الرد على شبهة أمرت أن أقاتل الناس

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

الرد على شبهة أمرت أن أقاتل الناس

صفحة 3 من 4 الأولىالأولى ... 2 3 4 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 33

الموضوع: الرد على شبهة أمرت أن أقاتل الناس

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    7
    آخر نشاط
    11-11-2007
    على الساعة
    05:07 AM

    افتراضي

    اقتباس
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طارق حماد مشاهدة المشاركة


    وطبعاً لا ننسى قول الله تعالى
    (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } البقرة256

    فلا نأخذ القضية من جهة واحدة
    أخي لا داعي لتخليط الأوراق إكراه الناس للدخول في الاسلام يعني اعتناق العقيدة و إكراه المحاربين للخضوع للدين أي الشريعة شيء آخر تماما.

    انتهى كلامي

    و الآن إلى تفسير الآية:

    قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في معنى ذلك. فقال بعضهم: نزلت هذه الآية في قوم من الأنصار- أو في رجل منهم - كان لهم أولاد قد هودوهم أو نصروهم، فلما جاء الله بالإسلام أرادوا إكراههم عليه، فنهاهم الله عن ذلك حتى يكونوا هم يختارون الدخول في الإسلام. ذكر من قال ذلك:
    حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال: كانت المرأة تكون مقلاتا، فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده. فلما أجليت بنو النضير، كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالوا : لا ندع أبناءنا! فأنزل الله تعالى ذكره: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي .
    حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير قال: كانت المرأة تكون مقلىً ولا يعيش لها ولد -قال شعبة : وإنما هو مقلات - فتجعل عليها إن بقي لها ولد لتهودنه. قال: فلما أجليت بنو النضير كان فيهم منهم، فقالت الأنصار: كيف نصنع بأبنائنا؟ فنزلت هذه الآية: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي . قال : من شاء أن يقيم أقام ، ومن شاء أن يذهب ذهب.
    حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا داود ، وحدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية ، عن داود ، عن عامر قال: كانت المرأة من الأنصار تكون مقلاتاً لا يعيش لها ولد، فتنذر إن عاش ولدها أن تجعله مع أهل الكتاب على دينهم، فجاء الإسلام وطوائف من أبناء الأنصار على دينهم، فقالوا: إنما جعلناهم على دينهم ونحن نرى أن دينهم أفضل من ديننا! وإذ جاء الله بالإسلام، فلنكرهنهم! فنزلت: لا إكراه في الدين ، فكان فصل ما بين من اختار اليهودية والإسلام ، فمن لحق بهم اختار اليهودية، ومن أقام اختار الإسلام. ولفظ الحديث لحميد.
    حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا معتمر بن سليمان قال، سمعت داود ، عن عامر ، بنحو معناه، إلا أنه قال: فكان فصل ما بينهم، إجلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير، فلحق بهم من كان يهودياً ولم يسلم منهم، وبقي من أسلم.
    حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود ، عن عامر ، بنحوه، إلا أنه قال: إجلاء النضير إلى خيبر، فمن اختار الإسلام أقام، ومن كره لحق بخيبر.
    حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد الحرشي مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قوله: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ، قال: نزلت في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف ، يقال له: الحصين، كان له ابنان نصرانيان، وكان هو رجلاً مسلماً، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا أستكرههما، فإنهما قد أبيا إلا النصرانية؟ فأنزل الله فيه ذلك.
    حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج بن المنهال قال، حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر قال: سألت سعيد بن جبير عن قوله: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ، قال نزلت هذه في الأنصار، قال: قلت: خاصة؟ قال: خاصة! قال: كانت المرأة في الجاهلية تنذر إن ولدت ولداً أن تجعله في اليهود، تلتمس بذلك طول بقائه. قال: فجاء الإسلام وفيهم منهم، فلما أجليت النضير قالوا: يا رسول الله، أبناؤنا وإخواننا فيهم! قال: فسكت عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى ذكره: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:% قد خير أصحابكم، فإن اختاروكم فهم منكم، وإن اختاروهم فهم منهم، قال: فأجلوهم معهم%%.
    حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط ، عن السدي قوله: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي إلى لا انفصام لها ، قال: %نزلت في رجل من الأنصار يقال له أبو الحصين، كان له ابنان، فقدم تجار من الشام إلى المدينة يحملون الزيت. فلما باعوا وأرادوا أن يرجعوا، أتاهم ابنا أبي الحصين فدعوهما إلى النصرانية، فتنصرا فرجعا إلى الشام معهم .فأتى أبوهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:إن ابني تنصرا وخرجا، فأطلبهما؟ قال: لا إكراه في الدين ، ولم يؤمر يومئذ بقتال أهل الكتاب، وقال: أبعدهما الله! فهما أول من كفر! فوجد أبو الحصين في نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم، حين لم يبعث في طلبهما، فنزلت: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [النساء: 65]. ثم إنه نسخ: لا إكراه في الدين ، فأمر بقتال أهل الكتاب في سورة براءة %%.
    حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله: لا إكراه في الدين ، قال: كانت اليهود، يهود بني النضير، أرضعوا رجالاً من الأوس، فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإجلائهم، قال أبناؤهم من الأوس: لنذهبن معهم، ولندينن بدينهم! فمنعهم أهلوهم وأكرهوهم على الإسلام، ففيهم نزلت هذه الآية.
    حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي ، عن سفيان ، وحدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد، جميعاً، عن سفيان ، عن خصيف ، عن مجاهد : لا إكراه في الدين ، قال: كان ناس من الأنصار مسترضعين في بني قريظة ، فأرادوا أن يكرهوهم على الإسلام، فنزلت: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي .
    حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال: قال مجاهد : كانت النضير يهوداً فأرضعوا، ثم ذكر نحو حديث محمد بن عمرو ، عن أبي عاصم ، قال ابن جريج ، وأخبرني عبد الكريم ، عن مجاهد : أنهم كانوا قد دان بدينهم أبناء الأوس، دانوا بدين النضير.
    حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي : أن المرأة من الأنصار كانت تنذر إن عاش ولدها لتجعلنه في أهل الكتاب، فلما جاء الإسلام قالت الأنصار: يا رسول الله، ألا نكره أولادنا الذين هم في يهود على الإسلام؟ فإنا إنما جعلناهم فيها ونحن نرى أن اليهودية أفضل الأديان، فأما إذ جاء الله بالإسلام، أفلا نكرههم على الإسلام؟ فأنزل الله تعالى ذكره: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي .
    حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه، عن داود ، عن الشعبي مثله، وزاد، قال: كان فصل ما بين من اختار اليهود منهم وبين من اختار الإسلام، إجلاء بني النضير، فمن خرج مع بني النضير كان منهم، ومن تركهم اختار الإسلام.
    حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: لا إكراه في الدين إلى قوله: العروة الوثقى ، قال: هذا منسوخ.
    حدثني سعيد بن الربيع الرازي قال، حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد و وائل ، عن الحسن : أن أناساً من الأنصار كانوا مسترضعين في بني النضير، فلما أجلوا أراد أهلوهم أن يلحقوهم بدينهم، فنزلت: لا إكراه في الدين .
    وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا يكره أهل الكتاب على الدين إذا بذلوا الجزية، ولكنهم يقرون على دينهم. وقالوا: الآية في خاص من الكفار، ولم ينسخ منها شيء.
    ذكر من قال ذلك:
    حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة : لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ، قال: أكره عليه هذا الحي من العرب، لأنهم كانوا أمة أمية ليس لهم كتاب يعرفونه، فلم يقبل منهم غير الإسلام. ولا يكره عليه أهل الكتاب إذا أقروا بالجزية أو بالخراج، ولم يفتنوا عن دينهم، فيخلى عنهم.
    حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا سليمان قال، حدثنا أبو هلال قال، حدثنا قتادة في قوله: لا إكراه في الدين ، قال: هو هذا الحي من العرب، أكرهوا على الدين، لم يقبل منهم إلا القتل أو الإسلام، وأهل الكتاب قبلت منهم الجزية، ولم يقتلوا.
    حدثنا ابن حميد قال، حدثنا الحكم بن بشير قال، حدثنا عمرو بن قيس ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله: لا إكراه في الدين ، قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقاتل جزيرة العرب من أهل الأوثان، فلم يقبل منهم إلا: لا إله إلا الله، أو السيف، ثم أمر فيمن سواهم بأن يقبل منهم الجزية، فقال: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي .
    حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله: لا إكراه في الدين ، قال: كانت العرب ليس لها دين، فأكرهوا على الدين بالسيف. قال: ولا يكره اليهود ولا النصارى والمجوس، إذا أعطوا الجزية.
    حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح قال: سمعت مجاهداً يقول لغلام له نصراني: يا جرير، أسلم. ثم قال: هكذا كان يقال لهم.
    حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس : لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ، قال: وذلك لما دخل الناس في الإسلام، وأعطى أهل الكتاب الجزية.
    وقال آخرون: هذه الآية منسوخة، وإنما نزلت قبل أن يفرض القتال.
    ذكر من قال ذلك:
    حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن الزهري قال: سألت زيد بن أسلم عن قول الله تعالى ذكره: لا إكراه في الدين ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين لا يكره أحداً في الدين، فأبى المشركون إلا أن يقاتلوهم، فاستأذن الله في قتالهم فأذن له.
    قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: نزلت هذه الآية في خاص من الناس- وقال: عنى بقوله تعالى ذكره: لا إكراه في الدين ، أهل الكتابين والمجوس وكل من جاء إقراره على دينه المخالف دين الحق وأخذ الجزية منه، وأنكروا أن يكون شيء منها منسوخاً.
    وإنما قلنا: هذا القول أولى الأقوال في ذلك بالصواب، لما قد دللنا عليه في كتابنا كتاب اللطيف من البيان عن أصول الأحكام : من أن الناسخ غير كائن ناسخاً إلا ما نفى حكم المنسوخ فلم يجز اجتماعهما. فأما ما كان ظاهره العموم من الأمر والنهي، وباطنه الخصوص، فهو من الناسخ والمنسوخ بمعزل.
    وإذ كان ذلك كذلك، وكان غير مستحيل أن يقال: لا إكراه لأحد ممن أخذت منه الجزية في الدين، ولم يكن في الآية دليل على أن تأويلها بخلاف ذلك، وكان المسلمون جميعاً قد نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أنه أكره على الإسلام قوماً فأبى أن يقبل منهم إلا الإسلام، وحكم بقتلهم إن امتنعوا منه، وذلك كعبدة الأوثان من مشركي العرب، وكالمرتد عن دينه دين الحق إلى الكفر ومن أشبههم، وأنه ترك إكراه آخرين على الإسلام بقبوله الجزية منه وإقراره على دينه الباطل، وذلك كأهل الكتابين ومن أشبههم ، كان بيناً بذلك أن معنى قوله: لا إكراه في الدين ، إنما هو لا إكراه في الدين لأحد ممن حل قبول الجزية منه بأدائه الجزية، ورضاه بحكم الإسلام.
    ولا معنى لقول من زعم أن الآية منسوخة الحكم، بالإذن بالمحاربة.
    فإن قال قائل: فما أنت قائل فيما روي عن ابن عباس وعمن روي عنه: من أنها نزلت في قوم من الأنصار أرادوا أن يكرهوا أولادهم على الإسلام؟.
    قلنا: ذلك غير مدفوعة صحته، ولكن الآية قد تنزل في خاص من الأمر، ثم يكون حكمها عاماً في كل ما جانس المعنى الذي أنزلت فيه. فالذين أنزلت فيهم هذه الآية -على ما ذكر ابن عباس غيره- إنما كانوا قوماً دانوا بدين أهل التوراة قبل ثبوت عقد الإسلام لهم، فنهى الله تعالى ذكره عن إكراههم على الإسلام، وأنزل بالنهي عن ذلك آية يعم حكمها كل من كان في مثل معناهم، ممن كان على دين من الأديان التي يجوز أخذ الجزية من أهلها، وإقرارهم عليها، على النحو الذي قلنا في ذلك.
    قال أبو جعفر : ومعنى قوله: لا إكراه في الدين ، لا يكره أحد في دين الإسلام عليه. وإنما أدخلت الألف واللام في الدين، تعريفاً للدين الذي عنى الله بقوله: لا إكراه فيه، وأنه هو الإسلام.
    وقد يحتمل أن يكون أدخلتا عقيباً من الهاء المنوية في الدين، فيكون معنى الكلام حينئذ: وهو العلي العظيم، لا إكراه في دينه، قد تبين الرشد من الغي. وكأن هذا القول أشبه بتأويل الآية عندي.
    قال أبو جعفر : وأما قوله: قد تبين الرشد ، فإنه مصدر من قول القائل: رشدت فأنا أرشد رشداً ورشداً ورشاداً، وذلك إذا أصاب الحق والصواب.
    وأما الغي ، فإنه مصدر من قول القائل: قد غوى فلان فهو يغوى غياً وغواية، وبعض العرب يقول: غوي فلان يغوى، والذي عليه قراءة القرأة: ما ضل صاحبكم وما غوى [النجم: 2] بالفتح، وهي أفصح اللغتين، وذلك إذا عدا الحق وتجاوزه، فضل.
    فتأويل الكلام إذاً: قد وضح الحق من الباطل، واستبان لطالب الحق والرشاد وجه مطلبه، فتميز من الضلالة والغواية، فلا تكرهوا من أهل الكتابين، ومن أبحت لكم أخذ الجزية منه، [أحداً] على دينكم دين الحق، فإن من حاد عن الرشاد بعد استبانته له، فإلى ربه أمره، وهو ولي عقوبته في معاده.
    قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في معنى الطاغوت.
    فقال بعضهم: هو الشيطان.
    ذكر من قال ذلك:
    حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحق ، عن حسان بن فائد العبسي قال، قال عمر بن الخطاب: الطاغوت الشيطان.
    حدثني محمد بن المثنى قال، حدثني اين أبي عدي ، عن شعبة ، عن أبي إسحق ، عن حسان بن فائد ، عن عمر مثله.
    حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الملك ، عمن حدثه، عن مجاهد قال: الطاغوت الشيطان.
    حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا زكريا ، عن الشعبي قال: الطاغوت الشيطان.
    حدثني المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله: فمن يكفر بالطاغوت ، قال: الشيطان.
    حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة : الطاغوت الشيطان.
    حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط ، عن السدي قوله: فمن يكفر بالطاغوت ، بالشيطان.
    وقال آخرون: الطاغوت هو الساحر.
    ذكر من قال ذلك:
    حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود ، عن أبي العالية أنه قال: الطاغوت الساحر.
    وقد خولف عبد الأعلى في هذه الرواية، وأنا ذاكر الخلاف بعد.
    حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا حماد بن مسعدة قال، حدثنا عوف ، عن محمد قال: الطاغوت الساحر.
    وقال آخرون: بل الطاغوت هو الكاهن.
    ذكر من قال ذلك:
    حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير قال: الطاغوت الكاهن.
    حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود ، عن رفيع قال: الطاغوت الكاهن.
    حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج : فمن يكفر بالطاغوت ، قال: كهان تنزل عليها شياطين، يلقون على ألسنتهم وقلوبهم. أخبرني أبو الزبير ، عن جابر بن عبد الله أنه سمعه يقول: -وسئل عن الطواغيت التي كانوا يتحاكمون إليها فقال-: كان في جهينة واحد، وفي أسلم واحد، في كل حي واحد، وهي كهان ينزل عليها الشيطان.
    قال أبو جعفر : والصواب من القول عندي في الطاغوت، أنه كل ذي طغيان على الله، فعبد من دونه، إما بقهر منه لمن عبده، وإما بطاعة ممن عبده له، إنساناً كان ذلك المعبود، أو شيطاناً، أو وثناً، أو صنماً، أو كائناً ما كان من شيء.
    وأرى أن أصل الطاغوت، الطغووت من قول القائل: طغا فلان يطغو، إذا عدا قدره، فتجاوز حده، كـالجبروت من التجبر، والخلبوت من الخلب، ونحو ذلك من الأسماء التي تأتي على تقدير فعلوت بزيادة الواو والتاء. ثم نقلت لامه -أعني لام الطغووت- فجعلت له عيناً، وحولت عينه فجعلت مكان لامه، كما قيل: جذب وجبذ، وجاذب وجابذ، وصاعقة وصاقعة، وما أشبه ذلك من الأسماء التي على هذا المثال.
    فتأويل الكلام إذاً: فمن يجحد ربوبية كل معبود من دون الله، فيكفر به، ويؤمن بالله ، يقول: ويصدق بالله أنه إلهه وربه ومعبوده، فقد استمسك بالعروة الوثقى ، يقول: فقد تمسك بأوثق ما يتمسك به من طلب الخلاص لنفسه من عذاب الله وعقابه، كما:-
    حدثني أحمد بن سعيد بن يعقوب الكندي قال، حدثنا بقية بن الوليد قال، حدثنا ابن أبي مريم ، عن حميد بن عقبة ، عن أبي الدرداء : أنه عاد مريضاً من جيرته، فوجده في السوق وهو يغرغر، لا يفقهون ما يريد. فسألهم: يريد أن ينطق؟ قالوا: نعم، يريد أن يقول: آمنت بالله وكفرت بالطاغوت. قال أبو الدرداء : وما علمكم بذلك؟ قالوا: لم يزل يرددها حتى انكسر لسانه، فنحن نعلم أنه إنما يريد أن ينطق بها. فقال أبو الدرداء : أفلح صاحبكم! إن الله يقول: فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم .
    قال أبو جعفر : والعروة، في هذا المكان، مثل للإيمان الذي اعتصم به المؤمن، فشبهه في تعلقه به وتمسكه به، بالمتمسك بعروة الشيء الذي له عروة يتمسك بها، إذ كان كل ذي عروة فإنما يتعلق من أراده بعروته.
    وجعل تعالى ذكره الإيمان الذي تمسك به الكافر بالطاغوت المؤمن بالله، من أوثق عرى الأشياء بقوله: الوثقى .
    والوثقى ، فعلى من الوثاقة. يقال في الذكر: هو الأوثق، وفي الأنثى: هي الوثقى، كما يقال: فلان الأفضل، وفلانة الفضلى.
    وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
    ذكر من قال ذلك:
    حدثني محمد بن عمرو ، قال، حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله: بالعروة الوثقى ، قال: الإيمان.
    حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله.
    حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط ، عن السدي قال: العروة الوثقى ، هو الإسلام.
    حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان ، عن أبي السوداء ، عن جعفر -يعني ابن أبي المغيرة- عن سعيد بن جبير قوله: فقد استمسك بالعروة الوثقى ، قال: لا إله إلا الله.
    حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان ، عن أبي السوداء النهدي ، عن سعيد بن جبير مثله.
    حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك : فقد استمسك بالعروة الوثقى ، مثله.
    قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله: لا انفصام لها ، لا انكسار لها. والهاء والألف، في قوله: لها عائدة على العروة .
    ومعنى الكلام: فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله، فقد اعتصم من طاعة الله بما لا يخشى مع اعتصامه خذلانه إياه، وإسلامه عند حاجته إليه في أهوال الآخرة، كالمتمسك بالوثيق من عرى الأشياء التي لا يخشى انكسار عراها.
    وأصل الفصم الكسر، ومنه قول أعشى بني ثعلبة:
    ومبسمها عن شتيت النبات غير أكس ولا منفصم
    وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
    ذكر من قال ذلك:
    حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله: لا انفصام لها ، قال: لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
    حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله.
    حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط ، عن السدي : لا انفصام لها ، قال: لا انقطاع لها.
    قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره : والله سميع ، إيمان المؤمن بالله وحده الكافر بالطاغوت، عند إقراره بوحدانية الله وتبرئه من الأنداد والأوثان التي تعبد من دون الله، عليم بما عزم عليه من توحيد الله وإخلاص ربوبيته قلبه، وما انطوى عليه من البراءة من الآلهة والأصنام والطواغيت ضميره، وبغير ذلك مما أخفته نفس كل أحد من خلقه، لا ينكتم عنه سر، ولا يخفى عليه أمر، حتى يجازي كلاً يوم القيامة بما نطق به لسانه، وأضمرته نفسه، إن خيراً فخيراً، وإن شراً فشراً.

    انتهى كلام امام المفسرين الطبري

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    7
    آخر نشاط
    11-11-2007
    على الساعة
    05:07 AM

    افتراضي


    يقول السيد قطب رحمه الله في كتابه معالم في الطريق ما يلي:

    ---
    الجهاد في سبيل الله
    ---

    لخص الإمام ابن القيم سياق الجهاد في الإسلام في "زاد المعاد" في الفصل الذي عقده باسم: "فصل في ترتيب هديه مع الكفار والمنافقين من حين بعث إلى حين لقي الله عز وجل": (أول ما أوحى به تبارك وتعالى، أن يقرأ باسم ربه الذي خلق، وذلك أولى نبوته، فأمره أن يقرأ في نفسه {فأنذر}، فنبأه بقوله: {اقرأ}، وأرسله بـ {يا أيها المدثر}، ثم أمره أن ينذر عشيرته الأقربين، ثم أنذر قومه، ثم أنذر من حولهم من العرب، ثم أنذر العرب قاطبة، ثم أنذر العالمين، فأقام بضع عشرة سنة بعد نبوته ينذر بالدعوة بغير قتال ولا جزية، ويؤمر بالكف والصبر والصفح، ثم أذن له في الهجرة وأذن له في القتال، ثم أمره أن يقاتل من قاتله، ويكف عمن اعتزله ولم يقاتله، ثم أمره بقتال المشركين حتى يكون الدين كله لله... ثم كان الكفار معه بعد الأمر بالجهاد ثلاثة أقسام: أهل صلح وهدنة، وأهل حرب، وأهل ذمة... فأمر بأن يتم لأهل العهد والصلح عهدهم، وأن يوفى لهم به ما استقاموا على العهد، فإن خاف منهم خيانة نبذ إليهم عهدهم ولم يقاتلهم حتى يعلمهم بنقض العهد، وأمر أن يقاتل من نقض عهده... ولما نزلت سورة براءة نزلت ببيان حكم هذه الأقسام كلها: فأمر أن يقاتل عدوه من أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية، أو يدخلوا في الإسلام، وأمره فيها بجهاد الكفار والمنافقين والغلظة عليهم فجاهد الكفار بالسيف والسنان، والمنافقين بالحجة واللسان، وأمره فيها بالبراءة من عهود الكفار ونبذ عهودهم إليهم... وجعل أهل العهد في ذلك ثلاثة أقسام: قسما أمره بقتالهم، وهم الذين نقضوا عهده، ولم يستقيموا له، فحاربهم وظهر عليهم، وقسما لهم عهد مؤقت لم ينقضوه ولم يظاهروا عليه، فأمره أن يتم لهم عهدهم إلى مدتهم، وقسما لم يكن لهم عهد ولم يحاربوه، أو كان لهم عهد مطلق، فأمر أن يؤجلهم أربعة أشهر، فإذا انسلخت قاتلهم... فقتل الناقض لعهده، وأجل من لا عهد له أو له عهد مطلق، أربعة أشهر، وأمره أن يتم للموفي بعهده عهده إلى مدته، فأسلم هؤلاء كلهم ولم يقيموا على كفرهم إلى مدتهم، وضرب على أهل الذمة الجزية... فاستقر أمر الكفار معه بعد نزول براءة على ثلاثة أقسام: محاربين له، وأهل عهد، وأهل ذمة... ثم آلت حال أهل العهد والصلح إلى الإسلام فصاروا معه قسمين: محاربين، وأهل ذمة، والمحاربون له خائفون منه، فصار أهل الأرض معه ثلاثة أقسام: مسلم مؤمن به، ومسالم له آمن، وخائف محارب... وأما سيرته في المنافقين فإنه أمر أن يقبل منهم علانيتهم، ويكل سرائرهم إلى الله، وأن يجاهدهم بالعلم والحجة، وأمر أن يعرض عنهم، ويغلظ عليهم، وأن يبلغ بالقول البليغ إلى نفوسهم، ونهى أن يصلى عليهم، وأن يقوم على قبورهم، وأخبر أنه إن استغفر لهم فلن يغفر الله لهم... فهذه سيرته في أعدائه من الكفار والمنافقين)...

    ومن هذا التلخيص الجيد لمراحل الجهاد في الإسلام تتجلى سمات أصيلة وعميقة في المنهج الحركي لهذا الدين، جديرة بالوقوف أمامها طويلا، ولكننا لا نملك هنا إلا أن نشير إليها إشارات مجملة:

    السمة الأولى: هي الواقعية الجدية في منهج هذا الدين... فهو حركة تواجه واقعا بشريا... وتواجهه بوسائل مكافئة لوجوده الواقعي... انها تواجه جاهلية اعتقادية تصورية، تقوم عليها أنظمة واقعية عملية، تسندها سلطات ذات قوة مادية... ومن ثم تواجه الحركة الإسلامية هذا الواقع كله بما يكافئه... تواجهه بالدعوة والبيان لتصحيح المعتقدات والتصورات، وتواجهه بالقوة والجهاد لإزالة الأنظمة والسلطات القائمة عليها، تلك التي تحول بين جمهرة الناس وبين التصحيح بالبيان للمعتقدات والتصورات، وتخضعهم بالقهر والتضليل وتعبدهم لغير ربهم الجليل... انها حركة لا تكتفي بالبيان في وجه السلطان المادي، كما إنها لا تستخدم القهر المادي لضمائر الأفراد... وهذه كتلك سواء في منهج هذا الدين وهو يتحرك لإخراج الناس من العبودية للعباد إلى العبودية لله وحده كما سيجيء.
    والسمة الثانية في منهج هذا الدين: هي الواقعية الحركية... فهو حركة ذات مراحل، كل مرحلة لها وسائل مكافئة لمقتضياتها وحاجاتها الواقعية، وكل مرحلة تسلم إلى المرحلة التي تليها... فهو لا يقابل الواقع بنظريات مجردة، كما أنه لا يقابل مراحل هذا الواقع بوسائل متجمدة... والذين يسوقون النصوص القرآنية للاستشهاد بها على منهج هذا الدين في الجهاد، ولا يراعون هذه السمة فيه، ولا يدركون طبيعة المراحل التي مر بها هذا المنهج، وعلاقة النصوص المختلفة بكل مرحلة منها... الذين يصنعون هذا يخلطون خلطا شديدا ويلبسون منهج هذا الدين لبسا مضللا، ويحملون النصوص ما لا تحتمله من المبادئ والقواعد النهائية، ذلك أنهم يعتبرون كل نص منها كما لو كان نصا نهائيا، يمثل القواعد النهائية في هذا الدين، ويقولون - وهم مهزومون روحيا وعقليا تحت ضغط الواقع اليائس لذراري المسلمين الذين لم يبق لهم من الإسلام إلا العنوان - : أن الإسلام لا يجاهد إلا للدفاع! ويحسبون أنهم يسدون إلى هذا الدين جميلا بتخليه عن منهجه وهو إزالة الطواغيت كلها من الأرض جميعا، وتعبيد الناس لله وحده، وإخراجهم من العبودية للعباد إلى العبودية لرب العباد! لا بقهرهم على اعتناق عقيدته، ولكن بالتخلية بينهم وبين هذه العقيدة... بعد تحطيم الأنظمة السياسية الحاكمة، أو قهرها حتى تدفع الجزية وتعلن استسلامها والتخلية بين جماهيرها وهذه العقيدة، تعتنقها أو لا تعتنقها بكامل حريتها.

    والسمة الثالثة: هي أن هذه الحركة الدائبة، والوسائل المتجددة، لا تخرج هذا الدين عن قواعده المحددة، ولا عن أهدافه المرسومة، فهو - منذ اليوم الأول - سواء وهو يخاطب العشيرة الأقربين، أو يخاطب قريشا، أو يخاطب العرب أجمعين، أو يخاطب العالمين، إنما يخاطبهم بقاعدة واحدة، ويطلب منهم الانتهاء إلى هدف واحد هو إخلاص العبودية لله، والخروج من العبودية للعباد، لا مساومة في هذه القاعدة ولا لين... ثم يمضي إلى تحقيق هذا الهدف الواحد في خطة مرسومة، ذات مراحل محددة، لكل مرحلة وسائلها المتجددة، على نحو ما أسلفنا في الفقرة السابقة.

    والسمة الرابعة: هي ذلك الضبط التشريعي للعلاقات بين المجتمع المسلم وسائر المجتمعات الأخرى - على النحو الملحوظ في ذلك التلخيص الجيد الذي نقلناه عن "زاد المعاد" - وقيام ذلك الضبط على أساس أن الإسلام لله هو الأصل العالمي الذي على البشرية كلها أن تفيء إليه، أو أن تسالمه بجملتها فلا تقف لدعوته بأي حائل من نظام سياسي، أو قوة مادية، وأن تخلي بينه وبين كل فرد، يختاره أو لا يختاره بمطلق إرادته، ولكن لا يقاومه ولا يحاربه! فإن فعل ذلك أحد كان على الإسلام أن يقاتله حتى يقتله أو حتى يعلن استسلامه!

    ***

    والمهزومون روحيا وعقليا ممن يكتبون عن "الجهاد في الإسلام" ليدفعوا عن الإسلام هذا "الاتهام " يخلطون بين منهج هذا الدين في النص على استنكار الإكراه على العقيدة، وبين منهجه في تحطيم القوى السياسية المادية التي تحول بين الناس وبينه، والتي تعبد الناس للناس، وتمنعهم من العبودية لله... وهما أمران لا علاقة بينهما ولا مجال للالتباس فيهما... ومن أجل هذا التخليط، وقبل ذلك من أجل تلك الهزيمة! - يحاولون أن يحصروا الجهاد في الإسلام فيما يسمونه اليوم: "الحرب الدفاعية"... والجهاد في الإسلام أمر آخر لا علاقة له بحروب الناس اليوم، ولا بواعثها، ولا تكييفها كذلك... ان بواعث الجهاد في الإسلام ينبغي تلمسها في طبيعة "الإسلام" ذاته ودوره في هذه الأرض، وأهدافه العليا التي قررها الله، وذكر الله أنه أرسل من أجلها هذا الرسول بهذه الرسالة، وجعله خاتم النبيين وجعلها خاتمة الرسالات.

    إن هذا الدين إعلان عام لتحرير "الإنسان" في "الأرض" من العبودية للعباد - ومن العبودية لهواه أيضا وهي من العبودية للعباد - وذلك بإعلان ألوهية الله وحده سبحانه وربوبيته للعاليمن! إن إعلان ربوبية الله وحده للعالمين معناها: الثورة الشاملة على حاكمية البشر في كل صورها وأشكالها وأنظمتها وأوضاعها، والتمرد الكامل على كل وضع في أرجاء الأرض، الحكم فيه للبشر بصورة من الصور... او بتعبير آخر مرادف: الألوهية فيه للبشر في صورة من الصور... ذلك أن الحكم الذي مرد الأمر فيه إلى البشر، ومصدر السلطات فيه هم البشر، هو تأليه للبشر، يجعل بعضهم لبعض أربابا من دون الله، أن هذا الإعلان معناه انتزاع سلطان الله المغتصب ورده إلى الله، وطرد المغتصبين له، الذين يحكمون الناس بشرائع من عند أنفسهم، فيقومون منهم مقام الأرباب ويقوم الناس منهم مكان العبيد... ان معناه تحطيم مملكة البشر لإقامة مملكة الله في الأرض.

    أو بالتعبير القرآني الكريم: {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} [الزخرف: 84]، {إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم} [يوسف: 40]، {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} [آل عمران: 64].

    ومملكة الله في الأرض لا تقوم بأن يتولى الحاكمية في الأرض رجال بأعيانهم - هم رجال الدين - كما كان الأمر في سلطان الكنيسة، ولا رجال ينطقون باسم الآلهة، كما كان الحال فيما يعرف باسم "الثيوقراطية" أو الحكم الإلهي المقدس! - ولكنها تقوم بأن تكون شريعة الله هي الحاكمة، وأن يكون مرد الأمر إلى الله وفق ما قرره من شريعة مبينة.

    وقيام مملكة الله في الأرض، وإزالة مملكة البشر، وانتزاع السلطان من أيدي مغتصبيه من العباد ورده إلى الله وحده... وسيادة الشريعة الإلهية وحدها وإلغاء القوانين البشرية... كل أولئك لا يتم بمجرد التبليغ والبيان، لأن المتسلطين على رقاب العباد، والمغتصبين لسلطان الله في الأرض، لا يسلمون في سلطانهم بمجرد التبليغ والبيان، وإلا فما كان أيسر عمل الرسل في إقرار دين الله في الأرض! وهذا عكس ما عرفه تاريخ الرسل - صلوات الله وسلامه عليهم - وتاريخ هذا الدين على ممر الأجيال!

    إن هذا الإعلان العام لتحرير "الإنسان" في "الأرض" من كل سلطان غير سلطان الله، بإعلان إلوهية الله وحده وربوبيته للعالمين، لم يكن إعلانا نظريا فلسفيا سلبيا... انما كان إعلانا حركيا واقعيا إيجابيا... اعلانا يراد له التحقيق العملي في صورة نظام يحكم البشر بشريعة الله، ويخرجهم بالفعل من العبودية للعباد إلى العبودية لله وحده بلا شريك... ومن ثم لم يكن بد من أن يتخذ شكل "الحركة" إلى جانب شكل " البيان"... ذلك ليواجه "الواقع" البشري بكل جوانبه بوسائل مكافئة لكل جوانبه.

    والواقع الإنساني، أمس واليوم وغدا، يواجه هذا الدين - بوصفه إعلانا عاما لتحرير "الإنسان" في "الأرض" من كل سلطان غير سلطان الله - بعقبات اعتقادية تصورية، وعقبات مادية واقعية... وعقبات سياسية واجتماعية واقتصادية وعنصرية وطبقية، إلى جانب عقبات العقائد المنحرفة والتصورات الباطلة... وتختلط هذه بتلك وتتفاعل معها بصورة معقدة شديدة التعقيد.

    وإذا كان "البيان" يواجه العقائد والتصورات، فإن "الحركة" تواجه العقبات المادية الأخرى - وفي مقدمتها السلطان السياسي القائم على العوامل الاعتقادية التصورية والعنصرية والطبقية والاجتماعية والاقتصادية المعقدة المتشابكة - ... وهما معا - البيان والحركة - يواجهان " الواقع البشري " بجملته، بوسائل مكافئة لكل مكوناته... وهما معا لا بد منهما لانطلاق حركة التحرير للإنسان في الأرض... "الإنسان" كله في "الأرض" كلها... وهذه نقطة هامة لا بد من تقريرها مرة أخرى!


    إن هذا الدين ليس إعلانا لتحرير الإنسان العربي! وليس رسالة خاصة بالعرب!... ان موضوعه هو "الإنسان"... نوع "الإنسان"... ومجاله هو "الأرض"... كل " الأرض"، أن الله سبحانه ليس ربا للعرب وحدهم ولا حتى لمن يعتنقون العقيدة الإسلامية وحدهم... ان الله هو "رب العالمين"... وهذا الدين يريد أن يرد " العالمين " إلى ربهم، وأن ينتزعهم من العبودية لغيره، والعبودية الكبرى - في نظر الإسلام - هي خضوع البشر لأحكام يشرعها لهم ناس من البشر... وهذه هي "العبادة " التي يقرر أنها لا تكون إلا لله، وأن من يتوجه بها لغير الله يخرج من دين الله مهما ادعى أنه في هذا الدين، ولقد نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن "الاتباع" في الشريعة والحكم هو "العبادة " التي صار بها اليهود والنصارى "مشركين" مخالفين لما أمروا به من "عبادة " الله وحده...

    أخرج الترمذي - بإسناده - عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه لما بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فر إلى الشام، وكان قد تنصر في الجاهلية، فأسرت أخته وجماعة من قومه، ثم من رسول الله صلى الله عليه وسلم على أخته فأعطاها، فرجعت إلى أخيها فرغبته في الإسلام، وفي القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحدث الناس بقدومه، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقه - أي " عدي " - صليب من فضة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية... {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله}... قال: فقلت: إنهم لم يعبدوهم، فقال: "بلى! إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام، فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم".

    وتفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول الله سبحانه، نص قاطع على أن الاتباع في الشريعة والحكم هو العبادة التي تخرج من الدين، وأنها هي اتخاذ بعض الناس أربابا لبعض... الأمر الذي جاء هذا الدين ليلغيه، ويعلن تحرير "الإنسان" في "الأرض" من العبودية لغير الله...

    ومن ثم لم يكن بد للإسلام أن ينطلق في "الأرض" لإزالة "الواقع" المخالف لذلك الإعلان العام... بالبيان وبالحركة مجتمعين... وأن يوجه الضربات للقوى السياسية التي تعبد الناس لغير الله... - أي تحكمهم بغير شريعة الله وسلطانه - والتي تحول بينهم وبين الاستماع إلى "البيان" واعتناق "العقيدة" بحرية لا يتعرض لها السلطان، ثم لكي يقيم نظاما اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا يسمح لحركة التحرر بالانطلاق الفعلي - بعد إزالة القوة المسيطرة - سواء كانت سياسية بحتة، أو متلبسة بالعنصرية، أو الطبقية داخل العنصر الواحد!

    إنه لم يكن من قصد الإسلام قط أن يكره الناس على اعتناق عقيدته... ولكن الإسلام ليس مجرد " عقيدة"، أن الإسلام كما قلنا إعلان عام لتحرير الإنسان من العبودية للعباد، فهو يهدف ابتداء إلى إزالة الأنظمة والحكومات التي تقوم على أساس حاكمية البشر للبشر وعبودية الإنسان للإنسان... ثم يطلق الأفراد بعد ذلك أحرارا - بالفعل - في اختيار العقيدة التي يريدونها بمحض اختيارهم - بعد رفع الضغط السياسي عنهم، وبعد البيان المنير لأرواحهم وعقولهم - ولكن هذه التجربة ليس معناها أن يجعلوا إلاههم هواهم، أو أن يختاروا بأنفسهم أن يكونوا عبيدا للعباد! وأن يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله!... ان النظام الذي يحكم البشر في الأرض يجب أن تكون قاعدته العبودية لله وحده، وذلك بتلقي الشرائع منه وحده، ثم ليعتنق كل فرد - في ظل هذا النظام العام - ما يعتنقه من عقيدة! وبهذا يكون "الدين" كله لله، أي تكون الدينونة والخضوع والاتباع والعبودية كلها لله... ان مدلول "الدين" أشمل من مدلول "العقيدة"، أن الدين هو المنهج والنظام الذي يحكم الحياة، وهو في الإسلام يعتمد على العقيدة، ولكنه في عمومه أشمل من العقيدة... وفي الإسلام يمكن أن تخضع جماعات متنوعة لمنهجه العام الذي يقوم على أساس العبودية لله وحده ولو لم يعتنق بعض هذه الجماعات عقيدة الإسلام.

    والذي يدرك طبيعة هذا الدين - على النحو المتقدم - يدرك معها حتمية الانطلاق الحركي للإسلام في صورة الجهاد بالسيف - إلى جانب الجهاد بالبيان - ويدرك أن ذلك لم يكن حركة دفاعية - بالمعنى الضيق الذي يفهم اليوم من اصطلاح "الحرب الدفاعية" كما يريد المهزومون - أمام ضغط الواقع الحاضر وأمام هجوم المستشرقين الماكر - أن يصوروا حركة الجهاد في الإسلام - إنما كان حركة اندفاع وانطلاق لتحرير "الإنسان" في "الأرض"... بوسائل مكافئة لكل جوانب الواقع البشري، وفي مراحل محددة لكل مرحلة منها وسائلها المتجددة.

    وإذا لم يكن بد أن نسمي حركة الإسلام الجهادية حركة دفاعية، فلا بد أن نغير مفهوم كلمة "دفاع"، ونعتبره "دفاعا عن الإنسان" ذاته، ضد جميع العوامل التي تقيد حريته وتعوق تحرره... هذه العوامل التي تتمثل في المعتقدات والتصورات، كما تتمثل في الأنظمة السياسية، القائمة على الحواجز الاقتصادية والطبقية والعنصرية، التي كانت سائدة في الأرض كلها يوم جاء الإسلام، والتي ما تزال أشكال منها سائدة في الجاهلية الحاضرة في هذا الزمان!

    وبهذا التوسع في مفهوم كلمة "الدفاع" نستطيع أن نواجه حقيقة بواعث الانطلاق الإسلامي في "الأرض" بالجهاد، ونواجه طبيعة الإسلام ذاتها، وهي أنه إعلان عام لتحرير الإنسان من العبودية للعباد، وتقرير ألوهية الله وحده وربوبيته للعالمين، وتحطيم مملكة الهوى البشري في الأرض، وإقامة مملكة الشريعة الإلهية في عالم الإنسان...

    أما محاولة إيجاد مبررات دفاعية للجهاد الإسلامي بالمعنى الضيق للمفهوم العصري للحرب الدفاعية، ومحاولة البحث عن أسانيد لإثبات أن وقائع الجهاد الإسلامي كانت لمجرد صد العدوان من القوى المجاورة على "الوطن الإسلامي" - وهو في عرف بعضهم جزيرة العرب - فهي محاولة تنم عن قلة إدراك لطبيعة هذا الدين، ولطبيعة الدور الذي جاء ليقوم به في الأرض، كما أنها تشي بالهزيمة أمام ضغط الواقع الحاضر، وأمام الهجوم الاستشراقي الماكر على الجهاد الإسلامي!

    ترى لو كان أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم قد أمنوا عدوان الروم والفرس على الجزيرة أكانوا يقعدون إذن عن دفع المد الإسلامي إلى أطراف الأرض؟ وكيف كانوا يدفعون هذا المد، وأمام الدعوة تلك العقبات المادية من أنظمة الدولة السياسية، وأنظمة المجتمع العنصرية والطبقية، والاقتصادية الناشئة من الاعتبارات العنصرية والطبقية، والتي تحميها القوة المادية للدولة كذلك؟!

    إنها سذاجة أن يتصور الإنسان دعوة تعلن تحرير "الإنسان"... نوع الإنسان... في "الأرض"... كل الأرض... ثم تقف أمام هذه العقبات تجاهدها باللسان والبيان!... انها تجاهد باللسان والبيان حينما يخلى بينها وبين الأفراد، تخاطبهم بحرية، وهم مطلقو السراح من جميع تلك المؤثرات... فهنا " لا إكراه في الدين"... اما حين توجد تلك العقبات والمؤثرات المادية، فلا بد من إزالتها أولا بالقوة، للتمكن من مخاطبة قلب الإنسان وعقله، وهو طليق من هذه الأغلال!

    إن الجهاد ضرورة للدعوة، إذا كانت أهدافها هي إعلان تحرير الإنسان إعلانا جادا يواجه الواقع الفعلي بوسائل مكافئة له في كل جوانبه، ولا يكفي بالبيان الفلسفي النظري! سواء كان الوطن الإسلامي - وبالتعبير الإسلامي الصحيح: دار الإسلام - آمنا أم مهددا من جيرانه، فالإسلام حين يسعى إلى السلم، لا يقصد تلك السلم الرخيصة، وهي مجرد أن يؤمن الرقعة الخاصة التي يعتنق أهلها العقيدة الإسلامية، أنما هو يريد السلم التي يكون فيها الدين كله لله، أي تكون عبودية الناس كلهم فيها لله، والتي لا يتخذ فيها الناس بعضهم بعضا أربابا من دون الله، والعبرة بنهاية المراحل التي وصلت إليها الحركة الجهادية في الإسلام - بأمر من الله - لا بأوائل أيام الدعوة ولا بأواسطها...

    ولقد انتهت هذه المراحل كما يقول الإمام ابن القيم: "فاستقر أمر الكفار معه - بعد نزول براءة - على ثلاثة أقسام: محاربين له، وأهل عهد، وأهل ذمة... ثم آلت حال أهل العهد والصلح إلى الإسلام... فصاروا معه قسمين: محاربين، وأهل ذمة، والمحاربون له خائفون منه... فصار أهل الأرض معه ثلاثة أقسام: مسلم مؤمن به، ومسالم له آمن - وهم أهل الذمة كما يفهم من الجملة السابقة - وخائف محارب"...

    وهذه هي المواقف المنطقية مع طبيعة هذا الدين وأهدافه، لا كما يفهم المهزومون أمام الواقع الحاضر، وأمام هجوم المستشرقين الماكر!

    ولقد كف الله المسلمين عن القتال في مكة، وفي أول العهد بالهجرة إلى المدينة... وقيل للمسلمين: {كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة}... ثم أذن لهم فيه، فقيل لهم: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز، الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور}... ثم فرض عليهم القتال بعد ذلك لمن قاتلهم دون من لم يقاتلهم فقيل لهم: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم}... ثم فرض عليهم قتال المشركين كافة، فقيل لهم: {وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة}... وقيل لهم: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون}.

    فكان القتال - كما يقول الإمام ابن القيم - "محرما، ثم مأذونا به، ثم مأمورا به لمن بدأهم بالقتال، ثم مأمورا به لجميع المشركين"...

    إن جدية النصوص القرآنية الواردة في الجهاد، وجدية الأحاديث النبوية التي تحض عليه، وجدية الوقائع الجهادية في صدر الإسلام، وعلى مدى طويل من تاريخه... ان هذه الجدية الواضحة تمنع أن يجول في النفس ذلك التفسير الذي يحاوله المهزومون أمام ضغط الواقع الحاضر وأمام الهجوم الاستشراقي الماكر على الجهاد الإسلامي!

    ومن ذا الذي يسمع قول الله سبحانه في هذا الشأن وقول رسوله صلى الله عليه وسلم ويتابع وقائع الجهاد الإسلامي، ثم يظنه شأنا عارضا مقيدا بملابسات تذهب وتجيء، ويقف عند حدود الدفاع لتأمين الحدود؟!

    لقد بين الله للمؤمنين في أول ما نزل من الآيات التي أذن لهم فيها بالقتال أن الشأن الدائم الأصيل في طبيعة هذه الحياة الدنيا أن يدفع الناس بعضهم ببعض، لدفع الفساد عن الأرض: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا} [الحج: 39 - 40].

    وإذن فهو الشأن الدائم لا الحالة العارضة، ألشأن الدائم أن لا يتعايش الحق والباطل في هذه الأرض، وأنه متى قام الإسلام بإعلانه العام لإقامة ربوبية الله للعالمين، وتحرير الإنسان من العبودية للعباد، رماه المغتصبون لسلطان الله في الأرض ولم يسالموه قط، وانطلق هو كذلك يدمر عليهم ليخرج الناس من سلطانهم ويدفع عن "الإنسان " في "الأرض" ذلك السلطان الغاصب... حال دائمة لا يقف معها الانطلاق الجهادي التحريري حتى يكون الدين كله لله.

    إن الكف عن القتال في مكة لم يكن إلا مجرد مرحلة في خطة طويلة، كذلك كان الأمر أول العهد بالهجرة، والذي بعث الجماعة المسلمة في المدينة بعد الفترة الأولى للانطلاق لم يكن مجرد تأمين المدينة... هذا هدف أولي لا بد منه، ولكنه ليس الهدف الأخير... انه هدف يضمن وسيلة الانطلاق، ويؤمن قاعدة الانطلاق... الانطلاق لتحرير "الإنسان"، ولإزالة العقبات التي تمنع "الإنسان" ذاته من الانطلاق!

    وكف أيدي المسلمين في مكة عن الجهاد بالسيف مفهوم، لأنه كان مكفولا للدعوة في مكة حرية البلاغ... كان صاحبها صلى الله عليه وسلم يملك بحماية سيوف بني هاشم، أن يصدع بالدعوة، ويخاطب بها الآذان والعقول والقلوب، ويواجه بها الأفراد... لم تكن هناك سلطة سياسية منظمة تمنعه من إبلاغ الدعوة، أو تمنع الأفراد من سماعه! فلا ضرورة - في هذه المرحلة - لاستخدام القوة، وذلك إلى أسباب أخرى لعلها كانت قائمة في هذه المرحلة.

    وقد لخصتها في ظلال القرآن عند تفسير قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة...} [الآية 77 من سورة النساء]، ولا بأس في إثبات بعض هذا التلخيص هنا:

    "ربما كان ذلك لأن الفترة المكية كانت فترة تربية وإعداد، في بيئة معينة، لقوم معينين، وسط ظروف معينة، ومن أهداف التربية والإعداد في مثل هذه البيئة بالذات، تربية نفس الفرد العربي على الصبر على ما لا يصبر عليه عادة من الضيم على شخصه أو على من يلوذون به، ليخلص من شخصه، ويتجرد من ذاته، ولا تعود ذاته ولا من يلوذون به محور الحياة في نظره ودافع الحركة في حياته، وتربيته كذلك على ضبط أعصابه، فلا يندفع لأول مؤثر - كما هي طبيعته - ولا يهتاج لأول مهيج، فيتم الاعتدال في طبيعته وحركته، وتربيته على أن يتبع مجتمعا منظما له قيادة يرجع إليها في كل أمر من أمور حياته، ولا يتصرف إلا وفق ما تأمره به - مهما يكن مخالفا لمألوفه وعادته - وقد كان هذا هو حجر الأساس في إعداد شخصية العربي، لإنشاء "المجتمع المسلم" الخاضع لقيادة موجهة، المترقي المتحضر، غير الهمجي أو القبلي!

    وربما كان ذلك أيضا، لأن الدعوة السلمية كانت أشد أثرا وأنفذ، في مثل بيئة قريش، ذات العنجهية والشرف، والتي قد يدفعها القتال معها - في مثل هذه المرحلة - إلى زيادة العناد، وإلى نشأة ثارات دموية جديدة كثارات العرب المعروفة التي أثارت حرب داحس والغبراء، وحرب البسوس، أعواما طويلة، تفانت فيها قبائل برمتها، وتكون هذه الثارات الجديدة مرتبطة في أذهانهم وذكرياتهم بالإسلام، فلا تهدأ بعد ذلك أبدا، ويتحول الإسلام من دعوة ودين إلى ثارات وذحول تنسى معها وجهته الأساسية، وهو في مبدئه، فلا تذكر أبدا!

    وربما كان ذلك أيضا، اجتنابا لإنشاء معركة ومقتلة في داخل كل بيت، فلم تكن هناك سلطة نظامية عامة، هي التي تعذب المؤمنين وتفتنهم، إنما كان ذلك موكولا إلى أولياء كل فرد يعذبونه ويفتنونه "ويؤدبونه!" ومعنى الإذن بالقتال - في مثل هذه البيئة - أن تقع معركة ومقتلة في كل بيت... ثم يقال: هذا هو الإسلام! ولقد قيلت حتى والإسلام يأمر بالكف عن القتال! فقد كانت دعاية قريش في الموسم، في أواسط العرب القادمين للحج والتجارة: إن محمدا يفرق بين الوالد وولده، فوق تفريقه لقومه وعشيرته! فكيف لو كان كذلك يأمر الولد بقتل الوالد، والمولى بقتل الولي... في كل بيت وفي كل محلة؟

    وربما كان ذلك أيضا لما يعلمه الله من أن كثيرين من المعاندين الذين يفتنون أوائل المسلمين عن دينهم، ويعذبونهم ويؤذونهم، هم بأنفسهم سيكونون جند الإسلام المخلص، بل من قادته... الم يكن عمر بن الخطاب من بين هؤلاء؟!

    وربما كان ذلك أيضا، لأن النخوة العربية، في بيئة قبلية، من عادتها أن تثور للمظلوم الذي يحتمل الأذى، ولا يتراجع! وبخاصة إذا كان واقعا على كرام الناس فيهم... وقد وقعت ظواهر كثيرة تثبت صحة هذه النظرة - في هذه البيئة - فابن الدغنة لم يرض أن يترك أبا بكر - وهو رجل كريم - يهاجر ويخرج من مكة، ورأى في ذلك عارا على العرب! وعرض عليه جواره وحمايته... وآخر هذه الظواهر نقض صحيفة الحصار لبني هاشم في شعب أبي طالب، بعد ما طال عليهم الجوع واشتدت المحنة... بينما في بيئة أخرى من بيئات "الحضارة" القديمة التي مردت على الذل، قد يكون السكوت على الأذى مدعاة للهزء والسخرية والاحتقار من البيئة، وتعظيم المؤذي الظالم المعتدي!

    وربما كان ذلك، أيضا، لقلة عدد المسلمين حينذاك، وانحصارهم في مكة، حيث لم تبلغ الدعوة إلى بقية الجزيرة أو بلغت أخبارها متناثرة، حيث كانت القبائل تقف على الحياد من معركة داخلية بين قريش وبعض أبنائها، حتى ترى ماذا يكون مصير الموقف، ففي مثل هذه الحالة قد تنتهي المعركة المحدودة، إلى قتل المجموعة المسلمة القليلة - حتى ولو قتلوا هم أضعاف من سيقتل منهم - ويبقى الشرك، وتنمحي الجماعة المسلمة، ولم يقم في الأرض للإسلام نظام، ولا وجد له كيان واقعي، وهو دين جاء ليكون منهاج حياة، وليكون نظاما واقعيا عمليا للحياة.

    ... الخ"...

    فأما في المدينة - في أول العهد بالهجرة - فقد كانت المعاهدة التي عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع اليهود من أهلها ومن بقي على الشرك من العرب فيها وفيما حولها، ملابسة تقتضيها طبيعة المرحلة كذلك...

    أولا: لأن هناك مجالا للتبليغ والبيان، لا تقف له سلطة سياسية تمنعه وتحول بين الناس وبينه، فقد اعترف الجميع بالدولة المسلمة الجديدة، وبقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تصريف شؤونها السياسية، فنصت المعاهدة على ألا يعقد أحد منهم صلحا ولا يثير حربا، ولا ينشئ علاقة خارجية إلا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان واضحا أن السلطة الحقيقة في المدينة في يد القيادة المسلمة، فالمجال أمام الدعوة مفتوح، والتخلية بين الناس وحرية الاعتقاد قائمة.

    ثانيا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يريد التفرغ في، هذه المرحلة - لقريش، التي تقوم معارضتها لهذا الدين حجر عثرة في وجه القبائل الأخرى الواقعة في حالة انتظار لما ينتهي إليه الأمر بين قريش وبعض بنيها! لذلك بادر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإرسال "السرايا" وكان أول لواء عقده لحمزة بن عبد المطلب في شهر رمضان على رأس سبعة أشهر من الهجرة.

    ثم توالت هذه السرايا، على رأس تسعة أشهر، ثم على رأس ثلاثة عشر شهرا، ثم على رأس ستة عشر شهرا، ثم كانت سرية عبد الله بن جحش في رجب على رأس سبعة عشر شهرا، وهي أول غزاة وقع فيها قتل وقتال، وكان ذلك في الشهر الحرام، والتي نزلت فيها آيات البقرة: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا...} [البقرة: 217].

    ثم كانت غزوة بدر الكبرى في رمضان من هذه السنة... وهي التي نزلت فيها سورة الأنفال.

    ورؤية الموقف من خلال ملابسات الواقع، لا تدع مجالا للقول بأن "الدفاع" بمفهومه الضيق كان هو قاعدة الحركة الإسلامية، كما يقول المهزومون أمام الواقع الحاضر، وأمام الهجوم الاستشراقي الماكر!

    إن الذين يلجأون إلى تلمس أسباب دفاعية بحتة لحركة المد الإسلامي، إنما يؤخذون بحركة الهجوم الاستشراقية، في وقت لم يعد للمسلمين شوكة، بل لم يعد للمسلمين إسلام! - إلا من عصم الله ممن يصرون على تحقيق إعلان الإسلام العام بتحرير "الإنسان" في "الأرض" من كل سلطان إلا من سلطان الله، ليكون الدين كله لله - فيبحثون عن مبررات أدبية للجهاد في الإسلام!

    والمد الإسلامي ليس في حاجة إلى مبررات أدبية له أكثر من المبررات التي حملتها النصوص القرآنية:

    {فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما، وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا، الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا} [النساء: 74 - 76].

    {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنت الأولين، وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير، وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير} [الأنفال: 38 - 40].

    {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون، اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون، يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون} [التوبة: 29 - 32].

    إنها مبررات تقرير ألوهية الله في الأرض، وتحقيق منهجه في حياة الناس، ومطاردة الشياطين ومناهج الشياطين، وتحطيم سلطان البشر الذي يتعبد الناس، والناس عبيد لله وحده، لا يجوز أن يحكمهم أحد من عباده بسلطان من عند نفسه وبشريعة من هواه ورأيه! وهذا يكفي... مع تقرير مبدأ: "لا إكراه في الدين"... اي لا إكراه على اعتناق العقيدة، بعد الخروج من سلطان العبيد، والإقرار بمبدأ أن السلطان كله لله، أو أن الدين كله لله، بهذا الاعتبار.

    إنها مبررات التحرير العام للإنسان في الأرض، بإخراج الناس من العبودية للعباد إلى العبودية لله وحده بلا شريك... وهذه وحدها تكفي... لقد كانت هذه المبررات ماثلة في نفوس الغزاة من المسلمين، فلم يسأل أحد منهم عما أخرجه للجهاد فيقول: خرجنا ندافع عن وطننا المهدد! أو خرجنا نصد عدوان الفرس أو الروم علينا نحن المسلمين! أو خرجنا نوسع رقعتنا ونستكثر من الغنيمة!

    لقد كانوا يقولون كما قال ربعي بن عامر، وحذيفة بن محصن والمغيرة بن شعبة جميعا لرستم قائد جيش الفرس في القادسية، وهو يسألهم واحدا بعد واحد في ثلاثة أيام متوالية، قبل المعركة: ما الذي جاء بكم؟ فيكون الجواب: "الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام... فأرسل رسوله بدينه إلى خلقه، فمن قبله منا قبلنا منه ورجعنا عنه، وتركناه وأرضه، ومن أبى قاتلناه حتى نفضي إلى الجنة أو الظفر".

    إن هناك مبررا ذاتيا في طبيعة هذا الدين ذاته، وفي إعلانه العام، وفي منهجه الواقعي لمقابلة الواقع البشري بوسائل مكافئة لكل جوانبه، في مراحل محددة، بوسائل متجددة... وهذا المبرر الذاتي قائم ابتداء - ولو لم يوجد خطر الاعتداء على الأرض الإسلامية وعلى المسلمين فيها - إنه مبرر في طبيعة المنهج وواقعيته، وطبيعة المعوقات الفعلية في المجتمعات البشرية... لا من مجرد ملابسات دفاعية محدودة، وموقوتة!

    وإنه ليكفي لأن يخرج المسلم مجاهدا بنفسه وماله... "في سبيل الله"... في سبيل هذه القيم التي لا يناله هو من ورائها مغنم ذاتي، ولا يخرجه لها مغنم ذاتي...

    إن المسلم قبل أن ينطلق للجهاد في المعركة يكون قد خاض معركة الجهاد الأكبر في نفسه مع الشيطان... مع هواه وشهواته... مع مطامعه ورغباته... مع مصالحه ومصالح عشيرته وقومه... مع كل شارة غير شارة الإسلام... ومع كل دافع إلا العبودية لله، وتحقيق سلطانه في الأرض وطرد سلطان الطواغيت المغتصبين لسلطان الله...

    والذين يبحثون عن مبررات للجهاد الإسلامي في حماية "الوطن الإسلامي" يغضون من شأن "المنهج" ويعتبرونه أقل من "الموطن" وهذه ليست نظرة الإسلام إلى هذه الاعتبارات، أنها نظرة مستحدثة غريبة على الحس الإسلامي، فالعقيدة والمنهج الذي تتمثل فيه والمجتمع الذي يسود فيه هذا المنهج هي الاعتبارات الوحيدة في الحس الإسلامي، أما الأرض - بذاتها - فلا اعتبار لها ولا وزن! وكل قيمة للأرض في التصور الإسلامي إنما هي مستمدة من سيادة منهج الله وسلطانه فيها، وبهذا تكون محضن العقيدة وحقل المنهج و "دار الإسلام" ونقطة الانطلاق لتحرير "الإنسان".

    وحقيقة إن حماية "دار الإسلام" حماية للعقيدة والمنهج والمجتمع الذي يسود فيه المنهج، ولكنها ليست الهدف النهائي، وليست حمايتها هي الغاية الأخيرة لحركة الجهاد الإسلامي، إنما حمايتها هي الوسيلة لقيام مملكة الله فيها، ثم لاتخاذها قاعدة انطلاق إلى الأرض كلها وإلى النوع الإنساني بجملته، فالنوع الإنساني هو موضوع هذا الدين والأرض هي مجاله الكبير!

    وكما أسلفنا فإن الانطلاق بالمذهب الإلهي تقوم في وجهه عقبات مادية من سلطة الدولة، ونظام المجتمع، وأوضاع البيئة... وهذه كلها هي التي ينطلق الإسلام ليحطمها بالقوة، كي يخلو له وجه الأفراد من الناس، يخاطب ضمائرهم وأفكارهم، بعد أن يحررها من الأغلال المادية، ويترك لها بعد ذلك حرية الاختيار.

    يجب ألا تخدعنا أو تفزعنا حملات المستشرقين على مبدأ "الجهاد" وألا يثقل على عاتقنا ضغط الواقع وثقله في ميزان القوى العالمية، فنروح نبحث للجهاد الإسلامي عن مبررات أدبية خارجة عن طبيعة هذا الدين، في ملابسات دفاعية وقتية، كان الجهاد سينطلق في طريقه سواء وجدت أم لم توجد!

    ويجب ونحن نستعرض الواقع التاريخي ألا نغفل عن الاعتبارات الذاتية في طبيعة هذا الدين وإعلانه العام ومنهجه الواقعي، وألا نخلط بينها وبين المقتضيات الدفاعية الوقتية...

    حقا إنه لم يكن بد لهذا الدين أن يدافع المهاجمين له، لأن مجرد وجوده في صورة إعلان عام لربوبية الله للعالمين، وتحرير الإنسان من العبودية لغير الله، وتمثل هذا الوجود في تجمع تنظيمي حركي تحت قيادة جديدة غير قيادات الجاهلية، وميلاد مجتمع مستقل متميز لا يعترف لأحد من البشر بالحاكمية، لأن الحاكمية فيه لله وحده... ان مجرد وجود هذا الدين في هذه الصورة لا بد أن يدفع المجتمعات الجاهلية من حوله - القائمة على قاعدة العبودية للعباد - أن تحاول سحقه، دفاعا عن وجودها ذاته، ولا بد أن يتحرك المجتمع الجديد للدفاع عن نفسه...

    هذه ملابسة لا بد منها، تولد مع ميلاد الإسلام ذاته، وهذه معركة مفروضة على الإسلام فرضا، ولا خيار له في خوضها، وهذا صراع طبيعي بين وجودين لا يمكن التعايش بينهما طويلا...

    هذا كله حق... ووفق هذه النظرة يكون لا بد للإسلام أن يدافع عن وجوده، ولا بد أن يخوض معركة دفاعية مفروضة عليه فرضا...

    ولكن هناك حقيقة أخرى أشد أصالة من هذه الحقيقة... ان من طبيعة الوجود الإسلامي ذاته أن يتحرك إلى الأمام ابتداء، لإنقاذ "الإنسان" في "الأرض" من العبودية لغير الله، ولا يمكن أن يقف عند حدود جغرافية، ولا أن ينزوي داخل حدود عنصرية، تاركا "الإنسان"... نوع الإنسان... في "الأرض"... كل الأرض... للشر والفساد والعبودية لغير الله.

    إن المعسكرات المعادية للإسلام قد يجيء عليها زمان تؤثر فيه ألا تهاجم الإسلام، إذا تركها الإسلام تزاول عبودية البشر للبشر داخل حدودها الإقليمية، ورضى أن يدعها وشأنها ولم يمد إليها دعوته وإعلانه التحريري العام! ولكن الإسلام لا يهادنها، إلا أن تعلن استسلامها لسلطانه في صورة أداء الجزية، ضمانا لفتح أبوابها لدعوته بلا عوائق مادية من السلطات القائمة فيها.

    هذه طبيعة هذا الدين، وهذه وظيفته، بحكم أنه إعلان عام لربوبية الله للعالمين، وتحرير الإنسان من كل عبودية لغير الله في الناس أجمعين!

    وفرق بين تصور الإسلام على هذه الطبيعة، وتصوره قابعا داخل حدود إقليمية أو عنصرية، لا يحركه إلا خوف الاعتداء! إنه في هذه الصورة الأخيرة يفقد مبرراته الذاتية في الانطلاق!

    إن مبررات الانطلاق الإسلامي تبرز بوضوح وعمق عند تذكر أن هذا الدين هو منهج الله للحياة البشرية، وليس منهج إنسان، ولا مذهب شيعة من الناس، ولا نظام جنس من الأجناس!... ونحن لا نبحث عن مبررات خارجية إلا حين تفتر في حسنا هذه الحقيقة الهائلة... حين ننسى أن القضية هي قضية ألوهية الله وعبودية العباد... انه لا يمكن أن يستحضر إنسان ما هذه الحقيقة الهائلة ثم يبحث عن مبرر آخر للجهاد الإسلامي!

    والمسافة قد لا تبدو كبيرة عند مفرق الطريق، بين تصور أن الإسلام كان مضطرا لخوض معركة لا اختيار له فيها، بحكم وجوده الذاتي ووجود المجتمعات الجاهلية الأخرى التي لا بد أن تهاجمه، وتصور أنه هو بذاته لا بد أن يتحرك ابتداء، فيدخل في هذه المعركة...

    المسافة عند مفرق الطريق قد لا تبدو كبيرة، فهو في كلتا الحالتين سيدخل المعركة حتما، ولكنها في نهاية الطريق تبدو هائلة شاسعة، تغير المشاعر والمفهومات الإسلامية تغييرا كبيرا... خطيرا.

    إن هناك مسافة هائلة بين اعتبار الإسلام منهجا إلهيا، جاء ليقرر ألوهية الله في الأرض، وعبودية البشر جميعا لإله واحد، ويصب هذا التقرير في قالب واقعي، هو المجتمع الإنساني الذي يتحرر فيه الناس من العبودية للعباد، بالعبودية لرب العباد، فلا تحكمهم إلا شريعة الله، التي يتمثل فيها سلطان الله، أو بتعبير آخر تتمثل فيها ألوهيته... فمن حقه إذن أن يزيل العقبات كلها من طريقه، ليخاطب وجدان الأفراد وعقولهم دون حواجز ولا موانع مصطنعة من نظام الدولة السياسي، أو أوضاع الناس الاجتماعية... ان هناك مسافة هائلة بين اعتبار الإسلام على هذا النحو، واعتباره نظاما محليا في وطن بعينه فمن حقه فقط أن يدفع الهجوم عليه في داخل حدوده الإقليمية!

    هذا تصور... وذاك تصور... ولو أن الإسلام في كلتا الحالتين سيجاهد... ولكن التصور الكلي لبواعث هذا الجهاد وأهدافه ونتائجه، يختلف اختلافا بعيدا، يدخل في صميم الاعتقاد كما يدخل في صميم الخطة والاتجاه.

    إن من حق الإسلام أن يتحرك ابتداء، فالإسلام ليس نحلة قوم، ولا نظام وطن، ولكنه منهج إله، ونظام عالم... ومن حقه أن يتحرك ليحطم الحواجز من الأنظمة والأوضاع التي تغل من حرية "الإنسان" في الاختيار، وحسبه أنه لا يهاجم الأفراد ليكرههم على اعتناق عقيدته، إنما يهاجم الأنظمة والأوضاع ليحرر الأفراد من التأثيرات الفاسدة، المفسدة للفطرة، المقيدة لحرية الاختيار.

    من حق الإسلام أن يخرج "الناس" من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده... ليحقق إعلانه العام بربوبية الله للعالمين، وتحرير الناس أجمعين... وعبادة الله وحده لا تتحقق - في التصور الإسلامي وفي الواقع العملي - إلا في ظل النظام الإسلامي، فهو وحده النظام الذي يشرع الله فيه للعباد كلهم، حاكمهم ومحكومهم، أسودهم وأبيضهم، قاصيهم ودانيهم، فقيرهم وغنيهم، تشريعا واحدا يخضع له الجميع على السواء... اما في سائر الأنظمة، فيعبد الناس العباد، لأنهم يتلقون التشريع لحياتهم من العباد، وهو من خصائص الألوهية، فأيما بشر ادعى لنفسه سلطان التشريع للناس من عند نفسه، فقد ادعى الألوهية اختصاصا وعملا، سواء ادعاها قولا أم لم يعلن هذا الادعاء، وأيما بشر آخر اعترف لذلك البشر بذلك الحق فقد اعترف له بحق الألوهية، سواء سماها باسمها أم لم يسمها!

    والإسلام ليس مجرد عقيدة، حتى يقنع بإبلاغ عقيدته للناس بوسيلة البيان، أنما هو منهج يتمثل في تجمع تنظيمي حركي يزحف لتحرير كل الناس، والتجمعات الأخرى لا تمكنه من تنظيم حياة رعاياها وفق منهجه هو، ومن ثم يتحتم على الإسلام أن يزيل هذه الأنظمة بوصفها معوقات للتحرير العام، وهذا - كما قلنا من قبل - معنى أن يكون الدين كله لله، فلا تكون هناك دينونة ولا طاعة لعبد من العباد لذاته، كما هو الشأن في سائر الأنظمة التي تقم على عبودية العباد للعباد!

    إن الباحثين الإسلاميين المعاصرين المهزومين تحت ضغط الواقع الحاضر وتحت الهجوم الاستشراقي الماكر، يتحرجون من تقرير تلك الحقيقة، لأن المستشرقين صوروا الإسلام حركة قهر بالسيف للإكراه على العقيدة، والمستشرقون الخبثاء يعرفون جيدا أن هذه ليست هي الحقيقة، ولكنهم يشوهون بواعث الجهاد الإسلامي بهذه الطريقة... ومن ثم يقوم المنافحون - المهزومون - عن سمعة الإسلام، بنفي هذا الاتهام، فيلجأون إلى تلمس المبررات الدفاعية! ويغفلون عن طبيعة الإسلام ووظيفته، وحقه في "تحرير الإنسان" ابتداء.

    وقد غشى على أفكار الباحثين العصريين - المهزومين - ذلك التصور الغربي لطبيعة "الدين"... وإنه مجرد "عقيدة" في الضمير، لا شأن لها بالأنظمة الواقعية للحياة، ومن ثم يكون الجهاد للدين، جهادا لفرض العقيدة على الضمير!

    ولكن الأمر ليس كذلك في الإسلام، فالإسلام منهج الله للحياة البشرية، وهو منهج يقوم على إفراد الله وحده بالألوهية - متمثلة في الحاكمية - وينظم الحياة الواقعية بكل تفصيلاتها اليومية! فالجهاد له جهاد لتقرير المنهج وإقامة النظام، أما العقيدة فأمر موكول إلى حرية الاقتناع، في ظل النظام العام، بعد رفع جميع المؤثرات... ومن ثم يختلف الأمر من أساسه، وتصبح له صورة جديدة كاملة.

    وحيثما وجد التجمع الإسلامي، الذي يتمثل فيه المنهج الإلهي، فإن الله يمنحه حق الحركة والانطلاق لتسلم السلطان وتقرير النظام، مع ترك مسألة العقيدة الوجدانية لحرية الوجدان، فإذا كف الله أيدي الجماعة المسلمة فترة عن الجهاد، فهذه مسألة خطة لا مسألة مبدأ، مسألة مقتضيات الحركة لا مسألة عقيدة... وعلى هذا الأساس الواضح يمكن أن نفهم النصوص القرآنية المتعددة، في المراحل التاريخية المتجددة، ولا نخلط بين دلالتها المرحلية، والدلالة العامة لخط الحركة الإسلامية الثابت الطويل.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    167
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    28-08-2013
    على الساعة
    09:29 AM

    افتراضي

    طبيعي ان يضطر المسلمون للقتال في حالة منعهم من ممارسة دينهم و اضطهادهم كما يحدث في دول كثيرة في عالمنا المعاصر كما في بورما و الفلبين و غيرهم و لو كان للمسلمين دولة لتوجب عليها مد العون لهم بكل وسيلة بما في ذلك ارسال الجنود ان امكن
    اما اذا كانت الدولة غير المسلمة تحترم حقوق المسلمين و لا تضطدهم فلا عدوان عليها بالطبع بل تكون علاقة تعاون و حسن جوار كما في كثير من دول امريكا الجنوبية التي تترك للمسلمين الحرية و تعطيهم كافة حقوق المواطنة و في التاريخ الاسلامي امثلة عديدة لمثل هذه العلاقات مع الكيانات غير المسلمة أولها ميثاق المدينة بين الرسول و يهود يثرب و الذي يعتبره المؤرخون اول ميثاق مواطنة في التاريخ قائم على حقوق و و اجبات
    اما الجهاد الواجب في غير حالة الاعتداء على ديار الاسلام فهو في حالة استضعاف المسلمين و منعهم من حرية العبادة في خارج ديار الاسلام
    اما و انهم يدعون حقوق الانسان و الحرية و الامم المتحدة و غيرها ، فليرونا صدق دعواهم

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    2
    آخر نشاط
    21-01-2008
    على الساعة
    02:55 AM

    افتراضي

    اخواني الاعزاء :
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
    - حقيقة اوجه التحيه لاخي ( الاسماعيلي ) لتوضيحاته القيمه ..
    ولكن
    - عندما قرات في ( الناسخ والمنسوخ ) ... وجدت ان الايات التي تتحدث عن الجدال بالحسني .. وان لا اكراه في الدين ... الخ .. كلها ايات منسوخه .. ومعظمها منسوخ بما يسمي ( بأية السيف ) ..
    - وبهذا لا يوجد تعارض بين الحديث والايات الكريمه الناسخه لما تفضلت يه من ايات ..
    - لذا ارجوا الايضاح ( ان امكن ) لأن هذه النقطه اكثر ما نواجهه من تلبيسات ( بالمناسبه نحن هنا في امريكا الجنوبيه .. والحمد لله ان الكثير منهم دخل في دين الله .. ولكننا نريد ان نغلق المداخل التي من الممكن ان يستخدمها الاخرون للتدليس علي المسلمين ( وما اكثرهم )!!!
    - في انتظار الاجابه .. واعتذر للاطاله
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    167
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    28-08-2013
    على الساعة
    09:29 AM

    افتراضي

    الآية محكمة و لا يمكن ان تكون منسوخة
    لم يكره المسلمون احدا على اعتناق دينهم على مدار تاريخهم ، و لم يفهم احد من الصحابة او التابعين و كثير منهم كانوا في جيوش الفاتحين ان لم يكونوا قادتها ، ان الاسلام يكون بالاكراه
    بل ان عمرو بن العاص :radia-icon: أحسن معاملة الاقباط بما لم يتخيلوه في احلامهم حتى ان المسلمين كانوا يصلون في العراء قبل بناء مسجدهم و لم يفكروا في تحويل كنيسة الى مسجد
    معنى اكراه الناس بالقتال او بغيره على اعتناق الاسلام غير متحقق في الشواهد الواردة عن الخلفاء الراشدين و الصحابة و التابعين
    و قد قبل الرسول الجزية من نصارى نجران حتى نهاية حياته و لم يجبرهم على الاسلام و قد كان دعاهم الى المباهلة فخافوا و تهربوا ، و قد تركهم و شانهم و صالحهم على الجزية
    فأين النسخ في في آية (لا اكراه في الدين)
    لكن الامر يختلف في البلد الحرام خصوصا، هنا من لا يعجبه الاسلام يغادر ، فالبلد الجرام لا ينجسه مشرك لانها ارض طهرها الله لعباده الموحدين
    و قتالهم هنا واجب ان اصروا على كفرهم مع البقاء في الاراضي المقدسة
    قال تعالى:
    وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ

    فالامر هنا بالقتال واضح للنبي الخاتم لمن يابى الاسلام لان بقاؤه في مثل هذه الاماكن لا يؤتمن و التاريخ اثبت ذلك في وقائع عديدة من محاولات سرقة الحجر الاسود و محاولات نبش قبر الرسول
    التعديل الأخير تم بواسطة mos3ab_1 ; 19-11-2007 الساعة 06:30 PM

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    2
    آخر نشاط
    21-01-2008
    على الساعة
    02:55 AM

    افتراضي

    اخي الكريم ( مصعب ) ..
    - اولا اشكرك لردك الشيق والرشيق ..
    - ويعلم الله انني لا ابغي تشكيكا او جدال بلا فائده ..
    ولكن اية ( لا اكراه في الدين ) لها ظرفها التاريخي .. وهو شكوي بعض المسلمين من الانصار انهم كانو قد ( هودوا ) ابناءهم ... وتساءلوا عن ما يمكنهم فعله بعد اعتناقهم الاسلام .. فنزل قول الله تعالي ( لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) .. وهكذا فان لها ظرفا تاريخيا ( خاصا )
    - وفي الواقع .. انني لم اقصد هذه الايه بالذات .. فمعظم الايات التي تخبر ان النبي ( ص ) ماهو الا نذير مبين .. و ( وما انت عليهم بمسيطر ) ... الخ من تلك الايات .. هي ايات منسوخه بما يطلق عليه اية السيف .. ( بالمناسبه هذا ليس كلامي .. ولكنه كلام علماء الاسلام الاجلاء .. ويمكن عرض المراجع ان اردت )
    - اقسم بالله انني لا ابغي فتنه او التعريض بتعاليم الاسلام ..
    ولكني اثرت ان نكسر تابوت المسلمات فيما بيننا .. وانا علي ثقه من انني ساستفيد من ما سيطرح من ردود ..
    ملحوظه اخيره ( ان لم ترق مشاركتي للاعضاء الكرام .. او للاشراف الرائع .. فانا علي استعداد لحزفها فورا )
    فما ابغي الا الاستفاده .. ليستريح عقلي المتعب !!!!
    اعتذر للاطاله .. وفي انتظار الرد
    تحياتي وتقديري
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    167
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    28-08-2013
    على الساعة
    09:29 AM

    افتراضي

    لا عليك اخي الكريم
    و لكن الاية محكمة (قد تبين الرشد من الغي) و هي قد انزلت و المسلمون في قوة و عزة
    و السيرة النبوية تثبت ذلك فالرسول لم يقاتل من صالحه على الجزية من اهل الكتاب و كذلك الخليفة العادل عمرو بن الخطاب:radia-icon: فقد صالح نصارى تغلب و بل و زاد ان غير مسمى الجزية عندما طلبوا ذلك
    بل ان عمرا:radia-icon: قبل الجزية من المجوس ايضا و لم يكرههم على الاسلام
    نحن نأخذ الدين بالسنة النبوية و سنة الخلفاء الراشدين ثم برأي الجمهور و لا يكون الدين براي بعض العلماء فليس في الاسلام كهنوت و لا قداسة لبشر
    حاشا لله ان يكون الاسلام دين انتهازي يلين و يتسامح في حالة الضعف و يتجبر و يفرض على الناس اعتناقه في حالة عنفوانه، فهذه مزاعم القساوسة و المأجورين
    غاية الاسلام لخصها الصحابي الجليل ربعي بن عامر:
    (نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد الى عبادة الله وحده ومن ضيق الدنيا الى سعتها ومن جور الاديان الى عدل الاسلام فارسلنا بدينه الى خلقه لندعوهم اليه )
    موضوع النسخ في القرآن لا اجماع عليه اصلا بين العلماء فكيف يقطع احد ان الاية منسوخة بينما سياقها لا يحتمل ظرف زماني مؤقت
    للاستزادة في امر اية السيف و كيف انها لا تعني اطلاقا اكراه الناس على الاسلام
    http://www.islamonline.net/Arabic/co...ticle04c.shtml
    و يوجد ايضا مقالة طيبة للدكتور عبد العظيم المطعني من علماء الازهر ، يوضح حالة تطبيق آية السيف و انها ليست عامة على كل غير المسلمين
    http://www.sbeelalislam.net/index.ph...2493&Itemid=70
    التعديل الأخير تم بواسطة mos3ab_1 ; 20-11-2007 الساعة 01:46 PM

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    80
    آخر نشاط
    27-12-2011
    على الساعة
    02:35 AM

    افتراضي

    منقول عن موقع المشكاة:*******http://www.almeshkat.net/vb/showthre...=64607******** حديث: أمرت أن أقاتل الناس
    وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله -تعالى- رواه البخاري ومسلم
    ---------------------
    هذا الحديث -حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة .

    قوله: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا يعني: أن شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وما يلزم عنها من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، هذه لا بد من مطالبة الناس بها جميعا، المؤمن والكافر، وللناس جميعا أُرْسِلَ إليهم المصطفى -عليه الصلاة والسلام-، وأُمِرَ أن يقاتلهم بقول الله -جل وعلا-: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وبقوله: قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ … الآية.

    حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ .

    فأمر الله -جل وعلا- بالقتال حتى تُلْتَزم الشريعة، وهذا لا يعني أنه يُبْتَدأ بالقتال؛ بل هذا يكون بعد البيان، وبعد الإنذار، فقد كان -عليه الصلاة السلام- لا يغزو قوما حتى يؤذنهم، يعني: حتى يأتيهم البلاغ بالدين، فقد أرسل -عليه الصلاة والسلام- الرسائل المعروفة إلى عظماء أهل البلاد فيما حوله، يبلغهم دين الله -جل وعلا-، ويأمرهم بالإسلام، أو فالقتال، وهذا ذائع مشهور.

    إذن فقوله -عليه الصلاة والسلام-: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا يعني بعد البيان والإعذار، فهو يقاتلهم حتى يلتزموا بالدين، وهل هذا يعني أنه هو الخيار الوحيد؟

    الجواب: هذا في حق المشركين؛ ولهذا حمل طائفة من أهل العلم أن الناس هنا هم المشركون الذين لا تُقْبَل منهم الجزية، ولا يقرون على الشرك.

    أما أهل الكتاب، أو من له شبهة كتاب، فإنه يُخيَّر، أهل تلك الملل ما بين المقاتلة -يعني: بين القتال- أو أن يُعطُوا الجزية، حتى يكونوا في حماية أهل الإسلام، يعني: أنهم تدخل البلد، ويكون هؤلاء رعايا لدولة الإسلام، وبذلك لا يقتلون.

    وهذا في حق أهل الكتاب واضح؛ فإن أهل الكتاب مخيَّرون بين ثلاثة أشياء:

    إمَّا أن يسلموا، فتُعْصَم دماؤهم وأموالهم.

    وإما أن يُقَاتَلُوا حتى يظهر دين الله.

    وإما أن يرضوا بدفع الجزية، وهي ضريبة على الرءوس، مال على كل رأس، فيبقوا رعايا في دولة الإسلام، ويسمون أهل الذمة.


    قوله -عليه الصلاة والسلام-: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله .

    المقصود بالشهادة هنا شهادة لا إله إلا الله، يعني: أن يقولوا: لا إله إلا الله، فأول الأمر أنه يُكَفّ عن قتالهم بأن يقولوا هذه الكلمة، وقد يكون قالها تعوذا، فتعصمه هذه الكلمة حتى يُنْظر عمله، ومعلوم في الصحيح قصة أسامة، وقصة خالد، حيث قتل من قال لا إله إلا الله، فلما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- القاتل، قال: أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟ قال: يا رسول الله، إنما قالها تعوذا -يعني: من القتل- قال: فكيف تفعل بها إذا جاء يحاج بها يوم القيامة؟ فندم، وود أنه لم يفعل ذلك، فهذا يُكتفى فيه بالقول.

    فإذن قوله -عليه الصلاة والسلام-: حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله المقصود به هنا -يعني في مبدأ الأمر- أن يقول الكافر: أشهد أن لا إله إلا الله، أو أن يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.

    ومن هنا اختلف العلماء: لم أضاف إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة بعدها؟

    قال: حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة .

    ومن المعلوم أنه لا يشترط -يعني بالإجماع- أنه لا يشترط في الكف عن قتال الكافر أن يقيم الصلاة وأن يؤتي الزكاة، فقالوا: هذا باعتبار المآل، يعني: قالت طائفة: هذا باعتبار المآل، يعني: يُكْتَفَى منه بالشهادتين، فيكف عنى دمه، ثم يطالب بحقها، وأعظم حقوقها الظاهرة إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، حتى يكون دخل في الدين بصدق، كما قال- جل وعلا-: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ .

    فتبين بهذا أن قوله: ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ليست على ظاهرها، من أنه لا يُكَفّ عنه حتى تجتمع الثلاثة: الشهادة، والصلاة، والزكاة.

    معلوم أنه قد يشهد قبل حلول الصلاة، ووقت الصلاة ربما، والصلاة تحتاج إلى طهارة، وإلى غسل، إلى غير ذلك، والزكاة تحتاج إلى شروط، من دوران الحول، وشروط أُخَر معروفة لوجوبها.

    قال طائفة من أهل العلم: إن المقصود هنا ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة أي: يلتزموا بها، يعني: أن يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ويلتزم بجميع شعائر الإسلام، وأعظمها حقّ البدن، وحقّ الله -جل وعلا- المتعلق بالبدن، وهو الصلاة، وحق الله -جل وعلا- المتعلق بالمال وهو الزكاة.

    ومعنى الالتزام أن يقول: أنا مخاطب بهذه، فمعناها أنه دخل في العقيدة، وفي الشريعة، فإنه قد يقول: لا إله إلا الله. ولا يؤدي بعض الواجبات، لا يؤدي الصلاة، ولا يؤدي الزكاة، ويقول: أنا لم أدخل إلا في التوحيد، ما التزمت بهذه الأعمال.

    فقالوا: دل قوله: ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة على وجوب الالتزام بالعبادات، يعني: أن يعتقد أنه مخاطب بكل حكم شرعي، وأنه لا يخرج عن الأحكام الشرعية؛ لأن هناك من العرب من قبلوا بشرط ألا يُخَاطبوا بترك شرب الخمر، أو ألا يكونوا مخاطبين بعدم نكاح المحارم، وأشباه ذلك.

    فالالتزام بالشريعة معناه: أن يكون معتقدا دخوله في الخطاب بكل حكم من أحكام الشريعة، وهذا -كما هو معلوم- مقترن بالشهادتين.

    لهذا قال العلماء: تُقاتَل الطائفة الممتنعة عن أداء شريعةٍ من شعائر الله، قالوا: تقاتل الطائفة الممتنعة عن أداء التزام شعيرة من شعائر الإسلام، واجبة أو مستحبة، ومعنى قولهم: "تقاتل الطائفة الممتنعة": أنه لو اجتمع أناس فقالوا: نحن نلتزم بأحكام الإسلام، لكن لا نلتزم بالأذان، بمعنى أن الأذان ليس لنا، وإنما لطائفة من الأمة أخرى.

    أو يقولون: نلتزم إلا أن بالزكاة، فالزكاة لسنا مخاطبين بأن نعطيها الإمام، يعني: أنهم يعتقدون أن شيئا من الشريعة ليسوا داخلين فيه، هذا الذي يسمى "الامتناع" الطائفة الممتنعة يعني: التي تقول هذا الحكم ليس لي، وإنما لكم، مثل مانعي الزكاة في عهد أبي بكر، يعني بعض مانعي الزكاة الذين ارتدوا، ومثل الذين يزعمون سقوط التكاليف عنهم، وأنهم غير مخاطبين بالصلاة والزكاة، وأنهم غير مخاطبين بتحريم الزنا وأشباه ذلك.

    فيه تفاصيل لهذا، المقصود أن قوله -عليه الصلاة والسلام-: أن أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة أن هذا لأداء حقوق كلمة التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله".

    اختلف العلماء في الفرد الذي يمتنع عن أداء الصلاة، يمتنع يعني يقول: لا أؤديها. أما الذي لا يلتزم، بمعنى يقول: أنا غير مخاطب. فسواء كان فرد أو جماعة، فإنه كافر، ليس له حق، ولا يُعْصَم ماله ولا دمه.

    لكن الذي يمتنع عن الأداء، مع التزامه بذلك، فاختلفوا: هل يُقْتَل تارك الصلاة؟ والصحيح فيها أن لا يُقْتَل حتى يستتيبه إمام أو نائبه، ويتضايق وقت الثانية عنها، ويؤمر بها ثلاثا، ثم بعد ذلك يقتل مرتدا على الصحيح.

    فاختلفوا أيضا في المانع للزكاة هل يُقْتَل؟ على روايتين عند الإمام أحمد، وعلى قولين -أيضا- عند بقية العلماء، يعني قوله: أنه يقتل، والثاني لا يقتل في الفرد الذي يمتنع عن أداء الزكاة.

    وهكذا في سائر الأحكام والصوم والحج، ثَمَّ خلاف بين أهل العلم فيمن تركه، هل يُقْتَل؟ يعني: وأصر على الترك، ودعاه الإمام وقال: افعل، هل يقتل أو لا يقتل؟ اختلفوا في هذا كله بما هو مبسوط في كتب الفروع، ومعروفة.

    قال -عليه الصلاة والسلام- بعد ذلك: فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم .

    دَلَّ على أن الكافر مباح المال، ومباح الدم، وأن ماله -وهو الحربي- أن ماله مباح، يعني: لا شيء في سرقة مال الحربي، وهو من بينك وبينه حرب، تحاربه، فوجدت شيئا من ماله، فلا له لا يحرم ماله؛ لأنه قد أُبِيحَ دمه، وأبيح ماله بالتبع، بخلاف المعاهد والمستأمن، أو من خانك؛ فإنه لا يجوز أن تعتدي على شيء من أموالهم، حتى ولو كان غير مسلم، إلا إذا كان حربيا.

    يعني: أن المستأمن والمعاهد والذِّمي -ولو خانوا في المال- فإنه لا يجوز التعدي على أموالهم، وإذا لم يخونوا من باب أولى؛ لأنهم لم يُبَحْ مالهم، وقد جاء في الحديث: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك لأنك تعاملهم لحق الله -جل وعلا-، فلا تستبيح مالهم لأجل ما هم عليه؛ بل تؤدي فيهم حق الله -جل وعلا.

    أما مَن ليس كذلك -يعني المشرك الذي أبَى أن يشهد ألا إله إلا الله، وأن يقيم الصلاة، وأن يؤتي الزكاة- فهذا لا يحرم ماله ودمه؛ بل يباح منه الدم، فيقتل على الكفر؛ لأنه أصر على ذلك، يعني بعد إقامة الحجة عليه، أو بعد الإعذار؛ لأن هذه هو الأصل.

    وجاء في صحيح مسلم ما هو بخلاف الأصل، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حديث ابن عباس المعروف: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- غزا قوما وهم غارُّون يعني: بدون أن يؤذنهم. وهذا كالاستثناء من الأصل، وله بعض أحكامه مما هو استثناء من القاعدة، فالأصل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقاتل قوما حتى يؤذنهم، حتى يبلغهم، وربما فعل غير ذلك في قصة بني المصطلق المعروفة، أنه غزاهم وهم غارُّون، في تفاصيل ذلك.

    قال: عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله جل وعلا .

    حق الإسلام: يعني ما جاء في الإسلام التشريع به، من إباحة الدم، أو إباحة المال، فإذا شهدوا الشهادتين، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، فإنهم إخواننا، فتحرم دماؤهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، يعني: إلا بما أباح الإسلام، أو شرع الله -جل وعلا- في هذه الشريعة أن دمهم مباح، مثل الثيب الزاني، والنفس بالنفس، وما أشبه ذلك مما هو معروف، وسيأتي بعضه في الحديث: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى الثلاث .

    قال: وحسابهم على الله عز وجل .

    هذا لما تقدم من أنه قد يشهد، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة ظاهرا، فنقول: نقبل منه الظاهر، ونَكِلُ سريرته إلى الله -جل وعلا- كحال المنافقين، المنافقون نعلم أنهم كفار، لكن نعصم دمهم ومالهم بما أظهروه، وحسابهم على الله -جل وعلا.

    بهذا نقول: الكفر كفران:

    كفر رِدّة : تترتب عليه الأحكام، من إباحة المال والدم.

    وكفر نفاق: نعلم أنه كافر، ويُحْكَم عليه بأنه كافر، لكن لا تترتب عليه أحكام الكفر؛ لأنه ملحق بالمنافقين، وهذا معروف في تفاصيله في كلام أهل العلم.

    جامع شيخ الاسلام ابن تيمية

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    7,315
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    28-02-2023
    على الساعة
    01:53 AM

    افتراضي

    This is also a very good article
    for Dr.Youssef Alkaradawy
    حديث: "بُعثت بين يدي الساعة بالسيف"

    وهو مما يستند إليه الهجوميون أو دعاة الحرب على العالم، باعتباره يعبر عن نهج الإسلام، وهو القوة المادية. وقد كنت سئلت عن هذا الحديث، وأجبت عنه إجابة مفصلة، فلا بأس أن أعرضها على القارئ هنا.

    س: يستند بعض دعاة العنف من الفصائل المسلحة، التي تنسب نفسها إلى الإسلام، أو ينسبها الناس إلى الإسلام –في جملة ما يستندون إليه- إلى حديث نبوي شريف، يزعمون أنه صحيح، وهو الحديث الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: "بعثت بين يدي الساعة بالسيف، حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري. ومن تشبه بقوم فهو منهم".

    ونحن نعلم أن علم الحديث ورجاله: بحر واسع عميق، لا يستطيع السباحة فيه أو الغوص في أعماقه إلا أهله، ولذا وقفنا أمام هذا الحديث لنسأل أهل الذكر: أهذا الحديث صحيح حقيقة أم لا؟ وإن كنا من ناحية المعنى ننكره، فإن الرسول الكريم بُعث بالحجة والإقناع والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، وليس بالسيف والعنف، والله تعالى يقول: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) البقرة: 256.

    نرجو من سماحتكم إلقاء ضوء كاشف على القيمة العلمية لهذا الحديث الذي تمسك به المتشددون، وشنّع به المشنعون من أعداء الإسلام: إن هذا الدين دين السيف.

    ورأينا انتشار ظاهرة العنف الدموي في عدد من بلادنا الإسلامية، نتيجة لشيوع هذه الثقافة الملغومة، التي تغذَّى بها عقول الشباب الغض، فينحرفون عن الطريق، ويستبيحون الحرمات، ويسفكون دماء البرآء بغير حق، بدعوى أن الإسلام (دين السيف). وهو يعني عندهم استعمال القوة المادية والعسكرية –وليس غيرها- في التغيير والإصلاح.

    سدد الله خطاكم، ونفع بكم.

    ج: الحمد لله روى الإمام أحمد في مسنده قال: حدثنا محمد بن زيد –يعني الواسطي- أخبرنا ابن ثوبان، عن حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت بالسيف، حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم".

    الحديث رقم (5114) و(5115) من المسند بتحقيق شاكر.

    1 - نظرة في الحديث من جهة إسناده:

    ولنا في هذا الحديث نظرتان: نظرة فيه من جهة الإسناد، ونظرة فيه من جهة المتن.

    وإذا نظرنا في إسناده وجدنا عددا من العلماء المعاصرين من خرجوه. فلننظر ماذا قالوا؟

    أ - تخريج الشيخ أحمد شاكر:

    قال الشيخ أحمد شاكر في تخريجه: إسناده صحيح. ابن ثوبان: هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، سبق الكلام عليه (3281) و(4968). حسان بن عطية المحاربي الدمشقي: ثقة؛ وثقه أحمد وابن معين وغيرهما، وترجمه البخاري في الكبير 2/1/31. أبو منيب الجُرَشي الدمشقي الأحدب: تابعي ثقة؛ وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وترجمه البخاري في الكنى رقم (658). الجُرَشي (بضم الجيم وفتح الراء، وبالشين المعجمعة): نسبة إلى "بني جرش" بطن من حمير.

    قال: والحديث ذكر البخاري بعضه في الصحيح 6: 72 معلقًا، قال: "باب ما قيل في الرماح، ويذكر عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "جعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري". وخرجه الحافظ في الفتح عن المسند من هذا الوجه، ثم قال: وأخرج أبو داود منه قوله: "من تشبه بقوم فهو منهم" حسب، من هذا الوجه. وأبو منيب لا يُعرف اسمه. وفي الإسناد عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان: مختلف في توثيقه.

    وأورد الهيثمي الحديث في (مجمع الزوائد: 6/49) وقال: رواه أحمد، وفيه: عبد الرحمن بن ثابت، وثقة ابن المديني وغيره، وضعفه أحمد وغيره، وبقية رجاله ثقات. انتهى.

    ولما رجعت إلى الحديث رقم (3281)، الذي سبق للشيخ شاكر فيه توثيق ابن ثوبان، وجدته قال عنه: قال أحمد: أحاديثه مناكير. وقال أيضًا: لم يكن بالقوي في الحديث.

    وقال أيضًا: كان عابد أهل الشام.

    وقال يعقوب بن شيبة: اختلف أصحابنا فيه، فأما ابن معين فكان يضعفه، وأما علي –يعني: ابن المديني- فكان حَسُنَ الرأي فيه، قال: ابن ثوبان رجل صدق لا بأس به، وقد حمل عنه الناس. ووثقه الغلاس ودحيم وأبو حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات. واختلفت الرواية فيه عن ابن معين، فروي عنه أيضًا أنه قال: صالح.

    قال شاكر: والظاهر: إنهم تكلموا فيه من أجل القدر، ومن أنه تغير عقله في آخر عمره، ولم يذكره البخاري ولا النسائي في الضعفاء، وصحح له الترمذي حديثًا. انتهى.

    هذا ما انتهى إليه العلامة الشيخ شاكر رحمه الله، فقد صحح إسناد الحديث، برغم ما في الرجل من خلاف شديد حول توثيقه أو تضعيفه. والشيخ شاكر معروف بتساهله في التصحيح، فلا يكاد يوجد راوٍ مختلف فيه إلا ووثقه واعتمده. وقول الإمام أحمد: أحاديثه مناكير يدل على أنه لم يضعفه من أجل القدر كما قال الشيخ.

    وقد رأيناه نقل عن حافظين كبيرين ذكرا الحديث ولم يصححاه:

    أحدهما: الحافظ نور الدين الهيثمي صاحب (مجمع الزوائد).

    والثاني: الحافظ ابن حجر في (الفتح).

    وكلاهما ذكر الحديث، وذكر ما في راوية ابن ثوبان من خلاف. ومما يؤخذ على كلام الشيخ شاكر: أنه قال: ذكر البخاري بعضه في الصحيح معلقًا، وكان ينبغي أن يقول: بغير صيغة الجزم، بل بصيغة التمريض والتضعيف. لأنه قال: ويذكر عن ابن عمر… إلخ.

    ب - تخريج الألباني:

    وقد فتح الشيخ شاكر باب تصحيح هذا الحديث للمعاصرين، فنجد الشيخ ناصر الدين الألباني صححه في أكثر من كتاب له.

    ففي صحيح الجامع الصغير وزيادته ذكره برقم (2831) ذكر أنه صحيح، وأشار بالرجوع إلى كتابه: حجاب المرأة 104 والإرواء 1269.

    وبالرجوع إلى (الإرواء) أعني (إرواء الغليل في تخرج أحاديث منار السبيل) وقد ذكر صاحب المنار الجزء الأخير من الحديث وهو الذي أخرجه أبو داود منه – وهو: "من تشبه بقوم فهو منهم". قال في تخريجه: صحيح. أخرجه أحمد (2/92,50) وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" ق 92/2) وابن أبي شيبة في "المصنف" (7/150/1) وأبو سعيد ابن الأعرابي في "المعجم" (ق 110/2) والهروي في "ذم الكلام" (ق 54/2) عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ثنا حسان بن عطية عن أبي منيب الجرشي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    "بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم".

    قلت: وهذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات غير ابن ثوبان هذا، ففيه خلاف، وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق، يخطئ، وتغير بأخرة".

    وقد علق البخاري في "صحيحه" (6/72) الجملة قبل الأخيرة، والتي قبلها[1]، ولأبي داود منه (4031) الجملة الأخيرة.

    ولم يتفرد به ابن ثوبان، فقال الطحاوي في "مشكل الآثار" (1/88): حدثنا أبو أمية حدثنا محمد بن وهب بن عطية ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية به.

    قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات غير أبي أمية، واسمه محمد بن إبراهيم الطرسوسي قال الحافظ في: "التقريب":

    "صدوق، صاحب حديث، يهم".

    والوليد بن مسلم ثقة محتج به في الصحيحين، ولكنه كان يدلس تدليس التسوية، فإن كان محفوظًا عنه، فيخشى أن يكون سوّاه.

    وقد خالفه في إسناده صدقةُ فقال: عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- به.

    أخرجه الهروي (ق 54/1) من طريق عمر بن أبي سلمة، حدثنا صدقة به.

    وصدقة هذا هو ابن عبد الله السمين الدمشقي وهو ضعيف.

    وخالفهما عيسى بن يونس فقال: عن الأوزاعي عن سعيد بن جبلة عن طاوس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال... فذكره.

    أخرجه ابن أبي شيبة (7/152/1).

    قلت: وهذا مرسل، وقد ذكره الحافظ في "الفتح" (6/72) من رواية ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبلة مرسلاً، لم يذكر فيه طاووسا وقال: "إسناده حسن".

    كذا قال، ورجاله ثقات رجال الشيخين غير سعيد بن جبلة، وقد أورده ابن أبي حاتم (2/1/10) من رواية الأوزاعي عنه وقال عن أبيه: "هو شامي". ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وهو على شرط ابن عساكر في "تاريخه" ولم يورده فيه.

    ثم أخرجه الهروي (54/1-2) وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/129) من طريق بشر بن الحسين الأصبهاني ثنا الزبير بن عدي عن أنس بن مالك مرفوعًا به.

    قلت: وبشر هذا متروك متهم فلا يفرح بحديثه. انتهى.

    وبهذا تبين لنا أن الحديث لم يأت من طريق واحدة صحيحة متصلة سالمة من النقد، وإنما صححه من صححه بطرقه، وكلها لا تسلم من مقال، ولم تكثر إلى درجة يقال: يقوي بعضها بعضًا. على أن التصحيح بكثرة الطرق - وإن لم يكن معروفًا عند المتقدمين من أئمة الحديث - إنما يعمل به في القضايا اليسيرة، والأمور الجزئية الصغيرة، لا في مثل هذا الأمر الذي يعبر عن عنوان الإسلام واتجاهه: هل بعث رسوله بالرحمة أم بعث بالسيف؟

    جـ - تخريج الشيخ شعيب:

    وأما الشيخ شعيب الأرناؤوط، فله تخريجان للحديث: قديم وحديث.

    فأما القديم، ففي تخريج أحاديث (زاد المعاد) عندما حققه منذ سنين، وكان فيه مقلدًا أكثر منه محققًا ومستقلاً، فحسّن إسناده.

    وأما الجديد، ففي تخريجه للمسند، حيث أصبح أكثر نضجًا واستقلالاً من ناحية، وحيث غدا يشاركه خمسة آخرون من العلماء، فهو عمل جماعي له قيمته.

    في تخريج الزاد، بعد أن ذكر ابن القيم الحديث مستشهدًا به على أن الذل والصغار على من خالف أمر محمد -صلى الله عليه وسلم، قال شعيب:

    أخرجه أحمد في (المسند): 2/50، 92 وسنده حسن، وجود ابن تيمية إسناده في (الاقتضاء) ص 29، وصححه الحافظ العراقي في (الإحياء) وحسنه الحافظ في (الفتح) 10/230 وأخرج الجملة الأخيرة منه أبو داود (4031) وعلق طرفا منه البخاري في (صحيحه) 6/72 وله شاهد مرسل بسند حسن، أخرجه ابن أبي شيبة من طريق الأوزاعي (حاشية "زاد المعاد" ج1/35) طبعة الرسالة.

    ويلاحظ هنا أن الحافظ في (الفتح) لم يحسنه، بل ذكر الاختلاف في توثيق ابن ثوبان، وإنما حسن الشاهد المرسل له، كما يلاحظ أن الشيخ شعيب قلد الشيخ أحمد شاكر حين ذكر أن البخاري علق طرفا منه، ولم يشر إلى أنه بصيغة التضعيف.

    وفي تخريج المسند في الجزء السابع الذي اشترك فيه مع الشيخ شعيب محمد نعيم العرقسوس وإبراهيم الزئبق، قالوا: إسناده ضعيف، على نكارة في بعض ألفاظه. ابن ثوبان: اختلفت فيه أقوال المجرحين والمعدلين، فمنهم من قوى أمره، ومنهم من ضعفه، وقد تغير بأخرة. وخلاصة القول فيه: إنه حسن الحديث إذا لم يتفرد بما ينكر، فقد أشار الإمام أحمد إلى أن له أحاديث منكرة، وهذا منها.

    وذكروا ممن أخرجه: عبد بن حميد، والطبراني في مسند الشاميين، وابن الأعرابي في معجمه. والبيهقي في الشعب، أربعتهم عن ابن ثوبان وزاد فيه بعد قوله: بعثت بالسيف" قولَه: "بين يدي الساعة".

    وعلق البخاري (6/98 الفتح) بعضه بصيغة التمريض.

    وأخرجه الطحـاوي في (شرح مشكل الآثار ) بإسناده، وفيه ثلاث علل، بينوها بتفصيل. ثم قالوا: فهذه العلل الثلاث مجتمعة لا يمكن معها تقوية الحديث المرفوع بمتابعة الأوزاعي لابن ثوبان. والله تعالى أعلم.

    انظر: الجزء السابع من مسند الإمام أحمد ص 123-125 تخريج الحديث (5114).

    وأزيد هنا فأقول: إن الإمام أحمد لم يقل إن له أحاديث منكرة، بل قال: أحاديثه مناكير. وهذه العبارة أشد من الأولى.

    د - ما قاله رجال الجرح والتعديل عن ابن ثوبان:

    ويحسن بنا هنا – استكمالاً للبحث- أن نضع بين يدي القارئ المهتم: أقوال أئمة الجرح والتعديل في عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان الذي اختلف في توثيقه، كما رأينا، وهو سبب ضعف هذا الحديث.

    ونكتفي هنا بكتاب لعله أهم الكتب في هذا الباب، وهو: كتاب ( تهذيب الكمال) للمزي، وهو خاص برواة الكتب الستة، وقد تفرع عنه عدة كتب، مثل: تهذيب التهذيب لابن حجر، وتقريب التهذيب له أيضًا، وتذهيب الكمال للذهبي، وخلاصة تذهيب الكمال للخزرجي. وأمها جميعًا: تهذيب الكمال للمزي.

    هـ - ما نقله المزي في تهذيب الكمال:

    أما ما ذكره الحافظ المزي في تهذيب الكمال عن ابن ثوبان، فقد قال في ترجمته برقم (3775): قال أبو بكر الأثرم عن أحمد بن حنبل: أحاديثه مناكير.

    وقال محمد بن علي الوراق، عن أحمد بن حنبل: لم يكن بالقوي في الحديث.

    وقال أبو بكر المروذي، عن أحمد بن حنبل: كان عابد أهل الشام. وذكر من فضله، قال: لما قدم به دخل على ذاك الذي يقال له المهدي، وابنته على عنقه.

    وقال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد، عن يحيى بن معين: صالح.

    وقال في موضع آخر: ضعيف.

    وقال عباس الدوري، عن يحيى بن معين: ليس به بأس.

    وكذلك قال علي بن المديني، وأحمد بن عبد الله العجلي، وأبو زرعة الرازي.

    وقال معاوية بن صالح، وعثمان بن سعيد الدرامي، وعبد الله بن شعيب الصابوني، عن يحيى بن معين: ضعيف.

    زاد معاوية: فقلت: يكتب حديثه؟. قال: نعم على ضعفه، وكان رجلاً صالحًا.

    وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن يحيى بن معين: لا شيء.

    وقال يعقوب بن شيبة السدوسي: اختلف أصحابنا فيه، فأما يحيى بن معين، فكان يضعفه، وأما علي بن المديني فكان حسن الرأي فيه، وقال: كان ابن ثوبان رجل صدق، لا بأس به، استعمله أبو جعفر والمهدي بعده على بيت المال، وقد حمل الناس عنه.

    وقال عمرو بن علي: حديث الشاميين كله ضعيف، إلا نفرًا منهم.. الأوزاعي، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان. وذكر آخرين.

    وقال عثمان بن سعيد الدرامي، عن دحيم: ثقة، يرمى بالقدر، كتب إليه الأوزاعي، فلا أدري أي شيء رد عليه.

    وقال أبو حاتم: ثقة.

    وقال في موضع آخر: يشوبه شيء من القدر.

    وقال أبو داود: كان فيه سلامة، وكان مجاب الدعوة، وليس به بأس، وكان على المظالم ببغداد.

    وقال النسائي: ضعيف.

    وقال في موضع آخر: ليس بالقوي.

    وقال في موضع آخر: ليس بثقة.

    وقال صالح بن محمد البغدادي: شامي صدوق، إلا أن مذهبه مذهب القدر، وأنكروا عليه أحاديث، يرويها عن أبيه، عن مكحول مسندة، وحديث الشامي لا يضم إلى غيره، معروف خطؤه من صوابه.

    وقال في موضع آخر: لم يسمع من بكر بن عبد الله شيئًا، وإنما يروي عن أبيه، وعن الشاميين.

    وقال ابن خراش: في حديثه لين.

    وقال أبو أحمد بن عدي: له أحاديث صالحة، يحدث عنه عثمان الطرائفي بنسخة. ويحدث عنه يزيد بن مرشل بنسخة، ويحدث عنه الفريابي بأحاديث، وغيرهم، وقد كتبت حديثه عن ابن جوصي وابن أبي عروبة من جمعيهما، ويبلغ أحاديث رجلاً صالحًا، ويكتب حديثه على ضعفه، وأبوه ثقة.

    وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات".

    وقال أبو بكر الخطيب: كان ممن يذكر بالزهد والعبادة والصدق في الرواية. انتهى

    وبهذا يتبين لنا أن مجرحيه أكثر، وأن موثقيه -وهم قلة- لم يوثقوه بإطلاق. فدحيم الذي وثقه قال: يرمى بالقدر، كتب إليه الأوزاعي، فلا أدري أي شيء رد عليه. وأبو حاتم الذي وثقه قال عنه أيضًا: يشوبه شيء من القدر. وتغير عقله في آخر حياته.

    وكما رمي بالقدر، رمي بالخروج، وقد ذكر الذهبي في (الميزان) عن الوليد بن فريد أنه روى عن الأوزاعي، أنه كتب إلى ابن ثوبان يقول له: وقد كنت ترى قبل وفاة أبيك: ترك الجمعة حرام، وقد أصبحت ترى ترك الجمعة والجماعة حلالاً.

    ومعنى هذا أنه رجل لديه استعداد للغلو، ومثله يروج عنده حديث مثل "بعثت بين يدي الساعة بالسيف".

    ونقل الذهبي عن العقيلي أنه قال: لا يتابع ابن ثوبان إلا من هو دونه أو مثله[2].

    وذكره ابن الجوزى في جملة الضعفاء.

    وقال الذهبي في (أعلام النبلاء): لم يكن بالمكثر، ولا هو بالحجة، بل صالح الحديث[3].

    وقال ابن حجر في (التقريب): صدوق يخطئ، ورمي بالقدر، وتغير بأخرة[4]. انتهى.

    ومثل هذا الراوي لا يؤخذ منه حديث يحمل مثل هذا المضمون الخطير: الإسلام دين السيف! وأن الرسول يرتزق من رمحه!

    2 - نظرة أخرى في الحديث من جهة متنه ومضمونه

    وإذا غضضنا الطرف عن سند الحديث وما فيه من كلام، ونظرنا في متنه ومضمونه، وجدناه منكرًا، لا يتفق مع ما قرره القرآن بخصوص ما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم.

    فالقرآن لم يقرر في آية واحدة من آياته أن محمدًا رسول الله بعثه الله بالسيف، بل قرر في آيات شتى أن الله بعثه بالهدى ودين الحق والرحمة والشفاء والموعظة للناس.

    ثانيًا: حديث أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا "لا إله إلا الله"

    اتخذ دعاة الحرب على العالم من هذا الحديث: سندا لتأييد دعوتهم، والحديث صحيح لا شك فيه، متفق عليه. ولكن ما معناه؟

    من المعلوم أن كلمة "الناس" في هذا الحديث عام يراد بها خاص، فالمراد منهم مشركو العرب الذين عادوا الدعوة منذ فجرها، وعذبوا المسلمين في مكة ثلاثة عشر عاما، وحاربوا الرسول تسعة أعوام في المدينة، وغزوه في عقر داره مرتين، يريدون استئصاله وأصحابه، والقضاء على دعوته، وهؤلاء القوم -كما وصفتهم سورة التوبة: "لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة" "نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول، وهم بدءوكم أول مرة" فقد نفض الرسول يده منهم، ولم يعد هناك أمل في صلاحهم، كما بينا قبل ذلك في الكلام عن (آية السيف).

    فهؤلاء لهم موقف لا ينطبق على غيرهم، خاصة أن الإسلام يريد أن يجعل من الحجاز حرما للإسلام، ومعقلا له، لا ينازعه فيه دين آخر.

    يقول العقاد: "وكان النبي -صلوات الله عليه- يعاقب في حروبه بمثل ما عوقب به، ولا يجاوزه إلى اللدد في الخصومة، فإذا انتهت الحرب على عهد من العهود وفّى به، وأخذ على أتباعه أن يوفوا به في غير إغلال ولا إسلال، أي في غير خيانة ولا مراوغة. وثابر على الوفاء في جميع عهوده، وثابر أهل الجزيرة من المشركين واليهود على الغدر بكل عهد من تلك العهود، وعقدوا النية سرا وجهرا على إعنات المسلمين وإخراجهم من ديارهم، لا يحرمون حراما في مهادنتهم ولا في مسالمتهم، ولا يزالون يؤلبون عليهم الأعداء داخل الجزيرة وخارجها. وأصروا على ذلك مرة بعد مرة حتى أصبحت معاهدتهم عبثا لا يفيد، ولا يغني عن القتال فترة إلا ردهم إليه بعد قليل، ووضح من لدد القوم وإصرارهم عليه أنهم لا يهادنون إلا ليتوفروا على جمع العدة، وتأليب العدو من الخصوم والأحلاف، فبطلت حكمة الدعوة إلى العهد، ولم يبق للمسلمين من سبيل إلى الأمان معهم إلا أن يخرجوهم من حيث أرادوا أن يخرجوا المسلمين، ولا يبقوا أحدا غير مسلم في تلك الجزيرة التي أبت أن تكون وطنا للمشركين وأحلافهم. فانتهت حكمة التخيير بين المعاهدة والقتال، ووجب الخيار بين أمرين لا ثالث لهما، وهما: الجوار على الإسلام أو على الخضوع لحكمه، فلا جوار في الجزيرة لأحد من المشركين وأحلافهم اليهود إلا أن يدين بالإسلام أو بالطاعة.

    "وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل" (البقرة: 191).

    وقال النبي -عليه الصلاة والسلام- يومئذ: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فمن قالها عصم مني ماله ودمه إلا بحقها، وحسابهم على الله".

    وفي هذا المعنى ينص القرآن الكريم على محاربة أهل الكتاب الذين تحالفوا مع المشركين، ونقضوا العهود المتوالية بينهم وبين النبي، كما تقدم في ذكر الغزوات والسرايا:

    "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" (التوبة: ).

    والوجه الوحيد الذي ينصرف إليه هذا الحكم هو أنه حيطة لا محيد عنها لضمان أمن المسلمين مع من يجاورونهم في ديارهم، ويتآمرون على حربهم، فلا يحل للمسئول عن المسلمين أن يكل أمانهم إلى عهد ينقض في كل مرة، ولكنه يأمن عليهم في جوار قوم مسلمين، أو قوم مطيعين للدولة، يؤدون لها حقها، فهم إذن لا يملكون من الاستقلال بالعمل في طاعة تلك الدولة ما يملكه المعاهد المؤمَّن على عهوده.

    وعلى الجملة شرع الإسلام حكما لكل حالة يمكن أن توجد بينه وبين جيرانه على الحذر أو على الأمان، فنص على حالة الدفاع والعدوان، ونص على الدفاع الواجب في حدوده على حسب العدوان، ونص على التعاهد والمسالمة على مدة أو إلى غير مدة، ولما بطلت جدوى المعاهدة لم تبق له خطة يأخذ بها أعداءه غير واحدة من اثنتين: الحرب أو الخضوع للإسلام إيمانا به أو طاعة لدولته، ولم يجعل الإيمان بالإسلام حتما على أعدائه المصرين على العداء، بل جعله خيارا بين أمرين، ومن سامه الإسلام غير هذين الأمرين، فقد سامه أن يرضى بحالة ثالثة لا يرضاها أحد، وهي حالة الخوف الدائم من عدو متربص به، لا تجدي معه المهادنة، ولا يؤمن على عهد من العهود.

    وانقضى عهد النبي -صلوات الله عليه- والمسلمون يعلمون حدودهم في كل علاقة تعرض لهم بين أنفسهم، وبينهم وبين جيرانهم.. علاقة المودة والوئام، وعلاقة الشغب والفتنة، وعلاقة الحرب أو علاقة التعاهد أو علاقة الموادعة والمهادنة أو علاقة الأمان والاستئمان. وهذه العناية بإقامة الحدود وبيان واجباتها هي وحدها حجة قائمة للإسلام على خصومه الذين يتهمونه بأنه دين الإكراه الذي لا يعرف غير شريعة القوة أو شريعة السيف. فمن كان لا يعرف غير شريعة السيف، فما حاجته إلى بيان لكل حالة من حالات السلم والحرب بأحكامها وواجباتها وحدودها وتبعاتها؟ لا حاجة به إلى حد من هذه الحدود ما دام أعزل مغلوبا على كل حال. فإنما يبحث عن تلك الحدود من يضع السيف في موضعه، ويأبى أن يضعه في موضع المسالمة والإقناع، وكذلك كانت شريعة الإسلام منذ وجب فيه القتال، ولم يوجبه إلا البغي عليه والقسر والعنت من أعدائه والإخراج من الديار[5].

    نضج القانون الدولي في الإسلام وطفولته عند الرومان والأوروبين:

    وقد لا حظ الباحثون ما جاء به الإسلام من أحكام مفصلة، وقواعد وضوابط، وتوجيهات حاكمة في كل شئون الحرب، وفي علاقة المسلمين بغيرهم -قبل الحرب- من مسالمين ومحاربين، وموادعين ومهادنين، ومعاهدين ومستأمنين، وذميين، وتكوّن من هذا قانون دولي رصين يحكم القوي كما يحكم الضعيف، قبل أن يعرف العالم شيئا عن القانون الدولي.

    فيقول الأستاذ العقاد:

    "وبينما كانت هذه الحدود معلومة مقسومة بأقسامها وتبعاتها في شريعة الإسلام كانت العلاقة بين الأمم في القارات الثلاث فوضى، لا تثوب إلى ضابط، ولا يستقر بينها السلام، إلا حيث يمتنع وجود المحارب، فيمتنع وجود الحرب بالضرورة التي لا اختيار فيها.

    كانت شريعة الرومان أن كل قوي يجاورك فهو عدو يجب أن تقضي عليه. فلم يكن للقارة الحديثة (التي سموها بقرطاجنة) من ذنب إلا أنها دولة قوية، تعيش على العدوة الأخرى من بحرهم الذي أغلقوه دون غيرهم mare clausum أو الذي سموه "بحرنا" وحرموا على غيرهم أن يشاركهم فيه mare nostrum.

    وكذلك كانت شريعة فارس في الشرق مع من يجاوها.

    وكذلك كانت شريعة الإسكندر وخلفائه على دولته الواسعة.

    وكذلك بقيت شريعة الدول في القارة الأوروبية إلى القرن السابع عشر، أو عهدهم بالبحث في الشرائع الدولية وحقوق الحرب والسلام.

    فلم يلتفتوا قط إلى البحث في الحقوق يومَ أن كان الحق كله للسيف، تتولاه دولة واحدة تُخضع من الرعايا المتفرقين، ولا تنازعها دولة أخرى في ولايتها عليهم واستبدادها بأمرهم.

    لم تكن هناك شريعة في الحقوق يومَ أن كانت شريعة السيف كافية مغنية لمن يملكه إذا غلب، ولمن يخضع له إذا حقت عليه الغلبة. فلما انقسمت الدولة الكبرى في القارة الأوروبية تفرقت الدول شيعا، وتنازعت العروش والتيجان تنازع الحطام الموروث، لا تنازع الحقوق والواجبات بين الأمم والشعوب. ويومئذ -في أوائل القرن السابع عشر- بدأت بحوثهم في حدود الحرب والسلام، وتصدى فقيههم الكبير جروتيوس Grotius لاستنباط هذه الحدود من وقائع الأحوال فيما سماه بقانون الحرب DE Jury Belt، ولا يزال بينهم أساسَ المراجع إلى العصر الحديث، لم يحدث فيه جديد ذو بال إلا أنهم يرجعون عنه إلى الوراء عدة قرون، فيبيحون اليوم ما كان محظورا من اقتحام الحرب بغير علة أو بلاغ.

    وإن القارئ المسلم ليبتسم حين يقرأ في مراجع تلك البحوث الفجة أنها بحوث في شريعة تسري على العالم الأوروبي الذي كان معروفا يومئذ باسم العالم المسيحي Christendom، ولا تسري على العالم المحمدي Mohammednism لأنه عالم جهالة لا يفقه هذه الحدود، ولا يلتزم بواجباتها وتبعاتها. فمن دواعي السخرية حقا أن يقال هذا عن دين يتناول المتعلم المبتدئ فيه مرجعا من مراجع أصوله التي فرغ البحث فيها منذ القرن السادس للميلاد، فيرى فيه أحكام الإعلان والتبليغ والنبذ والمعاهدة والصلح والذمة والهدنة والموادعة والسفارة والوساطة، ويرى لكل حكم من الأحكام واجباته على المسلم في حالتي إبرامه ونقضه، وواجبات الإمام والرعية فيه مفصلة، كأنها صيغ العقود التي يتحرى فيها الموثقون غاية التوكيد والتقييد، منعا للإغلال والإسلال، كما جاء في أول عهد بين الإسلام والمشركين.

    فإن القارئ المسلم حين يمر بذلك السخف المضحك في بواكير القانون الدولي عند القوم، ليحس كأنه على مشهد من ألعاب أطفال، يتواصون فيما بينهم على كتمان أسرارهم عن كبارهم؛ لأن هؤلاء الكبار الخبثاء أغرار لا أمان لهم على تلك الأسرار[6]!

    إن المسلمين هم أول من وضع معالم القانون الدولي، بل فصل شرائعه وأحكامه، تفصيلا لم تعرفه الدنيا إلا بعد قرون. ولم تصل إلى ما وصل إليه الإسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرنا.

    ويعتبر كثير من الغربيين الباحثين في العلاقات الدولية أن الإمام محمد بن الحسن الشيباني -صاحب الإمام أبي حنيفة ومدون مذهبه- هو بحق أول واضع للقانون الدولي بما كتبه ودونه في هذا الجانب، خاصة كتابه (السير الكبير) الذي شرحه الشارحون، وعلق عليه المعلقون.

    الشيخ محمد الغزالي: حديث مظلوم

    ولقد تعرض شيخنا الشيخ محمد الغزالي لهذا الحديث، وبين المقصود منه، فكتب تحت عنوان (حديث مظلوم) يقول:

    (حديث يعطي معناه للوهلة الأولى حكما لم يقل به الفقهاء، ومن ثم فإن قبوله مطلقا أو رفضه مطلقا لا يجوز! والواجب استبانة معناه الحقيقي كما قرره الراسخون في العلم.

    والحديث من رواية البخاري (ومسلم أيضا) "أمرت أن أقاتل الناس" فقد طارت أذهان إلى أن كلمة (الناس) تعني البشر كلهم!.

    وهذا غلط بإجماع العلماء، فإنهم اتفقوا على أن الحديث لا يتناول أهل الكتاب من يهود ونصارى.

    لماذا؟ لأن المعتدين من هؤلاء إذا ضربت الحرب بيننا وبينهم، ونسوا منطق الإيمان والحلال والحرام في تصديهم لنا، لم نقاتلهم حتى ينطقوا بالشهادتين، بل إذا كسر الله شوكتهم بقوا على أديانهم، وجردناهم من أسلحة العدوان وتولينا نحن الدفاع عنهم إذا هاجمهم أحد.

    وعليهم – والحالة هذه- أن يسهموا في نفقات الحرب.

    وهذه ما أبانته سورة براءة:

    "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" (التوبة: 29).

    فليست الغاية من القتال إذن أن يقولوا: لا إله إلا الله، كما جاء في الحديث.

    فإذا كان أهل الكتاب مستثنَيْن من الحديث المذكور، فهل يتناول الوثنيين كلهم؟ والجواب: لا! ففي حديث آخر صحيح إلحاق للمجوس بأهل الكتاب "سنوا بهم سنة أهل الكتاب".

    الحق أن الحديث في مشركي العرب الذين ضنوا على الإسلام وأهله بحق الحياة، ولم يحترموا معاهدة مبرمة، ولا موثقا مأخوذا.

    وقد منح هؤلاء أربعة أشهر يراجعون أنفسهم ويصححون موقفهم، فإن أبوا إلا القضاء على الإسلام وجب القضاء عليهم.

    وقد فصلت سورة براءة هذه القضية من أوائلها:

    "إلا الذين عاهدتهم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين" (التوبة: 4).

    أما من نصبوا أنفسهم لحرب الله ورسوله وعباده إلى آخر رمق فلا يلومون إلا أنفسهم.

    وقد يتساءل البعض: لماذا جاءت كلمة الناس عامة في الحديث "أمرت أن أقاتل الناس" والجواب أن (الـ) كما يقول علماء اللغة للعهد، تأمل قوله تعالى:

    "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل" (آل عمران: 173).

    فكلمة الناس الأولى: تعني بعض المنافقين، والثانية: تعني بعض الكفار، وهذا هو المعهود في أذهان المخاطبين. وتأمل قوله تعالى: "ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا" (النصر: 2).

    إن الناس هنا ليسو البشر جميعا، إنهم العرب وحسب.

    رأيت فريقا من الناس يخدعه الظاهر القريب في هذا الحديث، فيتوهم أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يشن حربا شاملة على البشر. ولا يزال يحرجهم حتى ينطقوا بالشهادتين.

    وهذا فهم -كما أسلفنا- لم يقل به فقيه، ولا يستقيم مع مرويات أخرى في غاية الصحة والوضوح، ولم يؤثر عن تاريخ المسلمين وهم يقاتلون "الإمبراطوريات" الاستعمارية التي أظلم بها وجه الحياة قرونا عدة.

    ورأيت ناسا آخرين يسارعون إلى تكذيب الحديث دون وعي، ويتخذون منه ذريعة إلى مهاجمة شتى الأحاديث الصحيحة دون تمحيص لسند أو متن، ودون تقيد بقواعد اللغة أو مقتضيات السياق.

    وقد رأيت لأولئك القاصرين أفهاما في كتاب الله لا بد من محاربتها وإهالة التراب عليها.
    ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
    ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    3,801
    آخر نشاط
    22-12-2012
    على الساعة
    06:56 PM

    افتراضي

    اقتباس
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mady111 مشاهدة المشاركة
    اخواني الاعزاء :
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
    - حقيقة اوجه التحيه لاخي ( الاسماعيلي ) لتوضيحاته القيمه ..
    ولكن
    - عندما قرات في ( الناسخ والمنسوخ ) ... وجدت ان الايات التي تتحدث عن الجدال بالحسني .. وان لا اكراه في الدين ... الخ .. كلها ايات منسوخه .. ومعظمها منسوخ بما يسمي ( بأية السيف ) ..
    - وبهذا لا يوجد تعارض بين الحديث والايات الكريمه الناسخه لما تفضلت يه من ايات ..
    - لذا ارجوا الايضاح ( ان امكن ) لأن هذه النقطه اكثر ما نواجهه من تلبيسات ( بالمناسبه نحن هنا في امريكا الجنوبيه .. والحمد لله ان الكثير منهم دخل في دين الله .. ولكننا نريد ان نغلق المداخل التي من الممكن ان يستخدمها الاخرون للتدليس علي المسلمين ( وما اكثرهم )!!!
    - في انتظار الاجابه .. واعتذر للاطاله
    تحية أخوية للأخ الكريم
    و عليكم السلام و رحمة الله و باركته
    في الحقيقة آية السيف هناك من قال ناسخة و هناك من قال ليست ناسخة لأن الاسلام حث على معاملة من يستحق الحسنى بالحسنى و من لا يستحق و لم يردع حينئد تستعمل معه القوة
    و عل كل حال انا من اليد لا يؤمنون بالنسخ و المنسوخ و قد دكر ابن القيم و الرازي و عدد من المفسرين أنه هنك مجموعة من السلمين و ان كانت قليلة و لا يعتد بقولها لا تؤمن بالنسخ...و على كل حال الخوص في النسخ ليس من اركان الاسلام و دجليل اختلاف العلماء في عدد المنسوخات و ما هيتها يدل على انه اجتهاد
    و الله أعلم

صفحة 3 من 4 الأولىالأولى ... 2 3 4 الأخيرةالأخيرة

الرد على شبهة أمرت أن أقاتل الناس

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الرد على شبهة حديث امرت ان اقاتل الناس
    بواسطة abcdef_475 في المنتدى الرد على الأباطيل
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 24-08-2007, 11:00 PM
  2. هل الله يأمر الناس بالفجور ؟؟؟؟ يرجى الرد بسرعه
    بواسطة fadioo في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 33
    آخر مشاركة: 26-03-2007, 03:00 AM
  3. الرد على : والله إنكن لأحب الناس إِلَىّ
    بواسطة السيف البتار في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-12-2006, 10:44 PM
  4. الرد على : أمرت أن أقاتل الناس جميعا
    بواسطة السيف البتار في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 21-11-2006, 07:53 AM
  5. الرد على أكدوبة اكراه الناس على الدخول في الآسلام
    بواسطة ismael-y في المنتدى الرد على الأباطيل
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 15-12-2005, 07:30 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

الرد على شبهة أمرت أن أقاتل الناس

الرد على شبهة أمرت أن أقاتل الناس