هذا كله غيض من فيض و قد فضلت الاختصار حتى لا يمل القارىء و الآن بعد ان عرفنا بالأدلة العلمية ، ننتقل الى 2-الأدلة العقلية :
أولا: ان فكرة زواج النبي من عائشة لم تكن فكرته هو شخصيا و انما جاء الاقتراح عن طريق امرأة اسمها "خولة بنت حكيم" لتوكيد و تقوية الصلة مع أحب الناس الى النبي و أقربهم اليه و هو سيدنا أبو بكر الصديق والد عائشة غني عن التعريف و هو اول الخلفاء الراشدين بعد النبي ، فقيام امرأة باقتراح فكرة هذا الزواج دليل كافٍ على أن مثل ذلك الزواج كان مجاريا للعرف والعادات في ذلك المجتمع وأن المرأة في ذلك الزمن لم تكن ترى فيه انتهاكا لحقوقها أو سلبا لإرادتها كما تروج لذلك بعض الأقلام السامة.
ثانيا: اذا كان هذا الزواج غريبا ، فلماذا لم يتخذه كفار قريش ذريعة ضد النبي لاثبات كذب نبوته؟ طبعا لأنه كان شىء عادي جدا و متعارف عليه في ذلك الوقت.
ثالثا:العباقرة و الجهابذة الذين ينتقدون زواج النبي محمد بعائشة ، لماذا لا ينتقدون حالات كثيرة مماثلة في عصره من زواج مبكر من كفار تزوجوا بفتيات في سن مبكرة بل وسبقوا نبي الإسلام إلى ذلك؟ فاذا كان قصدهم نقد العلاقة بين رجل كهل و فتاة صغيرة فقد كان من الواجب عليهم ايضا الحديث عن حالات مماثلة حدثت في عهد سيدنا محمد.و لكن الاسلام و نبيه هم المستهدفين بالتشويه .
رابعا:لا يمكن الحكم على زيجة مبكرة تمت منذ 1400 سنة بقوانين القرن الواحد و العشرين لأنهم لم يعرفوا جزيرة العرب في ذلك الزمان ،الحكم على عادة مارسها مجتمع شرقي قبل أربعة عشر قرنا لن يكون دقيقا ومنصفا إذا صدر من الثقافة الغربية العلمانية في القرن الحادي والعشرين لانهم يصعب عليهم فهم و ادراك العقلية و المبادىء الشرقية و العربية في القرن السادس بصورة كاملة و دقيقة و ذلك بسبب الفارق الزمني الشاسع بين الحضارتين و الفارق الفكري و الثقافي و الجغرافي الكبير بينهما .
(R.V.C. Bodley) خامسا: المستشرق الانجليزي بودلي حفيد السير توماس بودلي، ومؤسس مكتبة بودلي، مؤلف كتاب ‘ريح في الصحراء’، ‘الرسول’، وأربعة عشر مجلدا آخر. بعدما زار الجزيرة العربية عاد من زيارته يقول: "كانت عائشة على صغر سنها نامية ذلك النمو السريع الذي تنموه نساء العرب. ومثل هذا الزواج مازال عادة آسيوية، وشرق أوروبية وكذلك كان طبيعيا في إسبانيا والبرتغال حتى سنين قليلة". ويضيف المؤرخ الانجليزي قوله: "منذ وطئت قدمها بيت محمد، كان الجميع يحسون وجودها. ولو أن هناك شابة عرفت ما هي مقبلة عليه، لكانت عائشة بنت أبي بكر.. فلقد كونت شخصيتها منذ اليوم الأول الذي دخلت فيه بيت النبي الملحق بالمسجد.