ابن عباس والخوارج
اثناء الحرب التى دارت بين على ومعاوية - خرج فريق كفـّر عليّا ً ومعاوية وجاءوا بأمور لم تكن معروفة من قبل ، وذهب ابن عباس اليهم ليوضح الحق ويكشف الشبهة.
قال ابن عباس : دخلت عليهم وهم قائمون ، فأذا هم مسهمة وجوههم من السهر ، وقد أثر السجود فى جباههم ، كأن ايديهم ثفن الأبل ، عليهم قمص مرحضة .
فقالوا: ما جاء بك يا بن عباس ؟ وما هذه الحلة التى عليك ؟
قال : قلت : وما تعيبون من ذلك ؟ فلقد رأيت رسول الله وعليه احسن ما يكون من الثياب اليمنية ، قال : ثم قرأت هذه الآية :
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ الأعراف 31
فقالوا : ما جاء بك ؟
قال : جئتكم من عند اصحاب رسول الله وليس فيكم منهم احد ، ومن عند ابن عم رسول الله وعليهم نزل القرآن ، وهم أعلم بتأويله ، جئت لأبلغكم عنهم ، وابلغهم عنكم .
فقال بعضهم : لا تخاصموا قريشاً ، فان الله يقول بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ الزخرف 58
فقال بعضهم : بل فلنكلمه ، قال : فكلمنى منهم رجلان او ثلاثة ، قال : قلت : ماذا نقمتم عليه ؟
قالوا : ثلاثا .
فقلت : ما هن ؟
قالوا : حكَّم الرجال فى امر الله ، وقال تعالى : إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ الأنعام 57
قال: هذه واحده ، وماذا ايضا ً ؟
قالوا: فأنه قاتل ، فلم يسب ولم يغنم ، فلئن كانوا مؤمنين ما حل قتالهم ، ولئن كانوا كافرين ، لقد حل قتالهم وسبيهم .
قال: قلت : وما ايضا ً ؟
قالوا : ومحا نفسه من إمرة المؤمنين ، فامن لم يكن أمير المؤمنين ، فهو أمير الكافرين .
قال : قلت : أرأيتم ان أتيتكم من كتاب الله وسنة رسوله بما ينقض قولكم هذا أترجعون ؟
قالوا: وما لنا لا نرجع !!
قال : قلت : اما قولكم : " حكَّم الرجال فى امر الله فان الله قال فى كتابه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ المائدة 95
وقال فى المرأة وزوجها : وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا النساء 35
فصيّر الله ذلك الى حكم الرجال ، فناشدتكم الله ! أتعلمون حكم الرجال فى دماء المسلمين ، وفى اصلاح ذات بينهم أفضل ، أو فى دم أرنب ثمنه ربع درهم ؟ وفى بضع امرأه ؟ قالوا : بلى ، هذا افضل .
قال: اخرجتم من هذه ؟
قال: نعم . قال : واما قولكم : " قاتل ولم يسب ولم يغنم " .
اتسبون امكم عائشة ؟ فأن قلتم : نسبيها ، فنستحل ما نستحل من غيرها ، فقد كفرتم ، وان قلتم : ليست بأمنا ، فقد كفرتم ، فأنتم ترددون بين ضلالتين ، أخرجتم من هذه ؟ قالوا : بلى .
قال: واما قولكم : " محا نفسه من إمرة المسلمين " فانا آتيكم بمن ترضون ، ان نبى الله يوم الحديبية حين صالح ابا سفيان وسهيل بن عمرو ، قال رسول الله : " اكتب يا على : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله " فقال ابو سفيان وسهيل بن عمرو : ما نعلم انك رسول الله ، ولو نعلم انك رسول الله ما قاتلناك .
قال رسول الله : " اللهم انك تعلم انى رسولك "
يا على اكتب : " هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وابو سفيان وسهيل ابن عمرو . "
لقد كان ابن عباس بحراً زخاراً ، كشف الشبهه ودحضها ، واتى بالأدله البينة من الكتاب والسنة ، ولقد اثمرت جهوده فرجع منهم عن باطلهم ألفان نفر.
افحمهم بالحجة والبرهان فأسكتهم فرجع منهم عن باطلهم ألفان نفر.
الله اكبــر على فتوحات الله على البشر
المفضلات