رسالة الى فيلبى موجهة الى بنى اسرائيل فى الشتات

[الاسلام دينى 555]

الفصل الثاني عشر -4 :- رسالة الى فيلبى موجهة الى بنى اسرائيل فى الشتات

المقدمة :-
هذه الرسالة هي احدى الرسائل التي يطلقون عليها رسائل الأسر ويعتقدوا أن بولس كتبها فى فترة سجنه الأول فى روما عام 62 م
وان كنت أختلف معهم حيث أنها منسوبة اليه لتحكى عن فترة سجنه فى أورشليم قبل ترحيله الى روما
أما مدينة فيلبى فاسمها القديم كرينيدس وهى مدينة فى مقاطعة مكدونية تقع شمال بلاد اليونان ، وكان بها يهود فى القرون الميلادية الأولى حيث نقرأ عنهم فى تلك المدينة فى سفر أعمال الرسل وكانوا يصلون عند نهر (أعمال 16 :12 الى 16 :14 )

ويحاول علماء المسيحية الزعم بأن تلك الرسالة كانت موجهة الى وثنيين فى تلك المدينة قد أمنوا
ولكن من قراءة سفر أعمال الرسل وكذلك قراءة تلك الرسالة جيدا نجد أن من آمن فى تلك المدينة كانوا من اليهود وليس الوثنيين
فهذه الرسالة موجهة الى اليهود بالشتات الذى تشتتوا فكريا وعقائديا و كان أغلبهم متشبهين باليونانيين فكان منهم من عبد الأوثان ومزج المعتقدات الوثنية بالمعتقدات اليهودية وكان منهم من زعم تمسكه بالشريعة ولكنه أخذ منه أجزاء وترك أجزاء

للمزيد عن حال بنى اسرائيل فى ذلك الزمان راجع هذا الرابط :-

ما هي اليهودية الهلينستية

و يحتوى هذا الموضوع على :-

المبحث الأول (1-10-4) :- ما هو الزمان المنسوب اليه كتابة رسالة الى فيلبى

المبحث الثاني (2-10-4) :- كاتب الرسالة يعطى لمن يوجه اليهم الرسالة تشبيه مجازي بما كان يفعله كهنة اليهود

المبحث الثالث (3-10-4) :- من يدرك مكانة سبط بنيامين ونوع مذاهب اليهود هم بنى اسرائيل وليس الأمم

المبحث الرابع (4-10-4) :- سفر أعمال الرسل يخبرنا أن الكرازة فى فيلبى كانت بين اليهود وليس الوثنيين

[الاسلام دينى 555]

المبحث الأول (1-10-4) :- ما هو الزمان المنسوب اليه كتابة رسالة الى فيلبى

يعتقد علماء المسيحية أن كاتبها هو بولس وأنه كتبها أثناء فترة سجنه فى روما عام 62 أو 63 م

ولكن ان كان بالفعل كاتبها هو بولس وليس أحد أخر قلده واختار حدث من الأحداث التي مرت ببولس ليضعها فى تلك الرسالة ويعطيها مزيد من القانونية

فانها تعبر عن حدث وموقع لم يكن فى روما ولكن فى فترة سجنه فى قيصرية بفلسطين
فكاتب الرسالة يشير الى قيود بولس ومكان أسماه (دار الولاية )

فنقرأ من رسالة فيلبى :-
1 :13 حتى ان وثقي صارت ظاهرة في المسيح في كل (( دار الولاية )) و في باقي الاماكن اجمع

الكلمة اليونانية المستخدمة والتي تم ترجمتها (دار الولاية) هي :- πραιτωρίῳ

http://biblehub.com/text/philippians/1-13.htm

وهذه الكلمة طبقا لقاموس سترونج هي :-

the palace at Jerusalem occupied by the Roman governor, or the quarters of the praetorian guard in Rome.

أي أنه اما قصر الحاكم الروماني فى مدينة القدس (أورشليم) أو مقر الحرس الامبراطوري فى روما

http://biblehub.com/greek/4232.htm

ولكن اذا دققنا فى الأناجيل وفى سفر أعمال الرسل فان هذه الكلمة كانت تأتى دائما لتعبر عن مقر نائب الحاكم الروماني فى أورشليم (مت 27 :27 ) ، ( مرقس 15 :16 ) ، ( يوحنا 18 :28 ، 18 :33 ، 19 :9 )

أما فى سفر أعمال الرسل نجد أن علاقة بولس بهذه الكلمة كان فى قيصرية بفلسطين وليس فى روما
أي أن هذه الرسالة تعبر عن فترة سجن بولس فى فلسطين وليس فى روما
فلم يكن بولس يكرز بين رومانيين ولكن بين يهود

وهذه هي الأدلة :-

[الاسلام دينى 555]

1- بولس كان فى دار الولاية الخاص بهيرودس فى قيصرية فلسطين حيث كان مقيد

فنقرأ من سفر أعمال الرسل :-

23 :33 وَأُولئِكَ لَمَّا دَخَلُوا(( قَيْصَرِيَّةَ )) وَدَفَعُوا الرِّسَالَةَ إِلَى الْوَالِي، أَحْضَرُوا بُولُسَ أَيْضًا إِلَيْهِ.

23 :34 فَلَمَّا قَرَأَ الْوَالِي الرِّسَالَةَ، وَسَأَلَ مِنْ أَيَّةِ وِلاَيَةٍ هُوَ، وَوَجَدَ أَنَّهُ مِنْ كِيلِيكِيَّةَ،

23 :35 قَالَ: «سَأَسْمَعُكَ مَتَى حَضَرَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكَ أَيْضًا». وَأَمَرَ أَنْ (( يُحْرَسَ فِي قَصْرِ هِيرُودُسَ.))
أي أن بولس ظل فى قصر هيرودس بقيصرية فترة

واذا عدنا الى النص اليوناني سنجد أن الكلمة اليونانية التي تم ترجمتها بالعربية (قصر ) فى العدد 35 هي نفسها (دار الولاية) (πραιτωρίῳ )
وهى نفسها الكلمة التي تم استخدامها فى رسالة فيلبى

فنقرأ :-

Διακούσομαί σου, ἔφη, ὅταν καὶ οἱ κατήγοροί σου παραγένωνται· κελεύσας ἐν τῷ πραιτωρίῳ τοῦ Ἡρῴδου φυλάσσεσθαι αὐτόν.

http://biblehub.com/text/acts/23-35.htm

أما كلمة قيصرية فيتم كتابتها باليونانية :- Καισαρείας

أي أن بولس كان محبوس فى (دار الولاية ) بقيصرية بفلسطين ، وهو نفس مكان محبسه الذى أشار اليه فى الرسالة

[الاسلام دينى 555]

2- بولس فى روما لم يقيم فى دار الولاية

أ- بعض الطبعات لم تذكر أنه تم تسليم بولس فى روما الى قائد المعسكر :-

لا نجد أن كلمة (πραιτωρίῳ ) أي دار الولاية تتكرر فى سفر أعمال الرسل فى فترة وجود بولس فى روما فى جميع الطبعات

فهناك طبعات Westcott and Hort 1881 ، Westcott and Hort / [NA27 variants] Tischendorf 8th Edition
لا يوجد بها أنه تم تسليم بولس الى رئيس المعسكر ولكن تم تسليم الأسرى ولم يتحدد المكان

http://biblehub.com/text/acts/28-16.htm

ب- بولس يستدعى وجوه اليهود بروما للحضور الى دار الضيافة وليس فى مقر الحرس الامبراطوري ولا فى بيت القيصر :-

ثم نجد بعد ذلك أن بولس قام باستدعاء وجوه اليهود فى روما وأنهم جاءوا اليه فى دار الضيافة وهو ما يعادل مسكن ، ولم يذكر كاتب السفر أنهم زاروه فى مقر الحرس الامبراطوري ولا فى بيت القيصر

فنقرأ من سفر أعمال الرسل :-

28 :17 (( و بعد ثلاثة ايام استدعى بولس الذين كانوا وجوه اليهود)) فلما اجتمعوا قال لهم ايها الرجال الاخوة مع اني لم افعل شيئا ضد الشعب او عوائد الاباء اسلمت مقيدا من اورشليم الى ايدي الرومانيين

ثم نقرأ :-

28 :22 و لكننا نستحسن ان نسمع منك ماذا ترى لانه معلوم عندنا من جهة هذا المذهب انه يقاوم في كل مكان

28 :23 فعينوا له يوما (( فجاء اليه كثيرون الى المنزل )) فطفق يشرح لهم شاهدا بملكوت الله و مقنعا اياهم من ناموس موسى و الانبياء بامر يسوع من الصباح الى المساء

والكلمة اليونانية التي تم ترجمتها منزل هي :- ξενίαν

http://biblehub.com/text/acts/28-23.htm

وطبقا لقاموس سترونج هي بمعنى :- lodging, hospitality
أي دار الضيافة ، السكن

مما يؤكد أن بولس لم يقيم فى مقر الحرس الامبراطوري بروما ولكنه كان فى منزل أخر
وهو وصف يخالف ما جاء برسالة فيلبى عن دار الولاية

ج- بولس كان يكرز فى روما من بيت استأجره وأقام فيه وليس من دار الولاية ولا من بيت قيصر :-

و نرى كاتب السفر يشير الى أن بولس أقام فى روما فى بيت أستأجره وكان يقابل الناس فيه

فنقرأ من سفر أعمال الرسل :-
28 :30 و اقام بولس سنتين كاملتين (( في بيت استاجره لنفسه )) و كان يقبل جميع الذين يدخلون اليه

وهذا يتعارض مع مسمى (دار الولاية) المشار اليه فى رسالة فيلبى العدد (1 :13)

مما يؤكد أن الزمان المنسوب لتلك الرسالة هو أثناء وجود بولس فى فلسطين ، والقيود التي يتحدث عنها هو قيوده فى فلسطين حيث كان فى ((دار الولاية )) الخاص بهيرودس بقيصرية
وهذا يعنى أن التاريخ المنسوب اليه كتابة تلك الرسالة هو فى فترة وجوده فى دار الولاية بفلسطين عندما كان يواجه اليهود ويجادلهم

[الاسلام دينى 555]

3- تحريف كلمة قيصرية وجعلها بيت قيصر ، واضافة جملة تفيد ( أن الرسالة تم كتابتها فى رومية ) غير موجودة فى أغلب الطبعات

أما المذكور فى نهاية رسالة فيلبى
حيث نقرأ :-
4 :22 يسلم عليكم جميع القديسين و لا سيما الذين من بيت قيصر

فالكلمة اليونانية المستخدمة لبيت قيصر هي :- Καίσαρος οἰκίας

واذا عدنا للكلمة اليونانية لمدينة قيصرية هي :- Καισαρείας

الكلمتان متقاربتان ويمكن للنساخ تغير بعض الحروف فتتحول الكلمة من (قيصرية) أي المدينة بفلسطين الى بيت قيصر ، وخاصة أن أغلب المخطوطات القديمة تالفة وبها ثغرات كبيرة

ولو كان بالفعل كاتب الرسالة يشير الى بيت قيصر فلقد كان من المنطقي أن يستخدم كلمة (دار الولاية) و التي سبق وأن استخدمها فى الاصحاح الأول (فيلبى 1 :13)

حيث يصبح كلامه هو:-
(يسلم عليكم جميع القديسين و لا سيما الذين من دار الولاية )
ولكن لماذا يغير الكلمة ويجعلها بعد ذلك بيت قيصر بعد أن كانت دار الولاية ؟؟؟؟؟؟!!!!!!
لأنه كان يقصد دار الولاية فى مدينة قيصرية وليس بيت قيصر فى روما

وكذلك فان هذا النص الذى يزعم أنه تم كتابة الرسالة من رومية
فنقرأ :-
4 :23 نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم امين كتبت الى اهل فيلبي من رومية على يد ابفرودتس

ولكن طبقا لست طبعات وهم :-

Nestle GNT 1904 ، Westcott and Hort 1881 ، Tischendorf 8th Edition

Westcott and Hort / [NA27 variants] ، RP Byzantine Majority Text 2005

Greek Orthodox Church 1904

فانه لا وجود لجملة (كتبت الى اهل فيلبي من رومية على يد ابفرودتس )

http://biblehub.com/text/philippians/4-23.htm

[الاسلام دينى 555]

4- أثناء وجود بولس مع حارسه فى روما كان يكرز لليهود ولم يشير سفر أعمال الرسل أنه كرز أو بشر للحارس الروماني أو لأحد فى بيت القيصر

كما أنه فى فترة وجود بولس مع الحارس فى روما
فانه قام باستدعاء وجوه اليهود ليناقشهم ويعرض عليهم تعاليمه (أعمال 28 :16 الى 28 :23 )
ولم نرى أن بولس كان يكرز للجنود الرومان ولا لحارسه فى روما ، ولا يوجد أي اشارة فى السفر لهذا
فاهتمام بولس كان منصبا على اليهود

5- الزعم بأن بولس كرز بين الحراس الرومان من دار الولاية بروما يتعارض مع التاريخ

ان الادعاء بأن بولس كان يكرز فى بيت القيصر أو حتى فى مقر حرس الامبراطور يتعارض مع ما ذكره سفر أعمال الرسل والذى ذكرته أعلاه

كما يتعارض مع اعتقاد المؤرخ الروماني "سيوتونيوس" (Suetonius) والذى عاش فى الفترة من عام 69 م حتى عام 122 م
فهذا المؤرخ لم يشير أبدا فى كتاباته الى دخول الرومان فى دين بنى اسرائيل أو أن هناك أحد فى بيت قيصر دخل المسيحية
فحدث مثل هذا كان يستدعى من مؤرخ يعاصره أن يسجله ويشير اليه وخاصة فى وجود العديد من كتابات المسيحيين والتي كانت تذكر الصراع بين اليهود والمسيحيين
وهذا يعنى أن هذا الصراع كان فى القرون الثلاثة الميلادية الأولى داخل بنى اسرائيل ولم يخرج عنهم وخاصة عندما قام بتأريخ قرار الامبراطور كلوديوس قيصر بطرد اليهود من روما فى عام 49 م وكان هذا يشمل المسيحيين حيث كانوا طائفة من بنى اسرائيل فقد ذكر أن اليهود تشاجروا بسبب شخص اسمه خريستوس (المسيح )

أي أن اعتقاد هذا المؤرخ أن الصراعات بين اليهود وأتباع المسيح عليه الصلاة والسلام هو شأن يهودي وليس بين اليهود والأمميين أتباع المسيح عليه الصلاة والسلام

فهذا كان اعتقاد شخص عاش حتى عام 122 ميلادي