السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بداية أود شكر كل العاملين بالموقع على المجهود الرائع..
أنا سيدة مصرية متزوجة ورزقني الله تعالى بطفلتين الكبرى 4 سنوات والصغرى سنتان، أحرص مع والدهما والحمد لله على تنشئتهما تنشئة إسلامية، المشكلة أننا نعيش في بلد أوروبي، وطبعًا يوجد كثير من العادات الخاصة بهذه الدول والتي تختلف تمامًا عنا وما نؤمن به في إسلامنا، نصحتني بعض الصديقات المصريات بالاهتمام ببعض التقاليد، مثل الاحتفال برأس السنة الميلادية، وإحضار بابا نويل وشجرة الكريسماس للبنات على أساس أنها ليست من الديانة المسيحية، ولكنها عادات تعارفوا عليها، ولاختلاف فكرة شخصية بابا نويل وأنها مظاهر مثل حلاوة المولد وكحك العيد عند المسلمين.
أخاف من تقليد مثل هذه المظاهر خوفًا من اختلاط الأمور عند البنات في المستقبل وتقليد كل شيء من الغرب؛ وخصوصًا أنه لا يوجد بالقرب منا مدارس إسلامية، وبالتالي فإنهما يتعلمان في مدارس أوروبية، أريد أن أعلم كيف أحافظ على بناتي وأربيهما تربية إسلامية في وسط مجتمع أوروبي، وهل من الصحة فعلاً أن أحتفل مع أهل المدينة بهذه الاحتفالات؟

ولك منا جزيل الشكر والتقدير.


الاجابه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أختنا الفاضلة؛ أعانك الله في هذه الغربة وأعاننا جميعًا على تربية أبنائنا وتنشئتهم على تعاليم ديننا الحنيف، ودعيني أولاً أهنئك على حبك ورغبتك في تعليم بنتيك تعاليم دينهما الحنيف، والحفاظ عليها في مثل هذه البلاد.
وتعالي نفكر معًا كيف تقدمت هذه البلاد واستطاعت الحفاظ على عاداتها وتقاليدها ولغاتها، بل وجعلت من نفسها بلادًا متقدمة وحضارية كما يدعون؟:


والجواب بأنهم تمسكوا بعاداتهم وتقاليدهم، ولم يُدخلوا على أنفسهم من الثقافات الخارجة عنهم إلا ما يساعدهم على التقدم، وتركوا كل ما يمكن أن يهدم ثقافتهم، والدليل أنهم متمسكون بالتحدث بلغاتهم الأصلية ولا يسمحون بالتحدث بغيرها.

والخطأ الذي يقع فيه كثير ممن يسافرون إلى الدول الغربية هو أنهم يعتقدون بأن مثل هذه الاحتفالات إنما هي عادات متوارثة ولا مانع من أن نشاركهم فيها، بينما هي في الأساس احتفالات دينية ولها مراسم خاصة بالكنائس، وإذا اعتاد عليها أبناؤنا فقد نفقد القدرة في الحفاظ على هويتهم، بل وعلى دينهم وهو الأساس، كما كنا نعتقد جميعًا بأن يومًا مثل شم النسيم عيد فرعوني أو ما شابه ذلك حتى علمت أنه عيد تحتفل به كافة بلاد أوروبا وهو أيضا له مراسم خاصة بالكنيسة.

كما أننا إذا عودنا أولادنا على الاحتفال معهم بمثل هذه الأشياء فسيكون من الصعب علينا أن نقول لهم في المستقبل بأن ديننا لا يسمح بفعل أشياء كثيرة مباحة في مجتمعاتهم؛ لأن الأولاد سيكبرون وهم يحتفلون ببابا نويل وشجرة الكريسماس، وقبل إجازة الكريسماس سيقومون بتمثيل مسرحية عن السيد المسيح وعلى الأطفال أن يشتركوا بها، فإذا لم ننتبه إلى هذه النقاط من البداية فلن نستطيع أن نتحكم في باقي الأمور، بل علينا أن نُذكّر أبناءنا وبناتنا دائمًا وأبدًا بمن هم، وما هو دينهم، ومن هم قدوتهم في هذه الحياة، علينا أن نزرع بداخلهم حبهم لدينهم، وأن نضع أساس هذا منذ الصغر، بل وعلينا أن نقص عليهم قصص الأنبياء والصحابة والصحابيات وكل من يشعرهم بعزة الإسلام.

عليك أختي الفاضلة أن تحتفلي مع بناتك بأعياد المسلمين كما ينبغي، ومثل ما يفعل الغرب في احتفالاتهم {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}، ولا مانع من أن تأتي بشجرة مثلاً في شهر رمضان وتضعي حولها نورًا وتساعديهما كل يوم بأن تسقط ورقة من الشجرة حتى ينتهي الشهر، وبعد ذلك قومي بتزيين المنزل احتفالاً بالعيد، وأحضري لهما الهدايا وغلفيها وضعيها وقت نوم بنتيك على مائدة السفرة وحولها الشيكولاتة والحلوى كما يفعلون في الكريسماس، واحتفلي معهما في هذه الأيام على قدر استطاعتك، ولكن اعلمي بأن عليك مجهودًا كبيرًا في غرس مثل هذه القيم في نفوس بنتيك منذ الآن حتى لا يضيع منك الوقت.

وإن طالبا بالاحتفال بالأعياد الغربية أخبريهما بأنه ليس في ديننا مثل هذا، وانتهزي فرصة الاحتفال بالكريسماس وأخبريهما بقصة سيدنا عيسى عليه السلام، ولا تتطرقي إلى الاختلافات إلا في وقتها فكل معلومة تُعطَى طبقًا لعمر الطفل، وتخيري الأوقات المناسبة لذلك، ولا تقلقي بأنه إذا ما احتفلت معهما بأنهما سيقولان شيئًا أو أنهما سيتضايقان، بل العكس إنهما يحترمان كل من يحترم دينه ويتمسك به، ولا تنسي أختي العزيزة أنه من يحفظ الله يحفظه الله تعالى.

وتابعينا دائمًا بأخبارك، ونحن على استعداد تام للتواصل للمساعدة في أي وقت

اسلام اون نت