الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد وعلى آله وصحبه ومن أهتدى بهديه الى يوم الدين .
أما بعد .............

البشارة الخامسة :-
سفر التثنية 18 :20 , أُقيم لهم نبياً من وسط أخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ماأُوصيه به . ويكون أن الأنسان الذي لايسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه .

في هذه البشارة يخاطب الله بها نبيه موسى عليه السلام ويقول له أنه يقيم لهم نبياً من وسط أخوتهم والمقصود بذلك من أخوة إسحق أي من بني إسماعيل ولو كان يقصد بذلك بني إسرائيل لقال منكم أومن انفسكم كما قال تعالىتعالى بحق محمد:salla-s:[ هو الذي بعث في الأُمين رسولاً منهم]سورة الجمعة اية 2 .
ويقول ابن القيم في كتابه إغاثة اللهفان بعد ماذكر هذه البشارة مانصه ( فحرفوا تأويله , إذ لم يمكنهم أن يبدلوا تنزيله, وقالوا هذه البشارة ببني إسرائيل , وهذا باطل من وجوه :
-أحدهما : أنه :لو أراد ذلك لقال [من أنفسهم ] كما قال في حق محمد:salla-s: [ لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم ] آل عمران : 164 و [ لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم ]التوبة : 128 , ولم يقل [من إخوتكم ] .

- الثاني : أن المعهود في التوراة : أن إخوتهم غيرُ بني إسرائيل .ففي [ سفر التثنية الأصحاح 2 : 8 . أنتم عابرون في تُخُم إخوتكم بني العيص , المقيمين في سيعير , إياكم أن تطمعوا في شيء من أرضهم .
فإذا كانو بني العيص إخوة ً لبني إسرائيل , لأن العيص وإسرائيل ولدا إسحق - والروم هم بني العيص , واليهود هم بني إسرائيل , وهم إخوتهم : فكذلك بنو إسماعيل إخوةٌ لجميع ولد إبراهيم .

-الثالث : أن هذه البشارة لو كانت بشوميل أو غيره من بني إسرائيل , لم يصح أن يقال : بنو إسرائيل إخوة بنو إسرائيل , وإنما المفهوم من هذا أن بني إسماعيل أو بني العيص : هم أخوة بني إسرائيل .

- الرابع : أنه قال [ أُقيم لهم نبياً مثلك ] وفي موضع آخر [ أُنزل عليه توراة مثل توراة موسى ] .
ومعلوم أن شمويل وغيره من أنبياء بني إسرائيل , لم يكن فيهم مثل موسى , لاسيما وفي التوراة [ لايقوم في بني إسرائيل مثلُ موسى ] وأيضاً , فليس في بني إسرائيل من أُنزل عليه توراةٌ مثل توراة موسى إ لا محمدٌ والمسيحُ - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - والمسيح كان من أنفُس بني إسرائيل , لامن أخوتهم , بخلاف محمد:salla-s: , فأنه من إخوتهم بني إسماعيل .
وأيضاً , فإن في بعض ألفاظ هذا النص [ كلكم له تسمعون ] وشمويل لم يأت بزيادة ولا بنسخ , لأنه إنما أُرسل ليقوي أيديهم على أهل فلسطين , وليردهم الى شرع التوراة , فلم يأت بشريعة جديدة, ولاكتاب جديد , وإنما حكمه حكم سائر أنبياء بني إسرائيل , فإنهم كانوا يسوسهم الأنبياء , كلما هلك نبي , قام فيهم نبي .
فإن كانت هذه البشارة . فهي بشارة بسائر الأنبياء الذين بعثوا فيهم . ويكونون كلهم مثل موسى عليه السلام . وكلهم قد أُنزل عليهم كتاب مثل كتاب موسى ] انتهى كلامه رحمه الله تعالى .
فهذه البشارة الجلية التي لاتخفى على اهل البصيرة والباحثون عن الحق فأن بني أسحق أخوتهم بني إسماعيل ونبوة محمد هي الثمرة التي بينتها أنفا فهل منكم من مجيب فانكم لتعرفون محمد كما تعرفون ابنائكم هذا ماقاله سبحانه وتعالى [الذين ءاتيناهم الكتاب يعرفونهُ كما يعرفون أبناءهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون] البقرة 146 .

ويقول الأستاذ أبراهيم خليل أحمد في المنا ظرة بين الأسلام والنصرانية [ طبعة الرئاسة العامة لدارات البحوث العلمية والأفتاء . الرياض سنة 1407 هجرية] .
أن هذا النص الذي جاء على لسان موسى عليه السلام لنا عليه وقفات بسيطة , فحينما يقول [ أقيم لهم نبياً من وسط أخوتهم ] فإن الضمير الغائب المتصل , يشكل حقيقة من الحقائق , لو شاء الرب أن يجعل هذا النبي المنتظر أن يكون من بني إسرائيل لقال [ أقيم لهم نبياً من وسط أخوتكم ] فيكون الضمير للمخاطب , أما أن يكون الضمير للغائب فمعنى هذا أن النبوة أرتفعت بسلسلة النسب إلى إبراهيم عليه السلام .

ثم قال . ثم تأتي عبارة [مثلك ] إنها تعني النبي المنتظر سيكون مثل موسى عليه السلام . فلو وضعنا الأنبياء الثلاثة في مقارنة : وهم موسى وعيسى ومحمد - نرى أن موسى عليه السلام اوحيه إليه بشريعة , وسيدنا عيسى عليه السلام ماجاء بشريعة جديدة بل كما قال وكما قلت في تعليقات سابقة إنه قال [ لاتظنوا إني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء . ماجئت لأنقض بل لأكمل ] اما محمد:salla-s: فقد انزل الله عليه القرآن الكريم وهو الرسالة الخاتمة والرسالة المهيمنة على كل الرسالات السابقة وبه التشريع الأسلامي الكامل التام .
ثم يقول : [ وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ماأوصيه به ] وهنا دليل قاطع ضد المستشرقين الذين يفترون على رسول الله أن القرآن من وضعه , فالله يقول في هذه النبوءة [ وأجعل كلامي في فمه ] لأن الرسول [ ماينطق عن الهوى ] سورة النجم :3
بل كان يتكلم بما يوحي به الله سبحانه وتعالى إليه . وأكثر من هذا ماجاء في نفس [ سفر التثنية 18 :19 , ويكون أن الأنسان الذي لايسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه ] فالويل لمن يكفر بالرسول عليه الصلاة والسلام , والويل لكل أمة تناوئ هذا النبي الخاتم . أنتهى كلامه .
أرجوا من كل نصراني أن يتمعن بهذه البشارة جيداً وأن لايقودهُ التعصب الأعمى الى أنكار الحق وهو أمام عينيه وبين يديه وأن يتفوه بلسانه بكلمة الحق التي تنجيه من عذابٍ عظيم لاإله إلا الله وان محمد عبد الله ورسوله . .... وللموضوع بقية أن شاء الله