يقول الإمام الشعراوى - رحمه الله - :

: { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }

ومن رحمة الله تبارك وتعالى أنه علمنا ما نطلب.. وهذا يستوجب الحمد لله.. وأول ما يطلب المؤمن هو الهداية والصراط المستقيم : { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }.

والهداية نوعان : هداية دلالة ، وهداية معونة .

أما هداية الدلالة فهي للناس جميعا ، وأما هداية المعونة فهي للمؤمنين فقط المتبعين لمنهج الله .

والله سبحانه وتعالى هدى كل عباده هداية دلالة أي دلهم على طريق الخير وبينه لهم ، فمن أراد أن يتبع طريق الخير اتبعه ، ومن أراد ألا يتبعه تركه الله لما أراد .

هذه الهداية العامة هي أساس البلاغ عن الله ، فقد بين لنا الله تبارك وتعالى في منهجه بافعل ولا تفعل ما يرضيه وما يغضبه ، وأوضح لنا الطريق الذي نتبعه لنهتدي ، والطريق الذي لو سلكناه حق علينا غضب الله وسخطه .

ولكن هل كل من بين له الله سبحانه وتعالى طريق الهداية اهتدى ؟.. نقول لا.. واقرأ قوله جل جلاله : { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }[فصلت: 17]

إذن هناك من لا يأخذ طريق الهداية بالاختيار الذي أعطاه الله له ، فلو أن الله سبحانه وتعالى أرادنا جميعا مهديين ، ما استطاع واحد من خلقه أن يخرج على مشيئته ، ولكنه جل جلاله خلقنا مختارين لنأتيه عن حب ورغبة بدلا من أن يقهرنا على الطاعة ، ما الذي يحدث للذين اتبعوا طريق الهداية والذين لم يتبعوه وخالفوا مراد الله الشرعي في كونه ؟
الذين اتبعوا طريق الهداية يعينهم الله سبحانه وتعالى عليه ويحببهم في الايمان والتقوى ويحببهم في طاعته.

واقرأ قوله تبارك وتعالى : { وَالَّذِينَ اهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ }[محمد: 17] أي أن كل من يتخذ طريق الهداية يعينه الله عليه.. ويزيده تقوى وحبا في الدين.. أما الذين إذا جاءهم الهدى ابتعدوا عن منهج الله وخالفوه.. فإن الله تبارك وتعالى يتخلى عنهم ويتركهم في ضلالهم ، واقرأ قوله تعالى :{ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ }[الزخرف: 36]

والله سبحانه وتعالى قد بين لنا المحرومين من هداية المعونة على الإيمان وهم ثلاثة كما بَيَّنْهُم لنا في القرآن :
{ ذالِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَىى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }[النحل: 107]
{ ذالِكَ أَدْنَىى أَن يَأْتُواْ بِالشَّهَادَةِ عَلَىى وَجْهِهَآ أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُواْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }[المائدة: 108]
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }[البقرة: 258]

إذن فالمطرودون من هداية الله في المعونة على الايمان.. هم الكافرون والفاسقون والظالمون . / إنتهى .

أرجو أن يكون وضح إشكالك .

يقول الكتاب المقدس :

2 تس 2 : 11
وَلأَجْلِ هذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ

فهل توضح لنا هذا ؟