اللغـة العربيـة فـي الجامعـات الأمريكيـة





د. عبـد الفتـاح الفـاتحـي
كشف الدكتور أحمد عبد الله فرهادي أستاذ علم اللغة ومدير برنامج اللغة العربية بقسم دراسات الإسلام والشرق الأوسط بجامعة نيويورك أن نسبة متعلمي اللغة العربية في الجامعات الأميركية قد ارتفعت بـ: 127 % خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2000/2006. وهو ما مكن اللغة العربية ولأول مرة في تاريخ تعليمها بالولايات المتحدة الأمريكية من أن تصنف ضمن اللغات العشر الأكثر تعلما.
وأضاف عبد الله فرهادي في محاضرته التي ألقاها بمركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية تحت عنوان "اللغـة العربيـة فـي مواجهـة التحـديات" أنه إذا كانت اللغة العربية تعاني أفولا في أوطانها، فإن نجمها يواصل سطوعه في أمريكا، بحسب ما تؤكده بيانات الإقبال المكثف على تعلمها بالجامعات الأميريكية، بحيث بلغ عدد دارسي اللغة العربية بهذه الجامعات 92 % في الفترة الممتدة من 1988 إلى سنة 2002، ثم تواصل ارتفاع دارسيها بشكل ملحوظ بعد أحداث الحادي عشر من شتنبر 2001؛ إذ ارتفعت النسبة إلى 127 % في الفترة ما بين 2000/2006، فوصل أعداد دارسي اللغة العربية إلى 24 ألف طالب، إضافة إلى ذلك تزايدت أعداد مراكز البحث التي تدرس اللغة العربية وثقافة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأوضح فرهادي أن هذه الأرقام أعادت للغة العربية عافيتها وتطورها؛ فغيرت كثيرا من وضعيتها، بعدما ظلت قابعة طيلة ربع قرن من الزمن خارج لائحة اللغات العشر الأكثر دراسة بالجامعات الأمريكية.
وأرجع فرهادي دوافـع تزايد الإقبال على تعلم ودراسة اللغة العربية بالجامعات الأمريكية والغربية إلى الظروف السياسية التي حدثت بعيد أحداث سبتمبر 2001، والتي دفعت بالعديد إلى تعلم العربية لمعرفة أهلها ودينها، إضافة إلى دوافع أكاديمية، وأخرى مهنية منها توفر فرص العمل في دول الخليج وفي أجهزة الاستخبارات الأمريكية التي باتت تشترط التمكن من المهارات اللغوية العربية.
وعن وضعية اللغة العربية في القنوات والفضائيات أوضح فرهادي أن الفضائيات كانت سلاحا ذا حدين بالنسبة للعربية، فرغم استعمال اللغة المحلية في التعليقات المسموعة والمرئية لمشاهدي هذه القنوات ومتصفحي المواقع الإلكترونية، فإنها أبانت عن نواقصها كبديل للغة العربية. واعتبر أن ما تمر به اللغة العربية اليوم على المستوى الإعلامي يعد فترة "ديمقراطية اللغة" تمنح للعربية إمكانية ذهبية لتطوير بنياتها ومعجمها على ضوء احتياجات المستخدمين.
وداعا فرهادي إلى وضع قاموس عربي جديد ينقحها مما لم يعد مستخدما من المصطلحات والمفاهيم، وأعاب على معلمي اللغة العربية استخدام الطرق التقليدية المملة في تدريسها، دعيا إلى استخدام التقنيات الحديثة والاستفادة من تجارب اللغات الأخرى وطرائق تدريسها وتطبيقها على اللغة العربية؛ حتى تتلاءم وحاجيات ما أسماه بأجيال الحواسيب والفضائيات.
وفي اقتراحاته لتطوير أكبر للغة العربية دعا إلى تشجيع عملية تعليمها وتعلمها وجعلها لغة الإدارة والمهن، ولغة أساسية في الترقية المهنية للموظفين اسوة بما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية التي تلزم اختباراتها معرفة أكبر باللغة الانجليزية، مشددا على ضرورة تعميم ذلك على القطاعين العام والخاص.
كما اعتبر فرهادي أن إمكانية ذهبية لتطوير اللغة العربية على صعيد دول قوميتها والعالم ككل تبقى بيد دول الخليج الغنية التي يمكنها الإنفاق بسخاء لوضع نظم ومناهج تعليمية جادة لتعليم العربية، على أن تتولى الجهات الأكاديمية مسؤولية الدراسة والتوجيه.
***
د. عبـد الفتـاح الفـاتحـي: مسـؤول الإعـلام والتواصـل للجمعيـة المغربيـة لحمايـة اللغـة العربيـة