الفصل الثالث : تمهيد اليهوديه للمسيحيه :







نمت اليهوديه الفلسطينيه فى القرن الثانى قبل المسيح فى اتجاه معاكس , و انتصرت روح النظاميه و القوميه الضيقه التى زرعها عزرا فى الدين اليهودى على روح التقوى التى قال بها الأنبياء و كتبة المزامير و التى ظلت فى قلوب قلة من اليهود . هذا التعارض كان موجودا فى السابق فى المجتمع اليهودى الذى أسسه عزرا , و لكنه ظل مستترا أثناء الحكم الفارسى و اليونانى , و لم يأخذ منحنى حادا إلا عندما هددت الهيلينيه الثقافه اليهوديه فى زمن أنطيوخوس أبيفانوس الملك السورى . قاد المكابيون الثورة حتى النصر , و منذ ذلك الحين صار الفريسيون هم الداعم الأكبر لهذا , و بالتالى صار الناموس اليهودى حائلا دون اشتراك اليهود فى الثقافه اليونانيه ( تذكر بولس ) .





و لكن هذا التطور الأخير فى اليهوديه , ينبغى ألا ينسينا أنها لم تكن على هذا الوضع قبل ذلك , فاليهوديه فى القرن الثالث و الرابع قبل الميلاد تميزت بروح التقوى التى يعبر عنها سفر المزامير , و كان هناك مفكرون لهم اتصال بالحضارة اليونانيه , و حلوا ألغاز العالم غير متقيدين بالنزعه القوميه الضيقه , و كان هناك المؤلفون لما يعرف باسم " كتب الحكمه " , وبينما تعتبر النظاميه الفريسيه خطوة سلبيه فى الطريق الى المسيحيه , كانت " كتب الحكمه " هذه و " المزامير " خطوة ايجابية تمهد للمسيحيه .





تتميز " كتب الحكمه " و المزامير بالنزعه الفرديه , بينما كان الدين فى السابق أمرا يخص كل أمة اسرائيل , و الحديث عن تقوى الانسان و مخافته لله نجده فى هذه المزامير و فى سفر الأمثال و فى سفر سيراخ . لقد كان أنموذجا أخلاقيا لا يعتمد على الناموس الطقسى ( الذى يحترمه الإنسان التقى كأساس لدين أمته ) , و بالتالى نظر لأبناء العالم على أنهم على قدم المساواه مع الوثنيين حتى لو كانوا يهودا بالمولد , و حتى لو حافظوا على الناموس بحسب الظاهر .








كلما زاد الاعتقاد بعالم أخلاقة لإله واحد , كلما قل الاعتقاد بخصوصية هذا الأمر بأمة اليهود , و بالتالى نرى أن النبى العظيم الذى كان فى فترة السبى الذى يسمى بإشعياء البابلى يصف شعب اسرائيل بأنهم العبد المختار لله , بمعنى أن مهمتهم أن يكونوا معلمين للوثنيين , و ضوءا للأمم , و وسيطا بين الله و الإنسان . و يقول النبى الأخير " ملاخى " أن اسم الله عظيم فى كل مكان بين أمم الشرق و الغرب , و أن الذبائح النقيه تقدم له فى كل مكان , أى أن هناك من يعترفون و يخدمون الله الحقيقى وحده فى كل أنحاء العالم .





و وفق هذا المعنى , يجعل كاتب سفر أيوب من " غير اليهودى " ممثلا لإيمان أنقى فى الله بالمقارنه بالناموس اليهودى عن العقوبه . و كما فى سفر أيوب , و فى كل أسفار الحكمه التى تنتمى لهذه الفتره , نجد أن اسم الله " جاهفى Jahve " يفسح الطريق لأسماء أخرى مثل " ألوهيم " و " إيل " و " أدوناى " و " إلجون Eljon " , و هى الأسماء التى كانت مستخدمه بين الأمميين . و لم يعد هناك حديث عن اله اسرائيل , بل اله السماء , مما يظهر أن النزعه العالميه لم تكن موجودة فقط عن يهود الشتات , بل أيضا عند اليهود فى فلسطين .





سبب هذا مشاكل جديده , فقد كان بدهيا فى دين الأنبياء أن الصلاح الإلهى بأن يعاقب أو يكافىء الانسان وفق عمله , و لكنهم اعتقدوا أن هذا يعبر عن شعب اسرائيل ككل , و لكن عندما بدأ الشخص التقى يقارن سعادته أو تعاسته مع حالة الأشخاص الآخرين نشأت مشكله , فهل من الممكن أن يعانى البار و يسعد الشرير ؟ .... كانت الإجابة صعبه فهى لا توجد فى يهودية تلك الأيام و لا فى كلام الأنبياء , و قد كانوا يعتقدون أن السعادة تكون فى أمور أرضيه مثل طول العمر و الأولاد , بينما اعتقدوا أن الفقر و الموت يعبر عن عدم رضا الله عن الخطاه . إنهم لم يكونوا يأملون فى عالم قادم , و بالنسبة للأنبياء و لكتبة المزامير و الأمثال , كان هناك مستقبل دائم ينتظر شعب الله , و ليس الشخص التقى , و بالنسبه لأرض الظلمه " الهاويه أو شيول Hades or Sheol " فلن يكون عودة من هناك , و بالتالى و مع مثل هذه الإفتراضات , كان من الصعب أن التنسيق بين عقوبة الله العادله و بين معاناة الانسان البار .





الشىء الجدير بالانتباه هو جرأة بعض المفكرين الدينيين , وبالأخص مؤلف سفر أيوب الذى حاول حل مثل هذه الألغاز , فقد جعل أصدقاء الرجل المريض ممثلين للنظريه اليهوديه عن العقاب , باعتبار أن أى ألم ناتج من خطيئه , و بالتالى لا بد أن معاناة أيوب قد تسبب فيها ذنب عظيم خفى , و لكن أيوب يعلن أنه لم يرتكب ذنبا , و أن الله سيحفظ له كرامته حتى بعد مماته , و فى الواقع فقد جعل الكاتب الله يدافع عن أيوب و يدين كلام هؤلاء الأصدقاء و طريقتهم فى الحكم , و بالتالى يفند التقليد اليهودى عن المعاقبه الذى يقيس أخلاق الإنسان بظروفه الخارجيه . و بالتالى يضع الكاتب اليهودى لهذا السفر نفسه فى خندق أفلاطون , فقد اهتم بالصلاح الأخلاقى المطلق فى تصويره للإنسان البار الذى يعانى , الذى يشعر بسعادة داخليه على الرغم من الاضطهاد , و يؤمن أن الله لا يمكن أن يتخلى عن الإنسان البار , و كذلك يقف على نفس هذه العتبه المؤلف للمزمور الثالث و السبعين , الذى يجد ملجأه فى الله هربا من ظلمة العالم .





فى أى مكان يظهر , فى فلسطين أو فى اليونان أو فى أى مكان , لا بد أن نصف هذا بأنه " مسيحية ما قبل المسيح " , و لكن على الرغم من ذلك , فقد كان ظهور هذه النزعه فى شكل شذرات متفرقه , و ظلت وجهة النظر الأغلب التى آمن بها اليهود هى وجهة نظر أصدقاء أيوب , و لكن التعارض ما بين هذا الإيمان و ما يراه الناس فى حياتهم الواقعيه أصاب الكثيرين مثل مؤلف سفر " حكمة سليمان " بالشك , لدرجة أن قالوا " الكل باطل " .





كان نمط التفكير المتشكك منتشرا فى الطبقه العليا من اليهود فى القرن الثانى قبل الميلاد , و ساعد على هذا معرفتهم بالثقافه اليونانيه , مما جعلهم يقللون فى نظرتهم لإيمان و عادات الآباء , بحيث جعلت الأرستقراطيه الكهنوتيه ذات التفكير العالمانى فى أورشليم " الصدوقيون " تعرض مساعدتها للملك أنطيوخوس فى تحويل اليهوديه الى هيلينيه , و لكن المكابيين و الأسيديين Asideans ( أسلاف الفريسيين ) أفشلوا هذا , و أدت روح المقاومة هذه الى تقوية روح النظاميه اليهوديه , و التأكيد على أهمية كل الناموس و كل حرف فيه , و الأخذ بالتفسيرات و التقاليد التى قال بها الكتبه عن الحرف , و انخفضت أهمية الأخلاق بينما صارت أعمال القداسه هى أهم شىء .





و بالتالى لم تعد وجهة النظر الفريسيه عن الأخلاق هى نفس وجهة نظر كتاب المزامير و الأمثال , فقد صار المعيار الحاكم هو قوانين الكتبه , و أخذ مفهوم الثواب شكلا آخر , و صار الارتكاز على الأعمال أكثر من الروح , و اعتبر أن الأعمال الصالحه الفائقه ( خصوصا الإستشهاد ) تملأ الرجال الصالحين بكنز من الاستحقاقات , و الذى يمكن أن تنقل الزيادة منها الى الخاطىء المحتاج , مما يعوض دينه و افتقاده للأعمال الصالحه , و بالتالى نجد فى هذا اللاهوت اليهودى عقيدة وفرة النعمه و التكفير عن طريق القديسين .







لقد اهتم الفريسيون بالتقييدات اليهوديه , الا أنهم لم يستطيعوا أن يمنعوا أى حركة أخرى , و ظهرت تأملات بخصوص عالم الأرواح , من الملائكه و الشياطين و القيامه و الدينونه الأخيره و مكان العقاب فى العالم الآتى , و بالنسبه لصفات الله مثل الكلمه و الحكمه و الروح و المجد التى كانت تشخص personification فى بعض الأحيان قبل ذلك فى اللغه الشعريه , فقد صارت الآن كائنات شخصية مستقله , مثل رؤساء الملائكه الذين يتوسطون بين الله و العالم , و نمت الفكره القديمه عن الرسل الإلهيين ( الملائكه ) , و صار للملائكه عدة طبقات .





و كما فى الدين الفارسى , عارض جيش الملائكه جيش من الشياطين تحت قيادة الشيطان , كذلك نفس الأمر نجده فى اليهوديه , و نجد فى سفر أيوب أن الشيطان كان من ضمن الموجودين أمام الله فى السماء , و هو الذى أغوى الآبوين الأوليين , و بسببه دخلت الخطيه و الموت الى العالم , و اعتبر أن المرض من عمل الشياطين , و اعتبر أن الأمم الوثنيه أدوات للشيطان الذى يستخدمهم لمحاربة اليهود . لقد أنعش الدين الفارسى و الدين اليهودى الأمل فى انتهاء سلطة الشيطان , فبحسب الدين الفارسى هناك حرب بين الإله الصالح و الإله الشرير تجرى على أربعة مراحل كل منها ثلاثة آلاف عام , و فى نهايتها سيدان العالم و تدمر الأرواح الشريره , و يظهر المخلص الذى سيقيم البشر , و يخلق عالما جديدا ليس فيه شر .





لقد وجدت هذه الأفكار طريقا لها الى اليهوديه , و صارت هى المسيطره على صور المستقبل التى تعرف باسم " الرؤى " , و كان اول عمل يظهر من هذا النوع هو " سفر دانيال " الذى يحتوى على فلسفة للتاريخ من وجهة النظر اليهوديه الثيوقراطيه , فى شكل رؤيا توضع فى فم قديس أسطورى عاش فى زمن نبوخذ نصر , و أعاد كاتب سفر دانيال صياغة نبوءة ارميا عن محاكمة السبعين عاما الى سبعين عاما-أسابيع , و حدد نقطة الخلاص فى زمنه فى زمن حرب المكابيين .





لقد لاحظ فى سقوط الملكيه المقدونيه النهايه القريبه لآخر الإمبراطوريات الأمميه الأربعه , و التى سيحكم بعدها القديسون ( اليهود ) , و يصل تاريخ العالم الى نهاية المطاف , و بالتالى هذا التنبؤ النبوى عن فترة مسيانية مجيدة لليهود التى كانت قد فقدت أثناء الحكم الهيلينى , قد عادت مرة أخرى الى واجهة المشهد . إن هذه الأمور لن تحدث بسبب ظروف سياسيه , بل ستحدث عبر معجزة مفاجئه تنهى على من يعارضون الله , و تجلب مملكة القديسين المرموز لها بإنسان يظهر أمام الله على سحاب السماء .





لقد ساد هذا الفكر المتشائم المرتكز على الثنائيه الفارسيه فى الفكر اليهودى أثناء القرن الأول قبل الميلاد السابق للمسيح , و ربما أن فكرة القيامه فى الدين الفارسى هى التى أدت الى شيوعها بين اليهود و التى نراها لأول مره فى سفر دانيال , و فى أسفار الرؤى المتأخره مثل " أخنوخ " أضيفت تفاصيل عن أماكن العقاب فى العالم القادم " جهنم " أو " الجحيم " لأرواح الأشرار , بينما الجنه للأتقياء ..... هذه الفكره عن خلود الأرواح التى لا أجساد لها كانت غريبة كل الغرابه على الدين الإسرائيلى القديم , و أيضا نفس الحال بخصوص الإيمان بالقيامه الذى ساد لفترة طويلة فى الدين الفارسى , و مثل نقطة الإلتقاء للفلسفه الأفلاطونيه و الفلسفه السكندريه و الفلسفه الفيثاغوريه الحديثه , و لعدد أخرى من الفرق الغامضه .





لقد كان الأمل فى النعيم القادم تعزية للمظلومين , و لا عجب أن أن تشتت اليهود ساعد على اعتناقهم لهذا الإيمان , دون أن يتخلوا عن الأمل النبوى القديم عن خلاص أرضى لكل أمة اليهود .






هذان الفكران , الإيمان الروحانى فى الخلود , و أمل الأمه فى المسيح على الأرض , وجدا جنبا الى جنب دون علاقة بينهما , و جرت محاولة توفيق بينهما بحيث أن الفتره المسيانيه الأرضيه ( ما يسمى بالملكوت الألفى ) لا بد أن تسبق فترة الخلود التى ستلى ذلك .





هذه الصوره الثنائيه عن المستقبل , لها علاقة باختلاف وجهات النظر بخصوص شخص المسيح , فبحسب رؤيا أخنوخ يعتبر المسيح شخص فوق-عالمى و نصف إلهى " ابن الله الغامض " , الذى كان مخفيا مع الله قبل الخلق , و الذى سينزل من السماء فى وقت محدد ليدين العالم و ينقذ الأمه اليهوديه . فى " مزامير سليمان " التى نشأت فى الدوائر الفريسيه فى منتصف القرن الأخير قبل المسيح , يصور المسيح وفق الصوره النبويه القديمه , أى رجل أرضى من نسل داود يقهر أعداءه بمعونة إلهيه , و سيحكم الشعب اليهودى بقوة و بر .





من الصعب أن نحدد بكل ثقه مكانة هذه الأفكار الرؤويه المختلفه فى زمن يسوع , و لا بد ألا ننسى أن اليهوديه لم تمتلك قانون مذهبى دوغماتى , كما كان عند الكنيسه المسيحيه فى وقت لاحق , بمعنى قانون يخضع له الجميع و يلزم أن يؤمن به . لقد نظم الناموس الأمور التى يجب فعلها و التى يجب الامتناع عنها , بينما كان الإيمان بإله واحد و بالوحى أمرا مفترضا بالطبيعه , أما بخصوص الأمور الباقيه , فقد منحت حريه فى الإيمان بخصوصها .





و لو لم يكن الأمر كذلك , فكيف أمكن للصدوقيين التى تمثل الأرستقراطيه الكهنوتيه التى تحتل رأس الهرم الدينى فى المجتمع أن ترفض كل الأفكار الرؤويه عن الملائكه و القيامه و العالم القادم , و أن يقصروا أنفسهم على الناموس المكتوب ؟ ..... أما الفريسيون الذين يدعمهم كافة المؤمنين من غير رجال الدين , كانوا هم حملة الأمل المسيانى للأمه اليهوديه و حملة الأفكار الرؤويه الجديده , و هذا الأمل المسيانى دفعهم الى العمل السياسى , و جعلهم المنافسين الديموقراطيين للصدوقيين الأرستقراطيين .





كان الأسينيون متميزين عن الحزبين السابقين , فقد شكلوا أخوية دينيه نقيه , فلم يهتموا بالسياسه و عاشوا فى زهد و رهبانيه , و حافظوا على السبت و طقوس التطهير ( أكثر من الفريسيين ) , و قد رفضوا الذبائح الدمويه لأنهم اعتبروا تطهيراتهم اليوميه فى الماء البارد و اشتراكهم فى الطعام صورة أنقى لعبادة الله . لقد رفضوا العبوديه و اعتبروها عمل غير صالح , و احتقر معظمهم الزواج .







كان يسمح للعرافين و لمن يمتلكون قدرات الشفاء منهم أن يذهبوا للناس , و كان ينظر باحترام الى قدراتهم الطبيه و النبويه .




كان الأسينيون أيضا يعتبرون القسم أمرا سيئا مثل الحنث .





و بقدر اهتمامهم بالأخلاق , إلا أنهم قد شاركوا فى الحروب أيضا , نظرا لإيمانهم بخلود الروح التى نزلت من الأعلى , و لإيمانهم بالمجازاه القادمه للأبرار و الأشرار .





هذا التشابه ما بين هذه العقيده , و بين الفيثاغورثيه الحديثه و التعليم الأورفيوسى عن الروح و عن العالم القادم , يظهر العلاقه بين الأسينيين و هذه الفرق الهيلينيه . هل صاحب هذا التأثير الهيلينى ( الملاحظ فى الأخويه اليهوديه - السكندريه ل " ثرابيوتيس " ) تأثيرات شرقية أخرى , فارسيه أو سوريه أو حتى بوذيه ؟ , من الممكن أن نتجاوز هذا السؤال سريعا بما أن الفيثاغورثيه الحديثه نفسها ربما قد اعتمدت على الغنوصيه الشرقيه .





هذا التقارب الشديد بين الأسينيه و المسيحيه قيل كثيرا فى الماضى , و نظر الى يسوع نفسه على أنه شخص أسينى , و بكل تأكيد فإن وجهة النظر هذه خاطئه , و من المعترف به عامة هذه الأيام أنها كانت خاطئه , فهذا النظام الكاره للبشر فى النظام الرهبانى , و الخضوع للنظام كما لو أنهم تلاميذ أمام عصا المعلم , كل هذا يختلف جدا عن صورة يسوع التى نجدها فى الأناجيل .





و لكن و من ناحية أخرى , سنكون منحازين اذا قلنا أن الأسينيه لم تمهد الطريق للمسيحيه , فبجوار الطهاره اهتموا بحرية القلب , و رغم انعزالهم عن السياسه الا أنهم كان يهتمون بآلام أمتهم , و كان الإحسان و الطهاره ركائز أساسيه عندهم قبل فترة طويلة من ظهور المسيحيه , و لا أعرف أى شىء فى العالم القديم , سواء كان يهودى أو وثنى يقترب من المسيحيه بقدر ما تقترب الأسينيه .








الرجل الذى كان ينتمى الى الأسينيه و لكنه غير خاضع لنظامها هو يوحنا المعمدان , الذى كرز بالتوبه فى برية اليهوديه التى كان يتواجد بها معظم التجمعات الأسينيه . لم يكن هو السابق بمعنى أنه رأى أن يسوع هو المسيح و أنه من سيخلفه , فإن هذا هو التفسير الذى أعطاه المسيحيون بعد ذلك للعلاقة بينهما , و لكنه كان السابق له بمعنى أنه أول من أعلن للجموع اقتراب ملكوت السماوات كدعوة للتوبه , و بالتالى أعد التربه لعمل يسوع .





اقتنع يوحنا المعمدان مثل الأنبياء القدامى أن " يوم الرب " سيجلب الخلاص للذين أعدوا أنفسهم فقط , أم الآخرون فسيكون مصيرهم مرعبا حتى لو كانت لهم صلة بإبراهيم , و كانت المعموديه هى علامة التوبه , و وسط مستيكى للتطهير من الخطيه , و نعلم أن الأسينيين كانوا يعتبرون أن الغسل وسيلة للتطهير .





كان الأمل المسيانى هو المحرك لدعوة يوحنا المعمدان , و السبب الحقيقى الذى أدى الى حبسه و اعدامه كما نقرأ هذا عند يوسيفوس .