قالوا لأحدِ المسلمين: ماذا تقول في نبيٍّ يتعرى، هل يصلح أن يكون نبيًّا من عند اللهِ؟!

أجاب المسلمُ : لا يجوز لنبيٍّ أن يكشف عن عورته أمامَ الناس، هذا ينافى الخلق الكريم للشخص العادي ، استحالة أن يقع ذلك من نبيٍّ من عند اللهِ .......

أجابوا قائلين له : رسولُ الإسلام محمد كان عرياناً يجر ثوبَه ، والدليل على ذلك الحديث الثابت في سنن الترمذي كِتَاب (الِاسْتِئْذَانِ وَالْآدَابِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r ) بَاب ( مَا جَاءَ فِي الْمُعَانَقَةِ وَالْقُبْلَةِ ) برقم 2656 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسماعيل حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ r فِي بَيْتِي فَأَتَاهُ فَقَرَعَ الْبَابَ فَقَامَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ r عُرْيَانًا يَجُرُّ ثَوْبَهُ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ عُرْيَانًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ. قَالَ أَبُو عِيسَى : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ .

الرد على الشبهة

أولًا: إن هذا الحديثَ الذي استدل به المعترضون على شبهتِهم لا يصح ، فقد رواه الترمذيُّ في سننه ولم تثبُت صحته ؛ ضعفه الألبانيُّ - رحمه اللهُ - في سننِ الترمذي برقم 2732 ، و المشكاة برقم 4682، ومقدمة رياض الصالحين برقم 5 ، ونقد الكتاني ص ( 16 ).

وبالتالي : سقط الاستدلال به ، وسقطت الشبهةُ بعد بيانِ ضعفِ الحديثِ .

وعلى فرضِ صحتِه جدلًا أتساءل : هل هناك شخصٌ يتعمد العري يجر ثوبه معه ليستقبل زائريه ؟!

الجواب : إذا كان يجر ثوبه معه فهو بذلك يريد أن يرتديه بأقصى سرعة ، وإلا ما يجر ثوبه معه ...


ثانيًا : إن هناك سؤالًا يطرح نفسَه بعد بيانِ ضعفِ الحديثِ هو: هل لو تعرى النبيُّ r - وحاشاه ذلك - هل هذا يقدح في نبوتِه بحسبِ حالِ بعضِ الأنبياءِ الثابتِ في الكتابِ المقدس ؟

الجواب : لا يقدح ذلك في نبوته قط ؛ لأن الكتابَ المقدس نسب ليسوعَ المسيح أنه تعرى في موضعين:
الأول : إنجيلِ يوحنا إصحاح 13 عدد 4قَامَ عَنِ الْعَشَاءِ، وَخَلَعَ ثِيَابَهُ، وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا، 5ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَل، وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التَّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ الَّتِي كَانَ مُتَّزِرًا بِهَا. 6فَجَاءَ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ. فَقَالَ لَهُ ذَاكَ:« يَا سَيِّدُ، أَنْتَ تَغْسِلُ رِجْلَيَّ! »

قلتُ : من خلال قراءةِ النصِ لي سؤالان للمعترضين :

الأول : لماذا تعرى يسوع أمام التلاميذ وما الهدف من ذلك ؟!

الثاني : هل تعري يسوع أم التلاميذ هل فيه أسوة حسنة حيث يقوم المعلم ليخلع ملابسَه ويظل عريانًا لمسح أرجل تلاميذه ؟ !
ونحن نبرئ المسيحَ u مما نُسب إليه كهذا النص .

الثاني : إنجيلِ متى إصحاح 27عدد 27فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ، 28فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيًّا.

وأتساءل : أليس يسوع المسيح إلهًا قويًا بحسب معتقدِ المعترضين ؟ لماذا سمح لليهودِ بتعريتِه ، ولم يستطع أن يداري عورتَه! كيف ذلك وهو الإله القوي ؟! هذا مجرد تساؤل لا سخرية علم اللهُ .

ونسب إنجيل يوحنا إلى بطرس الرسول أنه كان عاريًا على شاطئ البحر !!يروي لنا يوحنا قصة ظهور يسوع لتلاميذه عند بحيرة طبرية في الإصحاح 21 عدد 1بَعْدَ هذَا أَظْهَرَ أَيْضًا يَسُوعُ نَفْسَهُ لِلتَّلاَمِيذِ عَلَى بَحْرِ طَبَرِيَّةَ. ظَهَرَ هكَذَا: 2كَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ، وَتُومَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ، وَنَثَنَائِيلُ الَّذِي مِنْ قَانَا الْجَلِيلِ، وَابْنَا زَبْدِي، وَاثْنَانِ آخَرَانِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ مَعَ بَعْضِهِمْ. 3قَالَ لَهُمْ سِمْعَانُ بُطْرُسُ:«أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّدَ». قَالُوا لَهُ:«نَذْهَبُ نَحْنُ أَيْضًا مَعَكَ». فَخَرَجُوا وَدَخَلُوا السَّفِينَةَ لِلْوَقْتِ. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يُمْسِكُوا شَيْئًا. 4وَلَمَّا كَانَ الصُّبْحُ، وَقَفَ يَسُوعُ عَلَى الشَّاطِئِ. وَلكِنَّ التَّلاَمِيذَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ يَسُوعُ. 5فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ :« يَا غِلْمَانُ أَلَعَلَّ عِنْدَكُمْ إِدَامًا؟ ». أَجَابُوهُ:« لاَ! » 6فَقَالَ لَهُمْ: « أَلْقُوا الشَّبَكَةَ إِلَى جَانِبِ السَّفِينَةِ الأَيْمَنِ فَتَجِدُوا ». فَأَلْقَوْا، وَلَمْ يَعُودُوا يَقْدِرُونَ أَنْ يَجْذِبُوهَا مِنْ كَثْرَةِ السَّمَكِ. 7فَقَالَ ذلِكَ التِّلْمِيذُ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُسَ:«هُوَ الرَّبُّ!». فَلَمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ الرَّبُّ، اتَّزَرَ بِثَوْبِهِ، لأَنَّهُ كَانَ عُرْيَانًا، وَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ.

نلاحظ أن بطرس الرسول عندما سمع أن المسيحَ قد حضر أأتزر بثوبِه "لأَنَّهُ كَانَ عُرْيَانًا، وَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ " ( يوحنا 21 / 7 ).

وأتساءل : كيف يكون بطرس كبير الحواريين عرياناً على شاطئ البحر؟! ولماذا يخجل من التعري عندما سمع بحضور المسيح فقط ؟! هل التعري جائز في غياب المسيح وغير جائز في حضوره ؟! كيف كان بطرس الرسول الملقب بصخرة الكنيسة عاريًا على الشاطئ أمام التلاميذ ومن كان موجودا آنذاك ؟!

ونسب الكتابُ المقدس إلى بعض أنبياءِ العهدِ القديمِ أنهم تعروا أمامَ الناسِ !
نجد ذلك في عدة مواضع منها:

1- سفر التكوين إصحاح9 عدد 20وَابْتَدَأَ نُوحٌ يَكُونُ فَلاَّحًا وَغَرَسَ كَرْمًا. 21وَشَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ فَسَكِرَ وَتَعَرَّى دَاخِلَ خِبَائِهِ. 22فَأَبْصَرَ حَامٌ أَبُو كَنْعَانَ عَوْرَةَ أَبِيهِ، وَأَخْبَرَ أَخَوَيْهِ خَارِجًا...

2- سفر صموئيل الثاني إصحاح 6 عدد20 وَرَجَعَ دَاوُدُ لِيُبَارِكَ بَيْتَهُ. فَخَرَجَتْ مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ لاسْتِقْبَالِ دَاوُدَ، وَقَالَتْ: «مَا كَانَ أَكْرَمَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ الْيَوْمَ، حَيْثُ تَكَشَّفَ الْيَوْمَ فِي أَعْيُنِ إِمَاءِ عَبِيدِهِ كَمَا يَتَكَشَّفُ أَحَدُ السُّفَهَاءِ».

1- سفر إشعياء إصحاح 20 عدد 1فِي سَنَةِ مَجِيءِ تَرْتَانَ إِلَى أَشْدُودَ، حِينَ أَرْسَلَهُ سَرْجُونُ مَلِكُ أَشُّورَ فَحَارَبَ أَشْدُودَ وَأَخَذَهَا، 2فِي ذلِكَ الْوَقْتِ تَكَلَّمَ الرَّبُّ عَنْ يَدِ إِشَعْيَاءَ بْنِ آمُوصَ قَائِلاً: «اِذْهَبْ وَحُلَّ الْمِسْحَ عَنْ حَقْوَيْكَ وَاخْلَعْ حِذَاءَكَ عَنْ رِجْلَيْكَ». فَفَعَلَ هكَذَا وَمَشَى مُعَرًّى وَحَافِيًا. 3فَقَالَ الرَّبُّ: «كَمَا مَشَى عَبْدِي إِشَعْيَاءُ مُعَرًّى وَحَافِيًا ثَلاَثَ سِنِينٍ، آيَةً وَأُعْجُوبَةً عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُوشَ، 4هكَذَا يَسُوقُ مَلِكُ أَشُّورَ سَبْيَ مِصْرَ وَجَلاَءَ كُوشَ، الْفِتْيَانَ وَالشُّيُوخَ، عُرَاةً وَحُفَاةً وَمَكْشُوفِي الأَسْتَاهِ خِزْيًا لِمِصْرَ. 5فَيَرْتَاعُونَ وَيَخْجَلُونَ مِنْ أَجْلِ كُوشَ رَجَائِهِمْ، وَمِنْ أَجْلِ مِصْرَ فَخْرِهِمْ.

و نسب الكتابُ المقدس لربِّ العالمين أنه ينوح ، ويولول ، و يمشى حافيًا عريانًا ، ويعول كبناتِ آوى ( الذئاب)، وينتحب كالنعام ، وذلك في سفرِ ميخا إصحاح 1عدد 8 لِهَذَا أَنُوحُ وَأُوَلْوِلُ وَأَمْشِي حَافِياً عُرْيَاناً ، وَأُعْوِلُ كَبَنَاتِ آوَى، وَأَنْتَحِبُ كَالنَّعَام.

قلتُ : إن ما سبق فيه طعن لأنبياءِ اللهِ المكرمين ، وطعن لربِّ العالمين ، ونحن نبرأ إلى اللهِ من ذلك كله ، ولكني أتساءل: ما هو رد المعترضين على تلك النصوص ....؟!
كتبه / أكرم حسن مرسي