بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد وأشهد أن لا أله إلا الله واشهد أن لا اله إلا الله واشهد أن محمد عبده ورسوله , اللهم صلي علي محمد و علي آل محمد كما صليت علي آل إبراهيم انك حميد مجيد اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي آل إبراهيم أنك حميد مجيد وبعد
نتعرض بأذن الله - أكمال لوعد قطعته لعزيز علي وهو من قام بإملاء الرد علي غير مفصلا ولكن إشارة فقط لمنهج الرد وأسانيد الرد - في التعرض لبعض افتراءات أهل الباطل
ونتعرض اليوم لافتراء و ندفل مباشرة للافتراء

يقول صاحب الافتراء :
: إن النبي صلي الله علية وسلم يصلي بدون ضوء و استدل علي قوله هذا بالحديث حَدَّثَنَا أحمد : ثنا ابن وهب : ثنا عَمْرِو ، عَن عَبْد ربه بن سَعِيد ، عَن مخرمه بن سُلَيْمَان ، عَن كريب ، عَن ابن عَبَّاس ، قَالَ : نمت عِنْدَ ميمونة والنبي - صلى الله عليه وسلم - عندها تلك الليلة ، فتوضأ ، ثُمَّ قام يصلي ، فقمت عَن يساره ، فأخذني فجعلني عَن يمينه، فصلى ثلاث عشرة ركعة، ثُمَّ نام حَتَّى نفخ - وكان إذا نام نفخ - حَتَّى أتاه المؤذن ، فخرج فصلى ولم يتوضأ .


الرد بإذن المتعال

ابتدأ الحديث رواة الشيخان في صحيحيهما و الترمذي ( الشمائل ) و ابو داود والنسائي واحمد في باقي مسند الأنصار ومالك بالموطأ وابن ماجة وكلها من طريق مختلفة واللفظ في الصحيح
واحمد الوارد في السند هو أحمد بن صالح المصري أبو جعفر ابن الطبري الحافظ الثقة وروي له البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل وهو كان رجل جامعا يحفظ ويعرف الفقه والحديث والنحو
وليس هو ابن أخي عبد الله بن وهب وهو يضعف أو احمد بن حنبل كما ظن بعضهم وذلك ما انتصر له ابن رجب عند شرحه لصحيح البخاري في فتح الباري لابن رجب وذكرت ذلك فقط لكي نتصدى مبدئيا لمن يطعن في البخاري بدون فقه او سعة علم

قلت نوضح أمرا في البداية لابد من ذكره
* ليس النوم في حد ذاته سبب لنقض الوضوء بل هو غلبة المظنة أن يكون النائم أحدث دون أن يدري فكان من باب التغليب علي ما هو أولي من الحرص
قال صاحب المنتقي شرح الموطأ : ( فرع ) وليس النوم بحدث في نفسه ثم ذكر الحديث " أ هـ
بل ذهب أهل العلم أن النوم في ذاته وليس علي كل هيئة يوجب الوضوء للحرص علي الطهارة فذهب الشافعي إلي أن من نام جالسا فلا وضوء علية وروي ذلك ابن وهب عن مالك بل ذهب المالكية كذلك إلي أن لا وضوء ليسير النوم
المنتقي - شرح الموطأ 1/37

والأمر فيه أحاديث صحاح كثيرة في هذا الباب من كون أن أصحاب الرسول ينام بعضهم وهو جالس ويقوم ويصلي دون أن يتوضأ ونحيل في ذلك إلي كتاب الجامع لأحكام الصلاة لمحمود عبد اللطيف عويضة الأردني ومن ذلك الحديث الذي أخرجه مسلم من حديث أنس " كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم، ثم يصلُّون ولا يتوضأون "

ولا نجادل في كون نوم النبي صلي ابلله علية كان النوم المستغرق الطويل الموجب لآحاد الناس للوضوء منه ولكنا ذكرنا ذلك فقط لبيان أن النوم ليس في حد ذاته موجب للوضوء

ولكن الثابت أن النبي صلي الله علية وسلم كان محفوظ أي تنام عينه ولا ينام قلبه فإذا أحدث لكان علم ولو علم لتوضئ صلي الله علية وسلم
جاء في عون المعبود شرح سنن أبي داود
قول عكرمة إن النبي صلي الله علية وسلم كان محفوظا , وقالت عائشة إلخ قال البيهقي : وقد ذكرنا إسناد هما في السنن ( محفوظا ) : أي عن نوم القلب( ولا ينام قلبي ): ليعي الوحي الذي يأتيه ، ولذا كانت رؤياه وحيا ولا تنقض طهارته بالنوم
1/230

والحديث الصحيح الوارد لدي البخاري ومسلم في صحيحيهما عن السيدة عائشة " تنام عيناي ولا ينام قلبي "

وقال صاحب الفتح
" قوله : ( فصلى ولم يتوضأ ) كان صلى الله عليه وسلم تنام عينه ولا ينام قلبه فلو أحدث لعلم بذلك , ولهذا كان ربما توضأ إذا قام من النوم
وربما لم يتوضأ , قال الخطابي : وإنما منع قلبه النوم ليعي الوحي الذي يأتيه في منامه "


وجاء في عمدة القاري شرح صحيح البخاري 33/64
ثم اضطجع فنام حتى نفخ وكان إذا نام نفخ فآذنه بلال بالصلاة فصلى ولم يتوضأ وكان يقول في دعائه أللهم اجعل في قلبي نورا وفي بصري نورا وفي سمعي نورا وعن يميني نورا وعن يساري نورا وفوقي نورا وتحتي نورا وأمامي نورا وخلفي نورا واجعل لي نورا قال كريب وسبع في التابوت فلقيت رجلا من ولد العباس فحدثني بهن فذكر عصبي ولحمي ودمي وشعري وبشري وذكر خصلتين

وحديث دعاء النبي صلي الله علية وسلم ذكره البخاري في الأدب المفرد من طريق سعيد بن جبير عن بن عباس ودعاء النبي مجاب بفضل الله عز وجل فحفظة الله تعالي كما تقدم في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها في الصحيحان

وقال النووي
قوله : ( ثم اضطجع فنام حتى نفخ فقام فصلى ولم يتوضأ ) هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن نومه مضطجعا لا ينقض الوضوء ; لأن عينيه تنامان ولا ينام قلبه , فلو خرج حدث لأحس به ، بخلاف غيره من الناس "

إذا
* النوم بذاته ليس سبب لنقض الوضوء بل هو كذلك لغلبة مظنة أن يحدث النائم دون أن يدري , ولما كان النبي صلي الله علية وسلم محفوظا أي تنام عينه ولا ينام قلبه فانه إن أحدث لكان علم
وكون النبي صلي الله علية وسلم محفوظا فهو لدعائه صلي الله علية وسلم بذلك ودعائه صلي الله علية وسلم مستجاب
* وأما الحكمة من كون النبي صلي الله علية وسلم لا ينام قلبه وذلك لأنه صلي الله علية وسلم كان يأتيه الوحي في نومه فكان لابد أن يكون مستيقظ القلب لا يجلوه عارض كي يستقبل الوحي وكون الوحي آته صلي الله علية وسلم في نومه فهو أخبار أكثر من أن تحصي واشهر من أن تذكر

والدليل أيضا انه صلي الله علية وسلم توضأ مرات عند استيقاظه من نومه كما ثبت في رواية مسلم في صحيحة
من حديث ابن عباس أيضا انه رقد عند رسول الله صلي الله علية وسلم فاستيقظ فتسوك وتوضأ وهو يقول ( إن في خلق السماوات والأرض .. ) حتى ختم السورة ثم قام فصلي ركعتين .... ) الحديث

بل إننا أن وجدنا هذا الحديث المتقدم في قول صاحب الافتراء عندما يورده أي من أهل العلم يورد في عقبة مباشرة ولم يتوضأ قال : فكان في دعائه ( اللهم أجعل في قلبي نورا .... الدعاء تتمة الحديث ) أي أنهم خصوا النبي صلي الله علية وسلم بذلك - أي عدم التو ضوء من النوم مستغرقا لان النوم في حد ذاته غير موجب للوضوء وهذا لحديث النبي صلي الله ودعائه بان يكون محفوظا
ومن ذلك وليس حصرا الدعوات الكبير للبيهقي 1/400 وصاحب المنتقي شرح الموطأ وغيرهم كثير
وقد يرد علينا متوهم بمحاولة إثبات أن النبي صلي الله علية كان إن نام لا يشعر وذلك بدليل انه نام عن صلاة الصبح حتى ارتفعت الشمس
فقد كفائنا مؤنه الرد صاحب عون المعبود 1/230 إذا قال
فإن قلت : حديث نومه صلى الله عليه وسلم في الوادي عن صلاة الصبح حيث كانوا قافلين من سفر معارض لحديث عائشة ، إذ مقتضى عدم نوم القلب إدراكه كل ما يحتاج إليه ، فلا يغيب عن علمه وقت الصبح ، فكيف نام حتى طلعت الشمس وحميت وأيقظه عمر رضي الله عنه بالتكبير كما أخرجه الشيخان عن عمران بن حصين رضي الله عنه .
قلت : إن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به ، كالحدث والألم ونحوهما ولا يدرك ما يتعلق بالعين لأنها نائمة والقلب يقظان . قاله النووي . أ هـ

فما تقدم من خواص النبي صلي الله علية وسلم ولا يتوهم واهم أن خواص النبي صلي الله علية وسلم كلها علي سبيل التخفيف بل تلك الخواص قد تكون في المشقة وليس من باب التيسير ومن ذلك وصل الصيام من بيوم ليلية أو ليال دون قطع هذا حتى بشربة ماء وهذا منهي عنه لجميع المسلمين ولكن أمر جائز للبني صلي الله علية وسلم , وكذا قيام الليل فهو واجب في حق النبي صلي الله علية وسلم فرضا وأما لجموع المسلمين فهو سنه فقط لا يأثم تاركها

ولكن الخاصية تكون لحاجة يعلمها الله وليس كما يحاول أن يفهم المبطلون

فالحمد لله علي نعمة