الحجاب الكتاب والسنة والإجماع والقياس المطرد؛ فمن أدلة الكتاب على فرضية الحجاب قول الله -تعالى-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} سورة الأحزاب(33)، فأمرهن الله -سبحانه- بالقرار في البيوت ونهاهن تعالى عن تبرج الجاهلية بكثرة الخروج، وبالخروج متجملات متطيبات سافرات الوجوه، حاسرات عن المحاسن والزينة.
    ومن أدلة الكتاب على فضية الحجاب قول مولانا -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ} إلى أن قال: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} سورة الأحزاب(53)، ولما نزلت هذه الآية حجب النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه عن الرجال الأجانب عنهن، وحجب المسلمون نساءهم عن الرجال الأجانب عنهن، بستر أبدانهن من الرأس إلى القدمين.
    ومن أدلة الكتاب أيضاً قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} سورة الأحزاب(59)؛ وهذه الآية في حق سائر النساء، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن؛ لأن معنى الجلباب في الآية هو معناه في اللغة، وهو: اللباس الواسع الذي يغطي جميع البدن.
    ومن أدلة الكتاب -عباد الله- على فرضية الحجاب؛ قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} سورة النــور(31)؛ وقد دلت هذه الآية على فرضية الحجاب من ثلاثة أوجه:
    الوجه الأول: يحرم على نساء المؤمنين ضرب أرجلهن ليعلم ما عليهن من زينة.
    الوجه الثاني: يجب على نساء المؤمنين ستر أرجلهن وما عليهن من الزينة، فلا يجوز لهن كشفها.
    الوجه الثالث: حرَّم الله على النساء كل ما يدعو إلى الفتنة، ومن باب الأولى يحرم كشفها عن وجهها.
    فهذا بعض أدلة الكتاب على فرضية ارتداء الحجاب على المرأة المسلمة، وإليك -أخي المسلم- بعض أدلة السنة الصحيحة الصريحة على ذلك؛ فمن ذلك ما جاء عن عائشة-رضي الله عنها- قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- محرمات، فإذا حاذَوا بنا سَدَلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه"1.
    ومن أدلة السنة الصحيحة الصريحة على فرضية ارتداء الحجاب على المرأة المسلمة ما جاء في حديث أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- قالت: "كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام"2.
    ومن ذلك أيضاً ما جاء عن عائشة -رضي الله عنها- أم المؤمنين قالت: "يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما نزلت: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شققن مروطهن، فاخـتمرن به3.
    ومن أدلة السنة أيضاً ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لما أمر بإخراج النساء إلى مصلّى العيد، قلن: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلّم-: (لتلبسها أختها من جلبابها)4، فهذا الحديث يدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة أن لا تخرج المرأة إلا بجلباب، وأنها عند عدمه لا يمكن أن تخرج، ولذلك ذكرن -رضي الله عنهن- هذا المانع لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حينما أمرهن بالخروج إلى مصلّى العيد، فبين النبي -صلى الله عليه وسلّم- لهن حل هذا الإشكال بأن تلبسها أختها من جلبابها، ولم يأذن لهن بالخروج بغير جلباب، مع أن الخروج إلى مصلّى العيد مشروع مأمور به للرجال والنساء، فإذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- لم يأذن لهن بالخروج بغير جلباب فيما هو مأمور به فكيف يرخص لهن في ترك الجلباب لخروج غير مأمور به ولا محتاج إليه؟! بل هو التجول في الأسواق، والاختلاط بالرجال، والتفرج الذي لا فائدة منه..
    عباد الله: هذه بعض من أدلة الكتاب والسنة على فرضية ارتداء المرأة المسلمة للحجاب، ووجوب التحجب والتستر عن الرجال الأجانب، وتحريم إبداء الزينة لغير المحارم، وقد أجمع علماء الأمة على وجوب ارتداء الحجاب، ودل على فرضيته ووجوبه الاعتبار الصحيح، والقياس المطرد الذي جاءت به الشريعة السمحة، وذلك أن الشريعة الإسلامية جاء لإقرار المصالح ووسائلها، والحث عليها، وإنكار المفاسد ووسائلها، والزجر عنها..
    فكل ما كانت مصلحته خالصة أو راجحة على مفسدته فهو مأمور به أمر إيجاب أو أمر استحباب، وكل ما كانت مفسدته خالصة أو راجحة على مصلحة فهو نهي تحريم أو نهي تنزيه.
    وإذا تأملنا -عباد الله- التبرج والسفور، وكشف المرأة وجهها للرجال الأجانب؛ وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة؛ ومن مفاسد ذلك:
    أولاً: الفتنة؛ فإن المرأة تفتن نفسها بفعل ما يجمل وجهها، ويظهره بالمظهر الفاتن، وهذا من أكبر دواعي الشر والفساد.
    ثانيا: زوال الحياء عن المرأة الذي هو من الإيمان ومن مقتضيات فطرتها، فقد كانت المرأة مضرب المثل في الحياء "أحيا من العذراء في خدرها"، وزوال الحياء عن المرأة نقص في إيمانها، وخروج عن الفطرة التي خلقت عليها.
    ثالثاً: افتتان الرجال بها لاسيما إذا كانت جميلة وحصل منها تملق وضحك ومداعبة في كثير من السافرات وقد قيل: "نظرة فسلام، فكلام، فموعد فلقاء"، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم؛ فكم من كلام وضحك وفرح أوجب تعلق قلب الرجل بالمرأة، وقلب المرأة بالرجل فحصل بذلك من الشر ما لا يمكن دفعه نسأل الله السلامة.
    رابعاً: اختلاط النساء بالرجال، فإن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والتجول سافرة لم يحصل منها حياء ولا خجل من مزاحمة، وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عريض؛ وقد خرج النبي -صلى الله عليه وسلّم-، ذات يوم من المسجد وقد اختلط النساء مع الرجال في الطريق فقال النبي -صلى الله عليه وسلّم-: (استأخرن فإنه ليس لكن أن تحتضن الطريق، عليكن بحافات الطريق)، فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق به من لصوقه5؛ كما ذكر ابن كثير عند تفسير لقوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَـتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـرِهِنَّ}.
    أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
    الخطبة الثانية:
    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله قيوم السموات الأرضين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد:
    أيها الناس: إن للحجاب حكماً عظيمة، وفضائلَ محمودة، وغاياتٍ ومصالح كبيرة؛ فمن ذلك: أنه يحفظ العرض، وهو طهارة للقلوب، وداعية إلى توفير مكارم الأخلاق، وعلامة على العفيفات، ووقاية من الأطماع الفاجرة، ورمي المحصنات بالفواحش، وهو سياج منيع لحفظ الحياء، ويمنع نفوذ التبرج إلى مجتمعات أهل الإسلام، ويحفظ الغيرة6..
    عباد الله: إن مما يجب أن يتنبه له الجميع رجالاً ونساءًا أننا عندما نتحدث عن الحجاب لسنا نقصد به تغطية الرأس فحسب، بل نقصد بالحجاب تغطية الرأس والوجه والكفين، بل نقصد بالحجاب ما هو أشمل من ذلك، وهو ما توفر فيه المواصفات والشروط المعتبرة شرعاً في الحجاب؛ ومن هذه المواصفات والشروط ما يلي:
    أولاً: أن يكون ساترا ًلجميع بدن المرأة.
    ثانيا: أن لا يكون الحجاب في نفسه زينة.
    ثالثاً: أن يكون صفيقاً غليظاً لا يشف، ولا يصف.
    رابعاً: أن يكون فضفاضاً واسعاً غير ضيق.
    خامساً: أن لا يكون معطراً ولا مبخراً ولا مطيباً.
    سادساً: أن لا يشبه ملابس الكافرات والفاجرات، ولا ملابس الرجال.
    ثامناً: أن لا يقصد به الشهرة بين الناس.
    فيا أيتها المرأة المسلمة: إذا كنت ممن رضي بالله ربا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً؛ وقد سمعت إلى الأدلة من الكتاب ومن السنة وإجماع علماء الأمة، ودل عليه القياس المطرد الصحيح في حكم الإسلام في ارتداء الحجاب؛ فقولي: سمعنا وأطعنا، وذلك أن حال المسلم الصادق في إيمانه أنه يتلقى أمر ربه -عز وجل- بالاستجابة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}سورة الأنفال (24)؛ ومن ثم يبادر إلى ترجمته ما سمعه وتلقاه إلى التطبيق والاستجابة؛ حباً وكرامة للإسلام، واعتزازا بشريعة الرحمن، وسمعاً وطاعة لسنة خير الأنام صلّى الله عليه وسلم غير مبال بما عليه تلك الكتل الضالة التائهة، الذاهلة عن حقيقة واقعها، والغافلة عن المصير الذي ينتظرها.
    بل على المسلمة أن تقول سمعت وأطعت؛ لأن الله يقول عن المؤمنين: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}سورة النــور(51)، ويقول تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} سورة الأحزاب(36)،وعن صفية بنت شيبة قالت: بينما نحن عند عائشة–رضي الله عنها- قالت: فذكرت نساء قريش وفضلهن، فقالت عائشة–رضي الله عنها-: "إن لنساء قريش لفضلاً، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقاً لكتاب الله، ولا إيماناً بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} سورة النور(31) فانقلب رجالهن إليهن يتلون ما أنزل الله إليهن فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابته، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل -أي الذي نقش فيه صور الرحال وهي المساكن- فاعتجرت به -أي سترت به رأسها ووجهها- تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله في كتابه، فأصبحن وراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان"7.
    والله نسأل أن يوفق نساء المسلمين للتمسك بكتاب الله وسنة رسوله. اللهم وفق نساء المسلمين لارتداء الحجاب، واحفظهن من أعين الذئاب، وتب عليهن يا تواب. اللهم تقبل منا الصلاة والصيام وصالح الأقوال والأعمال.
    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.



    1 رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح، رقم(2690). وفي جلباب المرأة المسلمة رقم(4).

    2 أخرجه ابن خزيمة في صحيحه، وصححه الألباني في جلباب المرأة المسلمة، صـ(107) رقم(5).

    3 رواه البخاري.

    4 رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

    5 أخرجه أبو داوود، وحسنه الألباني في السلسة الصحيحة، برقم(856).

    6 راجع: رسالة في الحجاب؛ للعلامة ابن عثيمين. وحراسة الفضيلة، لفضيلة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد.. والصارم المسلول على أهل التبرج والسفور لفضيلة الشيخ حمود التويجري..

    7 الأثر ذكره ابن كثير في تفسير القرآن العظيم (3/378)..






  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2013
    المشاركات
    5,607
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    13-04-2024
    على الساعة
    02:12 PM

    افتراضي

    الحكمة من مشروعية الحجاب
    السؤال
    عربيه مسلمه عاشت في أمريكا تبلغ من العمر15 عام تسأل عن الحكمة من مشروعية الحجاب؟ وما هو الأسلوب الأمثل في تعليمها أحكام الإسلام؟

    الجواب

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
    حمداً لله على اعتزازك بالإسلام وتفهمك لأحكامه واطمئنانك إلى شريعته.
    الحجاب نمط حياة للمرأة المسلمة في تعاملها مع الرجال الأجانب ، بل في تعاملها مع نفسها جسداً وروحاً .

    هذه الألبسة التي ترتديها المرأة المسلمة هي مظهر شرعي، تعبر عن الحقيقة العظيمة التي يجب أن تكون قائمة في حسها، في كيفية تعاملها مع جسدها ، حفظاً له وصيانة وحماية، وشعوراً بالكرامة ، ورفعة مما يجعلها تأنف من تبذله وامتهانه.
    - وفي إحساسها بكرامتها الإنسانية عند الله حيث صارت أهلاً للتشريف بالتكليف، فلا تنحطّ للمرتبة البهيمية ، حيث تقصر الحياة على المعاني المادية الشهوانية .
    فالحجاب إذاً برنامج شامل لحياة المرأة المسلمة ، يحكم سائر تصرفاتها ، وليس فقط غطاء تستر به بدنها ، وإن كان هذا الستر للبدن جزءاً من الحجاب .

    من مقاصد الشريعة الأساسية: حفظ الأعراض ؛ ومن ثم الحفاظ على المجتمع من التفسخ والتبذل ، ولعل ما يرى الآن في الغرب رأي العين من فواحش وجرائم شاهد على ذلك ، تدل عليه إحصائيات ثابتة .
    وفي الإسلام إجراءات وقائية للمحافظة على الأعراض ، وحماية المجتمع من الرذائل ومن هذه الإجراءات :-
    1- تحريم الزنا.
    2- منع الزواج بالزانيات والبغايا.
    3- تحريم الفحش من القول والتلفظ به.
    4- تحريم قذف المؤمن أو المؤمنة.
    5- تحريم إشاعة الفاحشة .
    6- حظر الرجل أن يغيب عن زوجته مدة طويلة .
    7- وهو من أعظم التدابير الوقائية : فرض الحجاب على النساء .
    8- تحريم التبرج وإظهار الزينة لجلب نظر الرجل .
    9- الأمر بغض البصر.
    10- تحريم مس المرأة الأجنبية .
    11- تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية .
    12- تحريم سفر المرأة بغير محرم .
    وما تقدم من تدابير وقائية حفاظاً على المرأة قبل أن يكون حفاظاً على المجتمع .

    فالحجاب معنى شامل يشمل الهيئة والخلق جميعاً ؛ فالحجاب ستر وطهارة وعفة وإيمان ، وحب الستر من أخلاق الأنبياء .
    وعقلاً : إن كل من يملك شيئاً غالياً كان أو رخيصا ؛ فإن من حقه ألا يستعمله إلا هو أو من له حق فيه وهذه حرية شخصية ، والمرأة تملك جمالها ، وهي مخلوقة متعبدة لأوامر الله عز وجل ،فلا يحق لأحد أن يستمتع بها ولو بالنظر إلا من أذن لها شرعاً بذلك كالزوج ؛ فالحجاب إنما هو تعبير عن حرية المرأة في نفسها ، وإعلان منها أنها ليست نهباً لكل أحد ، ومن هنا تكون شخصية المسلمة المحجبة التي تقدر نفسها ، لا التي تتبذل وتكون سلعة رخيصة لا قيمة لها. وفقك الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2013
    المشاركات
    5,607
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    13-04-2024
    على الساعة
    02:12 PM

    افتراضي

    السؤال
    لماذا على المرأة فقط بأن تغطي شعرها بينما الرجل لا يغطي شعره أو كتفيه مع العلم بأن المرأة ممكن أن تفتن بالرجل ويترتب عليها مشاكل هذا السؤال من إحدى الزميلات الأجنبيات في أمريكا بحيث تريد إجابة منطقية وليست دينية مع العلم بأن الله لم يسن شيء إلا ومن ورائه حكمة؟

    الإجابــة
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

    فشريعة الله عز وجل موافقة للعقول الصحيحة والفطر السليمة، فإنها شريعة اللطيف الخبير.
    وأحكامها كلها عدل وحكمة، ومن ذلك فرض الحجاب على النساء دون الرجال، فإن الحجاب فرض لمنع الوقوع في المحرم.
    ولو فرض الحجاب على الطرفين، لكان فيه مشقة وحرج، فرفعت هذا المشقة بفرض الحجاب على أحد الطرفين، فمن الذي يحتاج إلى حجاب.
    نظرنا إلى الرجل والمرأة، فوجدنا أحدهما طالباً والآخر مطلوباً، فأمرت الشريعة المطلوب وهو المرأة بالحجاب، فإن احتجبت ولم يرها الرجل زال الطلب بالكلية، لعدم إثارة الطالب، بخلاف ما لو فرض الحجاب على الرجل دون المرأة، فإن الرجل يراها وإن كان محجباً، ويراها سافرة، فيطلبها ولا يغني الحجاب شيئاً، فلا تتحقق الحكمة من الحجاب إلا بفرضه على المرأة.
    والله أعلم.




  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Apr 2013
    المشاركات
    5,607
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    13-04-2024
    على الساعة
    02:12 PM

    افتراضي


  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Apr 2013
    المشاركات
    5,607
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    13-04-2024
    على الساعة
    02:12 PM

    افتراضي


صفحة 1 من 3 1 2 ... الأخيرةالأخيرة

المسلمة والحجاب

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. المرأة المسلمة
    بواسطة مـــحـــمـــود المــــصــــري في المنتدى منتديات المسلمة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 07-09-2019, 07:14 PM
  2. شخصية المرأة المسلمة
    بواسطة أمـــة الله في المنتدى منتديات المسلمة
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 20-09-2013, 02:59 PM
  3. ما يهم المرأة المسلمة في رمضان
    بواسطة Mariem في المنتدى منتديات المسلمة
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 21-10-2011, 10:17 PM
  4. كيف تأكل المرأة المسلمة
    بواسطة أم فيصل العنزي في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 25-06-2009, 05:06 PM
  5. المرأة المسلمة
    بواسطة المهتدي بالله في المنتدى منتديات المسلمة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 21-09-2005, 01:20 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

المسلمة والحجاب

المسلمة والحجاب