اقتباس
المرأة و الحمار يمرون من وراء العنزة
‏حدثنا ‏ ‏آدم ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏شعبة ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏عون بن أبي جحيفة ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏أبي ‏ ‏قال ‏‏خرج علينا رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بالهاجرة ‏ ‏فأتي بوضوء فتوضأ فصلى بنا الظهر والعصر وبين يديه ‏ ‏عنزة ‏‏والمرأة والحمار يمرون من ورائها
صحيح البخاري .. كتاب الصلاة .. باب الصلاة إلى العنزة
الــــرد

وفي رواية: (النَّاسُ وَالدَّوَابُّ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْ العَنَـزَةِ) البخاري [1/639]، ومسلم [4/220].

(عنـزة) -وهي عصا في رأسها حديدة - كان يغرزها النبي في الأرض ويصلي إليها في سفره .

فقد ورد في الحديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم :( لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه )

وجاء عن ابن عمر رضي الله عنه أنه أعاد ركعة الصلاة مِن جروٍ مرَّ بين يديه في الصلاة. رواه ابن أبي شيبة في مصنفه [1/282]، وصححه ابن حزم في (المحلى [2/323]).

لذا فالسترة تلزم من يصلي منفرداً وكذلك الإمام وأما من يصلي مأموماً فسترة الإمام سترة له

‏قوله : ( والمرأة والحمار يمرون من ورائها ) ‏
‏كذا ورد بصيغة الجمع فكأنه أراد الجنس . ويؤيده رواية " والناس والدواب يمرون " كما تقدم , أو فيه حذف تقديره وغيرهما أو المراد الحمار براكبه , وقد تقدم بلفظ " يمر بين يديه المرأة والحمار " فالظاهر أن الذي وقع هنا من تصرف الرواة , وقال ابن التين : الصواب يمران , إذ في يمرون إطلاق صيغة الجمع على الاثنين . وقال ابن مالك : أعاد ضمير الذكور العقلاء على مؤنث ومذكر غير عاقل وهو مشكل , والوجه فيه أنه أراد المرأة والحمار وراكبه فحذف الراكب لدلالة الحمار عليه , ثم غلب تذكير الراكب المفهوم على تأنيث المرأة وذا العقل على الحمار . وقد وقع الإخبار عن مذكور ومحذوف في قولهم " راكب البعير طريحان " أي البعير وراكبه . ‏

وقد ردَّ على ذلك الإمام النووي فقال: معناه: يمر الحمار والكلب وراء السترة وقُدَّامها إلى القبلة كما قال في الحديث الآخر (وَرَأيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْ العَنَـزَةِ …)، وفي الحديث الآخر: (فَيَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا المرْأةُ وَالحِمَارُ) وفي الحديث السابق (وَلاَ يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ وَرَاءَ ذلِكَ). ا.هـ (شرح مسلم [4/220]).

وقول السيدة عائشةُ رضي الله عنه-وذُكِرَ عندها ما يقطع الصلاة-: شبَّهْتُمُونَا بِالحُمُرِ وَالكِلاَبِ؟! وَاللهِ! لَقَدْ رَأيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، وَإِنِّي عَلى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ مُضْطَّجِعَةٌ، فَتَبْدُو لي الحَاجَةُ، فَأكْرَهُ أنْ أجْلِسُ فَأوذِيَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ. رواه البخاري [1/773]، ومسلم [4/229].

وقد ردَّ عليه ابن خزيمة فقال: [باب: ذكر الدليل على أنَّ هذا الخبر -أي: حديث أبي ذر- في ذِكرِ المرأة ليس مضاد خبر عائشة، إذ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إنما أراد أنَّ مرور الكلب والمرأة والحمار يقطع صلاة المصلي لا ثوى (المأوى والمستقر) الكلب ولا ربضه ولا ربض (والربض والثوى بمعنى واحد) الحمار، ولا اضطجاع المرأة يقطع صلاة المصلي وعائشة إنما أخبرت أنها كانت تضطجع بين يدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو يصلي لا أنها مرَّت بين يديه] ا.هـ (صحيح ابن خزيمة [2/21]).

وقال ابن القيم:
فإنْ لم يكن سترةٌ فإنَّه صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود، وثبت ذلك عنه مِن رواية أبي ذر وأبي هريرة وابن عباس وعبد الله بن المغفل ومعارض هذه الأحاديث قسمان: صحيحٌ غيرُ صريحٍ، وصريحٌ غيرُ صحيحٍ فلا يترك لمعارضٍ هذا شأنه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّي وعائشةُ رضي الله عنها نائمةٌ في قبلته، وكان ذلك ليس كالمارِّ، فإنَّ الرجلَ محرَّمٌ عليه المرور بين يدي المصلي ولا يكره له أنْ يكون لابثاً بين يديه، وهكذا المرأة يقطع مرورها الصلاة دون لبثها ، والله أعلم. ا.هـ (زاد المعاد [1/306]).

والله أعلم .