العبادات كلها شُرعت للأحياء وليس للأموات، وعندما يموت الانسان ينتهي تكليفه وترفع المسؤولية عنه، ولا يبقى في حقه تنفيذ أي عبادة، ولا يُكلف أحد بتنفيذ العبادات عنه لأنها أصلا لا تجب عليه. ولا يحاسب الإنسان إلا بعمله خيرا كان أو شرا. قال الله تعالى {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى. ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} (النجم، 39_41)
ومن أراد الخير لنفسه فعليه أن يبادر له {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} (الإسراء، 19)
وعندما يقف العبد بين يدي ربه لا يتذكر إلا سعيه وعمله {فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى. يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى} (النازعات، 35)
يُفهم من الآيات السابقة أن العبادات متعلقة بالشخص نفسه؛ لا ينوب فيها أحد عن أحد، حيث يستطيع الإنسان أن يفعل الخير حتى نفسه الأخير من هذه الدنيا. وفي هذا يقول سبحانه موجها {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (الحجر، 99)
وعندما يموت الإنسان تطوى صحيفة أعماله، ويستثنى من ذلك ثلاثة أعمال يدوم أجرها بعد موته كما ورد في قوله عليه الصلاة والسلام “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من إحدى ثلاث؛ صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”[1]
ولا شك أن ما يدوم أجره للمسلم بعد موته هو نتاج فعله الذي بقي أثره بعده.
وقد بيّن الحديث الشريف أن ما يصل ثوابه للميت وخاصة من أولاده هو الدعاء، والحديث حكمة استخرجها النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم، كما ورد في قوله تعالى:
{رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} (إبراهيم، 41)
{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (الحشر،10)
ونظرا للنصوص الواضحة في هذا الموضوع فإنه يمكننا القول إن الذبح للميت لا يُفيده ولا يصله ثوابه، والمسلم يلتزم توجيهات القرآن الكريم وأقوال النبي صلى الله عليه وسلم التي وجهت المسلم نحو الدعاء للميت ولا سيما إن كان الداعي من ذرية الميت.

[1] صحيح مسلم، الوصية، 4