تساؤلات حول زينة المرأة

بعد عرض هذه الأدلة من القرآن ومن السنة علي مشروعية الزينة المعتدلة في الوجه والكفين والثياب , نجيب عن تساؤلات واعتراضات يثيرها البعض ضد تزين المرأة بأي نوع من الزينة حين تلقي الرجال:

يقولون: إن وجه المرأة زينة في نفسه فهل نزيده فتنة بمزيد من الزينة؟

الجواب:

1. ليس الأمر اجتهاد نصيب فيه ونخطيء , بل هو النص بل النصوص ولا اجتهاد مع النص كما يقولون.فما دام صاحب الشريعة قد أقر هذا التزين فليس لأحد أن ينكر ما أقره.

2. إن موقف الشريعة من فتنة زينة المرأة هو موقفها من فتنة المرأة عموما,إنها تقرر أن هناك فتنة في المرأة , ولكنها مع ذلك لم تمنع تحرك المرأة في مجالات المجتمع ولقاؤها الرجال , بل قررت لحركتها مجموعة من الآداب,فللحديث آداب وللمشي آداب وللاجتماع آداب, وإذا روعيت هذه الآداب أُمِنَت الفتنة في عامة الأحوال.وكذلك الحال في شأن الزينة لم تمنعها الشريعة لكنها رسمت لها آدابا,وهي أن تكون لونا بلا رائحة فَوَّاحة لحديث:"طيب النساء ماظهر لونه وخفي ريحة",وتكون معتدلة غير صارخة قياسا علي إقرار الشارع للخاتم والخضاب زينة لليد,وللكحل والصُفرة زينة للوجه,وتكون مما تعارف عليه نساء المؤمنين لحديث:"من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة",فإذا روعيت هذه الآداب أمنت الفتنة,ولا حاجة بنا للتزيد من عند أنفسنا بناء علي وهم نتوهمه.

///

يقولون: إن هناك نصوصا كثيرة تحذر من خروج المرأة متطيبة.

الجواب:

• عن زينب امرأة عبد الله قالت : قال لنا رسول الله : إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا.(رواه مسلم)

• عن أبي هريرة أن رسول الله قال : لا تمنعوا إماء الله من مساجد الله ولكن ليخرجن تفلات .(رواه أبو داود)
تَفِلات : التَّفَل الرائحة الكريهة , والمراد هنا أن لا يتطيبن.يقال هو تَفِل أي غير متطيب.

للمسجد خصوصية ليست لغيره من الأماكن , وذلك لأنه يجتمع به عدد من النساء في صفوف متراصة خلق صفوف الرجال , وعن قرب منهم ودون حاجز بين الفريقين.وقد يؤدي ذلك إلي أن يفوح ريح لطيب من النساء.

هذا شأن الخروج إلي المسجد بينما إذا قصدت أي مكان آخر وهي متزينة بطيب ظهر لونه وخفي ريحه , وهذا شرط في طيب النساء , فلا مجال ليفوح منها ما يثير الفتنة في عامة الأحوال.

هناك حديث شريف عن أبي موسي الأشعري قال : قال رسول الله : إذا المرأة استعطرت فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا .قال قولا شديدا.(رواه أبو داود)

ويلاحظ أن هذا الحديث قد ذكر أمرين خالفت فيهما المرأة الحدود التي رسمها الشارع.أولها أنها "استعطرت" أي مست عطرا مما يظهر ريحه.وثانيهما أنها مرت علي قوم "ليجدوا ريحها", أي قصدت إثارة الفتنة , ومن هذا استحقت الحكم الرادع.

والخلاصة إن محظورات تطيب المرأة ثلاثة :

1- حضور صلاة الجماعة في المسجد وهي متطيبة.
2- خروجها من بيتها يعصف ريحها,أي يفوح وينتشر.
3- التبرج وقصد استدعاء شهوة الرجال.

فإذا انتفت هذه المحظورات الثلاثة فلا حرج علي المرأة في التزين بطيب ظهر لونه وخفي ريحه.

///

يقولون: نحن نفهم أن تتزين المرأة لزوجها , ولكن ما المصلحة في تزين المرأة لعامة الرجال؟

الجواب:

إن التزين للزوج والمحارم هو إظهار الزينة الباطنة ومواضعها وهي الواردة في قوله تعالي {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن...} وحديثنا هنا عن زينة الوجه والكفين والثياب أي عن الزينة الظاهرة الواردة في قوله تعالي {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} وليس حديثنا عن الزينة الباطنة.

إن تزين المرأة لزوجها لا يعني أن من لا زوج لها لا يحسن منها التزين , لكنه مشروع لها , وظهور المسلم والمسلمة في هيئة حسنة وزينة معتدلة لها وزنها في مجتمع المسلمين الذي يمتثل لقول رسول الله : ( إن الله جميل يحب الجمال ).

علي أن هناك فرقا كبيرا بين التجمل في عامة الأحوال والتجمل للفساق, فالتجمل للفساق يدعو المرأة إلي الإسراف في الزينة , والخروج علي ما تعارف عليه المؤمنات.

///

يقولون : إن تزين المرأة الغربية قد بلغ درجة عالية من الإسراف,ومما يؤسف له أن بعض المجتمعات المسلمة قد سارت في ركاب الغرب وقلدته تقليدا أعمي في كثير من مظاهره , ومنها الإسراف في تزين المرأة.فهل من سبيل لضمان نجاة المرأة المعاصرة وهي تتجه إلي التزين من الوقوع في براثن هذا التقليد المزري؟

الجواب:

إن القدوة الصالحة للمرأة المسلمة في كل زمان ومكان هي المرأة في عصر الرسالة , أي القدوة في النهج العام الذي يرسمه الشارع لا في صور التطبيق التي تحكمها ظروف البيئة.هذه هي القدوة إذا أرادت المرأة المسلمة ابتغاء مرضاة الله من ناحية والنهوض والفلاح من ناحية.

إن التقليد الأعمي أيا كان اتجاهه مفسدة لعقل المرء وقلبه.والإنسان السوي يربأ بنفسه عن الوقوع في براثن التقليد , ويظل إزاء كل قضية من قضايا حياته , ينظر ويبحث ويتأمل أولا : في الكتاب والسنة ليتبين هدي الله المنزل.وثانيا : في تراث أمته وتجاربها علي مر العصور.وثالثا : في تراث الأمم من حوله وتجاربها المعاصرة بصفة خاصة.كما يظل يدرس واقع مجتمعه ,وذلك كله رغبة في الاهتداء إلي الحق والصواب,ومن ثَمَّ المضي علي نور وبصيره.

إن المرأة المسلمة إن شاءت طاعة الله والاهتداء بهدي محمد صلي الله عليه وسلم فلابد إنها ستدرك أن في تقليد الغرب تضييع لشرطين أساسيين من شروط التزين وهما الاعتدال ومراعاة عرف المؤمنات.

///

من كلام الشيخ محمد الحسن الددو فيما يخص الحجاب :

(( فلذلك كثير من الأمور التي يقصَّر دونها علم الناس ، حتى لو كانت سنة ثابتة ، حتى لو كانت راجحة ، فقد يتربى الإنسان على قول واحد ، ولا يعلم عن الأقوال الأخرى ولا عن أدلتها ، بل قد يكون دليلها صريحا بالقرآن لكنه هو حجب عنه بالتربية ، ومن ذلك المسائل التي تدخلها العادة ، مثل وجه المرأة هل هو عورة أو لا ، كذلك يداها، فهذه المسألة يدخلها تأثير العادة والبيئة ، وهي محل خلاف بين أهل العلم لأن الله استثنى للنساء بعض الزينة يجوز لهن إبداؤه للأجانب ، فقد قال في محكم التنزيل: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها)، فقطعا هذا استثناء من الله للنساء أنه يجوز لهن أن يبدين من زينتهن ما ظهر منها، ولا يستطيع أن ينكر أحد هذا لأنه كلام الله.

لكن ما معنى ما ظهر منها؟ ما هو؟ هذا خلاف بين المسلمين من أيام الصحابة حتى الآن ، منهم من قال (ما ظهر منها) أي ما كان في اللباس ، فيجوز لها أن تخرج باللباس المزركش المنمق الجميل ، فهذا ما ظهر منها، ومنهم من قال (ما ظهر منها) أي ما كان في الوجه من الكحل وما كان في اليدين من الخضاب والخواتم وهذا مذهب الجمهور. لكن العادة تتحكم في بعض البيئات ، ولذلك تجد أن بعض العلماء يتأثرون بالبيئة والعادة فيحرمون الأمرين معا، فيقولون لا يجوز أن تخرج بالملابس الجميلة المزركشة ، ولا يجوز أن تكشف وجهها ويديها ، فعطلوا بهذا قوله (إلا ما ظهر منها) ، إذا لم يكن اللباس الجميل ولا الوجه واليدان فما هو إذن؟ ))