ليس لدي وقت

عندما يدعى الإنسان إلى عمل ما وهو مشغول بعمل آخر, تختلف استجابات الناس إزاء هذه الدعوة على النحو التالي:
*فمن الناس من يقول: ليس لدي وقت, لأني مشغول بعمل آخر
*ومن الناس من يستجيب, فيترك العمل الذي بيده ليقوم بالعمل الجديد
*ومن الناس من يقول: اتركوني حتى أنتهي من العمل الذي بيدي ثم بعد ذلك أنظر فيما تدعونني إليه


والحق الذي يدعو إليه العقل والمنطق هو أن الإنسان حين يدعى إلى عمل ما بينما هو مشغول بعمل آخر, لا بد أن ينظر فيما يدعى إليه, وأن يقارن بين العملين, ما هو مشغول به وما هو يدعى إليه, من حيث الأهمية, ومن حيث ما يجلب كل منهما من مصلحة, أو يدفع من ضرر, فإذا تبين له أن أحد العملين أهم من الآخر, وتبين له استحالة أن يجمع بينهما للتعارض, ترك أقلهما أهمية وأقبل على الآخر, أما إذا كان هناك إمكانية للجمع بين العملين جمع بينهما مع تقديم الأهم على المهم.

فإذا طبقنا هذا الكلام على من يٌدعى إلى الإسلام فيقول: ليس لدي وقت, فنحن نقول له: أنت تعرف أن مصير الإنسان في الدنيا والآخرة يتوقف على أمر الدين, فأمر الدين ليس بالأمر الهين الذي يمكن أن أنظر فيه أو لا, أو يمكن أن أشغل عنه بغيره, إنه أهم شيء في حياة الإنسان, وأنا كإنسان ولدت مسلما بلا اختيار مني, حين كبرت وعرفت أن هناك أديانا أخرى, لم يطلعني على ما فيها أهلي, قلت لنفسي: أنا في حيرة من أمري هل الإسلام هو الدين الحق أم غيره من الأديان؟

ولم تكن معرفة الإجابة سهلة, فحتى أكون موضوعيا مع نفسي, وحتى أكون مقتنعا وسعيدا بديني الذي أنا عليه, لا بد من الاطلاع على أفكار الأديان الأخرى لأقارنها بما في الإسلام من أفكار وتصورات, وحينئذ أستطيع عن علم أن أرجح أحدها وأن أقتنع به, وهذا هو عين ما أدعوك إليه أن تنظر في الإسلام وفيما جاء به, وأن تقارنه بما لديك فإن وجدت الحق في الإسلام اتبعته, وإن كان الحق فيما أنت عليه ازددت بما أنت عليه إيمانا على إيمان, ويقينا على يقين, وللإنسان عقل يستطيع أن يميز به بين الصواب والخطأ وبين الحق والباطل.

أما إذا لم تهتم بالنظر في هذه الأديان الأخرى, فربما كان الحق في أحدها وكنت أنت على خطأ فماذا تفعل إذا جاءك الموت وأنت على خطأك وماذا تقول لربك؟ هل تقول له: لم يكن لدي وقت! إنك حينئذ لن تملك حجة تدافع بها عن نفسك, بل ستندم حيث لا ينفع الندم.


موقع من هو محمد