بسم الله الرحمن الرحيم

خرج علينا خالد بلكين بمقطع جديد يطرح فيه ما يسميه ادلته حول زيف علم الحديث. الحقيقة ان المضحك المبكي في هذا المقطع انه تقريبا اعتمد على فكرة اختلاف الفاظ الحديث الصحيح الواحد ( حيث طرح اربعة امثلة على هذا ) ليخرج لنا بنتيجة انه طالما روى الثقات ما يخالف بعضهم البعض اذا فهم ليسوا بثقات و هذا العلم زائف !!!
و كانه لاحظ ما لم يلاحظه علماء الحديث من اكثر من الف سنة !!! الشيء الوحيد الذي اثبته لنا في مقطعه هذا هو انه لم يسمع في حياته بمصطلح العلة و الحديث المعلل عند علماء الحديث كما انه لا يعلم ابواب الترجيح عند اهل العلم !!! اذا هو مقطع مبني على قصور خالد بلكين بعلم الحديث

نبدا بالرد المفصل

اولا : مقدمة عن شروط الحديث الصحيح و علاقتها بابواب العلة و الترجيح .

تعريف الحديث الصحيح الحديث الصحيح
مقدمة ابن الصلاح النوع الاول
((أما الحديث الصحيح: فهو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه، ولا يكون شاذا، ولا معللا. وفي هذه الأوصاف احتراز عن المرسل، والمنقطع، والمعضل، والشاذ، وما فيه علة قادحة، وما في راويه نوع جرح.))

فصحة السند اذا لا تقتضي صحة المتن و ذلك ان المتن قد يحتوي على شذوذ ومرد الشذوذ راجع الى ما يعرف بالعلة الخفية التي يمكن تعينها بدراسة اسناد الرواية و ان كان ظاهرها الصحة
نقرا من مقدمة ابن الصلاح الجزء الاول :
((النَّوْعُ الثَّالِثَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ الشَّاذِّ
رُوِّينَا عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " لَيْسَ الشَّاذُّ مِنَ الْحَدِيثِ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ مَا لَا يَرْوِي غَيْرُهُ، إِنَّمَا الشَّاذُّ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ حَدِيثًا يُخَالِفُ مَا رَوَى النَّاسُ ".
وَحَكَى الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ الْقَزْوِينِيُّ نَحْوَ هَذَا عَنِ الشَّافِعِيِّوَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ. ثُمَّ قَالَ: " الَّذِي عَلَيْهِ حُفَّاظُ الْحَدِيثِ أَنَّ الشَّاذَّ مَا لَيْسَ لَهُ إِلَّا إِسْنَادٌ وَاحِدٌ، يَشِذُّ بِذَلِكَ شَيْخٌ ثِقَةً كَانَ أَوْ غَيْرَ ثِقَةٍ. فَمَا كَانَ عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ فَمَتْرُوكٌ لَا يُقْبَلُ، وَمَا كَانَ عَنْ ثِقَةٍ يُتَوَقَّفُ فِيهِ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ. وَذَكَرَ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنَّ الشَّاذَّ هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي يَتَفَرَّدُ بِهِ ثِقَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ بِمُتَابِعٍ لِذَلِكَ الثِّقَةِ. وَذَكَرُ أَنَّهُ يُغَايِرُ الْمُعَلَّلَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْمُعَلَّلَ وُقِفَ عَلَى عِلَّتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى جِهَةِ الْوَهْمِ فِيهِ، وَالشَّاذَّ لَمْ يُوقَفْ فِيهِ عَلَى عِلَّتِهِ كَذَلِكَ. قُلْتُ: أَمَّا مَا حَكَمَ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ بِالشُّذُوذِ فَلَا إِشْكَالَ فِي أَنَّهُ شَاذٌّ غَيْرُ مَقْبُولٍ... إِذَا انْفَرَدَ الرَّاوِي بِشَيْءٍ نُظِرَ فِيهِ: فَإِنْ كَانَ مَا انْفَرَدَ بِهِ مُخَالِفًا لِمَا رَوَاهُ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْحِفْظِ لِذَلِكَ، وَأَضْبَطُ كَانَ مَا انْفَرَدَ بِهِ شَاذًّا مَرْدُودًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا رَوَاهُ غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ رَوَاهُ هُوَ وَلَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ، فَيُنْظَرُ فِي هَذَا الرَّاوِي الْمُنْفَرِدِ: فَإِنْ كَانَ عَدْلًا حَافِظًا مَوْثُوقًا بِإِتْقَانِهِ وَضَبْطِهِ قُبِلَ مَا انْفَرَدَ بِهِ، وَلَمْ يَقْدَحِ الِانْفِرَادُ فِيهِ، كَمَا فِيمَا سَبَقَ مِنَ الْأَمْثِلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُوثَقُ بِحِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ لِذَلِكَ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ كَانَ انْفِرَادُهُ بِهِ خَارِمًا لَهُ، مُزَحْزِحًا لَهُ عَنْ حَيِّزِ الصَّحِيحِ.
ثُمَّ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ دَائِرٌ بَيْنَ مَرَاتِبَ مُتَفَاوِتَةٍ بِحَسَبِ الْحَالِ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُنْفَرِدُ بِهِ غَيْرَ بَعِيدٍ مِنْ دَرَجَةِ الْحَافِظِ الضَّابِطِ الْمَقْبُولِ تَفَرُّدُهُ اسْتَحْسَنَّا حَدِيثَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ نَحُطَّهُ إِلَى قَبِيلِ الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ ذَلِكَ رَدَدْنَا مَا انْفَرَدَ بِهِ، وَكَانَ مِنْ قَبِيلِ الشَّاذِّ الْمُنْكَرِ ))

ونقرا من مقدمة ابن الصلاح النوع الثامن عشر
((اعلم أن معرفة علل الحديث من أجل علوم الحديث وأدقها وأشرفها، وإنما يضطلع بذلك أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب، وهي عبارة عن أسباب خفية غامضة قادحة فيه.
فالحديث المعلل هو الحديث الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته، مع أن ظاهره السلامة منها.
ويتطرق ذلك إلى الإسناد الذي رجاله ثقات، الجامع شروط الصحة من حيث الظاهر.
ويستعان على إدراكها بتفرد الراوي وبمخالفة غيره له، مع قرائن تنضم إلى ذلك تنبه العارف بهذا الشأن على إرسال في الموصول، أو وقف في المرفوع، أو دخول حديث في حديث، أو وهم واهم بغير ذلك، بحيث يغلب على ظنه ذلك، فيحكم به، أو يتردد فيتوقف فيه. وكل ذلك مانع من الحكم بصحة ما وجد ذلك فيه.
وكثيرا ما يعللون الموصول بالمرسل مثل: أن يجيء الحديث بإسناد موصول، ويجيء أيضا بإسناد منقطع أقوى من إسناد الموصول، ولهذا اشتملت كتب علل الحديث على جمع طرقه.
قال الخطيب أبو بكر: " السبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع بين طرقه، وينظر في اختلاف رواته، ويعتبر بمكانهم من الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط ".
وروى عن علي بن المديني قال: " الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه ".
ثم قد تقع العلة في إسناد الحديث، وهو الأكثر، وقد تقع في متنه.
ثم ما يقع في الإسناد قد يقدح في صحة الإسناد والمتن جميعا، كما في التعليل بالإرسال والوقف، وقد يقدح في صحة الإسناد خاصة من غير قدح في صحة المتن.
فمن أمثلة ما وقعت العلة في إسناده من غير قدح في المتن: ما رواه الثقة يعلى بن عبيد عن سفيان الثوري عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " البيعان بالخيار. . " الحديث. فهذا إسناد متصل بنقل العدل عن العدل، وهو معلل غير صحيح، والمتن على كل حال صحيح، والعلة في قوله: " عن عمرو بن دينار "، إنما هو عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، هكذا رواه الأئمة من أصحاب سفيان عنه. فوهم يعلى بن عبيد، وعدل عن عبد الله بن دينار إلى عمرو بن دينار، وكلاهما ثقة. ومثال العلة في المتن: ما انفرد مسلم بإخراجه في حديث أنس من اللفظ المصرح بنفي قراءة " بسم الله الرحمن الرحيم "، فعلل قوم رواية اللفظ المذكور لما رأوا الأكثرين إنما قالوا فيه: " فكانوا يستفتحون القراءة بـ " الحمد لله رب العالمين "، من غير تعرض لذكر البسملة، وهو الذي اتفق البخاري ومسلم على إخراجه في الصحيح، ورأوا أن من رواه باللفظ المذكور رواه بالمعنى الذي وقع له، ففهم من قوله: كانوا يستفتحون بالحمد أنهم كانوا لا يبسملون، فرواه على ما فهم وأخطأ، لأن معناه أن السورة التي كانوا يفتتحون بها من السور هي الفاتحة، وليس فيه تعرض لذكر التسمية.
وانضم إلى ذلك أمور، منها: أنه ثبت ... عن أنس: أنه سئل عن الافتتاح بالتسمية، فذكر أنه لا يحفظ فيه شيئا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ، والله أعلم.
ثم اعلم: أنه قد يطلق اسم العلة على غير ما ذكرناه من باقي الأسباب القادحة في الحديث المخرجة له من حال الصحة إلى حال الضعف، المانعة من العمل به على ما هو مقتضى لفظ العلة في الأصل، ولذلك تجد في كتب علل الحديث الكثير من الجرح بالكذب، والغفلة، وسوء الحفظ، ونحو ذلك من أنواع الجرح.
وسمى الترمذي النسخ علة من علل الحديث.
ثم إن بعضهم أطلق اسم العلة على ما ليس بقادح من وجوه الخلاف، نحو إرسال من أرسل الحديث الذي أسنده الثقة الضابط حتى قال: من أقسام الصحيح ما هو صحيح معلول، كما قال بعضهم: من الصحيح ما هو صحيح شاذ، والله أعلم.))

نقرا من نزهة النظر لابن حجر رحمه الله باب المعلل
((ثم الوهم: وهو القسم السادس، وإنما أفصح به لطول الفصل -إن اطلع عليه أي الوهم بالقرائن الدالة على وهم راويه- من وصل مرسل أو منقطع أو إدخال حديث في حديث، أو نحو ذلك من الأشياء القادحة وتحصل معرفة ذلك بكثرة التتبع وجمع الطرق- فهذا هو المعلل (٢) (٣).
وهو من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقها، ولا يقوم به إلا من رزقه الله تعالى فهما ثاقبا وحفظا واسعا ومعرفة تامة بمراتب الرواة، وملكة قوية بالأسانيد والمتون، ولهذا لم يتكلم فيه إلا القليل من أهل هذا الشأن: كعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، والبخاري، ويعقوب بن شيبة (٤)، وأبي حاتم، وأبي زرعة، والدارقطني، وقد تقصر عبارة المعلل عن إقامة الحجة على دعواه كالصيرفي في نقد الدينار والدرهم (٥))

و نقرا من تدريب الراوي السيوطي رحمه الله الجزء الاول النوع الثامن عشر
((التعليل عندنا بالحفظ والفهم والمعرفة لا غير.
وقال ابن مهدي: لأن أعرف علة حديث أحب إلي من أن أكتب عشرين حديثا ليس عندي.
(والعلة عبارة عن سبب غامض خفي قادح) في الحديث، (مع أن الظاهر السلامة منه) .
قال ابن الصلاح: فالحديث المعلل، ما اطلع فيه على علة تقدح في صحته، مع ظهور السلامة.
[[متى تدرك العلة]]
(ويتطرق إلى الإسناد الجامع شروط الصحة ظاهرا، وتدرك) العلة (بتفرد الراوي وبمخالفة غيره له مع قرائن) تنضم إلى ذلك، (تنبه العارف) بهذا الشأن (على وهم) وقع (بإرسال) في الموصول، (أو وقف) في المرفوع، (أو دخول حديث في حديث، أو غير ذلك بحيث يغلب على ظنه، فيحكم بعدم صحة الحديث أو يتردد فيتوقف) فيه، وربما تقصر عبارة المعلل عن إقامة الحجة على دعواه، كالصيرفي في نقد الدينار والدرهم.))

و نقرا من التقييد و الايضاح للعراقي في شرح مقدمة ابن الصلاح النوع الثامن عشر
((والتعبير بالمعلول موجود في كلام كثير من أهل الحديث في كلام الترمذي في جامعه وفي كلام الدارقطنى وأبى أحمد بن عدى وأبى عبد الله الحاكم وأبى يعلى الخليلي ورواه الحاكم في التاريخ وفي علوم الحديث أيضا عن البخاري في قصة مسلم مع البخاري وسؤاله عن حديث ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة مرفوعا: "من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه" الحديث فقال البخاري هذا حديث مليح ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث الواحد إلا أنه معلول حدثنا به موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا سهيل عن عون بن عبد الله قوله قال البخاري هذا أولى فإنه لا يذكر لموسى بن عقبة سماعا من سهيل فقام إليه مسلم وقبيل يده قلت هكذا أعل الحاكم في علومه هذا الحديث بهذه الحكاية والغالب على الظن عدم صحتها وأنا أتهم بها أحمد بن حمدون القصار راويها عن مسلم فقد تكلم فيه وهذا الحديث قد صححه الترمذي وابن حبان والحاكم ويبعد أن البخاري يقول إنه لا يعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث مع أنه قد ورد من حديث جماعة من الصحابة غير أبى هريرة وهم أبو برزة إلاسلمي ورافع بن خديج وجبير بن مطعم والزبير بن العوام وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو وأنس بن مالك والسائب بن يزيد وعائشة وقد بينت هذه الطرق كلها في تخريج أحاديث إلاحياء للغزالي والله أعلم.
قوله ومثال العلة في المتن ما انفرد مسلم بإخراجه من حديث أنس من اللفظ المصرح بنفي قراءة بسم الله الرحمن الرحيم فعلل قوم رواية اللفظ المذكور لما رأوا ألأكثرين إنما قالوا فيه فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين من غير تعرض لذكر البسملة إلى آخر كلامه وربما يعترض معترض على المصنف بأنك قدمت أن ما أخرجه أحد الشيخين البخاري أو مسلم مقطوع بصحته فكيف يضعف هذا وهو فيما أودعه مسلم كتابه وأيضا فلم تعين من أعله حتى ينظر محله من العلم وما حكيته عن قوم لم تسمهم أنهم أعلوه معارض بقول أبى الفرج بن الجوزي في التحقيق عقب حديث أنس هذا أن إلائمة أتفقوا على صحته والجواب عن ذلك أن المصنف لما قدم إنما أخرجه أحد الشيخين مقطوع بصحته قال سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطنى وغيره انتهى كلام المصنف فقد استثنى أحرفا يسيرة وهذا منها وقد اعله جماعة من الحفاظ الشافعى والدارقطنى وابن عبد البر رحمهم الله . ))

و اما الترجيح فهو ما يذهب اليه علماء الحديث اثناء معالجتهم اختلاف الاحاديث او اختلاف الفاظ الحديث الواحد اذا تعذر الجمع بينهم ووجب البحث عن علة فانه حينئذ ينظر في الحديث سندا و متنا لمعرفة ما ان وجد فيه علة قادحة خفية و هذا يتم عن طريق اللجوء الى قواعد الترجيح التي ذكرها اهل العلم
نقرا من من الاشارة في اصول الفقه للباجي
((باب أحكام الترجيح
الترجيح في أخبار الآحاد يراد لقوة غلبة الظن بأحد الخبرين عند تعارضهما.
والدليل على صحة ذلك إجماع السلف على تقديم بعض أخبار الرواة على أخبار سائرهم، ممن يظن به الضبط، والحفظ والاهتمام بالحادثة.
فصل
إذا ثبت ذلك، فالترجيح يقع في الأخبار التي تتعارض، ولا يمكن الجمع بينها، ولا يعرف المتأخر منها، فيحمل على أنه ناسخ في موضعين: أحدهما: الإسناده والثاني: المتون.
فأما الترجيح بالإسناد، فعلى أوجه: الأول: أن يكون أحد الخبرين مرويا في قضية مشهورة متداولة عند أهل النقل، ويكون المعارض له عاريا عن ذلك، فيقدم الخبر المروي في قضية مشهورة، لأن النفس إلى ثبوته أسكن والظن في صحته أغلب.
والثاني: أن يكون راوي أحد الخبرين أحفظ وأضبط، وراوي الذي يعارضه دون ذلك، وإن كان جميعا يحتج بحديثهما فيقدم خبر أحفظهما وأتقنهما، لأن النفس أسكن إلى روايته، وأوثق بحفظه.
والثالث: أن يكون رواة أحد الخبرين أكثر من رواة الخبر الآخر، فيقدم الخبر الكثير الرواة، لأن السهو والغلط أبعد عن الجماعة، وأقرب إلى الواحد.
والرابع: أن يقول راوي أحد الخبرين: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والآخر يقول: كتب إلى النبي عليه السلام -فيقدم خبر من سمع النبي -عليه السلام- لأن السماع من العالم أقوى من الأخذ بكتابه الوارد.
الخامس: أن يكون أحد الخبرين متفقا على رفعه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والآخر مختلفا فيه فيقدم المتفق عليه، لأنه أبعد من الخطأ والسهو.
السادس: أن يكون أحد الخبرين مختلف الرواية، فيروي عنه إثبات الحكم ونفيه، وراوي الآخر لا تختلف الرواية عنه، وإنما يروي عنه أحد الأمرين، فيقدم رواية من لم تختلف عليه، لأن ذلك دليل على حفظ الرواية عنه، وشدة اهتمامهم بحفظ ما رواه، فكان أولى.
السابع: أن يكون راوي أحد الخبرين هو صاحب القصة تلبس بها، وراوي الخبر الآخر أجنبيا، فيقدم خبر صاحب القصة، لأنه أعلم بظاهرها وباطنها، وأشد إتقانا بحفظ حكمها.
الثامن: إطباق أهل المدينة على العمل بموجب أحد الخبرين، فيكون أولى من خبر من يخالف عمل أهل المدينة؛ لأنها موضع الرسالة، ومجتمع الصحابة، فلا يتصل العمل فيها إلا بأصح الروايات.
التاسع: أن يكون أحد الراويين أشد تقصيا للحديث، وأحسن نسقا له من الآخر، فيقدم حديثه عليه، لأن ذلك يدل على شدة اهتمامه بحكمه، وبحفظ جميع أموره.
والعاشر: أن يكون أحد الإسنادين سالما من الاضطراب، والآخر مضطربا، فيكون السالم أولى، لأن ذلك دليل على إتقان رواته وحفظ جملته.
الحادي عشر: أن يكون أحد الخبرين يوافق ظاهر الكتاب، والآخر يخالفه، فيكون الموافق لظاهر الكتاب أولى.))

يتبع