بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين المطهرين الأطهار الأبرار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها العاقل
الناس يمدحونك لما يظنونه منك .
فكن أنت ذاما لنفسك لما تستيقنه منها .
فالعاقل لا يترك يقين ما عنده لظن ما عند الناس.

الناس يمدحونك لما يظنونه فيك فكن أنت ذاماً لنفسك لما تعلمه منها
يعني أن الناس إنما يمدحونك - أيها المريد - لما يظنونه فيك من الأوصاف الحميدة فكن أنت ذاماً لنفسك لما تعلمه منها من العيوب والقبائح العديدة ولا تغتر على كل حال من الأحوال بمدح المادح فإنه السم القتال لأن من فرح بمدح نفسه أوقعها في الغرور وساق إليها ما لا يطاق من أنواع الشرور . بل قل إذا مدحك المادحون : اللهم اجعلنا خيراً مما يظنون ولا تؤاخذنا بما يقولون واغفر لنا ما لا يعلمون .
المؤمن إذا مدح استحيا من الله أن يثنى عليه بوصف لا يشهده من نفسه
أي : المؤمن الحقيقي إذا مدحه الناس بوصف ليس فيه عد ذلك من إحسان الله عليه واستحيا منه تعالى أن يثني الناس عليه بوصف محمود لا يشهده من نفسه فيرجع على نفسه بالمقت والاستحقار ويكثر الشكر لربه الذي أظهر له محاسن عند الناس لم يكن له عليها اشتهار فينال بذلك الشكر المزيد مع سلامته من السكون إلى ثناء العبيد .
أجهل الناس من ترك يقين ما عنده لظن ما عند الناس
يعني : أن من ترك يقين ما عنده من عيوب نفسه لظن ما عند الناس أي للظن الذي عند الناس من صلاح حاله فهو أكثر الناس جهلاً لأنه قدم الظن على اليقين وقدم ما عند غيره على ما يعلمه من نفسه وهذا من الضلال المبين . وقد حكي أن بعض الحكماء مدحه بعض العوام فبكى فقال تلميذه : أتبكي وقد مدحك فقال له : إنه لم يمدحني حتى وافق بعض خلقي خلقه فلذلك بكيت . فانظر بعين بصيرتك فقد نبهك الحكيم العليم .
إذا أطلق الثناء عليك ولست بأهل فأثن عليه بما هو أهله
أي إذا أطلق مولاك ألسنة الناس بالثناء عليك ولست بأهل للثناء لعلمك عيوب نفسك وتقصيرها كما هو شأن المؤمن فأثن عليه سبحانه بما هو أهله شكراً لنعمة إطلاق الألسن بالثناء عليك حيث ستر القبيح وأظهر المليح . ولا تغتر بمدح المادحين فتهلك مع الهالكين