22وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: «هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفًا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. وَالآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ أَيْضًا وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ». 23فَأَخْرَجَهُ الرَّبُّ الإِلهُ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ الَّتِي أُخِذَ مِنْهَا. 24فَطَرَدَ الإِنْسَانَ، وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ، وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ.

يختتم الاحبار الاصحاح الثالث بفرية كبيرة يتهمون فيها الله ويذكرون خوفه من آدم عليه السلام .
اليس هذا الكلام هو دليل آخر على ان الكلام هذا ليس من عند الله , أليس هذا الكلام فيه عدم تعظيم وتقدير لله؟
يزعمون ان آدم عندما أكل من شجرة المعرفة صار مثل الإله, لأنه صار يعرف الخير والشر, والرب هو الذي اختص به بتلك المعرفه.وهذا كفر صريح فالله سبحانه ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته.
(وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ) (الإخلاص : 4 )
والغريب في التفسير ما ساقه انطونيوس فكري :( هذه قد تعتبر أسلوبا تهكمياً فهل صارت معرفة الإنسان كمعرفة الله وهذا ما كان الإنسان يأمله. فالله لقداسته يعرف الشر ويكرهه. أما الإنسان لضعفه فصار يعرف الشر ويشتهيه وهذا هو ما أورثه آدم للبشرية. وكون الإنسان صار كواحد من الثالوث فهذه تعتبر نبوة عن تجسد المسيح الأقنوم الثاني فهو الذي تجسد وصار كواحد منا) !!!!!!!!!!
الغريب أن النص واضح وضوح الشمس ان المقصود هنا ليس التهكم , بل هو اسلوب ينم عن الخوف من ان يكون ادم قد عرف الخير والشر, ثم ما هو نوع النبؤة عن تجسد المسيح هنا ؟ هل تجسد المسيح ان صح هنا كنبوءة يكون مطابق لما حدث لأدم ام ان يسوع على الاعتقاد المسيحي هو اله عالم الخير والشر ؟
وبما ان آدم نجح في الوصول الى إحدى الشجرتين المحرمتين ,شجرة المعرفة,فلن يعجز عن الوصول الى الشجرة الثانية,شجرة الحياة,... فما الحل ؟
الحل عند الرب أن يطرده من جنة عدن طردا (وَالآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ أَيْضًا وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ)
وأتسأل :كيف يخشى الرب من آدم ؟ وهل يعجز الرب عن إماتته وإنهاء حياته عندما يريد؟وهل للحياة شجرة؟
والادهى من ذلك هو انه حتى يضمن الرب عدم عودة آدم الى جنة عدن متسللا , اقام مجموعة من ملائكته وهو (( الكروبين)) حراسا على طريق شجرة الحياة ومعهم سيف مشتعل نارا.
كلمة "كاروبيم" جمع مفردها في العبرين "كيروب" ، كلمة آكادية/ آرامية من اللسان العربي القديم، أصلها ( كارب ـ كراب ـ براك ) ، وهي عبارة عن مخلوقات سماوية موجودة بالآثار القديمة في كل من ( العراق ـ سوريا ـ مصر ) ، بضعها على صورة ( ثور ـ أسد ) له جناحان برأس إنسان ، وتمثال أبو الهول المصري أحدها غير أنه ليس له جناحان ، ولكن لأبي الهول نقوش مصرية بجناحين غير التمثال المعروف بالجيزة .
لكم الرسامين المسيحيين تخيلوا الكروبيين برسومهم على شكل إنسان (!!) له جناحان ، وليس حيوان برأس إنسان . وهو ما يتطابق بالتمام مع الكروبيين المصري القديم على تابوه "إيزوريس" .
في نسخة " كتاب الحياة المصرية " في ( الرسالة إلى العبرانييين 9 {5} ) : " أما فوق التابوت . فكان يوجد كروبا المجد يخيمان بأجنحتهما على غطاء الصندوق الذي اكن يدعى " كـرسـي الرحـمة .. The Mercy Seat "
هل ثبت شيء في " الملائكة الكروبيون " ؟
ما يُطلق عليه " الملائكة الكَروبيُّون " ليس له أصل في الأحاديث النبوية الصحيحة ـ فيما نعلم ـ ، وغاية ما جاء ذِكرهم فيه : أحاديث ضعيفة جدّاً ، وموضوعة ، وآثار عن السلف ، وطائفة من المفسرين ، وقد ذكر بعض العلماء أن الكروبيين هم :
من يكونون حول عرش الرحمن ، أو هم حملة العرش أنفسهم .
وقال آخرون : هم سادة الملائكة وعظماؤهم .
وقال فريق ثالث : هم ملائكة العذاب .
ومثل هذا الأمر هو من الغيب الذي لا يجوز إثباته إلا بوحي من الله ، ولم يثبت في ذلك شيء.
أ. ما ورد فيهم من أحاديث غير صحيحة :
1. عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن لله ملائكة وهم الكروبيون من شحمة أذن أحدهم إلى ترقوته مسيرة خمسمائة عام للطائر السريع في انحطاط).
والحديث حكم عليه الشيخ الألباني بأنه ضعيف جدّاً ، وقال :
رواه ابن عساكر ( 12 / 231 / 2 ) عن محمد بن أبي السري : أخبرنا عمرو بن أبي سلمة عن صدقة بن عبد الله القرشي عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعا وقال : " روى إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة شيئا من هذا " . قلت : وهذا سند واهٍ جدّاً ، وله علتان :
الأولى : محمد بن أبي السري ، وهو متهم .
والأخرى : صدقة هذا وهو الدمشقي السمين وهو ضعيف ، ووقع في السند " القرشي ، ولم ترد هذه النسبة في ترجمته من " التهذيب " ، فلعله تحرف على الناسخ نسبته " الدمشقي " بالقرشي ، والله أعلم .
وقد خالفه إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة به بلفظ : (أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش ، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة) . وهو بهذا اللفظ صحيح كما قد بينته في " الأحاديث الصحيحة " رقم ( 151 ) .
" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 2 / 323 ، حديث 923 ) .
2. وذكر ابن الجوزي في " بستان الواعظين ورياض السامعين " ( ص 20 ) حديثاً طويلاً ، وفيه موت الملائكة ، ومنه :
( وتموت ملائكة السبع سموات ، والحجب ، والسرادقات ، والصادقون ، والمسبحون ، وحملة العرش ، والكرسي ، وأهل سرادقات المجد ، والكروبيون ، ويبقى جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وملك الموت عليه السلام ... . ) انتهى .
والحديث ليس له إسناد ، والكتاب مظنة الضعيف ، والموضوع .
ب. ما جاء ذِكرهم فيه من كلام السلف ومن بعدهم :
1. قال الخطابي - رحمه الله - :
الملائكة الكَرُوبيّون ، وهم : المُقَرّبون ، وقال بعضهم : إنما سُمُّوا : " كَرُوبيين " لأنهم يُدْخِلون الكَرْب على الكفار ، وليس هذا بشيء . " غريب الحديث " ( 1 / 440 ) .
2. وقال ابن الأثير - رحمه الله - :
في حديث أبي العالية : ( الكروبيون سادة الملائكة ) هم المقربون ، ويقال لكل حيوانٍ وَثِيْقِ المفاصل : إنه لمُكْرَب الخَلْق ، إذا كان شديد القُوَى .والأول أشبه ." النهاية في غريب الحديث والأثر " ( 4 / 161 ) .
والخلاصة :
لم يصح شيء من الأحاديث المرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يسمى " الملائكة الكروبيون " ، والواجب الوقوف في مسائل الغيب عند إثبات الوحي لها .
ان اخراج ادم عليه السلام وحواء من الجنة ليس عقابا لهما وانما تحقيق لإرادة الله الحكيم وقدرة , حيث قدر اخرجهما من الجنة بعد اكلهما من الشجرة
قال تعالى: (قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة : 38 )