رد شبهة : الحمار يعفور أول من أسلم وآمن بالنبيِّ محمد ؟!

سأل مُنصّرٌ مسلمًا قائلًا:
هل تعرف أول من أسلم وآمن بنبي الإسلام ؟

فقال المسلمُ : نعم ؛ إن أول من أسلمَ من الرجالِ أبو بكر، ومن الصبيان عليٌّ ، ومن النساءِ خديجةٌ ....

فقال المُنصّرُ بسخرية : إجابة خاطئة ، إنّ أول من أسلم هو الحمارُ يعفور يا مسلم....
وإليك أدلتي كما يلي :

عن أبي منظور قال : لما فتح الله على نبيِّه r خيبراً أصاب من سهمه أربعة أزواج من البغال وأربعة أزواج خفاف ، وعشر أواق ذهب وفضة ، وحمار أسود ومكتل قال : فكلم النبي r الحمار ، فكلمه الحمار ، فقال له : ما اسمك ؟ قال : يزيد بن شهاب ، أخرج الله من نسل جدي ستين حماراً كلهم لم يركبهم إلا نبي ، لم يبق من نسل جدي غيري ، ولا من الأنبياء غيرك ، وكنت أتوقع أن تركبني ، قد كنت قبلك لرجل يهودي ، وكنت أعثر به عمداَ ، وكان يجيع بطني ويضرب ظهري ، فقال النبيُّ r : سميتك يعفور ، يا يعفور ! قال : لبيك ، قال: تشتهي الإناث قال : لا.
فكان النبيُّ r يركبه لحاجته فإذا نزل عنه بعث به إلى باب الرجل ، فيأتي الباب فيقرعه برأسه، فإذا خرج إليه صاحب الدار أومأ إليه أن أجب رسول الله r فلما قبض النبي r جاء إلى بئر كان لأبي التيهان فتردى فيها فصارت قبره جزعاً منه على الرسول r .
راجع : البداية والنهاية لابن كثير( 6ج/ ص 150 ) ، وأسد الغابة ( ج 4 / ص 707 ) ، والسيرة الحلبية ) غزوة خيبر).


هل حقًا الحمار يعفور هو أول من أسلم وآمن بالنبي محمد؟!

الرد على الشبهة


أولًا : إن هذه القصةَ موضوعةٌ مكذوبة على النبي محمد، ويرفضها المسلمون ... حكم عليها بالوضع والضعف المحققون... أكتفي بما يلي :

1- الشيخ الألباني في السلسة الضعيفة والموضوعة برقم 5405 قال: ( موضوع ).
2- جاء في كتابِ كشف اللئيم حول الإسلام العظيم تخريجًا للقصة وبيانا لضعفها ورفضها... :
1- أورد الإمام ابن كثير في تاريخه ( 6 / 150) هذه القصة وأشار إلى أنها ضعيفة وقد أنكرها غيرُ واحدٍ من الحفاظِ الكبارِ.
2- نص ابنُ الأثير في أسد الغابة (ج 4 ص 707 ) إلى أن القصة ضعيفة وليست بصحيحة، ففي نقله عن أبي موسى عقب ذكر القصة: " هذا حديث منكر جداً إسناداً ومتناً لا أحل لأحد أن يرويه عني إلا مع كلامي عليه ".
3- أورد الحافظ الكبير ابن حجر العسقلاني في كتاب لسان الميزان ، باب من اسمه محمد بن مزيد هذه القصة كمثال إلى الكذب الذي يرويه محمد بن مزيد ، وأورد كلام الحافظ ابن حبان: " محمد بن مزيد أبو جعفر: عن أبي حذيفة النهدي ذكر ابن حبان أنه روى عن أبي حذيفة هذا الخبر الباطل ".
ثم ذكر ابنُ حجر القصةَ كاملة فقال : قال ابنُ حبان : "هذا خبر لا أصل له وإسناده ليس بشيء. وقال ابنُ الجوزي : لعن اللهُ واضعه ".
4- كلام الإمام السيوطي في اللآلئ المصنوعة الجزء الأول ، (كتاب المناقب) واسم الكتاب كاملاً :( اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة) ، وهو خصيصا لتبيان الأحاديث الموضوعة أي: الكاذبة. بعد أن ساق الإمام السيوطي الحديث قال : موضوع أي: ( الحديث ).
ثم ذكر كلام الإمام الحافظ ابن حبان: قال ابنُ حبانَ : لا أصل له وإسناده ليس بشيء ولا يجوز الاحتجاج بمحمد بن مزيد. فكما رأينا جميعاً لم يكونوا أبدًا أمناء في النقل ، ولقد بتروا الكلام من السياق وأخفوا عليكم أقوال العلماء قبل وبعد أن يذكروه وذلك لغاية في أنفسهم . اهـ بتصرف يسير.

قلتُ: الواضح من خلالِ ما تقدم أنّ القصةَ ليست صحيحةً ؛ بل موضوعة مكذوبة ...
وعليه فجواب المسلم كان صحيحًا لما قال: إنّ أول من أسلم من الرجال أبو بكر، ومن الصبيان علي ، ومن النساء خديجة....ولا نعترف بقصةِ الحمار يعفور التي أتى بها المُنصّر لما سبق بيانه ....

" فلولا الإسناد لقال منْ شاء ما شاء". ( ابنُ المبارك ).


ثانيًا : إن الأمر المثير للدهشة حقًا هو أن المُنصّر يسخر منْ قصة لا علاقة لها بالإسلام ولا بالنبي محمد... ولا يسخر مما جاء في كتابه المقدس الذي ذكر أن حمارًا تكلم بصوت إنسان ليرد حماقة النبيِّ بلعام...!
جاء ذلك في موضعين:
الأول: سفر العدد أصحاح22عدد27فَلَمَّا أَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاَكَ الرَّبِّ، رَبَضَتْ تَحْتَ بَلْعَامَ. فَحَمِيَ غَضَبُ بَلْعَامَ وَضَرَبَ الأَتَانَ بِالْقَضِيبِ. 28فَفَتَحَ الرَّبُّ فَمَ الأَتَانِ، فَقَالَتْ لِبَلْعَامَ: «مَاذَا صَنَعْتُ بِكَ حَتَّى ضَرَبْتَنِي الآنَ ثَلاَثَ دَفَعَاتٍ؟». 29فَقَالَ بَلْعَامُ لِلأَتَانِ: «لأَنَّكِ ازْدَرَيْتِ بِي. لَوْ كَانَ فِي يَدِي سَيْفٌ لَكُنْتُ الآنَ قَدْ قَتَلْتُكِ». 30فَقَالَتِ الأَتَانُ لِبَلْعَامَ: «أَلَسْتُ أَنَا أَتَانَكَ الَّتِي رَكِبْتَ عَلَيْهَا مُنْذُ وُجُودِكَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ؟ هَلْ تَعَوَّدْتُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ هكَذَا؟» فَقَالَ: «لاَ».
· الأَتَانُ: أنثى الحمار

الثاني: رسالةِ بطرس الثانية أصحاح 2 عدد 15قَدْ تَرَكُوا الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ، فَضَلُّوا، تَابِعِينَ طَرِيقَ بَلْعَامَ بْنِ بَصُورَ الَّذِي أَحَبَّ أُجْرَةَ الإِثْمِ. 16وَلكِنَّهُ حَصَلَ عَلَى تَوْبِيخِ تَعَدِّيهِ، إِذْ مَنَعَ حَمَاقَةَ النَّبِيِّ حِمَارٌ أَعْجَمُ نَاطِقًا بِصَوْتِ إِنْسَانٍ.

و يبقى السؤال الذي يطرح نفسه: هل الحمارُ أذكى وأعلم من النَّبِيِّ كما ذكرت النصوص المقدسة ؟!
وهل بعضُ أنبياءِ اللهِ في الكتابِ المقدس حمقى لدرجة أن الحمارَ يردُ حماقةَ أحدِهم ؟!
هذه هي الإشكالية التي بحاجة إلى مذكرة تفصيلية ......!!

كتبه / أكرم حسن مرسي