النجومُ المضيئةُ والدررُ البهيجة .. المنثورةُ على طريقِ السيدة خديجة؛ صاحبةِ النسبِ والحسب والشرف والجمال والمال ..
بحثٌ (*) في سيرة أم المؤمنين
« الطاهرة خديجة بنت خويلد » رضي الله عنها
الزواج الميمون من الشاب القوي الأمين

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين .
قال العسقلاني في الإصابة :" وكان تزويج النبي صلى الله عليه وآله وسلم خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة، وقيل أكثر من ذلك " . وجاء في الموسوعة التاريخية :" كان زواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها العام : 28 ق. هـ. العام الميلادي: 595 ".
**
حَدِيثُ التَزْوِيجِ ؛ و مَنْ الّذِي زَوّجَ خَدِيجَةَ ؟
توجد روايات متعارضة وقد وَهمَ بعض الكُتَّابِ القدماء في هذه المسألة ويعود ذلك لما توفر وقتئذ لديهم من مرويات وسنذكرها ثم نحققها : فقد روى الحافظ ابن كثير في بدايته :" عن مقسم بن أبي القاسم - مولى عبدالله بن الحارث بن نوفل - أن عبدالله بن الحارث حدثه‏أن عمار بن ياسر كان إذا سمع ما يتحدث به الناس عن تزويج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خديجة وما يكثرون فيه، يقول‏ :"‏ أنا أعلمُ الناس بتزويجه إياها، إني كنت له ترباً، وكنتُ له إِلفاً وخِدناً‏.‏ وإني خرجتُ مع رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم ذاتَ يومٍ حتى إذا كنَّا بالحَزورةِ(1)، أجزنا على أختِ خديجةَ وهي جالسة على أدم تبيعها فنادتني، فانصرفتُ إليها، ووقف لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت‏ :"‏ أما بصاحبِكَ هذا من حاجةٍ في تزويج خديجة "‏.‏ قال عمار ‏:"‏ فرجعتُ إليه فأخبرتُه "، فقال‏ :" ‏بل لعمري ‏"‏‏.‏
فذكرتُ لها قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت‏ :"‏ اغدوَا علينا إذا أصبحنا ". فغدونا عليهم فوجدناهم قد ذبحوا بقرةً، وألبسوا أبا خديجة حلة وصفرت لحيته، وكلمتْ أخاها، فكلم أباه، وقد سقى خمراً، فذكر له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومكانه، وسألته أن يزوجه فزوجه خديجة، وصنعوا من البقرةِ طعاماً فأكلنا منه‏ .‏ ونامَ أبوها ثم استيقظَ صاحياً فقال‏ :"‏ ما هذه الحلة‏ وما هذه الصفرة، وهذا الطعام‏؟ ". ‏ فقالت له ابنته التي كانت قد كلمت عماراً ‏:‏" هذه حلة كساكها محمد بن عبدالله ختنك، وبقرة أهداها لك فذبحناها حين زوجته خديجة "، فأنكر أن يكون زوجه، وخرج يصيح حتى جاء الحجر، وخرج بنو هاشم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجاؤه فكلموه ‏.‏ فقال ‏:"‏ أين صاحبكم الذي تزعمون أني زوجته خديجة ‏؟‏ ، فبرز له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما نظر إليه قال ‏:"‏ إن كنت زوجته فسبيل ذاك، وإن لم أكن فعلت فقد زوجته " ‏.‏
وقد ذكر الزهري في سِيره أن أباها (2) زوجها منه(3) وهو سكران؛ وهذه الرواية فيها نظر ولا يترك المسألةَ السهيليُّ هكذا دون بيان فيقول في روضه :" وَذَكَرَ الزّهْرِيّ فِي سِيَرِهِ وَهِيَ أَوّلُ سِيرَةٍ أُلّفَتْ فِي الْإِسْلَامِ؛ كَذَا رُوِيَ عَنْ [عَبْدِالْعَزِيزِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ عُبَيْدٍ ] الدّرَاوَرْدِيّ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلّمَ قَالَ لِشَرِيكِهِ؛ الّذِي كَانَ يَتّجِرُ مَعَهُ فِي مَالِ خَدِيجَةَ :" هَلُمّ فَلْنَتَحَدّثْ عِنْدَ خَدِيجَةَ " وَكَانَتْ تُكْرِمُهُمَا وَتُتْحِفُهُمَا، فَلَمّا قَامَا مِنْ عِنْدِهَا جَاءَتْ امْرَأَةٌ مُسْتَنْشِئَةٌ - وَهِيَ الْكَاهِنَةُ - كَذَا قَالَ الْخَطّابِيّ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَقَالَتْ لَهُ :" جِئْت خَاطِباً يَا مُحَمّدُ " ، فَقَالَ :"كَلّا"، فَقَالَتْ :" وَلِمَ ؟؛ فَوَاَللّهِ مَا فِي قُرَيْشٍ امْرَأَةٌ وَإِنْ كَانَتْ خَدِيجَةَ إلّا تَرَاك كُفْئًا لَهَا"، فَرَجَعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلّمَ خَاطِباً لِخَدِيجَةَ مُسْتَحْيِياً مِنْهَا، وَكَانَ خُوَيْلِدٌ أَبُوهَا سَكْرَانَ مِنْ الْخَمْرِ فَلَمّا كُلّمَ فِي ذَلِكَ أَنْكَحَهَا، فَأَلْقَتْ عَلَيْهِ خَدِيجَةُ حُلّةً وَضَمّخَتْهُ بِخَلُوقِ فَلَمّا صَحَا مِنْ سُكْرِهِ قَالَ مَا هَذِهِ الْحُلّةُ وَالطّيبُ ؟ فَقِيلَ إنّك أَنْكَحْت مُحَمّداً خَدِيجَةَ وَقَدْ ابْتَنَى بِهَا، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ ثُمّ رَضِيَهُ وَأَمْضَاهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنّ أَبَاهَا كَانَ حَيّا، وَأَنّهُ الّذِي أَنْكَحَهَا . كَمَا قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ . وَقَالَ رَاجِزٌ مِنْ أَهْلِ مَكّةَ فِي ذَلِكَ :
لَا تَزْهَدِي خَدِيجَ فِي مُحَمّدِ نَجْمٌ يُضِيءُ كَإِضَاءِ الْفَرْقَدِ
**
وَقِيلَ إنّ عَمْرَو بْنَ خُوَيْلِدٍ أَخَاهَا هُوَ الّذِي أَنْكَحَهَا مِنْهُ ذَكَرَهُ ابْنُ إسْحَاقَ فِي آخِرِ الْكِتَابِ . وحكى السهيلي في الروض الأنف فقال في الجزء الأول :" مَشْيَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلّمَ إلَى خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ مَعَ عَمّهِ حَمْزَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَذَكَرَ غَيْرُ ابْنِ إسْحَاقَ أَنّ خُوَيْلِداً كَانَ إذْ ذَاكَ قَدْ أُهْلِكَ وَأَنّ الّذِي أَنْكَحَ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا هُوَ عَمّهَا عَمْرُو بْنُ أَسَدٍ، قَالَهُ الْمُبَرّدُ وَطَائِفَةٌ مَعَهُ وَقَالَ أَيْضاً :" إنّ أَبَا طَالِبٍ هُوَ الّذِي نَهَضَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلّمَ وَهُوَ الّذِي خَطَبَ خُطْبَةَ النّكَاحِ وَكَانَ مِمّا قَالَهُ فِي تِلْكَ الْخُطْبَةِ :"
أَمّا بَعْدُ فَإِنّ مُحَمّدًا مِمّنْ لَا يُوَازَنُ بِهِ فَتًى مِنْ قُرَيْشٍ إلّا رَجَحَ بِهِ شَرَفًا وَنُبْلًا وَفَضْلًا وَعَقْلًا، فَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ قُلّ، فَإِنّمَا ظِلّ زَائِلٌ وَعَارِيَةٌ مُسْتَرْجَعَةٌ وَلَهُ فِي خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَغْبَةٌ وَلَهَا فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ " . فَقَالَ عَمْرٌو :" هُوَ الْفَحْلُ الّذِي لَا يُقْدَعُ أَنْفُهُ "، فَأَنْكَحَهَا مِنْهُ ، وَيُقَالُ قَالَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ.
ويتابع السهيلي الحديث في روضه فيقول :" .. وَاَلّذِي قَالَهُ الْمُبَرّدُ هُوَ الصّحِيحُ لِمَا رَوَاهُ الطّبَرِيّ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَعَنْ ابْنِ عَبّاسٍ، وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ كُلّهِمْ قَالَ :" إنّ عَمْرَو بْنَ أَسَدٍ هُوَ الّذِي أَنْكَحَ خَدِيجَةَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلّمَ وَأَنّ خُوَيْلِداً كَانَ قَدْ هَلَكَ قَبْلَ الْفِجَارِ، وَخُوَيْلِدُ بْنُ أَسَدٍ هُوَ الّذِي نَازَعَ تُبّعًا الْآخَرَ حِينَ حَجّ وَأَرَادَ أَنْ يَحْتَمِلَ الرّكْنَ الْأَسْوَدَ مَعَهُ إلَى الْيَمَنِ، فَقَامَ فِي ذَلِكَ خُوَيْلِدٌ وَقَامَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ ثُمّ إنّ تُبّعًا رُوّعَ فِي مَنَامِهِ تَرْوِيعًا شَدِيدًا حَتّى تَرَكَ ذَلِكَ وَانْصَرَفَ عَنْهُ وَاَللّهُ أَعْلَمُ " .
التحقيق في مسألة التزويج :
يقول صاحب الرحيق المختوم :" ولما رجع صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكة، ورأت خديجة في مالها من الأمانة والبركة ما لم تر قبل هذا، وأخبرها غلامها ميسرة بما رأي فيه صلى الله عليه وآله وسلم من خِلالٍ عَذْبة، وشمائل كريمة، وفكر راجح، ومنطق صادق، ونهج أمين، وجدت ضالتها المنشودة ـ وكان السادات والرؤساء يحرصون على زواجها فتأبي عليهم ذلك ـ فتحدثت بما في نفسها إلى صديقتها نفيسة بنت منبه(4) . ويتمم صاحب أسد الغابة المشهد بقوله :" فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أني قد رغبتُ فيك، لقرابتِك مني، وشرفِك وأمانتِك، وحسن خلقك، وصدق حديثك "، وصاحب الرحيق المختوم يقول :" ونفيسة بنت منبه؛ هذه ذهبت إليه صلى الله عليه وآله وسلم تفاتحه أن يتزوج خديجة، فرضى بذلك، وخبر السيدة نفيسة بنت منبه جاء في طبقات ابن سعد وسيرة ابن هشام(5) .
صاحب الرحيق المختوم يذكر عن نفيسة بنت منبه أنها قالت:" كانت خديجة بنت خويلد امرأة حازمة شريفة مع ما أراد الله لها من الكرامة والخير وهي يومئذ أوسط قريش نسباً وأعظمهم شرفاً وأكثرهم مالاً وكان كل قومه حريصاً علي نكاحها لو قدر علي ذلك قد طلبوها وبذلوا لها الأموال، وهذا ما ذكره صاحب الروض الأنف :" ثُمّ عَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا، وَكَانَتْ خَدِيجَةُ يَوْمئِذٍ أَوْسَطَ نِسَاءِ قُرَيْشٍ نَسَباً، وَأَعْظَمَهُنّ شَرَفاً، وَأَكْثَرَهُنّ مَالًا، كُلّ قَوْمِهَا كَانَ حَرِيصًا عَلَى ذَلِكَ مِنْهَا لَوْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ . " فأرسلتني دسيساً إلي محمد بعد أن رجع في عيرها من الشام فقلت :" يا محمد ما يمنعك أن تتزوج ؟"، فقال :" ما بيدي ما أتزوج به! " . فقلت : "فإن كفيت ذلك ودعيت إلي المال والجمال والشرف والكفاءة ألا تجيب ؟" قـال :" فمن هي ؟ " قـلت :" خديجة" . قـال : " وكيف لي بذلك ؟ " قلت :" عليّ ". قال :" فأنا أفعل " . فذهبت فأخبرتها، قالت :" فأرسلت إليه أن ائت الساعة كذا وكذا فحضر وأرسلت إلي عمها عمرو بن أسد ليزوجها فخرج أبو طالب مع عشرة من قومه حتي دخلوا علي عمها فخطبها منه، ثم قال :" الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وضئضي معد (6) وعنصر مضر وجعلنا حضنةَ بيته وسوّاس حرمه وجعل لنا بيتاً محجوجاً وحرماً آمناً وجعلنا حكام الناس ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبدالله لا يوزن به رجل إلا رجح به شرفاً ونبلاً وفضلاً وعقلاً وإن كان في المال قلاً (قلة) فإن المال ظل زائل وأمر حائل وعارية مسترجعة وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل، وقد خطب إليكم رغبة في كريمتكم خديجة وقد بذل لها من الصداق عاجله وآجله اثنتي عشرة أوقية ونشا، فقال عمرو بن أسد عمها : هو الفحل لا يقدع أنفه(7).
*****
محصلة التحقيق :
قال عمر بن أبي بكر المؤملي‏ :" المجتمع عليه أن عمها عمرو بن أسد هو الذي زوجها منه"، وهذا هو الذي رجحه السهيلي، والذي أُسند عن عائشةَ عند العسقلاني في الإصابة إذ قال :" ثم أسند عن عائشة أن الذي زوجها عمها عمرو لأن أباها كان مات في الجاهلية، قال الواقدي :"هذا المجمع عليه عندنا " وحكاه عن ابن عباس وعائشة قالت‏ :‏" ‏(‏ج/ص‏:‏ 2/ 362)‏ وكان خويلد مات قبل الفجار"‏.‏ وذكر ابن إسحاق في آخر السيرة ‏:"‏ أن أخاها عمرو بن خويلد هو الذي زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فالله أعلم‏ .‏ ابن كثير البداية والنهاية .
وبهذا التحقيق فقد وهم من ظنَّ بأن الزواج تم على يد خويلد وهو سكران فهو كما حققه المؤملي والواقدي والسهيلي : فقد هلك قبل حرب الفجار .
**
عُمر الشاب الأمين وقت زواجه :
اختلفت الأقوال في عمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعمر خديجة حين زواجهما، ولكن غايتنا هنا ليس هو ترجيح العام بقدر ذكر الحدث نفسه . فقد قَالَ ابْنُ هِشَامٍ :" فَلَمّا بَلَغَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلّمَ خَمْساً وَعِشْرِينَ سَنَةً تَزَوّجَ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ قُصَيّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ بْنِ غَالِبٍ، فِيمَا حَدّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْمَدَنِيّ (8)، وقد أولم عليها رسول الله ، " فنحر جزوراً أو جزورين وأطعم الناس وأمرت خديجة جواريها أن يغنينَّ ويضربنَّ بالدفوف .وكلم أعمامه، فذهبوا إلى عم خديجة وخطبوها إليه، وعلى إثر ذلك تم الزواج، وحضر العقد بنو هاشم ورؤساء مضر، وذلك بعد رجوعه من الشام بشهرين، وأصدقها عشرين بَكْرة " (9).
**
يرجح صاحب أسد الغابة في معرفة الصحابة المسألة بقوله :" .. لما تزوج خديجة كان عمره خمساً وعشرين سنة، وكانت هي ابنة أربعين سنة" ولكنه يحتاط فلا يجزم فيقول :".. وقيل‏:‏ غير ذلك " .
**
صداق السيدة خديجة : ‏‏
قال صاحب الروض الأنف :" قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَأَصْدَقَهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عِشْرِينَ بَكْرَةً وَكَانَتْ أَوّلَ امْرَأَةٍ تَزَوّجَهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَلَمْ يَتَزَوّجْ عَلَيْهَا غَيْرَهَا حَتّى مَاتَتْ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا " . وصاحب أسد الغابة يبين صداقها بقوله :" فخطبها وتزوجها على اثنتي عشرة أوقية ونصف الأوقية وأربعون درهماً‏. وكانت يومئذ أفضل نساء قومها نسباً وثروةً وعقلاً، ولما تزوج خديجة كان عمره خمساً وعشرين سنة، وكانت هي ابنة أربعين سنة، وقيل‏:‏ غير ذلك‏."، وأصدقها عشرين بَكْرة (المصدر: السيرة النبوية لعلي محمد الصلابي ( 1 / 70 ) .
**
وهي أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت‏ .

*****
يتبع باذن الله تعالى ..
(*) شهر الصيام الفضيل 1431 هـ ، الصفحة الخامسة من ملف الهدى
21 من رمضان 1431 هـ ~ 31 أغسطس 2010م
ــــــــــــــــــ
المراجع / الهوامش :
(1. ) الحزوَرة : بفتح الواو تارة وتشديدها تارة أخرى ، وهي في اللغة : الربوة الصغيرة ، وفي الاصطلاح المكي هي : سوق عند باب الوداع ، أو هي ما بينه وبين باب سيدنا إبراهيم فهي منطقة قديمة أمام المسجد الحرام من الجهة الغربية. وكونها ربوة أمام الحرم يحتمل أن يكون ذلك قبل تسوية الأرض المحاطة بالمسجد الحرام ، ولعلها ذهبت مع السيول . قال الأزرقي في تاريخه : روى سفيان عن ابن شهاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو بالحزورة :" أما والله إنك لاحب البلاد إلى الله سبحانه ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت "( الحديث رواه الترمذي [3860] وابن ماجه [3099] ). وعن الزهري عن أبي سلمة عن عبدالله بن عدي بن حمراء الزهري قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واقفاً على الحزورة فقال :" والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت" نفس المرجع السابق . قال سفيان : وقد دخلت الحزورة في المسجد الحرام . وفي رواية : عن أبى سلمة عن عبدالله بن عدي بن حمراء قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله سلم وهو واقف على راحلته بالحزورة في سوق بمكة وذكر الحديث بكامله . وجاء في شفاء الغرام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقف يوم فتح مكة على راحلته بالحزورة وهو يقول لمكة :" والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى ، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت) . وكان ذلك في ليلة الهجرة النبوية ، وهي أمام باب سيدنا إبراهيم قبل التوسعة السعودية ، وأمام المدرسة الفخرية ، وبعدها مبنى (الداودية) وهي رباط أنشأه داود باشا في عهد الدولة العثمانية ، وكان في الرباط مدرسة وميضئة مياه ، وفي الجنوب الشرقي تقع التكية المصرية . وفي مكان آخر يقول الفاسي :" إن الناس من قديم يثصحفونها" ، وكان عندها سوق الحناطين بمكة وهي في أسفلها عند منارة المسجد الحرام التي تلي أجياد ، وما وقع للطبراني من أن الحزورة في شرقي مكة تصحيف صوابه سوق مكة كما وقع مصرحاً به في مسند أحمد بن حنبل وذكر بعض المكيين أن الحزورة بفناء دار الأرقم يعني دار الخيزران التي عند الصفان ، وقال الأزرقي : والأول – أنها كانت عند الحناطين – أثبت وأشهر عند أهل مكة .[ المصدر : تاريخ الزهور المقتطفة ج2 ص690 ] . ومكان هذه السوق هو محل توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز يرحمه الله للمسجد الحرام في الجهة الغربية منه . والسوق أمام هذه الأبواب من المسجد الحرام : باب الوداع ، وباب سيدنا إبراهيم وباب أم هاني ، وباب الشبيكة من الجهة الغربية .
(2. ) جاء في الموسوعة الحديثية ما نصه :" أن عمها [ أي خديجة بنت خويلد ] عمرو بن أسد زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن أباها مات قبل الفجار . وراوي هذا الخبر: عبدالله بن عباس ومحمد بن جبير بن مطعم وعائشة والمحدث هو الواقدي وجاء الخبر في تاريخ الطبري برقم: 2/282، ودرجة الحديث : ثبت محفوظ.
(3. ) ابن هشام كتب تحت عنوان :" الرسول صلى الله عليه وسلم يتزوج من خديجة بعد استشارة أعمامه :" فلما قالت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكر ذلك لأعمامه فخرج معه عمه حمزة بن عبدالمطلب، رحمه الله، حتى دخل على خويلد ابن أسد، فخطبها إليه، فتزوجها ‏‏.‏‏ " وصاحب الروض الأنف يروي حادثة فيقول :" فَلَمّا قَالَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ذَكَرَ ذَلِكَ لِأَعْمَامِهِ فَخَرَجَ مَعَهُ عَمّهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ رَحِمَهُ اللّهُ حَتّى دَخَلَ عَلَى خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ فَخَطَبَهَا إلَيْهِ فَتَزَوّجَهَا ". وهذه رواية ابن كثير في بدايته أيضاً ج: 2، ص: 359 .
(4. ) جاء عند الإصابة في معرفة الصحابة الجزء الثامن ما نصه :" أسلمت نفيسة بنت منية وهي التي مشت بين خديجة والنبي صلى الله عليه وسلم حتى تزوجها‏ " .
(5. ) رواية العسقلاني عن نفيسة :" وقد أسند الواقدي قصة تزويج خديجة من طريق أم سعد بنت سعد بن الربيع عن نفيسة بنت منية أخت يعلى . قال :" كانت خديجة امرأة شريفة جلدة كثيرة المال، ولما تأيمت كان كل شريف من قريش يتمنى أن يتزوجها فلما أن سافر النبي صلى الله عليه وسلم في تجارتها ورجع ربح وافر رغبت فيه فأرسلتني [أي السيدة نفيسة] دسيساً إليه فقلت له:" ما يمنعك أن تزوج"، فقال :" ما في يدي شيء"، فقلت :" فإن كفيت ودعيت إلى المال والجمال والكفاءة " ، قال:" ومن !"، قلت :" خديجة!"، فأجاب" .
(6. ) أي من نسل معد .
(7. ) وصاحب الاستيعاب يؤكد هذه الرواية بقوله :" زوجه إياها عمرو بن أسد بن عبدالعزى بن قصي‏.
(8. ) وكان عمر رسول الله يومها خمساً وعشرين عاماً وكان عمرها أربعين سنة أو تزيد قليلاً علي الأرجح ، ويوجد تحقيق عند ابن كثير في بدايته فيقول :" قال ابن هشام‏ :"‏ وكان عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج خديجة خمساً وعشرين سنة، فيما حدثني غير واحد من أهل العلم منهم‏ :‏ أبو عمرو المدني‏ .‏ وقال يعقوب بن سفيان كتبت عن إبراهيم بن المنذر حدثني عمر بن أبي بكر المؤملي ، حدثني غير واحد ‏:‏ أن عمرو بن أسد زوج خديجة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره خمساً وعشرين سنة وقيل: كان خمسا وعشرين وقيل سبعا وعشرين وقيل ثلاثين وقيل غير ذلك، وأما عُمرُ خديجةَ فكذلك تضاربت الأقوال بين خمس وثلاثين وأربعين وغير ذلك، وقد تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وهي ثيب، وقريش تبني الكعبة‏.‏
وهكذا نقل البيهقي عن الحاكم ‏:‏ أنه كان عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج خديجة خمساً وعشرين سنة، وكان عمرها إذ ذاك خمساً وثلاثين، وقيل ‏:‏ خمساً وعشرين سنة‏ "، فبنى بها وله خمس وعشرون ... هذا ما جاء في سير أعلام النبلاء ( 3 / 57 ) ، و صاحب الاستيعاب يذكر لنا تاريخاً آخر فيقول :" وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ تزوج خديجة ابن إحدى وعشرين سنة وقيل ابن خمس وعشرين سنة وهو الأكثر وقيل ابن ثلاثين سنة ".
(9. ) السيرة النبوية لعلي محمد الصلابي ( 1 / 70 ) .
ـــــ
يتبع إن شاء القادر رب العزة سبحانه وتعالى