13 ‏والسماء ومابناها‏

في مطلع سوره الشمس يقسم ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ وهو الغني عن القسم بعدد من حقائق الكون وظواهره فيقول‏(‏ عز من قائل‏):‏
والشمس وضحاها‏*‏ والقمر اذا تلاها‏*‏ والنهار اذا جلاها‏*‏ والليل اذا يغشاها‏*‏ والسماء وما بناها‏*‏ والارض وما طحاها‏*‏ ونفس وما سواها‏*‏ فالهمها فجورها وتقواها‏*‏
‏(‏الشمس‏:1‏ ‏8)‏

ثم ياتي جواب القسم صادعا‏,‏ جازما بالقرار الالهي الذي منطوقه‏:‏
قد افلح من زكاها‏*‏ وقد خاب من دساها‏*‏
‏(‏ الشمس‏:9:10)‏

وكثيرا ما يوجه القران الكريم الانظار الي التفكر في عمليه الخلق‏:‏ خلق الكون بسماواته واراضيه‏,‏ خلق الحياه بمختلف اشكالها‏,‏ وخلق الانسان‏,‏ بكل ما في جسده ونفسه من اسرار ومعجزات‏,‏ وما صاحب ذلك كله من مظاهر وموجودات‏,‏ وهي وان كانت من صفحات كتاب الله المنظور التي تشهد له‏(‏ تعالي‏)‏ بطلاقه القدره‏,‏ وكمال الصنعه‏,‏ وشمول العلم والاحاطه فهي توكد صدق كل ما جاء في القران الكريم لانه هو كتاب الله المقروء‏,‏ في صفائه الرباني‏,‏ واشراقاته النورانيه‏.‏ وصدق اخباره في كل امر‏,‏ وكيف لا وهو وحي السماء الخاتم الذي تعهد ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ بحفظه فحفظ بنفس لغه الوحي‏(‏ اللغه العربيه‏),‏ وبنفس تفاصيل الوحي الذي انزل بها سوره سوره‏,‏ وايه ايه وكلمه كلمه وحرفا حرفا‏,‏ تحقيقا للوعد الالهي الذي قطعه ربنا‏(‏ سبحانه‏)‏ علي ذاته العليه فقال‏(‏ عز من قائل‏):‏
انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون
‏(‏ الحجر‏:9)‏

وبقي هذا الوحي الخاتم ولانه الوحي الخاتم محفوظا بحفظ الله الخالق علي مدي اربعه عشر قرنا او يزيد‏,‏ وسوف يبقي ان شاء الله‏(‏ تعالي‏)‏ بصفائه الرباني‏,‏ وتمامه وكماله الي ان يرث الله‏(‏ تعالي‏)‏ الارض ومن عليها‏...!!!‏
وسوره الشمس مليئه بالاشارات الكونيه التي لا يتسع المقام لعرضها في مقال واحد‏,‏ ولذا فسوف اركز في هذا المقال علي قسم واحد مما جاء في هذه السوره المباركه الا وهو‏:‏ والسماء وما بناها‏(‏ الشمس‏:‏ الايه الخامسه‏)‏
وقبل البدء في ذلك اود ان اكرر ما اكدته مرارا من قبل ان القسم في القران الكريم ياتي من قبيل تنبيهنا الي اهميه الامر المقسوم به في استقامه الوجود‏,‏ وانتظام حركه الحياه‏,‏ لان الله‏(‏ تعالي‏)‏ غني عن القسم لعباده‏.‏

ما في اللغه العربيه‏:‏



الوحدات الرئيسيه في بناء الجزء المدرك من السماء الدنيا
تاتي ما في اللغه العربيه علي تسعه اوجه‏,‏ اربعه منها اسماء‏,‏ والخمسه الباقيه حروف‏.‏
والاسماء تاتي بمعني الذي‏,‏ او للاستفهام‏,‏ او للتعجب او تاتي للتعبير عن نكره يلزمها النعت‏.‏
والحروف تاتي نافيه بمعني‏(‏ ليس‏),‏ وتاتي جزائيه‏(‏ مسلطه‏)‏ اذا ادخل عليها اذ‏(‏ اذما‏)‏ او حيث‏(‏ حيثما‏),‏ وتاتي كذلك بصيغه اما و مهما‏,‏ كما تاتي مع الفعل لتاويل المصدر‏(‏ مصدريه‏)‏ اي لتجعل ما بعدها بمنزله المصدر‏,‏ وتاتي كافه عن العمل اذا دخلت عليها ان واخواتها ورب ونحو ذلك من مثل انما‏,‏ كانما‏,‏ ربما‏,‏ قلما‏,‏ طالما‏,‏ كما تاتي غير كافه من مثل بما‏,‏ وتاتي محذوفا منها الالف اذا ضم اليها حرف اخر من مثل لم‏,‏ بم‏,‏ عم‏,‏ كما تاتي زائده لتوكيد اللفظ اذا دخلت عليها حروف اخري من مثل اذما‏,‏ فاما‏,‏ اما‏.‏

السماء في اللغه العربيه
السماء لغه اسم مشتق من السمو بمعني الارتفاع والعلو‏,‏ تقول‏:(‏ سما يسمو سموا فهو سام‏)‏ بمعني علا يعلو علوا فهو عال او مرتفع‏,‏ لان السين والميم والواو‏..‏ اصل يدل علي الارتفاع والعلو‏,‏ يقال‏(‏ سموت وسميت‏)‏ بمعني علوت وعليت للتنويه بالرفعه والعلو‏,‏ وعلي ذلك فان سماء كل شيء اعلاه‏,‏ ولذلك قيل‏:‏ كل ما علاك فاظلك فهو سماء‏.‏
ويقال فلان لا يسامي اي لا يباري‏,‏ وقد علا من ساماه اي الذي باراه‏,‏ وتساموا اي تباروا‏(‏ في اكتساب المعالي عاده‏).‏

ولفظه السماء في العربيه تذكر وتونث‏(‏ وان اعتبر تذكيرها شاذا‏),‏ وجمعها سماوات‏,‏ واسميه‏,‏ وسماو‏,‏ وسمي‏,‏ وان كان اشهرها ذيوعا سماوات وهو ما جاء بالقران الكريم‏.‏
وانطلاقا من ذلك قيل لسقف البيت سماء لارتفاعه‏,‏ وقيل للسحاب سماء لعلوه واستعير اللفظ للمطر بسبب نزوله من السحاب‏,‏ وللعشب لارتباطه بنزول ماء السماء‏.‏

والسماء دينا هي كل ما يقابل الارض من الكون‏,‏ والمراد بها ذلك العالم العلوي من حولنا والذي يضم الاجرام المختلفه من الكواكب والكويكبات‏,‏ والاقمار والمذنبات‏,‏ والنجوم والبروج‏,‏ والسدم والمجرات‏,‏ وغيرها من مختلف صور الماده والطاقه التي تملا الكون بصوره واضحه جليه‏,‏ او مستتره خفيه‏.‏
وقد خلق الله‏(‏ تعالي‏)‏ السماء وهو خالق كل شيء ورفعها بغير عمد نراها‏,‏ وجعل لها عمارا من الملائكه ومما لا نعلم من الخلق‏,‏ وحرسها من كل شيطان مارد من الانس والجن‏,‏ فهي محفوظه بحفظه‏(‏ تعالي‏)‏ الي ان يرث‏(‏ سبحانه‏)‏ هذا الكون بمن فيه وما فيه‏.‏

اراء المفسرين
في تفسير قوله‏(‏ تعالي‏)‏ والسماء وما بناها
قال المفسرون برايين يكمل احدهما الاخر‏,‏ فقال ابن كثير‏(‏ يرحمه الله‏):‏ يحتمل ان تكون‏(‏ ما‏)‏ ها هنا مصدريه بمعني‏:‏ والسماء وبنائها‏,‏ وهو راي قتاده‏(‏ رضي الله عنه‏),‏ ويحتمل ان تكون بمعني‏(‏ من‏)‏ يعني‏:‏ والسماء وبانيها‏,‏ وهو قول مجاهد‏(‏ رضي الله عنه‏),‏ وكلاهما متلازم‏,‏ والبناء هو الرفع‏...‏ وقال صاحب الظلال‏(‏ يرحمه الله‏):...(‏ ما‏)‏ هنا مصدريه‏,‏ ولفظ السماء حين يذكر يسبق الي الذهن هذا الذي نراه فوقنا كالقبه حيثما اتجهنا‏,‏ تتناثر فيه النجوم والكواكب السابحه في افلاكها ومداراتها‏,‏ فاما حقيقه السماء فلا ندريها‏,‏ وهذا الذي نراه فوقنا متماسكا لا يختل ولا يضطرب تتحقق فيه صفه البناء بثباته وتماسكه‏,‏ اما كيف هو مبني‏,‏ وما الذي يمسك اجزاءه فلا تتناثر وهو سابح في الفضاء الذي لا نعرف له اولا ولا اخرا‏...‏ فذلك مالا ندريه‏.....,‏ انما نوقن من وراء كل شيء ان يد الله هي تمسك هذا البناء‏.....‏
وقال مخلوف‏(‏ يرحمه الله‏):(‏ والسماء ومابناها‏)‏ اي ومن اوجدها وانشاها بقدرته واضاف‏:‏ وايثار‏(‏ ما‏)‏ علي‏(‏ من‏)‏ لاراده الوصفيه تفخيما وتعظيما‏,‏ كانه قيل‏:(‏ والسماء والاله‏)‏ القادر العظيم الذي بناها‏,‏ وزاد بعد ذلك بقليل‏:‏ وقيل ان‏(‏ ما‏)‏ في الايات الثلاث‏(5‏ ‏7‏ من سوره الشمس‏)‏ مصدريه‏,‏ فيكون القسم ببناء السماء‏,‏ وطحو الارض‏,‏ وتسويه النفوس في الخلقه‏.‏

وقال الصابوني‏(‏ امد الله في عمره‏):...‏ اي واقسم بالقادر العظيم الذي بني السماء‏,‏ واحكم بناءها بلا عمد واضاف‏:‏ قال المفسرون‏(‏ ما‏)‏ اسم موصول بمعني‏(‏ من‏),‏ اي والسماء ومن بناها‏,‏ والمراد به الله رب العالمين بدليل قوله بعده‏(‏ فالهمها فجورها وتقواها‏),‏ كانه قال‏:‏ والقادر العظيم الشان الذي بناها‏,‏ فدل بناوها واحكامها علي وجوده‏,‏ وكمال قدرته‏....‏
وهذا هو عين الصواب لان القسم بالسماء وبخالقها العظيم يحوي قسما ببنائها المذهل في اتساعه‏,‏ وتعدد اجرامه‏,‏ واحكام تماسكه وترابط مختلف اجزائه علي الرغم من الطبيعه الدخانيه الغالبه عليه‏,‏ وهذه الامور وغيرها مما يشهد لله الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ بطلاقه القدره‏,‏ وابداع الصنعه‏,‏ وكمال العلم‏,‏ وعظيم الحكمه‏,‏ وبالتفرد بالالوهيه‏,‏ والربوبيه‏,‏ والوحدانيه فوق جميع خلقه‏,‏ ومن هنا كان القسم بالسماء وبخالقها الاعظم وببنائها المذهل البديع‏...!!!‏

ثم يستمر السياق القراني بالقسم بالارض وبالذي طحاها مع روعه هذا الطحو والدحو‏,‏ وبالنفس وبخالقها المبدع الذي سواها فالهمها فجورها وتقواها وجعلها علي هذا القدر من عظمه البناء وتعقيده‏,‏ وكرمها من فضله وجوده‏,‏ ومنحها الاراده الحره‏,‏ وحريه الاختيار‏,‏ ثم ياتي جواب القسم‏:‏
قد افلح من زكاها‏*‏ وقد خاب من دساها‏.‏

بمعني ان كل من اجتهد في تزكيه نفسه‏,‏ وتطهيرها‏,‏ وتنميه الاستعدادات الفطريه للخير فيها‏,‏ ومقاومه نوازع الشر المتداعيه بين جوانبها فقد فاز وافلح‏,‏ ومن اهمل كل ذلك‏,‏ وجافي هدايه ربه‏,‏ واتبع شهوات نفسه‏,‏ واطفا انوار الفطره الربانيه فيها فقد خاب وخسر‏,‏ وذلك لان الله‏(‏ تعالي‏)‏ قد خلق الانسان من الطين بما لهذا الطين من حاجات وشهوات‏,‏ ونفخ فيه من روحه ومالها من انوار‏.‏ واشراقات‏,‏ وغرس في الجبله الانسانيه حب الخيرات‏,‏ وكراهيه المنكرات ومنح الانسان العقل ميزانا بين جميع الاتجاهات وانزل هدايته الربانيه نورا للانسان يفرق بين ما ينبغي ومالا ينبغي له ان يفعل‏,‏ فمن اتبع الهدايه الربانيه‏,‏ ونمي تلك الاشراقات الفطريه النورانيه في نفسه فقد فاز وافلح‏,‏ ومن اتبع نفسه هواها‏,‏ واغرقها في شهواتها فقد خاب وخسر‏,‏ وهذا هو جواب القسم المفخم بالسماء وخالقها ومبدعها‏,‏ وبروعه بنائها الذي اقسم به ربنا تبارك وتعالي وهو الغني عن القسم ليوكد هذا القرار الذي انزله‏(‏ سبحانه‏)‏ من فوق سبع سماوات‏:‏
قد افلح من زكاها‏*‏ وقد خاب من دساها‏*‏
فماذا تقول العلوم الكونيه في عظمه شيء واحد من المقسوم به في هذه الايه الكريمه الا وهي السماء؟ وقبل الجواب علي ذلك اعرض لمفهوم السماء في القران الكريم‏.‏

السماء في القران الكريم
جاءت لفظه السماء في القران الكريم في ثلاثمائه وعشره مواضع‏,‏ منها مائه وعشرون بالافراد‏(‏ السماء‏),‏ ومائه وتسعون بالجمع‏(‏ السماوات‏).‏
كذلك جاءت الاشاره الي السماوات والارض وما بينهما في عشرين موضعا من تلك المواضع‏(‏ المائده‏:18,17),(‏ الحجر‏:85),(‏ مريم‏:65),(‏ طه‏:6),(‏ الانبياء‏:16),(‏ الفرقان‏:59),(‏ الشعراء‏:24),(‏ الروم‏:8),(‏ السجده‏:4),(‏ الصافات‏:5),(‏ ص‏:66,27,10),(‏ الزخرف‏:85),(‏ الدخان‏:38,7),(‏ الاحقاف‏:3),(‏ ق‏:38),(‏ النبا‏:37).‏

وجاء ذكر السحاب المسخر بين السماء والارض في موضع واحد من الايه رقم‏164‏ في سوره البقره‏,‏ والتي تشير الي ان القران الكريم يفصل بين السماء والارض بنطاق يضم السحاب‏,‏ وهو ما يعرف بنطاق المناخ الذي لا يتعدي سمكه‏16‏ كيلو مترا فوق خط الاستواء‏,‏ ويحوي اغلب ماده الغلاف الغازي للارض‏(75%‏ بالكتله‏).‏
وعلي ذلك فان السماء في القران الكريم تشمل كل ما يحيط بالارض بدءا من نهايه نطاق المناخ الي نهايه الكون التي لا يعلمها الا الله‏,‏ ويشير القران الكريم الي ان الله تعالي قد قسم السماء الي سبع سماوات‏,‏ كما قسم الارض الي سبع ارضين فقال‏(‏ تعالي‏):‏

الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا ان الله علي كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما
‏(‏الطلاق‏:12)‏

وقال‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
الم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا‏,‏ وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا
‏(‏نوح‏:16,15)‏

وقال‏(‏ عز من قائل‏):‏
الذي خلق سبع سماوات طباقا‏...‏
‏(‏ الملك‏:3)‏

ويتضح من هذه الايات بصفه عامه‏,‏ ومن ايتي سوره نوح‏(16,15)‏ بصفه خاصه ان السماوات السبع متطابقه حول مركز واحد‏,‏ يغلف الخارج منها الداخل‏,‏ والا ما كان جميع ما في السماء الدنيا واقعا في داخل باقي السماوات‏,‏ فيكون كل من القمر والشمس وهما من اجرام السماء الدنيا واقعين في كل السماوات السبع‏.‏
وجاء ذكر السماوات السبع في سبع ايات قرانيه كريمه هي‏:[(‏ الاسراء‏:44),(‏ المومنون‏:86),(‏ فصلت‏:12),(‏ الطلاق‏:12),(‏ الملك‏:3),(‏ نوح‏:16,15),(‏ النبا‏:12)].‏

كذلك جاءت الاشاره القرانيه الي سبع طرائق في الايه‏(17)‏ من سوره‏(‏ المومنون‏),‏ واعتبرها عدد من المفسرين اشاره الي السماوات السبع‏,‏ وان كان الاشتقاق اللفظي يحتمل غير ذلك‏.‏
ويشير القران الكريم الي ان النجوم والكواكب هي من خصائص السماء الدنيا وذلك بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏

انا زينا السماء الدنيا بزينه الكواكب
‏(‏الصافات‏:6)‏

وقوله‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
‏....‏ وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم
‏(‏فصلت‏:12)‏

وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح‏...‏
‏(‏الملك‏:5)‏

وفي زمن تفجر المعارف العلميه‏,‏ والتطور المذهل للوسائل التقنيه الذي نعيشه لم يستطع الانسان ادراك سوي جزء صغير من السماء الدنيا‏,‏ ولم يتجاوز ادراكه لذلك الجزء‏10%‏ مما فيه‏...!!!‏

السماء في علوم الفلك
يقدر علماء الفلك قطر الجزء المدرك من الكون باكثر من اربعه وعشرين بليونا من السنين الضوئيه‏(24‏ بليون‏*9.5‏ مليون مليون كيلو متر‏),‏ وهذا الجزء من السماء الدنيا دائم الاتساع الي نهايه لا يعلمها الا الله‏(‏ تعالي‏),‏ وبسرعات لا يمكن للانسان اللحاق بها‏,‏ وذلك لان سرعه تباعد بعض المجرات عنا وعن بعضها بعضا تقترب من سرعه الضوء المقدره بنحو الثلاثمائه الف كيلو متر في الثانيه‏,‏ وهذا الجزء المدرك من الكون مبني بدقه بالغه علي وتيره واحده‏,‏ تبدا بتجمعات فلكيه حول النجوم كمجموعتنا الشمسيه التي تضم بالاضافه الي الشمس عددا من الكواكب والكويكبات‏,‏ والاقمار والمذنبات التي تدور في مدارات محدده حول الشمس‏,‏ وتنطوي امثال هذه المجموعه الشمسيه بملايين الملايين في مجموعات اكبر تعرف باسم المجرات‏,‏ وتكون عشرات من المجرات المتقاربه ما يعرف باسم المجموعه المحليه‏,‏ وتلتقي المجرات ومجموعاتها المحليه فيما يعرف باسم الحشود المجريه‏,‏ وتنطوي تلك في تجمعات محليه للحشود المجريه‏,‏ ثم في حشود مجريه عظمي‏,‏ ثم في تجمعات محليه للحشود المجريه العظمي الي ما هو اكبر من ذلك الي نهايه لا يعلمها الا الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏).‏
شمسنا‏:‏ هي عباره عن كتله غازيه ملتهبه‏,‏ مشتعله‏,‏ مضيئه بذاتها علي هيئه نجم عادي متوسط الحجم ومتوسط العمر‏.‏ ويقدر نصف قطر الشمس بنحو سبعمائه الف كيلو متر‏(6.960*510‏ كم‏),‏ وتقدر كتلتها بنحو الفي مليون مليون مليون مليون طن تقريبا‏(1.99*2710‏ طن‏),‏ ويقدر متوسط كثافها بحوالي‏1.41‏ جرام للسنتيمتر المكعب‏,‏ بينما تصل كثافه لبها الي‏90‏ جراما للسنتيمتر المكعب‏,‏ وتتناقص الكثافه في اتجاه اكليل الشمس لتصل الي جزء من عشره ملايين من الجرام للسنتيمتر المكعب‏.‏

ويزيد حجم الشمس علي مليون مره قدر حجم الارض‏,‏ كما تزيد كتلتها علي كتله الارض بنحو‏333.400‏ ضعف‏.‏
وتقدر درجه حراره سطح الشمس بنحو سته الاف‏(5800)‏ درجه مطلقه‏,‏ ودرجه حراره لبها بنحو‏15‏ مليون درجه مطلقه‏,‏ بينما تصل درجه حراره هالتها‏(‏ اكليلها‏)‏ الي مليوني درجه مطلقه‏.‏ وتتكون الشمس اساسا من غاز الايدروجين‏(70%),‏ والهيليوم‏(28%)‏ ومن نسب ضئيله من عدد من العناصر الاخري‏(2%).‏ وتنتج الطاقه في الشمس‏(‏ وفي اغلب النجوم‏)‏ اساسا من تحول الايدروجين الي هيليوم بعمليه الاندماج النووي‏,‏ وتستمر العمليه لانتاج اثار طفيفه من عناصر اعلي في وزنها الذري‏.‏

ونظرا للطبيعه الغازيه الغالبه للشمس فان دورانها حول محورها يتم بطريقه تفاضليه
‏(Differential Rotation),‏
وذلك لان قلب الشمس يدور كجسم صلب يتم دورته في‏36.5‏ يوم من ايامنا‏,‏ بينما الكره الغازيه المحيطه بهذا القلب الشمسي‏(‏ ويبلغ سمكها ثلثي نصف قطر الشمس‏)‏ يتم دورته حول مركز الشمس في نحو‏24‏ يوما من ايامنا‏,‏ وعلي ذلك فان متوسط سرعه دوران الشمس حول محورها يقدر بنحو‏27‏ يوما وثلث يوم من ايام الارض‏.‏
وتجري الشمس‏(‏ ومعها مجموعتها‏)‏ نحو نقطه محدده في كوكبه هرقل‏(‏ كوكبه الجاثي‏)‏ بالقرب من نجم النسر الواقع
‏(Vega)‏
بسرعه تقدر بنحو‏19.5‏ كيلو متر في الثانيه‏,‏ وتسمي هذه النقطه باسم مستقر الشمس‏.‏ وتجري المجموعه الشمسيه كذلك حول مركز مجرتنا‏(‏ الدرب اللبني‏)‏ بسرعه خطيه تقدر بنحو‏250‏ كيلومترا في الثانيه لتتم دورتها في نحو‏250‏ مليون سنه من سنينا‏.‏

مجموعتنا الشمسيه‏:‏
تضم مجموعتنا الشمسيه بالاضافه الي الشمس كواكب تسعه هي‏(‏ قربا من الشمس الي الخارج‏):‏ عطارد‏,‏ الزهره‏,‏ الارض‏,‏ المريخ‏,‏ المشتري‏,‏ زحل‏,‏ يورانوس‏,‏ نبتيون‏,‏ بلوتو‏,‏ ثم مدارات المذنبات التي لم تعرف لها حدود‏,‏ هذا بالاضافه الي عدد من التوابع‏(‏ الاقمار‏)‏ التي يقدر عددها بواحد وستين تدور حول بعض من هذه الكواكب‏,‏ والاف الكويكبات المنتشره بين كل من المريخ والمشتري والتي يعتقد بانها بقايا لكوكب منفجر‏,‏ والاف الشهب والنيازك‏,‏ وكميات من الدخان‏(‏ الغاز الحار والغبار‏).‏
والكواكب الاربعه الداخليه‏(‏ عطارد‏,‏ والزهره‏,‏ والارض‏,‏ والمريخ‏)‏ هي كواكب صخريه‏,‏ والكواكب الخارجيه‏(‏ من المشتري الي بلوتو‏)‏ هي كواكب غازيه تتكون من عدد من الغازات المتجمده علي هيئه جليد‏(‏ من مثل بخار الماء ثاني اكسيد الكربون‏,‏ الامونيا‏,‏ الايدروجين والهيليوم‏)‏ حول لب صخري ضئيل‏.‏

وكواكب المجموعه الشمسيه تدور كلها حول الشمس في اتجاه واحد‏,‏ وفي مستوي واحد تقريبا ما عدا بلوتو‏,‏ وذلك في مدارات شبه دائريه‏(‏ اهليلجيه‏)‏ بحيث تقع الشمس في احدي بورتيه‏,‏ وابعد نقطه علي المدار يصل اليها الكوكب تسمي الاوج‏,‏ واقرب نقطه تسمي الحضيض ومتوسط مجموعهما يمثل متوسط بعد الكوكب عن الشمس‏,‏ كذلك تزداد سرعه الكوكب بقربه من الشمس وتقل ببعده عنها بحيث يمس الخط الوهمي الواصل بينه وبين الشمس مساحات متساويه في وحده الزمن‏.‏
وتقدر المسافه بين الارض والشمس بنحو المائه والخمسين مليون كيلو متر‏(149.6‏ مليون كم‏)‏ وقد اعتبرت هذه المسافه وحده فلكيه دوليه واحده‏.‏

وتقدر المسافه بين الشمس واقرب كواكبها‏(‏ عطارد‏)‏ بنحو الثمانيه والخمسين مليونا من الكيلومترات‏(57.9‏ مليون كم‏),‏ كما تقدر المسافه بين الشمس وابعد الكواكب المعروفه عنها‏(‏ بلوتو‏)‏ بنحو سته بلايين من الكيلومترات‏5913.5‏ مليون كم‏),‏ ويلي مدار بلوتو الي الخارج سحابه ضخمه من المذنبات التي تدور حول الشمس في مدارات يقدر بعد بعضها عن الشمس باربعين الف وحده فلكيه‏(‏ اي نحو سته تريليونات من الكيلومترات‏),‏ ومن الممكن وجود مدارات حول الشمس ابعد من ذلك ولكنها لم تكتشف بعد‏,‏ واذا كان امتداد المجموعه الشمسيه يعبر عنه بابعد مسافه نعرفها حول الشمس تتم فيها حركه مداريه حول هذا النجم فان مدار بلوتو لا يمكن ان يعبر عن حدود مجموعتنا الشمسيه‏,‏ وعليه فاننا في زمن التقدم العلمي والتقني المذهل الذي نعيشه لم ندرك بعد حدود مجموعتنا الشمسيه‏...!!!‏

مجرتنا‏(‏ مجره الدرب اللبني‏)‏
‏(The Milky Way Galaxy):‏
تنطوي مجموعتنا الشمسيه مع حشد هائل من النجوم يقدر بنحو التريليون‏(‏ مليون مليون‏)‏ نجم فيما يعرف باسم مجره الدرب او الطريق اللبني‏(‏ درب اللبانه‏)‏ علي هيئه قرص مفرطح يقدر قطره بنحو المائه الف سنه ضوئيه‏,‏ ويقدر سمكه بعشر ذلك‏(‏ اي حوالي العشره الاف سنه ضوئيه‏),‏ وتقع مجموعتنا الشمسيه علي بعد يقدر بنحو الثلاثين الف سنه ضوئيه من مركزه‏,‏ وعشرين الف سنه ضوئيه من اقرب اطرافه‏.‏
وتتجمع النجوم حول مركز المجره فيما يشبه النواه‏,‏ وتلتوي الاجزاء الخارجيه من قرص المجره مكونه اذرعا لولبيه تعطي لمجرتنا هيئتها الحلزونيه‏,‏ وترتبط النجوم في مجرتنا‏(‏ وفي كل مجره‏)‏ مع بعضها بعض بقوي الجاذبيه‏,‏ مشكله نظاما يتحرك في السماء كجسم واحد وتتجمع النجوم في مجرتنا في ثلاث جمهرات نجميه
‏(Stellar populations)‏
علي النحو التالي‏:‏

‏(1)‏ جمهره القرص الرقيق وتقع علي مستوي‏1155‏ سنه ضوئيه من مستوي المجره وتضم احدث النجوم عمرا بصفه عامه‏.‏
‏(2)‏ جمهره القرص السميك‏;‏ وتقع علي ارتفاع‏3300‏ سنه ضوئيه من مستوي المجره‏,‏ وتضم نجوما متوسطه في العمر بصفه عامه‏.‏
‏(3)‏ جمهره الهاله المجريه وتقع علي ارتفاع‏11.550‏ سنه ضوئيه من مستوي المجره وتضم اقدم نجوم مجرتنا عمرا بصفه عامه‏.‏

وتنتشر بين النجوم سحب دخانيه ساخنه يغلب علي تركيبها غاز الايدروجين الحامل للغبار علي هيئه هباءات متناهيه في الدقه من المواد الصلبه مكونه ما يعرف باسم الماده بين النجوم
‏(Interstellar Matter)‏
التي تمتص ضوء النجوم فتخفيها‏,‏ ولذلك فان الراصد لمجرتنا من الارض لا يري بوضوح اكثر من‏15%‏ من مجموع مكوناتها الا باستخدام المقربات‏(‏ التليسكوبات‏)‏ الراديويه‏.‏
ونواه مجرتنا تجر معها اذرعها اللولبيه التي قد ترتفع فوق مستوي النواه‏,‏ والسحب الدخانيه في تلك الاذرع تتحرك بسرعات تتراوح بين الخمسين والمائه كيلو متر في الثانيه‏,‏ وتتراكم هذه السرعات الخطيه علي سرعه دوران محوريه تقدر بنحو‏250‏ كيلو مترا في الثانيه دون ان تنفصل اذرع المجره عن نواتها بسبب التفاوت في سرعه الاجزاء المختلفه منها‏.‏

وهذا الدوران التفاضلي‏(‏ التفاوتي‏)‏ يودي الي تسارع الماده الدخانيه بين النجوم‏,‏ ثم الي كبح سرعتها مما ينتج عنه تكثيفها بدرجه كبيره وبالتالي تهيئتها لتخلق النجوم الابتدائيه
‏(pro-or proro-stars)‏
التي تتطور الي ما بعد ذلك من مراحل‏.‏
ومن نجوم مجرتنا ما هو مفرد‏,‏ وما هو مزدوج‏,‏ وما هو عديد الافراد‏.‏

وتدور نجوم مجرتنا في حركه يمينيه اساسيه منتظمه حول مركز المجره في اتجاه القطر الاصغر لها‏,‏ مع وجود الدوران التفاوتي لمختلف اجزائها‏.‏
ويحصي علماء الفلك في الجزء المدرك من السماء الدنيا مائتي الف مليون مجره علي الاقل بعضها اكبر من مجرتنا كثيرا‏,‏ وبعضها الاخر اصغر قليلا‏,‏ والمجرات عباره عن تجمعات نجميه مذهله في اعدادها‏,‏ يتخللها الدخان الكوني بتركيز متفاوت في داخل المجره الواحده‏,‏ والتي قد تضم عشرات البلايين الي بلايين البلايين من النجوم‏.‏

وتتباين المجرات في اشكالها كما تتباين في احجامها‏,‏ وفي شده اضاءتها‏,‏ فمنها الحلزوني‏,‏ والبيضاني‏(‏ الاهليلجي‏),‏ وما هو غير محدد الشكل‏,‏ ومنها ما هو شديد الاضاءه‏,‏ وما يبدو علي هيئه نقاط باهته لا تكاد تدرك باكبر المناظير المقربه‏(‏ المقاريب‏),‏ وتقع اكثر المجرات ضياء في دائره عظمي تحيط بنا في اتجاه عمودي تقريبا علي مستوي مجرتنا‏.‏ وتبلغ كتله الغازات في بعض المجرات ما يعادل كتله ما بها من نجوم وتوابعها‏,‏ في حين ان كتله الغبار تقل عن ذلك بكثير‏,‏ وكثافه الغازات في المجره تقدر بحوالي ذره واحده لكل سنتيمتر مكعب بينما يبلغ ذلك‏1910‏ ذره‏/‏سم‏3‏ في الغلاف الغازي للارض عند سطح البحر‏.‏

المجموعه المحليه
‏(The Local Group)‏
تحشد مجرتنا‏(‏ درب اللبانه‏)‏ في مجموعه من اكثر من عشرين مجره في تجمع يعرف باسم المجموعه المحليه للمجرات
‏(The Local Group of Galaxies)‏
يبلغ قطرها مليون فرسخ فلكي
‏(One Million Parsec)
(‏ اي يساوي‏3,261,500‏ سنه ضوئيه‏=3,0856*1910‏ كيلومتر‏)‏ وتحتوي المجموعه المحليه التي تتبعها مجرتنا علي ثلاث مجرات حلزونيه واربع مجرات غير محدده الشكل‏,‏ واعداد من المجرات البيضانيه العملاقه والقزمه‏,‏ وقد تحتوي علي عدد اكبر من المجرات الواقعه في ظل مجرتنا ومن هنا تصعب رويتها‏.‏

الحشود المجريه والحشود المجريه العظمي
‏(Galactic Clusters and Super clusters)‏
هناك حشود للمجرات اكبر من المجموعه المحليه من مثل‏,‏ حشد مجرات برج العذراء
‏(The Virgo Cluster of Galaxies)‏
والذي يضم مئات المجرات من مختلف الانواع‏,‏ ويبلغ طول قطره مليوني فرسخ فلكي اي اكثر من سته ملايين ونصف من السنين الضوئيه‏(6,523,000‏ سنه ضوئيه‏),‏ ويبعد عنا عشره اضعاف تلك المسافه‏(‏ اي عشرين مليون فرسخ فلكي‏).‏ وهذه الحشود المجريه تصدر اشعه سينيه بصفه عامه‏,‏ وتحوي فيما بينها دخانا توازي كتلته كتله التجمع المجري‏,‏ وتتراوح درجه حرارته بين عشره ملايين ومائه مليون درجه مطلقه‏,‏ ويحوي هذا الدخان الايدروجيني علي نسبا ضئيله من هباءات صلبه مكونه من بعض العناصر الثقيله بما في ذلك الحديد‏(‏ بنسب تقترب مما هو موجود في شمسنا‏)‏ مما يشير الي اندفاع تلك العناصر من قلوب نجوم متفجره وصلت فيها عمليه الاندماج النووي الي مرحله انتاج الحديد‏(‏ المستعرات وما فوقها‏).‏ وتحوي بعض الحشود المجريه اعدادا من المجرات قد يصل الي عشره الاف مجره‏,‏ ويحصي علماء الفلك الافا من تلك الحشود المجريه‏,‏ التي ينادي البعض منهم بتكدسها في حشود اكبر يسمونها باسم الحشود المجريه العظمي
‏(Galactic Super clusters).‏
وقد احصي الفلكيون منها الي اليوم اعدادا كبيره علي بعد مليوني سنه ضوئيه منا‏.‏

ويعتقد ان المجموعه المحليه التي تنتمي اليها مجرتنا‏(‏ درب اللبانه‏),‏ والحشود المجريه المحيطه بها من مثل حشد مجرات برج العذراء تكون تجمعا اكبر يعرف باسم الحشد المجري المحلي الاعظم
‏(The Local Galactic Super cluster)‏
يضم قرابه المائه من الحشود المجريه علي هيئه قرص واحد يبلغ قطره مائه مليون من السنين الضوئيه‏,‏ ويبلغ سمكه عشر ذلك‏(‏ اي عشره ملايين من السنين الضوئيه‏)‏ وهي نفس نسبه سمك مجرتنا‏(‏ درب اللبانه‏)‏ الي طول قطرها‏,‏ فسبحان الذي بني السماء علي نمط واحد بهذا الانتظام الدقيق‏!!!‏
وتبدو الحشود المجريه والحشود المجريه العظمي علي هيئه كرويه تدرس في شرائح مقطعيه تكون ابعادها في حدود‏(150*100*15)‏ سنه ضوئيه‏,‏ واكبر هذه الشرائح ويسمي مجازا باسم الحائط العظيم
‏(The Great Wall)‏
يزيد طوله علي‏250‏ مليون سنه ضوئيه‏.‏

وقد تم الكشف اخيرا عن حوالي المائه من الحشود المجريه العظمي التي تكون حشدا اعظم علي هيئه قرص يبلغ طول قطره‏2‏ بليون سنه ضوئيه‏,‏ وسمكه مائتي مليون سنهضوئيه‏,‏ ويعتقد عدد من الفلكيين المعاصرين بان في الجزء المدرك من الكون تجمعات اكبر من ذلك‏.‏
والنجوم في مختلف تجمعاتها وحشودها‏,‏ وعلي مختلف هيئاتها ومراحل نموها تمثل افرانا كونيه يخلق الله‏(‏ تعالي‏)‏ فيها مختلف صور الماده والطاقه اللازمه لبناء الجزء المدرك من الكون‏.‏

وبالاضافه الي النجوم وتوابعها المختلفه هناك السدم
‏(Nebulae)‏
علي تعدد اشكالها وانواعها‏,‏ وهناك الماده بين النجوم
‏(Inter-Stellar Matter),‏
وهناك الماده الداكنه
‏(Dark Matter),‏
وغير ذلك من مكونات الكون المدرك‏,‏ والمحسوس منها وغير المحسوس من مختلف صور الماده والطاقه المدسوسه في ظلمه الكون‏.‏
ويقدر الفلكيون كتله الجزء المدرك من السماء الدنيا بمائه ضعف كتله الماده والطاقه والاجرام المرئيه والمحسوسه فيه‏,‏ بمعني اننا في زمن تفجر المعرفه الذي نعيشه لا ندرك الا اقل من عشره في المائه فقط من الجزء الذي وصل اليه علمنا من السماء الدنيا وسبحان الذي انزل من قبل الف واربعمائه سنه قوله الحق‏:‏
لخلق السماوات والارض اكبر من خلق الناس ولكن اكثر الناس لا يعلمون‏*‏
‏(‏ غافر‏:57)‏

وقوله الحق‏:‏
وما اوتيتم من العلم الا قليلا‏*‏
‏(‏ الاسراء‏:85)‏

ومن هنا تتضح اهميه القسم بالسماء وما بناها في الايه الخامسه من سوره الشمس‏,‏ هذا القسم التفخيمي الذي جاء تعظيما لشان السماء وتقديسا لخالقها‏,‏ وتنبيها لنا للتفكر في عظم اتساعها‏,‏ ودقه بنائها‏,‏ وانضباط حركتها‏,‏ واحكام كل امر من امورها‏,‏ والاعجاز في خلقها‏,‏ وهي قضايا لم يدركها الانسان بشيء من النفصيل الا منذ عشرات قليله من السنين‏,‏ وورود القسم بها في كتاب الله‏,‏ مما يشهد للقران الكريم بانه كلام الله الخالق‏,‏ ويشهد لخاتم الانبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم اجمعين‏)‏ بانه كان موصولا بالوحي ومعلما من قبل خالق السماوات والارض‏.‏ وذلك مما يزيد المومنين تثبيتا علي ايمانهم‏,‏ ويدعو غيرهم من المشركين والكفار الي الايمان بالله الخالق‏,‏ وطاعته وعبادته وحده بغير شريك ولا شبيه ولا منازع‏,‏ ففي ذلك النجاه والنجاح في الدنيا والاخره‏,‏ ولا نجاه ولا نجاح في غير ذلك‏,‏ وان كانت السماء شاسعه الاتساع‏,‏ دقيقه البناء‏,‏ ومنضبطه الحركه فهي شاهده علي عظمه الله خالقها وخالق كل شيء سبحانه وتعالي‏...!!!‏
من هنا كان قسم الله‏(‏ تعالي‏)‏ بالسماء وهو الغني عن القسم وكان التاكيد القراني علي عظم شانها في عدد غير قليل من ايات القران الكريم نختار منها قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏

‏(1)‏ وما خلقنا السماء والارض وما بينهما لاعبين‏*..‏
‏(‏الانبياء‏:16)‏

‏(2)‏ تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا‏*‏
‏(‏الفرقان‏:61)‏

‏(3)‏ وما خلقنا السماء والارض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار‏*‏
‏(‏ ص‏:27)‏

‏(4)‏ ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس‏....‏ لايات لقوم يعقلون‏*‏
‏(‏ البقره‏:164)‏

‏(5)‏ ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب‏*‏
‏(‏ ال عمران‏:190)‏

‏(6)‏ وهو الذي خلق السماوات والارض بالحق‏....*‏
‏(‏ الانعام‏:73)‏

‏(7)‏ وما خلقنا السماوات والارض وما بينهما الا بالحق‏...*‏
‏(‏الحجر‏:85)!‏

‏(8)‏ اولم يتفكروا في انفسهم ما خلق الله السماوات والارض وما بينهما الا بالحق واجل مسمي‏....*‏
‏(‏ الروم‏:8)‏

‏(9)‏ ومن اياته خلق السمارات والارض‏...*‏
‏(‏الروم‏:22)(‏ الشوري‏:29)‏

‏(10)‏ لخلق السماوات والارض اكبر من خلق الناس ولكن اكثر الناس لا يعلمون‏*‏
‏(‏ غافر‏:57)‏

‏(11)‏ وما خلقنا السماوات والارض وما بينهما لاعبين‏*‏ ما خلقناهما الا بالحق ولكن اكثرهم لا يعلمون‏*‏
‏(‏ الدخان‏:38‏ و‏39)‏

‏(12)‏ ان في السماوات والارض لايات للمومنين‏*(‏ الجاثيه‏:3)‏
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين‏,‏ وصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا‏.‏