-
الخلافات بين النصارى كثيرة جدا وقد بدأت بعد موت المسيح عليه السلام بقليل وذلك إلى درجة أنه قيل فيهم مثل هذا الكلام الذي نقله شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في الجواب الصحيح : { حَتَّى قَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَوِ اجْتَمَعَ عَشَرَةُ نَصَارَى افْتَرَقُوا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ قَوْلًا. وَقَالَ: الرَّبَعِيُّ النَّصَارَى أَشَدُّ النَّاسِ اخْتِلَافًا فِي مَذَاهِبِهِمْ وَأَقَلُّهُمْ تَحْصِيلًا لَهَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْرَفَ لَهُمْ مَذْهَبٌ وَلَوْ سَأَلْتَ قَسًّا مِنْ أَقْسَائِهِمْ عَنْ مَذْهَبِهِمْ فِي الْمَسِيحِ وَسَأَلْتَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ لَاخْتَلَفُوا عَلَيْكَ الثَّلَاثَةُ وَلَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَوْلًا لَا يُشْبِهُ قَوْلَ الْآخَرِ.}
ولذلك يجوز أن يكون المقصود في الحديث المعني أن تلك الفرق كانت قبل مجيئ النبي صلى الله عليه وسلم لأن تاريخ النصارى واليهود شاهد على كثرة خلافاتهم إلى درجة عدم انضباطها أو إمكانية تحديدها بدقة .
فمثلا عندهم في تاريخهم أنه قبل مجيئ النبي صلى الله عليه وسلم عقد المجمع الشهير مجمع "نيقية" سنة 325 من الميلاد والذي كشف عن الخلافات الكبيرة حول ألوهية المسيح عليه السلام وأسفار البايبل وكان انعاقده محاولة للتهدئة من شدة هذه الخلافات وإقصاء الآراء والفرق الأخرى .. فكان هناك آريوس وأتباعه الذين رفضوا ألوهية المسيح عليه السلام لكن المجمع قرر أن المسيح إله نزل ليصلب تكفيرا عن الخطيئة ، وتم إصدار قانون الإيمان النيقاوي واختيار أسفار معينة لتدخل في تشكيل البايبل وتدمير ما سواها ومحاربة المختلفين مع قرارات المجمع كآريوس وأتباعه .
ثم مجمع القسطنطينية الأول سنة 381 من الميلاد لمناقشة ألوهية الروح القدس حيث كان هناك "مكدونيوس" أسقف القسطنطينية الذي قال بأن الروح القدس مخلوق كالملائكة .. فقرر المجمع في الأخير أن الروح القدس إله وأصدر قانون بذلك فيه أن الروح القدس منبثق من الآب .
ثم مجمع إفسس الأول سنة 431 من الميلاد حيث كان هناك "نسطور" أسقف القسطنطينية الذي رفض ألوهية المسيح عليه السلام وكون مريم عليها السلام أم الإله .. فقرر المجمع في الأخير أن المسيح إله بطبيعة إلهية وطبيعة بشرية ممزوجتين لا تنفصلان وبمشيئة وإرادة إلهيتين وبشريتين لا تنفصلان أيضا وأن مريم هي أم الإله وتم إصدار قانون إيمان بذلك ..
واشتدت الخلافات بعد ذلك أكثر في مسائل مثل الطبيعة الإلهية والطبيعة البشرية للمسيح وصفات معبودهم الجديد الذي اتخذوه إلها من دون الله ...
ولا شك أن اليهود كذلك كان يختلفون مثل النصارى خاصة وأنهم يشتركون في كثير من أسفار البايبل التي اختلفوا حولها كثيرا أيها الصحيح وأيها الأبوكريفا ..
إذن فقبل مجئ النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يختلفون في أمور هي من أصول الدين فضلا عن فرعياته وذلك رغم كونهم أقرب إلى عهد المسيح عليه السلام فما بالك بعد مجيئه صلى الله عليه وسلم ؟! .. لذا أرى أنه يجوز أن يقال أن المقصود في الحديث هو اختلافهم في الماضي .. والله أعلم .
التعديل الأخير تم بواسطة إدريسي ; 11-05-2013 الساعة 04:12 AM
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 02-02-2012, 03:21 AM
-
بواسطة عاطف أبو بيان في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 4
آخر مشاركة: 11-10-2011, 12:16 PM
-
بواسطة السعيد شويل في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 30-08-2007, 01:29 AM
-
بواسطة النصر العزيز في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 01-03-2007, 01:59 PM
-
بواسطة الليزر في المنتدى البشارات بالرسول صلى الله عليه وسلم
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 06-08-2006, 01:07 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات