الإسرائيليات في كتب التفسير

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

الإسرائيليات في كتب التفسير

صفحة 1 من 3 1 2 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 23

الموضوع: الإسرائيليات في كتب التفسير

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي الإسرائيليات في كتب التفسير

    الإسرائيليات في كتب التفسير

    بسم الله الرحمن الرحيم
    {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ، لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}فصلت:41-42
    وقد صادف هذا البحث المفيد هوىً في نفسي ؛
    لأني أعلم شدة حاجة المسلمين إلى مثل هذا البحث المبسط الذي يذب عن كتاب الله تعالى ما علق بتفسيره من الأباطيل والخرافات والأكاذيب التي كادت تطغى على التفسير الصحيح لكتاب الله تعالى وتخفى الكثير من جلاله ، وجماله ، وهدايته التي هي أقوم الهدايات : {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}(الإسراء :9) ، وعقائده التي هي أسمى العقائد وأحقها بالقبول ، وأليقها بالفطر البشرية ، وأقربها إلى العقول ، وأمسها القلوب ، وتظهر الإسلام أمام الباحثين ، ولا سيما في العصر الأخير : عصر تقدم العلوم الكونية ، والمعارف البشرية ، بمظهر الدين الذي يشتمل على الخرافات والترهات ؛ لأن كتابه الأكبر هو : القرآن الكريم ، وهذه هي : تفاسيره ، فيها كثير مما يخالف حقائق العلم ، وسنن الله الكونية!! ومؤلفوها هم من علماء الإسلام ، بل ومن كبارهم ، فهي صورة للإسلام ، ولتفكير المسلمين ، وذلك مثل : ما روي في بدء الخليقة ، وأسرار الوجود ، وتعليل بعض الظواهر الكونية ، مثل : الرعد ، والبرق ، والخسوف ، والكسوف ، وبرودة مياه الآبار في الصيف ، وحرارتها في الشتاء ،
    وقد حمل كبر هذا الإثم [القساوسة] والمستشرقون ، فقد وجدوا في هذه الإسرائيليات والمختلقات ما يشبع هواهم ، ويرضي تعصبهم الممقوت ، ويشفي نفوسهم المريضة الحاقدة على الإسلام ونبيه ، والقرآن ؛ هذا الحقد والضغن الذي يعتبر امتدادا للحروب الصليبية التي شنوها على الإسلام والمسلمين ، والتي لا تزال إلى عصرنا هذا تتخذ أشكالا شتَّى ، ومظاهر متعددة.
    والعجب من هؤلاء المبشرين ، والمستشرقين : أنهم في سبيل إرضاء صليبيتهم الموروثة ، والتي رضعوها في لبان أمهاتهم ، يصححون الموضوع والمختلق المنحول ، على حين نراهم يحكمون بوضع كثير من الأحاديث الصحيحة ، حتى ولو كانت في الصحيحين اللذين هما أصح الكتب البشرية على الإطلاق وذلك مثل : ما روي زورا وكذبا في قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بالسيدة زينب بنت جحش ، وما روي في : قصة الغرانيق ، مما هو من صنع زنادقة اليهود والفرس ، وأضرابهم ، ونحو ذلك مما طبل له المستشرقون والمبشرون ، وزمروا ، وزادوا فيه ، وأعادوا.
    ومما يؤسف له غاية الأسف أن بعض المتعلمنين والمثقفين الذين تثقفوا بثقافة غير إسلامية ، ولا سيما من صنعتهم أوروبا على عينيها ، وربتهم على يديها ، ويتسمون بأسماء المسلمين ، قد تابعوا سادتهم المستشرقين فيما زعموا وصاروا أبواقا لهم ، يرددون ما يقوله هؤلاء ؛ لأنهم ينظرون إليهم على أنهم قمم في العلم والمعرفة ، والشأن في المغلوب كما قال واضع أساس علم الاجتماع : العلامة ابن خلدون أن يقلد الغالب وتنماع شخصيته في شخصيته ، وبذلك ساعدوا على نفث هذه السموم بين المتعلمين من شباب المسلمين!!
    نبين معنى كلمة : "إسرائيليات,:
    جمع إسرائيلية ، نسبة إلى بني إسرائيل, وإسرئيل هو : يعقوب عليه السلام أي عبد الله وبنو إسرائيل هم : أبناء يعقوب ، ومن تناسلوا منهم فيما بعد ، إلى عهد موسى ومن جاء بعده من الأنبياء ، حتى عهد عيسى عليه السلام وحتى عهد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
    وقد أكثر الله من خطابهم ببني إسرائيل في القرآن الكريم تذكيرا لهم بأبوة هذا النبي الصالح ، حتى يتأسوا به ، ويتخلقوا بأخلاقه ، ويتركوا ما كانوا عليه من نكران نعم الله عليهم وعلى آبائهم وما كانوا يتصفون به من الجحود ، والغدر ، واللؤم ، والخيانة وكذلك ذكرهم الله سبحانه باسم اليهود في غير ما آية ، وأشهر كتب اليهود هي : التوراة ، وقد ذكرها الله في قوله تعالى : {الم ، اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ ، مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَان}(آل عمران1-4),والمراد بها التوراة التي نزلت من عند الله قبل التحريف والتبديل ، أما التوراة المحرفة المبدلة ، فهي بمعزل عن كونها كلها هداية ، وكونها نورا ، ولا سيما بعد نزول القرآن الكريم ، الذي هو الشاهد والمهيمن على الكتب السماوية السابقة ، فما وافقه فهو حق ، وما خالفه فهو باطل..ومن كتبهم أيضا : الزبور وهو كتاب داود عليه السلام ، وأسفار الأنبياء ، الذين جاءوا بعد موسى عليه وعليهم السلام ، وتسمى التوراة وما اشتملت عليه من الأسفار الموسوية وغيرها "بالعهد القديم".وكان لليهود بجانب التوراة المكتوبة التلمود ، وهي التوراة الشفهية ، وهو مجموعة قواعد ووصايا وشرائع دينية وأدبية ، ومدنية وشروح ، وتفاسير ، وتعاليم ، وروايات كانت تتناقل وتدرس شفهيا من حين إلى آخر... وقد اتسع نطاق الدرس والتعليم فيه إلى درجة عظيمة جدا ، حتى صار من الصعب حفظه في الذاكرة ، ولأجل دوام المطالعة ، والمداولة ، وحفظا للأقوال والنصوص ، والآراء الأصلية المتعددة والترتيبات ، والعادات الحديثة ، وخوفا من نسيانها وفقدانها مع مرور الزمن ، وخصوصا وقت الاضطهادات ، والاضطرابات ، قد دونها الحاخامون بالكتابة سياجا للتوراة ، وقُبِلَت كسنة من سيدنا موسى عليه السلام.
    ومن التوراة وشروحها ، والأسفار وما اشتملت عليه ، والتلمود وشروحة ، والأساطير والخرافات ، والأباطيل التي افتروها ، أو تناقلوها عن غيرهم : كانت معارف اليهود وثقافتهم ، وهذه كلها كانت المنابع الأصلية للإسرائيليات التي زخرت بها بعض كتب التفسير ، والتاريخ والقصص والمواعظ ، وهذه المنابع إن كان فيها حق ، ففيها باطل كثير ، وإن كان فيها صدق ، ففيها كذب صراح ، وإن كان فيها سمين ، ففيها غث كثير ، فمن ثم انجر ذلك إلى الإسرائيليات ، وقد يتوسع بعض الباحثين في الإسرائيليات ، فيجعلها شاملة لما كان من معارف اليهود ، وما كان من معارف النصارى التي تدور حول الأناجيل وشروحها ، والرسل وسيرهم ونحو ذلك ؛ وإنما سميت إسرائيليات لأن الغالب والكثير منها إنما هو من ثقافة بني إسرائيل ، أو من كتبهم ومعارفهم ، أو من أساطيرهم وأباطيلهم.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي

    حتى لا اكرر نفسي يرجع الى العنوان التالي لمعرفة تفاصيل عن كيف دخلت الإسرائيليات الى كتب التفسير


    https://www.ebnmaryam.com/vb/showthre...t=29093&page=4
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    7,558
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    21-01-2019
    على الساعة
    03:09 PM

    افتراضي


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    إن كثيراً من أخبار بني إسرائيل، وقصص بني إسرائيل، اشتملت على أباطيل ظاهرة، وبمجرد النظر فيها يدرك

    المسلم أنها ليست صحيحة، ورحم الله المفسرين الذين خلصوا كتبهم من هذه الإسرائيليات.


    شكرا لك اخى الكريم ....

    لهذا البحث القيم

    جزاك الله خيراااا _ ونفع بك
    توقيع نضال 3


    توقيع نضال 3

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي




    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    2,651
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    02-09-2020
    على الساعة
    11:46 PM

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    بارك الله فيك اخي الفاضل وجزاك الله خيرا على هذا الموضوع المهم والقيم اذ ما نشات شبهات النصارى الا من هذه الاسرائيليات ........
    على كل هناك كتاب قراته غاب عن ذهني الان وهو يستعرض كل ما دخل في تفسير القران الكريم من قصص اسرائيلية مبينا سندها وعلتها .... ولعلي ارفعه ان تمكنت من ذلك بحول الله تعالى ....
    موفق باذن الله
    سَلامٌ مِنْ صَبا بَرَدى أَرَقُّ ....ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشقُ

    ومَعْذِرَةَ اليراعةِ والقوافي .... جلاءُ الرِّزءِ عَنْ وَصْفٍ يُدَّقُ

    وذكرى عن خواطرِها لقلبي .... إليكِ تلفّتٌ أَبداً وخَفْقُ

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي

    الإسرائيليات في قصة هاروت وماروت :
    روى السيوطي في الدر المنثور ، في تفسير قوله تعالى : {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوت} روايات كثيرة وقصصا عجيبة رويت عن ابن عمر ، وابن مسعود ،وعلي ، وابن عباس ، ومجاهد ، وكعب ، والربيع ، والسدي ، رواها ابن جرير الطبري في تفسيره ، وابن مردويه ، والحاكم ، وابن المنذر ، وابن أبي الدنيا ، والبيهقي ، والخطيب في تفاسيرهم وكتبهم(الدر المنثور ج 1 من ص2 97-103 ، تفسير ابن جرير ج1 ص 362-367.)
    وخلاصتها : أنه لما وقع الناس من بني آدم فيما وقعوا فيها من المعاصي والكفر بالله ، قالت الملائكة في السماء : أي رب ، هذا العالم إنما خلقتهم لعبادتك ، وطاعتك ، وقد ركبوا الكفر ، وقتل النفس الحرام ، وأكل المال الحرام ، والسرقة ، والزنا ، وشرب الخمر ، فجعلوا يدعون عليهم ، ولا يعذرونهم فقيل لهم : إنهم في غيب ، فلم يعذروهم ، وفي بعض الروايات أن الله قال لهم : لو كنتم مكانهم لعملتم مثل أعمالهم ، قالوا : سبحانك ما كان ينبغي لنا ، وفي رواية أخرى : قالوا : لا. فقيل لهم : اختاروا منكم ملكين آمرهما بأمري ، وأنهاهما عن معصيتي ، فاختاروا هاروت ، وماروت ، فأهبطا إلى الأرض ، وركبت فيهما الشهوة ، وأمرا أن يعبدا الله ، ولا يشركا به شيئا ، ونهيا عن قتل النفس الحرام ، وأكل المال الحرام ، والسرقة ، والزنا ، وشرب الخمر ، فلبثا على ذلك في الأرض زمانا ، يحكمان بن الناس بالحق ، وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في سائر الناس كحسن الزهرة في سائر الكواكب ، وأنهما أراداها(راودها عن نفسها.) على نفسها ، فأبت إلا أن يكونا على أمرها ودينها ، وأنهما سألاها عن دينها ، فأخرجت لهما صنما ، فقالا : لا حاجة لنا في عبادة هذا ، فذهبا فصبرا ما شاء الله ، ثم أتيا عليها ، فخضعا لها بالقول ، وأراداها على نفسها ، فأبت إلا أن يكونا على دينها ، وأن يعبدا الصنم الذي تعبده ، فأبيا ، فلما رأت أنهما قد أبيا أن يعبدا الصنم ، قالت لهما : اختارا إحدى الخلال الثلاث : إما أن تعبدا هذا الصنم ، أو تقتلا النفس ، أو تشربا هذا الخمر ، فقالا : هذا لا ينبغي ، وأهون الثلاثة شرب الخمر ، وسقتهما الخمر ، حتى إذا أخذت الخمر فيهما وقعا بها( أي فعلا بها الفاحشة)فمر بهما إنسان ، وهما في ذلك ، فخشيا أن يفشي عليهما ، فقتلاه ، فلما أن ذهب عنهما السكر ، عرفا ما قد وقعا فيه من الخطيئة ، وأرادا أن يصعدا إلى السماء ، فلم يستطيعا وكشف الغطاء فيما بينهما ، وبين أهل السماء ، فنظرت الملائكة إلى ما قد وقعا فيه من الذنوب ، وعرفوا أنه من كان في غيب فهو أقل خشية فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الأرض ، فلما وقعا فيما وقعا فيه من الخطيئة ، قيل لهما : اختارا عذاب الدنيا ، أو عذاب الآخرة ، فقالا : أما عذاب الدنيا فينقطع ويذهب ، وأما عذاب الآخرة فلا انقطاع له ، فاختارا عذاب الدنيا فجعلا ببابل فهما بها يعذبان معلقين بأرجلهما ، وفي بعض الروايات ، أنهما علماها الكلمة التي يصعدان بها إلى السماء ، فصعدت ، فمسخها الله ، فهي هذا الكوكب المعروف بالزهرة.
    ويذكر السيوطي أيضًا في كتابه ما رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه( تصحيح الحاكم غير معتدٍّ به ؛ لأنه معروف أنه متساهل في الحكم بالتصحيح كما قال ابن الصلاح وغيره ، وقد صحح أحاديث تعقبها الإمام الذهبي وحكم عليها بالوضع.)
    ، والبيهقي في سننه : عن عائشة ، أنها قدمت عليها امرأة من دومة الجندل ، وأنها أخبرتها أنها جيء لها بكلبين أسودين فركبت كلبا ، وركبت امرأة أخرى الكلب الآخر ، ولم يمض غير قليل ، حتى وقفتا ببابل ، فإذا هما برجلين معلقين بأرجلهما ، وهما هاروت وماروت ، واسترسلت المرأة التي قدمت على عائشة في ذكر قصة عجيبة غريبة.
    ويذكر أيضا : أن ابن المنذر أخرج من طريق الأوزاعي ، عن هارون بن رباب ، قال : دخلت على عبد الملك بن مروان وعنده رجل قد ثنيت له وسادة ، وهو متكئ عليها ، فقالوا : هذا قد لقي هاروت ، وماروت فقالوا له : حدثنا رحمك الله : فأنشأ الرجل يحدث بقصة عجيبة غريبة(الدر المنثور ص 101 تفسير الطبري ج1 ص 366.)
    وكل هذا من خرفات بني إسرائيل ، وأكاذيبهم التي لا يشهد لها عقل ، ولا نقل ، ولا شرع ، ولم يقف بعض رواة هذا القصص الباطل عند روايته عن بعض الصحابة والتابعين ولكنهم أوغلوا باب الإثم ، والتجني الفاضح ، فألصقوا هذا الزور إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورفعوه إليه ، فقد قال السيوطي : أخرج سعيد ، وابن جرير ، والخطيب في تاريخ ، عن نافع ، قال : سافرت مع ابن عمر ، فلما كان من آخر الليل :قال : يا نافع : انظر : هل طلعت الحمراء ؟ قلت : لا ، مرتين أو ثلاثا ، ثم قلت : قد طعلت ، قال : لا مرحبا بها ، ولا أهلا : قلت : سبحان الله!! نجم مسخر ، ساع ، مطيع!! قال : ما قلت لك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "وإن الملائكة قالت : يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب ؟ قال : إني ابتليتهم وعافيتكم ، قالوا : لو كنا مكانهم ما عصيناك ، قال : فاختاروا ملكين منكم ، فلم يألوا جهدا أن يختاروا فاختاروا هاروت وماروت ، فنزلا ، فألقى الله عليهم الشبق ، قلت : وما الشبق ؟ قال : الشهوة ، فجاءت امرأة يقال لها : الزهرة فوقعت في قلبيهما ، فجعل كل واحد منهما يخفي عن صاحبه ما في نفسه ، ثم قال أحدهما للآخر : هل وقع في نفسك ما وقع في قلبي ؟ قال : نعم ، فطلباها لأنفسهما ، فقالت : لا أمكنكما حتى تعلماني الاسم الذي تعرجان به إلى السماء ، وتهبطان ، فأبيا ، ثم سألاها أيضا ، فأبتن ففعلا ، فلما استطيرت طمسها الله كوكبا ، وقطع أجنحتها ، ثم سألا التوبة من ربهما ، فخيرهما بين عذاب الدنيا ، وعذاب الآخرة ، فاختارا عذاب الدنيا على عذاب الآخرة ، فأوحى الله إليهما : أن ائتيا "بابل" فانطلقا إلى بابل ، فخسف بهما ، فهما منكوسان بين السماء والأرض ، معذبان إلى يوم القيامة ، ثم ذكر أيضا رواية أخرى ، مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا تخرج في معناها عما ذكرنا(الدر المنثور ج1 ص 97 تفسير الطبري ج 1 ص 364 )، ولا ينبغي أن يشك مسلم عاقل فضلا عن طالب حديث في أن هذا موضوع على النبي صلى الله عليه وسلم مهما بلغت أسانيده من الثبوت فما بالك إذا كانت أسانيدها واهية ، ساقطة ، ولا تخلو من وضاع ، أو ضعيف ، أو مجهول ؟!! ونص على وضعه أئمة الحديث!!
    وقد حكم بوضع هذه القصة الإمام أبو الفرج ابن الجوزي(اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ج1 ص 82.) ، ونص الشهاب العراقي على أن من اعتقد في هاروت وماروت أنهما ملكان يعذبان على خطيئتهما : فهو كافر بالله.
    وكذلك : حكم بوضع المرفوع من هذه القصة : الحافظ : عماد الدين ابن كثير ، وأما ما ليس مرفوعا : فبين أن منشأة روايات إسرائيلية عن كعب وغيره ، ألصقها زنادقة أهل الكتاب بالإسلام ، قال رحمه الله في تفسيره بعد أن تكلم على الأحاديث الواردة في هاروت وماروت ، وأن روايات الرفع غريبة جدا ، وأقرب ما يكون في ذلك أنه من رواية عبد الله بن عمر ، عن كعب الأحبار ، كما قال عبد الرزاق في تفسيره عن الثوري ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم بن عبد الله بن ابن عمر ، عن كعب ، ورفع مثل هذه الإسرائيليات إلى النبي كذب واختلاق ألصقه زنادقة أهل الكتاب ، زورا وبهتانا" وذكر مثل ذلك في البداية والنهاية.
    ثم هذه من ناحية العقل غير مسلمة ، فالملائكة معصومون عن مثل هذه الكبائر ، التي لا تصدر من عربيد ، وقد أخبر الله عنهم بأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون ، كما ورد في بعض الروايات التي أشرت إليها آنفا رد لكلام الله ، وفي رواية أخرى : أن الله قال لهما : لو ابتليتكما بما ابتليت به بني آدم لعصيتماني ، فقالا : لو فعلت بنا يا رب ما عصيناك!! ورد كلام الله كفر ، ننزه عنه من له علم بالله وصفاته ، فضلًا عن الملائكة.
    ثم كيف ترفع الفاجرة إلى السماء ، وتصير كوكبا مضيئا ، وما النجم الذي يزعمون أنه : "الزهرة" وزعموا أنه كان امرأة ، فمسخت إلا في مكانه ، من يوم أن خلق الله السموات والأرض.
    وهذه الخرافات التي لا يشهد لها نقل صحيح ، ولا عقل سليم هي كذلك مخالفة لما صار عند العلماء المحدثين أمرا يقينا ، ولا أدرى ماذا يكون موقفنا أمام علماء الفلك ، والكونيات ، إذا نحن لم نزيف هذه الخرافات ، وسكتنا عنها ، أو انتصرنا لها ؟!!
    ما التفسير الصحيح للآية ؟
    قوله تعالى : {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ}البقرة : 102.
    وليس في الآية ما يدل ولو من بعد على هذه القصة المنكرة ، وليس السبب في نزول الآية ذلك ، وإنما السبب : أن الشياطين في ذلك الزمن السحيق كانوا يسترقون السمع من السماء ، ثم يضمون إلى ما سمعوا أكاذيب يلفقونها ، ويُلْقُونها إلى كهنة اليهود وأحبارهم. وقد دوَّنها هؤلاء في كتب يقرؤونها ، ويعلمونها الناس ، وفشا ذلك في زمن سليمان عليه السلام حتى قالوا : هذا علم سليمان وما تم لسليمان ملكه إلا بهذا العلم ، وبه يسخر الإنس ، والجن ، والريح التي تجري بأمره ، وهذا من افتراءات اليهود على الأنبياء ، فأكذبهم الله بقوله : {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ},,,ثم عطف عليه : {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} فالمراد بما أنزل هو : علم السحر الذي نزلا ليعلماه الناس ، حتى يحذروا منه ، فالسبب في نزولهما هو : تعليم الناس أبوابا من السحر ، حتى يعلم الناس الفرق بين السحر والنبوة ، وأن سليمان لم يكن ساحرا ، وإنما كان نبيا مرسلا من ربه ، وقد احتاط الملكان عليهما السلام غاية الاحتياط ، فما كانا يُعلِّمان أحدا شيئا من السحر حتى يُحذِّراه ، ويقولا له : إنما نحن فتنة أي بلاء واختبار ، فلا تكفر بتعلمه والعمل به ، وأما من تعلمه للحذر منه ، وليعلم الفرق بينه وبين النبوة والمعجزة ؛ فهذا لا شيء فيه ، بل هو أمر مطلوب ، مرغوب فيه إذا دعت الضرورة إليه ، ولكن الناس ما كانوا يأخذون بالنصيحة ، بل كانوا يفرقون به بين المرء وزوجه ، وذلك بإذن الله ومشيئته ، وقد دلت الآية : على أن تعلم السحر لتحذير الناس من الوقوع فيه والعمل به مباح ، ولا إثم فيه ، وأيضا تعلمه ؛ لإزالة الاشتباه بينه ، وبين المعجزة ، والنبوة مباح ، ولا إثم فيه ، وإنما الحرم والإثم في تعلمه أو تعليمه للعمل به ، فهو مثل ما قيل :
    عرفت الشر لا للشر لكن لتوقِّيهِ
    ومن لا يعرف الشر من الناس يقعْ فِيهِ
    واليهود عليهم لعائن الله لما جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يعلمون أنه النبي الذي بشرت به التوراة حتى كانوا يستفتحون به على المشركين قبل ميلاده وبعثته ، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ، ونبذوا كتابهم التوراة ، وكتاب الله القرآن وراء ظهورهم ، وبدل أن يتبعوا الحق المبين اتبعوا السحر الذي توارثوه عن آبائهم والذي علمتهم إياه الشياطين ، وكان الواجب عليهم أن ينبذوا السحر ، ويحذروا الناس من شره ، وذلك كما فعل الملكان : هاروت وماروت من تحذير الناس من شروره ، والعمل به ، وهذا هو التفسير الصحيح للآية ، لا ما زعمه المبطلون الخرفون وبذلك : يحصل التناسق بين الآيات وتكون الآية متآخية متعانقة ، ولا أدري ما الصلة بين ما رووه من إسرائيليات ، وبين قوله : {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} الآية.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي

    الإسرائيليات في قصة بلقيس ملكة سبأ :
    ومن الإسرائيليات ما ذكره بعض المفسرين عند تفسير قوله تعالى : {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل : الآية 44].
    فقد ذكر ابن جرير ، والثعلبي والبغوي ، والخازن ، وغيرهم : "أن سليمان أراد أن يتزوجها ، فقيل له : إن رجليها كحافر الحمار ، وهي شَعْرَاء الساقين ، فأمرهم ، فبنوا له هذا القصر على هذه الصفة ، فلما رأته حسبته لجة ، وكشفت عن ساقيها لتخوضه ، فنظر سليمان فإذا هي أحسن الناس قدما وساقا ، إلا أنها كانت شعراء الساقين ، فكره ذلك ، فسأل الإنس ما يذهب هذا ؟ قالوا : الموسي ، فقالت بلقيس : لم تمسني حديدة1 قط ، وكره سليمان ذلك ، خشية ان تقطع ساقيها ، فسأل الجن : فقالوا : لا ندري ، ثم سأل الشياطين ؟ فقالوا : إنا نحتال لك حتى تكون كالفضة البيضاء ، فاتخذوا لها النورة 2 والحمام ، فكانت النورة والحمام من يومئذ"3.
    وقد روي هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد ، وعكرمة ، ومحمد بن كعب القرظي ، والسدي ، وابن جريج وغيرهم.
    وروي أيضا : أنها سألت سيدنا سليمان عن أمرين قالت له : أريد ماء ليس من أرض ولا من سماء!! فسأل سليمان الإنس ، ثم الجن ، ثم الشياطين ، فقالت الشياطين : هذا هين ، أجر الخيل ، ثم خذ عرقها ، ثم املأ منه الآنية ، فأمر بالخيل فأجريت ، ثم أخذ العرق فملأ من الآنية!!
    وسألته عن لون الله عز وجل فوثب سليمان عن سريره ، وفزع من السؤال ، وقال : لقد سألتني -يا رب- عن أمر ، إنه ليتعاظم في قلبي أن أذكره لك ، ولكن الله أنساه ، وأنساهم ما سألته عنه.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 المراد : الموسي التي تزيل الشعر.
    2 مادة يزال بها الشعر.
    3 كذاب ظاهر ، كأن النورة والحمام لم يكونا إلا لها ، وكأن سليمان عليه السلام لم يكن له هَمٌّ إلا إزالة شعر ساقيها ، وهو تجنٍّ صارخ على الأنبياء ، وإظهارهم بمظهر المتهالك على النساء ومحاسنهم ، فقبح الله اليهود.

    ________________________________________

    وأن الشياطين خافوا لو تزوجها سليمان ، وجاءت بولد ، أن يبقوا في عبوديته ، فصنعوا له هذا الصرح الممرد1 ، فظنَّته ماء ، فكشفت عن ساقيها لتعبره ، فإذا هي شعراء ، فاستشارهم سليمان : ما يذهبه ؟. فجعلت له الشياطين النورة2.
    قال العلامة ابن كثير في تفسيره بعد أن ذكر بعض المرويات : والأقرب في مثل هذه السياقات : أنها متلقاة عن أهل الكتاب ، مما وجد في صحفهم ، كرواية كعب ، ووهب ، سامحهما الله فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل من الأوابد3 ، والغرائب والعجائب مما كان ، وما لم يكن ، ومما حرف ، وبدل ، ونسخ ، وقد أغنانا الله عن ذلك ما هو أصح منه ، وأنفع ، وأوضح ، وأبلغ ، ولله الحمد والمنة.
    التفسير الصحيح لبناء الصرح :
    والحق : أن سليمان عليه الصلاة والسلام أراد ببنائه الصرح : أن يريها عظمة ملكه ، وسلطانه ، وأن الله سبحانه وتعالى أعطاه من الملك ومن أسباب العمران والحضارة ما لم يعطها ، فضلًا عن النبوة التي هي فوق الملك ، والتي دونها أية نعمة ، وحاشا لسليمان عليه السلام وهو الذي سأل الله أن يعطيه حكما يوافق حكمه -أي : الله ، فأوتيه أن يتحايل هذا التحايل ، حتى ينظر إلى ما حرم الله عليه ، وهما ساقاها ، وهو أَجَلُّ من ذلك وأسمى.
    ولولا أنها رأت من سليمان ما كان عليه من الدين المتين ، والخلق الرفيع ، لما أذعنت إليه لما دعاها إلى الله الواحد الحق ، ولما ندمت على ما فرط منها من عبادة الكواكب والشمس ، وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 الصرح : هو القصر المشيد المحكم البناء ، المرتفع في السماء ، والممرد : الناعم الأملس ، القوارير : الزجاج الشديد الصفاء.
    2 تفسير ابن كثير والبغوي ج 6 ص 286 ، 289.
    3 جمع آبدة : وهي : الأمور المشكلة البعيدة المعاني ، واصل الآبدة النافرة من الوحش التي يستعصى أخذها ، ثم شبه بها الكلام العويص المعاني.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي

    الإسرائيليات في هدية ملكة سبأ لسيدنا سليمان :salla-s: :
    ومن الإسرائيليات : ما ذكره كثير من المفسرين كابن جرير ، والثعلبي ، والبغوي ، وصاحب الدر ، في الهدية التي أرسلتها بلقيس إلى سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام وإليك ما ذكره البغوي في تفسيره ، وذلك عند تفسير قوله تعالى : {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل : الآية 35].
    قال البغوي :
    فأهدت إليه وصفاء ووصائف ، قال ابن عباس : ألبستهم لباسا واحدا كي لا يعرف الذكر من الأنثى ، وقال مجاهد : ألبس الغلمان لباس الجواري ، وألبس الجواري لبسة الغلمان ، واختلفوا في عددهم ، فقال ابن عباس : مائة وصيف ، ومائة وصيفة( خادم ، وخادمة)، وقال مجاهد ومقاتل : مائتا غلام ، ومائتا جارية ، وقال قتادة وسعيد بن جبير وغيرهما : أرسلت إليه بلبنة من ذهب في حرير ، وديباج...
    وقال وهب وغيره : عمدت بلقيس إلى خمسمائة غلام ، وخمسمائة جارية ، فألبست الغلمان لباس الجواري ، وجعلت في سواعدهم أساور من ذهب ، وفي أعناقهم أطواقا من ذهب ، وفي آذانهم أقراطا ، وشنوفا مرصعات بأنواع الجواهر ، وألبست الجواري لباس الغلمان : الأقبية والمناطق ، وحملت الجواري على خمسمائة رمكة(أنثى البغال) ، والغلمان على خمسمائة برذون( البغل.)على كل فرس لجام من ذهب مرصع بالجواهر ، وغواشيها من الديباج الملون ، وبعثت إليه خمسمائة لبنة من ذهب وخمسمائة لبنة من فضة ، وتاجا مكللا بالدر ، والياقوت ، وأرسلت إليه المسك والعنبر والعود وعمدت إلى حقة ، فجعلت فيها درة ثمينة غير مثقوبة ، وخرزة مثقوبة معوَجَّة الثقب ، وأرسلت مع الهدية رجالا من عقلاء قومها ، وكتبت معهم كتابا إلى سليمان بالهدية ، وقالت : إن كنت نبيا فميز لي بين الوصائف والوصفاء ، وأخبرني بما في الحقة قبل أن تفتحها ، واثقب الدر ثقبا مستويا ، وأدخل خيطا في الخرزة المثقوبة من غير علاج إنس ولا جن ، ورووا أيضا : أن سليمان عليه السلام أمر الجن أن يضربوا لبنات الذهب ولبنات الفضة ، ثم أمرهم أن يفرشوا الطريق من موضعه الذي هو فيه إلى تسعة فراسخ ميدانا واحدا بلبنات الذهب والفضة!!! وأن يعدوا في الميدان أعجب دواب البر والبحر ، فأعدوها ، ثم قعد على سريره ، وأمر الشياطين أن يصطفوا صفوفا فراسخ ، وأمر الإنس فاصطفوا فراسخ ، وأمر الوحوش ، والسباع والهوام ، والطير ، فاصطفوا فراسخ عن يمينه ، وعن يساره ، فلما دنا القوم من الميدان ، ونظروا إلى ملك سليمان ، ورأوا الدواب التي لم ترَ أعينهم مثلها تروث على لبن الذهب والفضة ، تقاصرت أنفسهم ، ورموا بما معهم من الهدايا ، ثم كان أن استعان سليمان بجبريل ، والشياطين ، والأرضة في الإجابة عما سألته عنه1.
    ومعظم ذلك مما لا نشك أنه من الإسرائيليات المكذوبة2 ، وأي ملك في الدنيا يتسع لفرش تسع فراسخ بلبنات الذهب والفضة ؟!! وفي رواية وهب ما يدل على الأصل الذي جاءت منه هذه المرويات ، وأن من روى ذلك من السلف فإنما أخذه عن مسلمة أهل الكتاب وما كان أجدر كتب التفسير أن تتنزه عن مثل هذا اللغو ، والخرافات التي تدسست إلى الرواية الإسلامية فأساءت إليها.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 تفسير البغوي على هامش تفسير ابن كثير ج 6 ص 278 ، 280.
    2 تفسير ابن كثير ج 6 ص 281 ط المنار.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي

    الإسرائيليات في قصة داود عليه السلام :
    ومن الإسرائيليات التي تخل بمقام الأنبياء ، وتنافي عصمتهم ، ما ذكره بعض المفسرين في قصة سيدنا داود عليه السلام عند تفسير قوله تعالى :
    {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ ، إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ، إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا(أكفلنيها : ضمها إلى.) وَعَزَّنِي(عزني : غلبني في القول لقوته ، وجاهه ، وضعفي.) فِي الْخِطَابِ ، قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ، فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ}(.ص الآية : 21-25.)
    فقد ذكر ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والبغوي ، والسيوطي في : "الدر المنثور"(ج 5 ص 300-302.)
    من الأخبار ما تقشعر منه الأبدان ، ولا يوافق عقلا ، ولا نقلا ، عن ابن عباس ، ومجاهد ، ووهب بن منبه ، وكعب الأحبار ، والسدي ، وغيرهم ما محصلها : أن داود عليه السلام حدث نفسه : إن ابتلي أن يعتصم فقيل له : إنك ستبتلى وستعلم اليوم الذي تبتلى فيه ، فخذ حذرك ، فقيل له : هذا اليوم الذي تبتلى فيه فأخذ الزبور(كتاب داود عليه السلام.) ، ودخل المحراب ، وأغلق بابه ، وأقعَدَ خادمه على الباب ، وقال : لا تأذن لأحد اليوم ، فبينما هو يقرأ الزبور ، إذ جاء طائر مذهب يدرج بين يديه ، فدنا منه ، فأمكن عليه لينظر أين وقع ، فإذا هو بامرأة عند بركتها تغتسل من الحيض ، فلما رأت ظله نفضت شعرها ، فغطت جسدها به ، وكان زوجها غازيا في سبيل الله ، فكتب داود إلى رأس الغزاة : أن اجعله في حملة التابوت( صندوق فيه بعض مخلفات أنبياء بني إسرائيل فكانوا يقدمونه بين يدي الجيش كي ينصروا.)، وكان حملة التابوت إما أن يفتح عليهم ، وإما أن يقتلوا ، فقدمه في حملة التابوت ، فقُتِل ، وفي بعض هذه الروايات الباطلة أنه فعل ذلك ثلاث مرات ، حتى قتل في الثالثة ، فلما انقضت عدتها ، خطبها داود عليه السلام ، فتسور عليه الملكان ، وكان ما كان ، مما حكاه الله تعالى : "رُفِع ذلك إلى النبي".
    ولم يقف الأمر عند هذه الروايات الموقوفة عن بعض الصحابة والتابعين ، ومسلمة أهل الكتاب بل جاء بعضها مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
    قال صاحب : "الدر" : وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم بسند ضعيف ، عن أنس رض الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقمل : "إن داود عليه السلام حين نظر إلى المرأة ، قطغ( هي هكذا في "الدر المنثور" وفي تفسير البغوي ولعلها قطع.)على بنى إسرائيل وأوصى صاحب الجيش ، فقال : إذا حضر العدو فقرب فلانا بين يدي التابوت" ، وكان التابوت في ذلك الزمان يستنصر به ، من قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل أو ينهزم معه الجيش ، فقتل ، وتزوج المرأة ، ونزل الملكان على داود عليه السلام فسجد ، فمكث أربعين ليلة ساجدا حتى نبت الزرع من دموعه على رأسه ، فأكلت الأرض جبينه ، وهو يقول في سجوده : "رب ذل داود ذلة أبعد مما بين المشرق والمغرب ، رب إن لم ترحم ضعف داود ، وتغفر ذنوبه جعلت ذنبه حديثا في المخلوق من بعده ، فجاء جبريل عليه السلام من بعد أربعين ليلة ، فقال : يا داود إن الله قد غفر لك ، وقد عرفت أن الله عدل لا يميل ، فكيف بفلان إذا جاء يوم القيامة ، فقال : يا رب دمي الذي عند داود قال جبريل : ما سألت ربك عن ذلك ، فإن شئت لأفعلن ، فقال ، نعم ، فعرج جبريل ، وسجد داود عليه السلام ، فمكث ما شاء الله ، ثم نزل ، فقال : قد سألت الله يا داود عن الذي أرسلني فيه ، فقال : قل لداود : إن الله يجمعكما يوم القيامة ، فيقول له : هب لي دمك الذي عند داود ، فيقول : هو لك يا رب ، فيقول : فإن لك في الجنة ما شئت ، وما اشتهيت عوضًا" ، وقد رواها البغوي أيضا عن طريق الثعلبي( تفسير البغوي على هامش تفسير ابن كثير ج 7ص 191 ، 192 ، الدر المنثور ج5 ص 300-301. )والرواية منكرة مختلقة على الرسول. وفي سند هذه الرواية المختلقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن لهيعة ، وهو مضعف في الحديث ، وفي سندها أيضا : يزيد بن أبان الرقاشي ، كان ضعيفا في الحديث.
    وقال فيه النسائي ، والحاكم أبو أحمد : إنه متروك ، وقال فيه ابن حبان : كان من خيار عباد الله ، من البكائين بالليل ، غفل عن حفظ الحديث شغلا بالعبادة ، حتى كان يقلب كلام الحسن يجعله عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تحل الرواية عنه إلا على جهة التعجب(تهذيب التهذيب ج11 ص 309.).
    وقال العلامة ابن كثير في تفسيره(ج 7 ص 189 "ط المنار".) : "وقد ذكر المفسرون ههنا قصة ، أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات ، ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه ، ولكن روى ابن أبي حاتم هنا حديثا لا يصح سنده ؛ لأنه من رواية يزيد الرقاشي ، عن أنس رضي الله عنه ، ويزيد وإن كان من الصالحين ، لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة".
    ومن ثم يتبين لنا : كذب رفع هذه الرواية المنكرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا نكاد نصدق ورود هذا عن المعصوم ، وإنما هي اختلاقات ، وأكاذيب من إسرائيليات أهل الكتاب ، وهل يشك مؤمن عاقل يقر بعصمة الأنبياء في استحالة صدور هذا عن داود عليه السلام ، ثم يكون على لسان من ؟ على لسان من كان حريصا على تنزيه إخوانه الأنبياء عما لا يليق بعصمتهم ، وهو : نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومثل هذا التدبير السيء ، والاسترسال فيه على ما رووا لو صدر من رجل من سوقة الناس وعامتهم ، لاعتبر هذا أمرا مستهجنا مستقبحا ، فكيف يصدر من رسول جاء لهداية الناس ، زكت نفسه ، وطهرت سريرته ، وعصمه الله من الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، وهو الأسوة الحسنة لمن أرسل إليهم ؟!!
    ولو أن القصة كانت صحيحة كانت صحيحة لهذبت بعصمة داود ، ولنفرت منه الناس ، ولكان لهم العذر في عدم الإيمان ، فلا يحصل المقصد الذي من أجله أرسل الرسل ، وكيف يكون على هذه الحال من قال الله تعالى في شأنه : {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} ، قال ابن كثير في تفسيرها : "وإن له يوم القيامة لقربة الله عز وجل بها وحسن مرجع وهو : الدرجات العالية في الجنة لنبوته وعدله التام في ملكه ، كما جاء في الصحيح : "المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن ، وكلتا يديه يمين ، الذين يقسطون في حكمهم وما ولوا" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن أحب الناس إلى يوم القيامة وأقربهم مني مجلسًا إمام عادل ، وإن أبغض الناس إليَّ يوم القيامة ، وأشدهم عذابا : إمام جائر" رواه أحمد ، والترمذي(المرجع السابق ص 195 )..
    ولكي يستقيم هذا الباطل قالوا : إن المراد بالنعجة هي : المرأة ، وأن القصة خرجت مخرج الرمز والإشارة ، ورووا أن الملكين لما سمعا حكم داود ، وقضاءه بظلم صاحب التسع والتسعين نعجة لصاحب النعجة ، قالا له : وما جزاء من فعل ذلك ؟ قال : يقطع هذا ، وأشار إلى عنقه ، وفي رواية : "يضرب من ههنا ، وههنا وههنا" وأشار إلى جبهته ، وأنفه ، وما تحته ، فضحكا ، وقالا ، "أنت أحق بذلك منه ، ثم صعدا".
    وذكر البغوي في تفسيره وغيره ، عن وهب بن منبه : أن داود لما تاب الله عليه بكى على خطيئته ثلاثين سنة ، لا يرقأ دمعه ليلا ، ولا نهارا ، وكان أصاب الخطيئة ، وهو ابن سبع وسبعين سنة ، فقسم الدهر بعد الخطيئة على أربعة أيام : يوم للقضاء بين بني إسرائيل ، ويوم لنسائه ، ويوم يسيح في الفيافي ، والجبال ، والسواحل ، ويوم يخلو في دار له فيها أربعة آلاف محراب ، فيجتمع إليه الرهبان فينوح معهم على نفسه ، فيساعدونه على ذلك ، فإذا كان يوم نياحته يخرج في الفيافي ، فيرفع صوته بالمزامير ، فيبكي ، ويبكي معه الشجر ، والرمال ، والطير ، والوحش ، حتى يسيل من دموعهم مثل الأنهار ، ثم يجيء إلى الجبال فيرفع صوته بالمزامير ، فيبكي ، وتبكي معه الجبال ، والحجارة ، والدواب والطير ، حتى تسيل من بكائهم الأودية ، ثم يجيء إلى الساحل فيرفع صوته بالمزامير ، فيبكي ، وتبكى معه الحيتان ، ودواب البحر وطير الماء والسباع(.تفسير البغوي على هامش ابن كثير ج 7 ص 195.)..
    والحق : أن الآيات ليس فيها شيء مما ذكروا ، وليس هذا في شيء من كتب الحديث المعتمدة ، وهي التي عليها المعول ، وليس هناك ما يصرف لفظ النعجة من حقيقته إلى مجازه ، ولا ما يصرف القصة عن ظاهرها إلى الرمز والإشارة.
    وما أحسن ما قال الإمام القاضي عياض : "لا تلتفت إلى ما سطره الأخباريون من أهل الكتاب ، الذين بدلوا ، وغيروا ونقله بعض المفسرين ، ولم ينص الله تعالى على شيء من ذلك في كتابه ، ولا ورد في حديث صحيح ، والذي نص عليه في قصة داود : {وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} وليس في قصة داود ، وأوريا خبر ثابت(الشفا بالتعريف بحقوق المصطفى ج 2 ص 158.).
    والمحققون ذهبوا إلى ما ذهب إليه القاضي ، قال الداودي : ليس في قصة داود وأوريا خبر يثبت ، ولا يظن بنبي محبة قتل مسلم ، وقد روي عن سيدنا علي أنه قال : من حدث بحديث داود على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين جلدة ، وذلك حد الفرية على الأنبياء(لأن حد القذف لغير الأنبياء ثمانين ، فرأى رضي الله عنه تضعيفه بالنسبة إلى الأنبياء وفي الكذب عليهم رمي لهم بما هم براء منه ففيه معنى القذف لداود بالتعدي على حرمات الأعراض والتحايل في سبيل ذل) ، وهو كلام مقبول من حيث المعنى ، إلا أنه لم يصح عن الإمام ذلك كما قال العراقي.
    "]التفسير الصحيح للآيات :[/COLOR]وإذا كان ما روي من الإسرائيليات الباطلة التي لا يجوز أن تفسر بها الآيات ، فما التفسير الصحيح لها إذًا ؟
    والجواب : أن داود عليه السلام كان قد وزع مهام أعماله ، ومسئولياته نحو نفسه ، ونحو الرعية على الأيام ، وخص كل يوم بعمل ، فجعل يومًا للعبادة ، ويومًا للقضاء وفصل الخصومات ، ويومًا للاشتغال بشئون نفسه وأهله ، ويومًا لوعظ بني إسرائيل ففي يوم العبادة : بينما كان مشتغلا بعبادة ربه في محرابه ، إذ دخل عليه خصمان تسورا عليه من السور ، ولم يدخلا من المدخل المعتاد ، فارتاع منهما ، وفزع فزعًا لا يليق بمثله من المؤمنين ، فضلًا عن الأنبياء المتوكلين على الله غاية التوكل ، الواثقين بحفظه ، ورعايته ومثل الأنبياء في علوم شأنهم ، وقوة ثقتهم بالله والتوكل عليه ألا تعلق نفوسهم بمثل هذه الظنون بالأبرياء ، ومثل هذا الظن وإن لم يكن ذنبا في العادة ، إلا أنه بالنسبة وظن بهما سوءا ، وأنهما جاءا ليقتلاه ، أو يبغيا به شرًّا ، ولكن تبين له أن الأمر على خلاف ما ظن ، وأنهما خصمان جاءا يحتكمان إليه ، فلما قضى بينهما ، وتبين له أنهما بريئان مما ظنه بهما ، استغفر ربه ، وخر ساجدا لله تعالى ؛ تحقيقًا لصدق توبته والإخلاص له ، وأناب إلى الله غاية الإنابة.
    للأنبياء يعتبر خلاف الأولى ، والأليق بهم ، وقديما قيل : "حسنات الأبرار سيئات المقربين" ، فالرجلان خصمان حقيقة ، وليسا ملكين كما زعموا ، والنعاج على حقيقتها ، وليس ثمة رموز ولا إشارات ، وهذا التأويل هو الذي يوافق نظم القرآن ويتفق وعصمة الأنبياء ، فالواجب الأخذ به ، ونبذ الخرافات ، والأباطيل ، التي هي من صنع بني اسرائيل ، وتلقفها القصاص وأمثالهم ممن لا علم عندهم ، ولا تمييز بين الغث والسمين. وقيل : إن الذي صنعه داود : أنه خطب على خطبة أوريا ، فآثره أهلها عليه ، وقد كانت الخطبة على الخطبة حرام في شريعتهم ، كما هي حرام في شريعتنا.
    وقيل : إنه طلب من زوجها أوريا أن ينزل له عنها وقد كان هذا في شريعتهم ، ومستساغا عندهم ، وقيل : إنه أوخذ ؛ لأنه حكم بمجرد سماعه لكلام أحد الخصمين ،
    وكان عليه أن يسمع كلام الخصم الآخر( الشفا ج2 ص158.)، وقد قيل : إذا جاءك أحد الخصمين ، وقد فقئت عينه ، فلا تحكم له ؛ لجواز أن يكون خصمه قد فقئت عيناه ، وهذه الأقوال الثلاثة ونحوها لست منها على ثلج ، ولا اطمئنان ، فإنها وإن كانت لا تخل بالعصمة لكنها تخدشها ، ثم هي لا تليق بالصفوة المختارة من الخلق ، وهم الأنبياء ، فالوجه الجدير بالقبول في تفسير الآيات هو الأول فعض عليه ، واشدد به يديك.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    التعديل الأخير تم بواسطة mosaab1975 ; 09-12-2009 الساعة 11:24 AM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي

    الإسرائيليات في قصة سليمان عليه السلام :
    ومن الإسرائيليات ما يذكره بعض المفسرين عند تفسير قوله تعالى : {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَاَبَ}(ص : 34.).
    وقد ذكر الكثير منها في تفاسيرهم ، ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والثعلبي ، والبغوي ، وغيرهم ، وذكركل ما روى منذ لك من غير تمييز بين الصحيح والضعيف ، والغث والسمين ، السيوطي ، في "الدر المنثور" وليته إذ فعل نقد كل رواية ، وبين منزلتها من القبول والرد ، وما هو من الإسرائيليات ، وما ليس منها ، قال السيوطي في "الدر" : أخرج النسائي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، بسند قوي عن ابن عباس-رضي الله عنهما- قال :
    أراد سليمان -عليه السلام- أن يدخل الخلاء( المرحاض)، فأعطى الجرادة خاتمه ، وكانت جرادة امرأته ، وكانت أحب نسائه إليه ، فجاء الشيطان في صورة سليمان ، فقال لها : هاتي خاتمي ، فأعطته ، فلما لبسه ، دانت له الجن ، والإنس ، والشياطين ، فلما خرج سليمان -عليه السلام- من الخلاء ، قال لها : هاتي خاتمي ، فقالت : قد أعطيته سليمان ، قال : أنا سليمان ، قالت : كذبت ، لست سليمان ، فجعل لا يأتي أحدا يقول له : أنا سليمان إلا كذبه ، حتى جعل الصبيان يرمونه بالحجارة ، فلما رأى ذلك : عرف أنه من أمر الله -عز وجل- وقام الشيطان يحكم بين الناس ، فلما أراد الله تعالى أن يرد على سليمان -عليه السلام- سلطانه ألقى الله في قلول الناس إنكار ذلك الشيطان ، فأرسلوا إلى نساء سليمان -عليه السلام- فقالوا لهن : أيكون من سليمان شء ؟ قلن : نعم ، إنه يأتينا ونحن حيض ، وما كان يأتينا قبل ذلك! فلما رأى الشيطان أنه قد فطن له : ظن أن أمره قد انقطع ، فكتبوا كتبا فليها سحر ، ومكر ، فدفنوها تحت كرسي سليمان ، ثم أثاروها(أخرجوها.) ، وقرأوه على الناس ، قالوا : بهذا كان يظهر سليمان على الناس ، ويغلبهم ، فأكفر الناس سليمان ، فلم يزالوا يكفرونه ، وبعث ذلك الشيطان بالخاتم ، فطرحه في البحر ، فتلقته سمكة ، فأخذته ، وكان سليمان -عليه السلام- يعمل على شط البحر بالأجر ، فجاء رجل ، فاشترى سمكا ؛ فيه تلك السمكة في بطنها الخاتم ، فدعا سليمان -عليه السلام- فقال له : تحمل لي هذا السمك ، ثم انطلق إلى منزله ، فلما انتهى الرجل إلى باب داره أعطاه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم ، فأخذها سليمان -عليه السلام- فشق بطنها ، فإذا الخاتم في جوفها ، فأخذه ، فلبسه ، فلما لبسه دانت له الإنس ، والجن ، والشياطين ، وعاد إلى حاله ، وهرب الشيطان حتى لحق بجزيرة من جزائر البحر ، فأرسل سليمان -عليه السلام- في طلبه ، وكان شيطانا مريدا يطلبونه ولا يقدرون عليه حتى وجدوه يوما نائما ، فجاؤوا فبنوا عليه بناينا من رصاص ، فاستيقظ ، فوثب ، فجعل لا يثب في مكان من البيت إلا أن دار معه الرصاص ، فأخذوه وأوثقوه : وجاءوا به إلى سليمان -عليه السلام- ، فأمر به ، فنقب له في رخام ، ثم أدخل في جوفه ، ثم سد بالنحاس ، ثم أمر به ، فطرح في البحر ، فذلك قوله : {ولقد فتنا سليمان والقينا على كرسيه جسدا...} ، يعني الشيطان الذي كان تسلط عليه.
    وقد روى السيوطي في "الدر" روايات أخرى ، عن ابن عباس وقتادة ، في أن هذا الشيطان كان يسمى صخرا ، وروي عن مجاهد : أن اسمه آصف ، وأن سليمان سأله : كيف تفتنون الناس ؟! فقال الشيطان : أرني خاتمك أخبرك ، فلما أعطاه نبذه آصف في البحر ، فساح سليمان ، وذهب ملكه ، وقعد آصف على كرسيه ، حتى كان ما كان من أمر السمكة ، والعثور على الخاتم ، ورجوع ملك سليمان إليه.
    غير أن في رواية قتادة ، ومجاهد : أن الشيطان لم يسلط على نساء سليمان ، ومنعهن الله منه ، فلم يقربهن ، ولم يقربنه
    ونحن لا نشك في أن هذه الخرافات من أكاذيب بني إسرائيل ، وأباطيلهم ، وأن ابن عباس وغيره تلقوها عن مسلمة أهل الكتاب وليس أدل على هذا مما ذكره السيوطي في "الدر" قال : وأخرج عبد الرزاق ، وابن المنذر ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أربع آيات من كتاب الله لم أدر ما هي ؟ حتى سألت عنهن كعب الاحبار رضي الله عنه... وذكر منها وسألته عن قوله تعالى : {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} قال : الشيطان أخذ خاتم سليمان عليه السلام الذي فيه ملكه ، فقذف به في البحر ، فوقع في بطن سمكة ، فانطلق سليمان يطوف ؛ إذ تصدق عليه بتلك السمكة فاشتواها ، فأكلها ، فإذا فيها خاتمه ، فرجع إليه ملكه( الدر المنثور ).
    وكذا ذكرها مطولة جدا البغوي في تفسيره ، عن محمد ابن إسحاق عن وهب بن منبه(تفسير البغوي على هامش تفسير ابن كثير ج 7 ص 2091.).
    قوة السند لا تنافي كونها إسرائيليات :
    وأحب أن أؤكد هنا ما ذكرته قبل : من أن قوة السند لا تنافي كونها مما أخذه ابن عباس وغيره عن كعب الأحبار وأمثاله من مسلمة أهل الكتاب ، فثبوتها في نفسها لا ينافي كونها من إسرائيليات بني إسرائيل ، وخرافاتهم ، وافتراءتهم على الأنبياء.
    سلفي من العلماء في رد هذا الغثاء :
    وقد سبق إلى التنبيه إلى ذلك : الإمام القاضي عياض في "الشفا" : "ولا يصح ما نقله الإخباريون من تشبه الشيطان به ، وتسلطه على ملكه ، وتصرفه في أمته بالجور في حكمه ؛ لأن الشياطين لا يسلطون على مثل هذا ، وقد عصم الأنبياء من مثله"( الشفا ج 2 ص 162.)، وكذلك الإمام الحافظ الناقد : ابن كثير في تفسيره قال بعد أن ذكر الكثير منها :
    وهذه كلها من الإسرائيليات ، ومن أنكَرِها ما قال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين ، قال : حدثنا محمد بن العلاء ، وعثمان بن أبي شيبة ، وعلي بن محمد ، قالوا : حدثنا أبو معاوية "قال" : أخبرنا الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} قال : أراد سليمان عليه الصلاة والسلام أن يدخل الخلاء..... ثم ذكر الرواية التي ذكرناها أولا.
    ثم قال : إسناده إلى ابن عباس رضي الله عنهما قوي ، ولكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس رضي الله عنهما إن صح عنه من أهل الكتاب ، وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوة سليمان عليه الصلاة والسلام ، فالظاهر أنهم يكذبون عليه ، ولهذا كان في هذا السياق منكرات من أشدها ذكر النساء ، فإن المشهور عن مجاهد وغير واحد من أئمة السلف : أن ذلك الجني لم يسلط على نساء سليمان ، بل عصمهن الله عز وجل منه ، تشريفا ، وتكريما لنبيه عليه السلام ، وقد رويت هذه القصة مطولة عن جماعة من السلف رضي الله عنهم كسعيد بن المسيب وزيد بن أسلم ، وجماعة آخرين ، وكلها متلقاة عن أهل الكتاب ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
    أقول : كلها أكاذيب ، وتلفيقات ، ولكن بعض الكذبة من بني إسرائيل كان أحرص ، وأبعد غورا من البعض الآخر ، فلم يتورط فيما تورط فيه البعض ، من ذكر تسلط الشيطان على نساء داود عليه السلام وذلك حتى يكون لما لفقه ، وافتراه ، بعض القبول عند الناس ، أمام البعض الآخر ، فكان ساذجا في كذبه ، مغفلا في تلفيقه ، ، فترك آثار الجريمة بينة واضحة ، وبذلك : اشتمل ما لفقه على دليل كذبه.
    ومن العجيب : أن الإمام السيوطي نبه في كتابه : "تخريج أحاديث الشفاء" : أنها إسرائيليات ، تلقاها ابن عباس عن أهل الكتاب ، وليته نبه إلى ذلك في التفسير.
    نسج القصة مهلهل :
    والحق : أن نسج القصة مهلهل ، عليه أثر الصنعة والاختلاق ، ويصادم العقل السليم ، والنقل الصحيح في هذا.
    وإذا جاز للشيطان أن يتمثل برسول الله سليمان عليه السلام فأي ثقة بالشرائع تبقى بعد هذا ؟! وكيف يسلط الله الشيطان على نساء نبيه سليمان ، وهو أكرم على الله من ذلك ؟!
    وأي ملك أو نبوة يتوقف أمرهما على خاتم يدومان بدوامه ، ويزولان بزواله ؟! وما عهدنا في التاريخ البشري شيئا من ذلك.
    وإذا كان خاتم سليمان عليه السلام بهذه المثابة فكيف يغفل الله شأنه في كتابه الشاهد على الكتب السماوية ولم يذكره بكلمة ؟! وهل غير الله سبحانه خلقة سليمان في لحظة ، حتى أنكرته أعرف الناس به ، وهي : زوجته جرادة ؟!!
    الحق : أن نسج القصة مهلهل ، لا يصمد أمام النقد ، وأن آثار الكذب والاختلاق بادية عليها.
    نسبة بعض هذه الأكاذيب إلى رسول الله :
    وقد تجرأ بعض الرواة ، أو غلط ، فرفع بعض هذه الإسرائيليات إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال السيوطي في "الدر المنثور" : وأخرج الطبراني في الأوسط( يعني في كتابه "المعجم الأوسط".)، وابن مردويه بسند ضعيف ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ولد لسليمان ولد ، فقال الشيطان تواريه من الموت ، قالوا : نذهب به إلى المشرق ، فقال : يصل إليه الموت ، قالوا : فإلى المغرب قال : يصل إليه الموت ، قالوا : إلى البحار ، قال : يصل إليه الموت ، قالوا : نضعه بين السماء والأرض ، قال : نعم ، ونزل عليه ملك الموت ، فقال : إني أمرت بقبض نسمة طلبتها في البحار ، وطلبتها في تخوم الأرض فلم أصبها ، فبينا أنا قاعد أصبتها ، فقبضتها وجاء جسده ، حتى وقع على كرسي سليمان ، فهو قول الله : {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ}".
    وهذا الحديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد يكون ذلك من عمل بعض الزنادقة ، أو غلط بعض الرواة ، وقد نبه على وضعه الإمام : الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي ، وقال : يجيى -يعني : ابن كثير- يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم ، ولا ينسب إلى نبي الله سليمان ذلك ، ووافقه السيوطي على وضعه(اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ج 2 ص 221.) ، ولا يشك في وضع هذا إلا من يشك في عصمة الأنبياء عن مثله ، وأحرى بمثل هذا أن يكون مختلفًا على نبينا صلى الله عليه وسلم ، وعلى نبي الله : سليمان عليه السلام ، وإنما هو من إسرائيليات بني إسرائيل وأكاذيبهم.
    ما هو الصحيح في تفسير الفتنة ؟! :
    والصحيح المتعين في تفسير الفتنة هو ما جاء في الصحيحين ، واللفظ للبخاري ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
    "قال سليمان بن داود : لأطوفن الليلة على سبعين امرأة ، تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله ، فقال له صاحبه(قرينه من الملائكة.) : قل : إن شاء الله ، فلم يقل ، ولم تحمل واحدة منهن شيئا ، إلا واحدة جاءت بولد ساقط إحدى شقيه" ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لو قالها لجاهدوا في سبيل الله أجمعين".
    فهذا هو المتعين في تفسير الآية ، وخير ما يفسر به كلام الله هو ما صح عن رسول الله ، وقد بينت بعض الروايات : أن الترك كان نسيانا ، والمراد بصاحبه : الملك كما جاء في بعضها.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    02:17 PM

    افتراضي

    الإسرائيليات في قصة أيوب عليه السلام :
    ومن القصص التي تزيَّد فيها المتزيدون ، واستغلها القصاصون ، وأطلقوا فيها لخيالهم العنان : قصة سيدنا أيوب عليه السلام ، فقد رووا فيها ما عصم الله أنبياءه عنه ، وصوروه بصورة لا يرضاها الله لرسولٍ من رسله.
    فقد ذكر بعض المفسرين عند تفسير قوله تعالى : {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ
    أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ، ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ، وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ ، وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}(ص : 41-44 ). ذكر السيوطي في "الدر المنثور" وغيره ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله تعالى : {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ}... الآية ، قال : ذهاب الأهل والمال ، والضر الذي أصابه في جسده ، قال : ابتلي سبع سنين وأشهرا ، فألقي على كناسة بني إسرائيل ، تختلف الدواب في جسده ، ففرَّج الله عنه ، وأعظم له الأجر ، وأحسن.
    قال : وأخرج أحمد في الزهد ، وابن أبى حاتم ، وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : إن الشيطان عرج إلى السماء فقال : يا رب سلطني على أيوب عليه السلام ، قال الله : قد سلطتك على ماله ، وولده ، ولم أسلطك على جسده ، فنزل : فجمع جنوده فقال لهم : قد سلطت على أيوب عليه السلام فأروني سلطانكم فصاروا نيرانا ، ثم صاروا ماء ، فينما هم بالمشرق إذا هم بالمغرب ، وبينما هم بالمغرب إذا هم بالمشرق ، فأرسل طائفة منهم إلى زرعه ، وطائفة إلى أهله ، وطائفة إلى بقره ، وطائفة إلى غنمه ، وقال : إنه لا يعتصم منكم إلا بالمعروف : فأتوه بالمصائب بعضها على بعض ، فجاء صاحب الزرع فقال : يا أيوب ، ألم ترَ إلى ربك : أرسل على زرعك عدوا ، فذهب به ، وجاء صاحب الإبل ، وقال : ألم ترَ إلى ربك أرسل على إبلك عدوا ، فذهب بها ، ثم جاء صاحب البقر ، فقال : ألم ترَ إلى ربك أرسل على بقرك عدوا ، فذهب بها ، وتفرد هو ببنيه جمعهم في بيت أكبرهم ، فينما هم يأكلون ، ويشربون إذ هبت ريح فأخذت بأركان البيت ، فألقته عليهم ، فجاء الشيطان إلى أيوب بصورة غلام ، فقال : يا أيوب ، ألم تر إلى ربك جمع بنيك في بيت أكبرهم ، فينما هم يأكلون ، ويشربون ؛ إذ هبت ريح ، فأخذت بأركان البيت ، فألقته عليهم ، فلو رأيتهم حين اختلطت دماؤهم ، ولحومهم بطعامهم ، وشرابهم ، فقال له أيوب : أنت الشيطان ، ثم قال له : أنا اليوم كيوم ولدتني أمي ، فقام ، فحلق رأسه ، وقام يصلي ، فرنَّ إبليس رنَّةً سمع بها أهل السماء وأهل الأرض ، ثم خرج إلى السماء ، فقال : أي رب ، إنه قد اعتصم ، فلسلطني عليه ، فإني لا أستطيعه إلا بسلطانك ، قال : قد سلطتك على جسده ، ولم أسلطك على قلبه ، فنزل ، فنفخ تحت قدمه نفخة ، قرح ما بين قدميه إلى قرنه ، فصار قرحة واحدة ، وألقي على الرماد ، حتى بدا حجاب قلبه ، فكانت امرأته تسعى إليه ، حتى قالت له : أما ترى يا أيوب ، قد نزل بي والله من الجهد والفاقة ما إن بعت قروني برغيف ، فأطعمك ، فادع الله أن يشفيك ، ويريحك ، قال : ويحك ؛ كنا في النعيم سبعين عاما ، فاصبري حتى نكون في الضر سبعين عاما ، فكان في البلاء سبع سنين ، ودعا ، فجاء جبريل عليه السلام يومًا فأخذ بيده ، ثم قال : قم : فقام ، فنحاه عن مكانه ، وقال : اركض برجلك ، هذا مغتسل بارد وشراب ، فركض برجله ، فنبعت عين ، فقال : اغتسل ، فاغتسل منها ، ثم جاء أيضا ، فقال : اركض برجلك فنبعت عين أخرى ، فقال له : اشرب منها ، وهو قوله : {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} ، وألبسه الله حلة من الجنة.
    فتنحى أيوب ، فجلس في ناحية ، وجاءت امرأته ، فلم تعرفه ، فقالت : يا عبد الله ، أين المبتلى الذي كان هنا ، لعل الكلاب ذهبت به ، أو الذئاب ، وجعلت تكلمه ساعة ، فقال : ويحك ، أنا أيوب!! قد رد الله علي جسدي ، ورد الله عليه ماله ، وولده عيانًا ومثلهم معهم...(الدر المنثور ج 5 ص 315 ، 316).
    قال : وأخرج أحمد في الزهد ، عن عبد الرحمن بن جبير رضي الله عنه قال : ابتلي أيوب بماله ، وولده ، وجسده ، وطرح في المزبلة ، فجاءت امرأته تخرج ، فتكتسب عليه ما تطعمه ، فحسده الشيطان بذلك ، فكان يأتي أصحاب الخير والغنى ، فيقول : اطردوا هذه المرأة التي تغشاكم ، فإنها تعالج صاحبها ، وتلمسه بيدها ، فالناس يتقذرون طعامكم من أجلها ، فجعلوا لا يدنونها منهم ، ويقولون تباعدي ونحن نطعمك ، ولا تقريبنا...
    وقد ذكر ابن جرير ، وابن أبي حاتم الكثير من هذه الروايات في تفسيريهما ، منها : ما هو موقوف ، وبعضها مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك ذكر ابن جرير والبغوي ، وغيرهما ، عند تفسير قوله تعالى : {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ}(الأنبياء : 83 ، 84.) الكثير من الإسرائيليات.
    فقد رويا قصة أيوب وبلائه عن وهب بن منبه ، في بضع صحائف ، وقد التبس فيها الحق بالباطل ، والصدق بالكذب(تفسير البغوي على هامش تفسير ابن كثير ج5 من ص 509-518).
    وقال ابن كثير في تفسيره عند هذه الآية : "وقد روي عن وهب بن منبه في خبره -يعني أيوب- قصة طويلة ، ساقها ابن جرير ، وابن أبي حاتم بالسند عنه ، وذكرها غير واحد من متأخري المفسرين ، وفيها غرابة ، تركناها لحال الطول.
    ومن العجيب : أن الحافظ الناقد ابن كثير وقع فيما وقع فيه غيره في قصة أيوب ، من ذكر الكثير من الإسرائيليات ولم يعقب عليه(تفسير ابن كثير ج5 ص 509-518) ، مع أن عهدنا به أنه لا يذكر شيئا من ذلك إلا وينبه على مصدره ، ومن أين دخل في الرواية الإسلامية ، ولا أظن أنه يرى في هذا أنه مما تباح روايته!!!
    فقد ذكر أنه يقال : إنه أصيب بالجذام في سائر بدنه ، ولم يبق منه سليم سوى قلبه ولسانه ، يذكر بهما الله عز وجل ، حتى عافه الجليس ، وصار منبوذا في ناحية من البلد ، ولم يبق أحد من الناس يحنو عليه غير زوجته ، وتحملت في بلائه ما تحملت ، حتى صارت تخدم الناس ، بل قد باعت شعرها بسبب ذلك ، ثم قال : وقد روي : أنه مكث في البلاء مدة طويلة ، ثم اختلفوا في السبب المهيج له على هذا الدعاء ، فقال الحسن يعني البصري وقتادة : ابتلي أيوب عليه السلام سبع سنين وأشهرا ملقى على كناسة بني إسرائيل ، تختلف الدواب في جسده ، ففرج الله عنه ، وأعظم له الأجر ، وأحسن عليه الثناء ، وقال وهب بن منبه : مكث في البلاء ثلاث سنين ، لا يزيد ولا ينقص. وقال السدي( إن كان السدي الصغير فهو كذاب ، وإن كان السدي الكبير فمختلف في تعديله.
    تساقط لحم أيوب ، حتى لم يبق إلا العصب والعظام... ثم ذكر قصة طويلة.
    ثم ذكر ما رواه ابن أبي حاتم بسنده ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة ، فرفضه القريب ، والبعيد ، إلا رجلين من إخوانه له ، كانا يغدوان إليه ، ويروحان ، فقال أحدهما لصاحبه : تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين ، فقال له صاحبه : وما ذاك ؟ قال : منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله ، فيكشف ما به ، فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له ، فقال أيوب عليه السلام : ما أدرى ما تقول ، غير أن الله عز وجل يعلم أني كنت أَمُرُّ على الرجلين يتنازعان ، فيذكران الله ، فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما كراهية أن يذكرا الله إلا في حق ، قال : وكان يخرج في حاجته ، فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده ، حتى يبلغ ، فلما كان ذات يوم أبطأت عليه ، فأوحى الله إلى أيوب في مكانه ، : أن اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب".
    وقال ابن كثير : رفع هذا الحديث غريب جدا ، وقال الحافظ ابن حجر : وأصح ما ورد في قصته : ما أخرجه ابن أبي حاتم ، وابن جرير ، وصححه ابن حبان ، والحاكم ، بسند عن أنس : أن أيوب... ثم ذكر مثل ذلك.
    أقول : والمحققون من العلماء على أن نسبة هذا إلى المعصوم صلى الله عليه وسلم إما من عمل بعض الوضاعين الذين يركبون الأسانيد للمتون ، أو من غلط بعض الرواة ، وأن ذلك من إسرائيليات بني إسرائيل وافتراءاتهم على الأنبياء ، والأصحية هنا نسبية ، على أن صحة السند لا تنافي أن أصله من الإسرائيليات ، كما قلت مرارًا ، والإمام الحافظ ابن حجر على جلالته ربما يوافق على تصحيح ما يخالف الأدلة العقلية والنقلية ، كما فعل في قصة الغرانيق ، وهاروت وماروت وكل ما روي موقوفا أو مرفوعا لا يخرج عما ذكره وهب بن منبه ، في قصة أيوب ، التي أشرنا إليها آنفا ، وما رواه ابن إسحاق أيضا ، فهو مما أخذه عن وهب ، وغيره.
    وهذا يدل أعظم الدلالة على أن معظم ما روي في قصة أيوب مما أخذ عن أهل الكتاب الذين أسلموا ، وجاء القصاصون المولعون بالغرائب ، فزادوا في قصة أيوب ، وأذاعوها ، حتى اتخذ منها الشحاذون ، والمتسولون وسيلة لاسترقاق قلوب الناس ، واستدرار العطف عليهم.
    الحق في هذه القصة :
    وقد دل كتاب الله الصادق ، على لسان نبيه محمد الصادق على أن الله تبارك وتعالى ابتلى نبيه أيوب عليه الصلاة والسلام في جسده وأهله وماله ، وأنه صبر حتى حتى صار مضرب الأمثال في ذلك ، وقد أثنى الله عليه هذا الثناء المستطاب ، قال عز شأنه : {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّاب} ، فالبلاء مما لا يجوز أن يشك فيه أبدًا ، والواجب على المسلم : أن يقف عند كتاب الله ، ولا يتزيد في القصة كما تزيد زنادقة أهل الكتاب ، وألصقوا بالأنبياء ما لا يليق بهم ، وليس هذا بعجيب من بني إسرائيل الذين لم يتجرأوا على أنبياء الله ورسله فحسب بل تجرأوا على الله تبارك وتعالى ونالوا منه وفحشوا عليه ، ونسبوا إليه ما قامت الأدلة العقلية والنقلية المتواترة على استحالته عليه سبحانه وتعالى من قولهم : {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء}(آل عمران : 181) وقولهم : : {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا}(المائدة : 64.) ، عليهم لعائن الله.
    والذي يجب أن نعتقده : أنه ابتلي ، ولكن بلاءه لم يصل إلى حد هذه الأكاذيب ، من أنه أصيب بالجذام(الجذام : مرض من أخبث الأمراض ، وأقذرها) ، وأن جسمه أصبح قرحة ، وأنه أُلقِيَ على كناسة بني إسرائيل ، يرعى في جسده الدود ، وتعبث بن دواب بني إسرائيل ، أو أنه أصيب بمرض الجدري.
    وأيوب عليه صلوات الله وسلامه أكرم على الله من أن يلقى على مزبلة ، وأن يصاب بمرض ينفر الناس من دعوته ، ويقززهم منه ، وأي فائدة تحصل من الرسالة وهو على هذه الحال المرزية التي لا يرضاها الله لأنبيائه ورسله ؟.
    والأنبياء إنما يبعثون من أوساط(خيارهم وأكرمهم نسبا وعشيرة) قومهم ، فأين كانت عشيرته فتواريه ، وتطعمه ؟! بدل أن تخدم امرأته الناس ، بل وتبيع ضفيرتيها في سبيل إطعامه!!
    بل أين كان أتباعه ، والمؤمنون منه ، هل تخلَّوا عنه في بلائه ؟! وكيف والإيمان ينافي ذلك ؟!
    الحق : أن نسج القصة مهلهل ، لا يثبت أمام النقد ، ولا يؤيده عقل سليم ، ولا نقل صحيح ، وأن ما أصيب به أيوب من المرض إنما كان من النوع غير المنفر ، والمقزز ، وأنه من الأمراض التي لا يظهر أثرها على البشرة ، كالروماتيزم ، وأمراض المفاصل ، والعظام ونحوها ، ويؤيد ذلك : أن الله لما أمره أن يضرب الأرض بقدمه ، فنبعت عين ، فاغتسل ، منها ، وشرب ، فبرأ بإذن الله ، وقيل : إنه ضرب الأرض برجله فنبعت عين حارة ، فاغتسل منها ، وضربها مرة أخرى ، فنبعت عين باردة ، فشرب منها ، والله أعلم بالصواب ، وظاهر القرآن عدم التعدد في الضرب ولا في نبع الماء.
    مقالة الإمام القاضي أبي بكر ابن العربي :
    ويعجبني ما قاله الإمام القاضي أبو بكر ابن العربي رحمه الله قال : "ولم يصح عن أيوب في أمره إلا ما أخبرنا الله عنه في كتابه في آيتين : الأولى في قوله تعالى : {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرّ...} والثانية في "ص" : {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} وأما النبي صلى الله عليه وسلم : فلم يصح عنه أنه ذكره بحرف واحد إلا قوله : "بينما أيوب يغتسل ، إذ خر عليه رجل من جراد من ذهب..."(*) الحديث ، وإذا لم يصح فيه قرآن ، ولا سنة إلا ما ذكرنا فمن الذي يوصل السامع إلى أيوب خبره ، أم على أي لسان سمعه ؟! ، والإسرائيليات مرفوضة عند العلماء على البتات ، فأعرض عن سطورها بصرك ، وأصم عن سماعها أذنيك ؛ فإنها لا تعطي فكرك إلا خيالا ، ولا تزيد فؤادك إلا خبالا ، وفي الصحيح واللفظ للبخاري : أن ابن عباس قال : "يا معشر المسلمين ، تسألون أهل الكتاب ، وكتابكم الذي أنزل على نبيكم أحدث الأخبار بالله ، تقرءونه محضا لم يشب ، وقد حدثكم أن أهل الكتاب قد بدلوا من كتب الله ، وغيروا وكتبوا بأيديهم الكتب ، فقالوا : هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ، ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم ، فلا والله ما رأينا رجلا منهم يسألكم عن الذي أنزل عليكم"( صحيح البخاري ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ، باب لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء.) وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الموطأ على عمر قراءته التوراة".
    وقال الإمام الآلوسي في تفسيره ، بعد أن ذكر بعض مما ذكرنا : وعظم بلائه عليه السلام مما شاع وذاع ولم يختلف فيه اثنان ، لكن في بلوغ أمره إلى أن ألقي على كناسة ، ونحو ذلك فيه خلاف.
    قال الطبرسي : قال أهل التحقيق : إنه لا يجوز أن يكون بصفة يستقذره الناس عليها ؛ لأن في ذلك تنفيرًا ، فأما الفقر والمرض ، وذهاب الأهل فيجوز أن يمتحنه الله تعالى بذلك.
    وفي هداية المريد للَّقاني : أنه يجوز على الأنبياء عليهم السلام كل عرض بشري ، ليس محرما ولا مكروها ، ولا مباحا مرزيا ، ولا مزمنا ، ولا مما تعافه الأنفس ، ولا مما يؤدي إلى النفرة ، ثم قال بعد ورقتين : واحترزنا بقولنا : ولا مزمنا ولا مما تعافه الأنفس.
    عما كان كذلك كالإقعاد ، والبرص والجذام ، والعمى ، والجنون.
    وأما الإغماء : فقال النووي : لا شك في جوازه عليهم ؛ لأنه مرض بخلاف الجنون ، فإنه نقص ، وقيد أبو حامد يعني الغزالى الإغماء بغير الطويل ، وجزم به البلقيني ، قال السبكي : وليس كإغماء غيرهم ، لأنه إنما يستر حواسهم الظاهرة ، دون قلوبهم ، لأنها معصومة من النوم الأخف ، قالك ويمتنع عليهم الجنون ، وإن قل ، لأنه نقص ، ويلحق به العمى ، ولم يعمى نبي قط ، وما ذكر عن شعيب من أنه كان ضريرا لم يثبت ، وأما يعقوب فحصلت له غشاوة وزالت. انتهى.
    وفرق بعضهم في عروض ذلك بين أن يكون بعد التبليغ وحصول الغرض من النبوة : فيجوز ، وبين أن يكون قبل : فلا يجوز ، ولعلك تختار القول بحفظهم مما تعافه النفوس ، ويؤدي إلى الاستقذار والنفرة كما يشعر به ما روي عن قتادة ، ونقله القصاص في كتبهم ، وذكر بعضهم أن داءه كان الجدري ، ولا أعتقد صحة ذلك ، والله تعالى أعلم(تفسير الآلوسي ج 23 ص 208 ط منير.).


    _______________________________________
    (*) هو ما رواه البخاري في صحيحه بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "بينما أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل أي جماعة جراد من ذهب فجعل يحثي في ثوبه فناده ربه : يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى ؟ قال : بلى يا رب ، ولكن لا غنى لي عن بركتك".
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 1 من 3 1 2 ... الأخيرةالأخيرة

الإسرائيليات في كتب التفسير

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير كتاب الكتروني رائع
    بواسطة عادل محمد في المنتدى منتدى الكتب
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 25-11-2011, 03:26 PM
  2. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-01-2010, 09:05 AM
  3. من الإسرائيليات: أسماء وألوان السموات السبع
    بواسطة مصطفي شريف في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 04-02-2008, 11:19 AM
  4. الإسرائيليات ومحورها ...
    بواسطة صقر قريش في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 24-06-2007, 08:06 PM
  5. الإسرائيليات وأثرها على المخزون الثقافي- حلقة عن المجد تى فى
    بواسطة نسيبة بنت كعب في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 25-07-2006, 06:21 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

الإسرائيليات في كتب التفسير

الإسرائيليات في كتب التفسير