تعليق إضافى هذه القصة وجدتها محرفة عما ذكره ابن هشام،فقد روى صاحب السيرة الحلبية وكذلك ابن الجوزى فى المنتظم نفس القصة السابقة ولكن بدلا من ورقة بن نوفل كان المتنبأ يهوديا ولم يكن يهود فى مكة،يقول صاحب السيرة الحلبية والسبب في ذلك: أي في عرض خديجة رضي الله تعالى عنها نفسها عليه صلى الله عليه وسلم أيضا مع ما أراد الله تعالى بها من الخير، ما ذكره ابن إسحق. قال: كان لنساء قريش عيد يجتمعن فيه في المسجد، فاجتمعن يوما فيه، فجاءهن يهودي وقال أيا معشر نساء قريش إنه يوشك فيكنّ نبي قرب وجوده، فأيتكن استطاعت أن تكون فراشا له فلتفعل، فحصبته النساء: أي رمينه بالحصباء، وقبحنه وأغلظن له، وأغضت خديجة على قوله، ووقع ذلك في نفسها، فلما أخبرها ميسرة بما رآه من الآيات وما رأته هي: أي وما قاله لها ورقة لما حدثته بما حدثها به ميسرة مما تقدم قالت: إن كان ما قاله اليهودي حقا ما ذاك إلا هذا. ويقول صاحب المنتظم وَكَانَ مَيْسَرَةُ إِذَا كَانَتِ الْهَاجِرَةُ، وَاشْتَدَّ الْحَرُّ يَرَى مَلَكَيْنِ يُظِلانِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشَّمْسِ، فَوَعَى ذَلِكَ كُلَّهُ مَيْسَرَةُ، وَبَاعُوا تِجَارَتَهُمْ وَرَبِحُوا ضِعْفَ مَا كَانُوا يَرْبَحُونَ، وَدَخَلَ مَكَّةَ فِي سَاعَةِ الظَّهِيرَةِ، وَخَدِيجَةُ فِي عُلَيَّةٍ لَهَا فَرَأَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَمَلَكَانِ يُظِلانِ عَلَيْهِ، فَأَرَتْهُ نِسَاءَهَا فَعَجِبْنَ لِذَلِكَ، وَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَبَّرَهَا بِمَا رَبِحُوا فِي تِجَارَتِهِمْ وَوَجْهِهِمْ، فَسُرَّتْ بِذَلِكَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا مَيْسَرَةُ أَخْبَرَتْهُ بِمَا رَأَتْ فَقَالَ: قد رأيت هذا منذ خرجنا من الشَّامَ، وَأَخْبَرَهَا بِمَا قَالَ الرَّاهِبُ نَسْطُورُ، وَبِمَا قَالَ الآخَرُ الَّذِي خَالَفَهُ فِي الْبَيْعِ. فهذه المرويات ترجح السبب الحقيقى للنكاح الذى كان محل اشتباه،والحقيقة أن ام المؤمنين رضى الله تعالى عنها كانت شديدة الحرص جدا على هذا الزواج حتى إن بعض مرويات السيرة تزعم أنها رضى الله تعالى عنها استغلت ادمان عمها للخمر واكثرت له منه أثناء تقدم بنى هاشم لخطبتها حتى تضمن عدم رفضه للزواج وكذلك تقول بعض المرويات أنها جاءت بحلة والقتها على عمها فلما افاق من السكر قالت له اختها إن هذه هدية محمد صلى الله عليه وسلم وبغض النظر عن حقيقة ذلك أو كونه محرفا عن الحقيقة فإن من نستخرجه وهو ما يهمنا أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يسعى الى خديجة،فحتى عندما عمل لتجارتها كان ذلك بنصيحة من عمه ابى طالب وبوساطته،والحقيقة المخفية أن ورقة بن نوفل كان قد عاد الى مكة ينتظر نبى اخر الزمان كما اخبره الاحبار والرهبان ثم علم أنه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فنصح خديجة بالزواج منه،هذا هو الأمر كله.